من البداية…. حاملة الطائرات الصينية

الحاج سليمان 

صقور الدفاع
إنضم
5 سبتمبر 2007
المشاركات
6,643
التفاعل
17,771 200 35
الدولة
Algeria
المشاريع طويلة النَفَس " حاملة الطائرات الصينية"
الجزء الأول
الموضوع للعضو ش @شيراد الجزائر
أ‌- مقدمة: خطة التطوير:
التسيير الاقتصادي والاجتماعي للصين يعتمد على مخططات خماسية Five-Year Plans مستمرة منذ 1953 تحدد فيها البلاد آفاقها و تقيم المخطط السابق. (الأن تعبر البلاد المخطط الاقتصادي الثالث عشر 2016-2020). سنة 1982 تولى Liu Huaqing قيادة البحرية الصينية و كان سببا مباشرا بنظرته بعيدة الأمد في تطوير البحرية عبر ثلاث مراحل:

1- 2000-2010 تشغيل قوة بحرية قادرة على العمل ضمن سلسة الجزر الأولى المحيطة بالصين والتي تضم تايوان وبحر الصين الشرقي والجنوبي
2- 2010-2020 تشغيل قوة بحرية قادرة على العمل ضمن سلسة الجزر الثانية المحيطة بالصين والتي تضم أجزءا من جنوب اليابان وجزر الفلبين تايوان

3- 2020-2040 تشغيل قوة بحرية تعمل في "المياه الزرقاء" المياه العميقة للمحيطات المفتوحة. والتي تتطلب عددا كافيا من حاملات الطائرات.

وللوصول إلى المرحلة الثالثة في آجالها بدأت الصين العمل منذ منتصف الثمانينات حيث برمجت أعمال البحث والتطوير لتكون ضمن المخطط الخماسي السابع (1986-1990) وأشغال البناء والتجارب لتكون ضمن المخطط الخماسي الثامن (1991-1995).

ب‌- محاولات الاستنساخ والاستنباط
عدم وجود أي لقاء مع حاملة طائرات حقيقية صعب مهمة المهندسين مما حدا بالصين إلى إطلاق مشروع أولي قبل البداية في البحث والتطوير. المشروع اقتضى امتلاك حاملات طائرات حقيقية خارج الخدمة قصد معاينتها واستنساخ ما يمكن استنساخه منها.

في سعيها هذا حاولت امتلاك الحاملة الفرنسية Clemenceau و الأرجنتينية Veinticinco de Mayo (V-2) و مشروع SAC-200 و SAC-220 الإسبانيين و لكنها نجحت في امتلاك أربع حاملات أخرى:

1-الحاملة الأسترالية HMAS Melbourne إزاحتها 15000 طن
البحرية الملكية الأسترالية باعت حاملة Melbourne للصين سنة 1985 قصد تفكيكها بمبلغ 1.4 مليون دولار استرالي (حوالي 2.82 مليون دولار أمريكي في أيامنا هذه) مهندسو البحرية الأسترالية أزالوا كل المعدات الحساسة (الالكترونيات و الأسلحة) من الحاملة و قاموا بتلحيم الدفة ليضمنوا عدم استخدام السفينة من جديد من قبل الصينين. لكنهم لم يزيلوا نظام القذف البخاري و نظام توجيه الهبوط بالمرايا.

حاملة الطائرات لم تفكك تماما حتى سنة 2002، خلال 17 عاما عمل الصينيون على تحليل التصاميم واستنساخها، بل وصل بهم الامر لتقديم طلب "لطيف" لأستراليا للحصول على رسومات جهاز الاطلاق البخاري. الطلب قوبل بالرفض بـ"طبيعة الحال".

2- الحاملة السوفييتية/الروسية Kiev (فئة Kiev) إزاحتها 30500 طن
السفينة الأولى من فئة Kiev اقتنتها الشركة الصينية Binhai Aircraft Park سنة 1996 بغرض تحويلها لمنتجع عائم في مدينة Tianjin.

3- الحاملة السوفييتية/الروسية Minsk(فئة Kiev) إزاحتها 30500 طن
السفينة الثانية من فئة Kiev اقتنتها الشركة الصينية Guangdong Ship Dismantling Company سنة 1995 بغرض تفكيكها قبل شرائها من قبل Shenzhen Minsk Investment Company لتحويلها لمنتجع عسكري عائم في مدينة Shenzhen سمي Minsk World.

فئة Kiev صنع منها 4 حاملات طائرات، كانت قادرة على حمل 16 طائرة Yak-38 ذات الإقلاع و الحط العموديين و 18 مروحية Kamov Ka25/27، السفينتان الأخريان من فئةKiev فُككت أحداهما Novorossiisk في كوريا الجنوبية و أعيد أدخال الأخرى Admiral Gorshkov للخدمة في البحرية الهندية تحت مسمى INS Vikramaditiya

4- الحاملة السوفييتية/الأكرانية Varyag
السفينة الشقيقة للطراد حامل الطائرات Admiral Kusnitzov و التي ستكون موضوع الجزء الثاني بحول الله تعالى
 
IMG_7338.jpeg
 
المشاريع طويلة النفَس "حاملة الطائرات الصينية"
الجزء الثاني

الحاملات الثلاثة السابقة التي جلبتها الصين سنة 1985، 1995 و 1996 لأجل معاينتها و احتمال استنساخها لم تف بالأغراض التي جلبت من أجلها لأسباب أهمها عدم قدرتها على حمل طائرات ذات اقلاع و حط قصيرين كالطائرات المتاحة في السوق حينها.

الحاملة Melbourne تستطيع حمل 27 طائرة نفاثة خفيفة من طراز De Havilland Sea Venom ذات 7 أطنان أو كأقصى حد نفس العدد من طائرات Douglas A-4 Skyhawk ذات 11 طنا.
الحاملتان Kiev و Minsk لا تستطيعان حمل سوى 16 طائرة Yakovlev Yak-38 ذات الإقلاع العمودي و التي توقف انتاجها مع انهيار الاتحاد السوفييتي.

مما سبق لم تر الصين فائدة من استنساخ أي من تلك النماذج و بحثت عن حلٍ أمثلَ و الذي وفرته اكرانيا على طبق من ذهب.
 
بالعودة إلى الماضي و مع مطلع الثمانينات و من أجل نفس الأسباب السابق ذكرها طور الاتحاد السوفييتي حاملة جديدة لتخلف فئة kiev، الحاملة الجديدة أو بالأحرى "الطراد الثقيل الحامل للطائرات" كما تصنفه العقيدة القتالية السوفييتية كان قادرا على حمل 36 طائرة ذات اقلاع قصير من صنف MiG-29K ذات 24 طنا و نصف الطن أو Su-33 الأثقل ذات ال33 طنا.

الحاملة الجديدة بدأ العمل عليها سنة 1982 لتحمل اسم Brezhnev ثم Tbilisi لتستقر تسميتها نهاية 1991 علىAdmiral Kuznetsov ، الحاملة المذكورة بني منها نموذج آخر لم يكتمل حمل إسم Riga ثم Varyag و توقف العمل عليه مع تصدع الاتحاد السوفيتي. ليبقى حبيس أكرانيا.

سنة 1992 عرضت أكرانيا بيع الحاملة الغير مكتملة (نسبة تقدم الأشغال بها قبل تعليق العمل كانت في حدود 68%) للبيع لكل من روسيا، الهند و الصين، هذه الأخيرة أوفدت لجنة معاينة للحاملة و التي اقرت بجودة حالتها و اوصت باقتنائها، لكن الصين في الأخير عزفت عن فكرة الشراء (ظاهريا)، بعدها ب 3 سنوات اقتنت Kiev ثم Minsk في السنة الموالية.
 
لكن سنة 1998 حملت الجديد، إذ ظهرت شركة من العدم اسمها Agencia Turistica E Diversoes Chong Lot Limitada
أو اختصارا Chong Lot مسجلة في ماكاو و ليس لها أي ماض تجاري ولا رقم هاتف أو عنوان معلوم و لا حتى موظفين، الشركة اقترحت شراء الحاملة التي ساءت حالتها كثيرا بمبلغ 20 مليون دولار لتحويلها إلى كازينو كما حدث سابقا مع الحاملتين الأخريين. وهو الأمر الذي نفت السلطات في ماكاو علمها به (ماكاو كانت محكومة من قبل البرتغاليين حتى سنة 1999).

شركة Chong Lot أسسها رجل الأعمال الصيني و العسكري و الرياضي السابق المقيم في هونغ كونغ Xu Zengping كغطاء تجاري لتسيير الصفقة و التي تمت بنجاح عقب مفاوضات شاقة مليئة بالفساد و الرشى و الكحول.

بعد انتهاء المفاوضات شقت ثمان شاحنات مليئة ب 40 طنا من المخططات طريقها برا إلى الصين فيما تم تجهيز الحاملة الطائرات وإزالة أغلب معداتها الحساسة تحت ضغط من الولايات المتحدة بما فيها المحركات، التي تبين أخيرا أنها أرسلت مع الحاملة وجرى اعلان ازالتها كذبا.
 
سهل تصنيف Varyag على أنها طراد ثقيل "متعدد المهام" الإبحارَ عبر المضائق التركية ملتفة على شروط معاهدة Montreux . إلا أن العبور ألغي بسبب مخاوف من احتمال تسببها في اغلاق مضيق البسفور الذي لا يزيد عرضه في بعض المناطق عن 700 متر (اكثر قليلا ضعف طول الحاملة) في حال هبوب رياح تحرف الحاملة عرضا خلال مسافة العبور البالغة 30 كيلومترا.

الغاء العبور ترك الحاملة حبيسة مياه البحر الأسود من جوان (يونيو) 2000 الى غاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2001 قبل تغلق تركيا مضيق البسفور أمام الملاحة و تسمح لـ Varyag بالمرور بعد تقديم اغراءات تجارية و تسهيلات سياحية من الجانب الصيني، لتسلك طريق مضيق جبل طارق لتعذر مرورها مقطورة عبر قناة السويس، مواصلةً طريقها الى ميناء Dalian الصيني الذي دخلته مطلع مارس (آذار) 2002.

الرحلة التي بلغت مداها 28500 كلم كلفت إضافة إلى ما دفع مقابل الهيكل للجانب الأكراني، حوالي نصف مليون دولار من رسوم عبور و5 ملايين دولار ككلفة للقطر لمدة 20 شهرًا.

في ميناء Dalian الصيني ولدت قصة نجاح جديدة لا تزال مستمرة لليوم... و التي ستكون موضوع الجزء الثالث بحول الله
 
المشاريع طويلة النَفَس " حاملة الطائرات الصينية"
الجزء الثالث

مطلع مارس 2002 وبعد 627 يوما من مغادرتها لأكرانيا رست الحاملة السوفييتية السابقة Varyag بأمان على مرفئ Daliane الصيني. السفينة كانت تعاني من أضرار جسيمة سببها قرابة العقدين من الإهمال، الصدأ غطى أغلب بدن الحاملة وحتى جوفها -على الأرجح- بسبب ترك مصعد للذخيرة مفتوحا كما أظهرته صور أقمار صناعية سنة 1995. كما أنها وصلت بمعدات متهالكة، غير مكتملة أو فاتها الزمن. إلا أنه محركاتها الأربعة كانت سليمة محكمة التشميع عكس ما أشاعه الصينيون ابتداءا.
IMG_7348.jpeg
 
أسندت مهمة تحديث السفينة لخيرة المهندسين في معهد 701 بمدينة Wuhan ، 701st Research Institute CSIC (China Ship Research and Design Center)

و قد تطلب جهدا يضاهي بناء عدة سفن كما أقر الصينيون، ففي مايو 2013 صرح Wang Zhiguo كبير المهندسين في معهد الأبحاث رقم 701 في مقابلة مع China Youth Daily ، "إن مشروع إعادة بناء حاملة الطائرات عبء العمل به كبير جدا في وقت ضيق. إذ أكملنا عمل 30 شهرًا في 15 شهر واحد ، و فقدنا أثناءها حوالي 15 زميلًا أثناء أعمال التصميم في نفس القسم".

IMG_7347.jpeg
.
 
كما أنهم جهزوا حوضين جافين جديدين لاستقبال السفينة و تعديلها ، التغييرات التي طرأت على السفينة شملت إضافةً إلى كشط و تغيير و تقوية كل ما تضرر من البدن:

- إزالة صوامع الصواريخ الداخلية وتوسيع حضيرة الطائرات تحت سطح الحاملة بـ 10%
- تركيب حزمة رادارات ومستشعرات قوية منها رادارات EASA Type 348 للتحكم بنيران منظومة قتال قريب CIWS Type 1130 بالإضافة إلى رادار البحث البحري Type 381.
- تركيب نظام الدفاع الصاروخي FL-3000N

تغييرات مماثلة أجرتها روسيا على الحاملة Admiral Kusnitzov .

أشغال التهيئة و التجديد انتهت على الحاملة مطلع أوت 2011 لتحط على متنها أول طائرة مروحية (Z-8) يوم 5 أوت ثم أول طائرة ثابتة الجناح (J-15) يوم 10 أوت ، كل هذا و السفينة رابضة قرب الحوض الجاف الجديد الثاني في مرفأ Daliane، الحاملة أبحرت لاجراء أولى التجارب نهاية نوفمبر 2011 لتدخل الخدمة فعليا نهاية سبتمبر 2012 بعد 16 عاما من بدء المفاوضات (سنة 1998)، الحاملة حملت رمزيا رقم المتن 16 تخليدا لسنوات المثابرة التي افضت لتجهيز الصين بأول حاملة طائرات فعلية في تاريخها.

هذا و قد بنى الصينيون نسخة تدريبية ثابتة ذات بدن معدني مستنسخ تماما من الحاملة Liaoning ( Varyag) محمول على مبنى من 3 طوابق خرسانية في محيط المعهد Wuhan المذكور، المجسم قد يكون ساهم في أعمال استنساخ السفينة و تدريب الأطقم كما حمل على مر السنوات نماذج للطائرات التي ستحملها السفينة الحقيقية ة التي ستكون موضوع الجزء الآتي بحول الله
 
عودة
أعلى