المواحدون تاريخ مغرب عظيم

إنضم
3 فبراير 2009
المشاركات
181
التفاعل
7 0 0
الموحدون....و قصة مغرب
الامبراطوريات
......
توطئة..
الموحدون
سلالة بربرية حكمت في شمال إفريقية (المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا) و الأندلس سنوات 1130-1269 م.

المقر..
مراكش،(في المغرب حاليا) إشبيلية (اسبانيا حاليا)(فترات متقطعة).
.......
خريطة تبين حدود الدولة الموحدية من المغرب و الاندلس غربا الى
ليبيا شرقا .

almohads2.png

المؤسس
المهدي ابن تومرت
ظهر المهدي بن تومرت في القرن السادس الهجري، وبدأ دعوته الإصلاحية في المغرب؛ فدعا الناس إلى التوحيد الخالص، ولهذا أُطلق على أنصاره اسم "الموحدين"، وسُميت الدولة التي قامت على دعوته دولة "الموحدين"، وجهر بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ودعا لنفسه على أنه المهدي المنتظر والإمام المعصوم الذي يحكم بين الناس بالعدل، واتخذ منهجا في الفقه يقوم على الدراسة المباشرة للقرآن والسنة دون دراسة فروع المسائل الفقهية التي كانت سائدة في المغرب على المذهب المالكي.


وكان المهدي بن تومرت يطوف بمدن المغرب يدعو الناس إلى الإصلاح والالتزام بالشرع ومحاربة البدع والمنكرات، وقد لاقت دعوته قبولا بين الناس، فالتفوا حوله أينما نزل. وفي إحدى جولاته التقى بعبد المؤمن علي الكومي، وكان اللقاء في "ملالة" بجانب ميناء "بجاية" شرقي الجزائر.

بداية الصدام مع دولة المرابطين


أقام المهدي بن تومرت في مراكش وأخذ في الدعوة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واعترض على سياسة الدولة في بعض الأمور التي رآها مخالفة للشرع، ووعظ السلطان حين قابله في المسجد وطالبه بتغيير المنكر، فلما استفحل أمره وتجمع الناس حوله دعا الأمير "علي بن يوسف" العلماء إلى مناظرته فغلبهم بقوة لسانه وحدّة ذكائه وسعة علمه، ولم يجد الأمير مفرًا من طرده من عاصمته، معتقدا أن ذلك كافٍ لزوال خطره على سلطانه، واتجه المهدى بأتباعه إلى "تينملل" وبدأ في تنظيمهم وإعدادهم، وجعلهم في طبقات على رأسها الجماعة التي تمثل أعلى سلطة في حكومته، وهي تتألف من عشرة رجال، كان من بينهم عبد المؤمن بن علي الكومي، ثم أخذ البيعة لنفسه في (غرة المحرم 516هـ= 12 من مارس 1122م)، واستعد لمواجهة المرابطين بجذب الأتباع والأنصار وتجهيز الحملات العسكرية التي حققت بعض الانتصارات، وشارك المهدي في تسع غزوات منها، ولكنها لم تكن كافية لتقويض الحكم المرابطي، وشجعت هذه الانتصارات زعيم الموحدين فأرسل حملة كبيرة بلغت 40 ألف جندي لمهاجمة مراكش عاصمة المرابطين والاستيلاء عليها، ولكنها لقيت هزيمة ساحقة سنة (524 هـ= 1130م) في معركة سميت بمعركة "البحيرة"، على مقربة من أسوار مراكش، وقُتل معظم الجيش الموحدي، ولم ينج من القتل سوى عدد قليل، تسلل تحت جنح الظلام إلى "تينملل"، ولما وصلت أنباء الهزيمة إلى المهدي الذي كان مريضا ساءت صحته وخاب أمله ثم لم يلبث أن توفي في (13 رمضان 524هـ= 20 من أغسطس 1130م).

الكومي زعيمًا للموحدين


تحمل عبد المؤمن علي الكومي أعباء الدعوة عقب وفاة أستاذه، وكانت المسئولية جسيمة بعد الهزيمة المدوّية التي لحقت بالموحدين، واستطاع في صبر وأناة أن يعيد تنظيم شئون دعوته ويجند أنصارا جددا، واستغرق منه ذلك نحو عام ونصف حتى إذا آنس في نفسه قوة وثقة بدأ في الاستعداد لمناوشة المرابطين، وظل يناوشهم دون الدخول في معارك حاسمة، واستمر هذا الوضع حتى سنة (534هـ= 1130م)، وكان عبد المؤمن في أثناء هذه الفترة يعمل على زيادة نشر الدعوة الموحدية وجذب قبائل جديدة للدخول في طاعته وتوسيع رقعة دولته كلما سمحت له الظروف، وبخاصة في الجهات الجنوبية والشرقية من المغرب.

سقوط دولة المرابطين


رأى عبد المؤمن أن الفرصة قد سنحت للقضاء على المرابطين، فآثر أن يسرع في ذلك، وأن يبدأ بمهاجمتهم في قلب دولتهم، فجهز جيشًا عظيمًا لهذا الغرض، وخرج به من قاعدته "تينملل" سنة (534 هـ = 1140م)، واتجه إلى شرق المغرب وجنوبه الشرقي؛ لإخضاع القبائل لدعوته، بعيدًا عن مراكش مركز جيش المرابطين القوي، وأنفق عبد المؤمن في غزوته الكبرى أكثر من سبع سنوات متصلة، أبدى فيها ضروبًا من الحيل الحربية والمهارة العسكرية؛ وهو ما جعل الجيش المرابطي يحل به الوهن دون أن يلتقي معه في لقاءات حاسمة ومعارك فاصلة.


وفي أثناء هذه الغزوة توفي علي بن يوسف سلطان دولة المرابطين سنة (537هـ = 1142م) وخلفه ابنه تاشفين، لكنه لم يتمكن من مقاومة جيش عبد المؤمن، الذي تمكن من دخول تلمسان سنة (539هـ=1144)، فتراجع تاشفين، إلى مدينة "وهران"، فلحقه جيش الموحدين، وحاصروا المدينة وأشعلوا النيران على باب حصنها، ولما حاول تاشفين الهروب من الحصن سقط من على فرسه ميتًا في (27 من رمضان 539 هـ = 23 من مارس 1145م)، ودخل الموحدون مدينة وهران، وقتلوا من كان بها من المرابطين.


بعد وهران تطلع عبد المؤمن إلى فتح مدينة فاس، فاتجه إليها، وضرب حولها حصارًا شديدًا، ظل سبعة أشهر، وعانى أهلها من قسوة الحصار، واضطر واليها إلى التسليم فدخلها الموحدون في (14 من ذي القعدة 540 هـ = 5 من مايو 1145م).


ثم دخلت كل من مدينتي سبتة وسلا في طاعة الموحدين قبل أن يتجهوا إلى تراشك لفتحها، وكان يعتصم بها إسحاق بن علي بن تاشفين، وضرب الموحدون حصارًا حول المدينة دام أكثر من تسعة أشهر، أبدى المدافعون عن المدينة ضروبًا من الشجاعة والبسالة، لكنها لم تغن عنهم شيئًا، واستولى الموحدون على المدينة في (18من شوال 541هـ = 24 من مارس 1147م)، وقتلوا إسحاق بن علي آخر أمراء المرابطين بعد أن وقع أسيرًا، وبذلك سقطت دولة المرابطين، وقامت دولة جديدة تحت سلطان عبد المؤمن بن علي الكومي الذي تلقب بلقب "خليفة".

استكمال الفتح


انتهز جماعة من الزعماء الأندلسيين فرصة انشغال المرابطين بحرب الموحدين بالمغرب، فثاروا على ولاتهم التابعين لدولة المرابطين، وأعلنوا أنفسهم حكامًا واستبدوا بالأمر، وتنازعوا فيما بينهم يحارب بعضهم بعضًا.


فلما تمكن عبد المؤمن بن علي من بسط نفوذه على المغرب بدأ في إرسال جيش إلى الأندلس سنة (541هـ = 1146م)، فاستعاد إشبيلية واتخذها الموحدون حاضرة لهم في الأندلس، ونجح يوسف بن علي قائد جيش الموحدين من بسط نفوذه على بطليوس وشمنترية، وقادس، وشلب، ثم دخلت قرطبة وجيان في طاعة الموحدين سنة (543هـ= 1148م)، واستعادوا "المرية" سنة (552هـ = 1157م) من يد الأسبان المسيحيين، وبذلك توحدت بقية الأندلس الإسلامية تحت سلطانهم، وعين عبد المؤمن ابنه "أبا سعيد عثمان" واليًا عليها.
pic08.gif

توسع الموحدين في الاندلس

Images%5CArticles%5C8.11_0.jpg

اقصى توسع في الاندلس
(الوصول الى جنوب فرنسا)


وفي سنة (555 هـ = 1160م) أمر عبد المؤمن ابنه ببناء حصن ومدينة على سفح جبل طارق الذي سُمّي بجبل الفتح –ولا تزال قطعة من هذا البناء باقية إلى اليوم في جبل طارق وتعرف بالحصن العربي- وعلى إثر ذلك عبر عبد المؤمن من طنجة إلى الأندلس ونزل بجبل الفتح، وأقام شهرين أشرف خلالهما على أحوال الأندلس ثم عاد إلى مراكش.

pic08a.jpg

قصر اشبيلية


وقبل أن يعبر عبد المؤمن إلى الأندلس كان قد تمكن في سنة (547 هـ = 1152م) من فتح المغرب الأوسط وضم إلى دولته الجزائر وبجاية وقلعة بني حماد، وجعل ابنه عبد الله واليًا على المغرب الأوسط، وعهد إليه بمواصلة الفتوح شرقًا، فنجح فيما عُهد إليه، كما نجح في القضاء على النورمانديين الصليبيين وطردهم من تونس التي كانوا قد احتلوها. وفي أواخر أيام عبد المؤمن حدث تمرد في شرق الأندلس، فأسرع إلى هناك وقمع الثائرين وقضى على الفتنة، ثم عاد إلى المغرب، وعندما وصل إلى "سلا" نزل به المرض، ولم يلبث أن توفي في (10 من جمادى الآخرة 558 = 16 من مايو 1162م) ودفن في "تينملل" بجوار قبر المهدي بن تومرت.

يتبع..............
 
رد: المواحدون تاريخ مغرب عظيم

معارك الفتح في الاندلس


.............
معركة العقاب
الاطراف..
جيش الفتح الموحدي/جيوش المسيحيين


النتيجة
انتصار كاسح لجيوش الموحدين
التسمية
وقعت المعركة في واد يسميه الإسبان نافاس قرب بلدة تولوسا وهذا سبب تسميتها بمعركة لاس نافاس دي تولوزا ووقعت كذلك قرب حصن أموي قديم يسمى العُقاب (بضم العين) ولذلك تسمى في التاريخ العربي باسم معركة العقاب أو معركة حصن العقاب.


ما قبل المعركة


كان لهزيمة الملك القشتالي ألفونسو الثامن في معركة الأرك التي وقعت عام 1195 م الأثر الكبير في توطيد حكم المسلمين في الأندلس وتوسعة أراضيهم فيها فقد استرجع المسلمون كلا من مدن تروخلو وبلاسينسيا وكوينكا وقلعة رباح وبينافينتي والعديد من المدن والقلاع الأخرى. وقد تركت تلك المعركة أثرا في قلب ألفونسو الثامن الذي كانت تحدث نفسه بالانتقام على الرغم من أنه اضطر إلى عقد هدنة مع الموحدين بعد معركة الأرك.



قلعة رباح الحصينةاستغل الملك ألفونسو الهدنة في تحصين مملكته وكذلك في تأليب بقية مسيحيي أوروبا ضد المسلمين فقد استطاع أن يجلب ود منافسيه السياسيين في أيبيريا ملوك البرتغال ونافارة وأراجون. نقض ألفونسو الهدنة عام 1209 م بقيامه باقتحام حصن رباح في وسط الأندلس وكذلك استرجع مدينة طليطلة من المسلمين. إثر ذلك أعلن السلطان محمد الناصر الجهاد وأمر بتجهيز الجيوش لإيقاف المد الصليبي ويذكر بعض المؤرخين المسلمين أن تعداد الجيش الإسلامي وصل لثلاث مئة ألف مقاتل وآخرون يوصلون العدد لنصف مليون مقاتل لكثرة المتطوعين فيه.


سار محمد الناصر بقواته إلى الأندلس واستقر في إشبيلية وأرسل جزءا من جيشه لتحرير قلعة رباح ذات الموقع الإستراتيجي وبعد حصار دام 8 أشهر استطاع المسلمون أن يفتحوا ذلك الحصن. استغل ألفونسو الثامن ذلك الوضع وبعث إلى البابا إنوسنت الثالث يدعوه لإعلان حرب صليبية في أوروبا وقد استجاب له البابا فأمر بمساعدته وأعلنها حربا صليبية لا يحل الغفران على من لا يساعد أو يشارك فيها. أرسلت الدويلات الإيطالية وفرنسا الجنود والمؤن لدعم التحالف المسيحي.


تحرك الصليبيون باتجاه قلعة رباح وكانت حامية القلعة الإسلامية لا تزيد عن 100 فارس إلا أنهم قاوموا مقاومة عنيفة ثم استسلموا في نهاية الأمر لعدم تكافؤ الطرفين ولعدم وصول الإمدادات من المسلمين. عندما علم محمد الناصر بذلك حرك جيشه باتجاه الشمال والتقى الطرفان في الثالث عشر من يونيو.


المعركة


التقى الطرفان على جبال الشارات أو السييرا مورينا وعسكروا في أطراف تلك الجبال. نظمت الصفوف وحمس الجنود وكان الجميع بانتظار شرارة البداية حتى كان السادس عشر من يونيو الموافق الخامس عشر من صفر 609 هـ. في ذلك اليوم التحم الجيشان وفي بادئ الأمر قاومت مقدمة الجيش الإسلامي المؤلفة من المتطوعين المغاربة وصدر الجيش المكون من الجيش النظامي الموحدي قاوموا فرسان التحالف المسيحي مقاومة شرسة حتى بدأت قوات المسيحيين بالتراجع وظهرت عليهم أمارات الخوف.



استشار ألفونسو قادة جيشه وكبار دولته فأشاروا عليه بمحاولة حصار الجيش الإسلامي وكان صوابا أن فعل فانطلق جناحا الجيش المسيحي المكون من قوات نافارة وأراجون وطوقوا جيش محمد الناصر الأمر الذي أدى إلى اضطراب الجيش وانسحاب جناحاه من أرض المعركة المكونان من الأندلسيين والمتطوعين البربر.


بعد ذلك اقتحم المسيحيون الجيش الإسلامي وقتلوا أغلب من فيه وانسحب من استطاع أن ينسحب إلى بلاد المغرب وكان منهم السلطان محمد الناصر ومجموعة من رجاله.

ما بعد المعركة
فر السلطان محمد الناصر مكرها، فبعد أن رأى هزيمة جيشه ومقتل ابنه على أرض المعركة جلس في خيمته منتظرا الموت أو الأسر إلا أن جموع المسلمين المنسحبة أجبرته على الفرار معها فانطلق حتى وصل إلى إشبيلية ومنها إلى مراكش حيث توفي بعد فترة قصيرة في عام 1213 م. بعد انتهاء المعركة مباشرة تقدم المسيحيون تجاه حصن مدينة أوبيدا واحتلوا الحصن والمدينة وقتلوا 60 ألفا من أهلها.


من أوبيدا انطلق فريديناند الثالث من قشتالة باتجاه قرطبة واستولى عليها عام 1236 وجيان عام 1246 وإشبيلية عام 1248 ثم سقطت كل من آركوس وقادس وصيدا الأندلسية وكان فريديناند الثالث بعد هذه الانتصارات يطمح إلى عبور مضيق جبل طارق وضرب دولة الموحدين في عقر دارها إذ كانت تعاني من الانقسامات والثورات ولا يزال أثر الهزيمة فيها. لم يمنع فريديناند من التقدم سوى موته في إشبيلية عام 1252.


على جبهة أخرى قام ملك أراغون وكونت برشلونة جيمس الأول بالتوسع في مملكته فقام باحتلال جزر الباليار بين عامي 1228 م و 1232 م ومدينة بلنسية عام 1238 م. لم يتبق للإسلام في الأندلس سوى غرناطة التي صمدت خلف حصونها المنيعة وبقي بنو الأحمر يحكموها حتى عام 1492 م.


بعد سقوط دولة الموحدين في الأندلس على يد المسيحين وسقوط معظم أجزائها في أفريقيا على يد القوى المحلية قامت دولة المرينيون على أراضي دولة الموحدين وقاموا بعدة معارك في بلاد الأندلس ولكن النصر لم يكن حليفهم فيها.


معركة الاراك
الاطراف
جيش الفتح الموحدي /جيوش المسيحيين
النتيجة
انتصار كاسح لجيش الموحدين


التسمية
وقعت المعركة قرب قلعة الأرك، والتي كانت نقطة الحدود بين قشتالة والأندلس في ذلك الوقت ولذا ينسب المسلمون المعركة لهذه القلعة كما ينسب المسيحيون اسم المعركة أيضا لهذه القلعة (Alarcos) ويطلقون عليها كارثة الأرك لعظيم مصابهم فيها


ما قبل المعركة


قام ملك البرتغال سانكو الأول باحتلال مدينة شلب المسلمة -تعرف الآن باسم سلفش (Silves)- بمساعدة القوات الصليبية وكان ذلك في عام 1191 م. عندما علم السلطان يعقوب المنصور بذلك جهز جيشه وعبر البحر لبلاد الأندلس وحاصرها وأخذها وأرسل في ذات الوقت جيشا من الموحدين والعرب ففتح أربع مدن مما بأيدي المسيحيين من البلاد التي كانوا قد أخذوها من المسلمين قبل ذلك بأربعين عاما مما ألقى الرعب في ملوك أيبيريا وخاصة ألفونسو الذي طلب من السلطان الهدنة والصلح فهادنه 5 سنين وعاد إلى مراكش حاضرة بلاد الموحدين.


لما انقضت مدة الهدنة أرسل ألفونسو جيشا كثيفا إلى بلاد المسلمين فنهبوا وعاثوا فسادا في أراضيهم وكانت هذه الحملة استفزازية وتخويفية أتبعها ألفونسو بخطاب للسلطان يعقوب المنصور -استهزاء به ***رية منه- يدعوه فيه إلى مواجهته وقتاله فلما قرأ السلطان المنصور الخطاب كتب على ظهر رقعة منه (ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون الجواب ما ترى لا ما تسمع).


