أفضل السُّبُل العسكرية للدفاع عن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية
الدائرة الثانية ـ مستوى دول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية
"إنشاء القيادة العسكرية المشتركة الدائمة، لمجلس التعاون"
مقدمة
إنني اُنظر إلى الدفاع عن المملكة ودول مجلس التعاون كمجموعة من الدوائر ذات المركز الواحد، تتفاعل وتعزز بعضها بعضاً. نجد في مركز الدائرة المملكة وقواتها المسلحة، وتلك هي "دائرتنا الأولى"، كما هي الحال في كل بلد آخر. أمّا "الدائرة الثانية"، فتشمل الشركاء الستة في مجلس التعاون لدول الخليج العربية وهي المملكة، والكويت، وقطَر، والبحرين، والإمارات العربية المتحدة، وعُمان. فمجلس التعاون لدول الخليج العربية هو المصدر الأساسي لتضامن أعضائه. وبعبارة أخرى، تشكِّل الدائرتان الأولى والثانية دفاعاتنا الرئيسية عن أنفسنا وعن شركائنا في شبه الجزيرة العربية (وسأورد فيما بعد، بعض المقترحات الرامية إلى تحسين دفاعات دول مجلس التعاون الخليجي).
أمّا "الدائرة الثالثة"، من وجهة نظري، فتتكون من الدول الصديقة ضمن الحدود الأوسع لمنطقة الشرق الأوسط وجنوبي آسيا. وأعني بها مصر وسوريا، وهما دولتان عربيتان وقفتا إلى جانبنا إبَّان أزمة الخليج، إضافة إلى تركيا وباكستان، وهما قوتان صديقتان مسلمتان تقعان على الحدود المباشرة لمنطقتنا. فإذا خطَّطت هذه الدول الأربع، بالإضافة إلى دول مجلس التعاون الخليجي لدفاع مشترك يجمع بينها جميعاً، ونفَّذت تدريبات مشتركة، فإنها ستسهم بشكل كبير وفعّال في أمن المنطقة. فتركيا بصفتها عضواً في حلف شمال الأطلسي، وقوة عسكرية لا يستهان بها، تستطيع أن تؤدّي دَوراً مهمّاً كقناة اتصال بين حلفائنا الإقليميين وأصدقائنا الغربيين. وتنفيذ تدريبات مشتركة مع تركيا سيعطينا ميزة التعرف بمستويات الأداء العسكري الغربي، ونكون كما لو أجرينا تدريبات مشتركة مع القوات الغربية.
لست أقترح هنا أن تشتري دول الخليج الخدمات العسكرية من الآخرين، فليس هذا مقصدي على الإطلاق. بل على العكس من ذلك، فإني أرى أن العلاقة بين تلك الدول كلها يجب أن تُبْـنَى على المصالح المشتركة التي تجمعها. فكما يمكن لتلك الدول أن تكون درعاً ــ بعد الله ـ يـحمينا، فإننا في شبه الجزيرة العربية يمكن أن نكون عمقاً إستراتيجياً لها. فأهميتنا لها، لا تقلّ عن أهميتها لنا.
ويجب ألاّ يغيب عن أذهاننا، أن أشد الأخطار التي يُحتمل أن تواجهنا، ستأتي من منطقة الشرق الأوسط. لذا، فإننا في حاجة إلى أصدقاء داخل تلك "الدائرة الثالثة"، لِكَبح مناوئينا وإيقافهم. ويبقى توازن القوى بين الدول الرئيسية في المنطقة، هو أكبر ضمان لدوام الأمن والاستقرار.
ولكن إذا ما نشبت أزمة لا قِبل لنا ولا لأصدقائنا بها في المنطقة، كتلك التي حدثت عام 1990، فعلينا التوجه بطلب المساندة إلى"الدائرة الرابعة" لدفاعاتنا، وهي تشمل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا. ويمكِن أن تنضم إليها روسيا والصين بعد أن وَضَعَتْ الحرب الباردة أوزارها، واختفى من الوجود خطر التهديد الشيوعي. ومن المؤكد أن النمو الاقتصادي السريع الذي تشهده الصين سيجعل منها قوة عسكرية هائلة، لا بد من أخْذها في الحسبان في منطقة الشرق الأوسط. وتشير بعض التقديرات إلى أن الصين ستصبح، في السنوات القادمة، مستهلِكاً رئيسياً لنفط الشرق الأوسط، مما سوف يفتح المجال للتعاون الأمني معها.
