جولدا مائير : لقد قطع المصريين لسانى

إنضم
6 يوليو 2008
المشاركات
3,098
التفاعل
130 0 0
الدولة
Egypt
معركة لسان بورتوفيق الأولى


lesan_pottawfik.gif

رسم كروكي لموقع الإغارة على موقع لسان بورتوفيق

تاريخ المعركة: أثناء فترة حرب الإستنزاف يوم 10/7/1969
القوة المنفذة: الكتيبة 43 صاعقة بقوة 5 فصائل = 140 مقاتل + جماعة قاذف لهب
نوع العملية: الإغارة على موقع حصين للعدو
مدة التنفيذ: ساعتان
ميدان المعركة: موقع حصين أقامه العدو على لسان بورتوفيق بالضفة الشرقية للقناة به دشم حصينة ودبابات ومدافع مجنزرة وأفراد مشاة واستطلاع ويقع عند نهاية الطرف الجنوبي للقناة في مواجهة موانئ السويس ومعامل البترول.

التمهيد: في شهر مايو من منفس العام أتم العدو عملية الإغارة على نقطة لقوات الحدود بمنطقة لسان الادبية، وقتل جميع من فيها وكان عددهم 6 من كبار السن، ودمر باعث ضوء مجهز لأضاءة سطح المياه لمدخل الميناء، وفي نفس الشهر قام بضرب تنكات البترول بمنطقة الزيات والمراكب.

الإعداد للعملية: كان لابد من الرد. واسكات هذا الموقع والذي اطلقت اليهود على أحد افراده انه "قناص الاقتصاد المصري".

الخطة: صدرت الأوامر بتنفيذ إغارة مؤثرة على هذا الموقع لتدميره بما لا يسمح بعودته للعمل مجددا.
التدريب: تم تدريب جميع فصائل الكتيبة على العملية على أرض مشابهة بدون مياه في حصن بجبل عتاقة على الرغم من أن ذلك يفوق المطلوب بكثير، وذلك لاختيار افضل العناصر للتنفيذ .. وبسبب عدم معرفة التوقيت الفعلي للعملية بما لا يتناقض مع التوقيتات الروتينية للاجازات الميدانية.
القرار والتنفيذ: صدرت الأوامر بتحديد ساعة الصفر ويوم التنفيذ للأغارة، وتم جمع القوة كالتالي:
- مجموعة قطع شمال
- 3 مجموعات هجوم بالمواجهة
- مجموعة قطع يمين على الطرف الجنوبي للسان

المرحلة الأولى من التنفيذ: تم فيها التحرك ليلا للأختباء في بدرومات عمارات الهيئة ومدرسة آمون بمدينة بورتوفيق. وعدم السماح بأي تحرك خارج هذه الأماكن إلا لعناصر قليلة جدا للضرورة والأستطلاع حتى لا يكتشف أحد وجود القوة ، وتمت عودة السيارات ليلا. مع التشديد على عدم الظهور في المدينة أو الحديث خلال نهار التواجد قبل العملية.

المرحلة الثانية للتنفيذ: تمت إعادة التلقين واستكمال التجهيزات من أجهزة أتصال حديثة كذلك إعاشة الأفراد، كذلك العبوات الثاقبة لتدمير أبواب الدشم والقنابل البراشوت لتدمير الدبابات وكلها كانت أسلحة حديثة تستخدم لأول مرة في المعركة مع طوربيد البنجالور والقنابل اليدوية وقاذفات اللهب وغيره.

المرحلة الثالثة من التنفيذ: تم التحرك عصر نفس اليوم إلى خنادق المواصلات الموازية للقناة والمعدة سلفا في قطاع كتيبة المشاة المكلفة بحماية المدينة. كذلك المعدات وقوارب العبور، كل ذلك أثناء تمهيد نيراني بالمدفعية ليس على الموقع وحده بل على طول الجبهة الجنوبية. وفي نفس موعده اليومي التكراري منذ أيام. لمنع عناصر أستطلاع العدو من أكتشاف المفاجأة ولاعطاء الفرصة لنفخ القوارب استعدادا للعبور.