تجهز السلطان يعقوب المنصور لقتال ألفونسو وجمع جنده والعديد من المتوطعين من البربر وعرب أفريقيا وانضمت إليه الجيوش الأندلسية فتجمع له جيش ضخم يوصل بعض المؤرخين عدده لـ600 ألف مقاتل فيقولون أنه كانت المسافة بين مقدمة الجيش ومؤخرته مسيرة 3 أيام بينما يذكر آخرون أن العدد بين 200 و300 ألف مقاتل فقط. وانطلق المنصور بجيشه إلى بلاد الأندلس ومكث في إشبيلية مدة قصيرة نظم فيها جيشه وتزود بالمؤن وبادر بالسير إلى طليطلة عاصمة مملكة قشتالة فبلغه أن ألفونسو حشد قواه في مكان بين قلعة رباح وقلعة الأرك فغير مساره إلى هناك وعسكر في مكان يبعد عن موضع جيش ألفونسو مسيرة يومين ومكث يستشير وزرائه وقادة جيشه في خطط المعركة وكان ذلك في الثالث عشر من يونيو عام 1195 الموافق 4 شعبان 591 هـ.



توضيح لموقع الجيشين قبل المعركة وتظهر قلعة الأرك خلف المسيحين ونهر وادي الأنا على يمينهم. المسيحيون باللون الأصفر والمسلمون بالأبيضكان أبو عبدالله بن صناديد أحد قادة الحرب الأندلسيين قد أشار على السلطان المنصور باختيار قائد موحد للجيش كما أشار عليه بتقسيم الجيش إلى أجزاء على النحو التالي:


الأندلسيون ويقوده أحد زعماؤهم حتى لا تضعف عزيمتهم عندما يولى عليهم أحد ليس منهم -اختير ابن صناديد لقيادتهم-. ويوضع في ميمنة الجيش (6).
العرب والبربر ويوضعون في الميسرة (5).
الجيش الموحدي النظامي ويوضع في القلب (4).
المتطوعون من عرب وبربر وأندلسيين ويوضعون في مقدمة الجيش للبدء بالقتال (3).
السلطان المنصور وحرسه وجيشه الخاص وبعض المتوطعين كقوات احتياطية تقوم بمراقبة المعركة من بعد لتقوم بهجوم مضاد متى لزم الأمر (7).
استجاب السلطان لإشارة ابن صناديد وعين قائدا موحدا للجيش واختار أحد وزرائه وهو أبو يحيى بن أبي حفص كقائد عام وكان السلطان يمر على أفراد جيشه ويحمسهم ويبث فيهم الشجاعة والثقة بنصر الله.


على الجبهة الأخرى حاول ألفونسو الحصول على بعض المدد والمساعدات من بعض منافسيه السياسيين ملوك نافارة وليون فوعدوه بالمدد إلا إنهم تعمدوا الإبطاء فقرر خوض المعركة بما معه من القوات التي لم تكن بالقليلة فقد أوصلها المؤرخون إلى حوالي 300 ألف مقاتل منهم فرسان قلعة رباح وفرسان الداية


المعركة
كان الجيش القشتالي يحتل موقعا متميزا مرتفعا يطل على القوات المسلمة وقد كانت قلعة الأرك تحميهم من خلفهم وقد قسموا أنفسهم لمقدمة يقودها الخيالة تحت إمرة لوبيز دي هارو -أحد معاوني ألفونسو- (2) وقلب الجيش ومؤخرته ويضم 10 آلاف مقاتل من خيرة مقاتلي قشتالة ويقودهم ألفونسو بنفسه (1).



توضيح للمعركة وقت حدوثهافي يوم القتال بدأ المتطوعون في الجيش الموحدي في التقدم قليلا لجس النبض وكان أن اتبع القشتاليون نظاما متميزا وذكيا وهو نزول الجيش على دفعات كلما ووجه الجيش بمقاومة عنيفة واستبدال مقدمة الجيش بمقدمة أخرى في كل مرة يقاومون فيها. أرسل القشتاليون في باديء الأمر 7 آلاف فارس وصفهم صاحب كتاب البيان المغرب كبحر هائج تتالت أمواجه وقد رد المتطوعون المسلمون هجمة الجيش الأولى فما كان من القشتاليين إلا أن أمروا بإرسال دفعة ثانية وقد قاومها المتطوعة مقاومة قوية جدا مما حدا بلوبيز دي هارو بإرسال قوة كبيرة لتفكيك مقدمة الجيش والقضاء عليها.


كانت الهجمة الثالثة قوية جدا، فقد استطاع المسيحيون اختراق المقدمة وقتلوا الكثير من أفراد جيش الموحدين وكان من بينهم أبو يحيى بن أبي حفص قائد الجيش كله واستمروا يخترقون الجيش حتى وصلوا القلب فما كان من ابن صناديد والعرب والبربر -أجنحة الجيش الإسلامي- إلا أن حاصروا القشتاليون وفصلوا بين مقدمة جيشهم ومؤخرته. وفي تلك الأثناء خرج السلطان المنصور فتعاون جميع أقسام الجيش الإسلامي على الإطاحة بمن حاصروا من القشتاليين -الذين كانوا أغلب الجيش- وقتلوا منهم خلقا كثيرا وفر الباقون.


بعد ذلك بدأ المسلمون في التقدم ناحية من تبقى من الجيش المسيحي وهم عدة آلاف تحت قيادة ألفونسو، أقسموا على أن لا يبرحوا أرض المعركة حتى وإن كانت نهايتهم فيها وقاوم القشتاليين مقاومة عنيفة حتى قتل أغلبهم. ورفض ألفونسو التحرك حتى حمل مرغما إلى قلعة الأرك ومن بوابتها الخلفية توجه لطليطلة عاصمته


ما بعد المعركة



حصار المسلمين لقلعة الأركقام المسلمون بعد انتهاء المعركة بحصار قلعة الأرك التي كان قد فر إليها لوبيز دي هارو ومعه 5 آلاف من جنده. قاوم المسيحيون قليلا ثم اضطروا للاستسلام وطلبوا الصلح فوافق السلطان المنصور مقابل إخلاء سبيل من أُسر من المسلمين. ويختلف مؤرخو المسلمون في نتائج المعركة فيخبر المقري في كتابه نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب "وكان عدّة من قتل من الفرنج - فيما قيل - مئة ألف وستّة وأربعين ألفاً، وعدّة الأسارى ثلاثين ألفاّ، وعدّة الخيام مائة ألف وستّة وخمسين ألف خيمة، والخيل ثمانين ألفاً، والبغال مائة ألف، والحمير أربع مئة ألف، جاء بها الكفّر لحمل أثقالهم لأنّهم لا إبل لهم، وأمّا الجواهر والأموال فلا تحصى، وبيع الأسير بدرهم، والسيف بنصف درهم، والفرس بخمسة دراهم، والحمار بدرهم، وقسم يعقوب الغنائم بين المسلمين بمقتضى الشرع، ونجا ألفنش (ألفونسو) ملك النصارى إلى طليطلة في أسوأ حال، فحلق رأسه ولحيته، ونكس صليبه، وآلى أن لا ينام على فراش، ولا يقرب النساء،ولا يركب فرساً ولا دابة، حتى يأخذ بالثأر". أما ابن خلدون فيذكر أن عدد القتلى 30 ألفا ويجعلهم ابن الأثير 46 ألفا و13 ألف أسير.


أكمل السلطان المنصور مسيرته في أراضي مملكة قشتالة فاقتحم قلعة رباح واستولى عليها وسقطت مدن تروخلو وبينافينتي ومالاغون وكاراكويل وكوينكا وتالفيرا وكلها تقع بالقرب من طليطلة عاصمة قشتالة ثم اتجه السلطان بجيشه إلى العاصمة وضرب عليها حصارا واستخدم المسلمون المجانيق ولم يبق إلى فتحها ويخبر المقري عن نتائج ذاك الحصار فيقول "فخرجت إليه (يعني للمنصور) والدة الأذفونش (ألفونسو) وبناته ونساؤه وبكين بين يديه، وسألنه إبقاء البلد عليهن، فرقّ لهن ومنّ عليهن بها، ووهب لهن من الأموال والجواهر ما جلّ،وردّهنّ مكرماتٍ، وعفا بعد القدرة، وعاد إلى قرطبة، فأقام شهراً يقسم الغنائم، وجاءته رسل الفنش (ألفونسو) بطلب الصلح، فصالحه، وأمّن الناس مدّته".


أعطت نتيجة المعركة مهابة للموحدين في الأندلس وقد استمروا هناك حتى فاجعة العقاب التي خسر المسلمون بعدها بقية أراضي الأندلس ما عدا غرناطة.

images


اقصى التوسعات الموحدية
(جنوب فرنسا)

يتبع....
 
رد: المواحدون تاريخ مغرب عظيم

مسجد تينمل الموحدي مهد حركة ابن تومرت

5d0520059da6.jpg


5d0520069eo8.jpg


5d0520078hv8.jpg


تم بناء مسجد تينمل تخليدا لمؤسس الدولة الموحدية المهدي ابن تومرت في سنة 1153م من طرف ابنه عبد المومن على الطراز المحلي الدي يتجلى في القصبة. وكان المسجد يتوفر على صهاريج ومعمل لصك النقود من الفضة ومدرسة وسجن وضريح للمهدي.يعتبر هدا المسجد تحفة هندسية فريدة لتناسق الأحجام والأشكال الهندسية وتعتبر كدلك مرجع لطرق بناء المساجد في الغرب الأسلامي .
تم ترميمه مؤخرا بتمويل من اونا l'ona (و طبعا الكل يعرف اونا)بمبلغ سيكون مهما طبعا.
 
رد: المواحدون تاريخ مغرب عظيم

شكرا لك أخي على الموضوع الغني بالمعلومات المفيدة
 
رد: المواحدون تاريخ مغرب عظيم

اخي الكريم صحيح ان سلالة الموحدون سلالة مغاربية ولا فرق بين الاشقاء المغاربة ........الى ان اصل السلالة هو جزائري فمؤسس السلالة عبد المؤمن بن علي الكومي الندرومي هو جزائري من ابناء منطة ندرومة التلمسانية التي ينتسب اليها الرئيس الجزائري الحالي ........وقد ولد عبد المؤمن في منطقة ندرومة لعائلة فقيرة متقعة و تلقى القران وبعض مبادىء العلوم في ناحية تلمسان ثم سفر الى بجاية طالبا للعلم والرزق وهناك اشتغل معلما للصبيان في مدينة ملالة قرب مدينة بجاية الجزائرية حيث التقى عندها بمحمد ابن تومرت او المهدي الذي اصطفاه واعجب به وصحبه معه الى هرغة حيث جعله هناك ذراعه الايمن وصاحب الامر من بعده وبعد وفاة ابن تومرت اتفق شيوخ الدعوة الموحدية على مبايعة عبد المؤمن ابن علي خليفة لابن تومرت وصاحب الدعوة من بعده.........لذالك تعتبر الامبراطورية او الخلافة الموحدية جزء من التاريخ الجزائري قبل ان تكون جزء من تاريخ المغرب العربي..........رمضان كريم
 
رد: المواحدون تاريخ مغرب عظيم

من اين ستنتجت هدا
 
رد: المواحدون تاريخ مغرب عظيم

ومنشئ هذه الدولة هو أبو عبدالله محمد بن عبدالله بن تومرت ـ ولد سنة 485 (1092م) وتوي سنة 524 (1130م) ـ الملقب بالمهدي، وينسب إلى قبيلة هرغة في أقصى المغرب. وهذه القبيلة تنسب إلى الحسن بن علي بن أبي طالب (ع). وقد أورد ابن خلكان نسب ابن تومرت قائلاً: ((ووجدت في كتاب النسيب الشريف العابد بخط أهل الأدب من عصرنا نسب ابن تومرت المذكور فنقلته كما وجدته)).
ثم ينقل النسب مبتدئاً بمحمد بن تومرت ومنتهياً بالحسن (ع).
وكان ابن تومرت نفسه يذيل رسائله بتوقيعه بهذه العبارة: ((محمد بن عبدالله العربي القرشي الحسني الفاطمي)).
وعن ذلك يقول عبدالله علي علام صاحب كتاب (الدعوة الموحدية بالمغرب): ((وقد أثبت المؤرخون أن (ابن تومرت) بربري ينتهي إلى قبيلة مصمودة، وليس في ذلك من شك غذ لم نصادف نصاً لابن تومرت أو لأنصاره من المؤرخين ينفي هذه الحقيقة، بل الأمر على عكس ذلك، فقد أثبت التاريخ أن ابن تومرت كان يعتز بقبيلته الصغرى (هرغة) وبقبيلته الكبرى (مصمودة) وفي الوقت ذاته يسمي ابن تومرت نفسه محمد بن عبدالله العربي القرشي الحسني الفاطمي ويكتب لنفسه نسبه إلى النبي (ص). ولا شك أن ذلك ما يوقع ظاهره في لبس، وربما كان هذا اللبس السطحي مما حمل بعض المؤرخين على تكذيب نسبته النبوية ثم طفقوا يخترعون التعليلات لتبرير وجهة نظرهم.
وقد كفانا المؤرخ الكبير ابن خلدون مؤنة التعب في بحث هذا اللبس السطحي، إذ يقول في ختام نسبة ابن تومرت النبوية: (( .. ابن عطاء بن رباح بن محمد بن ولد سليمان بن عبدالله بن الحسن (المثنى) بن الحسن بن علي بن أبي طالب أخي إدريس الأكبر الواقع نسب كثير من بنيه في المصامدة وأهل سوس)).
وذكر ابن نخيل في سليمان أنه لحق بالمغرب أثر أخيه إدريس ونزل تلمسان وافترق ولده في المغرب ثم يقرر ابن خلدون رأياً لطائفة أخرى من المؤرخين قائلاً: ((وقيل بل هو من قرابة إدريس اللاحقين به إلى المغرب وإن رباحا الذي في عمود هذا النسب إنما هو ابن يسار بن العباس بن محمد بن الحسن)).
ثم يبدي ابن خلدون رأيه في هذه الأقوال قائلاً: ((وعلى الأمرين فإن نسب (أي ابن تومرت) الطالبي وقع في هرغة من قبائل المصامدة ووشجت عروقه فيهم، والتحم بعصبيتهم، فلبس جلدتهم وانتسب لنسبتهم، وصار في عدادهم)).
ومعنى هذا الكلام أن الحسنيين الأشراف حينما أتيح لهم أن يؤسسوا دولة بالمغرب بفضل إدريس بن الحسن (المثنى) بن الحسن بن علي بن أبي طالب، مؤسس الدولة الإدريسية الشريفة كانت هذه الدولة الحسنية لهم متنفساً، وكان المغرب لهم مرتعاً خصيباً ومجالاً سعيداً، فانتشروا في أرجائه وانبثوا في قبائله، فاكسبوا تلك القبائل شرف النسبة النبوية واكتسبوا منعتها وقوتها وعصبيتها. فلبسوا جلدة هذه القبائل وانتسبوا بنسبتهم وصاروا في عدادهم، فليس إذاً في الأمر تناقض بين كون ابن تومرت مصمودي وقرشي، فهو مصمودي القبيلة قرشي النسب.
وقد أيد هذا الرأي عبدالحميد العبادي إذ يقول: ((ولكنه (أي ابن تومرت) كان في الأصل من أحفاد العلويين الأدارسة الذين اندمجوا في البربر ... وتخلقوا بأخلاقهم وتطبعوا بطباعهم. فهو عربي الأصل بربري الطباع والأخلاق)) (انتهى ما ذكره علام).
وقد بدأ ابن تومرت أمره أولاً بدعوة إصلاحية دينية واتخذ لقب المهدي ثم ثار على المرابطين ولما توفي ـ وكان قد أوصى بخلافته لعبد المؤمن بن علي القيسي ـ استطاع خليفته أن يقضي على بقايا المرابطين وأن يقيم على إنقاضهم دولة الموحدين وأن يوحد أفريقيا الشمالية كلها حيث قضى على سلطة النرمنديين في تونس واستخلصها منهم سنة 555هـ (1160م) وأخضع أمراء الطوائف المستبدين وأصبح ملكه ينبسط من أقصى ليبيا إلى المحيط الأطلنطي فالأندلس .. وقد جهد الموحدون في اتحاد الأندلس في مقاومتها للأسبان فوفقوا حيناً ولم يوفقوا حيناً. وكانت من أعظم معاركهم مع الأسبان معركة (الأرك) التي انتصروا فيها على الأسبان انتصاراً عظيماً أعاد إلى الأذهان ذكريات معركة الزلاقة.
وقد تماسكت جبهة الأندلس بعد تضحيات كثيرة أيام خلفاء الموحدين الثلاثة الأول، ثم تداعت على أيام الرابع منهم وهو محمد الناصر ابن أبي يعقوب يوسف المنصور (595 ـ 611 = 1199 ـ 1215) وظهر هذا التداعي في صورة انهيار سريع بعد معركة (العقاب)، وقد كانت قاصمة الظهر لدولة الموحدين في الأندلس والمغرب أيضاً.
وكان الخليفة يعقوب المنصور، وهو ثالث الخلفاء الموحدين، بعد جده الخليفة عبد المؤمن بن علي، وأبيه الخليفة أبي يعقوب يوسف، يجمع إلى عظمة السلطان السياسي رسوخ العقيدة، وشدة الحرص على أحكام الشريعة وسنتها، وبالرغم من أنه لم يكن من الغلاة في تقدير تراث المهدي بن تومرت وتعاليمه وقد أحدث ما يمكن أن يسمى انقلاباً حقيقياً في ميدان المذهب والعقيدة في الدولة الموحدية فإنه كان يتشدد في تطبيق أحكام الشريعة على حقيقتها، وفي الدعوة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الحدود حتى ف أهله وعشيرته، وكان يذهب في ذلك إلى حدود بعيدة، حتى قيل أنه عاقب على شرب الخمر بالقتل، وكان يشدد في إلزام الناس بإقامة الصلوات الخمس، ويأمر بالمناداة عليها، ويعاقب على تركها.
 