أعود، مرة أخرى، إلى تعليقاتي الأخيرة عن "الدائرة الثانية"، دائرة جيراننا الخليجيين، شركائنا في مجلس التعاون لدول الخليج العربية. فمن الدروس المهمة، التي استخلصْتها من حرب الخليج، الحاجة الماسّة إلى دفاعات جماعية قوية في منطقة الخليج العربي. فما من دولة من الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، باستثناء المملكة، تستطيع أن تبني بمفردها قوة عسكرية قادرة على الدفاع عن نفسها وعن جيرانها ضد أيٍّ من القوى المعادية التي تتاخِـم حدودها. فمن الوجهة الأمنية، تُعَد المملكة وجيرانها من دول الخليج كلاًّ متكاملاً. فعندما تعرَّضت الكويت للعدوان، شعرت كل دولة بالخطر يُحدِق بها. ولن نسمح مرة أخرى بأن تصبح إحدى دول المجلس جسراً للعدوان علينا. فالدرس الأول المستفاد من الأزمة، هو أهمية تحقيق قدْرٍ من الوحدة بين دول مجلس التعاون. فلو كان بينها أدنى مستوى من الوحدة الحقيقية، لاستطاعت تلك الدول أن تَبْلُوَ بلاءً حسناً، ولتمكَّنت من الصمود أمام الغزو والدفاع عن أنفسها.
ولو كان ثمة تكامل عسكري بين المملكة ودول الخليج لتشكِّل جميعها كتلة قوية، لَكنّا أَقدَرَ على الدفاع عن أنفسنا، ولكان لنا ثِقَل سياسي على مستوى المنطقة بل على مستوى العالم. إن الأمن الجماعي على مستوى دول الخليج، من وجهة نظري، أمر تفرضه الظروف الراهنة على أن تضطلِع المملكة فيه بدَور بارز، لِمَا لها من إمكانات أكبر وقوات أكثر عدداً وعدة.
لكن هذا الأمن الجماعي لا يمكِن أن يتحقق في فراغ سياسي. فلا بد من قيامه على أساس سياسي مؤدّاه احترام كل دولة سيادة الدول الأخرى وحدودها، مع إنهاء كافة أشكال الصراع بين الدول الأعضاء والمحافظة على الوضع السياسي الراهن.
علمتنا الأزمة أن الدفاعات الخليجية، بالشكل الذي كانت عليه عام 1990، دفاعات غير كافية على الإطلاق لمواجهة عدوان صدام. ولم تكُن قوة "درع الجزيرة"، الجناح العسكري لمجلس التعــاون لدول الخليج العربية، قوية بالقدْر الذي يمكِّنها من ردْع العراق أو التصدي له بمفردها. ومن هنا، تظهر أهمية إعادة النظر في الترتيبات الدفاعية الجماعية.
1. الهدف
تحقيق أمن دول مجلس التعاون الخليجي، ضد الأخطار والتهديدات، الخارجية والداخلية؛ وذلك بحشد قوات خليجية ذات كفاءة قتالية عالية، تحت قيادة مشتركة دائمة، تكون قادرة على الردع قبل القتال، وتحقيق مهامها عند القتال.
2. البدائل المتاحة لتحقيق هذا الهدف
· استمرار ما هو جارٍ حالياً، في خصوص"قوات درع الجزيرة".
· التوسع في حجم هذه القوات، ليصل، طبقاً لما أعلنه بعض المصادر، إلى 100 ألف مقاتل.
· تنفيذ الفكرة المقترحة، في شأن قيادة عسكرية دائمة، لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
أ. البديل الأول
أظهرت أزمة احتلال الكويت، أن هذا البديل، تشوبه نقاط الضعف التالية:
(1) عدم اكتمال بعض الوحدات، معدات وأفراداً وقطع غيار.
(2) عدم اكتمال وحدات الإصلاح والإخلاء، والوحدات الطبية الميدانية.
(3) اتسام التدريب، خاصة التمرينات الميدانية السنوية، بالمظهر أكثر من الجوهر والجدية.
(4) عدم مراعاة الحرفية والكفاءة، عند التعيين في وظائف قيادة اللواء، والأخذ بمبدأ الترضية والمجاملات في توزيع الوظائف على الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي.
(5) قصور حجم "قوات درع الجزيرة" عن مواجهة أي تهديد، مما أفقدها مبرر وجودها.
(6) ظهور العديد من المشاكل الاجتماعية، خاصة مشاكل الأُسر، التي ترحل مع عائليها، أو التي يرحل عنها عائلوها، مما يجعلهم مشتتي التفكير.
(7) اختلاف الأسلحة والمعدات والذخائر والكفاءة القتالية، في وحدات اللواء الواحد، المسمى "لواء درع الجزيرة".
(8) ضعف الجاهزية القتالية، تبعاً للعوامل الآنفة.
(9) شعور بعض الدول الخليجية، أن بإسهامها بقوات صغيرة الحجم، تكون قد أدّت واجبها نحو أمنها وأمن الخليج.
