دور الأقمار الاصطناعية في الأزمات والحروب

riman

عضو
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
1,622
التفاعل
16 0 0
اللواء الركن (م)- خضر الدهراوي

على مدى خمسين عاماً، أصبح الفضاء مشحوناً بحشد هائل من الأقمار الاصطناعية التي تطوّرت خلال هذه المدة، وظهر فيها أجيال جديدة تشمل أقمار الاستطلاع بالتصوير، وأقمار الاستطلاع الإلكتروني التي تحدد الخصائص الفنية لأجهزة الرادار، وأقمار استطلاع المحيطات لاكتشاف الغوّاصات ، وأقمار الإنذار المبكّر لاكتشاف إطلاق الصواريخ الاستراتيجية بعيدة المدى، والإنذار عنها قبل وصولها بوقت كافٍ يسمح للصواريخ الدفاعية بمواجهتها، وكذا اكتشاف التجار ب النووية، مما يساعد في السيطرة على سباق التسلح ومراقبة مناطق الصراع واشتعال الحروب في العالم، مثل: ما حدث في حرب أكتوبر 1973م، والحرب في قبرص عام 1974م، والحرب الإيرانية العراقية عام 1980م، وحرب تحرير الكويت عام 1991م، وحرب أفغانستان عام 2001م، وحرب العراق عام 2003م. وتقوم الأقمار الاصطناعية بتنفيذ مهامها بطريقة مأمونة خارج مدى أسلحة الدفاع الجوي الحديثة بالصواريخ المضادة للصواريخ.


