الشيوعية العربية والإلحاد.. كيف نظر ماركس إلى مسألة "التدين والإلحاد"؟!

إنضم
10 فبراير 2020
المشاركات
8,079
التفاعل
19,172 83 24
الدولة
Russian Federation
574bd0c8-f458-4f48-bd20-4c9232489dbd.jpeg

بعد مرور 100 سنة على الثورة البلشفية، تكوّنت لدى عموم المجتمعات العربية صورة نمطية للشيوعيين العرب ألا وهي: الإلحاد. فالدارس للفلسفة الشيوعية في بعديها الجغرافي والتاريخي يلحظ انقسام الناس إلى فريقين: فريق أوّل يعقد لواء الإلحاد على شرفة الشيوعية باعتباره سمة مبدئية. وفريق ثان يدحض هذه المسألة ويراها تهمة مفتعلة يقف وراها معسكر الرأسمالية.

الرأي الأوّل الذي تبنّاه فريق كون الشيوعية سمتها الإلحاد، برّر ذلك بكون الشيوعية تحارب الأديان، إذ كان لا بد أن تضع كتابًا بديلاً له، وهذا ما حدث؛ حيث وضعت الشيوعية كتاب سفر الإلحاد، ودعته سفرًا على مثال الأسفار المقدّسة، ويتكون هذا السفر من سبعمائة صفحة، وشارك في تأليفه لفيف من الكُتّاب المُلحدين في أكاديمية موسكو للعلوم سنة، وألبست الشيوعية هذا الكتاب ثوبًا مزيفًا من الأخلاق المسيحية السامية، بل أشاد هذا السفر بالمسيحية، فجاء فيه عن المسيحية أنها على خلاف كل الديانات القديمة رفضت كل حدود طبقية في تقديم عقائدها بمعنى أن عظاتها، وتعاليمها، قُدمت لكافة القبائل والشعوب والطبقات، وكذلك حطمت المسيحية في تعاليمها، كل الحواجز الاجتماعية، فالذين نشروا تعاليم يسوع قدموها لكل الناس دون تمييز لأصل أو جنس أو مركز اجتماعي.

كما شهد هذا السفر للاشتراكية المسيحية، فجاء فيه " أن المسيحية قد كسبت أتباعًا كثيرين من العبيد لأنهم وجدوا بين المسيحية فرصة أعظم للكرامة والحياة". واعتبر الشيوعيون أن سفر الإلحاد هو إنجيلهم؛ فقاموا بطبعه بعدة لغات، وأصدروا منه طبعات عديدة، وقامت أجهزة الإعلام بالدعاية لهذا الكتاب عبر الراديو والتلفاز والسينما، وتم توزيعه على نطاق واسع حتى في الدول غير الشيوعية، ونادى سفر الإلحاد بأنه لا إله، ولا حياة أخرى، ولا قيامة للأجساد، وركز السفر على أن الحياة لم تأتِ من قِبل الله الخالق، إنما هي وليدة الصدفة، وقد رأينا من قبل أنه من المستحيل أن الصدفة تخلق الحياة، كما هاجم سفر الإلحاد تعاليم السيد المسيح. ودعوته للناس بالتوبة

ماركس لم يحارب الدين واكتفى بتنزيله ضمن ما يسميه بالإيديولوجيا؛ أي منظومة القيم والمعتقدات التي ينتجها مجتمع ما كانعكاس نفسي وقانوني وسياسي للبنى التحتية الاقتصادية والمادية الخاصة به
الرأي الثاني، يقف على النقيض تماما، حيث برّأ الشيوعية من الإلحاد، بل اعتبر أنّ ذلك من صنع الإمبريالية المعادية للشيوعيين. مضيفين أنّ الشيوعية تنتقد المتاجرة بالدين لا الدين في مجمل مقدّساته وطقوسه؛ فهم يرون أنّ الشيوعية هي النتيجة النهائية لنمو تاريخي للمجتمع الإنساني من العبودية الى الإقطاعية إلى الرأسمالية. وهو تاريخ قائم على التفاوت بين طبقتين: طبقة تملك وسائل الإنتاج، وأخرى لا تملك غير قوة العمل. ويقترح ماركس الشيوعية حلاّ لمشكلة المساواة بين الناس والقضاء على المجتمعات الطبقية، وذلك لا يتم إلا بثورة الطبقة الكادحة التي لا تملك غير جهدها اليومي ضد طبقة البذخ والثراء الفاحش.

فالإلحاد في نظرهم هو عدم اعتقاد المرء في وجود أي قوة خارقة مهما كان نوعها وشكلها: أصنام الوثنيين أو إله التوحيديين، وتعود ولادة اللفظ إلى اللغة اليونانية في القرن الخامس قبل الميلاد، ولا علاقة حينئذ للإلحاد بشيوعية ماركس التي لم تظهر إلاّ في القرن التاسع عشر. ونعلم جيدًا أن الذاكرة العربية زاخرة بتاريخ كامل في الإلحاد العربي الإسلامي من أبي جهل وأبي لهب إلى القرامطة وبعض الفلاسفة الذين نسبت إليهم تهمة الزندقة. أما ماركس فلم ينشغل بالدين من جهة الإلحاد أو الإيمان، ولم تكن مسألة وجود الإله أو عدمه تدخل في خطّته الفكرية أو السياسية مباشرة. ذلك أن مشكلة التصور الشيوعي للعالم هي تحديدًا القضاء على التفاوت الطبقي وتحقيق المساواة بين الناس عن طريق إعادة توزيع الخيرات بينهم توزيعا عادلا.



أما عن مسألة التدين والإلحاد فيعتبرها ماركس مسألة شخصية لا علاقة لها مباشرة بالسياسة الكبرى للبنى الاقتصادية في المجتمع. وأن أهم ما نظفر به من التصور الماركسي للدين هو اعتبار ماركس الدين نتاجًا لبؤس اجتماعي تعيشه الطبقة الكادحة، التي لم تجد من حلّ آخر لوضعيتها المادية البائسة غير الاعتقاد في عالم آخر بوسعه أن يكون أرحم، وأجمل من الدولة الرأسمالية، التي تحولت إلى جهاز قمع للبشر، وسحق لإمكانات العيش العادل والكريم بينهم. وبدلا من الثورة من أجل تغيير العالم يكتفي المتدين بالاعتقاد في آخرة بعد الموت، لكن ماركس لم يحارب الدين واكتفى بتنزيله ضمن ما يسميه بالإيديولوجيا؛ أي منظومة القيم والمعتقدات التي ينتجها مجتمع ما كانعكاس نفسي وقانوني وسياسي للبنى التحتية الاقتصادية والمادية الخاصة به.



وفي الأخير كثيرًا ما يستشهدون بنصّ كتبه لينين بتاريخ 24 نوفمبر 1917 نعثر فيه على موقف طريف وغير مسبوق من الإسلام والمسلمين، حيث يقول: «أيها المسلمون بروسيا وسيبيريا وتركستان، يا من هدم القياصرة مساجدهم وعبث الطغاة بمعتقداتهم، إن معتقداتكم وعاداتكم ومؤسساتكم القومية والثقافية صارت اليوم حرّة مقدسة، نظّموا حياتكم القومية بكامل الحرية، فهي حق لكم، واعلموا أن الثورة العظيمة وسوفيتات العمال والجنود والفلاحين تحمي حقوقكم وحقوق كل شعوب روسيا. ويضيف: لقد أُعيدت الآثار والكتب الإسلامية المقدسة التي نهبتها القيصرية إلى المساجد، وقد تمّ تسليم القرآن الكريم المعروف بقرآن عثمان في احتفال مهيب إلى المجلس الإسلامي في بيتروغراد في 25 ديسمبر 1917، وقد أُعلن يوم الجمعة، يوم الاحتفال الديني بالنسبة للمسلمين، يوم الإجازة الرسمية في كل آسيا الوسطى.

ختامًا، تبقى مسألة الإلحاد ليست حكرا على الشيوعية فحسب، بل هي فلسفة مستقلة بذاتها، وقد تكون وليدة عقل علمي أو حالة مزاجية.


6580aa75-fd34-4d5a-b1f0-ad83be7b3521.png

جميل فتحي الهمامي
إعلامي تونسي ، باحث في الحضارة العربية ، كاتب و روائي ، متوّج في العديد من المحافل العربية و الدولية.
 
لهذه فكرة الوهمية حول الشيوعية سببين رئيسيين هما:
1. إعتقاد أن الفلسفة المادية تعني إنكار وجود الله عز وجل وإنكار وجود روح ووجود الملائكة لأنها تنكر وجود شيء غير قابل للحس وترى أن كل موجود فهو محسوس ولكن مذهب أهل السنة/الحديث يوافق هذا الاعتقاد ولا يدل على نفي وجود الله عز وجل لأننا نؤمن أننا سنرى الله عز وجل يوم القيامة بعيوننا بلا إحاطة ونسمع كلامه كما سمعه محمد صلى الله عليه وسلم وجبريل وكذلك نرى الملائكة والروح يراها الميت وهي تخرج كما روي في حديث رسول
2. تعميم كلمات ماركس وباقي الماديين حول المسيحية لتشمل الإسلام مثل كلمة ماركس "الدين أفيون الشعوب" نعم في هذا عنده حق المسيحية دين ذو أخلاق ومبادئ حقير يقول أعظم فلاسفة الغرب وشيخ الماديين العلامة فريدريك نيتشه "عندما يبدي الإسلام احتقارًا للمسيحية، فإن معه ألف حق في ذلك، فالإسلام يفترض فحول رجال لا أشباه خصيان وجبناء، ذلك الذي نمتدحه مع كل نبض لقلوبنا ونمجده".
 
فريدريك نيتشه "عندما يبدي الإسلام احتقارًا للمسيحية، فإن معه ألف حق في ذلك، فالإسلام يفترض فحول رجال لا أشباه خصيان وجبناء، ذلك الذي نمتدحه مع كل نبض لقلوبنا ونمجده".

نيتشه قال خصيان وجبناء ؟😏


 
[نقيض الميسح، صفحة 142,141، منشورات الجمل]

منشورات الجمل…قلت لي!
ترجمة غير أمينة..وتحمل جهل رهيب بفكرة الانسان الأعلى ونقد الأخلاق عند نيتشه.

هذا النص يُفهم على ضوء رفضه العدمية السلبية إللي دعى ليها استاذه شوبنهاور، و إستبدالها بإرادة القوة..وان كل ما يتأتى منها هو الخير المطلق و كل ما يخالف ذلك هو شر.


النص عندك :

St. Augustine, in order to realize, in order to smell, what filthy fellows came to the top. It would be an error, however, to assume that there was any lack of understanding in the leaders of the Christian movement:—ah, but they were clever, clever to the point of holiness, these fathers of the church! What they lacked was something quite different. Nature neglected—perhaps forgot—to give them even the most modest endowment of respectable, of upright, of cleanly instincts.... Between ourselves, they are not even men.... If Islam despises Christianity, it has a thousandfold right to do so: Islam at least assumes that it is dealing with men.

dealing with men مش مقصود بها ابدا ان دونهم خصيان ومحاظيظ🥹
 
منشورات الجمل…قلت لي!
ترجمة غير أمينة..وتحمل جهل رهيب بفكرة الانسان الأعلى ونقد الأخلاق عند نيتشه.
علي مصباح ليس جاهل بنيتشه قد ترجم تقريبا 11 كتب من كتب نيتشه وكتبه تعتمد في دراسات ورسائل الجامعية والبحوث هذا أولا
ثانيا انت جئت بترجمة إنجليزية ولم تأتي بنص أصلي
ثالثا كونه لم يقل خصيان فهذا غير مؤثر
 
عودة
أعلى