الأعداد الأوّليّة
إعداد: الدكتور أحمد مُحمَّد زين المنّاوي
إعداد: الدكتور أحمد مُحمَّد زين المنّاوي
إن العدد الأوّليّ أو العدد الأصمّ هو عدد صحيح أكبر من واحد ولكنه لا يقبل القسمة إلا على نفسه أو على الرقم 1 فقط، وفيما عدا ذلك فإن جميع الأعداد الصحيحة الأخرى تسمى أعدادًا مركَّبة. ولذلك فإنَّ جميع النظريات الرياضية تُقصي الرقم 1 من الأعداد الأوّليّة، وعليه يكون أوّل عدد أوّليّ هو 2 يليه 3 ثم 5 ثم 7 ثم 11 و13 وهكذا..
ولتحديد طبيعة عدد ما، أوّليّ أو مركَّب، هناك طريقة بسيطة تتمثل في قسمة هذا العدد على الأعداد الصحيحة المحصورة بين 2 والجذر التربيعي للعدد نفسه. وبشكل عام، وباستثناء 2 و5، فإن جميع الأعداد الأوّليّة الأخرى تنتهي بأحد هذه الأرقام الأربعة 1 أو 3 أو 7 أو 9. وهناك برامج إلكترونية سهلة وأكثر فاعلية متاحة على مواقع الإنترنت تُستخدم في تحدِّيد أوّليّة الأعداد الكبيرة، كما أن هناك قوائم جاهزة تحدد ترتيب هذه الأعداد.
ويمكنك الاطلاع على أصغر 1000 عدد أوّليّ من خلال هذا الرابط:
إن مجموعة الأعداد الأوّليّة غير منتهية، وخلال الحقب والقرون الماضية ومنذ نحو عام 300 قبل الميلاد حتى الآن، ظلّت هذه الأعداد تخضع لدراسات وبحوث مكثَّفة من دون أن يتوصّل أحد إلى فهم سلوكها. ولا يزال العلماء في حيرة من أمرهم بشأن توزيع الأعداد الأوّليّة، على عكس الأعداد الصحيحة المركَّبة فردية كانت أم زوجية. ولم يعرف العالم أي نتائج ملموسة لمحاولات علماء الرياضيات المضنية لابتكار طريقة أو دالة يستطيعون من خلالها معرفة توزيع الأعداد الأوّليّة، سوى ما قدّمه عالم الرياضيات الألماني برنارد ريمان قبل أكثر من 150 عامًا من فرضية ليس عليها برهان حتى الآن، وتقوم باختبار طبيعة الأعداد من خلال دالة أطلق عليها اسم "زيتا" تكون نتيجتها صفرًا إذا كان العدد قيد الاختبار أوّليًّا، ولكن لم يتمكّن أحد حتى الآن من إثبات أن هذه الدالة ستعمل لكل الأعداد الأوّليّة، فضلًا عن أن إثباتها لن يقدِّم حلًا للغز الأعداد الأوّليّة.
اللُّغز الذي حيَّر العالم!!
عرض عالم الرياضيات الألماني ديفيد هيلبرت على المؤتمر الدولي الثاني لعلماء الرياضيات قبل الحرب العالمية الأولى وتحديدًا في الثامن من أغسطس عام 1900، لائحة من 23 مسألة رياضية معقدة، في مقدّمتها الفرضية التي وضعها عالم الرياضيات الألماني برنارد ريمان عام 1859 وهو العام نفسه الذي قدّم فيه داروين نظريته عن النشوء والارتقاء. وتتناول فرضية ريمان ترتيب الأعداد الأوّليّة، حيث يعتقد العلماء أنها سوف تسهم في فهم سلوك هذه الأعداد. وبعد مرور 100 عام أعلنت منظَّمة الأمم المتحدة للثقافة والتربية والعلوم (يونسكو) جائزة قيمتها 7 ملايين دولار لحل لائحة من سبع مسائل رياضية، وكانت فرضيِّة ريمان بشأن الأعداد الأوّليّة هي المسألة الوحيدة المشتركة بين هاتين اللَّائحتين، حيث تعدّ هذه الفرضيَّة من أصعب الفرضيَّات الرياضية التي استعصت على البرهان.