رد: المواحدون تاريخ مغرب عظيم

دولة الموحديندولة الموحدين
بدأت دعوة الموحدين عام 514هـ على يد محمد بن تومرت الذي ينتمي إلى
قبيلة هرغة، أحد بطون قبيلة مصمودة التي تنتشر في أغلب أراضى المغرب
الأقصى. وقال بالانتساب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد أيد
بعض المؤرخين هذا الانتساب وأنكره بعضهم، وكان يرى التأويل وينكر على
أهل المغرب عدولهم عن التأويل، ثم سار إلى الشرق، ودرس العلم وعاد إلى
المغرب، والتقى بالمرابطين، وألف جيشًا ضم عدة قبائل، كان مقره حصن
\"تينملل\"، وبدأ يناوئ المرابطون وقتل فيها قائد الجيش الموحدي،
وأعداد كبيرة معه، وكان الجيش المرابطي بقيادة أبو بكر بن على بن عبد
المؤمن بن على في قيادة الموحدين، الذي استطاع أن يعيد للموحدين قوتهم
وأن يستولي على أكثر بلاد السوس. ومرت عملية بناء الدولة الموحدية
بأربع مراحل وهى:
المرحلة الأول: الاستيلاء على مراكش وسهلها الفسيح وقد تمت هذه المرحلة
سنة 540هـ - 114م.
المرحلة الثانية: الاستيلاء على شمال المغرب بما في ذلك فاس وبقية
المغرب إلى الزقاق وهو مضيق جبل طارق وقد تمت سنة 542هـ .
المرحلة الثالثة: فتح المغرب الأوسط وقد تمت بدخول الموحدين مدينة
تلمسان ثم الجزائر سنة 548هـ - 1153م.
المرحلة الرابعة: بسط فيها الموحدون سلطانهم على إفريقيا بما في ذلك
شرق إقليم طرابلس وقاموا باستعادة المهدية وجزيرة جربة وبقية سواحل
إفريقية من النورمان، وقد تمت سنة 555هـ - 1160م التي تسمى سنة
الأخماس، وبذلك يكون الموحدون أول من وحد المغرب العربي كله عدا برقة
وما يليها شرقـًا إلى حدود مصر. وقد تحسن وضع الموحدين بعد الانتهاء من
حروبهم في إفريقيا، وتمكنوا من الإستيلاء على بلاد المغرب، فاتجهت
أنظارهم نحو يوسف بن عبد المؤمن بجيش كثيف إلى أشبونة في غربي يوسف بن
عبد المؤمن في الطريق، وقد قيل عنه إنه كان من أعظم خلفاء الموحدين
حبًا للعلم وأهله وتقديرًا لرجاله، وقد عاش في أيامه الطبيب ابن الطفيل
وموقعة الأرك على النصارى بقيادة الفونس الذي نجا من المعركة بأعجوبة
بعد أن قتل أكثر جيشه، ودخل المسلمون بقيادة يعقوب بن يوسف الذي طلب
نجدة من المغرب، والتقى الفريقان وانتصر المسلمون مرة أخرى. وفى عام
583هـ كانت الحروب الصليبية على أشدها في المشرق فأرسل صلاح الدين
الأيوبي إلى يعقوب بن يوسف لم يكن بوسعه ذلك؛ إذ لم تقل الحروب
الصليبية في يعقوب المنصور بن يوسف بن عبد المؤمن، وخلفه في الحكم ابنه
محمد ولقب بالأندلس على ثغور المسلمين فيها فسار إليها الأندلس، ووصل
إلى الناصر. وفى عام 609هـ حاصر محمد بن يعقوب الناصر، ولكن في هذه
الموقعة التي عرفت باسم حصن العقاب من أهم أسباب ضعف دولتهم وسقوطها
بعد ذلك، إلا أن هذه الهزيمة كانت من أسباب تحطيم الوجود الإسلامي في
الناصر الموحدي سنة 610هـ، فقد استهلكت قوة الدولة في القتال بين
الأمراء. وفى عام (640هــ) وبعد صراع طويل بين أمراء البيت الحاكم بدأ
سقوط الدولة تدريجيًا، ففي هذا العام تولى أمر الموحدين على بن إدريس،
ولقب بالمعتضد وحارب بنى مرين الذين قوّى أمرهم، وتولى بعد المعتضد عمر
بن إسحاق.
 
رد: المواحدون تاريخ مغرب عظيم

بارك الله فيك اخي سنيبر على هذا الشرح الوافي لتاريخ الزعيم والمؤسس الروحي لدولة الموحدون ........لكن بما انك وجدت مصدر او كتاب يتحدث عن تاريخ ابن تومرت والذي كما قلت ما هو الى زعيم روحي لحركة الموحدون بامكانك ايضا الوصول والعثور عن مصدر يتحدث عن تاريخ عبد المؤمن بن علي الندرومي المؤسس الفعلي لدولة الموحدون .........الى اذا اردتني ان اضعه بنفسي........وقبل ختام هذه الفقرة اخي الكريم سؤال من من الزعيمين الموحدين قضى على دولة المرابطين وفتح عاصمتهم مراكش عام 541 هجرية 1147 م واتخذها عاصمتا لدولته هل هو ابن تومرت ام عبد المؤمن .........سيكون لنا حديث طويل وطويل في هذا الموضوع الى اذا منعت اخي سنيبر
 
رد: المواحدون تاريخ مغرب عظيم

نعود لنفس القصة
في الحقيقة اطلعت على هذه الكتب كثيرا وماوجدته هو التالي
وجود اختلافات في نسب الكثير من شخصيات المغرب العربي وليس ابن تومرت فقط وهذا راجع لعدة اسباب تحتاج لموضوع خاص بها
بخصوص تومرت فانا ارجح انه ليس من اصل عربي ولكنه امازيغي وهذا راجع اولا الى اسمه فكلمة تومرت ليست عربية وقبيلة هرغة لم اسمع انها عربية ومن يعتمد كتا ابن خلدون فانا شخصيا اعتبره مصدرا غير موثوق ومليئ بالتناقضات
اما هل هو جزائري او مغربي فلا هو جزائري ولا مغربي هو موحدي واسس دولة الموحدين ولا اظن انه سيهتم ان يكون جزائري او مغربي ونتمنى ان شاء الله ان يوجد في هذين الشعبين ابن تومرت جديد
 
رد: المواحدون تاريخ مغرب عظيم

 
رد: المواحدون تاريخ مغرب عظيم

الخبر عن دولة عبد المؤمن خليفة المهدي والخلفاء الأربعة من بيته ووصف لحالهم ومصائر أمورهم لما هلك المهدي سنة اثنتين وعشرين كما ذكرناه وقد عهد بأمره من بعده لكبير صحابته عبد المؤمن بن علي الكومي المقدم ذكره ونسبه عند ذكر قومه فقبر بمسجده لصق داره من تينملل‏.‏ وخشي أصحابه من افتراق الكلمة وما يتوقع من سخط المصامدة ولاية عبد المؤمن لكونه من غير جلدتهم فأرجأوا الأمر إلى أن تخالط بشاشة الدعوة قلوبهم وكتموا موته زعموا ثلاث سنين يموهون بمرضه ويقيمون سنته في الصلاة والحزب الراتب‏.‏ ويدخل صحابته إلى البيت كأنه اختصهم بعبادته فيجلسون حفافي قبره ويتفاوضون في شؤونهم بمحضر أخته زينب ثم يخرجون لإنفاذ ما أبرموه ويتولاه عبد المؤمن بتسليمهم‏.‏ حتى إذا استحكم أمرهم وتمكنت الدعوة من نفوس كافتهم كشفوا حينئذ القناع عن حالهم وتمالأ من بقي من العشرة على تقديم عبد المؤمن‏.‏ وتولى كبر ذلك الشيخ أبو حفص وأراد هنتاتة وسائر المصامدة عليه فأظهروا للناس موت المهدي وعهده لصاحبه وانقياد بقية أصحابه لذلك‏.‏ وروى يحيى بن يغمور عن الإمام أنه يقول في دعائه إثر صلواته‏:‏ اللهم بارك لي في الصاحب الأفضل فرضي الكافة وانقادوا وأجمعوا على بيعته بمدينة تينملل سنة أربع وعشرين فقام بأمر الموحدين وأبعد في الغزوات فصبح تادلا وأصاب منهم‏.‏ ثم غزا درعة واستولى عليها سنة ست وعشرين‏.‏ ثم غزا تاشعبوت وافتتحها وقتل واليها أبا بكر بن مزروال ومن كان معه من قومه غمارة بني ونام وبني مزردع‏.‏ ثم تسابق الناس إلى دعوتهم أفواجاً وانتقض البرابر في سائر أقطار المغرب على لمتونة وسرح علي بن يوسف ابنه تاشفين لقتالهم سنة ثلاث وثلاثين فجاءهم من ناحية أرض السوس واحتشد معه قبائل كزولة وجعلهم في مقدمته فلقيهم الموحدون بأوائل جبلهم وهزموهم‏.‏ ورجع تاشفين ولم يلق حرباً ودخل كزولة من بعدها في دعوة الموحدين‏.‏ وأجمع عبد المؤمن على غزو بلاد المغرب فعزا غزاته الطويلة منذ سنة أربع وثلاثين إلى سنة إحدى وأربعين ولما يراجع فيها تينملل حتى انقضت بالفتح والاستيلاء على المغربين خرج إليها من تينملل وخرج تاشفين بعساكره يحاذيه في البسيط والناس يفرون منه إلى عبد المؤمن وهو ينتقل في الجبال في سعة من الفواكه للأكل والحطب للدفء إلى أن وصل إلى جبال غمارة واشتعلت نار الفتنة والغلاء بالمغرب وامتنعت الرعايا من المغرم وألح الطاغية على المسلمين بالعدوة‏.‏ وهلك خلال ذلك علي بن يوسف أمير لمتونة وملك العدوتين سنة سبع وثلاثين وخمسمائة وولي أمرهم تاشفين ابنه وهو في غزاته هذه وقد أحيط به‏.‏ وحدث بعد موت أبيه فتنة بين لمتونة ومسوفة ففزع أمراء مسوفة مثل براز بن محمد ويحيى بن تاكغت ويحيى بن إسحاق المعروف بانكمار وكان والي تلمسان‏.‏ ولحقوا بعبد المؤمن فيمن إليهم من الجملة ودخلوا في دعوته ونبذ إليهم لمتونة العهد وإلى سائر مسوفة‏.‏ واستمر عبد المؤمن على حاله فنازل سبتة وامتنعت عليه وتولى كبر دفاعه عنها القاضي عياض الشهير الذكر‏.‏ كان رئيسها يومئذ بدينه وأبوته ومنصبه‏.‏ ولذلك سخطته الدولة آخر الأيام حتى مات مغرباً عن سبتة بتادلا مستعملا في خطة القضاء بالبادية وتمادى عبد المؤمن في غزاته إلى جبال غياثة وبطوية فافتتحها ثم نزل ملوية فافتتح حصونها‏.‏ لنظر يوسف بن وانودين وابن يرمور فخرج إليهم محمد بن يحيى بن فانوا عامل تلمسان فيمن معه من عساكر لمتونو وزناتة فهزمهم الموحدون وقتل ابن فانوا‏.‏ وانفض عسكر زناتة ورجعوا إلى بلادهم‏.‏ وولى ابن تاشفين على تلمسان أبا بكر بن مزدلي ووصل إلى عبد المؤمن بمكانه من الريف أبو بكر بن ماخوخ ويوسف بن يدر أمراء بني ومانوا فبعث معهم ابن يغمور وابن وانودين في عسكرهم من الموحدين فأثخنوا في بلاد بني عبد الواد وبني يلومي سبياً وأسراً وأمدتهم عساكر لمتونة ومعهم الزبرتير قائد الروم فنزلوا منداس واجتمعت عليهم زناتة في بني يلومي وبني عبد الواد وشيخهم حمامة بن مطهر وبني ينكاسن وبني ورسيفان وبني توجين فأوقعوا ببني ومانوا واستنقذوا غنائمهم من أيديهم‏.‏ وقتلوا أبا بكر بن ماخوخ في ستمائة من قومه‏.‏ وتحصن الموحدون وابن وانودين بجبال سيرات ولحق تاشفين بن ماخوخ بعبد المؤمن صريخاً على لمتونة وزناتة فارتحل معه إلى تلمسان‏.‏ ثم أجاز إلى سيرات وقصد محلة لمتونة وزناتة فأوقع بهم ورجع إلى تلمسان فنزل ما بين الصخرتين من جبل بني ورنيد‏.‏ ونزل تاشفين باصطفصف ووصل مدده صنهاجة من قبل يحيى بن العزيز صاحب بجاية لنظر طاهر بن كباب من قواده أمدوا به تاشفين وقومه لعصبية الصنهاجية‏.‏ وفي يوم وصوله أشرف على معسكر الموحدين وكان يدل بإقدام وبأس فزارى بلمتونة وأميرهم لقعودهم عن مناحزة الموحدين وقال‏:‏ إنما جئتكم لأمكنكم من صاحبكم عبد المؤمن هذا وأرجع إلى قومي فامتعض تاشفين لكلمته وأذن له في المناجزة فحمل على القوم فركبوا وصمموا للقائه فكان آخر العهد به وبعسكره‏.‏ وكان تاشفين بعث من قبل ذلك قائده على الروم الزبرتير في عسكر ضخم كما قلناه فأغار على بني سنوس وزناتة الذين كانوا في بسيطهم ورجع بالغنائم فاعترضه الموحدون من معسكر عبد المؤمن فقتلوهم وقتل الزبرتير وصلب‏.‏ ثم بعث بعثاً آخر إلى بلاد بني ومانوا فلقيهم تاشفين بن ماخوخ ومن كان معه من الموحدين وأوقعوا بهم‏.‏ واعترضوا عسكر بجاية عند رجوعهم فنالوا منهم أعظم النيل‏.‏ وتوالت هذه الوقائع على تاشفين فأجمع الرحلة إلى وهران وبعث ابنه إبراهيم ولي عهده إلى مراكش في جماعة من لمتونة وبعث كاتباً معه أحمد بن عطية‏.‏ ورحل هو إلى وهران سنة تسع وثلاثين وأقام عليها شهراً ينتظر قائد أسطوله محمد بن ميمون إلى أن وصله من المرية بعشرة أساطيل فأرساها قريباً من معسكره‏.‏ وزحف عبد المؤمن من تلمسان وبعث في مقدمته الشيخ أبا حفص عمر بن يحيى‏.‏ وبني ومانوا من زناتة فتقدموا إلى بلاد بني يلومي وبنى عبد الواد وبني ورسيفن وبني توجين وأثخنوا فيهم حتى دخلوا في دعوتهم‏.‏ ووفد على عبد المؤمن برؤسائهم وكان منهم سيد الناس ابن أمير الناس شيخ بني يلومي فتلقاهم بالقبول وسار في جموع الموحدين إلى وهران ففجعوا لمتونة بمعسكرهم ففضوهم ولجأ تاشفين إلى رابطة هنالك فأحدقوا بها وأضرموا النيران حولها حتى غشيهم الليل فخرج تاشفين من الحصن راكباً على فرسه فتردى من بعد حافات الجبل وهلك لسبع وعشرين من رمضان سنة تسع وثلاثين وخمسمائة‏.‏ وبعث برأسه إلى تينملل‏.‏ ولجأ فل العسكر‏.‏ إلى وهران فانحصروا مع أهلها‏.‏ حتى جهدهم العطش ونزلوا جميعاً على حكم عبد المؤمن يوم الفطر من تلك السنة‏.‏ وبلغ خبر مقتل تاشفين إلى تلمسان مع فل لمتونة وفيهم أبو بكر بن ويحيى وسير بن الحاج وعلي بن فيلو في آخرين من أعيانهم ففر معهم من كان بها من لمتونة‏.‏ وقدم عبد المؤمن فقتل من وجد بتاكرارت بعد أن كانوا بعثوا ستين من وجوههم فلقيهم يصلين من مشيخة بني عبد الواد فقتلهم جميعاً‏.‏ ولما وصل عبد المؤمن إلى تلمسان استباح أهل تاكرارت لما كان أكثرهم من الحشم وعفا عن أهل تلمسان ورحل عنها لسبعة أشهر من فتحها بعد أن ولى عليها سليمان بن محمد بن وانودين وقيل يوسف بن وانودين‏.‏ وفيما نقل بعض المؤرخين أنه لم يزل محاصراً لتلمسان والفتوح ترد عليه وهناك وصلته بيعة سجلماسة‏.‏ ثم اعتزم على الرحيل إلى المغرب وترك إبراهيم بن جامع محاصراً لتلمسان فقصد فاس سنة أربعين وقد تحصن بها يحيى الصحراوي‏.‏ ولحق بها من فل تاشفين من تلمسان فنازلها عبد المؤمن وبعث عسكراً لحصار مكناسة ثم رحل في أتباعه وترك عسكراً من الموحدين على فاس وعليهم الشيخ أبو حفص وأبو إبراهيم من صحابة المهدي العشرة فحاصروها سبعة أشهر‏.‏ ثم داخلهم ابن الجياني مشرف البلد وأدخل الموحدين ليلا وفر الصحراوي إلى طنجة وأجاز منها ابن غانية بالأندلس وبلغ خبر فاس إلى عبد المؤمن وهو بمكانه من حصار مكناسة فرجع إليها وولى عليها إبراهيم بن جامع وولى على حصار مكناسة يحيى بن يغمور ورحل إلى مراكش وكان إبراهيم بن جامع لما افتتح تلمسان ارتحل إلى عبد المؤمن وهو محاصر لفاس فاعترضه في طريقه المخضب بن عسكر أمير بني مرين بادسف ونالوا منه ومن رفقته فكتب عبد المؤمن إلى يوسف بن وانودين بن عامل تلمسان أن يجهز إليهم العساكر فبعثها صحبة عبد الحق بن منغفاد شيخ بني عبد الواد فأوقعوا ببني مرين وقتل المخضب أميرهم‏.‏ ولما ارتحل عبد المؤمن من فاس إلى مراكش وصلته في طريقه بيعة أهل سبتة فولى عليهم يوسف بن مخلوف من مشيخة هنتاتة ومر بسلا فافتتحها بعد مواقفة قليلة ونزل منها بدار ابن عشرة ثم تمادى إلى مراكش‏.‏ وسرح الشيخ أبا حفص لغزو برغواطة فأثخن فيهم ورجع‏.‏ ولقيه في طريقه ووصلوا جميعاً إلى مراكش وقد ضموا إليها جموع لمطة فأوقع بهم الموحدون وأثخنوا فيهم قتلا واكتسحوا أموالهم وظعائنهم‏.‏ وأقاموا على مراكش سبعة أشهر وأميرهم إسحاق بن علي بن يوسف بايعوه صبياً صغيراً عند بلوغ خبر أبيه‏.‏ ولما طال عليهم الحصار وجهدهم الجوع برزوا إلى مدافعة الموحدين فانهزموا وتتبعهم الموحدون بالقتل واقتحموا عليهم المدينة في أخريات شوال سنة إحدى وأربعين وقتل عامة الملثمين‏.‏ ونجا إسحاق في جملته وأعيان قومه إلى القصبة حتى نزلوا على حكم الموحدين وأحضر إسحاق بين يدي عبد المؤمن فقتله الموحدون بأيديهم وتولى كبر ذلك أبو حفص بن واكاك منهم وامحى أثر الملثمين واستولى الموحدون على جميع بلاد المغرب‏.‏ ثم خرج عليهم بناحية السوس ثائر من سوقة سلا يعرف محمد بن عبد الله بن هود وتلقب بالهادي وظهر في رباط ماسة فأقبل إليه الشرار من كل جانب وانصرفت إليه وجوه الأغمار من أهل الآفاق وأخذ بدعوته أهل سجلماسة ودرعة وقبائل دكالة وركراكة وقبائل تامسنا وهوارة‏.‏ وفشت ضلالته في جميع المغرب فسرح إليه عبد المؤمن عسكراً من الموحدين لنظر يحيى انكمار المسوفي النازع إليه من إيالة تاشفين بن علي‏.‏ ولقي هذا الثائر المآسي ورجع منهزماً إلى عبد المؤمن فسرح الشيخ أبا حفص عمر بن يحيى وأشياخ الموحدين واحتفل في الاستعداد فنهضوا إلى رابطة ماسة‏.‏ وبرز إليهم الثائر في نحو ستين ألفاً من الرجال وسبعمائة من الفرسان فهزمهم الموحدون وقتل داعيتهم في المعركة مع أكثر أتباعه وذلك في ذي الحجة سنة إحدى وأربعين‏.‏ وكتب الشيخ أبو حفص بالفتح إلى عبد المؤمن من إنشاء أبي جعفر بن عطية الشهير الذكر كان أبوه أبو أحمد كاتباً لعلي بن يوسف وابنه تاشفين وتحصل في قبضة الموحدين فعفا عنه عبد المؤمن‏.‏ ولما نزل على فاس اعتزم أبو أحمد هذا على الفرار فقبض عليه في طريقه واعتذر فلم يقبل عذره وقتل‏.‏ وكان ابنه أحمد كاتباً لإسحاق بن علي بمراكش فشمله عفو السلطان فيمن شمله من ذلك الفل وخرج في جملة الشيخ أبي حفص في وجهته هذه وطلبه للكتاب في ذلك فأجاد واستحسن كتابه عبد المؤمن لما وقف عليه فاستكتبه أولا‏.‏ ثم ارتفع عنده بخلاله فاستوزره وبعد في الدولة صيته وقاد العساكر وجمع الأموال وبذلها ونال من الرتبة عند السلطان ما لم ينله أحد في دولتهم إلى أن دلت عقارب السعاية إلى مهاده الوثير فكان فيها حتفه ونكبه الخليفة سنة ثلاث وخمسين وقتله بمحبسه حسبما هو مشهور‏.‏ ولما انصرف الشيخ أبو حفص من غزاة ماسة أراح بمراكش أياماً‏.‏ ثم خرج غازياً إلى القائمين بدعوة الماسي بجبال درن فأوقع بأهل نفيس وهيلانة وأثخن فيهم القتل والسبي حتى أذعنوا بالطاعة ورجع‏.‏ ثم خرج إلى هسكورة وأوقع بهم وافتتح معاقلهم وحصونهم‏.‏ ثم نهض إلى سجلماسة فاستولى عليها ورجع إلى مراكش ثم خرج ثالثة إلى برغواطة فحاربوه مدة ثم هزموه‏.‏ واضطرمت نار الفتنة في المغرب وانتقض أهل سبتة وأخرجوا يوسف بن مخلوف التينمللي وقتلوه ومن كان معه من الموحدين وأجاز القاضي عياض البحر إلى يحيى بن علي بن غانية المسوفي الوالي بالأندلس فلقيه بالخضراء وطلب منه والياً على سبتة فبعث معه يحيى بن أبي بكر الصحراوي الذي كان بفاس منذ منازلة عبد المؤمن لها‏.‏ وذكرنا أنه لحق بطنجة فأجاز وبعثه ابن غانية إلى سبتة مع القاضي عياض كما ذكرناه‏.‏ وقام بأمرها ووصل يده بالقبائل الناكثة لطاعة الموحدين من برغواطة ودكالة على حين هزيمتهم للموحدين كما ذكرناه‏.‏ ولحق بهم من مكانه بسبتة وخرج إليهم عبد المؤمن بن علي سنة اثنين وأربعين فدوخ بلادهم واستأصل شأفتهم حتى انقادوا للطاعة وتبرأوا من يحيى الصحراوي ولمتونة ورجع إلى مراكش لستة أشهر من خروجه ووصلته الرغبة من مشيخة القبائل في يحيى الصحراوي فعفا عنه وصلحت أحوال المغرب‏.‏ وراجع أهل سبتة طاعتهم فتقبل منهم وكذلك أهل سلا فصفح عنهم وأمر بهم سورهم‏.‏ فتح الأندلس فتح الأندلس وشؤونها ثم صرف عبد المؤمن نظره إلى الأندلس وكان من خبرها أنه اتصل بالملثمين


