شهادة أمة محمد على غيرها من الأمم

إنضم
8 يونيو 2015
المشاركات
19,469
التفاعل
66,987 830 0
الدولة
Saudi Arabia
شهادة أمة محمد على غيرها من الأمم

هذه الأمة أمة وسطية
لأنها لم تغل غلو النصارى في أنبيائهم, ولا قصروا تقصير اليهود في أنبيائهم
فالنصارى غلو حتى عبدوا المسيح عليه السلام
واليهود جفو حتى شتموا الأنبياء وسبوهم ورموهم بعظائم الأمور
وفي الأثر:
(خير الأمور أوسطها)

وثبت في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يدعى نوح عليه السلام يوم القيامة فيقول:
لبيك وسعديك يا رب! فيقول: هل بلغت؟
فيقول: نعم، فيقال لأمته: هل بلغكم؟
فيقولون: ما أتانا من نذير
فيقول الله سبحانه وتعالى لنوح عليه السلام: من يشهد لك؟
فيقول نوح عليه السلام: محمد وأمته
فيشهدون أنه قد بلغ

فذلك قوله عز وجل:
((وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا))

من أين ستشهد هذه الأمة أن نوحاً بلغ؟!
لأنهم يؤمنون بالقرآن، والقرآن حكى لنا أن نوحاً عليه السلام بلغ أمته
وهو خبر الله سبحانه وتعالى الذي لا مراء فيه.


وفي رواية :
(ستقول فيكم الأمم: كيف يشهد علينا من لم يدركنا؟!
فيقول لهم الرب سبحانه وتعالى-يعني للمسلمين-:
كيف تشهدون على من لم تدركوا؟
فيقولون: ربنا بعثت إلينا رسولاً، وأنزلت إلينا عهدك وكتابك، وقصصت علينا أنهم قد بلغوا
فشهدنا بما عهدت إلينا، فيقول الرب: صدقوا
فذلك قول الله عز وجل:
(وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً)).


وقال الإمام البخاري رحمه الله تعالى: باب ثناء الناس على الميت
عن أنس بن مالك رضي الله عنه يقول:
(مروا بجنازة فأثنوا عليها خيراً
فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
وجبت

ثم مروا بأخرى، فأثنوا عليها شراً
فقال: وجبت
فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما وجبت؟
قال صلى الله عليه وسلم:

هذا أثنيتم عليه خيراً فوجبت له الجنة
وهذا أثنيتم عليه شراً فوجبت له النار

أنتم شهداء الله في الأرض)

قال الحافظ: المراد بالوجوب الثبوت
لأن الشيء الثابت في صحة الوقوع كالواجب
والأصل أنه لا يجب على الله شيء، بل الثواب فضله والعقاب عدله، لا يسأل عما يفعل.


وقال أيضاً في قوله صلى الله عليه وسلم:
(أنتم شهداء الله في الأرض)
أي: المخاطبون بذلك من الصحابة ومن كان على صفتهم من الإيمان
والبعض خصص ذلك بالصحابة رضي الله تعالى عنهم
والصواب أن ذلك يختص بالثقات المتقين


ويقول تبارك وتعالى:
{وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا}
وهذا أيضاً بنفس معنى هذه الآية الكريمة.

قوله تبارك وتعالى هنا:
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}
هذه اللام إما أنها لام الصيرورة والعاقبة
وإما أنها لام التعليل، فإذا قلنا:
إنها لام الصيرورة والعاقبة
فالمعنى: وكذلك جعلناكم أمة وسطاً؛ فآل الأمر بهدايتكم وجعلكم وسطاً أن كنتم شهداء على الناس.


والناس هنا أهل الأديان الأخرى
وإذا قلنا أنها لام التعليل وهذا هو الأصل فالمعنى:
جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا:
أي: لأجل أن تكونوا شهداء على الناس أي رقباء عليهم
لدعائهم إلى الحق وإرشادهم إلى الهدى، وإنجائهم مما هم فيه من الزيغ والضلال

كما كان الرسول شهيداً عليكم بقيامه عليكم بما بلغكم وأمركم ونهاكم وحذركم وأنذركم
وعلى هذا القول، فتكون هذه الآية نظير قوله تعالى:
{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}
فكذلك هنا قوله تعالى:
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا}
وهذا تعليل، أي: كي تكونوا شهداء على الناس
فالوسط بمعنى الخيار
وقد صرح به في قوله تعالى:
{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}
وإلى هذا المعنى يشير مجاهد في تفسيره لهذه الآية الكريمة حيث قال:
لتكونوا شهداء لمحمد عليه الصلاة والسلام على الأمم: اليهود والنصارى والمجوس
لأنكم نواب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إقامة الحجة على الأمم.

يعني أن هذه الأمة نائبة عن الرسول عليه الصلاة والسلام في إقامة الحجة
فإذا قصرت هذه الأمة في ذلك فكيف يصلحون أن يكونوا شهداء؟
وكيف تكونون شهداء وأنتم ما بلغتموهم وقصرتم في إقامة الحجة عليهم؟
فلا بد أن نُشهِد نحن الأمم جميعاً على أحقية إرساله صلى الله عليه وسلم إليها
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو وظيفة هذه الأمة كما وصفها الله تبارك وتعالى بذلك في قوله:
{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}

وكما وصف نبيه عليه الصلاة والسلام بقوله:
{يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ}
ووصف المؤمنين بقوله:
{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}


نحن في هذا الزمان لابد أن نعرف مكان هذه الأمة التي ننتسب إليها
وهذا الدين الذي ننتسب إليه

نحن لسنا من سقط المتاع، ولسنا بذيول الأمم
وإنما الموقع الطبيعي لنا أن نكون في قمة البشرية
وأن نكون مهيمنين عليها لقيادتها إلى الخير وإلى ما يرضي الله تبارك وتعالى
فهذه الأمة هي أكمل الأمم على الإطلاق
وإذا تمسكت بالقرآن والسنة فحينئذ تكون أكمل الأمم وأعلى الأمم وأشرف الأمم على الإطلاق
وليس ذلك على أساس اللون ولا العنصر ولا الأجناس ولا الغنى ولا الدنيا
ولذلك ذم الله هؤلاء السفهاء الذين يفتنون بالكفار ويغترون بما آتاهم الله سبحانه وتعالى من متاع الدنيا وتقلبهم في البلاد
ولا يمكن أبداً أن يكون تفضيلهم للكفار على أساس دينهم
وإنما تفضيلهم لهم على المسلمين هو على أساس أي شيء من أمور الدنيا
أو عرض من أعراضها:
الغنى، المباني، الجمال، الخضرة، التفوق في أمور الدنيا
لكن لا يمكن أبداً أن يكون ذلك تكريم
قارن في أي شيء من أمور الدين وفي أمور الآخرة
ستجدهم في أسفل سافلين بل أحط من البهائم والأنعام كما قال تعالى:
{أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ}
ولذلك ندبنا النبي صلى الله عليه وسلم أن ننظر في الدين إلى من هو فوقنا
وننظر في الدنيا إلى من هو أسفل منا
كي لا نزدري نعمة الله علينا، فالذين يفتنون بهؤلاء الكفار يعكسون وصية النبي صلى الله عليه وسلم ويخالفونها
فهم ينظرون إلى من فوقهم في الدنيا
ولا ينظرون لحالهم في الدين

 
عودة
أعلى