تقرير عن ارتفاع الهجرة الغير شرعية للمصريين الى اوروبا
رغم إعلان
السلطات المصرية سيطرتها على
الهجرة غير الشرعية منذ عام 2016، وعدم إبحار أي مركب من شواطئها صوب
أوروبا، فإن حلم الوصول إلى الشاطئ الآخر لا يزال يداعب خيال عدد من الشباب متجاهلين خطر الموت المحدق بهم ويلجأون إلى دول أخرى مجاورة ليعبروا من خلال سواحلها إلى أوروبا وغالباً ما تكون وجهتهم
إيطاليا.
في منتصف سبتمبر (أيلول) الحالي غرق مركب قبالة السواحل الإيطالية كان على متنه شباب مصريون من قرى عدة تابعة لمحافظة الفيوم (جنوب القاهرة)، حيث أعلن عن غرق 12 من بين 29 شاباً وبنهاية أغسطس (آب) الماضي كشفت السلطات الليبية عن غرق مركب في البحر المتوسط، كان يحمل 27 مصرياً، ولم ينج سوى ستة منهم.
ووفقاً لتحقيقات أجرتها السلطات في ليبيا تبين أن المركب متهالك، وغير صالح للإبحار، وتعرض للغرق بسبب الحمولة الزائدة في الساحل الشرقي لمنطقة طليثمة، وكان من بين الضحايا 15 من قرية واحدة في محافظة الشرقية (شمال القاهرة) هي الحوض الطويل. وتواصلت "اندبندنت عربية" مع عمدة القرية محمد رمضان للتعقيب على الحادثة ومعرفة أسباب لجوء الشباب إلى البحر، إلا أنه رفض التعليق.
جهود استباقية
وإضافة إلى ما يعلن عن غرق مراكب الهجرة تقوم قوات الأمن المصرية بجهود استباقية لمنع خروج تلك المراكب من السواحل المصرية وكذلك منع تسلل راغبي الهجرة إلى ليبيا، وتتحدث وزارة الداخلية بصورة شبه يومية عن إحباط محاولات للهجرة غير الشرعية وتزوير المستندات.
ورغم جهود الحكومة المصرية للتوعية بأضرار الهجرة غير الشرعية ومحاولات قوات الأمن تحجيم محاولات التسلل إلى ليبيا أو خروج مراكب من السواحل المصرية، فإن تقريراً للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة صدر في مايو (أيار) الماضي كشف عن زيادة في أعداد المهاجرين غير الشرعيين المصريين من خلال تتبع عدد الواصلين إلى الشواطئ الإيطالية، إذ يظهر التقرير أن الجنسية المصرية احتلت المرتبة الثانية في تصنيف المهاجرين بعد البنغاليين بنسبة 18 في المئة ممن استطاعوا الوصول إلى الشواطئ الإيطالية منذ بداية العام.
ارتفاع الأعداد
وارتفع عدد المصريين العابرين من المتوسط إلى إيطاليا من 22 في يناير (كانون الثاني) 2021 إلى 1893 في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام ذاته، وانخفض العدد إلى 238 في مارس (آذار) الماضي ليعاود الارتفاع إلى 1188 في مايو وفق التقرير الأممي المستند إلى أرقام وزارة الداخلية الإيطالية.
ويشير تقرير وكالة اللجوء التابعة للاتحاد الأوروبي الصادر في يوليو (تموز) الماضي إلى أنه رغم انخفاض عدد المهاجرين المصريين في إيطاليا مطلع العام الحالي أقل من فترة الذروة بين أغسطس ونوفمبر 2021 حين كان العدد أكبر من 1200 مصري شهرياً، لكن نسبة المصريين من بين الواصلين في فبراير (شباط) الماضي كانت كبيرة، إذ كان واحد من بين كل ثلاثة مهاجرين يحمل الجنسية المصرية.
وأكد التقرير الخاص بوضع الهجرة واللجوء من مصر إلى الاتحاد الأوروبي أعدته الوكالة التابعة للاتحاد ومقرها العاصمة المالطية فاليتا، أن معظم المراكب التي تقل مصريين إلى إيطاليا تخرج من ليبيا، بينما نسبة قليلة تبحر من تركيا، فيما لم يغادر السواحل المصرية سوى عدد قليل جداً من مراكب الهجرة غير الشرعية منذ عام 2016.
إجمالاً، بلغ عدد المصريين الذين وصلوا إلى السواحل الإيطالية في الفترة بين بداية العام الحالي و13 يونيو (حزيران) الماضي 3935 مصرياً مع الإشارة إلى زيادة ملحوظة في نسبة المهاجرين منذ أغسطس 2021.
وبحسب أرقام الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل ألقي القبض على 3292 مصرياً حاولوا دخول الأراضي الأوروبية عبر البحر المتوسط في الفترة بين يناير ومايو الماضيين، وبذلك
تسجل الجنسية المصرية النسبة الأعلى من بين الموقوفين على الطريق الخاص بوسط البحر المتوسط، بما يعادل 20 في المئة ممن ألقي القبض عليهم في الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي.
وبلغ عدد طلبات اللجوء من المصريين في دول الاتحاد الأوروبي على وجه العموم 1400 طلب خلال مارس الماضي لتسجل أعلى مستوى لها منذ 2014 في الأقل، وخلال الربع الأول من العام الحالي تقدم 3480 مصرياً بطلبات لجوء، مما يعني زيادتها بنسبة 338 في المئة، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، وجاءت إيطاليا في مقدمة الدول التي شهدت تلك الطلبات بـ61 في المئة منها، ثم اليونان بـ12 في المئة، تلتها فرنسا وألمانيا والنمسا وهولندا.
أسباب الهجرة
وعزا تقرير الوكالة الأوروبية للجوء تلك الزيادة الكبيرة إلى الأوضاع الاقتصادية في مصر، مشيراً إلى ما سماه
معاناة المصريين نتيجة زيادة كلف المعيشة، إذ إن التضخم ارتفع بنسبة فاقت الـ10 في المئة خلال العام الحالي، كما أن تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية أثرت في أسعار القمح والغذاء بوجه عام.
ولفت التقرير إلى أن استطلاعاً لآراء مصريين في ليبيا كانوا يحاولون الهجرة إلى أوروبا بين ديسمبر 2021 ويناير 2022 كشف عن أن 65 في المئة منهم يرغبون في الهجرة، لعدم حصولهم على الدخل الكافي، بينما قال 28 في المئة إنهم لم يجدوا فرص عمل.
وكان تقرير لموقع "إي يو أوبزرفر" الإخباري ومقره بروكسل أورد أن 3500 مصري غادروا السواحل المصرية باتجاه أوروبا في النصف الأول من العام الحالي، مما يمثل أربعة أضعاف العدد خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، إلا أن التقارير الرسمية الأوروبية ما زالت تشير إلى نجاح الجهود المصرية في ضبط شواطئها.
الأوضاع الاقتصادية
كما أكدت رئيسة اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الهجرة غير الشرعبية والاتجار بالبشر التابعة للحكومة المصرية السفيرة نائلة جبر أنه لم يخرج مركب واحد للهجرة غير الشرعية من الشواطئ المصرية منذ سبتمبر 2016، مشيرة إلى أن معظم من يحاولون الهجرة عبر المتوسط هم من الذين كانوا يعملون في الدول المجاورة التي تخرج منها المراكب صوب إيطاليا، ثم قرروا خوض تجربة الهجرة إلى أوروبا، وأوضحت أن تراجع الأوضاع الاقتصادية نتيجة تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية - الأوكرانية تؤثر في جميع دول العالم حالياً.
رغم إعلان السلطات المصرية سيطرتها على الهجرة غير الشرعية منذ عام 2016، وعدم إبحار أي مركب من شواطئها صوب أوروبا، فإن حلم الوصول إلى الشاطئ الآخر لا يزال يداعب خيال عدد من الشباب متجاهلين خطر الموت المحدق بهم ويلجأون إلى دول أخرى مجاورة ليعبروا من خلال سواحلها إلى أوروبا وغالباً ما تكون وجهتهم...
www.independentarabia.com