طبيعة الرد الإيراني الحتمي على ضرب القنصلية الإيرانية في دمشق
من يريد أن ينقل صورة حقيقية حول هذا الموضوع، بشكل علمي وموضوعي يجب أن يأخذ موقف الحيادية التحليلية دون إظهار أي عدائية وميل لأحد الأطراف المعنية.
اولاً علينا أن نعرف حقيقة النوايا الصهيونية بتلك الضربة الجوية الوقائية، وكوني لا اتقن فن السياسة سوف أتكلم عن الاستراتيجيات العسكرية فقط!
فمن الناحية العسكرية الصهيونية، فإن الصهاينة لديهم استراتيجية عسكرية دفاعية منذ أن أصبحوا دولة قوية، وهذه الاستراتيجية مبنية على الضربات الوقائية ضد القيادات الميدانية والمخازن التسليحية الاستراتيجية والوسائل اللوجستية الإيرانية، فاذرع إيران وقواتها الخارجية وأعني فيلق القدس التابع لحراس الثورة الإيرانية، لا يشكلون أي خطر على دولة الكيان في المرحلة الحالية! إنما خطرهم يأتي بمرحلة مستقبلية عندما تتوفر قوة وترسانة كافية في سوريا على وجه الخصوصية، لأن قادة فيلق القدس الإيراني هم في حقيقة الأمر قادة السلطة العسكرية على قوات حزب الله اللبنانية وحتى العراقية إضافة للسورية، وقد يكون لهم دور مستقبلي على انهاء المهادنة السرية مع دولة الكيان وحزب الله اللبناني التي أبرمت بشكل سري مع قيادة الحزب والكيان بعد حرب 2006.
فإيران في نهاية المطاف دولة توسعية! وهي بذلك ولو كان هناك اتفاقات سرية مع دولة الكيان بتنسيق أمريكي قوي، فهي أكبر منافس للأهداف المستقبلية التوسعية الاستراتيجية في الشرق الأوسط لدولة الكيان ذي الطابع التوسعي العدواني، حتى لو كان التوسع الإيراني الحالي يصب بالمرحلة الحالية بتأمين مصالح الكيان الأمنية ضد قوى التهديد الخارجية الأخرى التي قد تنشأ! فليس لسياسة المصالح دين أو قوانين ضابطة عرفية.
ومنها خطر فصل السلطة العسكرية الإيرانية الخارجية عن سلطة ولاية الفقيه! وجعلها مستقلة وسرية، والتي أطلقها الجنرال قاسم سليماني القائد العام لفيلق القدس، وتسببت باغتياله من قبل المنسق الاستراتيجي الأكبر وأعني الولايات المتحدة الأمريكية، والمؤكد أن القيادات الثورية البديلة والكبيرة في فيلق القدس أن تحذو على هذا الحذو، وهو ما جعل هؤلاء هدف مشروع للاغتيالات الصهيونية!
واستخدام طائرة أدير F-35I Adair الشبحية المتسللة الصهيونية التي نفذت أول ضربة استراتيجية ضد أكبر المخازن الاستراتيجية التسليحية لفيلق القدس الإيراني المتواجدة في محافظتي حماة وحلب السورية بتاريخ 29 نيسان (ابريل) عام 2018، دون علم روسيا! وتم ذلك خارج نطاق كشف رادارات منظومات الحماية الإيرانية!
حيث أقلعت نفاثتين مساء ذلك اليوم من قاعدة جوية صهيونية جنوب دولة الكيان وهي قاعدة نيفاتيم فوق صوتين متسللتين من نوع أدير بشكل موارب فوق الأراضي الأردنية ثم نحو الحدود العراقي ومن ثم الأراضي السورية وبعد أن قطعت نحو 600 كم وهي على ارتفاع 40 ألف قدم وبسرعة شبه صوتية ألقت كل نفاثة بعد أن افترقا ثمانية قنابل من فئة القطر الصغير GBU-39B SDA الشبه شبحية استهدفت المخزن الرئيسي وأهم الدفاعات الجوية، وكون هذه القنابل تمتلك ميزة الاختراق وتحمل شحنة شديدة الانفجار زنة 110 كغ أي قرابة 250 رطل ولأنها أطلقت من بعد يزيد عن 110 كم فقد نجحت بتنفيذ ضربة نموذجية من ناحية المباغتة والناحية التدميرية.