بداية عملية الهجوم للأغارة: كانت ساعة الصفر لحظة رائعة. تم فتح أجهزة الأتصال اللاسلكي وحمل القوارب إلى شاطئ القناة وإنزالها المياه. بالمعدات والأفراد كلٌ في الأتجاه المحدد له. وحسب التدريبات السابقة.
كل ذلك خلال الخمس دقائق الأخيرة من ضربات المدفعية، وعندما توقف التمهيد المدفعي كانت قوة الأغارة أجتازت منتصف المسافة في القناة .. وعند الوصول لشاطئ لسان بورتوفيق بالضفة الشرقية تم تركيب طوربيد البنجالور أمام كل مجموعة لفتح ثغرة في الأسلاك الشائكة والألغام والموانع على الساتر الترابي العالي على طول اللسان. وقد تم ذلك بنجاح وقفزت كل مجموعة من قواربها إلى الثغرة التي أمامها ولم يبق سوى مقاتل واحد بكل قارب لحراسته وتثبيته حتى لا يجرفه التيار بعيدا عن اللسان أو الشاطئ وأعلى الساتر الترابي أنطلقت نيران وقنابل قوة الاغارة من قنابل براشوت إلى RBG على كل الآليات المتطورة .. وأقتحمت كل مجموعة في قطاعها المحدد وقامت بتدمير ما به من تحصينات أو دشم أو آليات أو مخازن تشوين أو ذخيرة وكان بمواجهة مجموعة القطع اليمين.


hosny_salama.jpg

ثلاث علامات بارزة:
أولها المدفع 155 المجهز على جنزير والذي كان يتولى ضرب البواخر الداخلة لميناء الأدبية أو الزيتيات، كذلك ضرب ثكنات البترول في معمل السويس والذي لقب بقناص الاقتصاد المصري.
ثانيها دشمة حصينة متوسطة الحجم بجوارها منطقة تشوين ذخائر للمدفع.
ثالثها العلم الإسرائيلي الخاص بالموقع والذي كان يداعبه الهواء تبكي جنودنا في الضفة الغربية من الغيظ حين تراه وصهريج المياه الخاص بالموقع، وبعون الله وبشجاعة هذه المجموعة تم تدمير كافة الموجودات والجنود والمدافع والذخائر وتم انزال العلم الاسرائيلي وجلبه الى الضفة الشرقية بل تم زرع علم مصر عاليا خفاقا أعلى صهريج المياه وظل يرفرف ثلاثة أيام متوالية وتم تصويره في اليوم التالي بواسطة أحد الطائرات المصرية ونُشر بكل الصحف المصرية تحت عنوان (علم مصر يرفرف على الضفة الشرقية للقناة .. بشارة النصر الذي أتى) ولم تستطع اليهود التخلص من العلم المصري طوال ثلاثة أيام تالية إلا بنسف الصهريج من الأسفل.

كما تمت زراعة علم آخر على زاوية السلك الشائك أعلى الساتر الترابي وبواسطة قواذف اللهب تم احراق كافة التجهيزات والتشوينات بالموقع ولم يستطع العدو تقديم أي دعم سواء أرضي أو جوي للموقع بسبب هول المفاجأة وسرعة الأداء.

وقد استشهد في هذه العملية عدد 4 مقاتلين تم جلب جثثهم مع القوة أحدهم المصري المسيحي/ سامي ذكي مسعد مقاتل مجموعة القطع اليمين (من قرية طنان بشبين القناطر)، وعبد الحليم رياض محمد، وعبد الحميد.....، وأحمد.....

وكان اهم تتويج لعمل مجموعة القطع اليمين كلمة مخطط العميد المقدم/ صلاح أحمد فضل رئيس عمليات المجموعة أنه قال لي: "لم أرى في الضفة الشرقية غير مجموعتك". وداس العلم الإسرائيلي بقدمه وبصق عليه (العلم الذي جلبته معي) .

عند انتهاء التوقيت المحدد للعملية بدأت القوات في العودة إلى القوارب حاملة معها أسير في أحد المجموعات اسره الملازم/ معتز الشرقاوي فضلا عن وثائق وغيره إلى جانب جثث شهدائنا.

