تحليل خاص سياسي حول استراتيجيات الصهاينة وحماس في حرب غزة
رغم جنون وهستيريا شارون العدائية والاجرامية، وهو الزعيم القومي الصهيوني الأول المتطرف، إلا أنه مع ذلك عارض في عهده فكرة الدخول أو احتلال قطاع غزة!
بل وانسحب من حزبه وأسس حزب أقل تطرف من ناحية تلك القضية، إضافة إلى ذلك نجد تجارب دولة الكيان الفاشلة المتوالية العسكرية في غزة، رغم استخدامها في كل مرة أسلحة محرمة دولياً ولجوئها في أكثر المرات إلى عملية القصف الجوي الهستيري، لم تعمد إلى تنفيذ عملية محو متدرج لغزة، وتهجير أهلها بطريقة جماعية!
فما هو الشيء الذي دفعها لتكرار ذلك العمل الأحمق من جديد؟!
هناك عدة أسباب منطقية بتقديري أهمها هي:
السبب الأول: دخولها هذه الحرب من جديد، لأسباب اضطرارية في محاولة لرد هيبة الكيان بعد الإهانة والإذلال الذي منيت به دولة الكيان على أيدي فدائيو المقاومة الفلسطينية بعملية طوفان الأقصى الهجومية، التي يمكن أن نسميها بعملية خداعية.
السبب الثاني: محاولة تأديب يحيى السنوار على خداعه ومكره مع عموم هيئة المخابرات الصهيونية وربما المشتركة معها من الهيئات الاستخباراتية الغربية.
السبب الثالث: تهجير ونفي أهالي غزة من القطاع لمصر ليتثنى للكيان الامتداد إلى الحدود المصرية وتحميل مصر أعباء اقتصادية أكبر رغم ضائقتها الاقتصادية الحالية، وذلك لإضعاف مصر أكثر بشكل يحجم عملية التطوير وتعدد الموارد التسليحية العسكرية، تهيئاً لخطط استعمارية مستقبلية، وهذا السبب إن كان صحيح، فهو صحيح بمعاونة وتخطيط مشترك مع الولايات المتحدة الأمريكية، التي ترى في مصر خطر داهم مستقبلي كما حال العراق سابقاً، قد يخرج عن السيطرة غير المباشرة لأمريكية، بحيث لو حدثت هذه المواجهة العسكرية مع مصر، فلن تكون مع دولة الكيان مفردة، إنما مع تحالف الناتو الذي يؤكده هو الحشد البحري المتزايد في البحر الأبيض والأحمر مع حاملات الطائرات الأمريكية، والذي قد يسبق الحدث العسكري لا سمح الله، حدوث برنامج حصار اقتصادي شديد، لذلك نجد مصر اليوم تتحلى بالحكمة الدبلوماسية، التي افتقرت لها العراق، لتجنب خلق أي ذريعة عدوانية، فالقوة الجوية الصهيونية الهائلة لم توجد بهذه الحداثة ضد حماس أو حزب الله ولا حتى سوريا! إنما ضد مصر المتصاعدة القوة، ويؤكد ذلك امتلاك الصهاينة لمقاتلة أدير F-35I الشبحية ذات التقنية العالية للجيل الخامس، وترقية صوفا إلى مستوى فايبر الأحدث بعائلة ف 16 الأمريكية، وراعام إلى مستوى سوبر إيغل الأحدث في ترسانة ف 15 الأمريكية، ليس أحد ضد أحد إلا مصر الأبية التي فيها خير أجناد الأرض.
السبب الرابع: وهو الأكثر ترجيحاً عندي، هو أن المخطط الصهيوني برمته مخطط استخباراتي أمريكي لأهداف آنية ومستقبلية، الآنية هي قطع الطريق على الروس كي لا يوجدوا ورقة ضغط على أمريكا للوصول السريع لتسوية فيما يخص الحرب الأوكرانية، لأن روسيا من الناحية العملية حققت كافة أهدافها في أوكرانيا العسكرية والتطويرية العسكرية، والسياسية وحتى الاقتصادية، ولم يؤخرها عن الحسم إلا المعاندة الأمريكية، وخوفها في حالة قهر هذه المعاندة، هو الدخول في حرب عالمية مباشرة مع الناتو، وهذا ما لا يريده كل الأطراف المتنازعة هناك، ومن الناحية الاقتصادية فإن الداعم الاقتصادي الأكبر لروسيا وهي الصين قد حققت مأربها الاستراتيجية بإشغال وإضعاف الناتو عموماً وتحييد قدرته على فتح جبهة قتالية جديدة، وماربها الاقتصادية من خلال خزن الغاز الروسي والنفط واحتياطات الفحم الحجري الروسية، وربما حتى الموارد المائية الفائضة جنوب روسيا التي تحتاجها الصين، وأصبح لا بد أن توفر احتياطات مالية لاحتمالية حدوث حرب مباشرة مع أمريكا منفردة، من أجل تايوان، مع خشيتها في حالة استمرار دعمها الغير مباشر لروسيا والمبني على المبادلات الاقتصادية بالدرجة الأولى، أن تخسر علاقتها الخارجية وخاصة الأوربية نتيجة الضغوط الأمريكية، وأيضاً للحفاظ على ما حققته حديثاً من تقارب ودي مع الولايات المتحدة الأمريكية.
لذلك كان من المنطق أن تسارع روسيا إلى إيجاد ورقة حل خارجية تقوم من خلالها بالضغط على أمريكا للتسريع كما أسلفنا التسوية المناسبة في حرب أوكرانيا التي ترضي جميع الأطراف الشرقية والغربية، لذلك محاولة قطع الطريق من قبل أمريكا على مخطط الروس فشل لأنه تبين أن الروس ليسوا أقل ذكاء من الأمريكان بخططهم المستقبلية.