أولاً: دور الأقمار الاصطناعية في نجاح محادثات الحدّ من الأسلحة الاستراتيجية


كان للأقمار الاصطناعية دور كبير في نجاح محادثات الحدّ من الأسلحة الاستراتيجية، والتي امتدت أكثر من عامين ونصف عام، تم خلالها عقد (130) اجتماعاً بين (هلسنكي) و (فيينا)، وكادت المحادثات تصل في أكثر من مرة إلى طريق مسدود؛ فالولايات المتحدة كانت تصرّ على نظام التفتيش والمراقبة كشرط أساسي، وترفض أية قيود تقوم على الثقة، بينما ظل الاتحاد السوفيتي يتشدد في فكرة رفض مجموعات التفتيش من الأجانب المتجولين في أراضيه، أو المحمولين فوق أراضيه. وقد لوحظ أثناء هذه المباحثات أن إجراءات الرقابة الدولية كانت مرفوضة من كلا الجانبين، إذ اعتبرها كل منهما نوعاً من الاعتداء على السيادة الوطنية، وفي هذا الوقت كان الخوف من قيام الشيوعيين باتباع الغش في معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية يتسلط على الساسة الأمريكيين ، وحتى إذا تخلّوا عن هذا الخوف فكان الشغل الشاغل الذي يقلقهم هو نتائج تفوق تكنولوجي قد يحرزه الاتحاد السوفيتي، ويستطيع عن طريقه أن يضعف من نظام الردع الذي تستخدمه الولايات المتحدة الأمريكية أو يجعله عديم الجدوى.
وهكذا ظلت الولايات المتحدة الأمريكية ترفض لسنوات عديدة قبول أية قيود تقوم على الثقة فقط، وأصرّت على ضرورة التفتيش والتحقق، ولكن الإصرار على التفتيش والتحقق واجه مشاكل عديدة ترتب عليه طرح الأسئلة الآتية من وجهة نظر الولايات المتحدة: ما هو نوع التفتيش الذي يضمن التحقّق من تنفيذ الاتفاقية؟ وما هي كيفية إجراء ذلك التفتيش؟ ومن الذي يقوم بإجرائه؟
أما الاتحاد السوفيتي، فقد ظلّ متشدداً في رفض استقبال مجموعات التفتيش الأجنبية للتجوّل في أراضيه. وبظهور أقمار الاستطلاع وتطورها، أمكن حلّ هذه المشاكل التي أثيرت، وذلك عن طريق قيامها بالتفتيش الدقيق من مدارها حول الأرض لتزويد كل جانب بالمعلومات عن الأسلحة الاستراتيجية، ولولا هذه الأقمار لكان من المحتمل ألاّ يتم التوصُّل إلى اتفاقية الحدّ من الأسلحة الاستراتيجية. وجاء قرار الزعماء السوفييت بإطلاق القمر الاصطناعي (سبوتنيك 1) دون الحصول مقدماً على موافقة تحليق القمر فوق أراضي دولة أخرى تعزيزاً للمبدأ القائل إن سيادة الدولة يجب ألاّ تمتد إلى الفضاء الخارجي كما هو الحال بالنسبة للمجال الجوي داخل غلاف الكرة الأرضية.
ومنذ لقاء القمة في موسكو بين الرئيس الأمريكي (ريتشارد نيكسون)، والرئيس السوفيتي (ليونيد بريجنيف) والذي انتهى بالتوقيع على اتفاقية الحد من الأسلحة الاستراتيجة (سولت 1) في 26 مايو 1972م أصبح الاستطلاع بالأقمار الاصطناعية العنصر الأساسي في الوسائل الفنية القومية لأغراض التحقق والتأكّد من تنفيذ نصوص الاتفاقية وفقاً لما نصّت عليه المادة الثانية عشرة بالسماح لكل طرف باستخدام وسائله الفنية الوطنية للتحقّق من تنفيذ التعهدات التي قبلها الطرفان بمقتضى هذه الاتفاقية في إطار مبادئ القانون الدولي المُعترف بها، وأن يتعهد كل طرف بألاّ يعترض المراقبة التي يمارسها الطرف الآخر بوسائله الفنية الوطنية.
وقد دعت المادة (13) من الاتفاقية الطرفين إلى الإسراع بتشكيل لجنة استشارية دائمة يتم عن طريقها بحث المسائل التي تتم عن أي تدخل غير مقصود في الوسائل الفنية الوطنية للتحقق من مراعاة الالتزامات.
هكذا عالجت الاتفاقية نقطة حيوية تتعلق بموضوع الإشراف على تنفيذ التعهدات والالتزامات، وذلك بأن أعطت كل طرف حق استخدام ما يملكه من وسائل الرقابة الفنية بما لا يتعارض مع الطرف الآخر، وفي الوقت نفسه تعهُّد كل طرف بألاّ يعترض على الرقابة التي يمارسها الطرف الآخر بوسائله الفنية الوطنية، وألاّ يتعهد اتخاذ إجراءات للإخفاء والتمويه تحول دون قيام الأجهزة الفنية الوطنية بالرقابة وفقاً لنصوص هذه الاتفاقية.
ويتضح من ذلك، أن التركيز في الاتفاقية قد انصبّ على وسائل الرقابة الفنية الوطنية التي تعني إطلاق حرية التجسس بواسطة أقمار الاستطلاع، وأن الطرفين قد وافقا على سياسة السماء المفتوحة التي تقوم على أساس عدم التدخّل في عمل أقمار الاستطلاع التي أصبحت معقّدة بصورة متزايدة.
ومنذ هذا التاريخ والأعداد التي تم إطلاقها من أقمار الاستطلاع وقدرتها التكنولوجية تشير إلى أن برامج الاستطلاع بالأقمار الاصطناعية التي قام بتنفيذها كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي تسير في الاتجاه الصحيح الذي يؤكد جديَّة تحقيق هذه الاتفاقية، وذلك بالرغم من المصاعب التي تواجه أقمار الاستطلاع، مثل: تعرُّض هذه الأقمار للاعتراض والتدمير، وصعوبة اكتشاف عدد الرؤوس النووية التي تحملها الصواريخ الباليستية العابرة للقارات.
ويرى خبراء الفضاء أن بقاء الاتفاقات التي عقدها الرئيسان الأمريكي والسوفيتي في (سولت 1) و (سولت 2) وأي اتفاقات محتملة حول الحدّ من الأسلحة الاستراتيجية في المستقبل ، يتوقف على الكفاءة الفنية لأقمار الاستطلاع ودرجة دقتها ، مما يجعلها قادرة على إحكام عملية التفتيش والمراقبة.
وتمكنت كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي من الحصول على تعليمات تفصيلية عن الصواريخ التي تُطلق من قواعد برية وبحرية بواسطة أقمار التفتيش والمراقبة التي صار التعبير عنها في هذه الاتفاقية بالوسائل القومية الفنية للفحص والتفتيش، حيث قامت أقمار الإنذار المبكّر في كلٍّ من الدولتين باكتشاف الصواريخ بمجرد إطلاقها، وبذلك كان لها دور هام في العمل على زيادة عوامل الاستقرار والثبات في تحقيق الاتزان الاستراتيجي طوال فترة الحرب الباردة.
وهكذا أصبحت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي معتمدين اعتماداً تاماً على الأقمار الاصطناعية في عمليات الهجوم والدفاع، وأيضاً في التفتيش، ومراقبة الصراعات الإقليمية، مثل: الحرب في آسيا بين الهند وباكستان، والحرب في الشرق الأوسط.