وما أن انطلقت القوارب عائدة حتى بدأت المدفعية المصرية الضرب من جديد على الموقع والجبهة في تزامن دقيق حتى تؤمن عبورا آمنا لقوة الاغارة التي عادت الى التجمع مرة ثانية من نفس أماكنها في البدرومات كما بدأت للتقييم وحصر الشهداء والمصابين ونتائج العملية.

وخلال نفس الليلة تم سحب القوة من مدينة بورتوفيق إلى أماكن تمركزها الأصلي بمنطقة حوض الأدبية.

و برغم محاولات محاولات الطيران الليلي الإسرائيلي لاصطياد القوة لكنه فشل ووصل الجميع سالمين ولم تفلح مشاعله التي القاها او قنابله ان تنال من احدهم لكن الله سلم الجميع لكي تأمن منطقة الزيات حتى النهاية كذلك المراكب القادمة من الخليج والمواني والبقية الباقية من المدنيين بمدينة السويس وبورتوفيق.

بعد هذه الإغارة الصادمة بكت جولدا مائير وقالت في تعبير تناولته وكالات الأنباء في جينها: لقد قطع المصريين لساني (تقصد بذلك لسان بورتوفيق) رغم أنه بالضفة الشرقية للقناة.


أسماء وأوضاع:
المقدم/ صالح فضل رئيس عمليات المجموعة والمخطط لها
النقيب/ أحمد شوقي المفتي رئيس عمليات الكتيبة
النقيب/ سيد كمال إمبابي قائد السرية

ملازم أول/
معتز محمد سعيد الشرقاوي قائد مجموعة اقتحام 1

ملازم أول/ حمدي السعيد الشوربجي قائد مجموعة قطع شمال
ملازم أول/ رؤوف ابراهيم أبوسعدة قائد مجموعة اقتحام 2 (اصيب)
ملازم أول/ حامد ابراهيم جلفون قائد مجموعة اقتحام 3 (اصيب)
رقيب أول/ حسني السيد سلامه قائد مجموعة قطع يمين (تمت ترقيته استثنائيا وحصل على نوط الشجاعة)
رقيب / ابراهيم الدسوقي محمد موسى
رقيب/ سامي محمد حسنين بلاه
رقيب/ طلعت محمد خليل



فضلا عن كثير من الجنود منهم الشهداء ومنهم المصابين



كاتب المقال المساعد حسني سلامة أحد أبطال قوات الصاعقة المصرية وبخاصة معركة رأس العش
 
التعديل الأخير:
رد: جولدا مائير : لقد قطع المصريين لسانى


اللواء معتز الشرقاوي يروي قصة الإغارة على لسان بور توفيق


هو اللواء أركان حرب/ معتز محمد سعيد السيد الشرقاوي
بعض أعماله:
- الإشتراك في حرب عام 1967
- الإشتراك في معركة رأس العش عام 1967
- الإشتراك في حرب الإستنزاف والعبور إلى الضفة الشرقية 9 مرات
- الإشتراك في الإغارة على موقع لسان بورتوفيق الحصين عام 1969 حيث حصل على أول أسير إسرائيلي لمصر
- قام بقتل الجنرال الإسرائيلي/ جافتش قائد جبهة سيناء في كمين نصب له بسيناء عام 1969
- الإشتراك في حرب أكتوبر 1973
- قام خلال حرب أكتوبر بالإغارة للمرة الثانية على موقع لسان بورتوفيق وحصل على 127 أسير إسرائيلي لمصر
- اشترك في حصار الجيش الثالث
- حصل على 9 أنواط شجاعة من الطبقة الأولى ونوطي واجب من الطبقة الأولى

-------------------------------------------------------------------------------------------------
نعرف انك شاركت في معركة رأس العش فهل لك ان تقص علينا هذه المعركة؟
وقعت معركة رأس العش بعد أيام من نكسة يونيو وتحديدا في أول يوليو عام 1967، وهي معركة قلبت الموازين العسكرية إذ تعرضت فيها القوات الإسرائيلية لضربة عنيفة وقت أن كانت في أوج عظمتها بعد النكسة.. في هذه المعركة هجم طابور مكون من 8 دبابات و12 عربة مدرعة على بورفؤاد بهدف احتلالها وهو شئ بحسب الموازين العسكرية سهل وبسيط أو Piece of cake كما يقولون.

8 دبابات تعد قوة عظمى جدا لا يستهان بها، فضلا عن 12 عربة مدرعة مليئة بالجنود، كل ذلك في مقابل فصيلة صاعقة مصرية مكونة من 12 فرد مسلحون بأسلحة خفيفة، وفصيلة الصاعقة ليس من مهامها اصلا الدفاع .. فماذا كانت نتيجة هذه المعركة المعروفة سلفا؟
كانت النتيجة اجهاز فصيلة الصاعقة المصرية على القوات الإسرائيلية بأكملها!

ماذا عن عملية لسان بورتوفيق؟
بعدما بدأت حرب الاستنزاف واشتباكات المدفعية والعبور لتنفيذ مهام وعمل كمائن لامدادات الذخيرة او الاغارة على المدفعية المضادة، في هذا التوقيت عرفنا ان الموضوع سهل وتعودنا على العبور للضفة المحتلة واكتشفنا ان الجندي الاسرائيلي يكون مقاتلا طالما كان خلف ساتر ومدعوم بالسلاح والتكنولوجيا المتفوقة اما اذا وصلت الى عنده فقد انتهى تماما.

ولسان بورتوفيق هو مخرج القناة الجنوبي وهو قطعة من الارض ممتدة داخل الماء بين القناة وبحيرة المسحور ، طولها 2 كيلو متر تقريبا.

في عام 69 كان الجزء الجنوبي من اللسان بطول حوالي 600 متر محتل من قبل القوات الإسرائيلية، وقاموا بتجهيزه بالملاجئ الخاصة (كان ذلك قبل بناء خط برليف) فكانت الملاجئ مكونة من عربات السكك الحديدية ويتم الحفر لها ثم دفنها ومن فوقها يتم حمايتها بقضبان السكك الحديدية بالطول والعرض ثم بشكائر الرمال، ولهذا الملجئ المحصن باب خشبي سميك فضلا عن فتحات صغيرة في الشكائر يتمكن من الجنود من خلالها من الضرب.

ومن قوة وتحصين هذة الملاجئ كانت المدفعية لا تؤثر فيها، فأصبح موقع لسان بورتوفيق عصيا على الاختراق، وهو ما دفعهم لاستغلاله في القيام بضربات ضد الزيتية (شركات البترول في السويس) وسببت هذه الضربات احتراق خزانات البترول الواحدة بعد الاخرى.

وكان هذا هو رد الاسرائيليين الدائم على اي عملية نقوم بها ضدهم، ومات المئات من افراد الاطفاء اثناء محاولة اطفاء والسيطرة على هذه الحرائق .. ماتوا حرقا وليس بسبب الضرب.

من هنا بدأ التفكير وتقرير القيام بإغارة على هذا الموقع، والإغارة تعني الهجوم على الموقع المعادي فتقتل من تقتل وتأسر من تأسر.

وتبعا لعمليات الاستطلاع اكتشفنا ان الموقع محاط بكميات مرعبة من السلك الشائك والمواسير والقضبان فضلا عن انه محمي بـ 4 دبابات.

بعد الاستطلاع بدأ التفكير في كيفية القيام بالإغارة، وكان الطبيعي أن تكون الإغارة ليلا لكن بعد الدراسة تبين اننا لو قمنا بالإغارة ليلا فستفشل العملية فشلا ذريعا نتيجة لأننا لن تتمكن من الرؤية والتحرك في ظل كمية المعوقات الهائلة المحاط بها الموقع، فمثلا التعثر في السلك الشائك شئ مرعب، إذا تعثرت فيه لن تتمكن ابدا من الخروج حيا وستموت ميتة رهيبة، كما ان العدو كان يضع كل يوم كميات من الألغام في مواجهتنا بحيث تحول الجزء المواجه لنا لحقل الغام.

فكان لابد اذا ان تتم الإغارة نهارا لنتمكن من الرؤية وسنستفيد حينها من عنصر المفاجأة لأن العدو لن يتوقع ان نهاجم – اذا فكرنا اصلا في الهجوم - نهارا.

لذا قمنا بتصميم موقع مماثل لموقع لسان بورتوفيق تماما وبدلا من اختيار مجموعة بعينها للتنفيذ تم وضع ثلاث كتائب في منافسة بحيث تقوم كل كتيبة بتنفيذ الهجوم من وجهة نظرها على الموقع الشبيه لتحقيق النتائج المرجوة على ان تختار القيادة كتيبة واحدة منها ثم تختار افضل سرية فيها لتنفيذ المهمة.. بمعنى تصفية التصفية لاختيار افضل العناصر.

كنا كتيبتي صاعقة (ك33) و(ك43) وكنت عضوا فيها، وكتيبة مظلات (ك90)
فأما كتيبة المظلات فلم تكن متمرسة على الاعمال الخاصة باعتبارها في الأصل قوات مشاة تُبرّ جوا وتعمل بأسلحة ثقيلة، وكانت اساليبهم نمطية في الهجوم والتغطية وبالتالي استبعدوا بعد أول تجربة .. كان الأمر بالنسبة لهم أشبه بملاكم ضخم جدا يحاول العراك مع شخص صغير جدا.

فاصبحت المنافسة بين كتيبتي الصاعقة، ومنافسات الصاعقة تعمل تحت شعار "لا يفل الحديد الا الحديد" .. بمعنى "دبح" بلا مبالغة .. انت تقاتل زميلك لتحوز شرف القيام بالمهمة.

في النهاية تم اختيار سرية (س2) لتنفيذ المهمة، وكنت أنا عضوا في كتيبة (ك43) سرية (س1) فتم اختيار فصيلتي للمشاركة في العملية داخل (س2) بدلا من فصيلة فتحي عبدالله التي قامت بالمقاومة في راس العش بعد ان غادر للأجازة، فتم استبدال فصيلته بفصيلتي
ففصيلة من (س1) وفصيلتين من (س2) وفصيلة من (س3) = (140 فرد)
فكانت توليفة اشبه بدستة أشرار .. مصيبة!
كنا وقتها ملازمين اول، وكان قائد الكتيبة برتبة رائد وقائد المجموعة برتبة مقدم.

وذهبنا للتدريب في احد المناطق النائية في حلوان ، واستدعوا القيادة للاطلاع على تدريباتنا، ومن فرط الحماسة والقوة في التدريبات والاتقان في الأداء اصيب القادة بالذهول حتى انهم احتموا بالعربات لأننا كنا نتدرب بالذخيرة الحية، وكل فرد يحفظ دوره جيدا والطلقات تذهب في اماكنها تماما، فلم يتخيل القادة ان هناك مقاتلين بهذا الشكل.

وتبعا لحقيقة ان العرق في السلم يوفر الدم في الحرب فقد كنا نتدرب لمدة شهرين بواقع خمس او ست تجارب يوميا حتى وصلنا لمرحلة من الملل فكنا مثلا نبدأ التدريب وننهيه لكي نعود لإنهاء دور شطرنج!
ثم ذهبنا للمعاينة على الطبيعة من عمارات بورتوفيق ورأينا مواضع الدبابات في الموقع الحقيقي.
وبدأ التخطيط للتنفيذ بالفعل وكنا نحتاج لتأمين العناصر التالية:
- الهجوم في وضح النهار.
- الهجوم من اقصر طريق وهو المواجهة فاللص عادة يهجم من النافذة، فإذا اردنا المفاجأة فسنهجم من الباب الرئيسي.
- عبور حقل الألغام
- عدد المشاركين في الهجوم لن يقل عن 140 فرد فكيف سيتم عبورهم دون لفت الانظار؟

وبدأنا في ابتكار حلول فقلنا انه حلا لمشكلة الألغام سنلجأ لاستخدام تكنيك يُعرف بتوربيد بنجالور كان يستخدم في الحرب العالمية وهو عبارة عن ماسورة محشوة بمفرقعات TNT تقوم بدفعها داخل حقل الألغام ثم تفجرها فينشأ لك خط آمن تعبر من خلاله وسط الحقل.

