السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
في البدء لابد من التمهيد بالقول أن هذا الموضوع الذي أنا بصدد نشره هو غير مألوف بالنسبة لي - وربما لكم أيضا يا أعضاء المنتدى الكرام - وذلك لعدة أسباب سأوردها تباعا لتبيانها:
١/ لأنني لا أعرف لمحتواه تصنيفا معينا يمكن أن أضعه تحته ، بحيث يتم نشر هذا الموضوع في أحد أقسام المنتدى التي تلائم مضمونه ، فإشتدت بي الحيرة إلى أن إهتديت إلى نشره في قسم الدراسات والتحاليل الإستراتيجية ، وإذا إرتأت إدارة المنتدى لاحقا نقله إلى قسم آخر أكثر موائمة لمحتواه فلا ضير في ذلك .
٢/ السبب الآخر هو أنني لست صاحب هذا الموضوع ولم أكتبه ، كما أنه ليس موضوع أو مقال أو دراسة منقولة عن أحد وسائل الإعلام - سواء كانت صحيفة أو مجلة ورقية أو إلكترونية - وليست من كتاب أو دراسة صادرة عن أحد مراكز الدراسات ، وإنما صاحبه هو شخص آخر لديه حساب على موقع تويتر وقد نشره على صورة - ثريد - هناك .
٣/ قد يتعجب بعضكم الآن ويتسأل بينه وبين نفسه ، أين موضع الصعوبة في هذا الأمر ولما الحيرة ، فما أسهل أن تضع رابط التغريدة هنا وسينتقل من يود قراءة هذا الموضوع إلى موقع تويتر لمواصلة القراءة هناك !!
المشكلة يا سادة يا كرام أن قوانين المنتدى تمنع ذلك
فلابد لي من نقل نص هذا - الثريد - الطويل جدا والمحتوي على الكثير من المرفقات هنا ، وفي هذا جهد كبير ورهق وعنت لو تعلمون .
النقطة الأخيرة التي أحب أن أوضحها وهي عن السبب الذي دفعني لنقل هذا الموضوع لهذا المنتدى ، والسبب بإختصار أنني وجدت فيه كثير من الأفكار المفيدة والرؤى القيمة والتحليلات الجدلية ، التي قد يتفق فيها البعض ويختلف بشأنها البعض الآخر - وأنا منهم بالمناسبة - إذ وجدت نفسي ميالا لبعض ما ورد فيه من تحليلات وأتفق معها وفي نفس الوقت لدي تصور آخر وسردية مغايرة عن بعضها الآخر .
فأحببت أن يكون في نقله هنا فتح لباب نقاش بناء بين الأعضاء وعصف ذهني - خصوصا أن لدينا هنا ولله الحمد صفوة من العقول النيرة والمستنيرة والخبراء في مجالات عدة - وينتهي بنا هذا العصف الذهني إلى إثراء محتوى هذا المنتدى بآراء وتحليلات قيمة تكون مفيدة لكل من يتابع منتدانا هذا من أعضاء وزوار .
ملحوظة : سأرفق رابط التغريدة الأصلية ( الثريد ) من موقع تويتر عند إنتهاء نشر الموضوع ، وذلك في نهاية الجزء الثاني إن شاء الله .
تفريغ لنص الثريد ( وهي المهمة الصعبة والشاقة جدا )
من بعد الحرب العالمية الثانية والعالم في حالة إنقسام وصراع بين معسكرين شرقي وغربي على النفوذ والسيطرة والهيمنة الثقافية والعلمية والعسكرية فيما يعرف بالحرب الباردة
مش هتكلم عن الحرب الباردة ولكن هبدأ من إنهيار الإتحاد السوفييتي .
أتى جورباتشوف -آخر زعيم للاتحاد السوفييتي- بسياسات إصلاحية هدفه كان التخلص من حالة الجمود الإقتصادي والسياسي في الإتحاد ونشر الديمقراطية والإنفتاح على النظام الرأسمالي فيما يطلق عليه "البيروسترويكا"
جورباتشوف فشل وتفكك الإتحاد وورثت روسيا الإتحاد السوفييتي وأتى يلتسين للقيادة .
يلتسين والمسؤولين في عهده - بما فيهم بوتين - كانوا موالين للغرب وشايفين الأمل في الديمقراطية والنظام الرأسمالي وإن مستقبل روسيا هو فالإنضمام للمعسكر الغربي .
فعمدوا على تحرير روسيا إقتصاديا وإسلوب العلاج بالصدمات وحتى وزير خارجية روسيا أندريه كوزيريف كان بيصرح بموالاة الغرب .
السياسيين الروس كانوا بدأوا يصرحوا بفكرتهم عن نظام عالمي جديد يندمج فيه الشرق والغرب على أساس متساوي .
كل ده واجهته أمريكا بالترحاب والوعود ولكنه ووجه بالسخط والغضب شعبيا حتى تمت إقالة بعض المسؤولين زي كوزيريف .
ملحوظة : كوزيريف عايش حاليا في ميامي وليه مقالات ولقاءات ضد بوتين .
الروس شعروا بخيبة الأمل لأن كل الوعود اللي قطعتها أمريكا ليهم متنفذتش ولكنهم متخلوش عن رغبتهم في الإنضمام لحلف الناتو .
يمكن قصف الناتو ليوغوسلافيا 1999 كان نقطة تحول كبرى فالسياسة الروسية وحتى الإصلاحيين الموالين للغرب تغير موقفهم والإتجاه الموالي للغرب شبه إتمسح .
يلتسين طوال فترة عهده كان بينظر للغرب وأمريكا نظرة إيجابية وكان بيتمنى إنضمام روسيا للناتو .