ثانياً : اكتشاف الانفجارات النووية يساعد في السيطرة على سباق التسلح


قامت الأقمار الاصطناعية باكتشاف تجارب الانفجارات النووية والمراقبة والإرشاد عن مدى التطور في برامج التجارب النووية للدول، مثلما حدث عندما اكتشف الاتحاد السوفيتي التجارب النووية التي تجريها جنوب أفريقيا بواسطة أقماره الاصطناعية (كوزموس 922) الذي أُطلق في 30 يونيو 1977م، و (كوزموس 932) الذي أُطلق في 20 يوليو 1977م. أما الولايات المتحدة فقد اكتشفت وهج له خصائص التفجير النووي في منطقة جنوب المحيطين الهندي والأطلسي في 22 سبتمبر 1979م بواسطة قمرها الاصطناعي، وتمت دراسات مكثفة للصور التي التقطها القمر الاصطناعي الأمريكي، وقامت الإدارة الأمريكية بتعيين مجموعة من العلماء لإيجاد تفسير واضح لهذه الصور لتأكيد المعلومات التي أوردتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية عن وجود اختبارات نووية سرية تقوم بها جنوب أفريقيا، وذكرت مصادر عديدة أن إسرائيل تتعاون مع جنوب أفريقيا في مجال الأسلحة النووية والتجارب التي تجريها. وكذا التفتيش، ومراقبة الاختبارات لاكتشاف تجارب الأسلحة النووية التي تجريها الدول، وهو ما حدث عندما قامت الأقمار الاصطناعية الأمريكية والسوفيتية في عام 1977م، بالإرشاد عن منطقة (شابا) في جنوب شرق جمهورية (زائير)، والتي استخدمتها (ألمانيا الاتحادية) كموقع اختبار لإطلاق الصواريخ.


ثالثاً : مراقبة مناطق الأزمات


(1) في أثناء الحرب الهندية الباكستانية في ديسمبر 1971م، أطلق الاتحاد السوفيتي ثلاثة أقمار اصطناعية (كوزموس أرقام: 463، 464، 465)، لتتبع تحركات السفن الأمريكية، وتحديد اقتراب الطائرات الباكستانية، ومراقبة الصراع في شرق باكستان التي أصبحت (بنجلاديش)، بينما أطلقت الولايات المتحدة قمرها الاصطناعي (بيج بيرد) رقم (56أ) عام 1971م، لتغطية منطقة القتال.
(2) في أثناء الأزمة القبرصية عام 1974م أطلق الاتحاد السوفيتي (كوزموس 666)، الذي أطلق يوم 12 يوليو في الفترة من 13 25 يوليو ماراً فوق غرب قبرص في صباح يوم 22 يوليو، ثم مرّ فوق شرق قبرص بعد ظهر اليوم نفسه، وأطلقت الولايات المتحدة قمرها الاصطناعي (بيج بيرد) رقم (20أ) عام 1974م، وقام بالمرور فوق قبرص مرتين إحداهما يوم 20 يوليو، وهو اليوم الذي بدأ فيه الغزو التركي، والمرة الأخرى يوم 24 يوليو لمراقبة منطقة القتال، والغزو التركي لقبرص في المدة من 20 22 يوليو 1974م.
(3) كشفت صور الأقمار الاصطناعية استمرار القوات الليبية في (تشاد) في نوفمبر 1984م، حيث اطلعت الولايات المتحدة الأمريكية فرنسا على نتائج استطلاع أقمارها الاصطناعية، وأوضحت أن ليبيا لم تفِ بتعهداتها بخصوص انسحاب قواتها من (تشاد)، وأن القوات الليبية مازالت موجودة في (أوزو) شمال (تشاد)، وأعلن الرئيس الفرنسي (فرانسوا ميتران) أن القوات الليبية لاتزال موجودة في شمال (تشاد)، وقال إن فرنسا أكملت انسحابها من الأراضي التشادية رغم معرفتها بأن ليبيا لم تنفّذ تعهدها بالانسحاب المتزامن من أراضي هذه الدولة، وذكر الرئيس (ميتران) في مؤتمر صحفي عقب اجتماع عقده مع العقيد الليبي (معمر القذافي) في (جزيرة كريت) أن هناك (800 1500) جندي ليبي يتمركزون في أراضي (تشاد)، وأن انسحاب آخر جندي ليبي وفرنسي من الأراضي التشادية هو الخطوة الأولى والأساسية نحو التطوير السليم للعلاقات بين الدولتين، وجاء هذا اللقاء عقب معلومات أذاعتها وزارة الخارجية الأمريكية استناداً إلى صور الأقمار الاصطناعية تفيد استمرار القوات الليبية في أراضي (تشاد).