أما سبب خوض المغامرة الحمساوية أو لنقل التهور الغير مدروس الأبعاد النتائج السلبية، وفق التحليلات الأولية، هو بسبب المضايقات الصهيونية المتتابعة التي سبقت الحدث، والضغوط الصهيونية الدافعة لتنفيذ طوفان الأقصى وفق المخططات الأصلية المحدودة الصهيونية!
وضرورة الوثوق بالخطة الروسية بطوفان الأقصى، ذات الأبعاد الاستراتيجية التي يتبدى لنا ملامحها اليوم، ولأن هذه المعركة لعموم المقاومة الفلسطينية، ولأهالي قطاع غزة من المدنيين مسألة وجودية (أكون أو لا أكون)، وها هي الصحافة الأمريكية تتكلم بشكل استباقي وغير مسبوق عن خسارة الصهاينة في غزة! ووزير خارجية أمريكا يتكلم عن ضرورة وشريعة أن تتكون دولة فلسطينية مستقلة! وضرورة وقف الحرب بعد انتهاء العملية الخاصة العسكرية في غزة.
والحقيقة أن الصهاينة إذا ما استمروا بسيل الخسائر الكبيرة اليومية فسوف تنهار قواتهم الخاصة والاحتياطية في غضون شهر أو أكثر بقليل، على يد المقاومة المبتكرة والناجحة الفلسطينية!
وليس لديهم إلا حل واحد للاستمرار بهذه العملية هو الاكتفاء بالقصف المباعد الأرضي والبحري، وبكل أشكال الضربات الجوية، مع الانسحاب الكامل أو شبه الكامل من غزة مع إبقاء فيها قوات الظل المنتخبة الخاصة بتوجيه وإدارة النيران المباعدة الأرضية والبحرية وحتى الجوية.
ولكن هنا يأتي السؤال هل سوف يمكن هذا الاجراء على إيقاف المقاومة الفلسطينية؟!
الجواب بتقديري لا!
لأن القصف المباعد أولاً لن يؤثر بشكل جدي ومجدي على المقاومة الفلسطينية! كونهم متحصنين بشبكة أنفاق شديدة التعقيد والتحصين تحت الأرض، إنما يؤثر على الأبنية والقطاع المدني أيضاً بسكانه وكامل مرافقه.
ولكن لا أظن أن المقاومة لم تتحسب لذلك وفي أول إجراءاتها هي تحسبت لذلك بتهديد العاصمة الصهيونية تل أبيب، بصواريخ M90 صواريخ بعيدة المدى يمكن أن يصل مداها حتى 250 كم ولكن على حساب الرأس الحربية حيث سوف يكون الرأس الحربي حينها 75 كغ من مادة تروتيل الشديدة الانفجار وفي مدى 200 كم حتى 90 كغ وفي مدى 100 كم حتى وزن 180 كغ، لكنها لن تحتاج إلى أكثر من مدى 90 كم لتضرب أي نقطة في تل أبيب لأنها تبعد عن محيط غزة 71.3 كم و20 كم كافية لتحقيق المطلوب داخلها، براس حربي قد يصل وزنه إلى 200 كغ، وبدقة أكبر نتيجة التوجيه بالقصور الذاتي وسرعة وصل أسرع يحجم خطر الدفاعات الصهيونية المضادة.
كما أن المقاومة لديها دفاعات مقاومة جوية تسديديه سريعة تعتمد على التقارب التفجيري وأخرى محسنة لقاذفات ستريلا السوفيتية المتتبعة للأثار الحرارية؛ ويبدو أن لدا المقاومة سلاح سري هو من أسقط درون هيرون الاستطلاعي الذي كان يحلق فوق غزة على ارتفاع 45 ألف قدم (15 كم)، واتوقع أن هذا السلاح ليس صاروخ مضاد للجو لصعوبة إمداد المقاومة الغزاوية به وتوفير أعداد كبيرة منه.
وإنما مدفع الكترومغناطيسي عالي الطاقة مركب على عربات جيب كالذي عرضت حديثاً مصر في معرضها للتطويرات العسكرية، والذي لا يحتاج إلى كلف مادية كبيرة وله تأثير قاتل على الدرونات الضاربة والتسكعية الكميكازية، وعلى الذخائر الموجهة الذكية الجوية وحتى الأرضية الذكية، من خلال التشويش على أدائها الإلكتروني عن بعد أو صهر مكوناتها الإلكترونية مع الاقتراب، وأتوقع أنها سوف تشوش على النفاثات الصهيونية الضاربة لتلك الذخائر الذكية، إن كانت ضمن مدى تأثيرها ويمكن أن تسقطها إذا ما لجأت لاستخدام ذخائر الاسقاط الحر الغبية! التي تجعلها أقرب مدى وأقل ارتفاع من الأرض، حيث يرتفع تأثير تلك المدافع الإلكترومغناطيسية، وإن كان وحدث هذا التوقع فعلاً فعندها نعرف أن الدعم الروسي للمقاومة الفلسطينية مؤكد 100%.
أما سلاخ المدفعية الصهيوني الأرضي والبحري فغالباً سوف يتم التغلب عليه أو تقليل أثاره من خلال عمليات التفاف تسللية فدائية عبر الأنفاق خارج غزة الفرعية، أو من خلال انزالات استشهادية، وضرب السفن بواسطة الطوربيدات أو عمليات التفجير الارتجالية بواسطة قوات الضفادع الخاصة البشرية.