طالبان من هي ؟ وما أهدافها؟ وما العوامل الداخلية والخارجية التي ساعدت على نشوئها وتطورها؟ وكيف بسطت نفوذها على معظم الأراضي الأفغانية؟ وما طبيعة علاقاتها بدول الجوار مثل باكستان وإيران وروسيا؟.. هذه الأسئلة وغيرها نحاول إلقاء الضوء عليها في هذا التقرير.
نشأت الحركة الإسلامية لطلبة المدارس الدينية المعروفة باسم طالبان (جمع كلمة طالب في لغة البشتو) في ولاية قندهار الواقعة جنوب غرب أفغانستان على الحدود مع باكستان عام 1994 على يد الملا محمد عمر مجاهد، حيث رغب في القضاء على مظاهر الفساد الأخلاقي وإعادة أجواء الأمن والاستقرار إلى أفغانستان، وساعده على ذلك طلبة المدارس الدينية الذين بايعوه أميرا لهم عام 1994.
الانتماء العرقي
ينتمي معظم أفراد حركة طالبان إلى القومية البشتونية التي يتركز معظم أبنائها في شرق وجنوب البلاد ويمثلون حوالي 38% من تعداد الأفغان البالغ قرابة 27 مليون نسمة.
الانتماء الفكري
طالبان حركة إسلامية سنية تعتنق المذهب الحنفي، وتعتبر الحكم الشرعي في مذهبها حكما واحدا لا يحتمل الأخذ والرد حوله، ومن ثم يصبح تنفيذ الأحكام الشرعية لدى طالبان حتى وإن كانت هناك مذاهب أو آراء أخرى تخالفها واجبا دينيا لا مفر من تنفيذه.
وقد تعلم أفراد الحركة في المدارس الدينية الديوبندية (نسبة إلى قرية ديوبند في الهند) وتأثروا بالمناهج الدراسية لهذه المدارس الأمر الذي انعكس على أسلوبهم في الحكم. حيث ركزت تلك المدارس على العلوم الإسلامية كالتفسير والحديث والسيرة إضافة إلى بعض العلوم العصرية التي تدرس بطريقة تقليدية قديمة.
يتدرج الطالب في هذه المدارس من مرحلة إلى أخرى، حيث يبدأ بالمرحلة الابتدائية ثم المتوسطة فالعليا والتكميلية، وفي الأخير يقضي الطالب عاما يتخصص فيه في دراسة علوم الحديث وتسمى "دورة الحديث"، وأثناء دراسة الطالب تتغير مرتبته العلمية من مرحلة إلى أخرى، فيطلق عليه لفظ "طالب" الذي يجمع في لغة البشتو على "طالبان" وهو كل من يدخل المدرسة ويبدأ في التحصيل العلمي، ثم "ملا" وهو الذي قطع شوطا في المنهج ولم يتخرج بعد، وأخيرا "مولوي" وهو الذي أكمل المنهج وتخرج من دورة الحديث ووضعت على رأسه العمامة وحصل على إجازة في التدريس.
الصفات النفسية لأفراد الحركة
يتميز أفراد الحركة بعدة صفات نفسية أهمها العناد والصلابة وتحمل المشاق شأنهم في ذلك شأن الأفغان عموما وسكان ولاية قندهار التي نشأت حركتهم بها على وجه الخصوص.
ولعل في المسابقة الشعبية المشهورة في ولاية قندهار والتي يطلق عليها "إطفاء الجمر" ما يعطي إشارة على ذلك، فالمسابقة تتلخص في حمل اللاعبين لجمر مشتعل بأيديهم لمدة طويلة حتى تنطفئ، ويكون الفائز في هذه المسابقة هو من لا يتحرك أو يتأوه. كما يتميز أفراد هذه الحركة بالقدرة على تحمل الخشونة وشظف العيش، واحترامهم لعلماء الدين، إضافة إلى الإخلاص لفكرتهم والعمل الجاد على تنفيذها، والبساطة التي تميز حياتهم.
