ملخص الموضوع .. للعقيد متقاعد / اسامة الصادق (منقول للامانة )
هام
من فضلك لا تقرأ هذا المقال إلا بتمعن و تركيز
العقيد متقاعد / أسامة الصادق
شرح وتصحيح لما ينشر عن وجود رفات جنود مصريين بمتنزه إسرائيلى :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا المقال تم نشره فى رواية ( نور العيون للمؤلف أسامة على الصادق ) على لسان الملازم ( اللواء ) ممدوح طوبا وهو من عاصر و زامل شهداء معركة الغدر والخيانة لجنود الصاعقة الذين دخلوا الأردن للإجهاز على المطارات الحربية الإسرائيلية :
أيضا الزميل اللواء عبدالحميد شراره تم دعوته لحضور إحتفال فى مكان النصب التذكارى لهؤلاء الشهداء تقريبا عام 1998 .
الحكاية لا سر ولا كارثة كما يتشدق البعض وأن مصر لم تعلم بما حدث والدليل ما سوف تقرأه فلا يمكن لمن تم الغدر به ونجا أن يقوم بحمل زميله الشهيد تلك المسافة .. وشاهدوا مقابر العلمين وايضا مقابر جنود المحور فى الحرب العالمية الأولى بالقرب من مدينة فايد ومنارة على البحيرات بمحافظة الإسماعيلية .
أقرأ ايها المصرى المخلص وترحم على من لقى حتفه وجميعهم دون الخامسة والعشرين وتم دفنهم بعيدا عن موطنهم الأصلى لكنها جميعا أرض الله وآلاف من الحجاج المصريين تم دفنهم فى البقيع بالأراضى السعودية خلال موسم الحج بل خلال عملهم بالسعودية وبرجاء البعد عن المزاح والإستظراف فهم شهداء واحياء عند ربهم يرزقون اى عايشين بياكلوا احسن منا حالا فلا يجب أن نظل بأن نبخس بأنفسنا فى كل شىء حتى الشهادة فى المعارك نظير خيانات من اخوة عرب ذهبنا للدفاع عنهم فوجهوا الرصاص فى ظهور ابنائنا ونقد واستظراف البعض يأخذه بعض هؤلاء بمحمل الجد ويوجهون سهامهم علينا .
تــــــــــــــــــــابع وممكن تعلق :
شــــــاهد عيـــــــــــــــــان :
..........................................
الملازم ممدوح طوبا:
فى الأول من شهر يونيو من عام 1967 صدر الأمر بالتوجه إلى مدينة (عمان) عاصمة الأردن وحضرت بعض الطائرات الضخمة من طراز أنتينوف الروسية لنقل الجنود .
..
أقلتنا الطائرات وهبطت بنا فى (قاعدة الملك حسين الجوية) القريبة من عمان حيث كان فى استقبالنا الملك (حسين) بشخصه وجميع الوزراء وقيادات الجيش الأردنى و بحضور الفريق (عبدالمنعم رياض) قائد الجبهة الشرقية فى ذلك الوقت.
..
تجمعت قوة الصاعقة التى كان قوامها كتيبتين، الكتيبة الأولى توجهت إلى منطقة (رام الله) والكتيبة الثانية توجهت بالقرب من مدينة (نابلس) والمنطقتان تقعان بالضفة الغربية لنهر الأردن .
..
كنت من ضمن رجال الكتيبة الأولى، حُدد لنا أحد المعسكرات الذى كان تابعاً للجيش الأردنى كى نُقيم فيه، بقينا بهذا المعسكر من يوم 2 يونيو حتى اليوم الخامس من يونيو كنا فى شغف لدخول المعارك .
..
كنا نشعر بإحباط لطول مدة الانتظار منذ رفعت درجات الاستعداد والوقت يمر بنا يومياً دون جديد، ومع طول الوقت تخمد القوة الدافعة لزهوة القتال والرغبة فيه .
..
ومن أجل القضاء على الملل كنا نقوم بعمل استعراض عسكرى داخل مدينة رام الله حيث كانت الجماهير تصفق وتهلل لنا بهتافات تُمجد وتُحيى أبوخالد (جمال عبدالناصر) وخلال تلك الساعة اندلعت حرب عام 1967 مما دفع القيادة لإنهاء العرض قبل أن ينتهى وعدنا بسرعة للمعسكر انتظاراً لأية تعليمات أخرى.
