المناطيد والتجسس
تاريخها وتطورها
جاء إسقاط الولايات المتحدة منطاد التجسس الصيني بعد أيام من الإثارة والقلق ليعيد إلى الذاكرة أسباب نشوء هذه المناطيد منذ أواخر القرن الـ18، واستخدامها منذ ذلك الحين لأغراض المراقبة والتجسس وأحياناً القصف، فكيف تعمل المناطيد وما الذي يميزها، ولماذا لا تزال بعض الجيوش تستخدمها حتى اليوم رغم تحليق الآلاف من أقمار التجسس الاصطناعية المتطورة تكنولوجياً في المدارات الأرضية؟
استثمرت بعض الدول في نظام الاستشعار المرتفع الشبكي على أكثر من مستوى
أسئلة كثيرة
بمجرد خروج المنطاد الصيني خارج الأراضي القارية الأميركية وتحليقه فوق المحيط الأطلسي، أسقطته طائرة مقاتلة "أف 22" بصاروخ واحد، لتنتهي بذلك قصة أزعجت الأميركيين خلال متابعتهم اللصيقة لتحركات المنطاد في المجال الجوي الأميركي بدءاً من ولاية مونتانا في شمال غربي البلاد وانتهاء بولاية ساوث كارولينا، ولتبدأ بعد ذلك عملية البحث عن بقايا المنطاد لدراسة محتوياته والتأكد من أنه لأغراض التجسس، بحسب ما تقول واشنطن أم أنه لأغراض مراقبة الطقس وضل طريقه إلى الولايات المتحدة كما تقول بكين؟
بمجرد خروج المنطاد الصيني خارج الأراضي القارية الأميركية وتحليقه فوق المحيط الأطلسي، أسقطته طائرة مقاتلة "أف 22" بصاروخ واحد، لتنتهي بذلك قصة أزعجت الأميركيين خلال متابعتهم اللصيقة لتحركات المنطاد في المجال الجوي الأميركي بدءاً من ولاية مونتانا في شمال غربي البلاد وانتهاء بولاية ساوث كارولينا، ولتبدأ بعد ذلك عملية البحث عن بقايا المنطاد لدراسة محتوياته والتأكد من أنه لأغراض التجسس، بحسب ما تقول واشنطن أم أنه لأغراض مراقبة الطقس وضل طريقه إلى الولايات المتحدة كما تقول بكين؟
أطلقت "ناسا" بالونات الستراتوسفير المليئة بالهيليوم في الخمسينيات من القرن الماضي
وإلى أن تنتهي الولايات المتحدة من دراسة وتحليل المكونات التي ستحصل عليها من بقايا المنطاد الصيني، تظل هناك عديد من التساؤلات حول ماهية مناطيد التجسس وكيفية عملها وتاريخ نشأتها وتطورها، وما الدول التي تشغلها الآن ولماذا؟
المنطاد الصيني أسقطته طائرة مقاتلة من طراز "إف-22 رابتور" بصاروخ واحد قبالة سواحل كارولينا الجنوبية
ما منطاد التجسس؟
منطاد التجسس بالون مملوء بالغاز يطير عالياً جداً في السماء، لكن الصور التي التقطت للمنطاد الصيني جعلت صحيفة "واشنطن بوست" تحدد ملامحه الرئيسة التي تشير إلى أنه منطاد ضخم يمتلئ الجزء الأعلى والأكبر منه بغاز أخف من الهواء مثل الهيليوم أو الهيدروجين داخل غلاف قوي يتحمل الضغط، أما الجزء الأدنى وهو بمثابة غرفة ثانية أصغر فيمتلئ بهواء خارجي عادي يستخدم في زيادة ثقل المنطاد لإنزاله حينما يتطلب الأمر ذلك، ولأن المنطاد يعمل في طبقة الستراتوسفير فإن تحليقه يتم من خلال الارتفاع والهبوط عبر جهاز ضاغط (كومبريسور) يتصل بصمامين لنفخ الهواء أو سحبه في سعي المنطاد للبحث عن الرياح التي تدفع به في الاتجاه المطلوب.
منطاد التجسس بالون مملوء بالغاز يطير عالياً جداً في السماء، لكن الصور التي التقطت للمنطاد الصيني جعلت صحيفة "واشنطن بوست" تحدد ملامحه الرئيسة التي تشير إلى أنه منطاد ضخم يمتلئ الجزء الأعلى والأكبر منه بغاز أخف من الهواء مثل الهيليوم أو الهيدروجين داخل غلاف قوي يتحمل الضغط، أما الجزء الأدنى وهو بمثابة غرفة ثانية أصغر فيمتلئ بهواء خارجي عادي يستخدم في زيادة ثقل المنطاد لإنزاله حينما يتطلب الأمر ذلك، ولأن المنطاد يعمل في طبقة الستراتوسفير فإن تحليقه يتم من خلال الارتفاع والهبوط عبر جهاز ضاغط (كومبريسور) يتصل بصمامين لنفخ الهواء أو سحبه في سعي المنطاد للبحث عن الرياح التي تدفع به في الاتجاه المطلوب.
يعمل المنطاد حاملا لأجهزة عادة ما تكون بمثابة أجهزة إرسال أو كاميرات أو أنظمة ملاحة (غيتي)
ويتدلى من المنطاد قائم قصير يرتبط بكرة يمكن تزويدها بكاميرات متطورة ورادارات ومجسات توجه لتصوير ما يجري على الأرض، كما يتصل القائم بألواح شمسية للتزود بالطاقة.