ويمكن التغلب على نقاط الضعف هذه، بالتخطيط والتنفيذ الدقيقَين، والإصرار على تحقيق الأفضل، في المجالات المذكورة. ولكن نقطة الضعف الرئيسية، في هذا البديل، التي تُعدّ العامل الحاكم، هي قصور حجم "قوات درع الجزيرة" عن مواجهة أي تهديد. وهو قصور من الصعوبة تجاوزه، في المدى القريب أو المتوسط. فالقوة البشرية لدول مجلس التعاون (عدا المملكة)، قد تعجز عن زيادة حجم قوة "درع الجزيرة"، بالكم الذي يلائم العدائيات المحتملة، خاصة أن الدول المحيطة ذات كثافة سكانية كبيرة. وبقاء نقطة الضعف هذه، من دون حلّ، يُبْقي هذا البديل ضعيفاً.
ب. البديل الثاني
عدة أسئلة، تفرض نفسها عند مناقشة هذا البديل، أبرزها:
(1) لِمَ حُدَّد الرقم 100 ألف جندي، حدّاً أقصى لحجم الجيش الخليجي؟ وما الدراسات الجدية، التي أملت تحديده؟ ثم ما نوع الوحدات، التي سيشملها هذا الجيش؟ ومن أي الأفرع هي؟
(2) أين ستتمركز هذه القوات؟ وما المشاكل، الإدارية والتموينية والإمدادية، التي ستصاحب إنشاءها ووجودها في مكان واحد؟
(3) هل يُعَدّ الرقم 100 ألف جندي، كافياً لمواجهة التهديدات المحتملة، من الشمال، أو من الشرق، أو من الشمال العربي؛ وكل يعرف خطرها؟
(4) كيف تُحلّ المشاكل الاجتماعية، التي ستترتب على وجود الضباط والجنود من مختلف دول مجلس التعاون بعيداً عن ذويهم؟
(5) ما حجم النفقات، المطلوبة لإنشاء قوات بهذا الحجم وتجميعها في مكان واحد؟
(6) هل ستوافق الدول الأعضاء على تخصيص أفضل وحداتها، بشكل مستديم، لتشكيل قوة دفاع إقليمية كهذه؟
ج. الأسباب الداعية إلى التفكير في بديل ثالث
(1) خبرة القيادة المشتركة، التي أنشئت عقب احتلال دولة الكويت بثمانية أيام، لتعبئة وتدريب وتجهيز القوات الخليجية والقوات الصديقة والشقيقة للمعركة، وقيادتها لتحرير الكويت.
(2) التهديدات والتحديات، السابقة والحالية والمستقبلية، التي تواجه أمن دول مجلس التعاون الخليجي.
(3) ضرورة الاعتماد، بعد الله، على قوة دول مجلس التعاون، في المقام الأول، لتحقيق الأمن في المنطقة.
(4) أمن أي دولة من دول المجلس، يؤثر، بلا شك، على أمن باقي دوله، وغزو الكويت خير شاهد على ذلك.
(5) نقاط الضعف، التي ظهرت في"قوات درع الجزيرة"؛ فضلاً عن عدم فاعليتها، أثناء أزمة احتلال الكويت.
(6) عجز أي دولة، بمفردها، وقوّتها الذاتية فقط، عن بناء قوات مسلحة، قادرة على مواجهة التهديدات المحتملة.
(7) معرفة المتربصين بدول مجلس التعاون، حق المعرفة، حجم القوات المسلحة لدول المجلس وفاعليتها.
د. التهديدات المحتملة، في المنظور القريب
(1) مما لاشك فيه، أن التهديد العراقي، ما زال قائماً. وما برح الرئيس العراقي، يمتلك قوة لا يستهان بها؛ إذ ما فتئت أطماعه في الكويت، ونفط الخليج، حيّة في نفسه. ولن ينسى، بسهولة، موقف دول مجلس التعاون الخليجي تجاهه. ولن ينسى ما حل به، وببلاده، نتيجة لحرب الخليج. وتقدّر قواته، حالياً، بما يزيد عن نصف مليون مقاتل، عدا قواته الاحتياطية.
(2) ليس التهديد الإيراني بأقلّ خطراً من التهديد العراقي. فما انفك تصدير الثورة، هو أحد الأهداف الإستراتيجية لحكام إيران؛ وأصبح هذا الهدف، يستتر بعباءة المعونات الاقتصادية ( لليمن والسودان، والدول الإسلامية، التي كانت سابقاً ضمن جمهوريات الاتحاد السوفيتي، ودول أخرى ومنظمات عديدة ). ويزيد الوضع خطراً، ما أجمعت عليه كافة التقارير والدراسات العسكرية، أن إيران ستمتلك في نهاية عام 1995، قوات مسلحة قوية، ستزيد على 700 ألف مقاتل؛ فضلاً عن امتلاكها صواريخ بعيدة المدى، وقوات بحرية، هي الأقوى في منطقة الخليج، مسلحة بالغواصات النووية، إلى جانب قوات جوية حديثة.
