رسم دعائي لسياسة المكننة بالصين الشعبية
عقب وفاة ماو تسي تونغ عام 1976 اتجه المسؤولون الجدد بجمهورية الصين الشعبية للقطع مع مبادئ النظام السابق التي قامت على صراع الطبقات ودولة البروليتاريا
منتصف الستينيات، أطلق ماو تسي تونغ العنان لما عرف بالثورة الثقافية الصينية. ومن خلال تصريحاتهم، تحدث المسؤولون الشيوعيون الصينيون بتلك الفترة عن ضرورة هذه الثورة للقضاء على بقايا الرأسماليين والبورجوازيين. وعلى مدار عقد من الزمن، أسفرت هذه الثورة الثقافية عن مقتل عدد كبير من الأشخاص، قدرته بعض المصادر بالملايين، تزامنا مع استعادة ماو تسي تونغ لنفوذه بالبلاد.
نهاية النظام القديم لماو تسي تونغ
مطلع العام 1963، اقترح المسؤول الشيوعي تشوان لاي (Zhou Enlai) برنامج التحديثات الأربعة لتطوير وإصلاح جمهورية الصين الشعبية بالعديد من المجالات أملا في منحها مكانة عالمية هامة. إلى ذلك، تعطل مشروع التحديثات الأربعة تزامنا مع بداية الثورة الثقافية التي أنهكت البلاد وساهمت في القضاء على عدد كبير من الكفاءات. ومع تراجع وتيرة أعمال العنف الناتجة عن الثورة الثقافية، عاد تشوان لاي عام 1975 ليقترح مجددا فكرة التحديثات الأربعة.وفي الأثناء، انتظر الصينيون وفاة كل من تشوان لاي وما تسي تونغ عام 1976 ليباشروا بطرح مقترح التحديثات الأربعة مجددا.
فمع رحل تشوان لاي وماو تسي تونغ بنفس العام، استلم هوا جيو فينغ (Hua Guofeng) زمام الأمور بالبلاد. ومنذ البداية، وضع الأخير حدا نهائيا للثورة الثقافية واتجه لملاحقة جميع المسؤولين عنها. ومع نهاية الثورة الثقافية، أطلق الصينيون العنان لبرنامج التحديثات الأربعة الذي طال بداية من العام 1977 مختلف القطاعات. وقد ساهم ذلك في إنهاء العمل بالبرامج الإصلاحية القديمة الملقبة بوعاء الأرز الحديدي والتي أشارت لنوع من الأمن الوظيفي والدخل والمزايا الثابتة.
صورة لهوا جيو فينج
صورة لدنغ شياوبنغ
التحديثات الأربعة
وفي خضم هذه الأحداث، مثل السياسي دنغ شياوبنغ (Deng Xiaoping) رجل الظل الذي ساهم في تحقيق إصلاحات كبيرة، بجمهورية الصين الشعبية. فعلى الرغم من عدم حصوله على منصب زعيم الحزب الشيوعي والبلاد بتلك الفترة، مثّل دنغ شياوبنغ الحاكم الفعلي للصين بفضل علاقاته السياسية بصلب النظام.وبعيدا عن صراع الطبقات وأفكار دولة البروليتاريا
التي جاء بها ماو تسي تونغ منذ قيام جمهورية الصين الشعبية عام 1949، اقترح دنغ شياوبنغ تغييرا جذريا يقتضي تحديث وزيادة الإنتاج الصناعي تزامنا مع فتح البلاد على برنامج السوق الحر وإقحام الصين بالنظام الاقتصادي العالمي.
وأملا في تحديث النظام الاقتصادي الصيني الذي ظل متخلفا لعقود، اقترح دنغ شياوبنغ مجددا نظام التحديثات الأربعة الذي وجّه أساسا نحو مجالات الفلاحة والصناعة والعلوم، إضافة للتكنولوجيا، والجيش. وانطلاقا من ذلك، حاول دنغ شياوبنغ تدارك الفجوة العلمية والإقتصادية والصناعية الكبيرة بين الصين الشعبية والغرب. ولإنجاح مشروعه، لم يتردد هذا السياسي الصيني في دعوة المستثمرين الغربيين للإستثمار في مجال الصناعة بالصين الشعبية.
دنغ شياوبنغ رفقة جيمي كارتر عام1979
على صعيد الفلاحة، مثل الفلاحون حوالي 75 بالمائة من المجتمع الصيني بالسبعينيات. وبالتزامن مع ذلك، عانت الفلاحة الصينية من تخلف تكنولوجي هائل وضعف الإنتاج. وأمام هذا الوضع، اتجهت السلطات الصينية لمكننة الفلاحة تزامنا مع انهاء العمل بنظام الزراعة الجماعية. وقد اتجه المسؤولون الصينيون حينها لإعادة توزيع الأراضي على الفلاحين الذين امتلكوا هذه الأراضي لفترة 15 عاما. وفي الأثناء، يقوم الفلاح بزراعة ما يشاء بهذه الأرض