تعبير السيكا حيث العساكر في خدمة الضباط وليس الوطن
كنت في زيارة لإحدى صديقاتي يومًا ما، وإذ بجرس المنزل يدق ففتحت الباب فإذا بعسكري جيش يقول لها أريد الإيجار يا أستاذة؟ ذُهلت من طلبه، وعندما أعطته المال سألتها ما علاقة عسكري الجيش بإيجار منزلك، قالت إنه العسكري الخاص بخدمة الضابط مالك البيت يأتي كل أول شهر ليأخذ الإيجار، اندهشت وقلت لنفسي: هل هذا تكليف جديد لمجندي الجيش؟ وكان ذلك أول عهدي بأن أرى عسكري يظهر على وجهه الانكسار فهو يعمل في خدمة ليست خدمته، وعلمت بعد ذلك أن هؤلاء المجندين يلقبون بـ"السيكا".
عسكري "السيكا" داخل الكتيبة، مهامه كثيرة ومنها إيقاظ الضابط وتنظيف ملابسه ومكتبه وتلميع حذاءه وإعداد الطعام له، كما أن الضابط يجعله "عصفورة" ناقل للكلام فهو ينقل له كل ما يحدث داخل الكتيبة وعندما يكون الضابط في إجازة ويعود يكتب له تقارير عن الأحداث التي حدثت أثناء غيابه، وبعض العساكر منهم يكون له تأثير في تقليب الضابط على بعض المجندين والتأثير على إجازاتهم، وهناك معلومة أيضا علمت بها من مجندين سابقين وهي أن السيكا لا يرتدي الكاب العسكري ولا يؤدي التحية إلا لقائده فقط ولا يشارك في أي طوابير ولا يتدرب على حمل السلاح.
"السيكا" ليس لخدمة الضابط فقط بل أيضا لخدمة كل من في منزله، شراء خضروات وفاكهة، دفع فواتير مستحقة وكل مستلزمات المنزل التي تريدها المدام والأولاد يفعلها ودون مقابل، استعباد المجندين داخل القوات المسلحة له روايات وقصص كثيرة تحكي معاناتهم وسلب كرامتهم وإرادتهم فهم مسخرون ولا يستطيعون الشكوى، مع استحواذ القوات المسلحة على الاقتصاد المصري وتوسع مشروعاتها، كانت أغلب عمالتهم من مجندي الجيش. فمجند الجيش تجده على سيارات "تحيا مصر" وفي منافذ بيع اللحوم والخضروات، وفي مشاريع البناء والفنادق والمطاعم، وزراعة المحاصيل الخاصة بالقوات المسلحة، وبدون مقابل مادي، ضباط الجيش يختارون من يكون سيكا فهم يعتمدون على الطرف الأضعف الذي يخاف أن يقول لا، وبدلاً من أن يتدرب على حمل السلاح يحمل "شنطة الخضار".