(3) على الرغم من احتمالات الحل السلمي، واتجاه دول عديدة إلى تطبيع العلاقات بإسرائيل، إلا أنها ـ أي إسرائيل ـ ستظل تمثل تهديداً (عسكرياً واقتصادياً وثقافياً)، لدول مجلس التعاون الخليجي؛ ولن تسمح لأي قوة في الشرق الأوسط، أن تساويها عسكرياً. وإذا سنحت لها فرصة التوسع والعدوان، فستغتنمها.
(4) التهديدات الداخلية، لا تقلّ خطراً وأهمية عن التهديدات الخارجية، خاصة عندما تجد من يغذّيها ويموّلها، ويفرض عليها الأفكار والمعتقدات، من الخارج.
هـ. البديل الثالث
يتلخص هذا البديل في الآتي:
(1) إنشاء قيادة عسكرية مشتركة دائمة، تابعة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية. تُحدد لها مهام واضحة، وتمنح الصلاحيات اللازمة، في وقت السلم، وفي وقت الحرب. وتستمد قوّتها وصلاحياتها، من قرارات رؤساء دول مجلس التعاون الخليجي ووزراء دفاعها. ويكون مقرها في الرياض. وتكون مسؤولة عن كافة الشؤون العسكرية المتعلقة بمجلس التعاون. ويُعيّن لها ضباط محترفون، من أعلى المستويات.
(2) تخصيص كل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي حجماً معيناً من القوات، البرية أو الجوية أو البحرية، أو الدفاع الجوي، تحدده الدراسات الإستراتيجية التفصيلية، التي يصادق عليها الرؤساء. وتوضع هذه القوات تحت السيطرة العملياتية للقيادة المذكورة، عند ظهور بوادر التهديدات المحتملة.
(3) تخصيص كل دولة جزءاً آخر من قواتها، لتكون قوات تعزيز، عند الحاجة.
(4) بقاء قوات كل دولة داخل حدودها، ولا تتحرك خارج الحدود، إلا في إطار الخطط المصدق عليها من مجلس الرؤساء ومجلس وزراء الدفاع، وبتعليمات من القيادة المذكورة، وطبقاً لحجم التهديد واتجاهه.
(5) في حالة نشوب الأزمات، تبقى لقيادة القوات المسلحة لكل دولة "القيادة ناقص السيطرة العملياتية" على قواتها، في أي مكان.
(6) مسؤولية "القوات، التي ستوضع تحت تصرف القيادة"، هي درء الأخطار ومواجهة التهديدات، وعدم السماح باحتلال أي جزء من الأراضي، والقتال لاسترداده، إن احتُل.
(7) معاونة القوات المسلحة في أي دولة، عند مواجهتها تهديدات داخلية، تفوق قدرتها؛ إضافة إلى حماية الحكومات الشرعية لكل دولة.
(8) مسؤولية القيادة المذكورة، في حالة السلم، هو التنسيق، في جميع المجالات، بين القوات المسلحة للدول الأعضاء، بناءً على الصلاحيات المنصوص عليها، والتأكد من الكفاءة القتالية والجاهزية القتالية، للقوات المخصصة لها أثناء الحرب، وتدريب هذه القوات مرة أو مرتَين، سنوياً، على الأقل. وتراوح مدة التدريب بين 15 و20 يوماً، تشمل مراحل القتال المختلفة والمحتملة. فضلاً عن تقديم المشورة، والدراسات الإستراتيجية والعملياتية، في جميع الموضوعات، التي تحال إليها من مجلس الرؤساء أو من مجلس وزراء الدفاع، ومتابعة تنفيذ قرارات الرؤساء ووزراء الدفاع وتوصياتهم، في المجال العسكري.
(9) تخصيص ميزانية منفصلة للقيادة، يقررها مجلس الرؤساء، مع تحديد كيفية الرقابة على الإنفاق.
(10) يكون منصِب القائد، كما هي الحال في منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، من نصيب الدولة ذات الإسهام الأكبر، في مجهود الدفاع المشترك.
(11) التنسيق مع قيادات القوات المسلحة لدول الدائرتين، الثالثة والرابعة،حينما يكون التهديد الخارجي أكبر من القدرات العسكرية لدول الدائرة الثانية، وتحديد أسلوب القيادة والسيطرة عند استدعاء وحدات أو تشكيلات من الدول الشقيقة والصديقة.