رابعاً : مراقبة مناطق الحروب


(1) استخدام أقمار التجسس الأمريكية لاستطلاع منطقة قناة السويس :
في الساعات القليلة التي سبقت وقف إطلاق النيران يوم 8 أغسطس 1970م ، تمكّنت قوات الدفاع الجوي من استكمال حائط الصواريخ في شكله النهائي بدفع كتائب الصواريخ ليالي 18و 19 يونيو على امتداد الجبهة في سريّة وسرعة، وفي صباح 30 يونيو قامت القيادة الإسرائيلية بدفع طائراتها للإغارة على المواقع المصرية، وكانت المفاجأة لهذه الإغارات عندما تم إسقاط أربعة طائرات قتال، وطائرة استطلاع إلكتروني، وأثبتت شبكة الدفاع الجوي التي أُنشئت أثناء المراحل الأخيرة من حرب الاستنزاف فاعليتها في الأيام الأخيرة التي سبقت وقف إطلاق النار.
وجاءت مبادرة (روجرز) تحت ضغط الواقع المتغيّر في مسرح الحرب بعد أيام مع بلوغ العمليات المصرية ذروتها في أسبوع تساقط الطائرات الإسرائيلية، واضطرت الولايات المتحدة إلى إطلاق قمر اصطناعي في السادسة مساء يوم 22 يوليو 1970م إلى مداره حول الأرض ووجهته مباشرة إلى منطقة القناة لتصوير مواقع الرادار والصواريخ أرض-جو التي اتهمت إسرائيل مصر بنقلها، مخالفةً نص وقف إطلاق النيران يوم 8 أغسطس 1970م.

(2) دور الأقمار الاصطناعية في حرب أكتوبر 1973م:
(أ) الدعم الأمريكي لإسرائيل بأقمار الاستطلاع بالتصوير:
كان لدى الولايات المتحدة في الفضاء أثناء حرب أكتوبر 1973م القمر (بيج بيرد)، وهو الجيل الجديد للأقمار الاصطناعية لتنفيذ مهام الاستطلاع بالتصوير، ويحمل كاميرا ذات حجم كبير ويرسل المعلومات بعد تحويلها إلى إشارات تنقل إلكترونياً إلى محطات المتابعة الأرضية التي يمر بها القمر الاصطناعي، ويحمل هذا القمر الرقم (46أ)، وقد أطلقته القوات الجوية الأمريكية يوم 13 يوليو 1973م في الساعة (55:19) بتوقيت (جرينتش)، وعلى ارتفاع أقل بُعد للمدار عن الأرض (156) كيلومترًا، وارتفاع أقصى بُعد للمدار عن الأرض (269) كيلومتراً، واستمر في المدار لمدة (91) يوماً.
كما كان لديها القمر الاصطناعي رقم (86أ)، الذي أُطلق يوم 27 سبتمبر 1973م في الساعة (17:17) بتوقيت (جرينتش)، بارتفاع أقل بُعد للمدار عن الأرض (131) كيلومتراً، وارتفاع أقصى بُعد للمدار عن الأرض (385) كيلومتراً، واستمر في المدار لمدة أربعة أسابيع.
وكانت مسارات هذين القمرين تمر فوق منطقة الشرق الأوسط لتغطية الموقف العسكري.
ومما يؤكّد الدعم الأمريكي لإسرائيل عبر تلك الأقمار، ما قاله رئيس وكالة الفضاء الإسرائيلية البرفيسور (نئمان) لمراسلي التليفزيون بعد حرب أكتوبر : "إن حاجة إسرائيل للمعلومات العسكرية التي يجمعها قمر اصطناعي عسكري ماسة بعد تجربة حرب أكتوبر، لأن المعلومات التي حصلت عليها إسرائيل لم تكن كافية؛ فالمعلومات التي توافرت من الأقمار الاصطناعة لم يصل منها إلاّ النذر اليسير". وأكّد الجنرال (ساجي) رئيس المخابرات الإسرائيلية الأسبق أن إسرائيل لم تحصل على جميع المعلومات التي جمعتها الأقمار الاصطناعية الأمريكية.