كما حملنا معنا ايضا قاذفات لهب لنجربها للمرة الأولى.

وبقيت المشكلة الكبيرة كيف سنعبر في وضح النهار ومن اعرض منطقة في القناة (حوالي 400 متر) حيث سرعة التيار الجانبي قوية جدا بمعنى انك لو استخدمت التجديف اليدوي قد تصل بعيدا عن الموقع بنحو 4 كيلومتر!

فقلنا اذن نستخدم المواتير في القوارب، لكننا 140 فرد بمعنى 14 قارب بـ 14 موتور فكيف سنقترب بهذا الصوت المدوي؟

فتم تحديد وقت الاقتحام الساعة الخامسة عصرا يوم 10 يوليو عام 1969 بمعنى ان المغرب يؤذن الساعة الثامنة مساء تقريبا واخر ضوء بعد المغرب بساعة بمعنى اننا سنعمل 4 ساعات خلال النهار.

في نفس الوقت انت موضع مراقبة من الامام والخلف.. من الامام من الاسرائيليين ومن الخلف من نقطة مراقبة الأمم المتحدة التي كانت تبلغ الاسرائيليين بكل تحركاتنا أولا بأول.

فمن ناحية الامم المتحدة تم التحايل على فرد المراقبة وقمنا بتحييده، اما الاسرائيليين فكان لديهم ايضا نقاط مراقبة متقدمة ستكتشف اي تحرك من جانبنا لذا كان لابد من خطة تموية اضافية تم تنفيذها كالتالي:

بدأت مدفعية الجيش الثالث المصري في الضرب على الموقع قبل تنفيذ العملية بأسبوع يوميا في تمام الساعة 4 عصرا وحتى الساعة الخامسة بالضبط ثم تتوقف تماما، فاثناء الضرب ينزل الاسرائيليين للملاجئ ثم يعودوا بعد انتهاء الضرب حتى اعتادوا الأمر فكانوا في اليوم الرابع ينزلوا للملاجئ في تمام الرابعة ، ثم اليوم الخامس، والسادس، وفي اليوم السابع بدأ الضرب ونزلنا نحن القناة للتنفيذ.

وهذا اعطانا ميزتين الاولى اننا لم نُكتشف مبكرا ، ثانيا ان ضرب المدفعية الهادر طغى بالتأكيد على اصوات المواتير حتى وصلنا للشاطئ المقابل بحيث اصبحنا في نقطة ميتة بالنسبة للإسرائيليين.

وكنا قبل ذلك قد نفذنا خطة تمويه عسيرة ومرهقة اثناء تحركنا إلى بورتوفيق ليلا بدون ان نكتشف ومعنا 50 فرد اضافي لخدمتنا.

وحان وقت النفيذ فقمنا بنفخ القوارب بشكل يدوي (كل هذا اثناء ضرب المدفعية المصرية)، ووصلنا بالفعل ووضعنا للشاطئ المقابل ووضعنا توربيد بنجالور وفجرنا 7 ثغرات لكل قاربين خلال ما كنا نظنه حقل الغام لكننا اكتشفنا ان كل هذا خداع وان الالغام الحقيقية في الجهة الاخرى للقادمين من عمق سيناء بحيث اننا اذا هجمنا فسنتحاشى بالطبع ما نظن انه حقل الغام وسنحاول الالتفاف من الجهة الاخرى وهنا يأتي دور الألغام الحقيقية.

كان من المفترض حسب الاستطلاع ان الموقع يضم أربع دبابات فقط لكننا اكتشفنا وقت الهجوم ان هناك دبابة خامسة، والدبابة الواحدة قد تقلب موازين اي معركة وليست كما تظهر في الأفلام ..