..
حضر إلينا بعد ساعات قلائل قائد الجبهة الشرقية الفريق (عبدالمنعم رياض) وأطلعنا على الموقف العسكرى وما حدث لقواتنا الجوية والهجوم البرى على (سيناء) و(الجولان السورية) ومن أجل هذا أصدر أوامره لنا بالهجوم على قاعدة (عكير الإسرائيلية) وهى من أكبر المطارات الحربية الإسرائيلية التى تعتبر قريبة من مدينة (تل أبيب الإسرائيلية) نسبياً فلا تبعد عنها إلا بعدة كيلومترات من
جهة الشرق .
..
وذلك بعمل إغارة على القاعدة وتدمير الطائرات الحربية بأماكنها ونسف ممرات الإقلاع والهبوط كى نعمل على إرباك الطيران الإسرائيلى حتى تستعيد القوات الجوية المصرية عافيتها من أثر الضربة الجوية المدمرة على المطارات المصرية وإنهاء التفوق الجوى الإسرائيلى.
..
زودنا الجيش الأردنى بعدد من الأدلاء الذين يعلمون الطريق من رام الله حتى مطار قاعدة (عكير الإسرائيلى) والذى سوف نسلكه لأنه يتحاشى المناطق الفلسطينية الآهلة بالسكان لدواعى الأمن والسرية .
..
كانت المعلومات المتيسره سواء من قراءتها على الخريطة أو من أصحاب المنطقة والأدلاء أن المسافة بيننا وبين القاعدة لاتزيد عن 18 كيلومتر تقطع خلال ثلاث ساعات.
..
قام قائد الكتيبة بتوزيعنا لمجموعات حسب المهمة المطلوبة منا، فهذه مجموعة لنسف الرادار الذى يكشف الطائرات المعادية ويقوم بتوجيه الطائرات لأهدافها .
..
مجموعات للهجوم على مخازن الذخيرة المتفرقة وما أكثرها تنوعاً وبالتالى لا تستطيع أى طائرة حمل أى ذخائر وبالتالى تنعدم فاعلية أى طائرة تستطيع الإفلات من التدمير .
..
تحركت القوات ليلا بوحدات صغيرة منفصلة مع وجود أدلة بالأمام والخلف مع تأمين طريق السير خشية تدخل عناصر معادية.
..
كنا نتلمس الحذر الشديد أثناء السير فلم نشعل سيجارة أو نتحدث، كانت المتعلقات التى بحوزتنا لا تُحدث أصواتاً ولا ضجيجاً.
..
كانت سرعة السير معقولة والتى لا تتعدى ثمانية عشر كيلومتراً تُقطع فى ثلاث ساعات دون جهد وإرهاق بحيث نصل لأهدافنا ونحن مازلنا بصحة وقدرة ونشاط .
..
كنا نخشى كلاب الحرب التى تقوم بحراسة القاعدة ولدينا معلومات مؤكدة عن هذا الأسلوب، استطعنا أثناء السير القبض على بعض الكلاب الضالة وقتلها وكل واحد منا وضع كفه بدماء الكلاب وطبع بها على الأفرول الذى يرتديه ووجهه كى نضلل كلاب الحرب فلا تشم رائحة عرق الجنود.
..
تعدت مدة السير الثلاث ساعات وبسؤال الأدلة أفادوا بأنهم سلكوا طريقاً آخر لشعورهم باحتمال أن يكون العدو قد أعد كمائن على الطريق الواصل إلى القاعدة الجوية .
..
ظللنا نسير وتعدى الوقت خمس ساعات ولم نصل بعد ووصل حال الرجال إلى الإرهاق والجهد وكلما سألنا الأدلة يؤكدون أنها عدة كيلومترات ونصل لهدفنا .
..
أخيرا اقتربنا من الوصول للهدف المنشود، اقترب موعد الفجر بعد أن سرنا قرابة الأربعين كيلومترا أرهقت القوات سواء من طول الطريق أو عدم الراحة والنوم .
..
كل مجموعة أخذت وضع الاستعداد لتنفيذ مهامها المنوطة بها، كنا قد درسنا خريطة القاعدة الجوية منذ أيام سابقة ونعلم أن محيط تلك القاعدة حوالى عشرين كيلومتراً ولهذا توزعت القوات على محيط القاعدة .
..
حُددت (ساعة الصفر) للهجوم بحيث تكون جميع القوات قد أحاطت بالقاعدة من كل جهة وتم ضبط الساعات.
..
فجأة غمر المكان أضواء شديدة منبعثه من كشافات من كل اتجاه أعقبها أصوات مدافع رشاشه تدوى فى كل مكان وكل جهة، وشاهدنا القاعدة على أضواء الكشافات والتى لم تكن القاعدة الجوية بل معسكراً للجيش الإسرائيلى فارغاً من الجنود .
..
تساقط الرجال من حولى والدماء الغزيرة تندفع من الأجساد المرهقة المتعبة، سمعت صيحات الألم وآهات الموت وحشرجة خروج الأرواح من الأجساد الشابه العفية .
..
شاهدت من تبقى على قيد الحياة فكان منهم من يهرول ويجرى فى عكس اتجاه النيران ومنهم مَنْ يطلق نيران رشاشه على مصدر الضوء ومصادر إطلاق النار .
..
كنت من الفصيل الذى أسرع بالعَدْو للنجاة من تلك المجزرة ومعى اثنان وعشرون جندياً والتى تأكد لى وقتها أن الأدلة كانوا من الخونة المأجورين لأجهزة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية.
..
لقد وقعنا فى مصيدة أشد فتكاً من الحرب نفسها، ظللنا نعدو بأقصى ما لدينا من سرعة، فى تلك اللحظات أصبح هناك ما يُسمى بحـلاوة الروح كنت وقتها أشعر بهذا الشعور .
..
فالموت بتلك الطريقة شىء شديد القسوة (أن تموت فطيساً) كما يقول العامة، فلم تبدأ قتالاً ولم تُصب عدواً وضاعت حياتك سُدى وتأكد لى أن نسبة 60% من القوات نالت الشهادة.
..
أسرع الكثير شرقاً باتجاه الضفة الغربية وكانت نيران مدفعية العدو تلاحقنا بغلالات متقهقرة وحدثت بعض الخسائر، لم نستطع مساعدة الجرحى وأصبحت المزارع والطرق إلى رام الله تغطيها جثث الشباب الذى قُتل غيلة بسبب خيانة هؤلاء المرتزقة الذين اختفوا فجأة قبل إطلاق نيران المدفعية كأنهم كانوا يحملون معهم شيئاً يخبر قوات العدو متى تبدأ الهجوم علينا وفى أى اتجاه.
..
أثناء العَدْو شرقاً للنجاة بأنفسنا كنا نُشاهد جنوداً إسرائيليين يحتلون الهضاب والمرتفعات وهم يلوحون لنا معتقدين أننا جنود من اليهود مثلهم وحين الاقتراب من موقعهم ويتضح أمرنا يقومون بفتح نيران الرشاشات علينا فتحدث بيننا إصابات أخرى .
..
كما لحقت بنا قوات العدو بنيران مدافع الهاون لمن هرب من نيران رشاشاتهم وتزايدت أعداد المصابين والقتلى، ثم تلى هذا اندفاع بعض الدبابات والعربات المدرعة لمطاردتنا وفتح النيران علينا، كنت أشعر بأنهم راغبون فى القضاء علينا وإبادتنا بإحداث أكبر خسائر بيننا.
..
واصلت العَدْو ( الجرى ) حتى وصلت إلى قمة تل مرتفع، بنظارة الميدان حاولت استيضاح الموقف من حولى ولكن حدث أن انعكست أشعة الشمس على عدسات النظارة ولمح هذا بعض أفراد العدو وأمطرونى بقذائف الهاون ثم تلى هذا سماعى لأصوات وجلبه .
..
حين أنصت لاستيضاح طبيعة هذا الصوت كانت المفاجأة : مجموعة من الدبابات والعربات المدرعة القادمة لأسرى أو قتلى، مما دفعنى للعدو بأقصى سرعة حيث كنت أشعر بأن الرصاصات التى تطلقها المدافع الرشاشة تحيط بى من كل جانب.
..
أثناء مطاردة قوات العدو لى كنت ومازلت أصعد التلال وأهبط حتى شاهدت فجأة أمامى وعلى مسافة تقدر بحوالى أربعة كيلومترات مدينة (القدس) و (المسجد القصى) و (مسجد قبة الصخرة) .
..
كانت الأرض بتلك المنطقة سهلة مسطحة وخشيت أن أصبح هدفاً مباشراً وسهلاً لقوات العدو ومن أجل هذا ظللت مختبئأ بالتلال التى كنت أهرب من خلالها تفادياً لنيران العـدو تلك التلال تعمل على حمايتى والمساعدة على إخفائى من مراقبتهم، وشعرت بأنهم وضعوا قوات بكل مكان للقضاء علينا ولم تكن هناك محاولات للأسر.
..
من أجل هذا شعرت بالإرهاق وبأن النوم يغالب رأسى وفى نفس الوقت كنت أخشى من هجوم مباغت لقوات العدو، كنت خلال هذا أقف على آخر تل يفصل منطقة التلال عن مدينة القدس .
..
مازالت الحاجه الملحة للنوم تهاجمنى وشعرت بأنه بعد دقائق سوف أسقط مغشياً علىّ وفى نفس الوقت خشيت من هجوم مباغت لقوات العدو كى تعمل على قتلى أو أسرى.
..
ومن أجل هذا قمت بنزع فتيل القنابل اليدوية الدفاعية الأربعة التى بحوزتى ووضعت كل قنبلة فوق الذراع المؤدية لحركة القنبلة وإذا انفصلت الذراع عن القنبلة تنفجر مباشرة وهذه القنبلة لها تأثير قاتل يصل قطره لمسافة 50 متر بجميع الجهات.
..
وضعت القنابل متجاورة وقمت برش بعض الرمال فوقها كى لا تظهر إذا هاجمنى الأعداء، قررت وضع تلك القنابل بتلك الطريقة كى أستطيع بحركة بسيطة سواء بيدى أو بقدمى من تحريكها فينفصل الذراع عن جسم القنبلة ويندفع المفجر تحت ضغط ألى وتتم الحركة الانفجارية .
..
سقطت فى نوم عميق هادئ كأننى أعيش وأنام بمنزلى بمصر الجديدة وليس فوق الصخور وأسفل أشعة وحرارة شمس صيف يونيو من هذا العام وتحيط بى أربعة قنابل يديوية قابلة للانفجار لو حدثت أى حركة فجأئية غير مقصودة من أقدامى، أو حتى أقبل أحد الحيوانات وسار بالقرب من تلك القنابل لانفجرت ولقيت مصرعى فى الحال.
..
مهمة بداخل سيناء
تنبهت من نومى وشعرت بأن شمس ذلك اليوم الدامى تكاد تغادر سماء المنطقة حزناً على أرواح الشباب الذين قُتلوا غيلة وبدسيسة من الإسرائيليين الملاعين ومَنْ يتبعهم من الخونة الذين قاموا بعمل الأدلة أمام قواتنا*
..
نهضت من نومى أحسن حالا وشعرت بحسن التفكير وأن حالة فقدان السيطرة غادرت رأسى وأستطيع الآن تدبر أمر نفسى، قمت بتأمين القنابل اليدوية بكل حرص بأن وضعت على كل قنبلة التيلة الصلب التى تمنع ذراع القنبلة من الحركة فلا تتم الحركة الميكانيكة التى تؤدى للانفجار والهلاك.
..
فقرة مستقلة نهاية الصفحة *
إستطاعت المخابرات العامة المصرية الوصول لهؤلاء الأشخاص ومعاونيهم والذين كانوا أدلة لقوات الصاعقة وتسببوا فى تلك الخسائر وقامت بقتلهم وتم هذا خلال شهر أبريل من عام 1968
..
بلغ عدد هؤلاء الخونة 17 فرداً لكن المشكلة أن بعض أسر هؤلاء الخونة لقوا مصرعهم من أثر عملية التفجير التى أودت بحياة هؤلاء المجرمين حيث قُتلوا جميعا أثناء قسمة أنصبتهم المادية من المكافأة الممنوحة لهم من المخابرات الإسرائيلية نظير ما قدموه خلال عملية الغدر والخيانة خلال العام الفائت ضد رجال الصاعقة المصرية .
..
عاون المخابرات العامة للوصول لهؤلاء المجرمين أحد عملاء الموساد الإسرائيلى وهكذا انتقمت إسرائيل ومصر من الخائن الذى أدى لمقتل أكثر من 560 شاباً مصرياً بكل من نابلس ورام الله وفشل عملية تدمير الطائرات المعادية.
..
قررت مواصلة السير باتجاه مدينة القدس فقد شعرت بشدة الظمأ والجوع نظرت إلى ساعة يدى وعلمت أن موعد الغروب قد اقترب وسوف يهبط الظلام خلال ثلاث ساعات على أقصى تقدير .
..
أثناء سيرى لمحت شخصاً قادماً من على ُبعد فاختبأت حتى ابتعد عنى وواصلت سيرى فشاهدت شخصاً آخر يقطع علىّ الطريق ولو واصلت السير سوف يشاهدنى وقد يطلق علىّ النيران اختبأت انتظاراً لأن يغادر المكان لكنه ظل واقفاً يُشاهد ويتابع المنطقة .
..
ظللت بمكمنى حتى أقبل الظلام، تسللت سائراً بالقرب منه راغباً فى القضاء عليه بذبحه بالخنجر الذى معى .. لكن للأسف لقد اكتشفت أننى ضيعت ثلاثة ساعات هامة من وقتى وتحملى للجوع والظمأ من أجل خوفى من (خيال مآته) الذى يُوضع بالأراضى الزراعية كى يُخيف الطيور وهكذا فقد أخاف خيال المآته أحد رجال الصاعقة المصرية!!!
..
أثناء الظلام وفى بداية الليل اقتربت من قرية فلسطينية، كنت أسير على محيطها من على بُعد ولم أغامر بالدخول إليها، شاهدت بئر مياه مبنى على هيئة دائرة من الحجر ارتفاعها عن الأرض حوالى المتر .
..
حاولت الوصول للماء فلم تصل يداى له، قمت بربط حزام نظارة الميدان والقايش الخاص بى وبالزمزمية التى وصلت لسطح المياه فابتلت فقمت بسحبها وعصرت مشمع الزمزمية بفمى، قمت بهذا العمل عدة مرات حتى شعرت بارتواء .
..
هكذا تخلصت من مشكلة العطش ومطلوب منى البحث عن طعام كى أستعيد نشاطى فمعدتى خاوية منذ أكثر من 48ساعة بالإضافة إلى المجهود الشديد الذى تحملناه سواء بالسير لتدمير المطار لمسافة تصل إلى 40 كيلو أو لما قطعته من عَدْو، من لحظة الهجوم علينا صباح ذلك اليوم حتى الآن والذى لا يقل عن 30كيلومتر.
............
بعد قليل أقبل باقى الجنود والتقيناً معاً وعاد إلينا بعض الهدوء النفسى الذى غادرنا منذ مذبحة الأمس الرهيبة، طلبت منهم الراحة وأخبرت خليل بحاجاتنا للطعام فأظهر موافقته متوجهاً لمنزله، خشيت أن يقوم بالإبلاغ عنا وأن يأتى بصحبتة بعض جنود الأعداء ويقتلونا فما حدث بالأمس جعلنى فى حالة من الشك الكامل لكل أبناء الضفة الغربية رغم مخالفة هذا لحقيقة هؤلاء الناس الطيبين .
..
لهذا اختبأت مع جنودى وانتشرنا على هيئة دائرة بفواصل نستطيع خلالها أن نراقب أى شخص قادم دون الاندفاع فى إطلاق النار عليه حتى نتأكد من أنهم ليسوا بأعداء .
.................
استكملنا السير ونحن نُراقب جميع الاتجاهات من حولنا فقد أصبحنا لقمة سائغة لمن حولنا فلم نعد نعرف مَنْ هو العدو ومَنْ هو الصديق .
..
فما حدث أمس من خيانة رهيبة أدت إلى فشل مهمتنا المقدسة فشلاً زريعاً وبخسارة فادحة بالأرواح وتركنا جثث زملائنا التى مزقتها رصاصات العدو مُلقاة على الطريق الذى كنا نسلكه .
..
كل هذا دفع بنا لعدم الثقة إلا بزملائنا فقط، أنها الحرب .. كنت أتذكر كلمات قائدى السابق النقيب عمر الفاروق : أيها الرجال الأوفياء الأعزاء للوطن، إياكم وحسن الظن بالآخرين أثناء المعارك، فالحروب تغلفها الدسائس والخيانه والغدر، لا يجب على أى فرد منكم مهما شاهد ولمس ممن يحيـطون بنا من المدنيين أنهم مخلصـون، فالعدو برغب فى تجنيد الآخرين تحت إغراءات الرشوة بالمال والتهديد بالقتل والمساومة .
..
من أجل هذا لا يجب أن يسيطر عليك شعور بالإخلاص إلا لمن يجاورك ويحمل السلاح معك، هدفكم واحد ونهايتكم واحده وانتصارك من انتصاره وخسارتك من خسارته .
..
كما أهيب بكم إذا كانت أرض المعركة خارج الوطن فيجب عليكم الحذر والحيطة فلا نعلم ما بداخل هؤلاء الناس، فهناك يعلمون أن انتصار مصر يعود عليها وأن الهزيمة من نصيبهم لأنهم أضعف عقول والأفكار التى تملأ رءوسهم وحساباتهم غير حساباتنا .
..
نحن المصريين معرضون لكل أنواع الكره والحقد من بعض ممَنْ يعملون بجوارنا وبدول قريبة تجمعنا معهم الأهداف والمصير، ولكنهم لن يقفوا بمفردهم فى مواجة العدو.
..
لقد شاهدت مثل تلك الأفعال ومن مثل هؤلاء الأفراد حينما كنت أخدم مع قواتنا بجمهورية (اليمن) التى توجهنا لنصرة ثورتها، كنا نشاهد الخيانة ممن يقفون معنا وينامون بجوارنا ويمدون أيديهم ليحصلوا على طعامهم من نفس الأطباق التى نأكل منها .
..
كنت أعلم أنه بعد كل لقاء بمثل هؤلاء الذين نطلق عليهم القوات الصديقة أنهم أول مَنْ يُرشد عملاء النظام السابق لملك اليمن المخلوع أو لعملاء القوات البريطانية بعدن عن أماكننا .
..
وتكون النتيجة القتل غيلة لبعض رجالنا سواء بالكمائن أو بالهجوم المباغت فقد علموا بأسرار تحركاتنا والهدف الذي ننشده من القتال فتكون المصائد معدة لنا بإستمرار.
..
اعتمدنا على أنفسنا فنحن نملك الخبرة والخرائط التى توضح الهدف وأيضا البوصلة التى تحدد اتجاه الشمال، ومن هذا الاتجاه يمكنك ربط زاوية السير التى سوف نتبعها من نقطة تواجدنا حتى الهدف المنشود .
.............
لقد ذُبحنا مثلما تُذبح الأنعام وانتشرت دماء وأشلاء الشباب المصرى الطاهر الذى كانت وجهته مقاومة العدو الذى تجرأ على الأرض والعرض.
..
لن نظل فى إنتظاره لقتلنا وسفك دمائنا، بعد ساعة زمن هلّ علينا الشباب بالطعام والشراب محاولين بكلمات طيبة إخراجنا من حالة الحزن والألم التى تعتصر القلوب.
..
الحمد لله إلتقينا بالمخابرات العامة المصرية التى سهلت لنا الإقامة بالأردن وتمت عملية ادارية للجميع من النظافة وصرف ملابس مدنية وطعام وشراب وراحة لعدة ايام ثم تحركنا بأتوبيسات سياحة إلى سوريا ومنها إلى تركيا ثم العودة للقاهرة بسفن تجاريه تمويها للموساد الإسرائيلى الذى كان يتابع ما تبقى من قوات الصاعقة التى تم تدمير اكثر من 50% من رجالها بغرض الإجهاز علينا .
............................
النصب التذكارى برام الله الفلسطينى
الذى تتحدث عنه إسرائيل بانهم اكتشفورا رفات جنود مصريين وهذا النصب تقوم الحكومة المصرية بالإنفاق عليه وعلى البستان المحيط بها كل عام فى ذكرى إستشهادهم لكنها إسرائيل صاحبة الفتن والقلائل والإشاعات المغرضة .
عقيد متقاعد / أسامة الصادق