(ب) الأقمار السوفيتية للاستطلاع بالتصوير التي أطلقت في حرب أكتوبر 1973م:
في حرب أكتوبر 1973م ، قام الاتحاد السوفيتي بإطلاق سلسلة من أقمار التجسس، وكان عددها سبعة أقمار لمراقبة منطقة القتال، ثم تلا ذلك إطلاق خمسة أقمار أخرى في تواريخ مختلفة لمراقبة وقف إطلاق النار، وكان آخرها (كوزموس) رقم (603) الذي أُطلق يوم 30 يناير، لمراقبة انسحاب القوات الإسرائيلية، وبيانها في الجدول الآتي:
ولم تحصل مصر على أية معلومات يمكن الاستفادة منها. وفي اللقاء الذي تم يوم 17 أكتوبر بين الرئيس (أنور السادات)، ورئيس الوزراء السوفيتي (كاسيجن) والذي عرض على الرئيس (السادات) مجموعة من الصور الفوتوغرافية وعددها (18) صورة، بدت في بعضها منطقة الثغرة الإسرائيلية وما حولها من الضفة الغربية لقناة السويس، والتي كان فيها قوات إسرائيلية لتوضيح الموقف حتى هذا التاريخ.

(3) مراقبة القتال في الحرب العراقية الإيرانية:
بدأت الحرب في 22 سبتمبر 1980م، وأطلق كل من الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة أقماراً اصطناعية لمراقبة منطقة القتال، واحتاجت المخابرات المركزية الأمريكية للأقمار الاصطناعية في الأحداث التالية:
عندما قامت الثورة الإيرانية في عام 1979م، وفقدت الولايات المتحدة الأمريكية المواقع الرئيسة لمراكز المراقبة والتنصّت الأرضية في شمال إيران، والتي كان يقوم بتشغيلها أفراد من القوات المسلحة الأمريكية تحت إشراف وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، لمراقبة مواقع التجارب السوفيتية في قاعدة إطلاق الأقمار الاصطناعية في (تورانام)، ومراقبة مناطق اختبارات الصواريخ السوفيتية، وبفقدان هذه المراكز اعتمدت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية على الأجيال الحديثة من أقمار التجسس في الحصول على المعلومات.
في أثناء عملية محاولة إنقاذ الرهائن الأمريكيين في مبني السفارة الأمريكية في طهران، حيث أفصحت مصادر البنتاجون أنه تم منذ حوالي شهر قبل بدء العملية إطلاق قمر اصطناعي لأغراض الاتصالات العسكرية فوق منطقة المحيط الهندي، بغرض تدعيم وسائل الاتصالات العسكرية استعداداً للعملية التي تمت في أبريل 1980م.
(4) دور الأقمار الاصطناعية في حرب الخليج الثانية :
تشير الدراسات التي أعدّتها لجنة القوات المسلحة التابعة لمجلس النواب الأمريكي، والتي تضمنت نتائج الحرب في وثيقة من (89) صفحة تحت عنوان: (الدروس المستفادة من الحرب في الخليج)، كما عكفت وزارة الدفاع الأمريكية على تجميع التحليلات في تقرير مفصّل تحت عنوان قيادة الحرب في الخليج إلى الآتي:
كانت الصواريخ (سكود) العراقية تحمل رؤوساً تقليدية، وأقصى مدى للصاروخ (95) كيلومتراً، والرأس الحربية تحتوي على (90) كيلوجراماً من المواد شديدة الانفجار، وكانت تُطلق فردية ليلاً وبأعداد محدودة وكانت منصات الإطلاق متحركة وتختفي بمجرد الإطلاق، ولذا تظهر أهمية توفّر معلومات دقيقة عن مواقع الصواريخ المعادية الثابتة والتبادلية والقدرة على التمييز بين المنصات الحقيقية والهيكلية، وهذه المنصات من الأهداف ذات الأولوية.
هذه الصواريخ غير دقيقة وتخطئ في إصابة الأهداف الحقيقية، لا تصلح إلاّ لضرب منطقة آهلة بالسكان ، مثل المدن ، لإحداث تأثير معنوي بضرب الأهداف التي تؤثّر على الروح المعنوية.
يعتمد نظام الدفاع الأمريكي المضاد للصواريخ المعروف (باتريوت) على الأقمار الاصطناعية في اكتشاف الإطلاق بمجرد تشغيل محركات الصاروخ (سكود) وانبعاث الحرارة منه، وتم ربط بطاريات الصواريخ الأمريكية (الباتريوت) بالكيفية التي تسمح بوصول المعلومات مباشرة بمجرد الإطلاق.
اعتمدت قيادة القوات المشتركة في متابعة منصات الصواريخ المتحركة على معلومات الأقمار الاصطناعية لاكتشاف الصاروخ المعادي بمجرد إطلاقه، لكي يمكن الاشتباك به بعيداً عن الأهداف الحيوية المدافع عنها حتى لا تتساقط مخلّفات الصاروخ المعادي وبقاياه فوق الأهداف الحيوية.

