حسن آغا الطوشي
في الوقت الذي كان يعمل فيه خير الدين بربوسا في الأسطول العثماني في البحر المتوسط، كان حسن آغا الطوشي نائب البيلر بيك يعمل على قهر القراصنة الأوربية، حتى طار اسمه في الجزائر، وصار مثالاً بارزًا في التضحية والبطولة الإسلامية، مما حدا بهؤلاء القراصنة الاستنجاد بشارل الخامس، وكان يريد إقامة معاهدة مع خير الدين بربوسا إلا أنه فشل في ذلك، فقد كان يريد إقامة تحالف جزائري إسباني في مواجهة التحالف العماني الفرنسي، ويقتطع الجزائر وشمال إفريقيا من دولة الخلافة الإسلامية، إلا أن هذا الأمر كان بعيد المنال.
لقد انهمك حسن آغا الطوشي في توحيد الأمن، وإرساء أسس للإدارة المستقلة، ومحاولة جمع أطراف البلاد تحت السلطة الجزائرية التي تخضع للدولة العثمانية، فأخضع مستغانم، واستولى على عاصمة الزاب وملحقاتها.
أهم المعارك ودوره فيها
من أهم المعارك التي شارك فها حسن آغا الطوشي تلك المعركة التي كانت في شهر جمادي الأول 946هـ/ سبتمبر 1539م وقد ركب الجيش العثماني البحر، وكان قوامه 1300 رجل ، على ظهر ثلاث عشرة سفينة واندفعوا عنها من الأسبان ونزل حسن آغا وجيشه إلى البر فاحتل البلدة وتمكن منها، واستحوذ على مافيها من خيرات وأرزاق وغنائم للمسلمين وتوغل في جهات الساحل الإسباني الجنوبي، وغنم ماوقع تحت يده من أموال ومتاع الأسبان واختار من بينهم جماعات من الأسرى والسبايا ساقهم للبيع في المدن المغربية الشمالية خاصة تطوان ثم يعود للميدان وعندما أراد الرجوع إلى الجزائر اعترضت طريقه عمارة إسبانية كبيرة العدد، وقامت المعركة بين القوتين وكانت عنيفة قاسية، أسفرت عن غرق عدد من سفن الجانبين ومع ذلك كانت خسائر الأسبان في هذه المعركة عظيمة.
بعد الهزيمة التي مني بها الأسبان عزم شارل الخامس على القيام بحملة عسكرية تستهدف القضاء على حركة الجهاد الإسلامي في الحوض الغربي للبحر المتوسط وقبل أن يشرع في تنفيذها كان هدوءًا نسبيًا يسود القارة الأوربية إثر عقد هدنة نيس في محرم 945هـ/ يونيو 1538م مع فرنسا والتي كانت مدتها عشر سنوات.
قدم شارل الخامس بجيشه إلى الجزائر في يوم الثامن والعشرون من شهر جمادى الآخرة سنة 948هـ الموافق الخامس عشر من شهر أكتوبر 1541م، وعندما شاهده حسن آغا الطوشي اجتمع في ديوانه مع أعيان الجزائر وكبار رجال الدولة، وحثهم على الجهاد والدفاع عن الإسلام والوطن قائلاً لهم: "... لقد وصل العدو عليكم ليسبي أبناءكم وبناتكم، فاستشهدوا في سبيل الدين الحنيف... هذه الأراضي فتحت بقوة السيف ويجب الحفاظ عليها، وبعون الله النصر حليفنا، نحن أهل الحق... ". فدعا له المسلمون، وأيدوه في جهاد العدو، ثم بدأ حسن آغا في إعداد جيوشه والاستعداد للمعركة.
أخذ الأسبان في تحضير عدتهم وعتدادهم للهجوم على الجزائر، وألقى الله الرعب في قلب شارل عندما رأى استعداد حسن الطوشي، واستعداد أهل الجزائر للقتال وقد ظن أنهم يسلمون إليه البلدة دون مقاومة، إلا أن القلوب التي تعمق فيها الإيمان وتوغل ما تعرف معنى الضعف أو الذلة والخذلان فقرروا الجهاد في سبيل الله مدافعين عن دينهم وبلادهم، وأراد شارل الخامس الاستهزاء بحسن الطوشي فأرسل إليه رسالة يتوعده ويأمره بتسليم البلدة يقول في رسالته: " ... أنت تعرفني أنا سلطان .. كل ملة المسيحيين تحت يدي إذا رغبت في مقابلتي سلمني القلعة مباشرة.. أنقد نفسك من يدي وإلا أمرت بإنزال أحجار القلعة في البحار، ثم لا أبقي عليك ولا سيدك ولا الأتراك، وأخرب كل البلاد... ". وصل ذلك الخطاب إلى حسن آغا، وأجاب عليه "... أنا خادم السلطان سليمان ... تعال واستلم القلعة، ولكن لهذه البلاد عادة، أنه إذا جاءها العدو، لا يعطى إلا الموت". وفي رواية: "غزت إسبانيا الجزائر في عهد عروج مرة، وفي عهد خير الدين مرة، ولم تحصل على طائل، بل انتهبت أموالها وفنيت جنودها، وستحصل المرة الثالثة كذلك إن شاء الله".