شخصيا.. تسلقت الساتر الترابي ففوجئت بماسورة الدبابة التي كان من المفترض انها الرابعة والاخيرة امام وجهي فخطفت الـ Rpj من احد الزملاء ودمرتها ثم هبطنا الساتر من الجهة الاخرى لننفذ الاقتحام لكنني فوجئت بدبابة خامسة لم تكن في الحسبان عبرت امامي فجلست على الأرض فصوبت فوهة مدفعها وضربت على فصيلة ناحية الساتر فسببت دوي هائل وتطايرت الرمال الملتهبة في وجه الجميع وسببت حروقا مؤلمة لكن أحدا لم يتحرك من مكانه وبعد ان ضربت انطلقت ناحيتها قذائف الـ Rpj فدمرتها تماما وخرج منها احد الجنود فقُتل على الفور ثم خرج اخر فعدوت نحوه وحملته حملا على كتفي برغم ضخامة جسده وتسلقت به الساتر الترابي ثم هبطت به من الناحية الاخرى والقيته في القارب لعامل الموتور وعدت مرة اخرى للموقع..

كانت الخطوة التالية هي نسف الملجئ الحصين بمن فيه فبدأنا في تجهيز شكائر المتفجرات ووضعناها على باب الملجئ والجنود الإسرائيليين بالداخل بالطيع ثم وضعنا عليها شكائر من الرمل فيما يسمى بالعبوة المدفونة وهو تكنيك يضاعف من قوة التدمير 10 مرات ، ثم فجرنا .. تدمير هائل شوه الملجئ لدرجة اننا لم نتمكن من الدخول من فرط الحرارة والغاز فالقينا عدة قنابل يدوية لتأكيد مقتل الجميع..

قائد سريتنا كان يدعى السيد اسماعيل امبابي وكان اصلا من حي المدبح فاختار كلمة سر لطيفة للانسحاب بعد تنفيذ العملية هي "ستك تخاف م الجوافة!" فلما سمعناها من خلال اللاسلكي لم نستوعب على الفور انها كلمة سر الانسحاب، ثم بدأنا الانسحاب بالفعل من خلال القوارب ومعنا الأسير حتى الضفة الاخرى ثم استقللنا العربات في طريق الخروج من بورتوفيق في الوقت الذي بدأ فيه الطيران الإسرائيلي في الهجوم وكان هذا اليوم هو بداية دخول الطيران الإسرائيلي الخدمة في الإغارة على الجبهة بعد ان قمنا بهذا العمل المفاجئ.

وكان علينا ان ننسحب ليلا من بورتوفيق بصحبة كتيبة هاوزارت تضم حوالي 18 وحدة، والهاوزر هو مدفع كبير 152 ملي (وهو مدفع قوي جدا) يتم تركيبه على دبابة طراز جوزيف ستالين التي تعد اثقل دبابة في العالم (حوالي 80 طن).

وبالتالي كان انسحابنا بطيئا جدا، في الوقت الذي كان علينا ان نخوض الطريق الصعب بين بورتوفيق والسويس وطوله حوالي 4 كيلو وهو طريق تحوطه الماء من الجانبين، وبالفعل بدأنا التحرك على هذا الطريق الساعة 12 او الواحدة بعد منتصف الليل في الظلام الدامس بدون اي ضوء، وحينما وصلنا لمنتصف الطريق فوجئنا بدخول الطيران الإسرائيلي وقذفه للمشاعل ليتحول الليل إلى نهار ساطع!

كنا في شهر يوليو كما ذكرت .. حر رهيب .. لا فرصة 1 في المليون لسقوط أمطار .. لكننا فوجئنا بسحابة سوداء معتمة لحد غريب اتت من حيث لا ندري على ارتفاع منخفض جدا لتظلل الدبابات كلها!

الطائرات اصابها السعار فبرغم المشاعل لا يستطبعون الرؤية فالقوا قنابلهم كيفما اتفق لكنها نزلت جميعا في الماء المحيط بالطريق في الوقت الذي كانت فيه الدبابات قد اكملت الكيلومترات الأربعة بسيرها البطئ في ظل السحابة الغامضة حتى انهينا الطريق فانقشعت السحابة تماما!

لا حرائق ولا اشتباكات قريبة .. فمن اين اتت هذه السحابة .. بهذا لاعتام .. بهذه الكثافة .. بهذا الارتفاع المنخفض.. هذا هو الاعجاز الالهي.

عن موقع المؤرخ
 
عودة
أعلى