الدائرة الثانية ـ مستوى دول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية
"إنشاء القيادة العسكرية المشتركة الدائمة، لمجلس التعاون"
مقدمة
إنني اُنظر إلى الدفاع عن المملكة ودول مجلس التعاون كمجموعة من الدوائر ذات المركز الواحد، تتفاعل وتعزز بعضها بعضاً. نجد في مركز الدائرة المملكة وقواتها المسلحة، وتلك هي "دائرتنا الأولى"، كما هي الحال في كل بلد آخر. أمّا "الدائرة الثانية"، فتشمل الشركاء الستة في مجلس التعاون لدول الخليج العربية وهي المملكة، والكويت، وقطَر، والبحرين، والإمارات العربية المتحدة، وعُمان. فمجلس التعاون لدول الخليج العربية هو المصدر الأساسي لتضامن أعضائه. وبعبارة أخرى، تشكِّل الدائرتان الأولى والثانية دفاعاتنا الرئيسية عن أنفسنا وعن شركائنا في شبه الجزيرة العربية (وسأورد فيما بعد، بعض المقترحات الرامية إلى تحسين دفاعات دول مجلس التعاون الخليجي).
أمّا "الدائرة الثالثة"، من وجهة نظري، فتتكون من الدول الصديقة ضمن الحدود الأوسع لمنطقة الشرق الأوسط وجنوبي آسيا. وأعني بها مصر وسوريا، وهما دولتان عربيتان وقفتا إلى جانبنا إبَّان أزمة الخليج، إضافة إلى تركيا وباكستان، وهما قوتان صديقتان مسلمتان تقعان على الحدود المباشرة لمنطقتنا. فإذا خطَّطت هذه الدول الأربع، بالإضافة إلى دول مجلس التعاون الخليجي لدفاع مشترك يجمع بينها جميعاً، ونفَّذت تدريبات مشتركة، فإنها ستسهم بشكل كبير وفعّال في أمن المنطقة. فتركيا بصفتها عضواً في حلف شمال الأطلسي، وقوة عسكرية لا يستهان بها، تستطيع أن تؤدّي دَوراً مهمّاً كقناة اتصال بين حلفائنا الإقليميين وأصدقائنا الغربيين. وتنفيذ تدريبات مشتركة مع تركيا سيعطينا ميزة التعرف بمستويات الأداء العسكري الغربي، ونكون كما لو أجرينا تدريبات مشتركة مع القوات الغربية.
لست أقترح هنا أن تشتري دول الخليج الخدمات العسكرية من الآخرين، فليس هذا مقصدي على الإطلاق. بل على العكس من ذلك، فإني أرى أن العلاقة بين تلك الدول كلها يجب أن تُبْـنَى على المصالح المشتركة التي تجمعها. فكما يمكن لتلك الدول أن تكون درعاً ــ بعد الله ـ يـحمينا، فإننا في شبه الجزيرة العربية يمكن أن نكون عمقاً إستراتيجياً لها. فأهميتنا لها، لا تقلّ عن أهميتها لنا.
ويجب ألاّ يغيب عن أذهاننا، أن أشد الأخطار التي يُحتمل أن تواجهنا، ستأتي من منطقة الشرق الأوسط. لذا، فإننا في حاجة إلى أصدقاء داخل تلك "الدائرة الثالثة"، لِكَبح مناوئينا وإيقافهم. ويبقى توازن القوى بين الدول الرئيسية في المنطقة، هو أكبر ضمان لدوام الأمن والاستقرار.
ولكن إذا ما نشبت أزمة لا قِبل لنا ولا لأصدقائنا بها في المنطقة، كتلك التي حدثت عام 1990، فعلينا التوجه بطلب المساندة إلى"الدائرة الرابعة" لدفاعاتنا، وهي تشمل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا. ويمكِن أن تنضم إليها روسيا والصين بعد أن وَضَعَتْ الحرب الباردة أوزارها، واختفى من الوجود خطر التهديد الشيوعي. ومن المؤكد أن النمو الاقتصادي السريع الذي تشهده الصين سيجعل منها قوة عسكرية هائلة، لا بد من أخْذها في الحسبان في منطقة الشرق الأوسط. وتشير بعض التقديرات إلى أن الصين ستصبح، في السنوات القادمة، مستهلِكاً رئيسياً لنفط الشرق الأوسط، مما سوف يفتح المجال للتعاون الأمني معها.