واستطاع حسن أن يرد على هذا الجواب، فأرسل إليه رسولاً يطلب منه إذنًا للسماح بحرية المرور لمن أراد من أهل الجزائر وخاصة نساءها وأطفالها مغادرة المدينة عبر ( باب الواد ) فعرف ( شارلكان ) أن حامية الجزائر مصممة على الدفاع المستميت، وأنه من المحال احتلال الجزائر إلا إذا تم تدميرها تدميرًا تامًا.
تيقن شارل أنه لن يستطيع دخول الجزائر إلا بعد أن يدمر هذه الحامية إلا أنه لميكن قد أنزل مدافعه بعد قلم يتمكن من قذف الجزائر، وفي ذات الوقت كان المجاهدون يوجهون ضرباتهم الموجعة إلى القوات الإسبانية، في كل مكان، حتى قال أحد فرسان مالطة في تقريره عن المعركة: "لقد أذهلتنا هذه الطريقة في الحرب، لأننا لم نكن نعرفها من قبل ".
ولما سمع الناس بالجهاد تحرك الإيمان في قلوبهم، فكان دافعًا لأن يشترك الناس في هذه المواجهة بين الإسلام والصليبية، ولقد استفاد المجاهدون من الناس في معرفة طبيعة الأرض، واستخدامهم لمميزاتها بشكل رائع، وسخر الله لجنود الإسلام الأمطار والرياح والأمواج ( وهبت ريح عاصف استمرت عدة أيام واقتلعت خيام جنود الحملة وارتطمت السفن بعضها ببعض مما أدى إلى غرق كثير منها وقذفت الأمواج الصاخبة ببعض السفن إلى الشاطئ وهجم عليها المدافعون المسلمون واستولوا على أدواتها وذخائرها، أما الأمطار فقد أفسدت مفعول البارود. وفي وسط هذه الكوارث حاول الإمبراطور مهاجمة مدينة الجزائر، إلا أن كل محاولاته باءت بالفشل .. )وظهرت بطولات رائعة من القائد (الحاج البشير) الذي استطاع بجنوده أن يحصد رءوس النصارى بشجاعة فائقة، وبسالة نادرة، وبطولة رائعة لقد استطاعت القيادة العسكرية الجزائرية أن تستفيد من الوضع المحيط بالنصارى، ووجهت جنودها بطريقة متميزة في الكر والفر أفنت جزءًا كبيرًا من الأعداء واضطر الإمبراطور إلى الانسحاب مع بقية جنوده على ما تبقى لهم من سفن واتجه بأسطوله إلى إيطاليا بدلاً من إسبانيا وكان من العوامل التي ساعدت على إلحاق هذه الهزيمة بالإمبراطور، القيادة الرشيدة والتفاف الشعب الجزائري حولها وتدفق رجال القبائل إلى ساحة الوغى طلبًا للشهادة في سبيل الله، ودفاعًا عن الإسلام والمسلمين، وقد شبه أهل الجزائر هذه الهزيمة بهزيمة أصحاب الفيل التي ورد ذكرها في القرآن الكريم، فقالوا في رسالة وجهوها إلى السلطان سليمان: إن الله سبحانه وتعالى عاقب شارل الخامس وجنوده بعقاب أصحاب الفيل، وجعل كيدهم في تضليل، وأرسل عليهم ريحًا عاصفًا وموجًا قاصفًا، فجعلهم بسواحل البحر ما بين أسير وقتيل، ولا نجا منهم من الغرق إلا قليل".
وأنعم السلطان سليمان على حسن آغا الطوشي برتبة الباشوية؛ لدوره الفعال في النصر .
من أقواله ووفاته
عندما قدم العدو إلى الجزائر، قال لأهل الجزائر: "لقد وصل العدو عليكم ليسبي أبناءكم وبناتكم، فاستشهدوا في سبيل الدين الحنيف... هذه الأراضي فتحت بقوة السيف، ويجب الحفاظ عليها، وبعون الله النصر حليفنا، نحن أهل الحق".
استمر حسن آغا في القيام بواجبه المقدس حتى وفاته 951هـ/ 1544م[1].
[1] د. علي محمد الصلابي: الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط.
عن موقع قصة الاسلام
في الوقت الذي كان يعمل فيه خير الدين بربوسا في الأسطول العثماني في البحر المتوسط، كان حسن آغا الطوشي نائب البيلر بيك يعمل على قهر القراصنة الأوربية، حتى طار اسمه في الجزائر، وصار مثالاً بارزًا في التضحية والبطولة الإسلامية، مما حدا بهؤلاء القراصنة الاستنجاد بشارل الخامس، وكان يريد إقامة معاهدة مع خير الدين بربوسا إلا أنه فشل في ذلك، فقد كان يريد إقامة تحالف جزائري إسباني في مواجهة التحالف العماني الفرنسي، ويقتطع الجزائر وشمال إفريقيا من دولة الخلافة الإسلامية، إلا أن هذا الأمر كان بعيد المنال.
لقد انهمك حسن آغا الطوشي في توحيد الأمن، وإرساء أسس للإدارة المستقلة، ومحاولة جمع أطراف البلاد تحت السلطة الجزائرية التي تخضع للدولة العثمانية، فأخضع مستغانم، واستولى على عاصمة الزاب وملحقاتها.
أهم المعارك ودوره فيها
من أهم المعارك التي شارك فها حسن آغا الطوشي تلك المعركة التي كانت في شهر جمادي الأول 946هـ/ سبتمبر 1539م وقد ركب الجيش العثماني البحر، وكان قوامه 1300 رجل ، على ظهر ثلاث عشرة سفينة واندفعوا عنها من الأسبان ونزل حسن آغا وجيشه إلى البر فاحتل البلدة وتمكن منها، واستحوذ على مافيها من خيرات وأرزاق وغنائم للمسلمين وتوغل في جهات الساحل الإسباني الجنوبي، وغنم ماوقع تحت يده من أموال ومتاع الأسبان واختار من بينهم جماعات من الأسرى والسبايا ساقهم للبيع في المدن المغربية الشمالية خاصة تطوان ثم يعود للميدان وعندما أراد الرجوع إلى الجزائر اعترضت طريقه عمارة إسبانية كبيرة العدد، وقامت المعركة بين القوتين وكانت عنيفة قاسية، أسفرت عن غرق عدد من سفن الجانبين ومع ذلك كانت خسائر الأسبان في هذه المعركة عظيمة.
بعد الهزيمة التي مني بها الأسبان عزم شارل الخامس على القيام بحملة عسكرية تستهدف القضاء على حركة الجهاد الإسلامي في الحوض الغربي للبحر المتوسط وقبل أن يشرع في تنفيذها كان هدوءًا نسبيًا يسود القارة الأوربية إثر عقد هدنة نيس في محرم 945هـ/ يونيو 1538م مع فرنسا والتي كانت مدتها عشر سنوات.
قدم شارل الخامس بجيشه إلى الجزائر في يوم الثامن والعشرون من شهر جمادى الآخرة سنة 948هـ الموافق الخامس عشر من شهر أكتوبر 1541م، وعندما شاهده حسن آغا الطوشي اجتمع في ديوانه مع أعيان الجزائر وكبار رجال الدولة، وحثهم على الجهاد والدفاع عن الإسلام والوطن قائلاً لهم: "... لقد وصل العدو عليكم ليسبي أبناءكم وبناتكم، فاستشهدوا في سبيل الدين الحنيف... هذه الأراضي فتحت بقوة السيف ويجب الحفاظ عليها، وبعون الله النصر حليفنا، نحن أهل الحق... ". فدعا له المسلمون، وأيدوه في جهاد العدو، ثم بدأ حسن آغا في إعداد جيوشه والاستعداد للمعركة.
أخذ الأسبان في تحضير عدتهم وعتدادهم للهجوم على الجزائر، وألقى الله الرعب في قلب شارل عندما رأى استعداد حسن الطوشي، واستعداد أهل الجزائر للقتال وقد ظن أنهم يسلمون إليه البلدة دون مقاومة، إلا أن القلوب التي تعمق فيها الإيمان وتوغل ما تعرف معنى الضعف أو الذلة والخذلان فقرروا الجهاد في سبيل الله مدافعين عن دينهم وبلادهم، وأراد شارل الخامس الاستهزاء بحسن الطوشي فأرسل إليه رسالة يتوعده ويأمره بتسليم البلدة يقول في رسالته: " ... أنت تعرفني أنا سلطان .. كل ملة المسيحيين تحت يدي إذا رغبت في مقابلتي سلمني القلعة مباشرة.. أنقد نفسك من يدي وإلا أمرت بإنزال أحجار القلعة في البحار، ثم لا أبقي عليك ولا سيدك ولا الأتراك، وأخرب كل البلاد... ". وصل ذلك الخطاب إلى حسن آغا، وأجاب عليه "... أنا خادم السلطان سليمان ... تعال واستلم القلعة، ولكن لهذه البلاد عادة، أنه إذا جاءها العدو، لا يعطى إلا الموت". وفي رواية: "غزت إسبانيا الجزائر في عهد عروج مرة، وفي عهد خير الدين مرة، ولم تحصل على طائل، بل انتهبت أموالها وفنيت جنودها، وستحصل المرة الثالثة كذلك إن شاء الله".