العوامل الداخلية والخارجية لبروز الحركة
ساعد على سرعة انتشار الحركة وإقبال الأفغان عليها في العديد من الولايات وبالأخص الجنوبية والشرقية عدة عوامل داخلية وخارجية منها:
دبت الفوضى في الجسد الأفغاني بعد دحر قوات الاحتلال السوفياتي، وانقسمت أفغانستان بين الجماعات والفرق المتصارعة، وأصبحت وحدة البلاد مهددة نتيجة لذلك، ولم يكن أمام السكان قوة موحدة تجبرهم على احترام القوانين والتقيد بالقرارات الصادرة. فإبان ظهور الحركة كانت حكومة رباني ومسعود تسيطر على سبع ولايات فقط في شمال ووسط أفغانستان، بينما يسيطر القائد الشيوعي السابق رشيد دوستم على ست ولايات في الشمال، وكانت "شورى ننجرهار" تحكم ثلاث ولايات في الشرق، وإدارة إسماعيل خان تتحكم في غرب أفغانستان، إضافة إلى العديد من الولايات التي كانت دون أي نوع من الإدارة، فكانت حركة طالبان أملا للشعب الأفغاني في المحافظة على وحدة البلاد ومنع انشطارها الداخلي.
3- الفساد الأخلاقي
فقد استشرى الفساد نتيجة لرواسب الحقبة الشيوعية التي عاشتها أفغانستان وتحكم القائد الشيوعي رشيد دوستم في بعض الولايات والفوضى الإدارية التي جعلت من الصعوبة على جهة معينة محاربة الرذائل التي انتشرت في المجتمع الأفغاني المحافظ بطبيعته، وهو ما جعل من حركة طلاب المدارس الدينية (طالبان) -والتي أخذت على عاتقها محاربة مثل هذه المظاهر- تلقى صدى طيبا في نفوس الأفغان.
4- الاضطرابات الأمنية
وقد عانت أفغانستان كثيرا من انفلات الوضع الأمني الذي تمثل في اختطاف السيارات وبالأخص التابعة للمؤسسات الإغاثية وأعمال السلب والاشتباكات المسلحة التي كانت تقع بين المجموعات المسلحة داخل الأماكن المزدحمة مما كان يسفر عن عشرات القتلى ومئات الجرحى. كما نتج عن ذلك ابتزاز الأموال وفرض أنواع من الإتاوات، لذلك رغب الناس في أية سلطة تعيد الأمن وتفرض الاستقرار وتمنع هذه الانتهاكات مما مهد الطريق أمام طالبان الذين استطاعوا التعامل بفاعلية مع هذا الأمر حتى تخلصت أفغانستان من آثاره.
5- طبقة أثرياء الحرب
وهي طبقة ظهرت عليها علامات الثراء السريع بعد انتهاء الحرب الأفغانية السوفياتية بسبب الاتجار بالمعادن والأحجار الكريمة والأسلحة والذخيرة وأكوام الحديد الخردة التي خلفتها الحرب إضافة إلى تحكم بعض ذوي المناصب في الأموال الناتجة عن الجمارك والضرائب الحدودية، فأصبح هناك طبقة ثرية وسط شعب يعتبر من أفقر شعوب العالم مما أوجد مشاعر من الحنق على هؤلاء، وقد رغبوا بأن تخلصهم طالبان منهم وتعمل على إعادة توزيع الثروة في البلاد بطريقة عادلة.
نشأت الحركة الإسلامية لطلبة المدارس الدينية المعروفة باسم طالبان (جمع كلمة طالب في لغة البشتو) في ولاية قندهار الواقعة جنوب غرب أفغانستان على الحدود مع باكستان عام 1994 على يد الملا محمد عمر مجاهد، حيث رغب في القضاء على مظاهر الفساد الأخلاقي وإعادة أجواء الأمن والاستقرار إلى أفغانستان، وساعده على ذلك طلبة المدارس الدينية الذين بايعوه أميرا لهم عام 1994.
