ينتسب عمر المختار إلى قبيلة المنفه إحدى كبريات قبائل المرابطين ببرقة, ولد عام 1862م في قرية جنزور بمنطقة دفنة في الجهات الشرقية من برقة التي تقع شرقي ليبيا على الحدود المصرية..
تربى يتيما .حيث وافت المنية والده مختار بن عمر وهو في طريقه إلى مكة المكرمة بصحبة زوجته عائشة. تلقى عمر المختار تعليمه الأول في زاوية جنزور, ثم سافر إلى الجغبوب ليمكث فيها ثمانية أعوام للدراسة والتحصيل على كبار علماء ومشايخ السنوسية في مقدمتهم الإمام السيد المهدي السنوسى قطب الحركة السنوسية، فدرس اللغة العربية والعلوم الشرعية وحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب، ولكنه لم يكمل تعليمه كما تمنى. ظهرت عليه علامات النجابة ورزانة العقل،، فاستحوذ على اهتمام ورعاية أستاذه السيد المهدي السنوسى مما زاده رفعة وسمو، فتناولته الألسن بالثناء بين العلماء ومشايخ القبائل وأعيان المدن حتى قال فيه السيد المهدي واصفاً إياه " لو كان عندنا عشرة مثل عمر المختار لاكتفينا بهم ". فقد وهبه الله تعالى ملكات منها جشاشة صوته البدوي وعذوبة لسانه واختياره للألفاظ المؤثرة في فن المخاطبة وجاذبية ساحرة لدرجة السيطرة على مستمعيه وشد انتباههم، شارك عمر المختار في الجهاد بين صفوف المجاهدين في الحرب الليبية الفرنسية في المناطق الجنوبية (السودان الغربي) وحول واداي. وقد استقر المختار فترة من الزمن في قرو مناضلاً ومقاتلاً, ثم عين شيخاً لزاوية (عين كلك) ليقضي فترة من حياته معلماً ومبشراً بالإسلام في تلك الأصقاع النائية. وبعد وفاة السيد محمد المهدي السنوسي عام 1902م تم استدعاؤه حيث عين شيخاً لزاوية القصور.
معلم يتحول إلى محارب :
عاش عمر المختار حرب التحرير والجهاد منذ بدايتها يوماً بيوم, فعندما أعلنت إيطاليا الحرب على تركيا في 29 سبتمبر 1911م, وبدأت البارجات الحربية بصب قذائفها على مدن الساحل الليبي, درنة وطرابلس ثم طبرق وبنغازي والخمس, كان عمر المختار في تلك الأثناء مقيما في جالو بعد عودته من الكفرة حيث قابل السيد أحمد الشريف, وعندما علم بالغزو الإيطالي سارع إلى مراكز تجمع المجاهدين حيث ساهم في تأسيس دور بنينه وتنظيم حركة الجهاد والمقاومة إلى أن وصل السيد أحمد الشريف قادماً من الكفرة. وقد شهدت الفترة التي أعقبت انسحاب الأتراك من ليبيا سنة 1912م أعظم المعارك في تاريخ الجهاد الليبي, أذكر منها على سبيل المثال معركة يوم الجمعة عند درنة في 16 مايو 1913م حيث قتل فيها للأيطاليين عشرة ضباط وستين جنديا وأربعمائة فرد بين جريح ومفقود إلى جانب انسحاب الإيطاليين بلا نظام تاركين أسلحتهم ومؤنهم وذخائرهم, ومعركة بو شمال عن عين ماره في 6 أكتوبر 1913, وعشرات المعارك الأخرى. وحينما عين أميليو حاكماً عسكريا لبرقة, رأى أن يعمل على ثلاث محاور الأول : قطع الإمدادات القادمة من مصر والتصدي للمجاهدين في منطقة مرمريكا الثاني : قتال المجاهدين في العرقوب وسلنطه والمخيلي.. والثالث :قتال المجاهدين في مسوس واجدابيا. لكن القائد الإيطالي وجد نار المجاهدين في انتظاره في معارك أم شخنب وشليظيمة والزويتينة في فبراير 1914م, ولتتواصل حركة الجهاد بعد ذلك حتى وصلت إلى مرحلة جديدة بقدوم الحرب العالمية الأولى.
الفاشيست والمجاهدون :
بعد الانقلاب الفاشي في إيطالي في أكتوبر 1922, وبعد الانتصار الذي تحقق في تلك الحرب إلى الجانب الذي انضمت إليه إيطاليا. تغيرت الأوضاع داخل ليبيا واشتدت الضغوط على السيد محمد إدريس السنوسي, واضطر إلى ترك البلاد عاهداً بالأعمال العسكرية والسياسية إلى عمر المختار في الوقت الذي قام أخاه الرضا مقامه في الإشراف على الشئون الدينية. بعد أن تأكد للمختار النوايا الإيطالية في العدوان قصد مصر عام 1923م للتشاور مع السيد إدريس فيما يتعلق بأمر البلاد, وبعد عودته نظم أدوار المجاهدين, فجعل حسين الجويفي على دور البراعصة ويوسف بورحيل المسماري على دور العبيدات والفضيل بوعمر على دور الحاسة, وتولى هو القيادة العامة. بعد الغزو الإيطالي على مدينة اجدابيا مقر القيادة الليبية, أصبحت كل المواثيق والمعاهدات لاغية, وانسحب المجاهدون من المدينة وأخذت إيطاليا تزحف بجيوشها من مناطق عدة نحو الجبل الأخضر, وفي تلك الأثناء تسابقت جموع المجاهدين إلى تشكيل الأدوار والإنضواء تحت قيادة عمر المختار, كما بادر الأهالي إلى إمداد المجاهدين بالمؤن والعتاد والسلاح, وعندما ضاق الإيطاليون ذرعا من الهزيمة على يد المجاهدين, أرادوا أن يمنعوا عنهم طريق الإمداد فسعوا إلى احتلال الجغبوب ووجهت إليها حملة كبيرة في 8 فبراير 1926م, وقد شكل سقوطها أعباء ومتاعب جديدة للمجاهدين وعلى رأسهم عمر المختار, ولكن الرجل حمل العبء كاملاً بعزم العظماء وتصميم الأبطال. ولاحظ الإيطاليون أن الموقف يملي عليهم الاستيلاء على منطقة فزان لقطع الإمدادات على المجاهدين, فخرجت حملة في يناير 1928م, ولم تحقق غرضها في احتلال فزان بعد أن دفعت الثمن غاليا. ورخم حصار المجاهدين وانقطاعهم عن مراكز تموينهم, إلا أن الأحداث لم تنل منهم وتثبط من عزمهم, والدليل على ذلك معركة يوم 22 أبريل التي استمرت يومين كاملين, انتصر فيها المجاهدون وغنموا عتادا كثيرا.
مفاوضات السلام في سيدي ارحومة :
وتوالت الانتصارات, الأمر الذي دفع إيطاليا إلى إعادة النظر في خططها وإجراء تغييرات واسعة, فأمر موسوليني بتغيير القيادة العسكرية, حيث عين بادوليو حاكماً عسكريا على ليبيا في يناير 1929م, ويعد هذا التغيير بداية المرحلة الحاسمة بين الطليان والمجاهدين. تظاهر الحاكم الجديد لليبيا في رغبته للسلام لإيجاد الوقت اللازم لتنفيذ خططه وتغيير أسلوب القتال لدى جنوده,وطلب مفاوضة عمر المختار, تلك المفاوضات التي بدأت في 20 أبريل 1929م, واستجاب الشيخ لنداء السلام وحاول التفاهم معهم على صيغة ليخرجوا من دوامة الدمار. فذهب كبيرهم للقاء عمر المختار ورفاقه القادة في 19 يونيو1929م في سيدي ارحومه. ورأس الوفد الإيطالي بادوليونفسه، الرجل الثاني بعد بنيتو موسليني، ونائبه سيشليانو، ولكن لم يكن الغرض هوالتفاوض، ولكن المماطلة وشراء الوقت لتلتقط قواتهم أنفاسها، وقصد الغزاة الغدر به والدس عليه وتأليب أنصاره والأهالي وفتنة الملتفين حوله.. وعندما وجد المختار أن تلك المفاوضات تطلب منه اما مغادرة البلاد إلى الحجاز اومصر أو البقاء في برقة و انهاء الجهاد .والإستسلام مقابل الأموال والإغراءات, رفض كل تلك العروض, وكبطل شريف ومجاهد عظيم عمد إلى الاختيار الثالث وهو مواصلة الجهاد حتى النصر أو الشهادة. تبين للمختار غدر الإيطاليين وخداعهم, ففي 20 أكتوبر 1929م وجه نداء إلى أبناء وطنه طالبهم فيه بالحرص واليقظة أمام ألاعيب الغزاة. وصحت توقعات عمر المختار, ففي 16 يناير 1930م ألقت الطائرات بقذائفها على المجاهدين,
السفاح يتدخل :
دفعت مواقف المختار ومنجزاته إيطاليا إلى دراسة الموقف من جديد وتوصلت إلى تعيين غرسياني وهو أكثر جنرالات الجيش وحشية ودموية.. ليقوم بتنفيذ خطة إفناء وإبادة لم يسبق لها مثيل في التاريخ في وحشيتها وفظاعتها وعنفها وقد تمثلت في عدة إجراءات ذكرها غرسياني في كتابه "برقة المهدأة": 1- قفل الحدود الليبية المصرية بالأسلاك الشائكة لمنع وصول المؤن والذخائر. 2- إنشاء المحكمة الطارئة في أبريل 1930م. 3- فتح أبواب السجون في كل مدينة وقرية ونصب المشانق في كل جهة. 4- تخصيص مواقع العقيلة والبريقة من صحراء غرب برقة البيضاء والمقرون وسلوق من أواسط برقة الحمراء لتكون مواقع الإعتقال والنفي والتشريد. 5- العمل على حصار المجاهدين في الجبل الأخضر واحتلال الكفرة. إنتهت عمليات الإيطاليين في فزان باحتلال مرزق وغات في شهري يناير وفبراير 1930م ثم عمدوا إلى الإشباك مع المجاهدين في معارك فاصلة, وفي 26 أغسطس 1930م ألقت الطائرات الإيطالية حوالي نصف طن من القنابل على الجوف والتاج, وفي نوفمبر اتفق بادوليو وغرسياني على خط الحملة من اجدابيا إلى جالو إلى بئر زيغن إلى الجوف, وفي 28 يناير 1931م سقطت الكفرة في أيدي الغزاة, وكان لسقوط الكفرة آثار كبيرة على حركة الجهاد والمقاومة. الأسد أسيرا : في معركة السانية في شهر أكتوبر عام 1930م سقطت من الشيخ عمر المختار نظارته، وعندما وجدها أحد جنود الطليان وأوصلها لقيادته، فرائها غراتسياني فقال: "الآن أصبحت لدينا النظارة، وسيتبعها الرأس يوماً ما". وفي 11 سبتمبر من عام 1931م، وبينما كان الشيخ عمر المختار يستطلع منطقة سلنطة في كوكبة من فرسانه، عرفت الحاميات الإيطالية بمكانه فأرسلت قوات لحصاره ولحقها تعزيزات، واشتبك الفريقين في وادي بوطاقة ورجحت الكفة للعدوفأمر عمر المختار بفك الطوق والتفرق، ولكن قُتلت فرسه تحته وسقطت على يده مما شل حركته نهائياً. فلم يتمكن من تخليص نفسه ولم يستطع تناول بندقيته ليدافع عن نفسه، فسرعان ماحاصره العدو من كل الجهات وتعرفوا على شخصيته، فنقل على الفور إلي مرسى سوسه ومن ثم وضع على طراد الذي نقله رأسا إلي بنغازي حيث أودع السجن الكبير بمنطقة سيدي اخريبيش. ولم يستطع الطليان نقل الشيخ براً لخوفهم من تعرض المجاهدين لهم في محاولة لتخليص قائدهم. كان لاعتقاله في صفوف العدو، صدىً كبيراً، حتى أن غراسياني لم يصدّق ذلك في بادىء الأمر،وكان غراتسياني في روما حينها كئيباً حزيناً منهار الأعصاب في طريقه إلي باريس للاستجمام والراحة تهرباً من الساحة بعد فشله في القضاء على المجاهدين في برقة، حيث بدأت الأقلام اللاذعة في إيطاليا تنال منه والانتقادات المرة تأتيه من رفاقه مشككة في مقدرته على إدارة الصراع. وإذا بالقدر يلعب دوره ويتلقى برقية مستعجلة من نغازي مفادها إن عدوه اللدود عمر المختار وراء القضبان. فأصيب غراتسياني بحالة هستيرية كاد لا يصدق الخبر. فتارة يجلس على مقعده وتارة يقوم، وأخرى يخرج متمشياً على قدميه محدثاً نفسه بصوت عال، ويشير بيديه ويقول: "صحيح قبضوا على عمر المختار ؟ ويرد على نفسه لا، لا اعتقد." ولم يسترح باله فقرر إلغاء أجازته واستقل طائرة خاصة وهبط ببنغازي في نفس اليوم وطلب إحضار عمر المختار إلي مكتبه لكي يراه بأم عينيه. وصل غرسياني إلى بنغازي يوم 14 سبتمبر , وأعلن عن انعقاد "المحكمة الخاصة" يوم 15 سبتمبر 1931م, وفي صبيحة ذلك اليوم وقبل المحاكمة رغب غرسياني في الحديث مع عمر المختار, يذكر غرسياني في كتابه (برقة المهدأة): "وعندما حضر أمام مكتبي تهيأ لي أن أرى فيه شخصية آلاف المرابطين الذين التقيت بهم أثناء قيامي بالحروب الصحراوية. يداه مكبلتان بالسلاسل, رغم الكسور والجروح التي أصيب بها أثناء المعركة, وكان وجهه مضغوطا لأنه كان مغطيا رأسه (بالجرد) ويجر نفسه بصعوبة نظراً لتعبه أثناء السفر بالبحر, وبالإجمال يخيل لي أن الذي يقف أمامي رجل ليس كالرجال له منظره وهيبته رغم أنه يشعر بمرارة الأسر, ها هو واقف أمام مكتبي نسأله ويجيب بصوت هادئ وواضح." غراتسياني: لماذا حاربت بشدة متواصلة الحكومة لفاشستية ؟ أجاب الشيخ: من أجل ديني ووطني. غراتسياني:ما الذي كان في اعتقادك الوصول إليه ؟ فأجاب الشيخ: لا شئ إلا طردكم … لأنكم مغتصبون، أما الحرب فهي فرض علينا وما النصر إلا من عند الله. غراتسياني: لما لك من نفوذ وجاه، في كم يوم يمكنك إن تأمر الثوار بأن يخضعوا لحكمنا ويسلموا أسلحتهم ؟. فأجاب الشيخ: لا يمكنني أن أعمل أي شئ … وبدون جدوى نحن الثوار سبق أن أقسمنا أن نموت كلنا الواحد بعد الأخر، ولا نسلم أو نلقي السلاح… ويستطرد غرسياني حديثه "وعندما وقف ليتهيأ للإنصراف كان جبينه وضاء كأن هالة من نور تحيط به فارتعش قلبي من جلالة الموقف أنا الذي خاض معارك الحروب العالمية والصحراوية ولقبت بأسد الصحراء. ورغم هذا فقد كانت شفتاي ترتعشان ولم أستطع أن أنطق بحرف واحد, فانهيت المقابلة وأمرت بإرجاعه إلى السجن لتقديمه إلى المحاكمة في المساء, وعند وقوفه حاول أن يمد يده لمصافحتي ولكنه لم يتمكن لأن يديه كانت مكبلة بالحديد."