أعود، مرة أخرى، إلى تعليقاتي الأخيرة عن "الدائرة الثانية"، دائرة جيراننا الخليجيين، شركائنا في مجلس التعاون لدول الخليج العربية. فمن الدروس المهمة، التي استخلصْتها من حرب الخليج، الحاجة الماسّة إلى دفاعات جماعية قوية في منطقة الخليج العربي. فما من دولة من الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، باستثناء المملكة، تستطيع أن تبني بمفردها قوة عسكرية قادرة على الدفاع عن نفسها وعن جيرانها ضد أيٍّ من القوى المعادية التي تتاخِـم حدودها. فمن الوجهة الأمنية، تُعَد المملكة وجيرانها من دول الخليج كلاًّ متكاملاً. فعندما تعرَّضت الكويت للعدوان، شعرت كل دولة بالخطر يُحدِق بها. ولن نسمح مرة أخرى بأن تصبح إحدى دول المجلس جسراً للعدوان علينا. فالدرس الأول المستفاد من الأزمة، هو أهمية تحقيق قدْرٍ من الوحدة بين دول مجلس التعاون. فلو كان بينها أدنى مستوى من الوحدة الحقيقية، لاستطاعت تلك الدول أن تَبْلُوَ بلاءً حسناً، ولتمكَّنت من الصمود أمام الغزو والدفاع عن أنفسها.
ولو كان ثمة تكامل عسكري بين المملكة ودول الخليج لتشكِّل جميعها كتلة قوية، لَكنّا أَقدَرَ على الدفاع عن أنفسنا، ولكان لنا ثِقَل سياسي على مستوى المنطقة بل على مستوى العالم. إن الأمن الجماعي على مستوى دول الخليج، من وجهة نظري، أمر تفرضه الظروف الراهنة على أن تضطلِع المملكة فيه بدَور بارز، لِمَا لها من إمكانات أكبر وقوات أكثر عدداً وعدة.
لكن هذا الأمن الجماعي لا يمكِن أن يتحقق في فراغ سياسي. فلا بد من قيامه على أساس سياسي مؤدّاه احترام كل دولة سيادة الدول الأخرى وحدودها، مع إنهاء كافة أشكال الصراع بين الدول الأعضاء والمحافظة على الوضع السياسي الراهن.
علمتنا الأزمة أن الدفاعات الخليجية، بالشكل الذي كانت عليه عام 1990، دفاعات غير كافية على الإطلاق لمواجهة عدوان صدام. ولم تكُن قوة "درع الجزيرة"، الجناح العسكري لمجلس التعــاون لدول الخليج العربية، قوية بالقدْر الذي يمكِّنها من ردْع العراق أو التصدي له بمفردها. ومن هنا، تظهر أهمية إعادة النظر في الترتيبات الدفاعية الجماعية.
1. الهدف
تحقيق أمن دول مجلس التعاون الخليجي، ضد الأخطار والتهديدات، الخارجية والداخلية؛ وذلك بحشد قوات خليجية ذات كفاءة قتالية عالية، تحت قيادة مشتركة دائمة، تكون قادرة على الردع قبل القتال، وتحقيق مهامها عند القتال.
2. البدائل المتاحة لتحقيق هذا الهدف
· استمرار ما هو جارٍ حالياً، في خصوص"قوات درع الجزيرة".
· التوسع في حجم هذه القوات، ليصل، طبقاً لما أعلنه بعض المصادر، إلى 100 ألف مقاتل.
· تنفيذ الفكرة المقترحة، في شأن قيادة عسكرية دائمة، لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
أ. البديل الأول
أظهرت أزمة احتلال الكويت، أن هذا البديل، تشوبه نقاط الضعف التالية:
(1) عدم اكتمال بعض الوحدات، معدات وأفراداً وقطع غيار.
(2) عدم اكتمال وحدات الإصلاح والإخلاء، والوحدات الطبية الميدانية.
(3) اتسام التدريب، خاصة التمرينات الميدانية السنوية، بالمظهر أكثر من الجوهر والجدية.
(4) عدم مراعاة الحرفية والكفاءة، عند التعيين في وظائف قيادة اللواء، والأخذ بمبدأ الترضية والمجاملات في توزيع الوظائف على الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي.
(5) قصور حجم "قوات درع الجزيرة" عن مواجهة أي تهديد، مما أفقدها مبرر وجودها.
(6) ظهور العديد من المشاكل الاجتماعية، خاصة مشاكل الأُسر، التي ترحل مع عائليها، أو التي يرحل عنها عائلوها، مما يجعلهم مشتتي التفكير.
(7) اختلاف الأسلحة والمعدات والذخائر والكفاءة القتالية، في وحدات اللواء الواحد، المسمى "لواء درع الجزيرة".
(8) ضعف الجاهزية القتالية، تبعاً للعوامل الآنفة.
(9) شعور بعض الدول الخليجية، أن بإسهامها بقوات صغيرة الحجم، تكون قد أدّت واجبها نحو أمنها وأمن الخليج.