لقد ظلت الأعداد الأوّليّة هاجسًا يؤرّق البشرية لأن هذه الأعداد تتحرك بخطوات يصعب فهمها أو التنبؤ بها، فهي تتباطأ أحيانًا وتسارع الخطى أحيانًا أخرى. وكما يتضح من سلسلة الأعداد الأوّليّة من 2 إلى 41 في الجدول الآتي، فإن إيقاع هذه الأعداد يتأرجح ولا يسير بوتيرة واحدة فتارة تجده يتحرك بزيادة 2 لينتقل إلى العدد الذي يليه، ثم يضاعف هذا الإيقاع إلى 4، ثم يخفضه مرّة أخرى إلى 2، ثم يقفز به إلى 6 وهكذا..
وكما يلاحظ من سلسلة الأعداد الأوّليّة في هذا الجدول، فإن الفرق بين أي عدد أوّليّ والعدد الأوّليّ الذي يليه أو السابق له يكون 2 أو من مضاعفات الرقم 2، باستثناء الفرق بين أوّل عددين أوّليّين 2 و3 وهي حالة لا تتكرّر أبدًا، ولا يمكن أن يكون الفرق بين الأعداد الأوّليّة عددًا فرديًّا بأي حال من الأحوال، وذلك لسبب واحد هو أن جميع الأعداد الأوّليّة هي في الأصل أعداد فردية باستثناء أوّل عدد أوّليّ وهو 2.
بعد هذا الاستعراض المقتضب لطبيعة الأعداد الأوّليّة وكيف أنها ظلّت سرًّا ولغزًا يحيِّر العقل البشري ويتحدَّى علماء الرياضيات منذ آلاف السنين، نلفت الانتباه إلى حقيقة في غاية الأهميّة هي أن النسيج الرقمي القرآني كله قائم على هذه الأعداد الأوّليّة الصماء. ولنا في ثنايا هذا الموقع (طريق القرآن) وقفات مهمة مع طبيعة هذه الأعداد وكيف يعالجها القرآن العظيم ضمن نسيجه الرقميّ المعجز، ففيها الدليل الحاسم والبرهان القاطع على أن البشرية وبكل ما أوتيت من ملكات الذكاء الفطري وأدوات الذكاء الصناعي تعجز عن أن تأتي بمثل جانب يسيرٍ جدًا من مثل هذا النسيج المُذهل، بل إنها تعجز عن الإحاطة به وفهمه، فهو كالجب الذي لا قاع له، فكلما تعمَّقت فيه تبين لك أنك ما ازددت إلا جهلًا به.
ومن خلال محاولة فهم البناء الإحصائي لحروف القرآن وكلماته وآياته وسوره، يتجلَّى بوضوح أن الأعداد الأوّليّة مجرَّدة يستحيل التوفيق بينها وترويضها من دون الاستعانة بعنصر من غير جنسها. وهنا لفت انتباهنا استخدام القرآن الرقم 6 ليؤدي وظيفة أساسية هي حفظ توازن الأعداد الأوّليّة وضبط إيقاعها على امتداد النسيج الرقميّ القرآني. ولذلك يزداد اعتقادنا يومًا بعد يوم أنَّ العقل البشري إذا قدَّر الله له في يوم من الأيام فهم سلوك الأعداد الأوّليّة فلن يكون ذلك إلا من خلال الرقم 6، فهو بمنزلة المفتاح لحل لغز هذه الأعداد، وأنَّ أي محاولة لترويض هذه الأعداد أو فهم سلوكها من دون الاستعانة بالرقم 6 يعدّ ضربًا من المستحيل ومضيعة للوقت والجهد!
يظن علماء الرياضيات أن الأعداد الأوّليّة عشوائية وغير منتظمة، بل العكس تمامًا هو الصحيح، إذ إن هذه الأعداد وإن تبدو في ظاهرها فوضوية ومتمرِّدة تقفز بخطوات متسارعة أحيانًا وتتباطأ أحيانًا أخرى، إلا أنها على درجة رفيعة جدًّا من الانتظام والدقة والرشاقة، ومن أراد أن يتأكَّد من ذلك فلينظر إليها من خلال المنظومة الإحصائية القرآنية التي تفتح آفاقًا واسعة أمام العلماء والمتخصصين للاقتراب أكثر فأكثر من فهم سلوك الأعداد الأوّليّة.
