كل خطة إماراتية لتحرير عدن، حددت المطار في "خورمكسر" مركز ثقل للعدو. كان من الواضح أن المطار هو القصبة الهوائية لجهود الحوثيين لسيطرة على عدن. إذا أمكن إغلاقه فسوف يختنق العدو.
السؤال هو: كيف يمكن السيطرة على أرض المطار المفتوحة والمحروقة؟ كان ثمة خياران رئيسيان. الأول هجوم تشنه المقاومة على المطار مدعوم سراً بقوة نارية وقوات خاصة إماراتية، لكن دون وجود إماراتي واضح على الأرض. أما الحل الثاني فهو الإدخال البرمائي لقوة قتالية ميكانيكية أكبر وأكثر وضوحاً من شأنها الزحف إلى عدن والسيطرة مباشرة على المطار. وقد دفعت الرغبة في الحفاظ على ظهور منخفض، وفي الوقت نفسه الاحتفاظ بخيار "التدخل الثقيل"، الشيخ محمد بن زايد إلى تأسيس قاعدة متقدمة في "عصب"، تتيح للقوات البرمائية الاحتشاد سراً على بعد 330 كلم (180 ميل بحري) من عدن.
كانت الظروف في "عصب" أسوأ بكثير من جيبوتي. تخيل سهلاً بركانياً، تعصف فيه الرياح بلا توقف من الفجر حتى نهاية بعد الظهر. جميع الأشجار ميتة ولا وجود للعشب. ليس هناك سوى الغبار والعقارب والأفاعي والجرذان والضباع. كانت مخلفات الموانئ العسكرية البريطانية والإسرائيلية ما زالت هناك: رافعة شوكية صدئة، صهاريج نفط خارج الخدمة، طرقات محفرة قذرة، مدرج طيران صدعته الشمس بطول 3500 قدم، وميناء طبيعي صغير، لكن لا مياه عذبة ولا كهرباء ولا شبكة هاتف. الطريق الساحلي السريع بي 6، يمتد عبر القاعدة مباشرة ولم يكن ثمة حدود، فقط نقاط مراقبة إريترية في الجبال المجاورة. أما السكان القليلون، الذين يعيشون في أكواخ بدائية من الصخور البركانية مسقوفة بسعف النخيل، فكانوا يتجولون في القاعدة ويرعون ماشيتهم فيها.
لم يكن لدى الإماراتيين سوى خيم تتسع الواحدة منها لرجلين لا تستطيع الصمود في وجه الرياح. ومثلما تذكر أحد الإماراتيين ممن تمركزوا هناك: "كنت تضطر إلى النوم داخل أيّ سفينة زائرة متى أمكنك ذلك، لكنها تأتي وترحل. كنا نغير أماكن نومنا كل ليلة. إذا أمكنك العثور على موضع جيد، ولو في حظيرة قديمة تشعر أنك من كبار الشخصيات". كانت الرياح والغبار لا تتوقف، مما جعل من المستحيل البقاء في الخارج دون نظارات شمسية وغطاء رأس. كانت الليالي تضج بعواء الضباع وهي تقتل فرائسها وتتقاتل على الغنائم. "كان مكاناً للأشباح وليس للبشر"، مثلما تذكر بحار إماراتي.
مع امتداد فترة الحرب من أيام إلى أسابيع، أدرك الإماراتيون الحاجة إلى تطوير "عصب" كمركز عمليات طويل الأمد. لم يكن في مقدور الجنود العيش في خيم ضيقة وتناول حصص الطعام المُعلب إلى الأبد، وكان من المستحيل الحصول على كميات مناسبة من الطعام الطازج والمياه العذبة من الأسواق المحلية الصغيرة. وكان الجنود في "عصب" يقفون لأكثر من ساعة في الطابور صباح كل يوم لاستعمال أحد المراحيض المؤقتة الثلاثة. أما الطريق المليء بالحفر العميقة من المدرج إلى الميناء الصغير فهي رحلة منهكة من 25 دقيقة.
الرجل الذي جيء به لإصلاح هذا الوضع هو الرائد حامد ك، وهو خبير لوجستي من الطراز الرفيع ضمن حرس الرئاسة. مع تخصيص طائرة "سي 17" لنقل أربع دفعات من القوات الهجومية بين 23 و26 أبريل، استخدم حامد طائرات إيلوشين وأنطونوف مستأجرة لنقل المعدات والمواد الضرورية لبناء المعسكر على وجه السرعة. اختار موقعاً لبناء القاعدة الإماراتية على مقربة من المدرج، بما يتيح السرعة في تفريغ وتخزين المواد والذخائر. عملت ثلاث أو أربع طائرات شحن ضخمة يومياً على نقل مولدات الكهرباء والخيم الضخمة والثلاجات.
بعد ذلك، تواصل حامد مع القرى الإريترية ووظف كل رجل متاح في سن العمل، وقد أثبت أولئك أنهم عمال مجتهدون وكسب حامد ثقتهم من خلال تأمين الرواتب والرعاية الطبية والعلاجات الصغيرة للعمال وعائلاتهم. ولضمان انتظام عمل الخط اللوجستي، عين ضباط ارتباط عبر بداية ووسط ونهاية الخط اللوجستي، وذلك في أبوظبي وعلى متن سفينة الإنزال "الغويصات"، التي ستصبح سفينة القيادة للقوة البرمائية الهجومية في "عصب". كما تولى حامد ك المفاوضات الصعبة مع السلطات الإريترية التي رفضت في البداية السماح بدخول سفن مدنية تحمل المواد اللوجستية الإماراتية إلى الميناء، على أساس أن السفن العسكرية فقط هي المسموح بها بموجب عقد تأجير الجزيرة، بنيت القاعدة برمتها من الصفر في غضون عشرة أيام، منذ أمر الشيخ محمد بن زايد في 13 أبريل وحتى اكتمال كافة المرافق والمنشآت الحيوية الرئيسية في 23 أبريل.
مع الأماكن القابلة للسكن، بدأ الحضور الإماراتي التجمع بسرعة في "عصب". شكلت طائرة "سي – 17 إس" العملاقة جسراً جوياً متواصلاً بين أبوظبي و"عصب". وبين 17-20 أبريل، بلغ الوجود الإماراتي في الجزيرة 331 جندياً، بمن فيهم 31 من قوات النخبة الفرسان، 86 متخصصاً في اللوجستيات تم اختيارهم من مختلف إدارات القوات المسلحة، و88 بحاراً. تم بناء ملاجئ طائرات الدرون على وجه السرعة. كما وصلت وحدات الحرب الإلكترونية والاستخبارات. وبحلول 26 أبريل، تم سحب جميع قوات المروحية الإماراتية وطائرة درون "سبر" ذات جناح دوار من جيبوتي ونقلت إلى "عصب". ومع حلول شهر مايو، بلغ عدد الإماراتيين هناك 819 شخصاً، بمن فيهم سرية من 200 جندي من حرس الرئاسة لواء خليفة بن زايد الثاني ميكانيكي على 12 عربة مدرعة مضادة للكمائن والألغام من نوع "آر جي – 31" وثماني ناقلات جند مدرعة "بي إم بي 3 إس"، النسخة المحدثة المزودة بمدفعية 100 ملم. وقد ساهم مدفعا "جي - 6 هاوتزر" 155 ملم وحاملتا هاون من عيار 120 ملم بمنح القوة الدعم المدفعي الخاص بها. سوف تعرف هذه القوة القتالية باسم "فرقة العمل البرمائية".
في قيادة هذه القوة كان العميد الركن العميد علي ط ، والذي أكمل للتو فترة توليه منصب قائد كتيبة الفرسان، وعين العقيد في البحرية الإماراتية سعيد ز. نائباً له مسؤولاً عن العمليات البحرية. كان العميد علي ط معروفاً بوصفه قائداً عسكرياً متمكناً قادراً على الارتقاء بمستوى الوحدات العسكرية، وقد حول قوة الإمارات البحرية الصغيرة إلى لواء الفرسان، وهي قوات خاصة توازي قوة المغاوير في الجيش الأمريكي. كانت "قيادة العمليات الخاصة" المنزل الثاني لالعميد علي ط . كضابط شاب في القوات الخاصة، حط في الصومال في اليوم السابق لمعركة مقديشو سيئة السمعة في 1993 والتي خلدت في كتاب وفيلم "بلاكهوك داون"، ولاحقاً قاتل في أفغانستان. تم تعيينه قائداً للواء البحري في حرس الرئاسة في 2011، وشارك في العديد من الدورات التدريبية الخاصة في قاعدة البحرية الأمريكية بكالفورنيا، وساعد في تحويل قوات الإمارات البحرية إلى قوة هجومية بحرية وجوية وبرية. كان العميد علي ط أحد قصص النجاح في "قيادة العمليات الخاصة: رجل كسب ترقياته من خلال الخدمة المتميزة لبلده وللجنود تحت إمرته. كان مسروراً ومرتاحاً حين تم تكليفه بقيادة "فرقة العمل البرمائية". إذ كان يوضب حقائبه للذهاب في مهمة إلى الكلية الحربية التابعة للبحرية الأمريكية في كوانتيكو، فرجينيا. قال لرؤوسائه: "هذا عظيم، سوف آخذ الحرب، وخذوا أنتم الكلية!".
أُخضع العميد علي ط القوة القتالية لسلسلة من التدريبات البرمائية المكثفة، في مياه أبوظبي (حيث تدربوا على إنزال مدفعية "جي- 6 والمركبات المدرعة في اليابسة) وفي "عصب" (حيث شاركت قوة من الفرسان بحجم سرية في عمليات إنزال كوماندوز)، وقد تضمنت معدات القوة البحرية الخاصة، فرقاطة "داس"، وهي فرقاطة كورفيت إماراتية تحتوي على صواريخ موجهة وطائرات مروحية قتالية من طراز "بوما"، وسفينة الإنزال الآنفة الذكر "الغويصات"، وزورق إنزال بطول 64 متراً و"الباهية" (إل 62)، والزركوه (ال67). قضت الخطة بالاستعداد لإنزال القوة كاملة في خليج "قاوة"، غرب "عمران". وسوف يتم الهجوم على أربع دفعات: أول فصيلتين استكشافيتين من على متن عشرة قوارب مطاطية "زودياك" مزودة بأسلحة ثقيلة مضادة للدروع تعملان على تأمين الشاطئ. يتبعهما في الدفعة الثالثة وصول عربات مدرعة مضادة للكمائن والألغام من نوع "آر جي – 31"، ثم مدفعية "جي – 6"، والوقود والذخيرة، أخيراً هبوط حاملات الجند المدرعة وعربات "العقرب". تمضي القوة 70 كلم إلى منطقة "الشيخ عثمان"، وتؤسس خط قصف مدفعي ومركزاً لوجستياً ثم تهاجم المطار مباشرة.
كان الوصول إلى الشاطئ يمثل تحدياً كبيراً. فالإمارات لم تتصوّر أن تضطر إلى القيام بمفردها بعملية إنزال معقدة قوامها 400 جندي و100 مركبة عسكرية. وقد تكون العملية كارثية في حال لم تحتمل الرمال ضغط 60 طناً من دبابات لكليرك أو مدفعيات هاوتزر التي تزن 48 طناً، أو إذا تبين أن الشاطئ أكثر ضحالة من أن تتمكن سفن الإنزال من استخدامه. في أبوظبي، لجأ قائد حرس الرئاسة "أم جي أم" إلى مراجعة الكتب، حيث قام بتحميل وقراءة مؤلفات عن عقيدة الحرب الأمريكية البرمائية على جهاز "كيندل". ولضمان حسن اختيار موقع إنزال القوات بشكل دقيق، قام عناصر "قيادة القوات الخاصة" في "عصب" بمهمة استطلاع سرية إلى الشاطئ ليلة 22-23 أبريل. قاد المهمة الرائد حامد م، الذي قاد العملية من الفرقاطة "داس". والملازم ج الذي تقدم مع الغواصين وثلاثة رجال احتياطيين، على بعد 12 ميلاً بحرياً من الشاطئ، انطلق من "داس" قاربين مطاطيين عند الساعة 20:00، وعلى متن كل منهما غطاساً وقائد دفة. دخل الغطاسون المياه الدافئة على بعد خمسة أميال بحرية من الشاطئ. كان لديهما سبع ساعات لجمع معلومات عن العمق والتدرج وكثافة الرمال في خمسة مواقع، فيما تراقب وحدة "التحكم الجوي المتقدم" بعناية موقع المراقبة الساحلي الحوثي في "قاوة" ومعسكراً كبيراً للحوثيين على مقربة من الشاطئ. عند الساعة 03:00، طلب من الغطاسين العودة قبل الفجر بعد انتهائهما من مسح ثلاثة مواقع. كان اختباراً مدهشاً لقدرة الإمارات على ارتجال الحلول وتعلم مهارات جديدة في خضم عملية عسكرية. وكان الأمر يستحق كل هذا العناء؛ فالموقع الأول الذي تم اختياره للإنزال، كان كارثياً وبالتأكيد تم العثور على بديل أكثر أماناً.
إلا أنه في نهاية المطاف لم تكن هذه العملية لتحدث. كان الأمريكيون يرسلون إشارات تحفظ قوية وكان أعضاء آخرون في التحالف يفكرون في المشاركة، مما أدى إلى تعقيد جديد وتأخيرات محتملة في عملية التخطيط. كان من الواضح أن هناك بعض التحفظ تجاه مثل هذا العرض العلني للقوة العسكرية من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة.
اتخذ القرار في أبوظبي: أبقوا على أهبة الاستعداد، لكن دعوا المقاومة ووحدة "الكوبرا 1-1" تقومان بالهجوم الأول على المطار.
السؤال هو: كيف يمكن السيطرة على أرض المطار المفتوحة والمحروقة؟ كان ثمة خياران رئيسيان. الأول هجوم تشنه المقاومة على المطار مدعوم سراً بقوة نارية وقوات خاصة إماراتية، لكن دون وجود إماراتي واضح على الأرض. أما الحل الثاني فهو الإدخال البرمائي لقوة قتالية ميكانيكية أكبر وأكثر وضوحاً من شأنها الزحف إلى عدن والسيطرة مباشرة على المطار. وقد دفعت الرغبة في الحفاظ على ظهور منخفض، وفي الوقت نفسه الاحتفاظ بخيار "التدخل الثقيل"، الشيخ محمد بن زايد إلى تأسيس قاعدة متقدمة في "عصب"، تتيح للقوات البرمائية الاحتشاد سراً على بعد 330 كلم (180 ميل بحري) من عدن.
كانت الظروف في "عصب" أسوأ بكثير من جيبوتي. تخيل سهلاً بركانياً، تعصف فيه الرياح بلا توقف من الفجر حتى نهاية بعد الظهر. جميع الأشجار ميتة ولا وجود للعشب. ليس هناك سوى الغبار والعقارب والأفاعي والجرذان والضباع. كانت مخلفات الموانئ العسكرية البريطانية والإسرائيلية ما زالت هناك: رافعة شوكية صدئة، صهاريج نفط خارج الخدمة، طرقات محفرة قذرة، مدرج طيران صدعته الشمس بطول 3500 قدم، وميناء طبيعي صغير، لكن لا مياه عذبة ولا كهرباء ولا شبكة هاتف. الطريق الساحلي السريع بي 6، يمتد عبر القاعدة مباشرة ولم يكن ثمة حدود، فقط نقاط مراقبة إريترية في الجبال المجاورة. أما السكان القليلون، الذين يعيشون في أكواخ بدائية من الصخور البركانية مسقوفة بسعف النخيل، فكانوا يتجولون في القاعدة ويرعون ماشيتهم فيها.
لم يكن لدى الإماراتيين سوى خيم تتسع الواحدة منها لرجلين لا تستطيع الصمود في وجه الرياح. ومثلما تذكر أحد الإماراتيين ممن تمركزوا هناك: "كنت تضطر إلى النوم داخل أيّ سفينة زائرة متى أمكنك ذلك، لكنها تأتي وترحل. كنا نغير أماكن نومنا كل ليلة. إذا أمكنك العثور على موضع جيد، ولو في حظيرة قديمة تشعر أنك من كبار الشخصيات". كانت الرياح والغبار لا تتوقف، مما جعل من المستحيل البقاء في الخارج دون نظارات شمسية وغطاء رأس. كانت الليالي تضج بعواء الضباع وهي تقتل فرائسها وتتقاتل على الغنائم. "كان مكاناً للأشباح وليس للبشر"، مثلما تذكر بحار إماراتي.
مع امتداد فترة الحرب من أيام إلى أسابيع، أدرك الإماراتيون الحاجة إلى تطوير "عصب" كمركز عمليات طويل الأمد. لم يكن في مقدور الجنود العيش في خيم ضيقة وتناول حصص الطعام المُعلب إلى الأبد، وكان من المستحيل الحصول على كميات مناسبة من الطعام الطازج والمياه العذبة من الأسواق المحلية الصغيرة. وكان الجنود في "عصب" يقفون لأكثر من ساعة في الطابور صباح كل يوم لاستعمال أحد المراحيض المؤقتة الثلاثة. أما الطريق المليء بالحفر العميقة من المدرج إلى الميناء الصغير فهي رحلة منهكة من 25 دقيقة.
الرجل الذي جيء به لإصلاح هذا الوضع هو الرائد حامد ك، وهو خبير لوجستي من الطراز الرفيع ضمن حرس الرئاسة. مع تخصيص طائرة "سي 17" لنقل أربع دفعات من القوات الهجومية بين 23 و26 أبريل، استخدم حامد طائرات إيلوشين وأنطونوف مستأجرة لنقل المعدات والمواد الضرورية لبناء المعسكر على وجه السرعة. اختار موقعاً لبناء القاعدة الإماراتية على مقربة من المدرج، بما يتيح السرعة في تفريغ وتخزين المواد والذخائر. عملت ثلاث أو أربع طائرات شحن ضخمة يومياً على نقل مولدات الكهرباء والخيم الضخمة والثلاجات.
بعد ذلك، تواصل حامد مع القرى الإريترية ووظف كل رجل متاح في سن العمل، وقد أثبت أولئك أنهم عمال مجتهدون وكسب حامد ثقتهم من خلال تأمين الرواتب والرعاية الطبية والعلاجات الصغيرة للعمال وعائلاتهم. ولضمان انتظام عمل الخط اللوجستي، عين ضباط ارتباط عبر بداية ووسط ونهاية الخط اللوجستي، وذلك في أبوظبي وعلى متن سفينة الإنزال "الغويصات"، التي ستصبح سفينة القيادة للقوة البرمائية الهجومية في "عصب". كما تولى حامد ك المفاوضات الصعبة مع السلطات الإريترية التي رفضت في البداية السماح بدخول سفن مدنية تحمل المواد اللوجستية الإماراتية إلى الميناء، على أساس أن السفن العسكرية فقط هي المسموح بها بموجب عقد تأجير الجزيرة، بنيت القاعدة برمتها من الصفر في غضون عشرة أيام، منذ أمر الشيخ محمد بن زايد في 13 أبريل وحتى اكتمال كافة المرافق والمنشآت الحيوية الرئيسية في 23 أبريل.
مع الأماكن القابلة للسكن، بدأ الحضور الإماراتي التجمع بسرعة في "عصب". شكلت طائرة "سي – 17 إس" العملاقة جسراً جوياً متواصلاً بين أبوظبي و"عصب". وبين 17-20 أبريل، بلغ الوجود الإماراتي في الجزيرة 331 جندياً، بمن فيهم 31 من قوات النخبة الفرسان، 86 متخصصاً في اللوجستيات تم اختيارهم من مختلف إدارات القوات المسلحة، و88 بحاراً. تم بناء ملاجئ طائرات الدرون على وجه السرعة. كما وصلت وحدات الحرب الإلكترونية والاستخبارات. وبحلول 26 أبريل، تم سحب جميع قوات المروحية الإماراتية وطائرة درون "سبر" ذات جناح دوار من جيبوتي ونقلت إلى "عصب". ومع حلول شهر مايو، بلغ عدد الإماراتيين هناك 819 شخصاً، بمن فيهم سرية من 200 جندي من حرس الرئاسة لواء خليفة بن زايد الثاني ميكانيكي على 12 عربة مدرعة مضادة للكمائن والألغام من نوع "آر جي – 31" وثماني ناقلات جند مدرعة "بي إم بي 3 إس"، النسخة المحدثة المزودة بمدفعية 100 ملم. وقد ساهم مدفعا "جي - 6 هاوتزر" 155 ملم وحاملتا هاون من عيار 120 ملم بمنح القوة الدعم المدفعي الخاص بها. سوف تعرف هذه القوة القتالية باسم "فرقة العمل البرمائية".
في قيادة هذه القوة كان العميد الركن العميد علي ط ، والذي أكمل للتو فترة توليه منصب قائد كتيبة الفرسان، وعين العقيد في البحرية الإماراتية سعيد ز. نائباً له مسؤولاً عن العمليات البحرية. كان العميد علي ط معروفاً بوصفه قائداً عسكرياً متمكناً قادراً على الارتقاء بمستوى الوحدات العسكرية، وقد حول قوة الإمارات البحرية الصغيرة إلى لواء الفرسان، وهي قوات خاصة توازي قوة المغاوير في الجيش الأمريكي. كانت "قيادة العمليات الخاصة" المنزل الثاني لالعميد علي ط . كضابط شاب في القوات الخاصة، حط في الصومال في اليوم السابق لمعركة مقديشو سيئة السمعة في 1993 والتي خلدت في كتاب وفيلم "بلاكهوك داون"، ولاحقاً قاتل في أفغانستان. تم تعيينه قائداً للواء البحري في حرس الرئاسة في 2011، وشارك في العديد من الدورات التدريبية الخاصة في قاعدة البحرية الأمريكية بكالفورنيا، وساعد في تحويل قوات الإمارات البحرية إلى قوة هجومية بحرية وجوية وبرية. كان العميد علي ط أحد قصص النجاح في "قيادة العمليات الخاصة: رجل كسب ترقياته من خلال الخدمة المتميزة لبلده وللجنود تحت إمرته. كان مسروراً ومرتاحاً حين تم تكليفه بقيادة "فرقة العمل البرمائية". إذ كان يوضب حقائبه للذهاب في مهمة إلى الكلية الحربية التابعة للبحرية الأمريكية في كوانتيكو، فرجينيا. قال لرؤوسائه: "هذا عظيم، سوف آخذ الحرب، وخذوا أنتم الكلية!".
أُخضع العميد علي ط القوة القتالية لسلسلة من التدريبات البرمائية المكثفة، في مياه أبوظبي (حيث تدربوا على إنزال مدفعية "جي- 6 والمركبات المدرعة في اليابسة) وفي "عصب" (حيث شاركت قوة من الفرسان بحجم سرية في عمليات إنزال كوماندوز)، وقد تضمنت معدات القوة البحرية الخاصة، فرقاطة "داس"، وهي فرقاطة كورفيت إماراتية تحتوي على صواريخ موجهة وطائرات مروحية قتالية من طراز "بوما"، وسفينة الإنزال الآنفة الذكر "الغويصات"، وزورق إنزال بطول 64 متراً و"الباهية" (إل 62)، والزركوه (ال67). قضت الخطة بالاستعداد لإنزال القوة كاملة في خليج "قاوة"، غرب "عمران". وسوف يتم الهجوم على أربع دفعات: أول فصيلتين استكشافيتين من على متن عشرة قوارب مطاطية "زودياك" مزودة بأسلحة ثقيلة مضادة للدروع تعملان على تأمين الشاطئ. يتبعهما في الدفعة الثالثة وصول عربات مدرعة مضادة للكمائن والألغام من نوع "آر جي – 31"، ثم مدفعية "جي – 6"، والوقود والذخيرة، أخيراً هبوط حاملات الجند المدرعة وعربات "العقرب". تمضي القوة 70 كلم إلى منطقة "الشيخ عثمان"، وتؤسس خط قصف مدفعي ومركزاً لوجستياً ثم تهاجم المطار مباشرة.
كان الوصول إلى الشاطئ يمثل تحدياً كبيراً. فالإمارات لم تتصوّر أن تضطر إلى القيام بمفردها بعملية إنزال معقدة قوامها 400 جندي و100 مركبة عسكرية. وقد تكون العملية كارثية في حال لم تحتمل الرمال ضغط 60 طناً من دبابات لكليرك أو مدفعيات هاوتزر التي تزن 48 طناً، أو إذا تبين أن الشاطئ أكثر ضحالة من أن تتمكن سفن الإنزال من استخدامه. في أبوظبي، لجأ قائد حرس الرئاسة "أم جي أم" إلى مراجعة الكتب، حيث قام بتحميل وقراءة مؤلفات عن عقيدة الحرب الأمريكية البرمائية على جهاز "كيندل". ولضمان حسن اختيار موقع إنزال القوات بشكل دقيق، قام عناصر "قيادة القوات الخاصة" في "عصب" بمهمة استطلاع سرية إلى الشاطئ ليلة 22-23 أبريل. قاد المهمة الرائد حامد م، الذي قاد العملية من الفرقاطة "داس". والملازم ج الذي تقدم مع الغواصين وثلاثة رجال احتياطيين، على بعد 12 ميلاً بحرياً من الشاطئ، انطلق من "داس" قاربين مطاطيين عند الساعة 20:00، وعلى متن كل منهما غطاساً وقائد دفة. دخل الغطاسون المياه الدافئة على بعد خمسة أميال بحرية من الشاطئ. كان لديهما سبع ساعات لجمع معلومات عن العمق والتدرج وكثافة الرمال في خمسة مواقع، فيما تراقب وحدة "التحكم الجوي المتقدم" بعناية موقع المراقبة الساحلي الحوثي في "قاوة" ومعسكراً كبيراً للحوثيين على مقربة من الشاطئ. عند الساعة 03:00، طلب من الغطاسين العودة قبل الفجر بعد انتهائهما من مسح ثلاثة مواقع. كان اختباراً مدهشاً لقدرة الإمارات على ارتجال الحلول وتعلم مهارات جديدة في خضم عملية عسكرية. وكان الأمر يستحق كل هذا العناء؛ فالموقع الأول الذي تم اختياره للإنزال، كان كارثياً وبالتأكيد تم العثور على بديل أكثر أماناً.
إلا أنه في نهاية المطاف لم تكن هذه العملية لتحدث. كان الأمريكيون يرسلون إشارات تحفظ قوية وكان أعضاء آخرون في التحالف يفكرون في المشاركة، مما أدى إلى تعقيد جديد وتأخيرات محتملة في عملية التخطيط. كان من الواضح أن هناك بعض التحفظ تجاه مثل هذا العرض العلني للقوة العسكرية من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة.
اتخذ القرار في أبوظبي: أبقوا على أهبة الاستعداد، لكن دعوا المقاومة ووحدة "الكوبرا 1-1" تقومان بالهجوم الأول على المطار.