بعد سنة من التحقيقات.. البرلمان الأوروبي يفشل في تقديم أدلة على "تورط" المغرب في التجسس بـ"بيغاسوس" ويؤكد استعمال إسبانيا للبرنامج ضد 18 انفصاليًا كاتالونيًا
يبدو أن لجنة التحقيق التابعة للبرلمان الأوروبي، لم تتوصّل إلى أية أدلة دامغة تُثبت تورط أجهزة المخابرات المغربية في التجسس من خلال برنامح "بيغاسوس" على هواتف رئيس الحكومة، بيدرو سانشيز، ومسؤولين حكوميين إسبان.
وبعد أكثر من عام مضت على مباشرتها للتحقيقات، أصدرت لجنة التحقيق التابعة للبرلمان الأوروبي في قضية بيغاسوس، تقريرا أمس الاثنين تعتبر فيه أن المغرب فقط مسؤول "محتمل" عن التجسس على الهواتف المحمولة لرئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، ووزيرة الدفاع، مارغريتا روبليس، ووزير الداخلية فرناندو غراندي مارلاسكا.
التقرير ذاته، الذي تمت الموافقة عليه بأغلبية 30 صوتًا مقابل 3 أصوات وامتناع 4 عن التصويت، كشف
أيضا أن السلطات الإسبانية هي التي تجسست على السياسيين الكتالونيين المؤيدين لأطروحة الانفصال، 18 منهم بإذن قضائي، وذلك على الرغم من أن التقرير يشكك في تناسب عمليات التنصت على المكالمات الهاتفية.
ووفق التقرير ذاته، أقرّ مركز الاستخبارات الوطنية بالتجسس على 18 انفصاليًا كاتالونيًا - جميعهم بتفويض قضائي - ، من بينهم الرئيس الحالي الجنرال، بيري أراغون، أو الرئيس السابق كارليس بويجديمونت، على الرغم من أن الأخير لم يكن بشكل مباشر ولكن من خلال هاتف زوجته، فيما يشير التقرير إلى أنه "بالنسبة للقضايا الـ 18 التي صدر فيها أمر من المحكمة ، فقد تم التحقق من شرعيتها وتأكيدها من قبل أمين المظالم، ولكن لا يمكن التحقق من تخصصها وكفاءتها واستثنائيتها وتناسبها وضرورتها إلا من قبل المحكمة"، يلاحظ التقرير.
وفيما يتعلق بالأفراد الـ 47 الآخرين المرتبطين بحركة الاستقلال الذين تم التجسس عليهم أيضًا، وفقًا لتقرير Citizen Lab، "لا يزال من غير الواضح ما إذا كان قد تم اختيارهم من قبل CNI بأمر من المحكمة أو إذا تلقت سلطة أخرى أوامر من المحكمة لاختيارهم بشكل قانوني، "يقول التقرير مضيفا "لم يكن من الممكن تقييم إلى أي مدى يشكل هؤلاء الأشخاص الـ 47 تهديدًا وشيكًا للأمن القومي أو السلامة الإقليمية للدولة".
ولطالما دافعت الحكومة الإسبانية في مجلس النواب عن أن التحقيقات أجريت بإذن قضائي وأنها ملزمة بإبقائها سرية، بيد أن التقرير يشير أيضا إلى أنه "بناءً على سلسلة من المؤشرات، والتي أقر بعضها من قبل لجنة الأسرار الرسمية (التابعة لمجلس النواب)، من المفترض أن السلطات الإسبانية قامت بمراقبة الأهداف الكتالونية".
وتفجرت فضيحة التجسس على هاتف سانشيز ماي العام الماضي، ما دفع أحزاب المعارضة الإسبانية إلى اتهام الرباط بالوقوف وراء ذلك بسبب تزامن حادث التجسس مع الأزمة الدبلوماسية العنيفة بين المغرب وإسبانيا التي اندلعت في وقت سابق، كما اتهمت وزيرة الخارجية الإسبانية السابقة، ارانتشا غونزاليس لايا، بدورها المغرب بأنه قام بـ"عمليات تنصت" في 2021.
وكان المغرب، قد اتُهم صيف 2021 باستخدام بيغاسوس بعد تحقيق مكثف أجرته مجموعة تضم 17 وسيلة إعلام دولية، وهو ما نفته الحكومة المغربية مشدّدة على أنها مجرد "مزاعم كاذبة لا أساس لها من الصحة"، ما دفعها إلى رفع دعوة ضد متّهمين المملكة بالتجسس من بينهم صحافي إسباني يدعى إغناسيو سمبريرو غير أن القضاء الإسباني رفضها.
وفي وقت أعلن المغرب عن عدم امتلاكه بالأصل لبرمجيات "بيغاسوس"، أعلن بيدرو سانشيز، رئيس الوزراء الإسباني، إعادة الهيكلة الشاملة لأجهزة مدريد الاستخباراتية، على إثر ما بات يعرف بفضيحة التجسس على وزراء الحكومة الإيبيرية، كما تم إقالة رئيسة المخابرات الإسبانية، باث إيستيبان، من طرف وزيرة الدفاع في حكومة بيدرو سانشيز، بسبب المزاعم ذاتها.
وكان بين الخبراء التقنيين، الخبير الأمريكي في علوم الكمبيوتر والتجسس والعلوم الجنائية الرقمية، جوناثان سكوت، الذي نشر في فبراير الماضي كتابا يحمل عنوان "Exonerating Morocco : Disproving the Spyware" أو ما يُقابله بالعربية "تبرئة المغرب: دحض مزاعم التجسس"، وقد قال فيه بأن التحقيقات الرقمية التي اعتمدت عليها منظمة العفو الدولية ومختبر "ذا سيتزن"، إضافة إلى "فوربيدين ستوريز"، تغيب فيها المصداقية والشفافية والوضوح، لكونها من جهة تعتمد على منهجيات تؤدي إلى نتائج خاطئة، ومن جهة أخرى لا تُقدم دلائل مادية والبرامج التي استخدمتها للقيام بأبحاثها من أجل التأكد منها من طرف خبراء المعلوميات في العالم.
وأضاف جوناثان سكوت، إن هذا المنهج في التحقيق من طرف هذه المنظمات له آثار سلبية كبيرة وخطيرة، فهي تُغذي الشكوك في مجتمع خبراء المعلوميات وتدمر مصداقية التحقيقات الأخرى، خاصة أن الاتهامات التي تم توجيهها للمغرب في قضية بيغاسوس وباقي قضايا التجسس الأخرى تفتقر للدلائل الواضحة والموثوقة.
وأشار الخبير الأمريكي في هذا السياق، إن ما قالت منظمة العفو الدولية بقيام المغرب بالتجسس على هواتف نشطاء وصحفيين، تبين أنه عملية عادية في نظام "إيوس" لهواتف "آيفون"، لكن بالرغم من ذلك لم يتم تصحيح هذا الخطأ وتم ترك الإشاعات تنتشر حول المغرب تتهمه بممارسة التجسس، وهو ما قد يكون له تداعيات سلبية، على صورة المغرب الحقوقية، وقد يكون له تأثيرات سلبية على العلاقات الدولية.
يبدو أن لجنة التحقيق التابعة للبرلمان الأوروبي، لم تتوصّل إلى أية أدلة دامغة تُثبت تورط أجهزة المخابرات المغربية في التجسس من خلال برنامح
www.assahifa.com