قبل تخليه عن السلطة بأسابيع قليلة كان في لقاء مع الرئيس الصيني ببكين وتكلم بإستياء عن تعامل كلينتون مع أمريكا الإحتقاري
مش حابب الثريد يكون Russian Oriented وعشان كده هنروح نشوف بعيون أمريكية إيه اللي حصل بعد الحرب الباردة ثم نرجع لقصة صعود بوتين .
بداية فأمريكا نظرا لأنها دولة خارج العالم القديم فتعاملها مع الدول الأوراسية - مركز الثقل العالمي - حساس لأن أي إختلال قد يؤدي لإزاحتها عن قيادة العالم .
بشكل عام فصانعو القرار الحقيقيين في أمريكا هم الباحثين والإستراتيجيين ومراكز الأبحاث والدراسات والسياسيين مجرد منفذين ولأن الحكم في أمريكا لحزبين فكان لكل حزب داهيته .
- الحزب الجمهوري كان عنده الثعلب كيسنجر .
- الحزب الديمقراطي كان عنده الداهية بريجينسكي
بريجينسكي في كتابه رقعة الشطرنج الكبرى فهمنا القصة وعرفنا ليه تم رفض إنضمام روسيا للمعسكر الغربي
بريجينسكي بيشوف إن اللي بيتحكم في أوراسيا بيحكم العالم وعشان تضمن أمريكا قيادة العالم لازم تضمن عدم سيطرة دولة غيرها ما على قارتي آسيا وأوروبا .
- بريجينسكي قسم أوراسيا لأربع أقسام :
الأقسام هي
- روسيا
- أوروبا الغربية
- الشرق
- الجنوب "آسيا الوسطى والشرق الأوسط"
عشان تستمر الهيمنة الأمريكية فلابد من 3 شروط :
1 - لازم يتم التوسع الديمقراطي الغربي نحو الشرق - روسيا - لأن ضم دول الإتحاد السوفييتي السابقة للإتحاد الأوروبي والناتو من شأنه تقويض روسيا .
يسأل سائل إشمعنا التوسع الغربي الديمقراطي للإتحاد الأوروبي مش مصدر خطر على هيمنة أمريكا .
يجيبك بريجينسكي في كتابه الآخر The Geostrategic Triad بإن الإتحاد الأوروبي عمره ما هيكون زي أمريكا .
- الاتحاد الأوروبي متكامل وليس متحد وتوسيع الإتحاد الأوروبي سيحول دون تعميق التكامل .
فكل ما زاد عدد الدول الأوروبية كل ما إستحالة وحدة القرار السياسي وده لأن كل دولة ليها قرارها ومفيش قيادة مستقلة للإتحاد فالموضوع مش ح يكون مفيد غير إقتصاديا .
ده غير إستبعاده لتفوق أوروبا عسكريا .
فتوسع الإتحاد الأوروبي فيه إضعاف لروسيا وإضعاف للإتحاد الأوروبي نفسه .
بريجينسكي تكلم عن إن سقوط الإتحاد السوفييتي مشابه لسقوط الخلافة العثمانية فدعا للتعامل مع روسيا بنهج مشابه .
المساعدات الإقتصادية لدول الإتحاد السوفييتي السابق ستزيد من إختراق الديموقراطية والأيدولوجية الغربية للدول دي وإن كل ما قرب الناتو والإتحاد الأوروبي لروسيا كل ما كان أفضل.
فإقتراب الناتو من روسيا من وجهة نظر بريجينسكي هيطلع جيل جديد من السياسيين قادرين على خلق الكتلة الحرجة اللازمة لجعل روسيا دولة وطنية بتوجهات أوروبية غير إستعمارية .
ببساطة يعني فالهدف كان جعل روسيا دولة عالم ثالث منصاعة للغرب أما الروس فكانوا عايزين دور ريادي فالمعسكر الغربي .
يبقى الشرط الأول هو توسع الناتو والإتحاد الأوروبي نحو الشرق .
2 - الجنوب "الشرق الأوسط وآسيا الوسطى" لازم يتقسم النفوذ فيه على عدة دول ولا يتم السماح لهيمنة لاعب واحد - بخلاف أمريكا- عليه
مع توقع عدم إستقرار المنطقة بسبب الصراع التركي الإيراني على النفوذ .
قبل ما أدخل على الشرط الثالث فوجب التنبيه لأن الإستراتيجيين الأمريكان كانوا بينظروا للصين في التسعينات وبداية الألفية على إنها لاعب إقليمي أكثر منه دولي وحتى بريجينسكي متوقعش إن نمو الصين الاقتصادي هيكمل .
كل الجهود كانت منصبة على حصار روسيا أيدولوجيا وعسكريا -بالناتو-
3 - الشرط الثالث لضمان الهيمنة الأمريكية هو ضمان عدم حدوث تحالفات بين القوى في شرق آسيا فالصين مينفعش تتحالف مع اليابان .
تكلم عن العلاقات الأمريكية الصينية وتكلم عن أزمة تايوان اللي بيشوف إنه ضمها سلميا قد يكون مقبول بسياسة "وطن واحد بنظامين" وده مقابل نشر الديمقراطية فالصين .
الصين بالنسبة لأمريكا نهاية التسعينات كانت مجرد لاعب إقليمي قوي قادر على الحفاظ على مصالحه فلا هي تشكل تهديد لأمريكا ولا عندها أيدولوجية تنافس الأمريكية عالميا
الصين مش مرشحة لأنها غير متقدمة - وقتها - لا إقتصاديا ولا عسكريا ولا تكنولوجيا ولا علميا وغير قريبة من الريادة في أي مجال .
كلامه وقتها رايح ناحية إحتواء الصين وعدم إنشاء تحالف إستباقي ضدها تحسبا لعدائيتها لأن ده هيكون بمثابة نبوءة بتحقق نفسها .
الهدف الأسمى من وجهة نظر بريجينسكي كان إحتواء الصين وتحويلها لشريك لأمريكا بيحافظ على إستقرار النظام الأوراسي .
يبقى نحن كدا فهمنا المخطط الأمريكي القائم على إضعاف الجميع ومنع التحالفات بين مراكز القوى .
في معرض الحديث عن إيران والشرط الثاني لإستمرار هيمنة أمريكا تكلم بريجنسكي في 1997 عن أخطر سيناريو ممكن وهو تحالف روسي صيني إيراني .
طيب نرجع بقى لروسيا بعد ما فهمنا العقل الأمريكي بيفكر إزاي بشكل مبسط جدا
يلتسين فشل في محاولات ضم روسيا للغرب والناتو مقابل غطرسة أمريكية - عرفنا سببها - بتحول دون ذلك .
إجتمع يلتسن 1996 مع مساعديه وقال لهم "طوال القرن العشرين كان لدى روسيا أيدولوجية والآن هي بلا أيدولوجية وهذا سيء" .
قبل تنحي يلتسين بيومين وتحديد يوم 29 ديسمبر 1999 نشر بوتين ما يعرف ب "Millennium Manifesto" أو رسالة الألفية .
إعتراف بفضائل الإتحاد السوفييتي وكذلك بأخطائه وتكلم عن روسيا الجديدة اللي فيها ديمقراطية وإحترام للقانون وحرية سياسية بدون ما تكون نسخة تانية عن أمريكا أو بريطانيا .
بوتين لم يتخلى عن رغبة روسيا في الإنضمام للناتو وتكلم قدام البرلمان الألماني عن أن روسيا ستقبل الإنضمام للناتو على أن تكون قوى عظمى وشريك مساوي لأمريكا وباقي الكبار .
لكن بوتين قوبل بصفعات متتالية :
- معارضة انضمام روسيا لمنظمة التجارة .
- الثورات الملونة في جورجيا وأوكرانيا
ضم دول البلطيق لحلف الناتو
- الخطط الأمريكية الدفاعية المضادة للصواريخ البالستية
يمكن نقدر نقول بإن 2006 كان العام اللي قرر فيه الروس إغلاق باب التقارب مع الغرب نهائيا بلا رجعة .
يمكن أكتر من عبر عن المعنى ده هو ديميتري ترينين رئيس مركز كارنيجي للدراسات .
ديميتري ترينين قال في جلسة إستماع للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي 2006 : أوكرانيا مختلفة عن بولندا ودول البلطيق ومن المحتمل إنها تبقى ساحة صراع سياسية بين أمريكا وروسيا .
مع كلام عن إن الوضع معقد فمثلا القرم فيها أغلبية سكان روس كما أنها مقر إسطول البحر الأسود .
مع كلام عن أن روسيا 2006 تختلف عن روسيا 1996 أو حتى 2002
يبقى نحن كدا شفنا الرؤيتين الأمريكية والروسية
- الأمريكي شايف في ضغطه على الروس ودخول الدول المحيطة بروسيا خطوة على طريق إخضاع روسيا وتحويلها لتابع .
- الروسي شايف في الضغط المتواصل إهانة لروسيا العظمى وبيطلع ردود فعل عدوانية .
حتى الآن فكلامنا كله كان عن الخطط الأمريكية الإستباقية وردود الأفعال الروسية عليها .
- من 2006 بدأت تظهر معالم سياسة روسية جديدة وبدأنا نشوف مفكرين روس بيتكلموا عن عالم متعدد الأقطاب يستبدل العالم أحادي القطب اللي بتقوده أمريكا زي النظرية السياسية الرابعة لدوجين وغيره .
يبقى نحن عرفنا إن الأمريكان هدفهم التوسع ناحية روسيا وعرفنا كذلك إن روسيا أنهت أي رغبة للإنضمام للمعسكر الغربي بسبب الخذلان وبدأت من 2006 تفكر في المواجهة .
في الحقيقة هي أن الطرفين كانوا واعين بالواقع فأمريكا ماشية في مخططها اللي هدفه النهائي محاصرة روسيا وروسيا بدأت تواجه المخطط ده .
عشان نبدأ نفهم ليه أوكرانيا هي اللي إنضمامها للناتو غير مقبول لروسيا مع إنها صمتت عن إنضمام بولندا ودول البلطيق وغيرهم فلازم نعرف أيه هي أهمية أوكرانيا الإستراتيجية لكلا البلدين .
إزاي البلدين بيشوفوا أوكرانيا ؟ هنبدأ للإجابة على السؤال ده بوجهة النظر الأمريكية .
بريجينسكي بيشوف إن أوكرانيا بتلعب دور جيوسياسي حرج جدا في الصراع مع روسيا فمن دونها متقدرش روسيا تصبح إمبراطورية أوراسية لأن روسيا بدون أوكرانيا دولة أسيوية كبيرة يا دوبك تلعب في آسيا الوسطى وكمان ممكن تواجه هناك معارضة صينية لأن الصين مهتمة بالعلاقات مع الدول هناك .
بيسهب في شرح فداحة خسارة روسيا لأوكرانيا واللي هتمثل تراجع جيوسياسي لروسيا ل 300 سنة ورا لأن أوكرانيا مثلت خزان بشري سلافي للروس ومجتمع زراعي وصناعي بتعتمد عليه روسيا وبوابة للتبادل التجاري مع الدول في البحر المتوسط .