ويمكن التغلب على نقاط الضعف هذه، بالتخطيط والتنفيذ الدقيقَين، والإصرار على تحقيق الأفضل، في المجالات المذكورة. ولكن نقطة الضعف الرئيسية، في هذا البديل، التي تُعدّ العامل الحاكم، هي قصور حجم "قوات درع الجزيرة" عن مواجهة أي تهديد. وهو قصور من الصعوبة تجاوزه، في المدى القريب أو المتوسط. فالقوة البشرية لدول مجلس التعاون (عدا المملكة)، قد تعجز عن زيادة حجم قوة "درع الجزيرة"، بالكم الذي يلائم العدائيات المحتملة، خاصة أن الدول المحيطة ذات كثافة سكانية كبيرة. وبقاء نقطة الضعف هذه، من دون حلّ، يُبْقي هذا البديل ضعيفاً.
ب. البديل الثاني
عدة أسئلة، تفرض نفسها عند مناقشة هذا البديل، أبرزها:
(1) لِمَ حُدَّد الرقم 100 ألف جندي، حدّاً أقصى لحجم الجيش الخليجي؟ وما الدراسات الجدية، التي أملت تحديده؟ ثم ما نوع الوحدات، التي سيشملها هذا الجيش؟ ومن أي الأفرع هي؟
(2) أين ستتمركز هذه القوات؟ وما المشاكل، الإدارية والتموينية والإمدادية، التي ستصاحب إنشاءها ووجودها في مكان واحد؟
(3) هل يُعَدّ الرقم 100 ألف جندي، كافياً لمواجهة التهديدات المحتملة، من الشمال، أو من الشرق، أو من الشمال العربي؛ وكل يعرف خطرها؟
(4) كيف تُحلّ المشاكل الاجتماعية، التي ستترتب على وجود الضباط والجنود من مختلف دول مجلس التعاون بعيداً عن ذويهم؟
(5) ما حجم النفقات، المطلوبة لإنشاء قوات بهذا الحجم وتجميعها في مكان واحد؟
(6) هل ستوافق الدول الأعضاء على تخصيص أفضل وحداتها، بشكل مستديم، لتشكيل قوة دفاع إقليمية كهذه؟
ج. الأسباب الداعية إلى التفكير في بديل ثالث
(1) خبرة القيادة المشتركة، التي أنشئت عقب احتلال دولة الكويت بثمانية أيام، لتعبئة وتدريب وتجهيز القوات الخليجية والقوات الصديقة والشقيقة للمعركة، وقيادتها لتحرير الكويت.
(2) التهديدات والتحديات، السابقة والحالية والمستقبلية، التي تواجه أمن دول مجلس التعاون الخليجي.
(3) ضرورة الاعتماد، بعد الله، على قوة دول مجلس التعاون، في المقام الأول، لتحقيق الأمن في المنطقة.
(4) أمن أي دولة من دول المجلس، يؤثر، بلا شك، على أمن باقي دوله، وغزو الكويت خير شاهد على ذلك.
(5) نقاط الضعف، التي ظهرت في"قوات درع الجزيرة"؛ فضلاً عن عدم فاعليتها، أثناء أزمة احتلال الكويت.
(6) عجز أي دولة، بمفردها، وقوّتها الذاتية فقط، عن بناء قوات مسلحة، قادرة على مواجهة التهديدات المحتملة.
(7) معرفة المتربصين بدول مجلس التعاون، حق المعرفة، حجم القوات المسلحة لدول المجلس وفاعليتها.
د. التهديدات المحتملة، في المنظور القريب
(1) مما لاشك فيه، أن التهديد العراقي، ما زال قائماً. وما برح الرئيس العراقي، يمتلك قوة لا يستهان بها؛ إذ ما فتئت أطماعه في الكويت، ونفط الخليج، حيّة في نفسه. ولن ينسى، بسهولة، موقف دول مجلس التعاون الخليجي تجاهه. ولن ينسى ما حل به، وببلاده، نتيجة لحرب الخليج. وتقدّر قواته، حالياً، بما يزيد عن نصف مليون مقاتل، عدا قواته الاحتياطية.
(2) ليس التهديد الإيراني بأقلّ خطراً من التهديد العراقي. فما انفك تصدير الثورة، هو أحد الأهداف الإستراتيجية لحكام إيران؛ وأصبح هذا الهدف، يستتر بعباءة المعونات الاقتصادية ( لليمن والسودان، والدول الإسلامية، التي كانت سابقاً ضمن جمهوريات الاتحاد السوفيتي، ودول أخرى ومنظمات عديدة ). ويزيد الوضع خطراً، ما أجمعت عليه كافة التقارير والدراسات العسكرية، أن إيران ستمتلك في نهاية عام 1995، قوات مسلحة قوية، ستزيد على 700 ألف مقاتل؛ فضلاً عن امتلاكها صواريخ بعيدة المدى، وقوات بحرية، هي الأقوى في منطقة الخليج، مسلحة بالغواصات النووية، إلى جانب قوات جوية حديثة.