واستطاع حسن أن يرد على هذا الجواب، فأرسل إليه رسولاً يطلب منه إذنًا للسماح بحرية المرور لمن أراد من أهل الجزائر وخاصة نساءها وأطفالها مغادرة المدينة عبر ( باب الواد ) فعرف ( شارلكان ) أن حامية الجزائر مصممة على الدفاع المستميت، وأنه من المحال احتلال الجزائر إلا إذا تم تدميرها تدميرًا تامًا.
تيقن شارل أنه لن يستطيع دخول الجزائر إلا بعد أن يدمر هذه الحامية إلا أنه لميكن قد أنزل مدافعه بعد قلم يتمكن من قذف الجزائر، وفي ذات الوقت كان المجاهدون يوجهون ضرباتهم الموجعة إلى القوات الإسبانية، في كل مكان، حتى قال أحد فرسان مالطة في تقريره عن المعركة: "لقد أذهلتنا هذه الطريقة في الحرب، لأننا لم نكن نعرفها من قبل ".
ولما سمع الناس بالجهاد تحرك الإيمان في قلوبهم، فكان دافعًا لأن يشترك الناس في هذه المواجهة بين الإسلام والصليبية، ولقد استفاد المجاهدون من الناس في معرفة طبيعة الأرض، واستخدامهم لمميزاتها بشكل رائع، وسخر الله لجنود الإسلام الأمطار والرياح والأمواج ( وهبت ريح عاصف استمرت عدة أيام واقتلعت خيام جنود الحملة وارتطمت السفن بعضها ببعض مما أدى إلى غرق كثير منها وقذفت الأمواج الصاخبة ببعض السفن إلى الشاطئ وهجم عليها المدافعون المسلمون واستولوا على أدواتها وذخائرها، أما الأمطار فقد أفسدت مفعول البارود. وفي وسط هذه الكوارث حاول الإمبراطور مهاجمة مدينة الجزائر، إلا أن كل محاولاته باءت بالفشل .. )وظهرت بطولات رائعة من القائد (الحاج البشير) الذي استطاع بجنوده أن يحصد رءوس النصارى بشجاعة فائقة، وبسالة نادرة، وبطولة رائعة لقد استطاعت القيادة العسكرية الجزائرية أن تستفيد من الوضع المحيط بالنصارى، ووجهت جنودها بطريقة متميزة في الكر والفر أفنت جزءًا كبيرًا من الأعداء واضطر الإمبراطور إلى الانسحاب مع بقية جنوده على ما تبقى لهم من سفن واتجه بأسطوله إلى إيطاليا بدلاً من إسبانيا وكان من العوامل التي ساعدت على إلحاق هذه الهزيمة بالإمبراطور، القيادة الرشيدة والتفاف الشعب الجزائري حولها وتدفق رجال القبائل إلى ساحة الوغى طلبًا للشهادة في سبيل الله، ودفاعًا عن الإسلام والمسلمين، وقد شبه أهل الجزائر هذه الهزيمة بهزيمة أصحاب الفيل التي ورد ذكرها في القرآن الكريم، فقالوا في رسالة وجهوها إلى السلطان سليمان: إن الله سبحانه وتعالى عاقب شارل الخامس وجنوده بعقاب أصحاب الفيل، وجعل كيدهم في تضليل، وأرسل عليهم ريحًا عاصفًا وموجًا قاصفًا، فجعلهم بسواحل البحر ما بين أسير وقتيل، ولا نجا منهم من الغرق إلا قليل".
وأنعم السلطان سليمان على حسن آغا الطوشي برتبة الباشوية؛ لدوره الفعال في النصر .
من أقواله ووفاته
عندما قدم العدو إلى الجزائر، قال لأهل الجزائر: "لقد وصل العدو عليكم ليسبي أبناءكم وبناتكم، فاستشهدوا في سبيل الدين الحنيف... هذه الأراضي فتحت بقوة السيف، ويجب الحفاظ عليها، وبعون الله النصر حليفنا، نحن أهل الحق".
استمر حسن آغا في القيام بواجبه المقدس حتى وفاته 951هـ/ 1544م[1].
[1] د. علي محمد الصلابي: الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط.
عن موقع قصة الاسلام
التعديل الأخير: