خلاف مصري جزائري حول ليبيا.. ومغربي خليجي مع الجزائر بشأن إيران.. قمّة "لمِّ الشمل" تُشَتِّتُ مزيدا مِن "شمل العرب"
بدأت الخلافات بين الدول العربية تطفوا على السطح، مع الانطلاق الرسمي، اليوم، للقمة العربية بالجزائر، حول ملفات جوهرية قيل إن بعضها "يهم الأمن القومي لبعض الدول" كما هو الحال فيما يتعلق بالخلاف بين مصر والجزائر حول ليبيا والاستقطابات والتدخلات الخارجية في هذا البلد الذي يدعي أكثر من فصيل سياسي شرعية الحكم في هذا البلد المغاربي الغني بالموارد الطبيعية والفقير في إيجاد حالة استقراري سياسي واقتصادي واجتماعي.
وفي الوقت الذي تدعم الجزائر حكومة الوحدة الوطنية التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة، تساند مصر الحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا، وتعارض التدخل التركي ودعمه العسكري والاستخباتي لبعض الفصائل السياسية الليبية، ومعها حكومة الدبيبة.
مصادر ديبلوماسية مصرية، خرجت لتؤكد أن الخلاف المصري الجزائري الذي ظهر في الجلسات القبلية التي سبقت القمة العربية "لا يرتقي" لمستوى الخلاف، بل يمكن وصفه بـ "تباين في الرؤى" حول الملف الليبي، وهو ما انعكس على النقاشات أثناء الجلسات المغلقة التي جرت خلال اليومين الماضية بين وزراء خارجية الدول العربية، عند أشغال الاجتماع التحضيري للقمّة العربية.
فمصر ترغب في إدانة صريحة في البيان الختامي للتدخلات الخارجية في ليبيا، وتعني بها التدخل التركي، في حين ترغب الجزائر في أن لا يتم تضمين البيان الختامي أي إشارة إلى ذلك وفق نظرتها الجيوسياسية للمنطقة، وهو ما جعل الخلاف يتسع، وبدأت الاستقطابات بين القاهرة والجزائر على أعلى مستوى لتغليب كفة جُملة أو فقرة في البيان الختامي على حساب أخرى.
في الوجه الآخر من الخلافات المتعدة للجزائر في هذه القمة التي تسوق على أنها قمّة "للم شمل العرب"، يحضر التدخل الإيراني في شؤون الدول العربية، ودعمها لملشيات مسلحة إرهابية مما يهدد الأمن القومي للعديد من الدول العربية.
كما هو الحال في اليمن والسعودية والإمارات، حيث تدعم طهران ملشيات الحوثي التي استهدفت أكثر من مرة العمق السعودي بطائرات مسيرة من صنع إيراني، وكذا دعم الحرس الثوري الإيراني بموافقة جزائرية على تدريب عناصر جبهة البوليساريو الانفصالية على استخدام صواريخ مضادة للطائرات محمولة على الكتف، وكذا تسليحهم بطائرات مسيرة محلية الصنع.
وهكذا، بدا التوافق أو "لم شمل العرب" أمنية بعيدة كل البعد في قِمّة عربية تُعقد في بلد لا يجد أي تناغم في سياساته الخارجية مع أغلب الدول في محيطه الإقليمي، وهو ما يجعل القمة العربية رقم 31 لن تخرج بأي جديد يخص العمل العربي المشترك، ويزيد من تأكيد "فشلها" الغياب الكبير لأغلب القادة العرب من ملوك وأمراء ورؤساء دول وازنة في المنطقة العربية، مثل السعودية والإمارات والمغرب والأردن وسلطنة عمان والكويت..
حيث قللت هذه الدول من مستوى مشاركتها لعلمها المُسبق بأجندات تُحاول الجزائر فرضها على القمّة، بعيدا عن التحديات الحقيقية التي تواجه أغلب الدول العربية التي تعاني من الحركات الإرهابية المسلحة التي تدعم الجزائر إحداها لتقسيم دولة مثل المغرب.