من دون أوكرانيا فروسيا اللي بتواجه تراجع في معدل المواليد هتكون عاجزة .
عجز روسيا راجع لأن بدون مواليد روس فثورات الشعوب الغير سلافية - وسط آسيا - عليها حتمية وآدي مثال على الشيشان اللي شاف إن السيناريو بتاعها هيتكرر من دول تانية طول ما روسيا لم تحز على أوكرانيا .
باختصار فروسيا بدون أوكرانيا هتغرق في المستنقع الأسيوي وهتبقى بعيدة عن الرجوع كدولة عظمى .
أوكرانيا بعد ضمها للمعسكر الغربي لازم يتم تعزيز هويتها المستقلة بوصفها دولة وسط أوروبية وركيزة أساسية للأمن في أوروبا مع بولندا وألمانيا وفرنسا .
هو هنا رسم مخطط إتحقق بنجاح من أول إنضمام دول البلطيق للناتو واللي شايف هيحفز السويد وفنلندا للعضوية لغاية تحول أوكرانيا لحليف غربي
ما بعد تأمين إستقلال أوكرانيا الفعلي هو التركيز على أذربيجان وأوزبكستان وربما كازاخستان وتنفيذ نفس المخطط .
رؤية أمريكا هنا هي إن التقدم الإقتصادي والدعم الغربي للدول المحيطة بروسيا وخصص كازاخستان هنا سيؤدي بكازاخستان إلى المعسكر الغربي .
هنا لاحظ أن سلاح أمريكا الأكبر هو الإقتصاد .
فنقطة الاقتصاد دي تكررت في كلام الأمريكان في شرق ووسط أوروبا فهم شايفين إن الدعم الإقتصادي للدول المحيطة بروسيا هيدفع المجتمعات نحو الديمقراطية والحرية والجنة الغربية طوعا .
وده اللي أثبت نجاحه بصراحة وكاد يخطف بيلاروسيا من الروس 2021 بعد ما خطف أوكرانيا في الثورة الملونة وفي 2014 .
الروس بشكل مختصر بيشوفوا أوكرانيا جزء من الأمة وبيشوفوا محاولات نزعها من حضن روسيا تجاوز لكل الحدود كما إنهم بيشوفوا فكرة ضم جورجيا للناتو تجاوز للحدود كذلك .
وزي ما قلنا إن في 2006 حدثت التحول الجذري وبدأ الروس بسياسييه ومفكريه في البحث عن هدف جديد بخلاف الإتجاه للغرب .
فالرد على القائلين بأن بوتين عدواني والقضاء عليه هينهي كل شي إليك ما قاله ميديفيف أثناء فترة رئاسته في 2008 .
سعي روسيا لعالم متعدد الأقطاب بديلا عن عالم أمريكا أحادي القطب هو شكل آخر لنفس التوجه الروسي لجعل روسيا قوة عظمى .
روسيا فالأول كانت عايزة تدخل الناتو على أن تكون شريكا مساويا لأمريكا ولما تم ردها سعت لعالم جديد متعدد الأقطاب يحقق لها نفس الهدف .
فالثابت عند الروس هو سعيهم للعظمة .
كل ما تغير هو الوسيلة اللي هتوصلهم لمكانتهم العظمى .
مفهوم derzhavnichestvo بيعبر عن الحالة الروسية دي "روسيا قوة عظمى أو لا شيء"
الروس معندهمش أدنى رغبة في التخلي عن هدفهم ده ويمكن تقدر تفهم كده من كلام دوجين وهو بيقولك "من دون روسيا ليس ثمة بشرية" .
روسيا عند السياسيين والمفكرين الروس هي روسيا العظمى فقط ومش ممكن يقبلوا بروسيا الإقليمية أو الضعيفة .
الأمريكان عولوا بزحفهم نحو روسيا على الجيل الجديد من السياسيين الروس اللي هيغير المفاهيم ولكنهم إصطدموا ببوتين اللي صعد المواجهة إلى حد المواجهة النووية .
من هنا هتفهم ليه شاف الروس إن سعي جورجيا وأوكرانيا للإنضمام لحلف الناتو خط أحمر وبمجرد الإعلان عن إجراءات انضمامهم تم إقتحام جورجيا في نفس السنة .
وبمجرد ما حصل الإنقلاب 2014 في أوكرانيا تم إقتحام القرم ووصلنا لما وصلنا عليه الآن .
إلى هنا وإنتهى الجزء الأول من هذا الموضوع - ولم يكن لي رفاهية الإستمرار في كتابته أكثر من ذلك - نظرا لأنه يوجد حد أقصى للمرفقات مع كل موضوع وهي عدد 30 مرفقة .
سألحق به تباعا الجزء الثاني من هذا الموضوع مباشرة .
وإن كان لي من جهد بسيط ومتواضع في هذا الموضوع فهو جهد النقل وجهد إصلاح بعض الأغلاط الإملائية البسيطة نظرا لكتابته الأصلية بالعامية ، كما لا يخلو الأمر من بعض التنسيق والتبويب والترقيم .
تقبلوا تحياتي
وشكرا لكم
وألتقيكم في الجزء الثاني من هذا الموضوع لنواصل سوية من حيث توقفنا .
في البدء لابد من التمهيد بالقول أن هذا الموضوع الذي أنا بصدد نشره هو غير مألوف بالنسبة لي - وربما لكم أيضا يا أعضاء المنتدى الكرام - وذلك لعدة أسباب سأوردها تباعا لتبيانها:
١/ لأنني لا أعرف لمحتواه تصنيفا معينا يمكن أن أضعه تحته ، بحيث يتم نشر هذا الموضوع في أحد أقسام المنتدى التي تلائم مضمونه ، فإشتدت بي الحيرة إلى أن إهتديت إلى نشره في قسم الدراسات والتحاليل الإستراتيجية ، وإذا إرتأت إدارة المنتدى لاحقا نقله إلى قسم آخر أكثر موائمة لمحتواه فلا ضير في ذلك .
٢/ السبب الآخر هو أنني لست صاحب هذا الموضوع ولم أكتبه ، كما أنه ليس موضوع أو مقال أو دراسة منقولة عن أحد وسائل الإعلام - سواء كانت صحيفة أو مجلة ورقية أو إلكترونية - وليست من كتاب أو دراسة صادرة عن أحد مراكز الدراسات ، وإنما صاحبه هو شخص آخر لديه حساب على موقع تويتر وقد نشره على صورة - ثريد - هناك .
٣/ قد يتعجب بعضكم الآن ويتسأل بينه وبين نفسه ، أين موضع الصعوبة في هذا الأمر ولما الحيرة ، فما أسهل أن تضع رابط التغريدة هنا وسينتقل من يود قراءة هذا الموضوع إلى موقع تويتر لمواصلة القراءة هناك !!
المشكلة يا سادة يا كرام أن قوانين المنتدى تمنع ذلك
فلابد لي من نقل نص هذا - الثريد - الطويل جدا والمحتوي على الكثير من المرفقات هنا ، وفي هذا جهد كبير ورهق وعنت لو تعلمون .
النقطة الأخيرة التي أحب أن أوضحها وهي عن السبب الذي دفعني لنقل هذا الموضوع لهذا المنتدى ، والسبب بإختصار أنني وجدت فيه كثير من الأفكار المفيدة والرؤى القيمة والتحليلات الجدلية ، التي قد يتفق فيها البعض ويختلف بشأنها البعض الآخر - وأنا منهم بالمناسبة - إذ وجدت نفسي ميالا لبعض ما ورد فيه من تحليلات وأتفق معها وفي نفس الوقت لدي تصور آخر وسردية مغايرة عن بعضها الآخر .
فأحببت أن يكون في نقله هنا فتح لباب نقاش بناء بين الأعضاء وعصف ذهني - خصوصا أن لدينا هنا ولله الحمد صفوة من العقول النيرة والمستنيرة والخبراء في مجالات عدة - وينتهي بنا هذا العصف الذهني إلى إثراء محتوى هذا المنتدى بآراء وتحليلات قيمة تكون مفيدة لكل من يتابع منتدانا هذا من أعضاء وزوار .
ملحوظة : سأرفق رابط التغريدة الأصلية ( الثريد ) من موقع تويتر عند إنتهاء نشر الموضوع ، وذلك في نهاية الجزء الثاني إن شاء الله .
تفريغ لنص الثريد ( وهي المهمة الصعبة والشاقة جدا )
من بعد الحرب العالمية الثانية والعالم في حالة إنقسام وصراع بين معسكرين شرقي وغربي على النفوذ والسيطرة والهيمنة الثقافية والعلمية والعسكرية فيما يعرف بالحرب الباردة
مش هتكلم عن الحرب الباردة ولكن هبدأ من إنهيار الإتحاد السوفييتي .
أتى جورباتشوف -آخر زعيم للاتحاد السوفييتي- بسياسات إصلاحية هدفه كان التخلص من حالة الجمود الإقتصادي والسياسي في الإتحاد ونشر الديمقراطية والإنفتاح على النظام الرأسمالي فيما يطلق عليه "البيروسترويكا"
جورباتشوف فشل وتفكك الإتحاد وورثت روسيا الإتحاد السوفييتي وأتى يلتسين للقيادة .
يلتسين والمسؤولين في عهده - بما فيهم بوتين - كانوا موالين للغرب وشايفين الأمل في الديمقراطية والنظام الرأسمالي وإن مستقبل روسيا هو فالإنضمام للمعسكر الغربي .
فعمدوا على تحرير روسيا إقتصاديا وإسلوب العلاج بالصدمات وحتى وزير خارجية روسيا أندريه كوزيريف كان بيصرح بموالاة الغرب .
السياسيين الروس كانوا بدأوا يصرحوا بفكرتهم عن نظام عالمي جديد يندمج فيه الشرق والغرب على أساس متساوي .
كل ده واجهته أمريكا بالترحاب والوعود ولكنه ووجه بالسخط والغضب شعبيا حتى تمت إقالة بعض المسؤولين زي كوزيريف .
ملحوظة : كوزيريف عايش حاليا في ميامي وليه مقالات ولقاءات ضد بوتين .
الروس شعروا بخيبة الأمل لأن كل الوعود اللي قطعتها أمريكا ليهم متنفذتش ولكنهم متخلوش عن رغبتهم في الإنضمام لحلف الناتو .
يمكن قصف الناتو ليوغوسلافيا 1999 كان نقطة تحول كبرى فالسياسة الروسية وحتى الإصلاحيين الموالين للغرب تغير موقفهم والإتجاه الموالي للغرب شبه إتمسح .
يلتسين طوال فترة عهده كان بينظر للغرب وأمريكا نظرة إيجابية وكان بيتمنى إنضمام روسيا للناتو .
قبل تخليه عن السلطة بأسابيع قليلة كان في لقاء مع الرئيس الصيني ببكين وتكلم بإستياء عن تعامل كلينتون مع أمريكا الإحتقاري
مش حابب الثريد يكون Russian Oriented وعشان كده هنروح نشوف بعيون أمريكية إيه اللي حصل بعد الحرب الباردة ثم نرجع لقصة صعود بوتين .
بداية فأمريكا نظرا لأنها دولة خارج العالم القديم فتعاملها مع الدول الأوراسية - مركز الثقل العالمي - حساس لأن أي إختلال قد يؤدي لإزاحتها عن قيادة العالم .
بشكل عام فصانعو القرار الحقيقيين في أمريكا هم الباحثين والإستراتيجيين ومراكز الأبحاث والدراسات والسياسيين مجرد منفذين ولأن الحكم في أمريكا لحزبين فكان لكل حزب داهيته .
- الحزب الجمهوري كان عنده الثعلب كيسنجر .
- الحزب الديمقراطي كان عنده الداهية بريجينسكي
بريجينسكي في كتابه رقعة الشطرنج الكبرى فهمنا القصة وعرفنا ليه تم رفض إنضمام روسيا للمعسكر الغربي
بريجينسكي بيشوف إن اللي بيتحكم في أوراسيا بيحكم العالم وعشان تضمن أمريكا قيادة العالم لازم تضمن عدم سيطرة دولة غيرها ما على قارتي آسيا وأوروبا .
- بريجينسكي قسم أوراسيا لأربع أقسام :
الأقسام هي
- روسيا
- أوروبا الغربية
- الشرق
- الجنوب "آسيا الوسطى والشرق الأوسط"
عشان تستمر الهيمنة الأمريكية فلابد من 3 شروط :
1 - لازم يتم التوسع الديمقراطي الغربي نحو الشرق - روسيا - لأن ضم دول الإتحاد السوفييتي السابقة للإتحاد الأوروبي والناتو من شأنه تقويض روسيا .
يسأل سائل إشمعنا التوسع الغربي الديمقراطي للإتحاد الأوروبي مش مصدر خطر على هيمنة أمريكا .
يجيبك بريجينسكي في كتابه الآخر The Geostrategic Triad بإن الإتحاد الأوروبي عمره ما هيكون زي أمريكا .
- الاتحاد الأوروبي متكامل وليس متحد وتوسيع الإتحاد الأوروبي سيحول دون تعميق التكامل .
فكل ما زاد عدد الدول الأوروبية كل ما إستحالة وحدة القرار السياسي وده لأن كل دولة ليها قرارها ومفيش قيادة مستقلة للإتحاد فالموضوع مش ح يكون مفيد غير إقتصاديا .
ده غير إستبعاده لتفوق أوروبا عسكريا .
فتوسع الإتحاد الأوروبي فيه إضعاف لروسيا وإضعاف للإتحاد الأوروبي نفسه .
بريجينسكي تكلم عن إن سقوط الإتحاد السوفييتي مشابه لسقوط الخلافة العثمانية فدعا للتعامل مع روسيا بنهج مشابه .
المساعدات الإقتصادية لدول الإتحاد السوفييتي السابق ستزيد من إختراق الديموقراطية والأيدولوجية الغربية للدول دي وإن كل ما قرب الناتو والإتحاد الأوروبي لروسيا كل ما كان أفضل.
فإقتراب الناتو من روسيا من وجهة نظر بريجينسكي هيطلع جيل جديد من السياسيين قادرين على خلق الكتلة الحرجة اللازمة لجعل روسيا دولة وطنية بتوجهات أوروبية غير إستعمارية .
ببساطة يعني فالهدف كان جعل روسيا دولة عالم ثالث منصاعة للغرب أما الروس فكانوا عايزين دور ريادي فالمعسكر الغربي .
يبقى الشرط الأول هو توسع الناتو والإتحاد الأوروبي نحو الشرق .
2 - الجنوب "الشرق الأوسط وآسيا الوسطى" لازم يتقسم النفوذ فيه على عدة دول ولا يتم السماح لهيمنة لاعب واحد - بخلاف أمريكا- عليه
مع توقع عدم إستقرار المنطقة بسبب الصراع التركي الإيراني على النفوذ .
قبل ما أدخل على الشرط الثالث فوجب التنبيه لأن الإستراتيجيين الأمريكان كانوا بينظروا للصين في التسعينات وبداية الألفية على إنها لاعب إقليمي أكثر منه دولي وحتى بريجينسكي متوقعش إن نمو الصين الاقتصادي هيكمل .
كل الجهود كانت منصبة على حصار روسيا أيدولوجيا وعسكريا -بالناتو-
3 - الشرط الثالث لضمان الهيمنة الأمريكية هو ضمان عدم حدوث تحالفات بين القوى في شرق آسيا فالصين مينفعش تتحالف مع اليابان .
تكلم عن العلاقات الأمريكية الصينية وتكلم عن أزمة تايوان اللي بيشوف إنه ضمها سلميا قد يكون مقبول بسياسة "وطن واحد بنظامين" وده مقابل نشر الديمقراطية فالصين .
الصين بالنسبة لأمريكا نهاية التسعينات كانت مجرد لاعب إقليمي قوي قادر على الحفاظ على مصالحه فلا هي تشكل تهديد لأمريكا ولا عندها أيدولوجية تنافس الأمريكية عالميا
الصين مش مرشحة لأنها غير متقدمة - وقتها - لا إقتصاديا ولا عسكريا ولا تكنولوجيا ولا علميا وغير قريبة من الريادة في أي مجال .
كلامه وقتها رايح ناحية إحتواء الصين وعدم إنشاء تحالف إستباقي ضدها تحسبا لعدائيتها لأن ده هيكون بمثابة نبوءة بتحقق نفسها .
الهدف الأسمى من وجهة نظر بريجينسكي كان إحتواء الصين وتحويلها لشريك لأمريكا بيحافظ على إستقرار النظام الأوراسي .
يبقى نحن كدا فهمنا المخطط الأمريكي القائم على إضعاف الجميع ومنع التحالفات بين مراكز القوى .
في معرض الحديث عن إيران والشرط الثاني لإستمرار هيمنة أمريكا تكلم بريجنسكي في 1997 عن أخطر سيناريو ممكن وهو تحالف روسي صيني إيراني .
طيب نرجع بقى لروسيا بعد ما فهمنا العقل الأمريكي بيفكر إزاي بشكل مبسط جدا
يلتسين فشل في محاولات ضم روسيا للغرب والناتو مقابل غطرسة أمريكية - عرفنا سببها - بتحول دون ذلك .
إجتمع يلتسن 1996 مع مساعديه وقال لهم "طوال القرن العشرين كان لدى روسيا أيدولوجية والآن هي بلا أيدولوجية وهذا سيء" .
قبل تنحي يلتسين بيومين وتحديد يوم 29 ديسمبر 1999 نشر بوتين ما يعرف ب "Millennium Manifesto" أو رسالة الألفية .
إعتراف بفضائل الإتحاد السوفييتي وكذلك بأخطائه وتكلم عن روسيا الجديدة اللي فيها ديمقراطية وإحترام للقانون وحرية سياسية بدون ما تكون نسخة تانية عن أمريكا أو بريطانيا .
بوتين لم يتخلى عن رغبة روسيا في الإنضمام للناتو وتكلم قدام البرلمان الألماني عن أن روسيا ستقبل الإنضمام للناتو على أن تكون قوى عظمى وشريك مساوي لأمريكا وباقي الكبار .
لكن بوتين قوبل بصفعات متتالية :
- معارضة انضمام روسيا لمنظمة التجارة .
- الثورات الملونة في جورجيا وأوكرانيا
ضم دول البلطيق لحلف الناتو
- الخطط الأمريكية الدفاعية المضادة للصواريخ البالستية
يمكن نقدر نقول بإن 2006 كان العام اللي قرر فيه الروس إغلاق باب التقارب مع الغرب نهائيا بلا رجعة .
يمكن أكتر من عبر عن المعنى ده هو ديميتري ترينين رئيس مركز كارنيجي للدراسات .
ديميتري ترينين قال في جلسة إستماع للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي 2006 : أوكرانيا مختلفة عن بولندا ودول البلطيق ومن المحتمل إنها تبقى ساحة صراع سياسية بين أمريكا وروسيا .
مع كلام عن إن الوضع معقد فمثلا القرم فيها أغلبية سكان روس كما أنها مقر إسطول البحر الأسود .
مع كلام عن أن روسيا 2006 تختلف عن روسيا 1996 أو حتى 2002
يبقى نحن كدا شفنا الرؤيتين الأمريكية والروسية
- الأمريكي شايف في ضغطه على الروس ودخول الدول المحيطة بروسيا خطوة على طريق إخضاع روسيا وتحويلها لتابع .
- الروسي شايف في الضغط المتواصل إهانة لروسيا العظمى وبيطلع ردود فعل عدوانية .
حتى الآن فكلامنا كله كان عن الخطط الأمريكية الإستباقية وردود الأفعال الروسية عليها .
- من 2006 بدأت تظهر معالم سياسة روسية جديدة وبدأنا نشوف مفكرين روس بيتكلموا عن عالم متعدد الأقطاب يستبدل العالم أحادي القطب اللي بتقوده أمريكا زي النظرية السياسية الرابعة لدوجين وغيره .
يبقى نحن عرفنا إن الأمريكان هدفهم التوسع ناحية روسيا وعرفنا كذلك إن روسيا أنهت أي رغبة للإنضمام للمعسكر الغربي بسبب الخذلان وبدأت من 2006 تفكر في المواجهة .
في الحقيقة هي أن الطرفين كانوا واعين بالواقع فأمريكا ماشية في مخططها اللي هدفه النهائي محاصرة روسيا وروسيا بدأت تواجه المخطط ده .
عشان نبدأ نفهم ليه أوكرانيا هي اللي إنضمامها للناتو غير مقبول لروسيا مع إنها صمتت عن إنضمام بولندا ودول البلطيق وغيرهم فلازم نعرف أيه هي أهمية أوكرانيا الإستراتيجية لكلا البلدين .
إزاي البلدين بيشوفوا أوكرانيا ؟ هنبدأ للإجابة على السؤال ده بوجهة النظر الأمريكية .
بريجينسكي بيشوف إن أوكرانيا بتلعب دور جيوسياسي حرج جدا في الصراع مع روسيا فمن دونها متقدرش روسيا تصبح إمبراطورية أوراسية لأن روسيا بدون أوكرانيا دولة أسيوية كبيرة يا دوبك تلعب في آسيا الوسطى وكمان ممكن تواجه هناك معارضة صينية لأن الصين مهتمة بالعلاقات مع الدول هناك .
بيسهب في شرح فداحة خسارة روسيا لأوكرانيا واللي هتمثل تراجع جيوسياسي لروسيا ل 300 سنة ورا لأن أوكرانيا مثلت خزان بشري سلافي للروس ومجتمع زراعي وصناعي بتعتمد عليه روسيا وبوابة للتبادل التجاري مع الدول في البحر المتوسط .
من دون أوكرانيا فروسيا اللي بتواجه تراجع في معدل المواليد هتكون عاجزة .
عجز روسيا راجع لأن بدون مواليد روس فثورات الشعوب الغير سلافية - وسط آسيا - عليها حتمية وآدي مثال على الشيشان اللي شاف إن السيناريو بتاعها هيتكرر من دول تانية طول ما روسيا لم تحز على أوكرانيا .
باختصار فروسيا بدون أوكرانيا هتغرق في المستنقع الأسيوي وهتبقى بعيدة عن الرجوع كدولة عظمى .
أوكرانيا بعد ضمها للمعسكر الغربي لازم يتم تعزيز هويتها المستقلة بوصفها دولة وسط أوروبية وركيزة أساسية للأمن في أوروبا مع بولندا وألمانيا وفرنسا .
هو هنا رسم مخطط إتحقق بنجاح من أول إنضمام دول البلطيق للناتو واللي شايف هيحفز السويد وفنلندا للعضوية لغاية تحول أوكرانيا لحليف غربي
ما بعد تأمين إستقلال أوكرانيا الفعلي هو التركيز على أذربيجان وأوزبكستان وربما كازاخستان وتنفيذ نفس المخطط .
رؤية أمريكا هنا هي إن التقدم الإقتصادي والدعم الغربي للدول المحيطة بروسيا وخصص كازاخستان هنا سيؤدي بكازاخستان إلى المعسكر الغربي .
هنا لاحظ أن سلاح أمريكا الأكبر هو الإقتصاد .
فنقطة الاقتصاد دي تكررت في كلام الأمريكان في شرق ووسط أوروبا فهم شايفين إن الدعم الإقتصادي للدول المحيطة بروسيا هيدفع المجتمعات نحو الديمقراطية والحرية والجنة الغربية طوعا .
وده اللي أثبت نجاحه بصراحة وكاد يخطف بيلاروسيا من الروس 2021 بعد ما خطف أوكرانيا في الثورة الملونة وفي 2014 .
الروس بشكل مختصر بيشوفوا أوكرانيا جزء من الأمة وبيشوفوا محاولات نزعها من حضن روسيا تجاوز لكل الحدود كما إنهم بيشوفوا فكرة ضم جورجيا للناتو تجاوز للحدود كذلك .
وزي ما قلنا إن في 2006 حدثت التحول الجذري وبدأ الروس بسياسييه ومفكريه في البحث عن هدف جديد بخلاف الإتجاه للغرب .
فالرد على القائلين بأن بوتين عدواني والقضاء عليه هينهي كل شي إليك ما قاله ميديفيف أثناء فترة رئاسته في 2008 .
سعي روسيا لعالم متعدد الأقطاب بديلا عن عالم أمريكا أحادي القطب هو شكل آخر لنفس التوجه الروسي لجعل روسيا قوة عظمى .
روسيا فالأول كانت عايزة تدخل الناتو على أن تكون شريكا مساويا لأمريكا ولما تم ردها سعت لعالم جديد متعدد الأقطاب يحقق لها نفس الهدف .
فالثابت عند الروس هو سعيهم للعظمة .
كل ما تغير هو الوسيلة اللي هتوصلهم لمكانتهم العظمى .
مفهوم derzhavnichestvo بيعبر عن الحالة الروسية دي "روسيا قوة عظمى أو لا شيء"
الروس معندهمش أدنى رغبة في التخلي عن هدفهم ده ويمكن تقدر تفهم كده من كلام دوجين وهو بيقولك "من دون روسيا ليس ثمة بشرية" .
روسيا عند السياسيين والمفكرين الروس هي روسيا العظمى فقط ومش ممكن يقبلوا بروسيا الإقليمية أو الضعيفة .
الأمريكان عولوا بزحفهم نحو روسيا على الجيل الجديد من السياسيين الروس اللي هيغير المفاهيم ولكنهم إصطدموا ببوتين اللي صعد المواجهة إلى حد المواجهة النووية .
من هنا هتفهم ليه شاف الروس إن سعي جورجيا وأوكرانيا للإنضمام لحلف الناتو خط أحمر وبمجرد الإعلان عن إجراءات انضمامهم تم إقتحام جورجيا في نفس السنة .
وبمجرد ما حصل الإنقلاب 2014 في أوكرانيا تم إقتحام القرم ووصلنا لما وصلنا عليه الآن .
إلى هنا وإنتهى الجزء الأول من هذا الموضوع - ولم يكن لي رفاهية الإستمرار في كتابته أكثر من ذلك - نظرا لأنه يوجد حد أقصى للمرفقات مع كل موضوع وهي عدد 30 مرفقة .
سألحق به تباعا الجزء الثاني من هذا الموضوع مباشرة .
وإن كان لي من جهد بسيط ومتواضع في هذا الموضوع فهو جهد النقل وجهد إصلاح بعض الأغلاط الإملائية البسيطة نظرا لكتابته الأصلية بالعامية ، كما لا يخلو الأمر من بعض التنسيق والتبويب والترقيم .
تقبلوا تحياتي
وشكرا لكم
وألتقيكم في الجزء الثاني من هذا الموضوع لنواصل سوية من حيث توقفنا .
المرفقات
-
Screenshot_20221003-065825_Twitter.jpg302.9 KB · المشاهدات: 83
-
Screenshot_20221003-070330_Twitter.jpg312.6 KB · المشاهدات: 86
-
Screenshot_20221003-063600_Twitter.jpg846 KB · المشاهدات: 82
-
Screenshot_20221003-062024_Twitter.jpg437.4 KB · المشاهدات: 80
-
Screenshot_20221003-062142_Twitter.jpg289 KB · المشاهدات: 79