أنشودة
الطيارة الصفراء" التي يعود تاريخها إلى زمن الخمسينيات من القرن الماضي، تخفي في طياتها حكاية حقيقية حزينة، من بين آلاف الحكايات المريرة التي عاشها الجزائريون أثناء الاستعمار الفرنسي، فلم تكن هذه الأغنية مجرد نغمة وكلمات، بل قصيدة موزونة خالدة تتغنى بأبطال الثورة الجزائرية الذين شبّوا على النضال والكفاح، في سبيل تحرير البلاد وتوثق "شفويًا" جرائم الإبادة ووحشية
الاستعمار الفرنسي الذي كان يقصف بطائراته قرى ومداشر ومدن الجزائر.
الطائرة الصفراء، هي طائرة من طراز (Morane-Saulnier MS-733)
وكانت طائرة تستخدم للتدريب قبل تجهيزها لعمليات القصف ضدّ الأفراد، حيث يُذكر أيضًا أنها استعملت على نطاق واسع في بداية ثورة التحرير، ولكن مع دخول الأسلحة الألمانية المضادة للطيران، أصبح من السهل استهدافها وإسقاطها.
الطيارة الصفراء" ارتبطت التسمية بجبال عياض بن مشرف الهلالي، المسماة حاليًا بجبال المعاضيد، وواقعة استشهاد إبراهيم لعيايدة شقيق نوارة المسماة عائشة، التي خلدته بكلمات ثورية حزينة ومؤثرة ومعبرة عن مشاعر حرة من حرائر الحضنة بالمسيلة فقدت البصر صغيرة ولم تفقد البصيرة".
وحسب الروايات الشفوية المتناقلة وسط أهالي وسكان قرية برج غدير في برج بوعريريج شرقي الجزائر، ترثي عائشة لعيايدة (نوارة) في القصيدة شقيقها المجاهد والشهيد إبراهيم لعيايدة الذي استشهد تحت قصف الطائرات الحربية الفرنسية صفراء اللون، والمسماة في المجتمع الجزائري منذ الثورة إلى اليوم "الطيارة الصفراء"، وتروي نوارة كيف ودّعت أخاها وهو ذاهب إلى الجبال على وقع قصف الطائرات.
تقول نوارة في مطلع الأغنية "
الطيارة الصفراء حبسي ما تضربيش (توقفي عن القصف).. عندي راس خويّ، لميمة ما تضنيش، (عندي أخ واحد وأمي لا تنجب)، الله، الله، ربّي، رحيم الشهداء".
وتضيف: "أسي، أسي يا ما ما تبكيش، طلع للجبل نموت وما نرنديش (لا تبكي يا أمي، سأصعد إلى الجبل، أموت ولا أستسلم).. الجندي لي جانا طرحنالو لفراش (الجندي الذي أتى إلينا فرّشنا له الفراش).. سمع فرنسا جات، القهوة ما شربهاش (سمع بقدوم الجيش الفرنسي، لم يشرب قهوته)".