وعادة ما تعمل المناطيد في مكان ما بين 80 و120 ألف قدم (24 – 36 ألف متر) فوق سطح الأرض، غير أن منطاد الصين كان يحلق على ارتفاع 60 ألف قدم (18.3 ألف متر)، وهو أعلى بكثير من الحد الأقصى الذي يمكن أن تصل إليه شركات الطيران التجارية، وهو 40 ألف قدم (12.2 ألف متر).
وعادة ما تعمل المناطيد في مكان ما بين 80 و120 ألف قدم (24 – 36 ألف متر) فوق سطح الأرض، غير أن منطاد الصين كان يحلق على ارتفاع 60 ألف قدم (18.3 ألف متر)، وهو أعلى بكثير من الحد الأقصى الذي يمكن أن تصل إليه شركات الطيران التجارية، وهو 40 ألف قدم (12.2 ألف متر).
نظرة في مقارنة بأشياء أخرى في السماء.
كيف تعمل؟
تتحرك معظم المناطيد التي لا يقودها إنسان إلى حيث تهب الرياح، وقد يكون هناك القليل من التنقل لأنها تحت رحمة أي طقس، لكن من المرجح أن يكون المنطاد الصيني من النوع الذي يزود بجهاز توجيه يغير ارتفاع المنطاد لالتقاط الرياح التي تسير في اتجاهات معينة، وأينما تهب الرياح، تتنقل إلى المكان الذي تتجه إليه، ويعتقد أن المنطاد الصيني كان يتحرك مع التيارات الهوائية السائدة فوق المحيط الهادئ وصولاً إلى كندا والولايات المتحدة.
ومع ذلك، ليس من الواضح ما الذي يستخدمه المنطاد للمناورة عبر الستراتوسفير حيث يحمل التيار بعض مناطيد الارتفاعات العالية، بينما قد يستخدم الآخر نظام ملاحة شبه مستقل لتحديد مسارها، وفي بعض الحالات تتنقل من خلال إيجاد تيار الرياح في الاتجاه المقصود عن طريق التحرك لأعلى أو لأسفل في الهواء مثل منطاد "ثندرهيد" على سبيل المثال، الذي تصنعه شركة الطيران والفضاء "أيروستار" المتعاقدة مع وزارة الدفاع الأميركية لمهام في طبقة الستراتوسفير، حيث يبحث هذا المنطاد بشكل مستقل عن ظروف الرياح المثلى، وفقاً لما يقوله المسؤول التنفيذي في شركة "أيروستار" روس فان دير ويرف.
وبحسب مسؤول شركة "أيروستار"، فإن لدى مناطيد "ثندرهيد" القدرة على اتخاذ بعض القرارات من تلقاء نفسها، فهي تعرف نوعاً ما إلى أين تحاول الوصول، وعندما تنتهي من رحلاتها، تنفصل حزمة مستشعراتها وتهبط إلى الأرض، حيث يتم التقاطها للتحليل، لكن في بعض الحالات، يمكنها نقل المعلومات التي تم جمعها بينما لا يزال المنطاد يتنقل في السماء.
ويبدو أن المنطاد الصيني كان يتطابق مع الخصائص العامة لما يسميه مهندسو الطيران منطاداً ذا ضغط صفري طويل المدى، أشبه بعين عالية التقنية في السماء يمكن أن تحوم فوق منطقة مستهدفة لأسابيع أو أشهر.
وبحسب مدير برنامج التقنيات الاستراتيجية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية جيمس لويس، فإن استكشاف وجود كاميرات أو معدات اتصالات قادرة على نقل المعلومات إلى الدول الأخرى، أو تبين من تحليل حزمة المستشعرات التي حملها المنطاد أنها جمعت معلومات محددة، فسوف يتضح ما إذا كان المنطاد للتجسس أم للأرصاد الجوية.
هل مناطيد التجسس أفضل من الأقمار الاصطناعية؟
تعد الأقمار الاصطناعية هي الطريقة المفضلة للتجسس من أعلى، وعادة ما تكون في أحد نوعين مختلفين من المدارات، وفق ما يقول أستاذ علوم هندسة الطيران والفضاء في جامعة كولورادو بولدر إيان بويد، إذ يسمى النوع الأول "أقمار المدار الأرضي المنخفض"، وهي قريبة نسبياً من الأرض لكنها لا تزال على بعد عدة مئات من الأميال فوقنا، ومثل كلما اقتربت من شيء زادت رؤيته بوضوح، فإن هذا ينطبق أيضاً على الأقمار الاصطناعية الموجودة في مدار أرضي منخفض وتتميز بأنها أقرب إلى الأرض لتتمكن من رؤية الأشياء بشكل أكثر وضوحاً من الأقمار الاصطناعية البعيدة.
لكن عيب هذه الأقمار أنها تتحرك باستمرار، حيث يستغرق الأمر نحو 90 دقيقة لاستكمال دورة واحدة في المدار حول الأرض، مما يجعلها سريعة جداً من حيث التقاط صور واضحة لما يجري أدناها، فضلاً عن أنه يمكن التنبؤ بحركتها في الفضاء.
أما النوع الثاني من الأقمار الاصطناعية، فهي أقمار المدار المتزامن مع الأرض، وهو تحلق على مسافات أبعد بكثير، ومن عيوبها أنه من الصعب عليها رؤية الأشياء بوضوح، لكن لديها ميزة الثبات، مما يسمح لها بالتقاط الصور بشكل مستمر لأن القمر الاصطناعي يتحرك تماماً بنفس الطريقة التي تدور بها الأرض، ويدور بنفس السرعة بالضبط.
(( إن أحسنت فمن الله، وإن أسأت فمن نفسي والشيطان ))