واليوم تجدد الأمر بنفاثتين أدير أيضاً وفق نيويورك تايمز، وربما وهي ضمن الأراضي اللبنانية أو على الحدود السورية أو حتى ضمن الأرضي السورية بصمت تام إلكتروني مع شبحية تامة تسللية بعد تغطية نظام التتبع المعدي أعلى مؤخرة تلك الطائرات وإذا كان تحليقها أثناء الضربة ضمن الأراضي اللبنانية فغالباً استخدمت قنابل القطر الصغير الجديدة المعززة المدى بالدفع النبضي المتقطع حتى مدى يزيد عن 160 كم والمعززة بمستشعرات أمامية ليفية ابترونية، وإن كانت على الحدود السورية فالعملية تمت بواسطة قنابل القطر الصغير الأساسية حتى مدى 110 كم، ولكن غالباً ضمن الأراضي السورية بواسطة قنبلة الاغتيال الصهيونية الانزلاقية Spice 1000 زنة 1000 رطل أي قرابة 500 كغ التي ببلغ مداها حتى 100 كغ وذلك للأسباب التالية:
أولاً: أن من نفذ الضربة طائرتين أدير وبثلاثة قنابل انزلاقية، مع العلم أن طائرة أدير واحدة تحمل ثمانية قنابل القطر الصغير بحواضنها الداخلية، فما هي الحاجة للطائرة الثانية؟! حيث لا داعي لتأمين الطائرة الأولى ضد الأخطار المضادة الأرضية والجوية، خاصة مع تحليقها الصامت بأعلى أشكال الشبحية السلبية! بينما تحمل كل طائرة قنبلتين سبايس بحواضنها الداخلية، والتي تعتبر أكثر شبحية من قنابل القطر الصغير لأنها مصنوعة من مواد سلولوزية وقبرية غير معدنية أو فلزية عاكسة للموجات الرادارية.
ثانياً: قنابل سبايس الاغتيالية تحمل شحنة انفجارية أقوى وأكبر لتأكيد عملية القتل، وكونها سلولوزية التكوين قلن تترك أي أثر يدل عليها أو يثبت أن الضربة كانت جوية صهيونية، لذلك نجد دولة الكيان تجرئت ونفت علاقتها بهذه العملية!
وفي موضع آخر نفت أنها استهدفت القنصلية الإيرانية، وربما أنها اعتمدت على هذا النفي أنها أجلت الضربة حتى تمت عملية مغادرة القنصل الإيراني لمبني القنصلية، بمعنى أن الضربة اعتيادية عسكرية لا تمس السيادة السيادية الإيرانية!
والرد الإيراني الحتمي إن حصل! إما أن يكون بضربات دقيقة محدودة ضد مراكز عسكرية واستخباراتية داخل دولة الكيان وفق ما أشارت إليه صحيفة بولتكو وتراجعت عنه، ربما بسبب ما نشرته صحيفة انسايدرز وصحيفة أكسس الاستخباراتية حول التهديدات الأمريكية بالرد ضد أهداف هامة إيرانية، مما يصعد الموقف أكثر!
لذلك المرجح أن الضربة سوف تكون ضد هدف واحد داخل دولة الكيان عالي الأهمية العسكرية أو الاستخباراتية العسكرية، ولكن خالي من التواجدات البشرية كما حدث في قاعدة الأسد الأمريكية في العراق رداً على اغتيال قاسم سليماني، فإن حدث رد أمريكي فغالباً بالمثل ضد أحد مراكز القيادة لحراس الثورة الإيرانية داخل إيران أو حتى خارج الأراضي الإيرانية، وينتهي الأمر.
وغالباً بصاروخ واحد فرط صوتي من نوع "فتاح" الذي ينفصل راسه الحربي بالمرحلة النهائية وبسرعة تصل إلى 13 ماخ ليتخطى كافة التهديدات المضادة الصهيونية، دون اثارة جلبة دفاعية!