(5) غزو العراق في 21 مارس 2003م:
(1) في خطاب الرئيس الأمريكي السابق (جورج بوش) يوم 29 يناير 2002م عن حالة الاتحاد ، قال: "إن العراق مستمر في عدائه لأمريكا، ودعم الإرهاب، واتهم النظام العراقي بالتخطيط لإنتاج جرثومة الانتراكس، وغاز الأعصاب، والأسلحة النووية منذ أكثر من (10) أعوام"، وقال: "إن بغداد طردت المفتشين الدوليين لأن لديها ما تريد إخفاءه عن العالم".
(2) إن الحشود والتحركات العسكرية الأمريكية في منطقة الخليج كانت تشير إلى حتمية الحرب، وأن الضربة العسكرية الأمريكية على العراق واقعة لا محالة، وأن قرار الحرب متخذ منذ ستة أشهر.
(3) دافع الرئيس (بوش) عن قراره في غزو العراق، وأعلن أنه ليس لديه شك في أن (صدام حسين) كان يشكّل خطرًا متزايداً على الولايات المتحدة، ودول منطقة الشرق الأوسط، وأكّد أن المعلومات الاستخباراتية السابقة للحرب أكّدت وجود أسلحة دمار شامل في
العراق، وأن الرئيس (صدام حسين) تحدَّى المجتمع الدولي برفض الكشف عن أسلحة الدمار الشامل.
(4) في مواجهة حملة انتقادات متصاعدة في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا بشأن التهويل في تقدير الخطر الذي كان يمثله نظام (صدام حسين)، والذي اتخذ ذريعة للحرب ضد العراق، دافع (كولين باول) وزير الخارجية الأمريكي الأسبق عن المعلومات التي عرضها لتبرير الحرب ضد العراق بالرغم من فشل واشنطن في العثور على أية أسلحة دمار شامل في العراق، وأشار إلى أن وكالة المخابرات المركزية، ووزارة الدفاع أكّدتا أن شاحنتين تم العثور عليهما في العراق يمكن أن تكونا استخدمتا كمختبرين للأسلحة البيولوجية ، بالرغم من عدم العثور على أي أثر لمثل هذه الأسلحة.
(5) لم يتمكن العرض العلني المثير الذي قدّمه وزير الخارجية (كولين باول) أمام مجلس الأمن الدولي حول ما وصفه آنذاك بأدلة دامغة ضد العراق من تغيير المواقف المؤيدة أو المعارضة للموقف الأمريكي المتجه نحو الحرب ضد العراق، ودعت غالبية دول العالم إلى منح مزيدٍ من الوقت لمفتشي الأسلحة للتحقق من المعلومات التي طرحها (باول)، في الوقت نفسه أكّد مفتشو الأسلحة الدوليين في أحدث تقرير لهم أنهم لم يعثروا على أي دليل على أن الرئيس العراقي كان يدير برامج لتطوير أسلحة الدمار الشامل.
(6) دافع (باول) باستماتة عن موقف إدارة (بوش)، وذلك من خلال جلسة استماع عقدتها لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، كما دافع عن بيانه الذي ألقاه أمام مجلس الأمن الدولي في 5 فبراير 2003م لإقناع الأعضاء، وقال في هذا الصدد: "إنه عرض أفضل المعلومات التي وفّرتها أجهزة المخابرات، وأنه لم يراوده أدنى شك في أن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل".
(7)الاعتراف بالخطأ، وقد تضمن هذا الاعتراف الحقائق التالية:
اعترف (كولين باول) بأن المعلومات التي قدمها إلى مجلس الأمن الدولي في 5 فبراير 2003م بشأن حيازة العراق معامل متنقلة لصنع أسلحة دمار شامل استندت إلى معلومات خاطئة، وقال في تصريحات للصحفيين إنه يأمل أن تبحث اللجنة الخاصة بفحص المعلومات المتعلقة بملف العراق في هذه القضية لتحديد مدى صحة المعلومات.
أخيراً، في 3-12-2008م، اعترف (بوش) بأنه لم يكن مستعداً للحرب عندما تسلّم مقاليد الحكم، وأن أخطاء وقعت من جانب المخابرات الأمريكية في العراق ستبقى موضع أسف كبير لحكمه الذي استمر (8) سنوات، وتطرّق في حديثه إلى أسلحة الدمار الشامل التي أسهمت إدارة الرئيس العراقي الراحل (صدام حسين) بحيازتها وشكلت واحدة من أكبر الذرائع.
ذكرت مصادر للمخابرات الأمريكية أن (باول) سيحمل إلى مجلس الأمن صوراً التقطتها أقمار اصطناعية يظهر فيها وجود أسلحة دمار شامل في العراق، ودارت الأسئلة: لماذا لم يمنح مزيد من الوقت لمفتشي الأسلحة للتحقق من المعلومات التي طرحها (باول)؟ ولم يكن مفهوماً حتى الآن لماذا احتفظت أمريكا بهذه الصور ولم تعلنها؟
(8) طالب (ديفيد كاي) الرئيس السابق لفريق الخبراء الأمريكيين، والمكلّف بالبحث عن أسلحة الدمار الشامل في العراق الرئيس الأمريكي (بوش) بالاعتراف صراحةً بأنه أخطأ باتهامه العراق بالاحتفاظ بمخزون من الأسلحة البيولوجية والكيميائية، وحذّر (كاي) في تصريحات نشرتها صحيفة (الجارديان) البريطانية يوم 3-3-2004م من أن عدم اعتراف (بوش) بحقيقة الخطأ الذي ارتكبه بشأن أسلحة الدمار الشامل العراقية سيفتح الباب أمام ظهور تكهنات حول وجود أسباب خفية لغزو العراق لا يريد الكشف عنها، وأنه تلاعب بمعلومات أجهزة المخابرات بهذا الخصوص لغرض ما. وأشار (كاي) الذي استقال من منصبه في يناير 2004م إلى أنه يتعين على الرئيس الأمريكي أن يكون أكثر وضوحاً لاستعادة ثقة الأمريكيين، وأضاف (كاي) أنه لايزال على اقتناع بأن العراق لم يكن يمتلك أسلحة دمار شامل عندما بدأت الحرب.
(9) أعلن (ريتشارد كير) النائب السابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية أن أخطاءً فادحة شابت تحليل معلومات الوكالة وبياناتها بخصوص قضية أسلحة الدمار الشامل العراقية قبل الغزو الأمريكي، ونقلت صحيفة (لوس أنجلوس تايمز) عن (كير) قوله: إن تحليل الوكالة أخفق في مجالات عدة أبرزها أمور محددة يتعين على الوكالة وضعها تحت تصرف صنّاع القرار السياسي. وأوضح أن تقصيراً بالغاً شاب طريقة تحليل المعلومات وتقديمها، وكان (تينيت) مدير المخابرات الأسبق قد كلّف (كير) بتقديم عمل الوكالة فيما يتعلق بقضية أسلحة العراق المحظورة وبخاصة التقرير الصادر عن الوكالة في أكتوبر 2002م، بشأن مختلف برامج أسلحة الدمار الشامل الكيميائية والبيولوجية والنووية. واستغرقت مهمة (كير) ثلاثة أشهر ونسبت الصحيفة إلى (كير) أنه لم يتوصل إلى دليل ، برغم إصرار محللي المخابرات على وجود مثل هذه الأسلحة لدى العراق.
(10) دافع الرئيس (بوش) بضراوة عن قرار غزوه العراق، وأعلن أنه ليس لديه أدنى شك في أن (صدام) كان يشكِّل خطراً متزايداً على الولايات المتحدة ودول منطقة الشرق الأوسط، وجاءت تصريحات (بوش) في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض خلال لقائه بالرئيس البولندي في 27-1-2004م وأكّد أن المعلومات الاستخبارية السابقة للحرب أكّدت وجود أسلحة دمار شامل بالعراق.

خامساً : دور الأقمار الاصطناعية في الاتصالات العسكرية :

أثبتت الدراسات أن ثبات واستمرار واستقرار المواصلات يمثّل العامل الحيوي بالنسبة للمواقف العسكرية في الحروب والأزمات، فالأقمار الاصطناعية للاتصالات قد حققت نجاحاً كبيراً في مجال الاتصالات العسكرية بكفاءة عالية، وأثبتت قدرتها على نقل صور تليفزيونية لمسرح العمليات، لكي تتمكن القيادات من متابعة ما يحدث في المسرح لحظة وقوعه، مما يجعلها تشكّل جزءاً هاماً في العمليات العسكرية، وهذا يساعد في اتخاذ القرارات السليمة في الوقت الصحيح، وتأمين الاتصالات، وزيادة إحكام السيطرة على مناطق القتال.
وأمكن للدول بالتعاون مع أقمار الاتصالات أن تلعب دوراً هاماً في إدارة الأزمات، والوقوف على كل ما يدور في مناطق الصراعات الإقليمية التي ينشب فيها النزاع. كما تعمل تكنولوجيا الفضاء على توفير قيادة وسيطرة أفضل على الأقمار الاصطناعية، وتوفّر المعلومات التفصيلية الدقيقة عن الأهداف التي تتطلبها استراتيجية القوات المضادة.
أصبح للأقمار الاصطناعية دورٌ هامٌ في رفع كفاءة الأسلحة الاستراتيجية وتحديد الأهداف والحصول على معلومات دقيقة عنها؛ حيث تقوم أقمار الاستطلاع بأنواعها المختلفة المزودة بكاميرات تتميز بدرجة دقة ووضوح عالية، وقدرة على التقاط صور واضحة لأهداف صغيرة جداً من ارتفاعات عالية، وبمساعدة أجهزة استشعار حساسة تعمل بالأشعة تحت الحمراء باكتشاف إطلاق الصواريخ والصوامع المقامة تحت الأرض، وكذا المختفية منها


 
رد: دور الأقمار الاصطناعية في الأزمات والحروب

مشكورة علي الموضوع الجميل وفعلا اصبحت الاقمار الصناعية عنصر هام جدا في جمع المعلومات واتخاذ القرار
 
رد: دور الأقمار الاصطناعية في الأزمات والحروب

مشكورة علي الموضوع الجميل وفعلا اصبحت الاقمار الصناعية عنصر هام جدا في جمع المعلومات واتخاذ القرار

الدول اللي لا تمتلك اقمار صناعية الان

هتبقي في مزبلة التاريخ عما قريب
 

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى