- إنضم
- 30 مايو 2022
- المشاركات
- 1,432
- التفاعل
- الدولة
المصدر : war on the rocks ( منصة للتحليل والنقاش حول شؤون الحرب )
الدبابة لم يعف عليها الزمن : بعد ستة أشهر من الحرب في أوکرانیا ، أکد بعض المراقبین أننا "نشهد تغیر طبیعة القتال" وأن تلك الدبابات ،
إلی جانب الطائرات القتالیة والسفن الحربیة، "آیلة إلی الزوال" .
لکن من السابق لأوانه إستبعاد إستخدام الدبابة ، وینبغي ألا نتسرع في التوصل إلی إستنتاجات عامة أخرى عن مستقبل الحرب معتمدين على صراع لم تتضح معالم دروسه بعد . ولا یزال هناك الکثیر عن هذه الحرب التي لم تعرفها المصادر المطلعة ، کما یوجد سبب وجیه للظن بأن الظروف التي حددت مراحلها المبکرة لن تکون بالضرورة ذات صلة بالصراعات المستقبلیة . ونتیجة لذلك قد تبدو منظومة الأسلحة المحددة غیر فعالة بناء على کیفیة ومکان إستخدامها ، ولیس بالضرورة أن یکون عائداً لأوجه القصور التي تشوبها .
تشير المعطیات الواردة من أوکرانیا ، إضافة إلی الإشتباکات في ناغورنو - کاراباخ ، أن تلك الدبابات لا تزال حاسمة في الحرب الحدیثة وتتزاید قابلیة تعرضها للإصابة . ویمکن تفسیر الخسائر الفادحة في الدبابات الروسية
بأخطاء الإستخدام وسوء التخطیط والتنظیم ، ونقص دعم المشاة ، والمدفعیة الأوکرانیة . ولم یثبت إستخدام صواريخ جافلین والأنظمة الخفیفة الأخرى المضادة للدبابات في أوکرانیا أن الدبابة قد عفا علیها الزمن أکثر مما
فعله صاروخ ساغر ( مالوتکا ) الموجه والمضاد للدبابات عام 1973 في حرب یوم الغفران ( حرب أکتوبر ) ، کما ناقشها ديفيد جونسون في هذه الصفحات .
الأخطاء الروسیة وخسائر الدبابات :أولت العملیة الأولیة الروسیة الأولویة للسرعة والسریة فوق کل العوامل الأخرى ، ولأن القوات الروسیة لم تتوقع مواجهة مقاومة عنیفة ، فلم تبذل جهداً کبیراً لتنفیذ عملیة مترابطة بالأسلحة المشترکة ، مما قد یتطلب تنسیقاً وتخطیطاً دقیقین بین القوات الجویة والبریة والبحریة ، إتجهت القوات البریة الروسیة نحو المدن ببساطة دون ان تكون جاهزة للقتال .
بالإضافة إلی أن القوات الروسیة لم تعط الوقت الکافي للإستعداد لمثل هذه العملیة المعقدة . ویبدو أن هذا القرار قد اتخذ على المستوى السیاسي ، لأن تعالیم الجیش الروسي وتدریباته وصراعاته السابقة أعطت کلها الأولویة للأسلحة المشترکة . ونتیجة لذلك قد لا تکون المرحلة الإفتتاحیة لهذه الحرب مؤشراً جیداً على مدى فعالیة الدبابات والأنظمة الأخرى في عملیة عسکریة منظمة بشکل أفضل . وکانت العدید من نقاط الضعف
المفترضة للمنصات البریة والجویِة والبحریة التي یقودها البشر نتیجة لهذه الأخطاء ، ولیست إنعکاساً لعلاقتها التقنية بالحرب الحديثة .
ومن بین 994 من الدبابات التي خسرتها القوات الروسیة والتي وثقها موقع ORYX وهو موقع إلکتروني یستخدم أدوات من مصادر مفتوحة لإحصاء المعدات الروسیة المدمرة . تخلت القوات عن 340 منها على الأقل أي 34 % . ( ویرتفع الرقم إلی 38 % إذا أدرجنا الدبابات التالفة معهم ) . وکانت هذه النسبة هي الأعلى خلال شهر من الحرب عندما کانت خسائر الدبابات الروسیة هي الأکبر . فعلی سبیل المثال كانت نسبة خسائر الدبابات الروسیة المسجلة التي تركت في مطلع شهر أبريل هي 53% . بالإضافة إلی أن الکثیر من الدبابات المدرجة على أنها مدمرة تخلت عنها طواقمها في المرة الأولی ودمرها الجنود الأوکرانیون الذین لم یستطیعوا أو لم یریدوا الإستیلاء علیها . وهذا یعني أن ما یصل إلی 50 % من الدبابات الروسية المفقودة والموثقة قد تخلى عنها طاقمها في المرة الأولى ، وبمعنى آخر فإن الدبابات لم تكن هي المشكلة في حد ذاتها ، بل ببساطة كانت تستخدم بشكل سئ مما أدى إلى الخسائر المرتفعة بها .
هناك ثلاث قضایا رئیسیة تفسر خسائر روسیا للدبابات :1. الإفتقار إلی الإنذار والتجهیز .
2 . الإستراتیجیة السیئة التي فاقمت القضایا اللوجستیة .
3 . نقص جنود المشاة لحمایتها .
تعد الدبابات من بین قطع المعدات التي تتطلب إمداداً لوجستیاً أکثر من غیرها ، فهي تحتاج صیانة دورية وقطع غیار وکمیة وقود کبیرة لإبقائها جاهزة للعمل . وبسبب هذه المتطلبات یکون التخطیط اللوجستي أکثر أهمیة لکتائب الدبابات والأفواج من أي نوع آخر تقریباً من الوحدات العسکریة ، لکن الغزو الروسي غیر المنظم فاقم هذه التحدیات اللوجستیة . وتميزت العملیة الروسیة ببذل الجهود الحثیثة في التقسیم والسریة ، حیث
إکتشف معظم الجنود أنهم ذاهبون إلی الحرب قبل ساعات قلیلة فقط من بدء الغزو . ونتیجة لذلك فقد أعطى القادة واللوجستیون تحذیرات غیر کافیة للتخطیط والتجهیز . کما أن وحدات الدبابات لم تملك الوقت الکافي
لتنظیم جدول صیانة مناسب أو جلب ما یکفي من قطع الغیار والوقود والعناصر الضروریة الأخرى للحرب التقلیدیة التي قد یلزمها التنقل لمسافات طویلة .
وعلاوة على ذلك فإن الخطة الروسیة تضمنت العدید من محاور التقدم ، والتي لم یکن الکثیر منها یدعم بعضها البعض ، وكلفت وحدات القتال البریة الروسیة بالتقدم بمعدل سریع للغایة . ونتیجة لذلك غالباً ما تتجاوز القوات الروسیة تغطیة المدفعیة والحرب الإلکترونیة والدفاع الجوي ، مما أدى إلی تفاقم القضایا اللوجستیة . کما أن التقدم السریع کان معناه أن روسیا تمتلك خطوط إمداد أطول وأکثر انکشافاً ، ولم تکن قوافلها اللوجستية مجهزة للتعامل مع الکمائن التي نصبتها قوات الدفاع الإقلیمیة . ولیس من المستغرب أن أداء وحدات الدبابات
کان سیئاً نسبیاً في بدایة الحرب ، لأنها کانت تحتاج تجهیزاً وتخطیطاً أکبر من الوحدات الخفیفة.
کما أن المشکلات اللوجستیة کانت واضحة في نوع الدبابات التي خسرتها روسیا في بدایة الحرب .وتتشکل معظم قوة الدبابات الروسیة من تشکیلة دبابات T72 و T90 ، التي تعمل بمحرکات دیزل . وعلى أیة حال ، ما زا لدى روسیا عدد کبیر من تشکیلة دبابات T80 في الخدمة أیضاً ، وکانت تتمرکز غالباً في المناطق شدیدة البرودة حیث تعمل محرکات تربینة الغاز بشکل أسهل من محرکات الدیزل . وکانت النسبة المئویة لدبابات T80
المهجورة أعلى من تشکیلة دبابات T72 و T90k ومن بین 85 دبابة من سلسلة دبابات T80u التي خسرتها روسيا وفقا لمعلومات موقع ORYX فإن 50 منها تركت أو استولى عليها ( 59% ) .ومن بین 34 دبابة T80 BVM التي فقدت فإن 19 منها تركت أو استولي علیها ( 65% ) . ومقارنة بدبابات T72 و T90 الأکثر عدداً منها في الخدمة الروسیة ، فإن دبابات T80 تستهلك الکثیر من الوقود وتستخدم أنواعاً مختلفة منه . وتشیر النسبة المئویة العالیة لخسائر دبابات T80 أن الوقود کان عاملا حاسماً في ترکها أو الإستيلاء عليها .
واجهت وحدات روسیة محددة خسائر أعلى في الدبابات من غیرها . ففي الأسابیع القلیلة الأولی من الغزو ، خسر فوجا الدبابات في فرقة الدبابات الرابعة أکثر من 40% من دباباتهما من سلسلة T80U . وخسر لواء البنادق الآلي 200 التابع للإسطول الشمالي عددا كبيرا من دبابات T80 BVM ، بينما أفادت الأنباء أن فوج الدبابات الأول التابع لفرقة البنادق الآلیة الثانیة خسر 45 من دباباته البالغ عددها 93 من طراز
T72 B3M في الأسابیع الثلاثة الأولی من الحرب . وتشیر الخسائر الفادحة في الدبابات بشکل خاص من فرقة الدبابات الرابعة التابعة لجیش الدبابات الأول وفرقة البنادق الآلیة الثانیة أن هذا کان مشکلة تتعلق بالوحدة . ولا یبدو أن المنطقة العسکریة الجنوبیة الروسیة أو المنطقة العسکریة الشرقیة تکبدت خسائر مماثلة في الدبابات .
ویمکن تفسیر ذلك جزئیاً بمقاومة أعنف من التي واجهتها المنطقة العسکریة الغربیة في منطقتي خارکیف وسومي في بدایة الحرب ، لکنها قد تعکس أیضاً ضعفاً في القیادة والتجهیز . وفي الواقع ، أفادت الأنباء أن کلا من قائد المنطقة العسکریة الغربیة العقید الجنرال ألکساندر جورافلیوف ورئیس الأرکان الفریق ألیکسي زافيزيون أعفيا من منصبیهما ، بالإضافة إلی قائد جیش الدبابات الأول الفریق سیرجي کیسیل .
ليس فقط صواريخ جافلين : من بین الدبابات التي تضررت أو دمرت فقدت روسیا الکثیر منها لأن غزوها الأولي لم یجر كعملية بالأسلحة المشترکة ، وکانت بحاجة إلی عدد کاف من المشاة لدعم وحدات الدبابات الخاصة بها . وهذا سبب آخر لخسارة
روسیا العدید من الدبابات خلال الأسابیع القلیلة الأولی لکنه کان أقل بکثیر بعد المرحلة الأولی . وحصلت أکثر من نصف خسائر الدبابات الروسیة التي سجلها موقع أوریکس في الأیام الخمسین الأولی من الحرب والتي حدثت أیضاً عندما کانت تنشر المقالات الأولی التي تشکك في أهمیة الدبابات . وأحد نقاط الضعف المعروفة جیداً
للدبابات هي أنها تتطلب جنود مشاة لحمایتها من إعتراض قوات المشاة لها بالأسلحة المضادة للدبابات ، وخاصة في المناطق المدنیة . وإختارت روسیا تخفیض قوة کتائب البنادق الآلیة على عربات المشاة القتالیة BMP من 460 إلى 345 جنديا ،
وکانت العدید من الکتائب التي غزت أوکرانیا يبلغ قوامها الثلثین إلی ثلاثة أرباع القوة فقط . وهذا یعني عملیاً أن وحدات البنادق الآلیة الروسیة تفتقر إلی عدد كاف من القوات الراجلة للقتال في المناطق المدنیة . کما إختارت روسیا تخفیض کتیبة البنادق الآلیة في کلِ فوج دبابات إلی سریة واحدة ، والتي من الواضح أنها لم تکف لدعم المجموعتین التکتیکیتین للکتیبة اللتین
ینبغي أن یکون کل فوج دبابات قادراً على إنشائها . وهکذا فإنه من غیر المفاجئ نجاح أوکرانیا في إستهداف الدبابات الروسیة بمجموعات مضادات الدبابات . ومع وجود دعم کاف من المشاة والأنظمة المسيرة والإستطلاع
البري لتحدید موقع المجموعات المضادة للدبابات ، فإن هذا سیجعل ترسانة الدبابات الروسیة أفضل بکثیر .
وإن الصواریخ الموجهة المضادة للدبابات لم تکن السبب الرئیسي في تدمیر الدبابات الروسیة على الرغم من فعاليتها ، ووفقاً لأحد المستشارین لأکبر ضابط عسکري في أوکرانیا : "أبطأ الروس ( خلال توجههم نحو کییف ) ، لکن ما تسبب في قتلهم هو مدفعیتنا ، وهذا ما تسبب في خرق وحداتها" . وهناك بالفعل عدد هائل من مقاطع الفیدیو التي نشرها الجیش الأوکراني تؤکد هذا ، من ضمنها تلك المقاطع التي تظهر الهجوم المشؤوم الذي شنه فوج الدبابات الروسي السادس في بروفاري في منتصف شهر مارس . بالإضافة إلی سلاح المدفعیة فإن العدید من الدبابات الروسیة دمرتها أو عطلتها أنظمة الحقبة السوفيتية مثل ألغام TM-62 المضادة للدبابات. ولقد کانت صواریخ جافلین ، والأسلحة الخفیفة المضادة للدبابات من الجیل الثاني ، وأنظمة صواریخ P-Stugna المضادة للدبابات أوکرانیة الصنع فعالة لکنها لیست إلا مکوناً واحداً من الجهود الأوکرانیة للتصدي للدبابات . وفي الواقع لقد دمرت على الأرجح مجموعة أصغر نسبیاً من الدبابات الروسیة خلال هجومها في دونباس ، حیث قامت روسیا بعملیة أکثر اتساقاً بالأسلحة المشترکة . ومن المهم أیضا ملاحظة أن
المصادر الحکومیة قد لا توفر مشهداً نموذجیاً لکیفیة تضرر الدبابات الروسیة .وعلى الأرجح أن الدبابات الروسیة التي ضربتها صواریخ جافلین و P-Stugna معرضة أکثر لتصویرها ونشرها على وسائل التواصل أکثر من الدبابات التي تضررت بسبب الألغام ، والتي قد لا تسجل بشکل متکرر . وبالطبع فإن کتائب المدفعیة لیست متدنیة الکفاءة ،َ لذلك فإن الدلیل المتاح المتعلق بخسائر الدبابات في أوکرانیا لا یدعم بشکل خاص تلك الحجة القائلة بأننا نشهد " تأرجحاً في تفضیل الأسلحة الدفاعیة الأصغر والأرخص " کما تکبدت أوکرانیا خسائر فادحة في الدبابات .
حیث خسرت 244 دبابة حسب توثیق موقع ORYX من بینها 128 دبابة مدمرة .ولا یبدو أن معظم هذه الدبابات دمرتها الصواریخ الموجهة المضادة للدبابات أیضاً .
نظراً لکل هذه الأسباب ، ینبغي أن نکون حذرین من إستخلاص دروس أوسع من أداء الدبابات الروسیة والأسلحة الأخرى خلال شهري فبراير ومارس . وهناك خطر ضئیل بأن تشن جیوش حلف شمال الأطلسي ، أو حتی الصین ، حرباً هجومیة دون القیام بعملیة بالأسلحة المشترکة . وإن کان هناك أي شيء فإن المراحل المبکرة من الحرب تؤکد
ببساطة المکونات الرئیسیة للتعالیم العسکریة مثل وحدة القیادة والحشد والتنفیذ اللامرکزي والأسلحة المشتركة وأوامر نوع المهمة والتجهيز المناسب .
الدبابات في حرب ناغورنو - کاراباخ الثانیة :بشکل مشابه، فقد أثارت الخسائر الفادحة في الدبابات الأرمینیة خلال حرب ناغورنو - کاراباخ الثانیة عام 2020 جدلا حول علاقتها المستمرة . وفي تلك الحرب ، خسرت کل من أرمینیا وحلیفتها جمهوریة ناغورنو - کاراباخ غیر المعترف بها ، مجموعة کبیرة من دباباتها .ولکن التفسیر الخاطئ للمعطیات هو أن نعزو ذلك إلی أن الدبابات قد عفا عليها الزمن.
ووفقاً لمعلومات موقع ORYX فإن أرمینیا خسرت 255 دبابة، منها 146 دبابة ( 57% ) مدمرة . ومن بین هذه 146 دبابة , دِمر منها 83 ( 57% ) بواسطة طائرات TB2 المسیرة , وهي طائرات بدون طیار ترکیة الصنع مشهورة الآن. وتضررت دبابات أخرى بضربات طائرات TB2 أو دمرتها المدفعیة والصواریخ الموجهة المضادة للدبابات التي حددت طائرة TB2 موقعها . کما دمرت الذخائر المتساقطة العدید من الدبابات الأرمینیة الأخرى .
وحدثت خسائر الدبابات هذه حسبما أفادت الأنباء بعد أن دمرت أذربیجان 60 % من الدفاعات الجوية لجمهوریة ناغورنو - کاراباخ و 40 % من مدفعیتها في الساعات الأولی للحرب . وبمجرد أن حققت أذربیجان
تفوقاً جویاً ،رکزت طائراتها TB2 المسیرة بعد ذلك على إستهداف الدبابات وسلاح المدفعیة وغیرها من المصفحات . وبعد إسبوعین من الخسائر الفادحة ، إستخدمت أرمینیا دباباتها بشکل أقل تواتراً بسبب التهديد المستمر الذي تسببه طائرات TB2 .وهذا جعل من الصعب على أرمینیا تعزیز مواقعها أو صد الهجوم عنها. . وکان الإستثناء الوحید خلال معرکة شوشا ، عندما منع الطقس الملبد بالغیوم طائرة TB2 من لعب دور ذي بال. وإستخدمت أرمینیا الدبابات والعربات المدرعة في شن هجمات مضادة على المدینة لعدة أیام ، لکن الأوان قد فات لإستردادها .
بل أظهرت الخسائر الأرمینیة مدى أهمیة الدبابات في الحرب الحدیثة ، ف بمجرد أن فقدت أرمینیا القدرة على توظیف دباباتها بشکل فعال ، باتت في وضع سیئ للغایة. وسبقت هذه الخسائر الفادحة في الدبابات إختراق أذربیجان . وفي الواقع کانت الدبابات ذات أهمیة حاسمة في نجاح أذربیجان بإختراق خطوط الدفاع الأرمینیة وإستغلال ذلك النجاح. ولقد حققت العاصمة باکو نجاحاً محدوداً في إقتحام الدفاعات الأرمینیة على طول معظم خط السیطرة ، الذي یتألف بشکل کبیر من تضاریس جبلیة أو مرتفعة . ولیس من قبیل المصادفة أن الإختراق الذي نفذته أذربیجان کان من الجنوب حیث کانت التضاریس مسطحة وحیث تمکنت العاصمة باکو من زیادة إستفادتها من الدروع . کانت مقدرة أذربیجان على حمایة دباباتها وإستخدامهم بشکل فعال ، وعدم قدرة أرمینیا على فعل مثل ذلك ، واحدة من العوامل الأساسیة التي وضحت سبب نجاح أذربیجان في الحرب . ولم تثبت
الحرب أن إهمال إستخدام الدبابات .بدلا من ذلك فقد أثبتت أن الدفاعات الجویة الأرمینیة لم تکن کافیة للدفاع عن دباباتها ومدفعیتها من قوى أذربیجان الجویة .
الأهمية الثابتة للدبابات : تظهر کل من الحرب في أوکرانیا وناغورنو کاراباخ أن المنصات المدرعة المتنقلة ذات القوة الناریة ما زالت مهمة للغایة . کما أثبتت أن الدبابات تحتاج إلی إستخدام دعم کاف بالأسلحة المشترکة ، وإلا فإنها ستکون عرضة للهجوم مثل أي سلاح آخر . وتفتقر وحدات الدبابات الروسیة إلی قوات مشاة کافیة ، والتي ترکتها عرضة لهجوم
فرق مضادات الدبابات ، وفشلت الدفاعات الجویة الأرمینیة القدیمة في حمایة دباباتها من الطائرات المسیرة TB2 الأذربيجانية والتي أدت إلی الخسائر العالیة فيها .
وفي الواقع فإن الحرب في أوکرانیا دحضت الجدل بأن الطائرات المسیرة أبطلت إستخدام الدبابات في ناغورنو - کاراباخ . ولقد کانت طائرات TB2 فعالة في أوکرانیا ، لکنها لم تهدد أسطول الدبابات الروسي بشکل خطیر . أضف إلی ذلك أن وحدات الدبابات تتطلب دعماً لوجستیاً هام لتعمل بشکل فعال . وهذه دروس معروفة جیداً فهمها قادة الدبابات منذ الحرب العالمیة الثانیة.
وبینما یتزاید التهدید الذي یواجه الدبابات ، فإن التدابیر المضادة تزداد کذلك . وعلى الرغم من کثرة المقالات التي کتبت عن عیوب تصمیم الدبابات الروسیة ، فهناك أمثلة کثیرة من أوکرانیا عن الدبابات الروسیة التي
قصفتها الأسلحة المضادة للدبابات ، منها الصواریخ الموجهة المضادة للدبابات ، والتي ینجو فیها الطاقم . ومما لا شك فیه أن قائمة ORYX التي تحتوي فقط على الخسائر المرصودة ، تقلل من عدد الدبابات الروسیة التي تعرضت للضرر لکن القوات الروسیة إستردتها في نهایة الأمر .
وقد تعطل الضربات أسلحة الدبابة أو قد تمنعها من الحرکة ،لکن قدرة الدبابات على الصمود أکبر بکثیر من قدرة المرکبات المدرعة الأخرى . وبدون الدبابات سیکون على الجیش المشارك في حرب بریة واسعة النطاق الإعتماد على ناقلات الجنود المدرعة وعربات المشاة القتالیة لأداء نفس الدور ، مما یؤدي إلی إرتفاع نسبة الخسائر الکارثیة والإصابات الخطیرة . وفي الواقع فقد ناقش مراسل حرب روسي فکرة أن روسیا کانت بحاجة المزید من ناقلات الجند المدرعة الثقیلة T-BMO مرتکزة على هیکل دبابة T72 لأن عربات المشاة القتالیة بي ام بي لم یکن لدیها دروع کافیة .
وفي الحقیقة ، لقد أدرکت کل من روسیا وأوکرانیا أهمیة الدبابات في هذه الحرب . وتواصل روسیا شحن الدبابات عن طریق البحر من مستودعات التخزین لتزوید وحداتها في أوکرانیا ولإقامة کتائب دبابات جدیدة . وکذلك
تواصل أوکرانیا طلب المزید من الدبابات والمدرعات من البلدان الغربیة ، ولقد استخدمت الدبابات في صد الهجمات وإیقاف تقدم الروس في دونباس .وعلى الرغم من أن روسیا قد طورت تشکیلة مرکبات بریة غیر مزودة بالجنود ، فقد إستخدمتها فقط لکسح الألغام من الخطوط الأمامیة في أوکرانیا ، مما یدل على أنها غیر جاهزة لتحل محل الدبابات في ساحة المعركة .
وفي حین أن الجیش الروسي کان من الممکن أن یعمل بشکل أفضل في أوکرانیا فیما لو حاز مزیداً من جنود المشاة وعدداً أقل من الدبابات ، ستبقی الدبابات أنظمة مهمة في ساحة الحرب ،وستظل مکوناً بریاً رئیسیاً في حرب الأسلحة المشترکة ، والتي بدونها تکون الأسلحة الأخرى أکثر عرضة للهجوم . ویکون جنود المشاة عرضة للهجوم عندما یحاولون الإستیلاء على مواقع دفاعیة ، ما یعني أن الدبابات ما تزال تلعب دوراً حاسماً خلال العملیات الدفاعیة . ولا یمکن للصواریخ الموجهة المضادة للدبابات بالتحدید أن تحل محل دور الدبابة في دعم المناورة .
والأهم من ذلك أن دبابات حلف شمال الأطلسي بشكل عام تتمتع بحمایة أفضل للطاقم من روسیا ، ومن غیر المرجح أن تتجنب جیوش الحلف إستخدام الأسلحة المشترکة کما فعل الجیش الروسي في المراحل الأخیرة من غزوها ، لذلك لا تنطبق کل دروس هذه الحرب بشکل مباشر على حلف شمال الأطلسي . کما أن إستخلاص مثل هذه الإستنتاجات الشاملة المماثلة بناء على خسائر الدبابات الروسیة في هذه الفترة سیکون خاطئاً . وتکشف الأدلة من أوکرانیا أن الدبابات لها علاقة کبیرة بالحرب الحدیثة .