الانتماء العرقي
ينتمي معظم أفراد حركة طالبان إلى القومية البشتونية التي يتركز معظم أبنائها في شرق وجنوب البلاد ويمثلون حوالي 38% من تعداد الأفغان البالغ قرابة 27 مليون نسمة.
الانتماء الفكري
طالبان حركة إسلامية سنية تعتنق المذهب الحنفي، وتعتبر الحكم الشرعي في مذهبها حكما واحدا لا يحتمل الأخذ والرد حوله، ومن ثم يصبح تنفيذ الأحكام الشرعية لدى طالبان حتى وإن كانت هناك مذاهب أو آراء أخرى تخالفها واجبا دينيا لا مفر من تنفيذه.
وقد تعلم أفراد الحركة في المدارس الدينية الديوبندية (نسبة إلى قرية ديوبند في الهند) وتأثروا بالمناهج الدراسية لهذه المدارس الأمر الذي انعكس على أسلوبهم في الحكم. حيث ركزت تلك المدارس على العلوم الإسلامية كالتفسير والحديث والسيرة إضافة إلى بعض العلوم العصرية التي تدرس بطريقة تقليدية قديمة.
يتدرج الطالب في هذه المدارس من مرحلة إلى أخرى، حيث يبدأ بالمرحلة الابتدائية ثم المتوسطة فالعليا والتكميلية، وفي الأخير يقضي الطالب عاما يتخصص فيه في دراسة علوم الحديث وتسمى "دورة الحديث"، وأثناء دراسة الطالب تتغير مرتبته العلمية من مرحلة إلى أخرى، فيطلق عليه لفظ "طالب" الذي يجمع في لغة البشتو على "طالبان" وهو كل من يدخل المدرسة ويبدأ في التحصيل العلمي، ثم "ملا" وهو الذي قطع شوطا في المنهج ولم يتخرج بعد، وأخيرا "مولوي" وهو الذي أكمل المنهج وتخرج من دورة الحديث ووضعت على رأسه العمامة وحصل على إجازة في التدريس.
الصفات النفسية لأفراد الحركة
يتميز أفراد الحركة بعدة صفات نفسية أهمها العناد والصلابة وتحمل المشاق شأنهم في ذلك شأن الأفغان عموما وسكان ولاية قندهار التي نشأت حركتهم بها على وجه الخصوص.
ولعل في المسابقة الشعبية المشهورة في ولاية قندهار والتي يطلق عليها "إطفاء الجمر" ما يعطي إشارة على ذلك، فالمسابقة تتلخص في حمل اللاعبين لجمر مشتعل بأيديهم لمدة طويلة حتى تنطفئ، ويكون الفائز في هذه المسابقة هو من لا يتحرك أو يتأوه. كما يتميز أفراد هذه الحركة بالقدرة على تحمل الخشونة وشظف العيش، واحترامهم لعلماء الدين، إضافة إلى الإخلاص لفكرتهم والعمل الجاد على تنفيذها، والبساطة التي تميز حياتهم.
العوامل الداخلية والخارجية لبروز الحركة
ساعد على سرعة انتشار الحركة وإقبال الأفغان عليها في العديد من الولايات وبالأخص الجنوبية والشرقية عدة عوامل داخلية وخارجية منها:
أولا: العوامل الداخلية
- الحروب الأهلية
كان للحروب الأهلية الطاحنة التي نشبت بين فصائل المعارضة الأفغانية بسبب الصراع على السلطة وإيمان كل طرف بأنه الأحق بالحكم والتي أوقعت عددا كبيرا من الخسائر البشرية بلغ أكثر من 40 ألفا إضافة إلى خسائر مادية أخرى جسيمة، ولم ينجح الوسطاء الدوليون في وضع حد لهذه الحروب، وكان لذلك دور مهم في إقبال قطاعات كبيرة من الأفغان على حركة طالبان التي رأوا فيها وسيلة لتخليص أفغانستان من ويلات تلك الحروب وإعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد.
2- الفوضى وانعدام النظام- الحروب الأهلية
كان للحروب الأهلية الطاحنة التي نشبت بين فصائل المعارضة الأفغانية بسبب الصراع على السلطة وإيمان كل طرف بأنه الأحق بالحكم والتي أوقعت عددا كبيرا من الخسائر البشرية بلغ أكثر من 40 ألفا إضافة إلى خسائر مادية أخرى جسيمة، ولم ينجح الوسطاء الدوليون في وضع حد لهذه الحروب، وكان لذلك دور مهم في إقبال قطاعات كبيرة من الأفغان على حركة طالبان التي رأوا فيها وسيلة لتخليص أفغانستان من ويلات تلك الحروب وإعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد.
دبت الفوضى في الجسد الأفغاني بعد دحر قوات الاحتلال السوفياتي، وانقسمت أفغانستان بين الجماعات والفرق المتصارعة، وأصبحت وحدة البلاد مهددة نتيجة لذلك، ولم يكن أمام السكان قوة موحدة تجبرهم على احترام القوانين والتقيد بالقرارات الصادرة. فإبان ظهور الحركة كانت حكومة رباني ومسعود تسيطر على سبع ولايات فقط في شمال ووسط أفغانستان، بينما يسيطر القائد الشيوعي السابق رشيد دوستم على ست ولايات في الشمال، وكانت "شورى ننجرهار" تحكم ثلاث ولايات في الشرق، وإدارة إسماعيل خان تتحكم في غرب أفغانستان، إضافة إلى العديد من الولايات التي كانت دون أي نوع من الإدارة، فكانت حركة طالبان أملا للشعب الأفغاني في المحافظة على وحدة البلاد ومنع انشطارها الداخلي.
3- الفساد الأخلاقي
فقد استشرى الفساد نتيجة لرواسب الحقبة الشيوعية التي عاشتها أفغانستان وتحكم القائد الشيوعي رشيد دوستم في بعض الولايات والفوضى الإدارية التي جعلت من الصعوبة على جهة معينة محاربة الرذائل التي انتشرت في المجتمع الأفغاني المحافظ بطبيعته، وهو ما جعل من حركة طلاب المدارس الدينية (طالبان) -والتي أخذت على عاتقها محاربة مثل هذه المظاهر- تلقى صدى طيبا في نفوس الأفغان.
4- الاضطرابات الأمنية
وقد عانت أفغانستان كثيرا من انفلات الوضع الأمني الذي تمثل في اختطاف السيارات وبالأخص التابعة للمؤسسات الإغاثية وأعمال السلب والاشتباكات المسلحة التي كانت تقع بين المجموعات المسلحة داخل الأماكن المزدحمة مما كان يسفر عن عشرات القتلى ومئات الجرحى. كما نتج عن ذلك ابتزاز الأموال وفرض أنواع من الإتاوات، لذلك رغب الناس في أية سلطة تعيد الأمن وتفرض الاستقرار وتمنع هذه الانتهاكات مما مهد الطريق أمام طالبان الذين استطاعوا التعامل بفاعلية مع هذا الأمر حتى تخلصت أفغانستان من آثاره.
5- طبقة أثرياء الحرب
وهي طبقة ظهرت عليها علامات الثراء السريع بعد انتهاء الحرب الأفغانية السوفياتية بسبب الاتجار بالمعادن والأحجار الكريمة والأسلحة والذخيرة وأكوام الحديد الخردة التي خلفتها الحرب إضافة إلى تحكم بعض ذوي المناصب في الأموال الناتجة عن الجمارك والضرائب الحدودية، فأصبح هناك طبقة ثرية وسط شعب يعتبر من أفقر شعوب العالم مما أوجد مشاعر من الحنق على هؤلاء، وقد رغبوا بأن تخلصهم طالبان منهم وتعمل على إعادة توزيع الثروة في البلاد بطريقة عادلة.