مهزلة المحاكمة :
عقدت للشيخ الشهيد محكمة هزلية صورية في مركز إدارة الحزب الفاشستي ببنغازي مساء يوم الثلاثاء عند الساعة الخامسة والربع في 15 سبتمبر 1931م، وبعد ساعة تحديداً صدر منطوق الحكم بالإعدام شنقاً حتى الموت، وعندما ترجم له الحكم، قال الشيخ "إن الحكم إلا لله … لا حكمكم المزيف ... إنا لله وإنا أليه لراجعون".
وهنا نقلا حرفيا لمحضر المحاكمة كما ورد في الوثائق الإيطالية :
إنه في سنة ألف وتسعمائة وواحدة وثلاثين ؛ السنة التاسعة ، وفي اليوم الخامس عشر من شهر سبتمبر ، ببنغازي ، وفي تمام الساعة 17 بقصر "الليتوريو" بعد إعداده كقاعة لجلسات المحكمة الخاصة بالدفاع عن أمن الدولة ، والمؤلفة من السادة : - المقدم الكواليير اوبيرتو فانتيري مارينوني ، رئيسا بالوكالة ، نيابة عن الرئيس الأصيل الغائب لعذر مشروع . - المحامي د. فرانشيسكو رومانو (قاضي مقرر) . - الرائد الكاواليير قوناريو ديليتلو (مستشار ، أصيل ) . - رائد "الميليشيا التطوعية للأمن الوطني (الكواليير جوفاني منزوني ، مستشار أصيل) . - رائد "الميليشيا التطوعية للأمن الوطني (الكواليير ميكيلي مندوليا ، مستشار أصيل) ، والرئيس بالنيابة عن الرئيس الأصيل ، الغائب بعذر مشروع . - بمساعدة الملازم بسلاح المشاة ، ايدواردو ديه كريستوفانو (كاتب الجلسة العسكري بالنيابة) .
للنظر في القضية المرفوعة ضد : عمر المتخار ، بن عائشة بنت محارب ، البالغ من العمر 73 سنة ، والمولود بدفنة ، قبيلة منفة ، عائلة بريدان ، بيت فرحات ؛ حالته الاجتماعية : متزوج وله أولاد ، يعرف القراءة والكتابة ، وليست له سوابق جنائية ، في حالة اعتقال منذ 12 سبتمبر 1931. المتهم بالجرائم المنصوص عليها وعلى عقوباتها في المواد 284-285-286-575-576 (3) ، والمادة 26 ، البنود : 2 - 4 - 6 - 10 ، وذلك أنه قام ، منذ عام 1911م وحتى القبض عليه في جنوب سلنطة في 11سبتمبر 1931، بإثارة العصيان وقيادته ضد سلطات الدولة الإيطالية ، داخل أراضي المستعمرة ، وباشتراكه في نصب الكمائن للوحدات المعزولة من قواتنا المسلحة وفي معارك عديدة وأعمال الإغارة للسلب والنهب واللصوصية مع ارتكاب جرائم قتل بدافع نزعته إلى القسوة والتوحش ، وأعمال البطش والتنكيل ، بقصد إحداث الدمار وسفك الدماء لفصل المستعمرة عن الوطن الأم . بعد ذلك سمح للجمهور بدخول قاعة الجلسات ، بينما جلس المتهم في المكان المخصص للمتهمين ، تحت حراسة عسكرية ، وهو طليق اليدين وغير مكبل بأغلال من أي نوع . كما حضر وكيل النيابة العامة السينور "كواليير" أوفيتشالي جوسيبي بيديندو ، كمدعي عسكري ، والمكلف بالدفاع عن المتهم ، المحامي ، النقيب في سلاح المدفعية ، روبيرتو لونتانو . يعلن الرئيس افتتاح الجلسة . فيحضر أيضا المترجم السيد نصري هرمس الذي يطلب إليه الرئيس الادلاء ببيانات هويته فيجيب : - نصري هرمس ، ابن المتوفى ميشيل ، وعمري 53 سنة ، ولدت في ديار بكر ببلاد ما بين النهرين (العراق) رئيس مكتب الترجمة لدى حكومة برقة . يكلفه الرئيس بأداء اليمين المقررة ، بعد تحذيره حسبما هو مقرر ، فيؤديها بصوت عال وبالصيغة التالية : (( أقسم بأنني سأنقل الأسئلة إلى الشخص المقرر استجوابه بواسطتي بأمانة وصدق ، وبأن أنقل الردود بأمانة )) . فيوجه الرئيس ، عن طريق الترجمان ، أسئلة للمتهم حول هويته ، فيدلي بها بما يتفق مع ما تقدم ، ومن ثم ينبه عليه بالانصات إلى ما سيسمع . وعند هذه النقطة ، يثبت في المحضر طلب وكيل النيابة بإعفاء المترجم نصري من المهمة بسبب وعكة ألمت به والاستعاضة عنه بالكواليير لومبروزو ابن آرونه وماريا قاندوس ، المولود بتونس في 27 - 2 - 1891م ، ومهنته صناعي . فيكلفه الرئيس بأداء اليمين المقررة ، بعد تحذيره نظاميا ؛ يتلو كاتب الجلسة صحيفة الاتهام ، فيتولى الترجمان ترجمتها للمتهم ، ويسرد بعدها قائمة المستندات والوثائق المتصلة بالدعوى ، وبعد سردها يكلف الرئيس الترجمان بترجمتها ، حيث إن المتهم غير ملم باللغة الإيطالية ، ومن ثم يبدأ استجوابه حول الأفعال المنسوبة إليه ؛ فيرد عليها ، ويتولى الترجمان ترجمة ردود المتهم عليها . ويثبت بالمحضر أن المتهم يرد بانتظام عن كل اتهام حسب ما جاء في محضر استجوابه المكتوب ، معترفا بأنه زعيم المقاومة في برقة وبهذه الصفة فهو الفاعل والمحرض لجميع الجرائم التي اقترفت في أراضي المستعمرة خلال العقد الأخير من الزمن ، أي الفترة التي ظل خلالها الرئيس الفعلي للمقاومة . وردا عن سؤال ، يجيب : منذ عشر سنوات ، تقريبا ، وأنا رئيس المحافظية . ويثبت هنا أن المتهم ظل يرد عن كل سؤال محدد حول تهمة بعينها ، بقوله : (( لا فائدة من سؤالي عن وقائع منفردة ، وما أرتكب ضد إيطاليا والإيطاليين ، منذ عشر سنوات وحتى الآن ، كان بإرادتي وإذني ، عندما لم أشترك أنا نفسي في تلك الأفعال ذاتها )) . وردا عن سؤال ، يجيب : (( كانت الغارات تنفذ أيضا بأمري وبعضها قمت بها أنا نفسي )) . يعطي الرئيس الكلمة لوكيل النيابة : بعد أن تناول الكلمة ، أوجز مطلبه في أن تتكرم المحكمة ، بعد تأكيد إدانة المتهم بالجرائم المنسوبة إليه ، بإصدار حكم الإعدام عليه وما يترتب عليه من عواقب . وينهي الدفاع ، بدوره مرافعته بطلب الرأفة بالمتهم . وبعدما أعطى المتهم الكلمة كآخر المتحدثين ، يعلن الرئيس قفل باب المناقشة ، وتنسحب هيئة المحكمة إلى حجرة المداولة لتحديد الحكم عادت المحكمة بعد قليل إلى قاعة الجلسات ؛ لينطق الرئيس بصوت عال بالحكم بالإدانة ، بحضور جميع الأطراف المعنية . فيقوم الترجمان بترجمة منطوق الحكم . أثبت تحريريا كل ما تقدم بهذا المحضر الذي وقع عليه : كاتب المحكمة العسكري . الإمضاء : ادواردو ديه كريستوفانو ، الرئيس (المقدم الكاواليير أوميركو مانزولي) . كاتب المحكمة العسكرية ، الإمضاء : ادواردوديه كريستوفاني (Edoardo De Cristofano) . الرئيس : (المقدم الكاواليير أوميركو مانزوني) الإمضاء : أومبيرتو مانزوني (Umberto Marinoni) . - صورة طبق الأصل - كاتب المحكمة العسكرية بالنيابة التوقيع
الإعدام :
في صباح اليوم التالي للمحاكمة الأربعاء، 16 سبتمبر 931م، اتخذت جميع التدابيراللازمة بمركز سلوق لتنفيذ الحكم بإحضار جميع أقسام الجيش والميليشيا والطيران، واحضر 20 ألف من الأهالي وجميع المعتقلين السياسيين خصيصاً من أماكن مختلفة لمشاهدة تنفيذ الحكم في قائدهم. واحضر الشيخ عمر المختار مكبل الأيدي، وعلى وجهه ابتسامة الرضا بالقضاء والقدر، وبدأت الطائرات تحلق في الفضاء فوق المعتقلين بأزيز مجلجل حتى لا يتمكن عمر المختار من مخاطبتهم،
وفي تمام الساعة التاسعة صباحاً سلم الشيخ إلي الجلاد، وكان وجهه يتهلل استبشاراً بالشهادة وكله ثبات وهدوء، فوضع حبل المشنقة في عنقه، وقيل عن بعض الناس الذين كان على مقربة منه انه كان يأذن في صوت خافت آذان الصلاة، والبعض قال انه تمتم بالآية الكريمة "يا أيتها النفس المطمئنة إرجعي إلى ربك راضية مرضية" ليجعلها مسك ختام حياته البطولية. وبعد دقائق صعدت روحه الطاهرة النقية إلي ربها تشكوأليه عنت الظالمين وجور المستعمرين. وسبق إعدام الشيخ أوامر شديدة الطبيعة بتعذيب وضرب كل من يبدي الحزن أويظهر البكاء عند إعدام عمر المختار، فقد ضرب جربوع عبد الجليل ضرباً مبرحاً بسبب بكائه عند إعدام عمر المختار. ولكن علت أصوات الاحتجاج ولم تكبحها سياط الطليان، فصرخت فاطمة داروها العبارية وندبت فجيعة الوطن عندما على الشيخ شامخاً مشنوقاً، ووصفها الطليان "بالمرأة التي كسرت جدار الصمت".
ليس كما رأيناه في الفلم الشهير الذي قام بتغطية أجزاء بسيطة من جهاده وجزء قليل من سيرته
مقتطفات من الكتاب
ثالثاً: تلاوته للقرآن الكريم وعبادته:
كان عمر المختار شديد الحرص على أداء الصلوات في أوقاتها وكان يقرأ القرآن يومياً، فيختم المصحف الشريف كل سبعة أيام منذ أن قال له الامام محمد المهدي السنوسي ياعمر "وردك القرآن" وقصة ذلك كما ذكرها محمد الطيب الأشهب، أنه استأذن في الدخول على الامام محمد المهدي من حاجبه محمد حسن البسكري في موقع بئر السارة الواقع في الطريق الصحراوي بين الكفرة والسودان وعندما دخل على المهدي تناول مصحفاً كان بجانبه وناوله للمختار وقال : هل لك شيء آخر تريده فقلت له ياسيدي أن الكثيرين من الأخوان يقرأون أوراداً معينة من الأدعية والتضرعات أجزتوهم قراءتها وأنا لا أقرأ إلا الأوراد الخفيفة عقب الصلوات فأطلب منكم اجازتي بما ترون فأجابني صلى الله عليه وسلم بقوله: "ياعمر وردك القرآن" فقبلت يده وخرجت أحمل هذه الهدية العظيمة "المصحف" ولم أزل بفضل الله احتفظ بها في حلي وترحالي ولم يفارقني مصحف سيدي منذ ذلك اليوم وصرت مداوماً على القراءة فيه يومياً لأختم السلكة كل سبعة ايام ، وسمعت من شيخنا سيدي احمد الريفي أن بعض كبار الأولياء يداوم على طريقة قراءة القرآن مبتدئاً "بالفاتحة" الى "سورة المائدة" ثم الى "سورة يونس" ، ثم الى "سورة الاسراء" ثم الى "سورة الشعراء" ، ثم الى "سورة الصافات" ثم الى "سورة ق" ثم الى آخر السلكة ومنذ ذلك الحين وأنا أقرأ القرآن من المصحف الشريف بهذا الترتيب
__
إن عمر المختاركان صاحب قلب موصول بالله تعالى، فلم تسكره نشوة النصر، وحلاة الغلبة بعد ما تخلص من الاسد الاسطورة وازاح الظلم وقهر التعدي بل نسب الفضل الى خالقه ولذلك أجاب سائله بقوله تعالى: "وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى" "سورة الانفال، الآية 17" .
إن صفة الشجاعة ظهرت في شخصية عمر المختار المتميزة في جهاده في تشاد ضد فرنسا، وفي ليبيا ضد ايطاليا ويحفظ لنا التاريخ هذه الرسالة التي ارسلها عمر المختار رداً على رسالة من الشارف الغرياني الذي أكرهته ايطاليا ليتوسط لها في الصلح مع عمر المختار وايقاف الحرب. "قال بعد البسملة والتصلية على رسول الله القائل أن الجنة تحت ظلال السيوف.
الى أخينا سيدي الشارف بن أحمد الغرياني حفظه الله وهداه، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته ومغفرته ومرضاته. نعلمكم أن إيطاليا إذا أرادت أن تبحث معنا في أي موضوع تعتقد أنه يهمها ويهمنا فما عليها إلا أن تتصل بصاحب الأمر ومولاه سيدي السيد محمد إدريس ابن السيد محمد المهدي ابن السيد محمد السنوسي رضي الله عنهم جميعاً، فهو الذي يستطيع قبول البحث معهم أو رفضه، وأنتم لا تجهلون هذا بل وتعرفون إذا شئتم أكثر من هذا ومكان سيدي إدريس في مصر معروف عندكم وأما أنا وبقية الاخوان المجاهدين لا نزيد عن كوننا جند من جنوده لانعصي له أمراً ونرجو من الله سبحانه وتعالى أن لايقدر علينا مخالفته فنقع فيما لانريد الوقوع فيه حفظنا الله وإياكم من الزلل نحن لا حاجة عندنا إلا مقاتلة أعداء الله والوطن وأعدائنا وليس لنا من الامر شيء إذا ما أمرنا سيدنا وولى نعمتنا رضي الله عنه ونفعنا به بوقف القتال نوقفه وإذا لم يأمرنا بذلك فنحن واقفون عند ما أمرنا به ولا نخاف طيارات العدو ومدافعه ودباباته وجنوده من الطليان والحبش والسبايس المكسرين "هؤلاء الآخرين هم المجندون من بعض الليبيين" ولا نخاف حتى من السم الذي وضعوه في الآبار وبخوا به الزروع النابتة في الأرض نحن من جنود الله وجنوده هم الغالبون ونحن لا نريد لكم مايدفعكم إليه النصارى وظننا بكم خير والله يوفقنا ويهدينا وإياكم الى سبل الرشاد وإلى خدمة المسلمين ورضاء سيدنا رضي الله عنه وسلام الاسلام على من تبع الاسلام.
13 ربيع الثاني 1344هـ
نائب المنطقة الجبلية عمر المختار
ومحل الشاهد من هذه الرسالة قوله: "ولا نخاف طيارات العدو ومدافعه ودباباته وجنوده من الطليان والحبش والسبايس ، ولا نخاف حتى من السم الذي وضعوه في الآبار ووضعوه على الزروع النابتة في الأرض نحن من جنود الله وجنوده هم الغالبون".
إن صفة الشجاعة ملازمة لصفة الكرم، كما أن الجبن والبخل لا يفترقان ولقد حفظ لنا التاريخ عبارة جميلة كان يرددها عمر المختار بين ضيوفه : "اننا لا نبخل بالموجود ولا نأسف لمفقود".
لقد تضافرت نصوص الكتاب والسنة بمدح الكرم والانفاق وذم البخل والامساك، قال تعالى : "تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون"
------
محمود حامد يخلع نظارته.. يعطيها للطفل الصغير "علي"، يتقدم في ثبات ليقف بين يدي شانقيه، يربطوه يديه من الخلف، ويلفون الحبل حول عنقه، يخبط العسكري الكرسي الواقف عليه بقدمه، يترنح الجسد، وتزغرد نساء ليبيا في مشهد يستحق البكاء.. والزغاريد أيضا!
المشهد السابق هو آخر مشاهد فيلم عمر المختار الذي قام ببطولته "أنتوني كوين"، والذي لاقى نجاحا كبيرا وقتها ومازال. أما المشهد الحقيقي فقد مر عليه 34 سنة كاملة، وبالتحديد يوم 16 سبتمبر 1931م.
عمر المختار، حكاية لم يكتب لها النهاية بعد، فرغم مرور عشرات السنوات على رحيله، إلا أن اسمه مازال يعني الكثير لا لأبناء ليبيا فقط، بل للمسلمين جميعا. طفولة مناضل! بنظرة سريعة على تاريخ وظروف وولادة "عمر المختار بن عمر بن فرحات"، نجد أن ذلك المناضل ولد عام 1862م في قرية "جنزور" بمنطقة "دفنة" في هضبة "المرماريكا" في الجهات الشرقية من "برقة"، وقد وافت المنية والده مختار بن عمر، وهو في طريقه إلى مكة المكرمة بصحبة زوجته عائشة.
وتلقى عمر المختار تعليمه الأول بزاوية "جنزور"، بعدها سافر إلى "جغبوب"، ليمكث هناك 8 سنوات للدراسة على يد كبار العلماء والمشايخ، حيث درس اللغة العربية والعلوم الشرعية، وحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب، إلا أنه لم يكمل تعليمه.
وقد ظهرت على الشاب الصغير عمر ملامح الذكاء، فاستحوذ على انتباه أساتذته، فتناولته الألسن بالثناء بين العلماء ومشايخ القبائل وأعيان المدن، فقد وهبه الله تعالى صوتاً بدوياً تستغيثه الأذان ولسان عذب وقوة في اختيار الألفاظ المؤثرة وجاذبية ساحرة، لدرجة السيطرة على مستمعيه وشد انتباههم.
تاريخ وبطولات
ويمكننا القول أن تاريخ عمر المختار النضالي، بدأ مع مشاركته في الجهاد بين صفوف المجاهدين في الحرب الليبية الفرنسية في المناطق الجنوبية وحول منطقة "واداي". وقد استقر المختار فترة من الزمن في "قرو" مناضلاً ومقاتلاً، ثم عين شيخاً لزاوية "أعين كلك"، ليقضي فترة من حياته معلماً ومبشراً بالإسلام، وأسهم بدور فعال في نشر تعاليم الدين الإسلامي هناك مما زاد في شهرته داخل وخارج البلاد .
وقد وثق فيه السيد محمد المهدي السنوسي وخصّه بقيادة معركة "واداي" ضد الفرنسيين في السودان وتمرّس أثناء الحروب ضد الفرنسيين على أمور القتال وإدارة المعارك، كما أن توليه لعدة مناصب دينية جعله يؤمن بعقيدته الإسلامية التي تحثه على الجهاد باعتباره فرض عين.
ورفض "المختار" كل الحلول الاستسلامية، وأبى الارتماء في أحضان الإيطاليين والانجليز، ورغم يقينه بأن المراسلات بينه وبين الإيطاليين هي في الواقع بغرض الإيقاع به، إلا أنه لبّى نداء الاجتماع مع الإيطاليين، ولكنه لم يفكر في التفريط بالقضية وكان دائما يقف بشجاعة أمام المسؤولين الطليان ويحملهم مسؤولية فشل المفاوضات.
وبعد وفاة السيد محمد المهدي السنوسي عام 1902م تم استدعاؤه حيث عين شيخاً لزاوية القصور.
وعندما شنت إيطاليا الحرب على تركيا في 29 سبتمبر 1911م، وبدأت بصب قذائفها على مدن الساحل الليبي، درنة وطرابلس ثم طبرق وبنغازي والخمس، كان عمر المختار في تلك الأثناء مقيما في جالو بعد عودته من الكفرة، حيث قابل السيد أحمد الشريف، وعندما علم بالغزو الإيطالي سارع إلى مراكز تجمع المجاهدين، حيث ساهم في تأسيس دور بنينه وتنظيم حركة الجهاد والمقاومة إلى أن وصل السيد أحمد الشريف قادماً من الكفرة. معارك ضارية! وتمتاز صفحات سجل تاريخ شيخ المجاهدين عمر المختار بالعديد من المعارك الضارية التي خاضها مع الإيطاليين، حيث شهدت الفترة التي أعقبت انسحاب الأتراك من ليبيا سنة 1912م أعظم المعارك في تاريخ الجهاد الليبي، منها على سبيل المثال معركة يوم الجمعة عند "درنة" في 16 مايو 1913م، حيث قتل فيها عشرة ضباط وستين جنديا وأربعمائة فرد إيطالياً، بين جريح ومفقود إلى جانب انسحاب الإيطاليين بلا نظام تاركين أسلحتهم ومؤنهم وذخائرهم.
وكما شارك المختار فيً معركة "بو" شمال عن "عين ماره" في 6 أكتوبر 1913، بالإضافة إلى معارك "أم شخنب" و"شليظيمة" و"الزويتينة" في فبراير 1914، ولتتواصل حركة الجهاد بعد ذلك، حتى وصلت إلى مرحلة جديدة بقدوم الحرب العالمية الأولى.
فبعد الانقلاب الفاشي في إيطاليا في أكتوبر 1922, وبعد الانتصار الذي تحقق في تلك الحرب إلى الجانب الذي انضمت إليه إيطاليا، تغيرت الأوضاع داخل ليبيا، واشتدت الضغوط على السيد محمد إدريس السنوسي، واضطر إلى ترك البلاد والسفر لمصر عاهداً بالأعمال العسكرية والسياسية إلى عمر المختار.
وقصد المختار مصر عام 1923م للتشاور مع السيد إدريس فيما يتعلق بأمر البلاد، وبعد عودته نظم أدوار المجاهدين، فجعل حسين الجويفي على دور "البراعصة" ويوسف بورحيل المسماري على دور "العبيدات" والفضيل بوعمر على دور "الحاسة"، وتولى هو القيادة العامة. المجاهدون يلتفون حوله وعقب الغزو الإيطالي على مدينة "اجدابيا" مقر القيادة الليبية، أصبحت كل المواثيق والمعاهدات لاغية، وانسحب المجاهدون من المدينة وأخذت إيطاليا تزحف بجيوشها من مناطق عدة نحو الجبل الأخضر، وفي تلك الأثناء تسابقت جموع المجاهدين إلى تشكيل الأدوار والجهاد تحت قيادة عمر المختار.
كما بادر الأهالي إلى إمداد المجاهدين بالمؤن والعتاد والسلاح، وعندما ضاق الإيطاليون ذرعا من الهزيمة على يد المجاهدين، أرادوا أن يمنعوا عنهم طريق الإمداد، فسعوا إلى احتلال منطقة "الجغبوب"، ووجهت إليها حملة كبيرة في 8 فبراير 1926م، وقد شكل سقوطها أعباء ومتاعب جديدة للمجاهدين وعلى رأسهم عمر المختار، ولكن الرجل حمل العبء كاملاً بعزم العظماء وتصميم الأبطال.
وتوالت الانتصارات، وهو الأمر الذي دفع إيطاليا إلى إعادة النظر في خططها وإجراء تغييرات واسعة، فأمر موسوليني بتغيير القيادة العسكرية، حيث عين بادوليو حاكماً على ليبيا في يناير 1929م، ويعد هذا التغيير بداية المرحلة الحاسمة بين الإيطاليين والمجاهدين.
تظاهر الحاكم الجديد لليبيا في رغبته للسلام لإيجاد الوقت اللازم لتنفيذ خططه وتغيير أسلوب القتال لدى جنوده، ووضع بادوليو أمام خياران أولهما مغادرة البلاد إلى الحجاز ومصر، وثانيهما البقاء في برقة والاستسلام مقابل الأموال والإغراءات، ولكنه رفض كل تلك العروض، وكبطل شريف ومجاهد عظيم عمد إلى الاختيار الثالث، وهو مواصلة الجهاد حتى النصر أو الشهادة. المختار أسيراً وبعد العديد من المعارك الطاحنة، وقع المختار في الأسر يوم 11 سبتمبر عام 1931، وذلك في معركة نشبت عند بئر "قندولة" والوديان المجاورة، واستمرت يومين، ووقع عمر المختار في الأسر، وأرسل بحراسة قوية إلى مرسى "سوسة"، حيث نقلته مركب حربية في نفس اليوم إلى بنغازي، وانعقدت له محكمة خاصة يوم 15 سبتمبر 1931م بعمار الحزب الفاشستي "مجلس النواب البرقاوي أيام إمارة السيد إدريس على برقة"، وكانت المشنقة قد جهزت قبل انعقاد المحكمة، ونفذ حكم الإعدام شنقاً في 16 سبتمبر 1931م في مدينة سلوق أمام أبناء وطنه.
ويبقى سؤال، هل تبخل الأمة التي أنجبت ذلك البطل في إنجاب أبطال آخرين يغيروا مجرى التاريخ وتزدهر على أيديهم البلاد؟!
المختار في الأسر:في معركة السانية في شهر أكتوبر عام 1930م سقطت من الشيخ عمر المختار نظارته، وعندما وجدها أحد جنود الطليان وأوصلها لقيادته، فرائها غراتسياني فقال: "الآن أصبحت لدينا النظارة، وسيتبعها الرأس يوماً ما".وفي 11 سبتمبر من عام 1931م، وبينما كان الشيخ عمر المختار يستطلع منطقة سلنطة في كوكبة من فرسانه، عرفت الحاميات الإيطالية بمكانه فأرسلت قوات لحصاره ولحقها تعزيزات، واشتبك الفريقين في وادي بوطاقة ورجحت الكفة للعدوفأمر عمر المختار بفك الطوق والتفرق، ولكن قُتلت فرسه تحته وسقطت على يده مما شل حركته نهائياً. فلم يتمكن من تخليص نفسه ولم يستطع تناول بندقيته ليدافع عن نفسه، فسرعان ماحاصره العدو من كل الجهات وتعرفوا على شخصيته، فنقل على الفور إلي مرسى سوسه ومن ثم وضع على طراد الذي نقله رأسا إلي بنغازي حيث أودع السجن الكبير بمنطقة سيدي اخريبيش. ولم يستطع الطليان نقل الشيخ براً لخوفهم من تعرض المجاهدين لهم في محاولة لتخليص قائدهم.
كان لاعتقاله في صفوف العدو، صدىً كبيراً، حتى أن غراسياني لم يصدّق ذلك في بادىء الأمر،وكان غراتسياني في روما حينها كئيباً حزيناً منهار الأعصاب في طريقه إلي باريس للاستجمام والراحة تهرباً من الساحة بعد فشله في القضاء على المجاهدين في برقة، حيث بدأت الأقلام اللاذعة في إيطاليا تنال منه والانتقادات المرة تأتيه من رفاقه مشككة في مقدرته على إدارة الصراع. وإذا بالقدر يلعب دوره ويتلقى برقية مستعجلة من بنغازي مفادها إن عدوه اللدود عمر المختار وراء القضبان. فأصيب غراتسياني بحالة هستيرية كاد لا يصدق الخبر. فتارة يجلس على مقعده وتارة يقوم، وأخرى يخرج متمشياً على قدميه محدثاً نفسه بصوت عال، ويشير بيديه ويقول: "صحيح قبضوا على عمر المختار ؟ ويرد على نفسه لا، لا اعتقد." ولم يسترح باله فقرر إلغاء أجازته واستقل طائرة خاصة وهبط ببنغازي في نفس اليوم وطلب إحضار عمر المختار إلي مكتبه لكي يراه بأم عينيه.وصل غراتسياني إلى بنغازي يوم 14 سبتمبر ، وأعلن عن انعقاد "المحكمة الخاصة" يوم 15 سبتمبر 1931م, وفي صبيحة ذلك اليوم وقبل المحاكمة رغب غراتسياني في الحديث مع عمر المختار, يذكر غراتسياني في كتابه (برقة المهدأة):"وعندما حضر أمام مكتبي تهيأ لي أن أرى فيه شخصية آلاف المرابطين الذين التقيت بهم أثناء قيامي بالحروب الصحراوية. يداه مكبلتان بالسلاسل, رغم الكسور والجروح التي أصيب بها أثناء المعركة, وكان وجهه مضغوطا لأنه كان مغطيا رأســه بـ( الَجَرِدْ) ويجر نفسه بصعوبة نظراً لتعبه أثناء السفر بالبحر, وبالإجمال يخيل لي أن الذي يقف أمامي رجل ليس كالرجال له منظره وهيبته رغم أنه يشعر بمرارة الأسر, ها هو واقف أمام مكتبي نسأله ويجيب بصوت هادئ وواضح."
غراتسياني: لماذا حاربت بشدة متواصلة الحكومة الفاشستية ؟
أجاب الشيخ: من أجل ديني ووطني.
غراتسياني:ما الذي كان في اعتقادك الوصول إليه ؟
فأجاب الشيخ: لا شئ إلا طردكم … لأنكم مغتصبون، أما الحرب فهي فرض علينا وما النصر إلا من عند الله.
غراتسياني: لما لك من نفوذ وجاه، في كم يوم يمكنك إن تأمر الثوار بأن يخضعوا لحكمنا ويسلموا أسلحتهم ؟.
فأجاب الشيخ: لا يمكنني أن أعمل أي شئ … وبدون جدوى نحن الثوار سبق أن أقسمنا أن نموت كلنا الواحد بعد الأخر، ولا نسلم أو نلقي السلاح…
ويستطرد غرسياني حديثه "وعندما وقف ليتهيأ للإنصراف كان جبينه وضاء كأن هالة من نور تحيط به فارتعش قلبي من جلالة الموقف أنا الذي خاض معارك الحروب العالمية والصحراوية ولقبت بأسد الصحراء. ورغم هذا فقد كانت شفتاي ترتعشان ولم أستطع أن أنطق بحرف واحد, فانهيت المقابلة وأمرت بإرجاعه إلى السجن لتقديمه إلى المحاكمة في المساء, وعند وقوفه حاول أن يمد يده لمصافحتي ولكنه لم يتمكن لأن يديه كانت مكبلة بالحديد."
المحاكمة
عقدت للشيخ الشهيد محكمة هزلية صورية في مركز إدارة الحزب الفاشستي ببنغازي مساء يوم الثلاثاء عند الساعة الخامسة والربع في 15 سبتمبر1931م،
وبعد ساعة تحديداً صدر منطوق الحكم بالإعدام شنقاً حتى الموت،
وعندما ترجم له الحكم، قال الشيخ "إن الحكم إلا لله … لا حكمكم المزيف ... إنا لله وإنا أليه لراجعون".
- وهنا نقلا حرفيا لمحضر المحاكمة كما ورد في الوثائق الإيطالية :
إنه في سنة ألف وتسعمائة وواحدة وثلاثين ؛ السنة التاسعة ، وفي اليوم الخامس عشر من شهر سبتمبر ، ببنغازي ، وفي تمام الساعة 17 بقصر "الليتوريو" بعد إعداده كقاعة لجلسات المحكمة الخاصة بالدفاع عن أمن الدولة ، والمؤلفة من السادة :
- المقدم الكواليير اوبيرتو فانتيري مارينوني ، رئيسا بالوكالة ، نيابة عن الرئيس الأصيل الغائب لعذر مشروع .
للنظر في القضية المرفوعة ضد : عمر المختار ، بن عائشة بنت محارب ، البالغ من العمر 73 سنة ، والمولود بدفنة ، قبيلة منفة ، عائلة بريدان ، بيت فرحات ؛ حالته الاجتماعية : متزوج وله أولاد ، يعرف القراءة والكتابة ، وليست له سوابق جنائية ، في حالة اعتقال منذ 12 سبتمبر 1931.
المتهم بالجرائم المنصوص عليها وعلى عقوباتها في المواد 284-285-286-575-576 (3) ، والمادة 26 ، البنود : 2 - 4 - 6 - 10 ، وذلك أنه قام ، منذ عام 1911م وحتى القبض عليه في جنوب سلنطة في 11سبتمبر 1931، بإثارة العصيان وقيادته ضد سلطات الدولة الإيطالية ، داخل أراضي المستعمرة ، وباشتراكه في نصب الكمائن للوحدات المعزولة من قواتنا المسلحة وفي معارك عديدة وأعمال الإغارة للسلب والنهب واللصوصية مع ارتكاب جرائم قتل بدافع نزعته إلى القسوة والتوحش ، وأعمال البطش والتنكيل ، بقصد إحداث الدمار وسفك الدماء لفصل المستعمرة عن الوطن الأم .
بعد ذلك سمح للجمهور بدخول قاعة الجلسات ، بينما جلس المتهم في المكان المخصص للمتهمين ، تحت حراسة عسكرية ، وهو طليق اليدين وغير مكبل بأغلال من أي نوع .
كما حضر وكيل النيابة العامة السينور "كواليير" أوفيتشالي جوسيبي بيديندو ، كمدعي عسكري ، والمكلف بالدفاع عن المتهم ، المحامي ، النقيب في سلاح المدفعية ، روبيرتو لونتانو .
يعلن الرئيس افتتاح الجلسة . فيحضر أيضا المترجم السيد نصري هرمس الذي يطلب إليه الرئيس الادلاء ببيانات هويته فيجيب :
- نصري هرمس ، ابن المتوفى ميشيل ، وعمري 53 سنة ، ولدت في ديار بكر ببلاد ما بين النهرين (العراق) رئيس مكتب الترجمة لدى حكومة برقة .
يكلفه الرئيس بأداء اليمين المقررة ، بعد تحذيره حسبما هو مقرر ، فيؤديها بصوت عال وبالصيغة التالية : (( أقسم بأنني سأنقل الأسئلة إلى الشخص المقرر استجوابه بواسطتي بأمانة وصدق ، وبأن أنقل الردود بأمانة )) .
فيوجه الرئيس ، عن طريق الترجمان ، أسئلة للمتهم حول هويته ، فيدلي بها بما يتفق مع ما تقدم ، ومن ثم ينبه عليه بالانصات إلى ما سيسمع . وعند هذه النقطة ، يثبت في المحضر طلب وكيل النيابة بإعفاء المترجم نصري من المهمة بسبب وعكة ألمت به والاستعاضة عنه بالكواليير لومبروزو ابن آرونه وماريا قاندوس ، المولود بتونس في 27 - 2 - 1891م ، ومهنته صناعي .
فيكلفه الرئيس بأداء اليمين المقررة ، بعد تحذيره نظاميا ؛
يتلو كاتب الجلسة صحيفة الاتهام ، فيتولى الترجمان ترجمتها للمتهم ، ويسرد بعدها قائمة المستندات والوثائق المتصلة بالدعوى ،
وبعد سردها يكلف الرئيس الترجمان بترجمتها ، حيث إن المتهم غير ملم باللغة الإيطالية ، ومن ثم يبدأ استجوابه حول الأفعال المنسوبة إليه ؛ فيرد عليها ، ويتولى الترجمان ترجمة ردود المتهم عليها .
ويثبت بالمحضر أن المتهم يرد بانتظام عن كل اتهام حسب ما جاء في محضر استجوابه المكتوب ، معترفا بأنه زعيم المقاومة في برقة وبهذه الصفة فهو الفاعل والمحرض لجميع الجرائم التي اقترفت في أراضي المستعمرة خلال العقد الأخير من الزمن ، أي الفترة التي ظل خلالها الرئيس الفعلي للمقاومة .
وردا عن سؤال ، يجيب :
منذ عشر سنوات ، تقريبا ، وأنا رئيس المحافظية . ويثبت هنا أن المتهم ظل يرد عن كل سؤال محدد حول تهمة بعينها ، بقوله : (( لا فائدة من سؤالي عن وقائع منفردة ، وما أرتكب ضد إيطاليا والإيطاليين ، منذ عشر سنوات وحتى الآن ، كان بإرادتي وإذني ، عندما لم أشترك أنا نفسي في تلك الأفعال ذاتها )) .
وردا عن سؤال ، يجيب : (( كانت الغارات تنفذ أيضا بأمري وبعضها قمت بها أنا نفسي )) .
يعطي الرئيس الكلمة لوكيل النيابة : بعد أن تناول الكلمة ، أوجز مطلبه في أن تتكرم المحكمة ، بعد تأكيد إدانة المتهم بالجرائم المنسوبة إليه ، بإصدار حكم الإعدام عليه وما يترتب عليه من عواقب .
وينهي الدفاع ، بدوره مرافعته بطلب الرأفة بالمتهم . وبعدما أعطى المتهم الكلمة كآخر المتحدثين ، يعلن الرئيس قفل باب المناقشة ، وتنسحب هيئة المحكمة إلى حجرة المداولة لتحديد الحكم .
عادت المحكمة بعد قليل إلى قاعة الجلسات ؛ لينطق الرئيس بصوت عال بالحكم بالإدانة ، بحضور جميع الأطراف المعنية . فيقوم الترجمان بترجمة منطوق الحكم .
أثبت تحريريا كل ما تقدم بهذا المحضر الذي وقع عليه : كاتب المحكمة العسكري .
كاتب المحكمة العسكرية ، الإمضاء : ادواردوديه كريستوفاني (Edoardo DeCristofano) .
الرئيس : (المقدم الكاواليير أوميركو مانزوني)
الإمضاء : أومبيرتو مانزوني (Umberto Marinoni) .
- صورة طبق الأصل -
كاتب المحكمة العسكرية بالنيابة
التوقيع
الإعدام:
في صباح اليوم التالي للمحاكمة الأربعاء، 16 سبتمبر1931( الأول من شهر جمادى الأول من عام 1350 (، اتخذت جميع التدابير اللازمة بمركز سلوق لتنفيذ الحكم بإحضار جميع أقسام الجيش والميليشيا والطيران،
واحضر 20 ألف من الأهالي وجميع المعتقلين السياسيين خصيصاً من أماكن مختلفة لمشاهدة تنفيذ الحكم في قائدهم.
واحضر الشيخ عمر المختار مكبل الأيدي، وعلى وجهه ابتسامة الرضا بالقضاء والقدر،
وبدأت الطائرات تحلق في الفضاء فوق المعتقلين بأزيز مجلجل حتى لا يتمكن عمر المختار من مخاطبتهم،
وفي تمام الساعة التاسعة صباحاً سلم الشيخ إلي الجلاد، وكان وجهه يتهلل استبشاراً بالشهادة وكله ثبات وهدوء، فوضع حبل المشنقة في عنقه، وقيل عن بعض الناس الذين كان على مقربة منه انه كان يأذن في صوت خافت آذان الصلاة، والبعض قال انه تتمتم بالآية الكريمة "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية" ليجعلها مسك ختام حياته البطولية. وبعد دقائق صعدت روحه الطاهرة النقية إلي ربها تشكو إليه عنت الظالمين وجور المستعمرين.
وسبق إعدام الشيخ أوامر شديدة الحزم بتعذيب وضرب كل من يبدي الحزن أويظهر البكاء عند إعدام عمر المختار، فقد ضرب جربوع عبد الجليل ضرباً مبرحاً بسبب بكائه عند إعدام عمر المختار. ولكن علت أصوات الاحتجاج ولم تكبحها سياط الطليان، فصرخت فاطمة داروها العبارية وندبت فجيعة الوطن عندما على الشيخ شامخاً مشنوقاً، ووصفها الطليان "بالمرأة التي كسرت جدار الصمت".
أما المفارقة التاريخية التي أذهلت المراقبين فقد حدثت في سبتمبر 2008 عندما انحنى رئيس الوزارء الإيطالي برلسكوني، وفي حضور الزعيم الليبي معمر القذافي، أمام ابن عمر المختار معتذراً عن المرحلة الاستعمارية وما سببته إيطاليا من مآسٍ للشعب الليبي، وهي الصورة التي قورنت بصورة تاريخية أخرى يظهر فيها عمر المختار مكبلاً بالأغلال قبيل إعدامه.
آخر كلمات الشهيد:
كانت آخر كلمات الشهيد قبل الشهادتين"نحن لا نستسلم ننتصر أو نموت .... وهذه ليست النهاية ... بل سيكون عليكم أن تحاربوا الجيل القادم و الأجيال التي تليه ... أما أنا فإن عمري سيكون أطول من عمر جلادي"....
شكرا لك اخي العزيز كفيت ووفيت وجزيت خيرا .
رغم كل الخطط التي كان يعمل من خلالها والتي حطمت كل مخططات العدو لم نجد الانصاف الحق لهذا الرجل المجاهد
ولم يتم اخذ خططه وادخالها في الدروس العسكرية الراقية والتي ترقى الى اعلى المستويات كما لم يتم الاخذ بكل الجوانب الادارية والانسانية لهذا الرجل على الرغم من كثرة الباحثين والكاتبين والناشرين وانا اسأل اين المحللين من كل علومه العسكرية؟
اعتقد ان الرجل قد ضلم اشد الضلم ونحن لم نععمل شيا غير التمجيد مع كل الاسف.