مقتل تاشفين بن علي ومنازلة الموحدين مدينة فاس

وكان علي بن عيسى بن ميمون قائد أسطولهم قد نزع طاعة لمتونة وانتزى بجزيرة قادس فلحق بعبد المؤمن بمكانه من حصار فاس ودخل في دعوته وخطب له بجامع قادس أول خطبة خطبت لهم بالأندلس عام أربعين وخمسمائة‏.‏ وبعث أحمد بن قسي صاحب مرتلة ومقيم الدعوة بالأندلس أبا بكر بن حبيس رسولا إلى عبد المؤمن فلقيه على تلمسان وأدى كتاب صاحبه فأنكر ما تضمنه من النعت بالمهدي ولم يجاوب‏.‏ وكان سداري بن وزير صاحب بطليوس وباجة وغرب الأندلس قد تغلب على أحمد بن قسي هذا وغلبه على مرتلة فأجاز أحمد بن قسي البحر إلى عبد المؤمن بعد فتح مراكش لمداخلة علي بن عيسى بن ميمون ونزل بسبتة فجهزه يوسف بن مخلوف ولحق بعبد المؤمن ورغبه في ملك الأندلس وأغراه بالملثمين فبعث معه عساكر الموحدين لنظر براز بن محمد المسوفي النازع إلى عبد المؤمن من جملة تاشفين وعقد له على حرب من بها من لمتونة والثوار وأمده بعسكر آخر لنظر موسى بن سعيد وبعده بعسكر آخر لنظر عمر بن صالح الصنهاجي ولما أجازوا إلى الأندلس نازلوا أبا الغمر بن عزون من الثوار بشريش وكانت له مع رندة‏.‏ ثم قصدوا لبلة وبها من الثوار يوسف بن أحمد البطورجي فأعطاهم الطاعة ثم قصدوا مرتلة وهي تحت الطاعة لتوحيد صاحبها أحمد بن قسي‏.‏ ثم قصدوا شلب فافتتحوها وأمكنوا منها ابن قسي‏.‏ ثم نهضوا إلى باجة وبطليوس فأطاعهم صاحبها سداي بن وزير‏.‏ ثم رجع براز في عسكر الموحدين إلى مرتلة حتى انصرم فصل الشتاء فخرج إلى منازلة إشبيلية فأطاعه أهل طلياطة وحصن القصر واجتمع إليه سائر الثوار وحاصروا إشبيلية براً وبحراً إلى أن اقتحموها في شعبان سنة إحدى وأربعين‏.‏ وفر الملثمون بها إلى قرمونة وقتل من أدرك منهم‏.‏ وأنى القتل على عبد الله بن القاضي أبي بكر بن العربي في هيعة تلك الدخلة من غير قصد‏.‏ وكتبوا بالفتح إلى عبد المؤمن بن علي‏.‏ وقدم عليه وفدهم بمراكش يقدمهم القاضي أبو بكر فتقبل طاعتهم وانصرفوا بالجوائز والإقطاعات لجميع الوفد سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة‏.‏ وهلك القاضي أبو بكر في طريقه ودفن بمقبرة فاس‏.‏ وكان عبد العزيز وعيسى أخوا المهدي من مشيخة العسكر بإشبيلية فساء أثرهما في البلد واستطالت أيديهما على أهله واستباحوا الدماء والأموال‏.‏ ثم اعتزما على الفتك بيوسف البطروجي صاحب لبلة فلحق ببلده وأخرج الموحدين الذين بها وحول الدعوة عنهم‏.‏ وبعث إلى طلياطة وحصن القص ووصل بالملثمين الذين كانوا بالعدوة وارتد ابن قسي في مدينة شلب وعلي بن عيسى بن ميمون بجزيرة قادس ومحمد بن علي بن الحجام بمدينة بطليوس‏.‏ وثبت أبو الغمر بن عزون على طاعة الموحدين بشريش ورندة وجهاتها‏.‏ وتغلب ابن غانية على الجزيرة الخضراء وانتقض أهل سبتة كما ذكرناه وضاقت أحوال الموحدين بإشبيلية فخرج منها عيسى وعبد العزيز أخوا المهدي وابن عمهما يصليتن بمن كان معهم‏.‏ ولحقوا بجبل بيستر جاءهم أبو الغمر بن عزون واتصلت أيديهم على حصار الجزيرة حتى افتتحوا وقتلوا من كان بها من لمتونة ولحق أخوا المهدي بمراكش وبعث عبد المؤمن على إشبيلية يوسف بن سليمان في عسكر من الموحدين وأبقى براز بن محمد على الجباية فخرج يوسف ودوخ أعمال البطروجي بلبلة وطلياطة وعمل ابن قسي بشلب ثم أغار على طلبيرة وأطاعه عيسى بن ميمون صاحب شنتمرية وغزا معهم وأرسل محمد بن علي الحجام صاحب بطليوس بهداياه فتغلبت ورعيت له ورجع يوسف إلى إشبيلية‏.‏ وفي أثناء ذلك استغلظ الطاغية على يحيى بن علي بن غانية بقرطبة ولج على جهاته حتى نزل له عن بياسة وأبدة وتغلب على الأشبونة وطرطوشة ولاردة وأفراغة وشنتمرية وغيرها من حصون الأندلس وطالب ابن غانية بالزيادة في ضريبته أو الإفراج له عن قرطبة فراسل ابن غانية براز بن محمد واجتمعا بأسجة وضمن له براز إمداد الخليفة على أن يتخلى عن قرطبة وقرمونة ويدال منها بجيان فرضي بذلك وتم العقد ووصل خطاب عبد المؤمن بإمضائه فارتحل ابن غانية إلى جيان ونازله الطاغية بها فغدر بأقماطه واعتقلهم بقلعة ابن سعيد وأفرج الطاغية عن جيان ولحق هو بغرناطة وبها ميمون بن بدر اللمتوني في جماعة من المرابطين قصده ابن غانية ليحمله على مثل حاله مع الموحدين فكان مهلكه بها بشعبان سنة ثلاث وسبعين وقبره بها معروف لهذا العهد‏.‏ وانتهز الطاغية فرصته في قرطبة فزحف إليها ودفع الموحدون بإشبيلية أبا الغمر بن عزون لحمايتها ووصل إليه مدد يوسف البطروجي من لبلة‏.‏ وبلغ الخبر عبد المؤمن فبعث إليها عسكراً من الموحدين لنظر يحيى بن يغمور‏.‏ ولما دخلها أفرج عنها الطاغية لأيام من مدخله وبادر الثوار إلى يحيى بن يغمور في طلب الأمان من عبد المؤمن‏.‏ ثم تلاحقوا به بمراكش فتقبلهم وصفح لهم ونهض إلى مدينة سلا سنة خمس وأربعين‏.‏ واستدعى منها أهل الأندلس فوفدوا عليه وبايعوه جميعاً وبايعه الرؤساء من الثوار على الانخلاع من الأمر مثل‏:‏ سداراي بن وزير صاحب باجة ويابورة والبطروجي صاحب لبلة وابن عزون صاحب شريش ورندة وابن الحجام صاحب بطلوس وعامل ابن منيب صاحب طابيرة‏.‏ وتخلف ابن قسي وأهل شلب عن هذا الجمع فكان سبباً لقتله من بعد‏.‏ ورجع عبد المؤمن إلى مراكش وانصرف أهل الأندلس إلى بلادهم واستصحب الثوار فلم يزالوا بحضرته‏.‏


فتح إفريقية

فتح إفريقية وشؤونها ثم بلغ عبد المؤمن ما هي عليه إفريقية من اختلاف الأمراء واستطالة العرب عليها بالعيث والفساد وأنهم حاصروا مدينة القيروان وأن موسى بن يحيى الرياحي المرداسي دخل مدينة باجة وملكها فأجمع الرحلة إلى غزو إفريقية بعد أن شاور الشيخ أبا حفص وأبا إبراهيم وغيرهما من المشيخة فوافقوه‏.‏ وخرج من مراكش سنة ست وأربعين مورياً بالجهاد حتى انتهى إلى سبتة واستوضح أحوال أهل الأندلس ثم رحل عن سبتة مورياً بمراكش وأغذ السير إلى بجاية فدخل الجزائر على حين غفلة وخرج إليه الحسن بن علي صاحب المهدية فصحبه واعترضته جيوش صنهاجة بأم العلو فهزمهم وصبح بجاية من الغد فدخلهما‏.‏ وركب يحيى بن العزيز البحر في أسطولين كان أعدهما لذلك واحتمل فيها ذخائره وأمواله ولحق بقسطنطينة إلى أن نزل بعد ذلك عنها على أمان عبد المؤمن واستقر بمراكش تحت الجراية والعناية إلى أن هلك رحمه الله‏.‏ ثم سرح عبد المؤمن عساكر الموحدين وعليهم ابنه عبد الله إلى القلعة وبها جوشن بن العزيز في جموع صنهاجة فاقتحمها واستلحم من كان بها منهم وأضرم النار ساكنها وقتل جوشن‏.‏ ويقال إن القتلى بها كانوا ثمانية عشر ألفاً وامتلأت أيدي الموحدين من الغنائم والسبي وبلغ الخبر إلى العرب بإفريقية من الأثبج وزغبة ورياح وقسرة فعسكروا بظاهر باجة وتدامروا على الدفاع عن ملكهم يحيى بن العزيز وارتحلوا إلى سطيف‏.‏ وزحف إليهم عبد الله بن عبد المؤمن في الموحدين الذين معه‏.‏ وكان عبد المؤمن قد قفل إلى المغرب ونزل متيجة فلما بلغه الخبر بعث المدد لابنه عبد الله والتقى الفريقان بسطيف واقتلوا ثلاثاً‏.‏ ثم انفضت جموع العرب واستلحموا وسبيت نساؤهم واكتسحت أموالهم وأسر أبناؤهم‏.‏ ورجع عبد المؤمن إلى مراكش سنة سبع وأربعين ووفد عليه كبراء العرب من أهل إفريقية طائعين فوصلهم ورجعهم إلى قومهم‏.‏ وعقد على فاس لابنه السيد أبي الحسن واستوزر له يوسف بن سليمان‏.‏ وعقد على تلمسان لابنه السيد أبي حفص واستوزر له أبا محمد بن وانودين‏.‏ وعلى سبتة للسيد أبي سعيد واستوزر له محمد بن سليمان‏.‏ وعلى بجاية للسيد أبي محمد عبد الله‏.‏ واستوزر له يخلف بن الحسين‏.‏ واختص ابنه عبد الله بولاية عهده‏.‏ وتقلب بذلك كله ضمائر عبد العزيز ويحيى أخوي المهدي فلحقا بمراكش مضمرين الغدر وأدخلوا بعض الأوغاد في شأنهم فوثبوا بعمر بن تافراكين وقتلوه بمكانه من القصبة‏.‏ ووصل على أثرهما الوزير أبو جعفر بن عطية وعبد المؤمن على أثره فأطفأ نار تلك الثورة وقتل أخوا المهدي ومن داخلهم فيها والله أعلم‏.‏


بقية فتح الأندلس

وبلغه بمراكش سنة تسع وأربعين أن يحيى بن يغمور صاحب إشبيلية قتل أهل لبلة بما كان من غدر الوهبي لها ولم يقبل معذرتهم في ذلك فسخط يحيى بن يغمور وعزله عن إشبيلية بأبي محمد عبد الله بن أبي حفص بن علي التينمللي وعن قرطبة بأبي زيد بن بكيت وبعث عبد الله بن سليمان فجاء بابن يغمور معتقلا إلى الحضرة وألزمه منزله إلى أن بعثه مع ابنه السيد أبي حفص إلى تلمسان واستقام أمر الأندلس‏.‏ وخرج ميمون بن يدر اللمتوني عن غرناطة للموحدين فملكوها وأجاز إليها السيد أبو سعيد صاحب سبتة بعهد أبيه عبد المؤمن إليه بذلك‏.‏ ولحق الملثمون بمراكش ونازل السيد أبو سعيد مدينة المرية حتى نزل من كان بها من النصارى على الأمان‏.‏ وحضر لذلك الوزير أبو جعفر بن عطية بعد أن أمدهم ابن مردنيش الثائر بشرق الأندلس والطاغية معه وعجزوا جميعاً عن المدافعة‏.‏ ثم وفد أشياخ إشبيلية سنة إحدى وخمسين ورغبوا من عبد المؤمن ولاية بعض أبنائه عليهم فعقد لابنه السيد أبي يعقوب عليها وافتتح أمره بمنازلة علي الوهبي الثائر بطبرية ومعه الوزير أبو جعفر بن عطية حتى استقام على الطاعة‏.‏ ثم استولى على عمل ابن وزير وابن قسي واستنزل تاشفين اللمتوني من مرتلة سنة اثنتين وخمسين وكان الذي أمكن الملثمين منها ابن قسي واستتم الفتح‏.‏ ورجع السيد إلى إشبيلية وانصرف أبو جعفر بن عطية إلى مراكش فكانت نكبته ومقتله‏.‏ واستوزر عبد المؤمن بعده عبد السلام الكومي كان يمت إليه بذمة صهر فلم يزل على وزارته‏.‏


بقية فتح إفريقية

لما بلغ عبد المؤمن سنة ثلاث وخمسين ما كان من إيقاع الطاغية بابنه السيد أبي يعقوب بظاهر إشبيلية ومن استشهد من أشياخ الموحدين وحفاظهم ومن الثوار مثل ابن عزون وابن الحجام نهض يريد الجهاد واحتل سلا فبلغه انتقاض إفريقية وأهمه شأن النصارى بالمهدية‏.‏ فلما توافت العساكر بسلا استخلف الشيخ أبا حفص على المغرب وعقد ليوسف بن سليمان على مدينة فاس ونهض يغذ السير حتى نازل المهدية ومن بها من نصارى أهل صقلية فافتتحها صلحاً سنة خمس وخمسين‏.‏ واستنقذ جميع البلاد الساحلية مثل صفاقس وطرابلس من أيدي العدو‏.‏ وبعث ابنه عبد الله من مكان حصاره للمهدية إلى قابس فاستخلصها من يد بني كامل المتغلبين عليها من دهمان بعض بطون رياح‏.‏ واستخلص قفصة من يد بني الورد وزرعة من يد بني بروكسن وطبرقة من يد علال وجبل زغوان من يد بني حماد بن خليفة وشقبنارية من يد بني عياد بن نصر الله‏.‏ ومدينة الأربص من يد ملكها من العرب حسبما ذلك مذكور في أخبار هؤلاء الثوار في دولة صنهاجة‏.‏ ولما استكمل الفتح وثنى عنانه إلى المغرب سنة ست وخمسين بلغه أن الأعراب بإفريقية انتقضوا عليه فرجع إليهم عسكراً من الموحدين فنهضوا إلى القيروان وأوقعوا بالعرب وقتل كبيرهم محرز بن زياد الفارغي من بني علي إحدى بطون رياح‏.‏ أخبار ابن مردنيش الثائر بشرق الأندلس كان بلغ عبد المؤمن وهو بإفريقية أن محمد بن مردنيش الثائر بشرق الأندلس خرج من مرسية ونازل جيان‏.‏ وأطاعه واليها محمد بن علي الكومي‏.‏ ثم نازل بعدها قرطبة ورحل عنها وغدر بقرمونة وملكها ثم رجع إلى قرطبة‏.‏ وخرج ابن بكيت لحربه فهزمه وقتله فكتب إلى عماله بالأندلس بفتح إفريقية وأنه واصل إليهم وعبر البحر إلى جبل الفتح‏.‏ واجتمع إليه أهل الأندلس ومن بها من الموحدين ثم رجع إلى مراكش وبعث عساكره إلى الجهاد ولقيهم الطاغية فهزموه‏.‏ وتغلب السيد أبو يعقوب على قرمونة من يد ابن هشمك صهر ابن مردنيش‏.‏ وكان السيدان أبو يعقوب صاحب إشبيلية وأبو سعيد صاحب غرناطة ارتحلا لزيارة الخليفة بمراكش فخالف ابن همشك إلى مدينة غرناطة وغدر بها ليلا بمداخلة من بعض أهلها‏.‏ واستولى عليها وانحصر الموحدون بقصبتها وخرج عبد المؤمن من مراكش لاستنقاذها فوصل إلى سلا‏.‏ وقدم السيد أبا سعيد فأجاز البحر ولقيه عامل إشبيلية عبد الله بن أبي حفص بن علي ونهضوا جميعاً إلى غرناطة فنهض إليهم ابن همشك وهزمهم‏.‏ ورجع السيد أبو سعيد إلى مالقة وردفه عبد المؤمن بأخيه السيد أبي يعقوب في عساكر الموحدين ونهضوا إلى غرناطة وكان قد وصلها ابن مردنيش في جموع من النصارى مدداً لابن همشك فلقيهم الموحدون بفحص غرناطة وهزموهم‏.‏ وفر ابن مردنيش إلى مكانه من المشرق ولحق ابن همشك بجيان فنازله الموحدون‏.‏ وارتحل السيدان إلى قرطبة فأقاما بها إلى أن استدعى السيد أبو يعقوب إلى مراكش سنة ثمان وخمسين لولاية العهد والإدالة به من أخيه محمد فلحق بمراكش وخرج في ركاب أبيه الخليفة عبد المؤمن لما نهض للجهاد‏.‏ وأدركته المنية بسلا في جمادى الآخرة من هذه السنة وقبر بتينملل إلى جانب المهدي والله أعلم‏.‏
 
رد: المواحدون تاريخ مغرب عظيم

هذا نص سريع من الشبكة يثبت اصول عبد المؤمن الجزائرية ودوره الرئيسي في توطيد اركان الدولة الموحدية وان كنت لا احبذ كلام المواقع في الامور التاريخية ........لكن للحديث بقية.......ما ادهشني بالفعل هو اعتبار بعض المصادر ان مدينة تلمسان مدينة مغربية.........

هو رجل الدولة والخليفة موحدي عبد المؤمن بن علي الكومي خليفة ابن تومرت مؤسس الحركة الموحدية في القرن السادس الهجري، من أعظم أعلام تاريخ المغرب العربي وأحد موحديه من طرابلس الغرب إلى المحيط وساحق المسيحيين في الأندلس.
ولد بقرية تاعزة قرب مدينة ندرومة بنواحي تلمسان، من قبيلة كومية، في سنة 496هـ. كان عبد المؤمن بن علي قوي الجسم وجميل الصورة مما جعله يثير انتباه الناس حتى حيكت حوله خرافات كثيرة تشبه ما يروى عن كرامات الأولياء والرجال الصالحين.
تعلم القرآن ومبادئ اللغة العربية والفقه في صغره، ولما بلغ الخامسة عشر من عمره نزل إلى مدينة تلمسان ليواصل دراسته. ومن هناك رافق عمه في طريق الحج، ولما توقف بهم المطاف ببجاية، ذهب عبد المؤمن بن علي لزيارة ابن تومرت الذي كان يدرس بالقرب من المدينة وقد ذاع صيته في جميع أنحاء المغرب العربي، وكان هذا اللقاء بداية لمسيرة مشتركة بين الرجلين، وتلازما حتى الموت.
بعد أشهر من الإقامة هناك، صاحب عبد المؤمن بن علي ابن تومرت ورفاقه في رحلتهم إلى تنملال بالمغرب الأقصى، مروراً بجبال الونشريس وتلمسان وفاس ومكناس ومراكش إلى غاية بلاد السوس بقرية ابن تومرت عام 515هـ. وعندما بدأ ابن تومرت ينظم حركته وينشر دعوته، كان عبد المؤمن يلعب دوراً هاماً ضمن مجموعة العشر المقربين إلى ابن تومرت، والتي كان يستشيرها في جميع الأمور.
كان للنكبة الكبيرة التي ألمت بالجيش الموحدي إثر هزيمته النكراء أمام أسوار مراكش عاصمة المرابطين سنة 523هـ، آثاراً عميقة في نفوس الموحدين وأرغمت ابن تومرت أن يعيد تنظيمه ويعزز قوته بعد وفاة معظم قادته وعدد كبير من أصحابه المقربين.
ولم يلبث أن توفي ابن تومرت بعد أشهر قليلة، فاجتمع ما تبقى من مجلس العشرة، وكان أهمهم عبد المؤمن وقرر إخفاء موت المهدي ابن تومرت ولم يعلن عنها إلا بعد مضي ثلاث سنوات. واقترن الإعلان ببيعة عبد المؤمن خليفة لابن تومرت، بسبب مكانته عند المهدي وكونه لم يمل إلى عصبية معينة.
لم يكن عبد المؤمن يتجاوز الثلاثين من عمره عندما تولى الخلافة، غير أنه استطاع بذكائه وبراعته في التنظيم المحكم عسكرياً وإدارياً أن يبعث من جديد حركة الموحدين وأن ينتصر على جميع خصومه وأن يوحد المغرب العربي تحت راية دولته.
بدأ عبد المؤمن بن علي حربه ضد المرابطين بمهاجمته واستيلائه على القرى الجبلية من الشمال في مسيرة قادته إلى مدينة سبتة ثم ندرومة وتلمسان فوهران حيث التقى بجيش المرابطين، وبعدها اتجه عبد المؤمن غرباً فاستولى على مكناس ثم فاس، قبل أن يحاصر مراكش عاصمة المرابطين، ويدخلها عام 541هـ.
دامت الحرب بين الموحدين والمرابطين أربعة عشر سنة استطاع عبد المؤمن خلالها أن يثبت سلطته وأركان عرشه. وقد جعل من مراكش عاصمة لملكه وأعاد بناءها وأنجز بها جامع الكتبية المشهور.
وسع عبد المؤمن بن علي حدود دولته بغزوه دولة بني حماد في بجاية عام 546هـ، فاستولى على مدينة الجزائر ودخل بجاية وحاصر القلعة عاصمتهم. وفي نفس السنة، أرسل جيوشه إلى الأندلس ليفتتح من جديد جميع الثغور التي استولى عليها المسيحيون بين سنتي 546هـ و 554 هـ، استقر عبد المؤمن بمراكش ليكرس مجهوداته في تنظيم شؤون دولته العسكرية والسياسية والإدارية والاقتصادية، فجعل الملك وراثياً بتعيين ابنه خلفاً له، وعين باقي أولاده وبعض أقاربه على رأس الولايات، وأعطى دفعاً كبيراً للنشاط المعماري والثقافي والاقتصادي؛ فازدهرت في عهده جميع بلاد المغرب العربي.
استأنف عبد المؤمن نشاطه العسكري بعد عام 554 هـ فقاد جيشه في حملة للقضاء على دولة الزيديين واستولى على تونس وأخرج النورمنديين من جميع الموانئ التي احتلوها، وأخضع القبائل المتمردة. وفي عام 557 هـ جهز عبد المؤمن جيشاً ليعبر إلى الأندلس، أين أخذ يعزز مواقعه ووسع من حدود دولة المسلمين ومن تواجدهم بالأندلس. غير أنه اضطر إلى العودة على المغرب بسبب مرض أليم ومفاجئ، فتوفي بسلا قرب الرباط في سنة 558 1.

javascript:showFootnote('1_h') : أنظر: ابن خلدون، كتاب العبر، ج 6، بيروت: دار الكتاب، 1968. أبو بكر الصنهاجي (البيدق)، كتاب أخبار المهدي، باريس: 1928.
 
رد: المواحدون تاريخ مغرب عظيم

نعود لنفس القصة
في الحقيقة اطلعت على هذه الكتب كثيرا وماوجدته هو التالي
وجود اختلافات في نسب الكثير من شخصيات المغرب العربي وليس ابن تومرت فقط وهذا راجع لعدة اسباب تحتاج لموضوع خاص بها
بخصوص تومرت فانا ارجح انه ليس من اصل عربي ولكنه امازيغي وهذا راجع اولا الى اسمه فكلمة تومرت ليست عربية وقبيلة هرغة لم اسمع انها عربية ومن يعتمد كتا ابن خلدون فانا شخصيا اعتبره مصدرا غير موثوق ومليئ بالتناقضات
اما هل هو جزائري او مغربي فلا هو جزائري ولا مغربي هو موحدي واسس دولة الموحدين ولا اظن انه سيهتم ان يكون جزائري او مغربي ونتمنى ان شاء الله ان يوجد في هذين الشعبين ابن تومرت جديد


لا اخي الزعيم هذا تاريخنا نحن و انا لن اقبل ان يسلب منا تاريخنا وامجاد اجدادنا وينسب لغيرنا فياءتو ويتباهو به على مواقع النات
 
رد: المواحدون تاريخ مغرب عظيم

الموحدون هي سلالة بربرية أمازيغية حكمت في شمال أفريقيا (المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا) والأندلس سنوات 1130-1269 م.

المقر: مراكش وإشبيلية (فترات متقطعة).

أطلق عليهم تسمية "الموحدون" لكون أتباع هذه الطريقة كانوا يدعوا إلى توحيد الله. قاد محمد بن تومرت (1080-1130 م)، والذي ينحدر من صلبه أمراء الموحدين، أتباع حركة دينية متشددة، وكان يدعوا إلى تنقية العقيدة من الشوائب. أطلق بن تومرت عام 1118 م الدعوة لمحاربة المرابطين واتخذ من قلعة تنملل -على جبال الأطلس - مقراً له. استطاع خليفته عبد المؤمن (30/1133-1163 م) أن يستحوذ على السلطة في المغرب (سقوط مراكش عام 1147 م) و من ثم على كامل إفريقية (حتى تونس وليبيا عام 1160 م) و الأندلس (1146-1154 م).

بلغت الدولة أوجها في عهد أبو يعقوب يوسف (1163-1184 م) ثم أبو يوسف يعقوب المنصور (1184-1199 م) مع بناء العديد من المدن الجديدة وتشجيع الثقافة والحياة الفكرية (ابن رشد، ابن طفيل). وقعت بعد ذلك معركة الأرك عام 1195 م والتي انتصر فيها الموحدون على الملوك النصرانيين. في عهد الناصر (1199-1213 م) تم القضاء على العديد من الثورات في إفريقية، إلا أن الموحدين تلقوا هزيمة قاسية على يد النصرانيين في معركة حصن العقاب (1212 م) - لم تقم للمسلمين بعد هذه المعركة قائمة-. بعد سنة 1213 م بدأت الدولة تتهاوى بسرعة مع سقوط الأندلس في أيدي ثم النصرانيين (بعد 1228 م)، و تونس في أيدي الحفصيين والجزائر في أيدي بني عبد الواد -الزيانيون- (1229-1236 م). حكم بين سنوات 1224-1236 م فرعين أحدهما في المغرب والثاني في الأندلس. منذ 1244 م تعرضوا لحملات المرينيين، ثم فقدوا السيطرة على المغرب وانتهى أمرهم سنة 1269 م بعد أن قضى عليهم المرينيون نهائياً.
 
رد: المواحدون تاريخ مغرب عظيم

هو عبد المؤمن بن علي بن مخلوف بن يعلى بن مروان، أبو محمد الكومي، نسبته إلى كومية (من قبائل البربر).
ولد في مدينة "تاجرت" بالمغرب قرب "تلمسان"، ونشأ فيها طالب علم، وأبوه صانع فخار.
وفي وصف "عبد المؤمن بن عليّ" قال عبد الواحد المراكشي في المعجب وكان أبيض ذا جسم عمم تعلوه حمرة شديد سواد الشعر معتدل القامة وضيء الوجه جهوري الصوت فصيح الألفاظ جزل المنطق وكان محبباً إلى النفوس لا يراه أحد إلا أحبه وبلغني أن ابن تومرت كان ينشد كلما رآه:
تكاملت فيك أخلاق خصصت بها فكلنـا بك مسـرور ومغتبـط
فالسن ضاحكـة والكـف مانحة والصدر منشرح والوجه منبسط
وذكر الذهبي في كتابه العبر، وابن العماد في شذرات الذهب أنه كان ملكًا عادلًا، سائسًا، عظيم الهيبة، عالي الهمة، متين الديانة، كثير المحاسن، قليل المِثل، وكان يقرأ كل يوم سُبُعًا من القرآن العظيم، ويجتنب لبس الحرير - وهذا يعني أن لبس الحرير كان عادة وإلفًا في زمانه - وكان يصوم الاثنين والخميس، ويهتم بالجهاد والنظر في الْمُلْك كأنما خُلق له. ثم بعد هذه الأوصاف نجد هذه العبارة التي تحمل كثيرًا من علامات الاستفهام حيث يقول: وكان سفّاكا لدماء من خالفه.!!
وقال عنه "الزركلي" في "الأعلام": وكان عاقلًا حازمًا شجاعًا موفقًا، كثير البذل للأموال، شديد العقاب على الجرم الصغير عظيم الاهتمام بشؤون الدين، محبًا للغزو والفتوح، خضع له المغربان (الاقصى والاوسط) واستولى على إشبيلية وقرطبة وغرناطة والجزائر المهدية وطرابلس الغرب وسائر بلاد أفريقية، وأنشأ الاساطيل، وضرب الخراج على قبائل المغرب، وهو أول من فعل ذلك هنالك...
ومثل هذه الأوصاف ذكرها ابن كثير أيضًا في البداية والنهاية، وأضاف أنه كان يعيبه كثرة سفك الدماء لمن عارضه من أتباعه أو من غير أتباعه.
وهذه بالطبع- وكما ذكرنا - هي تعاليم محمد بن تومرت.
وإضافة إلى هذا المنهج العقيم وتلك الصفة السابقة - التساهل في أمر الدماء - فقد كان "محمد بن تومرت" حين يعلم أن أتباعه ينظرون إلى الغنائم التي حصّلوها من دولة المرابطين في حربهم معهم كان يأخذها كلها فيحرقها.. وكان يعذّر بالضرب من يفوته قيام الليل من جماعته. فنشأت جماعة من الطائعين الزاهدين العابدين، لكن على غير نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لم يكن يحرق الغنائم أو يضرب المتباطئين أو المتثاقلين عن قيام الليل، أو يتبع مثل هذا المنهج وتلك الرهبنة المتشددة، فكره كثير من الناس مثل هذا الأسلوب، لكنهم مع ذلك اتبعوه...!!
وعلى ما يبدو فقد كانت فكرتا العصمة والمهدية اللتين ادّعاهما محمد بن تومرت واقتنع بهما أتباعه من بعده لم يكن عبد المؤمن بن عليّ مقتنعا بهما ؛ لأنه أبدًا ما ادّعى أيا منهما،كما أنه لم يدّع فكر الخوارج الذي كان قد اعتقد به أو ببعضه "محمد بن تومرت".
وعلى الجانب الآخر فإن "عبد المؤمن بن عليّ" لم ينف مثل هذه الأفكار الضالة صراحة؛ وذلك لأن غالب شيوخ الموحّدين كانوا على هذا الفكر وذلك الاعتقاد، فخاف إن هو أعلن أن أفكار "محمد بن تومرت" هذه مخالفة للشرع أن ينفرط العقد ويحدث التفكك في هذه الفترة الحرجة من دولة الموحدين....


عبد المؤمن بن عليّ في الأندلس


في سنة 543 هـ= 1148 م وبعد التدهور الكبير الذي حدث في بلاد الأندلس، قدم إلى بلاد المغرب العربي القاضي ابن العربي صاحب (العواصم من القواصم) قدم من الأندلس وبايع "عبد المؤمن بن علي"، وطلب النجدة لأهل الأندلس.
وإن مبايعة القاضي ابن العربي لعبد المؤمن بن عليّ لتعطي إشارة واضحة إلى أن عبد المؤمن بن عليّ لم يكن ليعتقد أو يدعو إلى أفكار ضالة كما في الدعوة إلى العصمة أو المهدية أو غيرها مما كان يدين بها محمد بن تومرت وبعض من أتباعه، وإلا لم يكن للقاضي ابن العربي - وهو الذي اشتهر وعرف عنه الذبّ عن الإسلام من الضلالات والانحرافات - أن يقدم من بلاد الأندلس لمبايعته على الطاعة والنصرة.
قَبِلَ عبد المؤمن بن عليّ الدعوة من القاضي ابن العربي، وجهزّ جيوشه وانطلق إلى بلاد الأندلس، وهناك بدأ يحارب القوات الصليبية حتى ضم معظم بلاد الأندلس الإسلامية التي كانت في أملاك المرابطين إلى دولة الموحدين، وكان ممن قاتله هناك بعض أنصار دولة المرابطين إلا أنه قاتلهم وانتصر عليهم وذلك في سنة 545 هـ= 1150 م .
وفي سنة 552 هـ= 1157 م استطاع أن يستعيد ألمريّة، وفي سنة 555 هـ= 1160 م استعاد تونس من يد النصارى، وبعدها بقليل - ولأول مرة - استطاع أن يضم ليبيا إلى دولة الموحدين، وهي بعد لم تكن ضمن حدود دولة المرابطين.
وبهذا يكون قد وصل بحدود دولة الموحدين إلى ما كانت عليه أثناء دولة المرابطين إضافة إلى ليبيا، وقد اقتربت حدود دولته من مصر كثيرا، وكان يفكر في أن يوحّد كل أطراف الدولة الإسلامية تحت راية واحدة تكون لدولة الموحدين.
يوسف بن عبد المؤمن بن عليّ (533 - 580 هـ= 1138 - 1184 م)وحكم الموحدين:
في عام 558 هـ= 1163 م يتوفي عبد المؤمن بن عليّ في "رباط سلا" في طريقه إلى الاندلس مجاهدًا، ونقل إلى "تينملل" فدفن فيها إلى جانب قبر ابن تومرت وخلفه على الحكم ابنه محمد ثم خُلع لفسقه وسوء خلقه وولي الأمر يوسف بن عبد المؤمن بن عليّ، وكان يبلغ من العمر اثنين وعشرين عامًا، وقد كان مجاهدًا شهمًا كريمًا إلا أنه لم يكن في كفاءة أبيه القتالية.
قال عنه الزركلي في الأعلام: وكان حازما شجاعا، عارفًا بسياسة رعيته، له علم بالفقه، كثير الميل إلى الحكمة والفلسفة، استقدم إليه بعض علماء الاقطار وفي جملتهم أبو الوليد ابن رشد...وهو باني مسجد إشبيلية، أتمّه سنة 567 وإليه تنسب الدنانير " اليوسفية " في المغرب، وكانت علامته في المكاتبات وعلامة من بعده: " الحمد لله وحده "...
وقد ظل يوسف بن عبد المؤمن بن عليّ يحكم دولة الموحدين اثنين وعشرين عامًا متصلة، منذ سنة 558 هـ= 1163 م وحتى سنة 580 هـ= 1185 م وقد نظم الأمور وأحكمها في كل بلاد الأندلس وبلاد المغرب العربي، وكانت له أعمال جهادية ضخمة ضد النصارى، لكنه كان يعيبه شيء خطير وهو أنه كان متفرد الرأي لا يأخذ بالشورى، وهذا - بالطبع - كان من تعليم وتربية أبيه عبد المؤمن بن علي صاحب محمد بن تومرت كما ذكرنا.
كان لانفراد يوسف بن عبد المؤمن بن عليّ بالرأي سببا قويا في حدوث أخطاء كثيرة في دولته، كان آخرها ما حدث في موقعة له مع النصارى حول قلعة من قلاع البرتغال كان يقاتل فيها بنفسه، فقد قتل فيها ستة من النصارى، ثم طُعن بعد ذلك واستشهد رحمه الله في هذه الموقعة التي تُسمّى وقعة "شنترين" فمات قرب الجزيرة الخضراء في سنة 580 هـ= 1184 م.


العصر الذهبي لدولة الموحدين


بعد وفاة يوسف بن عبد المؤمن بن عليّ تولى من بعده ابنه يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن بن عليّ، وقد لُقب في التاريخ بالمنصور، وكان له ابن يُدعى يوسف فعُرف بأبي يوسف يعقوب المنصور الموحدي.
أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي (554 - 595 هـ= 1160 - 1199 م)
التعريف به:
قال عنه ابن خلكان في وفيات الأعيان: أبو يوسف يعقوب بن أبي يوسف بن أبي محمد عبد المؤمن بن علي، القيسي الكومي صاحب بلاد المغرب... كان صافي السمرة جداً، جميل الوجه أفوه أعين شديد الكحل ضخم الأعضاء جهوري الصوت جزل الألفاظ، من أصدق الناس لهجة وأحسنهم حديثاً وأكثرهم إصابة بالظن، مجرباً للأمور، ولي وزارة أبيه، فبحث عن الأحوال بحثاً شافياً وطالع مقاصد العمال والولاة وغيرهم مطالعة أفادته معرفة جزئيات الأمور ولما مات أبوه اجتمع رأي أشياخ الموحدين وبني عبد المؤمن على تقديمه فبايعوه وعقدوا له الولاية ودعوه أمير المؤمنين كأبيه وجده ولقبوه بالمنصور، فقام الأمر أحسن قيام، وهو الذي أظهر أبهة ملكهم ورفع راية الجهاد ونصب ميزان العدل وبسط أحكام الناس على حقيقة الشرع ونظر في أمور الدين والورع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأقام الحدود حتى في أهله وعشيرته الأقربين كما أقامها في سائر الناس أجمعين، فاستقامت الأحوال في أيامه وعظمت الفتوحات.
ولما مات أبوه كان معه في الصحبة، فباشر تدبير المملكة من هناك، وأول ما رتب قواعد بلاد الأندلس، فأصلح شأنها وقرر المقاتلين في مراكزها ومهد مصالحها في مدة شهرين. وأمر بقراءة البسملة في أول الفاتحة في الصلوات وأرسل بذلك إلى سائر بلاد الشام التي في مملكته. فأجاب قوم وامتنع آخرون...
وقد تولى أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي حكم دولة الموحدين خمس عشرة سنة متصلة، من سنة 580 هـ= 1184 م وحتى سنة 595 هـ= 1199 م وكان أقوى شخصيه في تاريخ دولة الموحدين، ومن أعظم الشخصيات في تاريخ المسلمين بصفة عامة، وقد عُدّ عصره في دولة الموحدين بالعصر الذهبي.
ونستطيع أن نتناول سيرته في الأندلس من خلال هذين العنصرين:


أولا: المنصور الموحدي الرجل الإنسان


مثل عبد الرحمن الداخل ومن قبله عبد الرحمن الناصر وغيرهم ممن فعلوا ما لم يفعله الشيوخ والكبار تولى أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي وكان عمره خمسا وعشرين سنة فقط، وقد قام بالأمر أحسن ما يكون القيام، وقد رفع راية الجهاد، ونصب ميزان العدل، ونظر في أمور الدين والوعظ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالتي هي أحسن.
واستطاع أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي أن يغير كثيرا من أسلوب السابقين له، فكان سمته الهدوء والسكينة والعدل والحلم، حتى إنه كان يقف ليقضي حاجة المرأة وحاجة الضعيف في قارعة الطريق، وكان يؤم الناس في الصلوات الخمس، وكان زاهدا يلبس الصوف الخشن من الثياب، وقد أقام الحدود حتى في أهله وعشيرته، فاستقامت الأحوال في البلاد وعظمت الفتوحات.
بلغت أعمال أبي يوسف يعقوب المنصور الموحدي الجليلة في دولته أوجها، حتى وصلت إلى أن حارب الخمور، وأحرق كتب الفلاسفة، واهتم بالطب والهندسة، وألغى المناظرات العقيمة التي كانت في أواخر عهد المرابطين وأوائل عهد الموحدين، وقد أسقط الديون عن الأفراد وزاد كثيرا في العطاء للعلماء، ومال هو إلى مذهب ابن حزم الظاهري لكنه لم يفرضه على الناس، بل إنه أحرق الكثير من كتب الفروع وأمر بالاعتماد على كتاب الله وعلى كتب السنة الصحيحة.
وفي دولته اهتم أيضا أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي بالعمران، وقد أنشأ مدينة الرباط وسمّاها رباط الفتح، وأقام المستشفيات وغرس فيها الأشجار، وخصّص الأموال الثابتة لكل مريض، وكان رحمه الله يعود المرضى بنفسه يوم الجمعة، وأيضا كان يجمع الزكاة بنفسه ويفرقها على أهلها، وكان كريما كثير الإنفاق حتى إنه وزّع في يوم عيد أكثر من سبعين ألف شاة على الفقراء.
المنصور الموحدي يتبرأ من أباطيل ابن تومرت
يُعدّ أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي أول من أعلن صراحة فساد أقوال محمد بن تومرت في فكرة العصمة والمهدية، وقال بأن هذا من الضلالات، وأنه ليس لأحد عصمة بعد الأنبياء، وكان مجلسه رحمه الله عامرا بالعلماء وأهل الخير والصالحين. وقد ذكر الذهبي رحمه الله في العبر أنه كان يجيد حفظ القرآن والحديث، ويتكلم في الفقه ويناظر، وكان فصيحا مهيبا، يرتدي زي الزهّاد والعلماء ومع ذلك عليه جلالة الملوك.
وعدم اعتراف المنصور الموحدي بأفكار ابن تومرت المخالفة للكتاب والسنة يجعله من أهل السنة والجماعة ومن الفئة الصالحة المصلحة التي يحقق الله بها النصر والتمكين لدينه والعزة والمنعة لأهله - تعالى - وقد أورد المراكشي ما يفيد براءة المنصور الموحدي من أفكار ابن تومرت الضالة جاء في "المعجب في تلخيص أخبار المغرب" عن "المراكشي" قوله: أخبرني الشيخ الصالح أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن مطرف المري ونحن بحجر الكعبة قال: قال لي أمير المؤمنين أبو يوسف يا أبا العباس اشهد لي بين يدي الله عز وجل أني لا أقول بالعصمة - يعني عصمة ابن تومرت - قال: وقال: لي يوماً وقد استأذنته في فعل شيء يفتقر إلى وجود الإمام: يا أبا العباس أين الإمام؟ أين الإمام؟.
ويقول أيضًا: أخبرني شيخ ممن لقيته من أهل مدينة جيان من جزيرة الأندلس يسمى أبا بكر بن هانئ مشهور البيت هناك لقيته وقد علت سنه فرويت عنه قال: لي لما رجع أمير المؤمنين - يعني المنصور الموحدي - من غزوة الأرك وهي التي أوقع فيها بالأدنفش وأصحابه خرجنا نتلقاه فقدمني أهل البلد لتكليمه فرفعت إليه فسألني عن أحوال البلد وأحوال قضاته وولاته وعماله على ما جرت عادته فلما فرغت من جوابه سألني كيف حالي في نفسي فتشكرت له ودعوت بطول بقائه ثم قال: لي ما قرأت من العلم قلت: قرأت تواليف الإمام أعني ابن تومرت فنظر إلي نظرة المغضب وقال: ما هكذا يقول: الطالب إنما حكمك أن تقول قرأت كتاب الله وقرأت شيئاً من السنة ثم بعد هذا قل ما شئت...
وقال عنه "المراكشي" في كتابه "المعجب في تلخيص أخبار المغرب": وكان في جميع أيامه وسيره مؤثراً للعدل متحرياً له بحسب طاقته وما يقتضيه إقليمه والأمة التي هو فيها كان في أول أمره أراد الجري على سنن الخلفاء الأول.
فمن ذلك أنه كان يتولى الإمامة بنفسه في الصلوات الخمس لم يزل على ذلك مستمراً أشهراً إلى أن أبطأ يوماً عن صلاة العصر إبطاء كاد وقتها يفوت وقعد الناس ينتظرونه فخرج عليهم فصلى ثم أوسعهم لوماً وتأنيباً وقال: ما أرى صلاتكم إلا لنا وإلا فما منعكم عن أن تقدموا رجلاً منكم فيصلي بكم أليس قد قدم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف حين دخل وقت الصلاة وهو غائب أما لكم بهم أسوة وهم الأئمة المتبعون والهداة المهتدون فكان ذلك سبباً لقطعه الإمامة.
وكان يقعد للناس عامة لا يحجب عنه أحد من صغير ولا كبير حتى اختصم إليه رجلان في نصف درهم فقضى بينهما وأمر الوزير أبا يحيى صاحب الشرطة أن يضربهما ضرباً خفيفاً تأديباً لهما وقال: لهما أما كان في البلد حكام قد نصبوا لمثل هذا فكان هذا أيضاً مما حمله على القعود في أيام مخصوصة لمسائل مخصوصة لا ينفذها غيره.
وكان قد أمر أن يدخل عليه أمناء الأسواق وأشياخ الحضر في كل شهر مرتين يسألهم عن أسواقهم وأسعارهم وحكامهم.
وكان إذا وفد عليه أهل بلد فأول ما يسألهم عن عمالهم وقضاتهم وولاتهم فإذا أثنوا خيراً قال: أعلموا أنكم مسؤولون عن هذه الشهادة يوم القيامة فلا يقولن امرؤ منكم إلا حقاً وربما تلا في بعض المجالس: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ] {النساء 135}.
كل هذه الصفات السابقة لأبي يوسف يعقوب المنصور الموحدي وهو ما زال شابًا بدأ الحكم وعمره خمس وعشرون سنة فقط.


ثانيا: المنصور الموحدي وبلاد الأندلس


إضافة إلى أعماله السابقة في دولة الموحدين بصفة عامة، فقد وطد أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي الأوضاع كثيرا في بلاد الأندلس، وقوى الثغور هناك، وكان يقاتل فيها بنفسه، وقد كانت أشد الممالك ضراوة عليه مملكة البرتغال ثم من بعدها مملكة قشتالة. وقد كان له في الأندلس ما يلي:
أولا: القضاء على ثورات بني غانية:
في سنة 585 هـ= 1189 م وفي جزر البليار من بلاد الأندلس قامت قبيلة بني غانية من أتباع المرابطين بثورة عارمة على الموحدين، وقد كان لهذه القبيلة ثورات من قبل على عبد المؤمن بن عليّ وابنه يوسف بن علي أيضا من بعده، فقاموا بثورة في جزر البليار وأخرى في تونس.
ما كان من أبي يوسف يعقوب المنصور إلا أن عاد من داخل بلاد الأندلس إلى جزر البليار فقمع ثورة بني غانية هناك، ثم رجع إلى تونس فقمع أيضا ثورتهم، وكان من جراء ذلك أن ضعفت كثيرا قوة الموحدين في الأندلس.
استغلّ ملك البرتغال انشغال أبي يوسف يعقوب المنصور بالقضاء على هذه الثورات واستغل الضعف الذي كان نتيجة طبيعية لذلك، واستعان بجيوش ألمانيا وإنجلترا البرية والبحرية، ثم حاصر أحد مدن المسلمين هناك واستطاع أن يحتلها ويخرج المسلمين منها، وقد فعل فيها من الموبقات ما فعل، ثم استطاع أن يواصل تقدمه إلى غرب مدينة أشبيليّة في جنوب الأندلس. وهنا يكون الوضع قد أضحى في غاية الخطورة.
وحول ثورات بني غانية. فقد كان مقبولًا منهم أن يقوموا بثورات على السابقين من حكام الموحدين قبل أبي يوسف يعقوب المنصور بحجة أفكارهم الضالة التي خرجت عن منهج الله سبحانه وتعالى، لكن السؤال هو لماذا الثورة على هذا الرجل الذي أعاد للشرع هيبته من جديد، والذي أقام الإسلام كما ينبغي أن يقام، والذي أعاد القرآن والسنة إلى مكانهما الصحيح؟!
كان من الواجب على بني غانية أن يضعوا أيديهم في يد أبي يوسف يعقوب المنصور الموحدي رحمه الله ويضموا قوتهم إلى قوته ليحاربوا العدو الرئيس الرابض والمتربص لهم، والمتمثل في دول الشمال الأندلسي، سواء أكانت دول قشتالة أو البرتغال أو الممالك الأخرى، لكن هذا لم يحدث، فأدت هذه الثورات الداخلية إلى ضعف قوة الموحدين في بلاد الأندلس، وإلى هذا الانهيار المتدرج في هذه المنطقة.

ثانيا: المواجهات مع النصارى واستعادة السيطرة:


بعد القضاء على ثورات بني غانية أخذ أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي يفكر في كيفية إعادة الوضع إلى ما كان عليه، ووقف أطماع النصارى في بلاد الأندلس.
علم أولا أن أشد قوتين عليه هما قوة قشتالة وقوة البرتغال، لكنه رأى أن قوة البرتغال أشد وأعنف من سابقتها، فقام بعقد اتفاقيه مع قشتالة عاهدهم فيها على الهدنة وعدم القتال مدة عشر سنوات.
اتجه أبو يوسف يعقوب المنصور بعد ذلك إلى منطقة البرتغال، وهناك حاربهم حروبا شديدة وانتصر عليهم في أكثر من مرة، واستطاع أن يحرر المنطقة بكاملها ويسترد إلى أملاك المسلمين من جديد ما كان قد فقد هناك.
وقبل أن يكتمل له تحرير تلك المنطقة نقض ملك قشتاله العهد الذي كان قد أبرمه معه، وعليه فقد بدأ يعيث تهجما وفسادا على أراضي المسلمين، ثم بعث ألفونسو الثامن- ملك قشتالة في ذلك الوقت، وهو من أحفاد ألفونسو السادس الذي هُزم في موقعة الزلاّقة الشهيرة - بعث برسالة إلى أبي يوسف يعقوب المنصور الموحدي يهين فيها المسلمين ويهدده ويتوعده.



رسالة ألفونسو التي أثارت حميّة المسلمين


كتب ألفونسو الثامن ملك قشتالة إلى سلطان الموحدين "المنصور الموحدي" كتابًا يشابه الكتاب الذي أرسله ألفونسو السادس إلى يوسف بن تاشفين، يدعوه إلى القتال وهذا نص خطابه - كما أورده ابن خلكان في وفيات الأعيان -: باسمك اللهم فاطر السموات والأرض، وصلى الله على السيد المسيح روح الله وكلمته الرسول الفصيح، أما بعد فإنه لا يخفى على ذي ذهن ثاقب ولا ذي عقل لازب، أنك أمير الملة الحنيفية كما أني أمير الملة النصرانية، وقد علمت الآن ما عليه رؤساء أهل الأندلس من التخاذل والتواكل وإهمال الرعية، وإخلادهم إلى الراحة، وأنا أسومهم بحكم القهر وجلاء الديار وأسبي الذراري وأمثل بالرجال، ولا عذر لك في التخلف عن نصرهم إذا أمكنتك يد القدرة، وأنتم تزعمون أن الله تعالى فرض عليكم قتال عشرة منا بواحد منكم، فالآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً، ونحن الآن نقاتل عشرة منكم بواحد منا لا تستطيعون دفاعاً ولا تملكون امتناعاً، وقد حكي لي عنك أنك أخذت في الاحتفال وأشرفت على ربوة القتال، وتماطل نفسك عاماً بعد عام، تقدم رجلاً وتؤخر أخرى، فلا أدري أكان الجبن أبطأ بك أم التكذيب بما وعد ربك، ثم قيل لي إنك لا تجد إلى جواز البحر سبيلاً لعلةٍ لا يسوغ لك التقحم معها، وها أنا أقول لك ما فيه الراحة لك وأعتذر لك وعنك، على أن تفي بالعهود والمواثيق والاستكثار من الرهان، وترسل إليّ جملة من عبيدك بالمراكب والشواني والطرائد والمسطحات، وأجوز بجملتي إليك، وأقاتلك في أعز الأماكن لديك، فإن كانت لك فغنيمة كبيرة جلبت إليك وهدية عظيمة مثلت بين يديك، وإن كانت لي كانت يدي العليا عليك، واستحقيت إمارة الملتين والحكم على البرين، والله تعالى يوفق للسعادة ويسهل الإرادة، لارب غيره ولا خير إلا خيره، إن شاء الله تعالى.
فلما وصل كتابه إلى الأمير يعقوب مزّقه وكتب على ظهر قطعة منه: [ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ] {النمل: 37} الجواب ما ترى لا ما تسمع.
وعلى الفور أعلن الجهاد والاستنفار العام في كل ربوع المغرب والصحراء، وأمر بنشر ما جاء في كتاب ألفونسو الثامن ليحمس الناس ويزيد من تشويقهم للجهاد.
قبل هذا الوقت بسنوات قلائل كان المسلمون في كل مكان يعيشون نشوة النصر الكبير الذي حققه صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين في موقعة حطين الخالدة في سنة 583 هـ= 1187 م أي قبل هذه الأحداث بسبع سنوات فقط، وما زال المسلمون في المغرب يعيشون هذا الحدث الإسلامي الكبير ويتمنون ويريدون أن يكرروا ما حدث في المشرق، خاصة بعد أن قام أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي بتحفيزهم في الخروج إلى الجهاد، فتنافسوا في ذلك [وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ] {المطَّففين:26}.
(( دوّت صيحة الجهاد في جميع أنحاء المغرب، من مدينة "سلا" على المحيط الأطلسي، حتى "برقة" شرقًا على حدود مصر، ضد الذين غدوا خطرًا على الإسلام...
لقد هرع الرجال والشباب والشيوخ وسكان الهضاب والصحارى والشواطيءفي جميع أنحاء المغرب إلى الانضمام إلى ألوية الجهاد في الأندلس، وأخذ الخطر الداهم ينذر الغرب في الوقت الذي حاول فيه النصارى أن يرفعوا الصليب في الشرق...)) الأرك - شوقي أبو خليل
بدأ هذا الاستنفار في سنة 590 هـ= 1194 م وبعدها بعام واحد وفي سنة 591 هـ=1195 م انطلقت الجيوش الإسلامية من المغرب العربي والصحراء وعبرت مضيق جبل طارق إلى بلاد الأندلس لتلتقي مع قوات الصليبيين الرابضة هناك في موقعة ما برح التاريخ يذكرها ويجلّها.



موقعة الأرك الخالدة


"الأرك": حصن على بعد عشرين كم إلى الشمال الغربي من قلعة رباح، على أحد فروع نهر وادي آنة، غرب المدينة الاسبانية الحديثة giadad real "المدينة الملكية". والأرك هي نقطة الحدود بين قشتالة والأندلس في حينه. الأرك - شوقي أبو خليل
في التاسع من شهر شعبان لسنة سنة 591 هـ=1195 م وعند هذا الحصن الكبير الذي يقع في جنوب "طليطلة" على الحدود بين قشتالة ودولة الأندلس في ذلك الوقت التقت الجيوش الإسلامية مع جيوش النصارى هناك.
أعد "ألفونسو الثامن" جيشه بعد أن استعان بمملكتي "ليون ونافار"، وبجيوش ألمانيا وإنجلترا وهولندا.. في قوة يبلغ قوامها خمسة وعشرين ألفا ومائتي ألف نصراني، وقد أحضروا معهم بعض جماعات اليهود لشراء أسرى المسلمين بعد انتهاء المعركة لصالحهم، ليتم بيعهم بعد ذلك في أوروبا.
وعلى الجانب الآخر فقد أعدّ أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي جيشا كبيرًا، بلغ قوامه مائتي ألف مسلم من جراء تلك الحمية التي كانت في قلوب أهل المغرب العربي وأهل الأندلس على السواء، خاصة بعد انتصارات المسلمين في حطين (583 هـ= 1187 م ) في الشرق...
البدايات وأمور جديدة على الموحدين
في منطقة "الأرك" وفي أول عمل له عقد أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي مجلسًا استشاريًا يستوضح فيه الآراء والخطط المقترحة في هذا الشأن، وقد كان هذا على غير نسق كل القادة الموحدين السابقين له والذين غلب عليهم التفرد في الرأي، فنهج منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الأمر.
وفي هذا المجلس الاستشاري استرشد أبو يوسف يعقوب المنصور بكل الآراء، حتى إنه استعان برأي أبي عبد الله بن صناديد في وضع خطة الحرب، وهو زعيم الأندلسيين وليس من قبائل المغرب البربرية، وكان هذا أيضًا أمرًا جديدًا على دولة الموحدين التي كانت تعتمد فقط على جيوش المغرب العربي، فضم أبو يوسف يعقوب المنصور قوة الأندلسيين إلى قوة المغاربة وقوة البربر القادمين من الصحراء.

الاستعداد ووضع الخطط


في خُطة شبيهة جدًا بخطة موقعة الزلاقة قسم أبو يوسف يعقوب المنصور الجيش إلى نصفين، فجعل جزءا في المقدمة وأخفى الآخر خلف التلال وكان هو على رأسه، ثم اختار أميرا عاما للجيش هو كبير وزرائه أبو يحيى بن أبي حفص، وقد ولى قيادة الأندلسيين لأبي عبد الله بن صناديد؛ وذلك حتى لا يوغر صدور الأندلسيين وتضعف حماستهم حين يتولى عليهم مغربي أو بربري.
وإتمامًا لهذه الخطة فقد جعل الجزء الأول من الجيش النظامي الموحدي ومن الأندلسيين، وقد قسمه إلى ميمنه من الأندلسيين وقلب من الموحدين وميسرة من العرب، ثم جعل من خلفهم مجموعة المتطوعين غير النظاميين، الذين ليست لهم كفاءة عالية في القتال.
وهو يريد بذلك أن تتلقى الجيوش النظامية التي في المقدمة الصدمة والضربة الأولى من قوات الصليبيين فيصدونهم صدا يليق بتدريباتهم؛ مما يوقع الرهبة في قلوب الصليبيين ويرفع من معنويات الجيش الإسلامي، أما المتطوعين غير النظاميين الذين ليست لهم كفاءة عالية في القتال فوضعهم من وراء المقدمة حتى لا يُكسروا أول الأمر، ومكث هو - كما ذكرنا - في المجموعة الأخيرة خلف التلال.
راح بعد ذلك أبو يوسف يعقوب المنصور يوزع الخطباء على أطراف الجيش يحمسونه على الجهاد، وعند اكتمال الحشد وانتهاء الاستعداد للقتال أرسل الأمير الموحدي رسالة إلى كل المسلمين يقول فيها: إن الأمير يقول لكم اغفروا له فإن هذا موضع غفران، وتغافروا فيما بينكم، وطيبوا نفوسكم، وأخلصوا لله نياتكم. فبكى الناس جميعهم، وأعظموا ما سمعوه من أميرهم المؤمن المخلص، وعلموا أنه موقف وداع، وفي موقف مهيب التقى المسلمون مع بعضهم البعض وعانقوا بعضهم بعضًا، وقد ودّعوا الدنيا وأقبلوا على الآخرة.



اللقاء المرتقب


في تلك الموقعة كان موقع النصارى في أعلى تل كبير، وكان على المسلمين أن يقاتلوا من أسفل ذلك التل، لكن ذلك لم يرد المسلمين عن القتال.
وقد بدأ اللقاء ونزل القشتاليون كالسيل الجارف المندفع من أقصى ارتفاع، فهبطوا من مراكزهم كالليل الدامس وكالبحر الزاخر، أسرابا تتلوها أسراب، وأفواجا تعقبها أفواج، وكانت الصدمة كبيرة جدا على المسلمين، فقد وقع منهم الكثير في تعداد الشهداء، ثم ثبتوا بعض الشيء ثم تراجعوا، وحين رأى المنصور ذلك نزل بنفسه ودون جيشه، وفي شجاعة نادرة قام يمر على كل الفرق مناديا بأعلى صوته في كل الصفوف: جددوا نياتكم وأحضروا قلوبكم. ثم عاد رحمه الله إلى مكانه من جديد.
استطاع المسلمون بعدها أن يردّوا النصارى في هذا الهجوم، ثم ما لبث النصارى أن قاموا بهجوم آخر، وكان كسابقه، انكسار للمسلمين ثم ثبات من جديد وردّ للهجوم للمرة الثانية، ثم كان الهجوم الثالث للنصارى وكان شرسا ومركزا على القلب من الموحدين، فسقط آلاف من المسلمين شهداء، واستشهد القائد العام للجيش أبو يحيى بن أبي حفص.
وهنا ظن النّصارى أن الدائرة قد دارت على المسلمين وأن المعركة قد باتت لصالحهم، فنزل ملك قشتالة إلى الموقعة يحوطه عشرة آلاف فارس، عندئذ كانت قد تحركت ميمنة المسلمين من الأندلسيين وهجمت على قلب الجيش القشتالي مستغلة ضعفه في تقدم الفرسان القشتاليين نحو الموحدين في القلب، وهجمت بشدة على النصارى ، واستطاعت حصار العشرة آلاف الذين يحوطون ألفونسو الثامن.
حدث لذلك اضطراب كبير داخل صفوف الجيش القشتالي، واستمرت الموقعة طويلا، وقد ارتفعت ألسنة الغبار الكثيف، وأصبح لا يسمع إلا صوت الحديد وقرع الطبول وصيحات التكبير من جيش المؤمنين، وبدأت الدائرة تدريجيا تدور على النصارى، فالتفوا حول ملكهم وقد تزعزت قلوبهم.
وهنا وحين رأى ذلك أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي أمرَ جيشه الكامن خلف التلال بالتحرك، وقد انطلق معهم وفي مقدمة جيشه علم دولة الموحدين الأبيض، وقد نقش عليه: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، لا غالب إلا الله.
ارتفعت بذلك معنويات الجيش الإسلامي كثيرًا، وقد أسلم النصارى رقابهم لسيوف المسلمين فأعملوها فيهم قتلًا وتشريدًا، وانتصر المسلمون انتصارًا باهرًا في ذلك اليوم الموافق التاسع من شهر شعبان لسنة 591 هـ= من الهجرة، وأصبح "يوم الأرك" من أيام الإسلام المشهودة، قالوا عنه: مثل الزلّاقة،
وقالوا عنه: بل فاق الزلاقة.
وقد هرب "ألفونسو الثامن" في فرقة من جنوده إلى "طليطلة"، وطارت أخبار النصر في كل مكان، ودوت أخبار ذلك الانتصار العظيم على منابر المسلمين في أطراف دولة الموحدين الشاسعة، بل وصلت هذه الأخبار إلى المشرق الاسلامي، وكانت سعادة لا توصف، خاصة وأنها بعد ثمانية أعوام فقط من انتصار حطيّن العظيم.
قال "المقرّي" في "نفح الطيب": وكان عدّة من قتل من الفرنج - فيما قيل - مائة ألف وستّة وأربعين ألفاً، وعدّة الأسارى ثلاثين ألفاّ، وعدّة الخيام مائة ألف وستّة وخمسين ألف خيمة ، والخيل ثماني ألفاً، والبغال مائة ألف، والحمير أربعمائة ألف، جاء بها الكفّر لحمل أثقالهم لأنّهم لا إبل لهم، وأمّا الجواهر والأموال فلا تحصى، وبيع الأسير بدرهم، والسيف بنصف درهم، والفرس بخمسة دراهم، والحمار بدرهم، وقسم يعقوب الغنائم بين المسلمين بمقتضى الشرع، ونجا الفنش ملك النصارى إلى طليطلة في أسوأ حال، فحلق رأسه ولحيته، ونكس صليبه، وآلى أن لا ينام على فراش، ولا يقرب النساء،ولا يركب فرساً ولا دابة، حتى يأخذ بالثأر، وصار يجمع من الجزائر والبلاد البعيدة ويستعدّ، ثم لقيه يعقوب وهزمه وساق خلفه إلى طليطلة وحاصره ورمى عليها بالمجانيق وضيّق عليها، ولم يبق مدينة إلا فتحها، فخرجت إليه والدة الأذفونش وبناته ونساؤه وبكين بين يديه، وسألنه إبقاء البلد عليهن، فرقّ لهن ومنّ عليهن بها، ووهب لهن من الأموال والجواهر ما جلّ،وردّهنّ مكرماتٍ، وعفا بعد القدرة، وعاد إلى قرطبة، فأقام شهراً يقسم الغنائم...


نتائج انتصار الأرك


تمخض عن انتصار الأرك الكبير آثار ونتائج عظيمة، أهمّها ما يلي:
أولًا: الهزيمة الساحقة لقوات النصارى
كان من أهم آثار انتصار الأرك تبدد جيش النصارى بين القتل والأسر، فقد قتل منهم في اليوم الأول فقط - على أقل تقدير - ثلاثون ألفا، وقد جاء في نفح الطيب للمقرّي، وفي وفيات الأعيان لابن خلّكان أن عدد قتلى النصارى وصل إلى ستة وأربعين ألف ومائة ألف قتيل من أصل خمسة وعشرين ألفا ومائتي ألف مقاتل، وكان عدد الأسرى بين عشرين وثلاثين ألف أسير، وقد منّ عليهم المنصور بغير فداء؛ إظهارا لعظمة الإسلام ورأفته بهم، و عدم اكتراثه بقوة النصارى.
ثانيا: النصر المادي:
رغم الكسب المادي الكبير جدا، إلا أنه كان أقل النتائج المترتبة على انتصار المسلمين في موقعة الأرك، فقد حصد المسلمون من الغنائم ما لا يحصى، وقد بلغت - كما جاء في نفح الطيب - ثمانين ألفا من الخيول، ومائة ألف من البغال، وما لا يحصى من الخيام.
وقد وزع المنصور رحمه الله هذه الأموال الضخمة وهذه الغنائم كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فوزع على الجيش أربعة أخماسها، واستغل الخمس الباقي في بناء مسجد جامع كبير في أشبيلية؛ تخليدا لذكرى الأرك، وقد أنشأ له مئذنة سامقة يبلغ طولها مائتي متر، وكانت من أعظم المآذن في الأندلس في ذلك الوقت، إلا أنها - وسبحان الله - حين سقطت أشبيليّه بعد ذلك في أيدي النصارى تحولت هذه المئذنة والتي كانت رمزا للسيادة الإسلامية إلى برج نواقيس للكنيسة التي حلت مكان المسجد الجامع، وهي موجودة إلى الآن، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ثالثا: النصر المعنوي:
كان من نتائج موقعة الأرك أيضا ذلك النصر المعنوي الكبير الذي ملأ قلوب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، فقد ارتفع نجم دولة الموحدين كثيرا، وارتفعت معنويات الأندلسيين وهانت عليهم قوة النصارى، وارتفعت أيضا معنويات المسلمين في كل بلاد العالم الإسلامي حتى راحوا يعتقون الرقاب ويخرجون الصدقات فرحا بهذا الانتصار.
وكان من جراء ذلك أيضا أن استمرت حركة الفتوح الإسلامية، واستطاع المسلمون فتح بعض الحصون الأخرى، وضموا الشمال الشرقي من جديد إلى أملاك المسلمين كما كان في عهد المرابطين، وحاصروا طليطلة سنوات عديدة إلا أنها - كما ذكرنا من قبل - كانت من أحصن المدن الأندلسية فلم يستطيعوا فتحها.
وارتفعت معنويات الموحدين كثيرا حتى فكروا بجدية في ضم كل بلاد المسلمين تحت راية واحدة، خاصة وأن المعاصر لأبي يوسف يعقوب المنصور في المشرق هو صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، لكن لم يرد الله سبحانه وتعالى لهذا الأمر أن يتم، حيث وافت أبا يوسف يعقوب المنصور الموحدي المنية قبل أن يكتمل حلمه هذا.
رابعا: صراعات شتى بين ممالك النصارى:
نتيجة لموقعة الأرك أيضا حدثت صراعات شتى بين ليون ونافار من ناحية وبين قشتالة من ناحية أخرى.. فقد ألقى عليهم ألفونسو الثامن (ملك قشتالة) مسؤلية الهزيمة، وكان من نتائج ذلك أيضا أن وقعت لهم الهزيمة النفسية. وترتب على هذا أيضا أن أتت السفارات من بلاد أوروبا تطلب العهد والمصالحة مع المنصور الموحدي رحمه الله والتي كان من أشهرها سفارة إنجلترا، تلك التي جاءت المنصور الموحدي في أواخر أيامه.
خامسا: معاهدة جديدة بين قشتالة والمسلمين:
أيضا كان من نتائج موقعة الأرك أن تمت معاهدة جديدة بين قشتالة و المسلمين على الهدنة ووقف القتال مدة عشر سنوات، بداية من سنة 595 هـ= 1199 م وحتى سنة 605 هـ= 1208 م أراد المنصور أن يرتب فيها الأمور من جديد في بلاد الموحدين.
وقبل أن نفارق هذا القائد العظيم يحسن بنا أن نلقي نظرة على سياسته العامة في الحروب....يقول الدكتور علي الصلابي في كتابه "إعلام أهل العلم والدين بأحوال دولة الموحدين" تحت عنوان:
((سياسة أبي يوسف يعقوب المنصور في الحروب:
تعتبر السنوات الخمس عشر التي حكمها أبو يوسف يعقوب المنصور ثالث الخلفاء الموحدين، العصر الذهبي للدولة الموحدية والذروة التي وصل إليها التطور السياسي في المغرب نحو التوحيد وإقامة الدولة الموحدية.
ولقد كان العصر الذهبي قصيرًا لا يتناسب مع دولة ضخمة مترامية الأطراف غزيرة الثروة والموارد مثل دولة الموحدين، فإن خلفاء الموحدين حكموا بلادًا تضاهي ما حكمه العباسيون في أوج قوتهم وكان تحت إمارتهم حشود من الجند القوي القادر على كسب المعارك لم تتيسر للكثير من الدول في التاريخ الإسلام، فقد كانت جيوش الموحدين تعج بحشود من أبناء القبائل المغربية من المصامدة أولًا، ثم من بقية الصنهاجيين والزناتيين ممن اجتذبتهم الدولة الموحدية بقوتها وهيبتها، ثم أضيفت إلى هؤلاء حشود من العرب الهلاليين الذين انضووا تحت لواء الدولة الكبيرة، ولم يخل الأمر منه قوات أندلسية ذات قدرة ومهارة.
ورغم وجود هذه القوات إلا أن هذه القوة العسكرية الموحدية كانت دائمًا مفككة، تتقصها القيادة الحازمة التي تقبض على الجيش قبضة محكمة، وتوجه الأعمال وفق خطة واحدة مرسومة، وكان أبو يوسف يعقوب المنصور من زعماء الموحدين القلائل الذين استطاعوا قيادة جيوشهم قيادة سللايمة حكيمة، وكان الرجل في نفسه كذلك رجلًا حازمًا موهوبًا في شئون الإدارة والقيادة، وكان شديد الإيمان فانتقل إيمانه إلى رجاله وكسبت جيوش الموحدين في أيامه قوة ضاربة كبرى.)) أ. هـ الصلابي نقلًا عن مصادر متنوعة


وفاة المنصور الموحدي وبداية النهاية لدولة الموحدين


في نفس العام الذي تمت فيه الهدنة بين قشتالة وبين المسلمين، وفي سنة 595 هـ= 1199 م يلقى المنصور الموحدي ربه عن عمر لم يتعدى الأربعين سنة، تم له فيه حكم دولة الموحدين خمس عشرة سنة، منذ سنة 580 هـ= 1185م وحتى وفاته في سنة 595 هـ= 1199 م.
ومن بعده يتولى ابنه الناصر لدين الله أبو محمد عبد الله، وعمره آنذاك ثمان عشرة سنة فقط، ورغم أن صغر السن ليس به ما يشوبه في ولاية الحكم، خاصة وقد رأينا من ذلك الكثير، إلا أن الناصر لدين الله لم يكن على شاكلة أبيه في أمور القيادة.
كان المنصور الموحدي قد استخلف ابنه الناصر لدين الله قبل وفاته على أمل أن يمد الله في عمره فيستطيع الناصر لدين الله أن يكتسب من الخبرات ما يؤهله لأن يصبح بعد ذلك قائدا فذا على شاكلة أبيه، لكن الموت المفاجئ للمنصور الموحدي عن عمر لم يتجاوز الأربعين عاما بعد كان أن وضع الناصر لدين الله على رئاسة البلاد، وهو لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره. وقد كان من الواجب على الموحدين أن ينتخبوا من بينهم ومن حين الوفاة من يصلح للقيادة بدلا منه.


الناصر لدين الله وعقبات في الطريق


كان الناصر لدين الله شابا طموحا قويا مجاهدا لكنه لم يكن في كفاءة أبيه، وفضلا عن هذا فقد كانت البلاد محاطة بالأعداء من كل جانب، و النصارى بعد لم ينسوا هزيمتهم في موقعة الأرك التي كانت قبل سنوات قلائل، ويريدون أن يعيدوا الكرة من جديد على بلاد المسلمين، وفوق ذلك فبعد وفاة المنصور الموحدي قامت من جديد ثورات بني غانية المؤيدة لدولة المرابطين السابقة.
وقطعا - كما ذكرنا قبل ذلك - ما كان يجوز لبني غانية أن يثوروا وينقلبوا على الناصر لدين الله، إلا إن ذلك هو عين ما حدث، فبدأت الخلخلة والاضطرابات تتزايد داخل الدولة الاسلاميّة الكبيرة.
وفي سبيل استعادة الوضع إلى ما كان عليه وجّه الناصر لدين الله جلّ طاقته للقضاء على ثورات بني غانية داخل دولة الموحدين، فخاض معهم معارك وحروب كثيرة، حتى استطاع نهاية الأمر إخمادها تماما، وذلك في 604 هـ= 1207 م أي أنها استمرت تسع سنوات كاملة منذ بداية حكمه وحتى ذلك التاريخ.
ألفونسو الثامن واستغلال الوضع الراهن
في هذه الأثناء التي كان يسعى فيها الناصر لدين الله للقضاء على ثورات بني غانية، كان قد تجدد الأمل عند ألفونسو الثامن، فعمل على تجهيز العدة لرد الاعتبار، وأقسم على ألا يقرب النساء ولا يركب فرسا ولا بغلا، وأن ينكس الصليب حتى يأخذ بثأره من المسلمين، فأخذ يعد العدة ويجهز الجيوش ويعقد الأحلاف ويعد الحصون تمهيدا لحرب جديدة معهم.
وقبل انتهاء الهدنة ومخالفة للمعاهدة التي كان قد عقدها مع المنصور الموحدي قبل موته هجم ألفونسو الثامن على بلاد المسلمين، فنهب القرى وأحرق الزروع، وقتل العُزّل من المسلمين، وكانت هذه بداية حرب جديدة ضد المسلمين.
دولة الموحدين وعيوب خطيرة في مواجهة النصارى

إضافة إلى ضعف كفاءة القيادة في دولة الموحدين المتمثلة في الناصر لدين الله، والتي لم تكن بكفاءة السابقين، فقد كان ثمة عيب خطير آخر في القيادة كان متأصلا في أجداده من قبله، وهو اعتداد الناصر لدين الله برأيه ومخالفته أمر الشورى، ذلك العيب الذي تفاداه أبوه من قبله، فأفلح وساد وتمكن ونصره الله سبحانه وتعالى، وفوق هذا وذاك فكان المسلمون قد أنهكوا في رد الثورات المتتالية لبني غانية داخل دولة الموحدين.
وزاد من ذلك أمر آخر كان في غاية الخطورة، وهو أن الناصر لدين الله كان قد استعان ببطانة سوء ووزير ذميم الخلُق يدعى أبا سعيد بن جامع، والذي شكّ كثير من المؤرخين في نياته، وشك كثير من الأندلسيين والمغاربة المعاصريين له في اقتراحاته.
ورغم أن هذا الوزير كان من أصل أسباني فإن كثيرا من الناس قالوا بأنه كان على اتصالات مع النصارى، والتي أدّت بعد ذلك إلى أمور خطيرة في دولة الموحدين، ومع كل هذا فقد كان هو الرجل الوحيد الذي يأمن له الناصر لدين الله ويستعين بآرائه، ضاربا عرض الحائط كل آراء أشياخ الموحدين وقادة الأندلسيين في ذلك الوقت.
النصارى والتعبئة العامة
على الجانب الآخر من أحداث دولة الموحدين فقد كانت هناك تعبئة روحية عالية في جيش النصارى يقودها البابا في روما بنفسه، وقد أعلنوها حربا صليبية وراحوا يضفون عليها ألوانا من القداسة، وقد رفعوا صور المسيح، وصرح البابا بأن من يشارك في هذه الحرب سيمنح صكوك الغفران، تماما كما حدث في موقعة الزلاّقة.
أتبع ذلك استنفار عام في كل أنحاء أوروبا، اشتركت فيه معظم الدول الأوروبية حتى وصل إلى القسطنطينية في شرق أوروبا وبعيدا جدا عن بلاد الأندلس، وقد تولت فرنسا مهمة الإنفاق على الجيوش بالإضافة إلى إمداد الجيش القشتالي بالرجال، وكانت فرنسا يهمها كثيرا هزيمة المسلمين لكونها البلاد التالية لبلاد الأندلس، فإن قامت لدولة الموحدين دولة قوية فحتما ستكون الدائرة عليها في المرحلة التالية.
وقد زاد الأمر تعقيدا إرسال البابا رسالة إلى مملكة نافار - وكانت قد وقعت معاهدة مع المنصور الموحدي قبل وفاته - يحضها فيها على نبذ المعاهدة التي مع الموحدين، وعلى استعادة العلاقة مع القشتاليين، وكان القشتاليون - كما ذكرنا - قد اختلفوا مع مملكة ليون ونافار بعد هزيمة الأرك، لكن البابا الآن يريد منهم التوحد في مواجهة الصف المسلم، فخاطبه بنقض عهده مع المسلمين ومحالفة ملك قشتالة، فما كان من ملك نافار إلا أن أبدى السمع والطاعة.
تكون دول أوروبا بذلك قد توحدت، وبلغ عدد جيوشها مائتي ألف نصراني يتقدمهم الملوك والرهبان نحو موقعة فصل بينهم وبين المسلمين.



جيش الموحدين وطريقه نحو العقاب


في مقابل جيوش النصارى تلك كان الناصر لدين الله قد أعلن الجهاد وجمع المجاهدين من بلاد المغرب العربي والأندلس في عدد قد بلغ خمسمائة ألف مقاتل، أي أنه أكثر من ضعف جيوش النصارى مجتمعة، كانت أقل الروايات قد ذكرت أن عدد المسلمين قد بلغ ستين ألفا ومائتي ألف، وكانت هي نفسها التي ذكرت أن عدد النصارى لم يتجاوز ستين ألفا ومائة ألف، فكان جيش المسلمين في كل الأحيان يزيد على جيش النصارى أكثر من مرة ونصف أو مرتين على الأقل.
انطلق الناصر لدين الله بجيشه من بلاد المغرب وعبر مضيق جبل طارق، ثم توجّه إلى منطقة عُرفت باسم العِقَاب - وذلك لوجود قصر قديم كان يحمل هذا الاسم في تلك المنطقة -وهي تلك المنطقة التي دارت فيها الموقعة، وقد كانت- وسبحان الله - اسما على مسمى، فكانت بحق عقابا للمسلمين على مخالفات كثيرة، ظهر بعضها سابقا وسيظهر الباقي تباعا.
دخل الناصر لدين الله أرض الأندلس بهذا العدد الكثيف من المسلمين، وفي أول عمل له حاصر قلعة سَالْبَطْرَة، وكانت قلعة كبيرة وحصينة جدا وبها عدد قليل من النصارى، وكانت تقع في الجبل جنوب طليطلة، لكن حصانة القلعة أعجز المسلمين عن فتحها، وكان أن اجتمع قادة الأندلسيين وقادة الموحدين وأشاروا على الناصر لدين الله بأن يترك حامية عليها ثم يدعها ويتجه إلى جيش النصارى في الشمال؛ وذلك خوفا من إنهاك قوتهم فيما لا طائل من ورائه، لكن الناصر لدين الله رفض هذا الأمر واستمع لرأي وزيره الذي رأى أنه لا يجب أن تُجوّز هذه القلعة، فظل يحاصرها طيلة ثمانية أشهر كاملة


المراجع
:

1-علي الصلابي في كتاب "إعلام أهل العلم والدين بأحوال دولة الموحدين..
2-نفح الطيب –المقري
3-"المعجب في تلخيص أخبار المغرب" عبد الواح المراكشي.
4- كتاب الاعلام –الزركلي ...
5--الانيس المطرب –ابن ابي زرع...
وفيات الاعيان---ابن خلكان ..
سهاد..............
 
رد: المواحدون تاريخ مغرب عظيم

جزائري أو مغربي فهم على سكة واحدة
oncfmaroclocomotives-18770.jpg
 
رد: المواحدون تاريخ مغرب عظيم

- رغم الأسس الباطلة التي قامت عليها دولة الموحدين ، إلا أنها كانت آخر كيان سياسي وحد أبناء الشمال الإفريقي و الأندلس و كانت رأس حربة الجهاد ضد صليبيي اسبانيا و البرتغال تماما كما كانت دولة الأيوبيين تجاهد الفرنج في المشرق. ( الناصر صلاح الدين كان معاصرا للسلطان المنصور و نصر الآرك وقع بعد نصر حطين بقليل)
- الأسس الباطلة للدعوة الموحدية تمثلت في العقيدة المنحرفة التي حملها ابن تومرت أو المهدي كما ادعى لنفسه ، شاب امازيغي قام برحلة طويلة إلى المشرق لطلب العلم و تتلمذ على يد علماء أجلاء من أهل السنة و الجماعة كما اطلع على أفكار متنوعة من شتى المذاهب و في طريقه إلى موطنه ببلاد السوس في المغرب الأقصى ، ظهر عليه أول الأمر ملامح الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بطريقة عنيفة مما عرضه للإضطهاد و قد كان يفحم مناظريه لما يملكه من علم غزير و باع طويل في علم الكلام بخلاف المنهج الأشعري الذي ساد مع الدولة المرابطية المجاهدة ، و الشيء الذي ساهم في تدعيم مواقف ابن تومرت ( الفقيه السوسي كما كان يوصف) هو الجمود الخطير الذي غلب على العلماء في عهد علي بن يوسف بن تاشفين ، مما جعلهم مثلا يغرقون في تفاصيل الفروع و تكفير المتكلمين ( الإمام الغزالي مثلا حوربت أفكاره بشدة و حرقت نسخ من كتاب الإحياء علما أن ابن تومرت تأثر به في رحلة طلب العلم) ، ابن تومرت أيضا ساعده بعض الظواهر الغريبة المنتشرة حتى في مراكش عاصمة المرابطين (مثل انتشار الخمور و بيعها علنا و كذلك سفور النساء ) عندها تصدى بشدة لتلك المخالفات مما عرضه للسجن ثم الإبعاد رغم معارضة قاضي القضاة الذي نصح الأمير علي بن يوسف بقتله.
- ابن تومرت الذي تحصن في جبال تينملل موطن قبيلته هرغة رفقة رفيق دعوته عبد المؤمن بن علي الكومي الندرومي ثم شرع يدعو إلى تكفير المرابطين بدعوى التجسيم ( لتمسك الفقهاء بالمنهج الأشعري و رفضهم التأويل على طريقة أهل الكلام) و هنا بدأ الإنحراف في فكر ابن تومرت لما سار في منهج التكفير بسبب الشبهة ، و قد كان بإمكانه تبني حركة إصلاحية تحت كنف المرابطين لو كان داعية حق ثم ظهر الجنون بعينه لما ابتدع نسبا علويا شريفا و إدعى أنه المهدي المنتظر و أنه إمام معصوم ( يبدو أنه تأثر بأفكار الروافض كما فعل جميع الكذابين المهدويين عبر التاريخ ) ثم سار على ضلالته الكثير من السذج و شرع في شن حرب إبادة معتمدا على قوة القبائل الأمازيغية مرتكبا مجازر مروعة إلى أن قتل في أحد المعارك و تولى عبد المؤمن بن علي قيادة الموحدين. ( كما سمى ابن تومرت أتباعه و كانوا مشكلين من طبقات حسب أقدميتهم في دعوته)
- عبد المؤمن بن علي كان رجل دولة من الطراز الأول بالإضافة إلى قدراته القيادية العسكرية، معتمدا على دعوة ابن تومرت ، حدد هدفا استراتيجيا و هو إنشاء دولة كبيرة توحد الشمال الإفريقي و هو ما نجح فيه حيث ساهم ذلك في صد غارات النورمان على سواحل ليبيا و تونس و شرق الجزائر ، عبد المؤمن بن علي الذي وصفه المؤرخون بصفات حسنة لكنهم يعيبون عليه سفكه للدماء ، قام بحصر حكم الوحدين في سلالته من بعده. ( علما أن بني عبد المؤمن حملوا لقب سادة أي أشراف علويين لإدعائهم نسبا للسيدة كنونة بنت إدريس بن إدريس الأكبر)
- و رغم الإضطرابات التي سببها أبناء غانية حكام جزر البليار و هم من بقايا المرابطين ، استقرت الدولة الموحدية التي بلغت أوج قوتها زمن حفيد عبد المؤمن : أبو يوسف يعقوب المنصور و الذي اهتم بالأندلس اهتماما كبيرا خصوصا مع ذخول مملكة البرتغال الجديدة حلبة الصراع الصليبي رفقة الأعداء التقليديين قشتالة و أراغون و نافار ، المنصور الموحدي الذي طلب معونته الناصر صلاح الدين بعد استرجاع بيت المقدس و اقتراب هجوم الحملة الصليبية الثالثة ، كان في الأندلس لما وصل رسول صلاح الدين منشغلا بمؤامرات ألفونسو 8 ، لذلك لم يفعل شيئا تجاه نداء صلاح الدين علما أن بعض المؤرخين يرى سبب ذلك هو عدم مخاطبة صلاح الدين للمنصور بالخليفة كما يدعي سلاطين الموحدين ( و بالفعل فقد كان خليفة المسلمين الشرعي هو الخليفة العباسي في بغداد و الذي كان صلاح الدين يحكم بإسمه و بطريقة شكلية) ، المنصور صاحب نصر الآرك سلك نفس موقف يوسف بن تاشفين في نصر الزلاقة و هو عدم استغلال الهزيمة الساحقة لصليبيي اسبانيا و توسيع الهجوم نحو جبال الألب ( كما كانت الأندلس الإسلامية عند الفتح) بل أنه لم يستغل الموقف على الأقل استرجاع طليطلة ، و تبقى هذه النقطة الغامضة محتاجة للكثير من البحث.
- أبو يوسف يعقوب المنصور بخلاف الحروب ضد الصليبيين شهد عهده تطورا حضاريا كبيرا ( و هو مؤسس مدينة الرباط الحالية) في عهده برز الفيلسوف الشهير ابن رشد و الذي أثر فكره بشدة في نهضة أروبا فيما بعد ، و الذي يهمنا أن المنصور كان أول حاكم موحدي ينزع العصمة و يبطل المهدوية من ابن تومرت بل و يتبنى المذهب الظاهري لإبن حزم فترة من حياته قبل أن يستقر على المذهب المالكي المنتشر بقوة حتى الآن ، و عليه يكون المنصور هو الذي هدم الأسس الباطلة و صحح المنطلقات الوهمية التي قامت عليها الدولة الموحدية ثم سار على نهجه خلفائه من بعده.
- و كانت الضربة القاضية للدولة الموحدية و بصفة خاصة الأندلس الإسلامية هي الهزيمة النكراء ضد الصليبيين الإسبان في حصن العقاب las navas di tolosa عام 1212م في عهد السلطان يوسف الناصر بن المنصور ، هذه الهزيمة الشديدة التي قيل فيها أنه بعدها لم يرى في كامل بلاد المغرب الإسلامي و الأندلس شابا يصلح للقتال عدة سنوات ..... بدأت بعدها دولة الموحدين تدخل مرحلة الضعف خصوصا بعد صراع على الحكم بين أحفاد المنصور و كانت النتيجة الحتمية هي تفكك الدولة حيث انفصل بني حفص في تونس و بني زيان في الجزائر و انفراد قبائل بني مرين بالمغرب الأقصى خصوصا بعد معركة عام المشغلة ضد ما تبقى من جيش للموحدين ، أما الأندلس فشهدت خلال مرحلة انهيار الموحدين سقوط المدن العظيمة كقرطبة و اشبيلية و مرسية و بلنسية قبل أن يتمكن ابن الأحمر من مهادنة الصليبيين بشروط مؤلمة و ينشأ مملكة غرناطة مؤجلا نهاية الأندلس 200 سنة .... أما نهاية الموحدين فكانت على يد بني مرين عام 1269م.
- خلاصة القول من تاريخ الموحدين أنها كانت مثالا لجميع الدول : نشأة ثم قوة ثم إنهيار ، لكن انهيار الموحدين كان له وضع خاص عبر كل تاريخ شمال افريقيا الطويل لأن نتائجه الخطيرة لا تزال المنطقة تعاني منها حتى اليوم.
 
التعديل الأخير:
رد: المواحدون تاريخ مغرب عظيم

لا اخي الزعيم هذا تاريخنا نحن و انا لن اقبل ان يسلب منا تاريخنا وامجاد اجدادنا وينسب لغيرنا فياءتو ويتباهو به على مواقع النات

لن يسلبك أي شخص تاريخك لأن الإمبراطورية المواحدية بالمغرب الأقصى حكمت كل دول المغرب العربي
ولكن مؤسسيها من المغرب الأقصى وهذه حقيقة لاغبارعليها ....لذى لامكان مركز القرار برباط فتح في تللك الفترة ..
و المعروف أن المواحدون والمرابطون حكموا الأندلس أيضا ولدينا هنا بالمغرب بالمكتبة الملكية مخطوطات عريقة تؤكد كل ما نقول .

هو عبد المؤمن بن علي بن مخلوف بن يعلى بن مروان، أبو محمد الكومي، نسبته إلى كومية (من قبائل البربر).
ولد في مدينة "تاجرت" بالمغرب قرب "تلمسان"، ونشأ فيها طالب علم، وأبوه صانع فخار.

 
عودة
أعلى