(3) على الرغم من احتمالات الحل السلمي، واتجاه دول عديدة إلى تطبيع العلاقات بإسرائيل، إلا أنها ـ أي إسرائيل ـ ستظل تمثل تهديداً (عسكرياً واقتصادياً وثقافياً)، لدول مجلس التعاون الخليجي؛ ولن تسمح لأي قوة في الشرق الأوسط، أن تساويها عسكرياً. وإذا سنحت لها فرصة التوسع والعدوان، فستغتنمها.
(4) التهديدات الداخلية، لا تقلّ خطراً وأهمية عن التهديدات الخارجية، خاصة عندما تجد من يغذّيها ويموّلها، ويفرض عليها الأفكار والمعتقدات، من الخارج.
هـ. البديل الثالث
يتلخص هذا البديل في الآتي:
(1) إنشاء قيادة عسكرية مشتركة دائمة، تابعة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية. تُحدد لها مهام واضحة، وتمنح الصلاحيات اللازمة، في وقت السلم، وفي وقت الحرب. وتستمد قوّتها وصلاحياتها، من قرارات رؤساء دول مجلس التعاون الخليجي ووزراء دفاعها. ويكون مقرها في الرياض. وتكون مسؤولة عن كافة الشؤون العسكرية المتعلقة بمجلس التعاون. ويُعيّن لها ضباط محترفون، من أعلى المستويات.
(2) تخصيص كل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي حجماً معيناً من القوات، البرية أو الجوية أو البحرية، أو الدفاع الجوي، تحدده الدراسات الإستراتيجية التفصيلية، التي يصادق عليها الرؤساء. وتوضع هذه القوات تحت السيطرة العملياتية للقيادة المذكورة، عند ظهور بوادر التهديدات المحتملة.
(3) تخصيص كل دولة جزءاً آخر من قواتها، لتكون قوات تعزيز، عند الحاجة.
(4) بقاء قوات كل دولة داخل حدودها، ولا تتحرك خارج الحدود، إلا في إطار الخطط المصدق عليها من مجلس الرؤساء ومجلس وزراء الدفاع، وبتعليمات من القيادة المذكورة، وطبقاً لحجم التهديد واتجاهه.
(5) في حالة نشوب الأزمات، تبقى لقيادة القوات المسلحة لكل دولة "القيادة ناقص السيطرة العملياتية" على قواتها، في أي مكان.
(6) مسؤولية "القوات، التي ستوضع تحت تصرف القيادة"، هي درء الأخطار ومواجهة التهديدات، وعدم السماح باحتلال أي جزء من الأراضي، والقتال لاسترداده، إن احتُل.
(7) معاونة القوات المسلحة في أي دولة، عند مواجهتها تهديدات داخلية، تفوق قدرتها؛ إضافة إلى حماية الحكومات الشرعية لكل دولة.
(8) مسؤولية القيادة المذكورة، في حالة السلم، هو التنسيق، في جميع المجالات، بين القوات المسلحة للدول الأعضاء، بناءً على الصلاحيات المنصوص عليها، والتأكد من الكفاءة القتالية والجاهزية القتالية، للقوات المخصصة لها أثناء الحرب، وتدريب هذه القوات مرة أو مرتَين، سنوياً، على الأقل. وتراوح مدة التدريب بين 15 و20 يوماً، تشمل مراحل القتال المختلفة والمحتملة. فضلاً عن تقديم المشورة، والدراسات الإستراتيجية والعملياتية، في جميع الموضوعات، التي تحال إليها من مجلس الرؤساء أو من مجلس وزراء الدفاع، ومتابعة تنفيذ قرارات الرؤساء ووزراء الدفاع وتوصياتهم، في المجال العسكري.
(9) تخصيص ميزانية منفصلة للقيادة، يقررها مجلس الرؤساء، مع تحديد كيفية الرقابة على الإنفاق.
(10) يكون منصِب القائد، كما هي الحال في منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، من نصيب الدولة ذات الإسهام الأكبر، في مجهود الدفاع المشترك.
(11) التنسيق مع قيادات القوات المسلحة لدول الدائرتين، الثالثة والرابعة،حينما يكون التهديد الخارجي أكبر من القدرات العسكرية لدول الدائرة الثانية، وتحديد أسلوب القيادة والسيطرة عند استدعاء وحدات أو تشكيلات من الدول الشقيقة والصديقة.
يتبع ..................................... ارجو الانتظار:a020[2]: