البريكاريا :
(ببساطة هو مصطلح يستخدم لوصف حالة عدم الاستقرار أو الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها الأفراد أو الجماعات بسبب الظروف المتغيرة والمتقلبة في سوق العمل والمجتمع. يمكن أن تشمل هذه الحالة انعدام الأمان الوظيفي، العقود المؤقتة، الأجور المنخفضة، وعدم وجود فوائد مثل التأمين الصحي أو التقاعد )
تاريخها واسباب نشأتها :
البروفسور جاي إستاندينج الأستاذ بجامعة باث البريطانية أول من أطلق هذا المصطلح المستحدث لوصف طبقة من الناس يعيشون في وضع اقتصادي اجتماعي هش وكان يشير به إلى الشك وعدم اليقين وعدم الائتمان على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي وسط مجموعة متنامية داخل المجتمع على نحو من شأنه أن يقود إلى التطرف والشعبوية.
البريكاريا نشأت نتيجة لعوامل متعددة طبيعية، منها:
1. **العولمة**: تحولات الاقتصاد العالمي أدت إلى تغيرات في هيكل سوق العمل، مما أدى إلى زيادة في الوظائف غير المستقرة والمؤقتة.
2. **التكنولوجيا**: التطور التكنولوجي أدى إلى أتمتة العديد من الوظائف التقليدية واستحداث وظائف جديدة قد تكون غير مستقرة.
3. **السياسات الاقتصادية**: بعض السياسات الاقتصادية النيوليبرالية قد ساهمت في تقليل الحماية العمالية وزيادة الخصخصة، مما أثر على استقرار الوظائف.
4. **التغييرات الاجتماعية**: تغيرات في النمط الاجتماعي قد تؤدي إلى تزايد عدد الأفراد الذين يعملون في وظائف غير مستقرة، مثل العمال المستقلين والعاملين في الاقتصاد غير الرسمي.
الأفراد الذين يعيشون في حالة بريكاريا غالباً ما يعانون من:
- عدم القدرة على التخطيط للمستقبل بسبب عدم الاستقرار المالي.
- ضغوط نفسية وجسدية بسبب عدم اليقين الوظيفي.
- نقص في الحماية الاجتماعية والمزايا التي توفرها الوظائف المستقرة.
الطبقة الجديدة الخطرة :
حذر الأستاذ جاي في كتابه «البريكاريا: الطبقة الخطرة الجديدة عن عواقب هذا الشك والريبة وعدم التيقن وعدم ائتمان النظم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وسط طبقة البريكاريا. وأهم ما يميز هذه الطبقة هو نقص فرص العمل وقصر مدة عقود العمل وانخفاض الدخول، وصعوبة العلاقات الاجتماعية، وانخفاض الضمان الإجتماعي، والافتقار للأمن الوظيفي، وانعدام الصوت السياسي وسطها. وفضلا عن خطر ارتفاع معدلات الفقر (مثل نظام الوظائف القصيرة الأمد في ألمانيا) أو وظائف ، الماكجوب وسط هذه الطبقة فهي أيضاً عرضة لنمو الراديكالية والشعبوية وسطها وبذلك فإنها تشكل تهديدا للديمقراطية ، كتاب استاندينج الذي يحتوي على تشخيص لظاهرة نمو العمل غير الآمن: «الناس الذين هم في نهاية الخط ضعفاء للغاية، ومن المرجح أن يتعرضوا للاستغلال الذاتي بمعنى أن الكثير منهم يكون يائساً للغاية للحصول على دخل بحيث يقبل معدلا منخفضا جداً من الأجر.وهو بذلك يعيد إلى الأذهان الكتاب الذي ألفه في عام ٢٠٠٩، ريتشارد ويكنسون أستاذ علم الوبائيات البريطاني والباحث في دراسات عدم المساواة الإقتصادية بعنوان «مستوى الروح لماذا تجعل المساواة الكبيرة المجتمعات أكثر قوة والذي ربط بين القدر الكبير من عدم المساواة بين الناس في المجتمع وبين سلسلة العناصر المزعزعة للأستقرار فيه مثل ظواهر تزايد نسبة الحمل عند الفتيات المراهقات والتدهور في صحة الفرد وتزايد أعمال العنف وادمان المخدرات وغيرها من الأمراض والعاهات الاجتماعيه
إحصائيات وأرقام:
ظاهرة البريكاريا تُعتبر موضوعًا معقدًا ومتعدد الأبعاد، وتختلف الإحصائيات المتعلقة بها بناءً على البلد والمنطقة والصناعة. ومع ذلك، هناك بعض الأرقام والإحصائيات العامة التي يمكن أن تُعطي فكرة عن حجم وتأثير هذه الظاهرة. يُرجى ملاحظة أن الأرقام قد تختلف بمرور الوقت ومع التطورات الاقتصادية والاجتماعية.
# أوروبا:
1. **الاتحاد الأوروبي**:
- وفقًا لتقرير "Eurostat" لعام 2020، حوالي 13% من العمال في الاتحاد الأوروبي كانوا يعملون في وظائف غير مستقرة (على سبيل المثال، عقود مؤقتة، عقود جزئية غير طوعية).
2. **إسبانيا وإيطاليا**:
- إسبانيا وإيطاليا تُصنَّفان من بين الدول الأوروبية التي لديها أعلى نسب من العمال غير المستقرين. في إسبانيا، على سبيل المثال، كان هناك حوالي 26% من العمال يعملون بعقود مؤقتة في عام 2019.
# الولايات المتحدة:
1. **نسبة العمالة غير المستقرة**:
- وفقًا لتقرير "US Bureau of Labor Statistics" (BLS) لعام 2020، حوالي 16% من العمال الأمريكيين كانوا يعملون في وظائف غير مستقرة أو عقود مؤقتة.
2. **الاقتصاد المؤقت (Gig Economy)**:
- يُقدّر أن حوالي 36% من العمال الأمريكيين كانوا يعملون في الاقتصاد المؤقت في عام 2020، وهذا يشمل الوظائف غير التقليدية مثل العمل الحر (freelancing) والعمل عبر المنصات الرقمية.
# آسيا:
1. **الهند**:
- في الهند، يُقدّر أن حوالي 81% من العمال يعملون في القطاع غير المنظم، مما يعني أنهم يفتقرون إلى الحماية الاجتماعية والفوائد التي توفرها الوظائف الرسمية.
2. **الصين**:
- في الصين، تشير تقديرات إلى أن حوالي 60% من العمال في المدن يعملون في وظائف غير مستقرة أو غير رسمية.
# أفريقيا:
1. **العمالة غير الرسمية**:
- في دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، يُقدّر أن حوالي 85% من العمال يعملون في القطاع غير الرسمي، مما يعني أنهم يفتقرون إلى الاستقرار الوظيفي والحماية الاجتماعية.
# أمريكا اللاتينية:
1. **البرازيل**:
- في البرازيل، حوالي 40% من العمال يعملون في القطاع غير الرسمي، مما يعكس ارتفاع نسبة العمالة غير المستقرة.
تأثير جائحة COVID-19:
- الجائحة زادت من حدة ظاهرة البريكاريا على مستوى العالم، حيث فقد الملايين من الأشخاص وظائفهم أو تحولوا إلى العمل غير المستقر. على سبيل المثال، تقرير "International Labour Organization" (ILO) لعام 2021 أشار إلى أن الجائحة تسببت في خسارة حوالي 255 مليون وظيفة بدوام كامل على مستوى العالم في عام 2020.