إيكونوميست: الليبيون احتاجوا للمساعدة بعد كارثة درنة.. فحصلوا على قمع حفتر واستعلائه
نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريراً قالت فيه إن أمير الحرب الليبي
خليفة حفتر سيحاول استخدام الفيضان في ليبيا لتعزيز قوته، وابنه مسؤول عن لجنة الرد على الكوارث، في وقت سيتم تعليق المحادثات لعقد الانتخابات.
وقال التقرير إن الساسة الذين تعوزهم البراعة يعرفون أن اتباع النص بعد كارثة هو الوسيلة الأفضل، أي التعاطف مع الناجين وتهدئتهم والثناء على عمال الإغاثة، والتعهد بإعادة بناء ما خربته الكارثة.
وبالنسبة للبلطجية الذين يسيطرون على شرق ليبيا، فأي مظهر من مظاهر الكياسة والتعاطف هو كفاح. أحدهم يرتدي زياً عسكرياً يتجول في مدينة مدمرة من خلف عربة همفي، وظهر بمظهر القائد القاهر، وليس الحاكم النادم، وآخر، ألقى اللوم على الضحايا ومسؤوليتهم عن وفاتهم.
أحدهم يرتدي زياً عسكرياً يتجول في مدينة مدمرة من خلف عربة همفي، وظهر بمظهر القائد القاهر، وليس الحاكم النادم
كانت الاستجابة صماء، وهذا ليس مفاجئاً، فخليفة حفتر الذي يسيطر على شرق ليبيا لا يهمه سوى تقوية وتعزيز موقع عائلته، و”كارثة كان يمكن منعها هي فرصة له لتوطيد سلطته”.
ووصف شهود العيان مشاهد يأس شامل في درنة، ففي بداية الشهر، أحاط بها إعصار دانيال المتوسطي، وأدى منسوب المياه غير العادي لانهيار سدّين في جنوب المدينة، وانسابت مياه الفيضان عبر الوادي الذي يقطع المدينة، واجتاحت، وبدقائق، أحياء بكاملها. وتقول منظمة الهلال الأحمر الليبي إن 11.300 شخصاً ماتوا، وقالت منظمة الصحة العالمية إنها تعرّفت على هوية 3.958 جثة، إلى جانب 9.000 شخص في عداد المفقودين. ولن تعرف حصيلة القتلى إلا بعد أشهر، هذا لو عرفت. وتم جرف العديد من الجثث للبحر، أو دفنت تحت الأنقاض، ولم تقم ليبيا بإجراء إحصاء للسكان منذ 2006.
وبدأت المساعدات الإنسانية بالوصول، وإن ببطء. ويدير نظامٌ منافس الجزءَ الغربي من البلاد. ويجعل الانقسام ليبيا مكاناً من الصعب العمل فيه، فالمستشفيات لا تستطيع استيعاب الأعداد، ويخشى الناجون من انتشار الأمراض والأوبئة نتيجة تعفن الجثث، مع أن منظمة الصحة العالمية تقول إن مخاوف كهذه مبالغ فيها. وأصبح الكثير من سكان المدينة بلا مأوى.
وفي 18 أيلول/ سبتمبر اجتمع المحتجون الغاضبون خارج مسجد درنة المعروف، وهتفوا بشعارات ضد رئيس مجلس نواب طبرق، عقيلة صالح، وقام البعض بحرق بيت عمدة درنة والذي علق عن عمله بعد الفيضان، وهو ابن أخ صالح. ومع أن الأعداد ليست كبيرة، إلا أنها كبيرة للرجال المسلحين الذين يسيطرون على المنطقة.
وفي اليوم التالي، قطعت الاتصالات الهاتفية وتغطية الإنترنت عن درنة، مع أن السلطات بررت القطع بأنه عطل في كوابل الألياف الضوئية. ثم طلب من الصحافيين مغادرة المدينة ومنحوا ساعات للخروج. ومنع فريق للأمم المتحدة، كان من المقرر سفره من مدينة بنغازي إلى درنة. ويخشى الليبيون من تحضير حفتر لقمع وحشي، وبخاصة أنه حاصرالمدينة لعدة اشهر لمواجهة جماعات إسلامية.
وربما كان أثر الإعصار أخف لو استثمرت ليبيا في إصلاح السدين اللذين بنيا قبل نصف قرن. إلا أن
حفتر لا يهتم كثيراً في تحديث وصيانة البنى التحتية الليبية. وتولى ابنه صدام جهود الرد على الكارثة، وهو ما يساعد على تقوية سيطرة العائلة، لكن هذا لا يقدم إلا العون القليل للناجين، وعندما سأله صحافي “سكاي نيوز” لو كانت هناك إمكانية لمنع الفيضان، هز كتفيه وقال “كله تمام”.
قال نجل حفتر إن سكان المدينة تجاهلوا تحذيرات والده، وشكرَ القيادة الحكيمة لوالده الذي تنبأ بالأمور قبل أن تضرب الكارثة!
وقال نجل آخر لحفتر، صديق، إن سكان المدينة تجاهلوا تحذيرات والده والمغادرة: “والدي، شكراً لقيادته الحكيمة، تنبأ بالأمور قبل أن تضرب الكارثة”، ولا يهم إن أصدر حفتر أوامر كهذه أم لم يصدرها، فهو يظل “المنقذ” أما الضحايا فهم “الأشرار”.
وأعلن صديق، قبل فترة، عن طموح مبالغ به لكي يصبح رئيساً، إلا أن الانتخابات التي كانت تأمل الأمم المتحدة بعقدها نهاية العام ستعلق بسبب الكارثة. وهذا لن يضايق خليفة حفتر الذي يدير شرق ليبيا كنظام عسكري، وليس مهتماً بانتخابات نزيهة. فقد ألغيت الانتخابات المحلية في درنة، هذا الشهر، بعد اعتقال رجاله مرشحاً قوياً.
ولم يكن خليفة حفتر الشخص الوحيد الذي عثر على أخطاء، فقيس سعيد، الرئيس الديكتاتوري التونسي، عرف على من سيلقي اللوم: اليهود. ففي اجتماع لحكومته، في 18 أيلول/سبتمبر، لاحظ ان اسم إعصار دانيال، هو اسم نبي عبري. وبالنسبة لسعيد، فهذه ليست مصادفة، فها دليل على تغلغل الصهيونية “العقل والتفكير”.
يحتاج الليبيون المساعدة من حكامهم وجيرانهم، وكل ما حصلوا عليه القمع والتعالي، وأحياناً معاداة للسامية.