إن كل حرف في القرآن تربطه بالحروف الأخرى داخل الكلمة الواحدة والكلمات الأخرى والآية والسورة علاقة هرمية رياضية وأخرى أفقية عنكبوتية أساسها الأعداد الأوّليّة، وكل كلمة في القرآن تربطها بالكلمات الأخرى داخل الآية نفسها والآيات الأخرى والسورة والقرآن كلّه علاقة أفقية ورأسية محورها الأعداد الأوّليّة، وكل آية تشكّل في ذاتها منظومة إحصائية من الأعداد الأوّليّة تتمثل أبعادها في عدد حروفها وعلامات تشكيلها وتنقيطها وعدد كلماتها ورقمها، ثم تتشعّب هذه المنظومة لتنسجم مع منظومة السورة التابعة لها ومن خلالها تشكَّل علاقة عنكبوتية معقَّدة جدًّا مع آيات القرآن بحسب وزنها من الحروف والكلمات والمعنى الذي تحمله.
ولا يزال المنطق الرياضي الذي يربط بين رقم السورة وعدد آياتها وكلماتها وحروفها حتى الآن خافيًا على البشر! ولا تزال الطريقة التي رتِّبت بها سور القرآن وحددت عدد آياتها وكلماتها وحروفها سرًا من الأسرار، وإن دراسة هذا المنطق والوقوف على بعض خفاياه سوف يشكّل بلا شك فتحًا مهمًّا جدًّا على البشرية في كل ما يتعلق بعلم العدد!
وقد تفكّرت كثيرًا في نظم حروف القرآن العظيم وكلماته من ناحية إحصائية ورياضية بحتة، فرأيت أن البشرية بأسرها لن تستطيع نظم سورة واحدة من هذا القرآن العظيم! وإذا أردت أن تفهم البناء الرياضي لأي سورة أو حتى آية في القرآن الكريم فعليك أن تفهم أولًا سلوك الأعداد الأوّليّة الصمّاء، حيث لا يمكن تتبّع مسارات النسيج الرقمي القرآني المعجز إلّا من خلال فهم سلوك هذه الأعداد وطريقة توزيعها، وذلك لأن كل حرف وكل كلمة وآية وسورة في القرآن قائمة على نظام إحصائي دقيق جدًّا من هذه الأعداد الأوّليّة التي لا تزال سرًّا ولغزًا محيّرًا، ولا يزال العلماء في حيرة من أمرهم بشأن طريقة توزيعها. وإن النسيج الرقمي القرآني بقدر ما هو معقَّد، فإنه يلتقي مع الأعداد المركّبة في العديد من المواضع التي يمكن فهم بعض مدلولاتها الرقميّة المتعددة، وهذه المواضع هي التي تعرّضنا لنماذج محدودة منها في ثنايا هذا الموقع (طريق القرآن).
وهكذا ظلت الأعداد الأوّليّة عبر القر
ون حتى يومنا هذا لغزًا يحيِّر العالم، وبرغم ملايين المحاولات المضنية التي قام بها علماء الرياضيات عبر القرون، فلم يتوصّل العالم إلى أي نتائج ملموسة لفهم سلوك الأعداد الأوّليّة أو ترويضها، وبرغم ذلك فهم يستخدمونها في العديد من المجالات. والقرآن العظيم سبق العالم بقرون من الزمان في استخدام خصائص هذه الأعداد ومراتبها في تعزيز المعنى المراد، بل والأعجب من ذلك فإن النسيج الرقميّ القرآني كلّه يقوم على الأعداد الأوّليّة!
وإن العرب برغم أنهم هم الذين وضعوا أسس الرياضيات، وبراعتهم في علم العدد بشكل عام، فإنه لم يكن لهم أي دور يُذكر في محاولة فهم سلوك الأعداد الأوّليّة الصماء! حتى إنك إذا بحثت في جميع معاجم اللُّغة العربية اليوم العامة منها والمتخصِّصة فلن تجد فيها معظم المصطلحات والمفاهيم العلمية المتعلقة بالأعداد الأوّليّة، برغم ثراء اللُّغة العربية وغناها! وفي ذلك دليل دامغ وحجّة بالغة ضد كل من يكذب بهذا القرآن.
وهنا نتساءل: هل كان مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- خارج سياق عصره وبيئته، وسابقًا لزمانه بآلاف السنين، وبارعًا في الرياضيات وعلم العدد لدرجة توظيف الأعداد الأوّليّة بهذه الطريقة المحكمة في نظم القرآن؟!
فكيف إذًا نفسِّر توظيف القرآن العظيم لخصائص هذه الأعداد ضمن نظمه الرقميّ المحكم؟!
هنا بيت القصيد وهنا الحجَّة البالغة والقول الفصل في شأن القرآن العظيم!
إن هذا القرآن الذي نزل قبل أكثر من أربعة عشر قرنًا يضع المكذِّبين به أمام خيارين اثنين:
إما أن يعترفوا بأن نظم القرآن هو من عند الله الذي يعلم سر الأعداد الأوّليّة، ولذلك وظَّفها في نظم كتابه، وإمَّا أن يتوهموا بأن مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- كان يعلم سرَّ هذه الأعداد ولذلك وظَّفها في نظم القرآن بطريقة متقنة! ولكن كيف علم بسر الأعداد الأوّليّة بينما عجز العالم بأسره؟
ألم يخصِّصوا الجوائز المالية الضخمة لمن يسهم في حل لغز هذه الأعداد؟
وكيف علم بسرِّها في وقت لم تكن هناك برامج رياضية متطوِّرة يستعين بها كما هو متاح اليوم؟!
وكيف علم بسرِّها ولم يكن للعرب أي دور أو محاولة حتى الآن في حل لغز الأعداد الأوّليّة؟!
إن القرآن العظيم يريح الجميع من عناء الإجابة عن كل هذه الأسئلة:
{ قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِيْ يَعْلَمُ السِّرَّ فِيْ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيْمًا (6)} [الفرقان]
-----------------------------------------------------------------------------
المصدر:
مصحف المدينة المنَّورة برواية حفص عن عاصم (وكلماته بحسب قواعد الإملاء الحديثة).
عن موقع طريق القرآن
ولتحديد طبيعة عدد ما، أوّليّ أو مركَّب، هناك طريقة بسيطة تتمثل في قسمة هذا العدد على الأعداد الصحيحة المحصورة بين 2 والجذر التربيعي للعدد نفسه. وبشكل عام، وباستثناء 2 و5، فإن جميع الأعداد الأوّليّة الأخرى تنتهي بأحد هذه الأرقام الأربعة 1 أو 3 أو 7 أو 9. وهناك برامج إلكترونية سهلة وأكثر فاعلية متاحة على مواقع الإنترنت تُستخدم في تحدِّيد أوّليّة الأعداد الكبيرة، كما أن هناك قوائم جاهزة تحدد ترتيب هذه الأعداد.
ويمكنك الاطلاع على أصغر 1000 عدد أوّليّ من خلال هذا الرابط:
أوّل 1000عدد أوّليّ
هذا الجدول يتضمّن أوّل 1000 عدد أوّليّ، وهي أعداد صحيحة لا تقبل القسمة إلا على نفسها أو على..
quranway.com
إن مجموعة الأعداد الأوّليّة غير منتهية، وخلال الحقب والقرون الماضية ومنذ نحو عام 300 قبل الميلاد حتى الآن، ظلّت هذه الأعداد تخضع لدراسات وبحوث مكثَّفة من دون أن يتوصّل أحد إلى فهم سلوكها. ولا يزال العلماء في حيرة من أمرهم بشأن توزيع الأعداد الأوّليّة، على عكس الأعداد الصحيحة المركَّبة فردية كانت أم زوجية. ولم يعرف العالم أي نتائج ملموسة لمحاولات علماء الرياضيات المضنية لابتكار طريقة أو دالة يستطيعون من خلالها معرفة توزيع الأعداد الأوّليّة، سوى ما قدّمه عالم الرياضيات الألماني برنارد ريمان قبل أكثر من 150 عامًا من فرضية ليس عليها برهان حتى الآن، وتقوم باختبار طبيعة الأعداد من خلال دالة أطلق عليها اسم "زيتا" تكون نتيجتها صفرًا إذا كان العدد قيد الاختبار أوّليًّا، ولكن لم يتمكّن أحد حتى الآن من إثبات أن هذه الدالة ستعمل لكل الأعداد الأوّليّة، فضلًا عن أن إثباتها لن يقدِّم حلًا للغز الأعداد الأوّليّة.
اللُّغز الذي حيَّر العالم!!
عرض عالم الرياضيات الألماني ديفيد هيلبرت على المؤتمر الدولي الثاني لعلماء الرياضيات قبل الحرب العالمية الأولى وتحديدًا في الثامن من أغسطس عام 1900، لائحة من 23 مسألة رياضية معقدة، في مقدّمتها الفرضية التي وضعها عالم الرياضيات الألماني برنارد ريمان عام 1859 وهو العام نفسه الذي قدّم فيه داروين نظريته عن النشوء والارتقاء. وتتناول فرضية ريمان ترتيب الأعداد الأوّليّة، حيث يعتقد العلماء أنها سوف تسهم في فهم سلوك هذه الأعداد. وبعد مرور 100 عام أعلنت منظَّمة الأمم المتحدة للثقافة والتربية والعلوم (يونسكو) جائزة قيمتها 7 ملايين دولار لحل لائحة من سبع مسائل رياضية، وكانت فرضيِّة ريمان بشأن الأعداد الأوّليّة هي المسألة الوحيدة المشتركة بين هاتين اللَّائحتين، حيث تعدّ هذه الفرضيَّة من أصعب الفرضيَّات الرياضية التي استعصت على البرهان.
لقد ظلت الأعداد الأوّليّة هاجسًا يؤرّق البشرية لأن هذه الأعداد تتحرك بخطوات يصعب فهمها أو التنبؤ بها، فهي تتباطأ أحيانًا وتسارع الخطى أحيانًا أخرى. وكما يتضح من سلسلة الأعداد الأوّليّة من 2 إلى 41 في الجدول الآتي، فإن إيقاع هذه الأعداد يتأرجح ولا يسير بوتيرة واحدة فتارة تجده يتحرك بزيادة 2 لينتقل إلى العدد الذي يليه، ثم يضاعف هذا الإيقاع إلى 4، ثم يخفضه مرّة أخرى إلى 2، ثم يقفز به إلى 6 وهكذا..
الأعداد الأوّليّة | 2 | 3 | 5 | 7 | 11 | 13 | 17 | 19 | 23 | 29 | 31 | 37 | 41 |
التغير | - | 1 | 2 | 2 | 4 | 2 | 4 | 2 | 2 | 4 | 2 | 6 | 4 |
وكما يلاحظ من سلسلة الأعداد الأوّليّة في هذا الجدول، فإن الفرق بين أي عدد أوّليّ والعدد الأوّليّ الذي يليه أو السابق له يكون 2 أو من مضاعفات الرقم 2، باستثناء الفرق بين أوّل عددين أوّليّين 2 و3 وهي حالة لا تتكرّر أبدًا، ولا يمكن أن يكون الفرق بين الأعداد الأوّليّة عددًا فرديًّا بأي حال من الأحوال، وذلك لسبب واحد هو أن جميع الأعداد الأوّليّة هي في الأصل أعداد فردية باستثناء أوّل عدد أوّليّ وهو 2.
بعد هذا الاستعراض المقتضب لطبيعة الأعداد الأوّليّة وكيف أنها ظلّت سرًّا ولغزًا يحيِّر العقل البشري ويتحدَّى علماء الرياضيات منذ آلاف السنين، نلفت الانتباه إلى حقيقة في غاية الأهميّة هي أن النسيج الرقمي القرآني كله قائم على هذه الأعداد الأوّليّة الصماء. ولنا في ثنايا هذا الموقع (طريق القرآن) وقفات مهمة مع طبيعة هذه الأعداد وكيف يعالجها القرآن العظيم ضمن نسيجه الرقميّ المعجز، ففيها الدليل الحاسم والبرهان القاطع على أن البشرية وبكل ما أوتيت من ملكات الذكاء الفطري وأدوات الذكاء الصناعي تعجز عن أن تأتي بمثل جانب يسيرٍ جدًا من مثل هذا النسيج المُذهل، بل إنها تعجز عن الإحاطة به وفهمه، فهو كالجب الذي لا قاع له، فكلما تعمَّقت فيه تبين لك أنك ما ازددت إلا جهلًا به.
ومن خلال محاولة فهم البناء الإحصائي لحروف القرآن وكلماته وآياته وسوره، يتجلَّى بوضوح أن الأعداد الأوّليّة مجرَّدة يستحيل التوفيق بينها وترويضها من دون الاستعانة بعنصر من غير جنسها. وهنا لفت انتباهنا استخدام القرآن الرقم 6 ليؤدي وظيفة أساسية هي حفظ توازن الأعداد الأوّليّة وضبط إيقاعها على امتداد النسيج الرقميّ القرآني. ولذلك يزداد اعتقادنا يومًا بعد يوم أنَّ العقل البشري إذا قدَّر الله له في يوم من الأيام فهم سلوك الأعداد الأوّليّة فلن يكون ذلك إلا من خلال الرقم 6، فهو بمنزلة المفتاح لحل لغز هذه الأعداد، وأنَّ أي محاولة لترويض هذه الأعداد أو فهم سلوكها من دون الاستعانة بالرقم 6 يعدّ ضربًا من المستحيل ومضيعة للوقت والجهد!
يظن علماء الرياضيات أن الأعداد الأوّليّة عشوائية وغير منتظمة، بل العكس تمامًا هو الصحيح، إذ إن هذه الأعداد وإن تبدو في ظاهرها فوضوية ومتمرِّدة تقفز بخطوات متسارعة أحيانًا وتتباطأ أحيانًا أخرى، إلا أنها على درجة رفيعة جدًّا من الانتظام والدقة والرشاقة، ومن أراد أن يتأكَّد من ذلك فلينظر إليها من خلال المنظومة الإحصائية القرآنية التي تفتح آفاقًا واسعة أمام العلماء والمتخصصين للاقتراب أكثر فأكثر من فهم سلوك الأعداد الأوّليّة.
إن كل حرف في القرآن تربطه بالحروف الأخرى داخل الكلمة الواحدة والكلمات الأخرى والآية والسورة علاقة هرمية رياضية وأخرى أفقية عنكبوتية أساسها الأعداد الأوّليّة، وكل كلمة في القرآن تربطها بالكلمات الأخرى داخل الآية نفسها والآيات الأخرى والسورة والقرآن كلّه علاقة أفقية ورأسية محورها الأعداد الأوّليّة، وكل آية تشكّل في ذاتها منظومة إحصائية من الأعداد الأوّليّة تتمثل أبعادها في عدد حروفها وعلامات تشكيلها وتنقيطها وعدد كلماتها ورقمها، ثم تتشعّب هذه المنظومة لتنسجم مع منظومة السورة التابعة لها ومن خلالها تشكَّل علاقة عنكبوتية معقَّدة جدًّا مع آيات القرآن بحسب وزنها من الحروف والكلمات والمعنى الذي تحمله.
ولا يزال المنطق الرياضي الذي يربط بين رقم السورة وعدد آياتها وكلماتها وحروفها حتى الآن خافيًا على البشر! ولا تزال الطريقة التي رتِّبت بها سور القرآن وحددت عدد آياتها وكلماتها وحروفها سرًا من الأسرار، وإن دراسة هذا المنطق والوقوف على بعض خفاياه سوف يشكّل بلا شك فتحًا مهمًّا جدًّا على البشرية في كل ما يتعلق بعلم العدد!
وقد تفكّرت كثيرًا في نظم حروف القرآن العظيم وكلماته من ناحية إحصائية ورياضية بحتة، فرأيت أن البشرية بأسرها لن تستطيع نظم سورة واحدة من هذا القرآن العظيم! وإذا أردت أن تفهم البناء الرياضي لأي سورة أو حتى آية في القرآن الكريم فعليك أن تفهم أولًا سلوك الأعداد الأوّليّة الصمّاء، حيث لا يمكن تتبّع مسارات النسيج الرقمي القرآني المعجز إلّا من خلال فهم سلوك هذه الأعداد وطريقة توزيعها، وذلك لأن كل حرف وكل كلمة وآية وسورة في القرآن قائمة على نظام إحصائي دقيق جدًّا من هذه الأعداد الأوّليّة التي لا تزال سرًّا ولغزًا محيّرًا، ولا يزال العلماء في حيرة من أمرهم بشأن طريقة توزيعها. وإن النسيج الرقمي القرآني بقدر ما هو معقَّد، فإنه يلتقي مع الأعداد المركّبة في العديد من المواضع التي يمكن فهم بعض مدلولاتها الرقميّة المتعددة، وهذه المواضع هي التي تعرّضنا لنماذج محدودة منها في ثنايا هذا الموقع (طريق القرآن).
وهكذا ظلت الأعداد الأوّليّة عبر القر
ون حتى يومنا هذا لغزًا يحيِّر العالم، وبرغم ملايين المحاولات المضنية التي قام بها علماء الرياضيات عبر القرون، فلم يتوصّل العالم إلى أي نتائج ملموسة لفهم سلوك الأعداد الأوّليّة أو ترويضها، وبرغم ذلك فهم يستخدمونها في العديد من المجالات. والقرآن العظيم سبق العالم بقرون من الزمان في استخدام خصائص هذه الأعداد ومراتبها في تعزيز المعنى المراد، بل والأعجب من ذلك فإن النسيج الرقميّ القرآني كلّه يقوم على الأعداد الأوّليّة!
وإن العرب برغم أنهم هم الذين وضعوا أسس الرياضيات، وبراعتهم في علم العدد بشكل عام، فإنه لم يكن لهم أي دور يُذكر في محاولة فهم سلوك الأعداد الأوّليّة الصماء! حتى إنك إذا بحثت في جميع معاجم اللُّغة العربية اليوم العامة منها والمتخصِّصة فلن تجد فيها معظم المصطلحات والمفاهيم العلمية المتعلقة بالأعداد الأوّليّة، برغم ثراء اللُّغة العربية وغناها! وفي ذلك دليل دامغ وحجّة بالغة ضد كل من يكذب بهذا القرآن.
وهنا نتساءل: هل كان مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- خارج سياق عصره وبيئته، وسابقًا لزمانه بآلاف السنين، وبارعًا في الرياضيات وعلم العدد لدرجة توظيف الأعداد الأوّليّة بهذه الطريقة المحكمة في نظم القرآن؟!
فكيف إذًا نفسِّر توظيف القرآن العظيم لخصائص هذه الأعداد ضمن نظمه الرقميّ المحكم؟!
هنا بيت القصيد وهنا الحجَّة البالغة والقول الفصل في شأن القرآن العظيم!
إن هذا القرآن الذي نزل قبل أكثر من أربعة عشر قرنًا يضع المكذِّبين به أمام خيارين اثنين:
إما أن يعترفوا بأن نظم القرآن هو من عند الله الذي يعلم سر الأعداد الأوّليّة، ولذلك وظَّفها في نظم كتابه، وإمَّا أن يتوهموا بأن مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- كان يعلم سرَّ هذه الأعداد ولذلك وظَّفها في نظم القرآن بطريقة متقنة! ولكن كيف علم بسر الأعداد الأوّليّة بينما عجز العالم بأسره؟
ألم يخصِّصوا الجوائز المالية الضخمة لمن يسهم في حل لغز هذه الأعداد؟
وكيف علم بسرِّها في وقت لم تكن هناك برامج رياضية متطوِّرة يستعين بها كما هو متاح اليوم؟!
وكيف علم بسرِّها ولم يكن للعرب أي دور أو محاولة حتى الآن في حل لغز الأعداد الأوّليّة؟!
إن القرآن العظيم يريح الجميع من عناء الإجابة عن كل هذه الأسئلة:
{ قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِيْ يَعْلَمُ السِّرَّ فِيْ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيْمًا (6)} [الفرقان]
-----------------------------------------------------------------------------
المصدر:
مصحف المدينة المنَّورة برواية حفص عن عاصم (وكلماته بحسب قواعد الإملاء الحديثة).
عن موقع طريق القرآن