يمثل القمح حوالي 20٪ من السعرات الحرارية والبروتينات في النظام الغذائي البشري النموذجي، ما يجعله أحد أهم المحاصيل الغذائية التي يعتمد عليها الإنسان.
ولزيادة إنتاجه عالميًّا بتكاليف أقل، تقترح دراسة نشرتها دورية "بروسيدينجز أوف ذا ناشيونال أكاديمي أوف ساينس" (PNAS) اليوم "الإثنين"، 27 يوليو، استخدام أساليب الزراعة العمودية (الرأسية) في زراعة القمح.
بعد تجارب عملية، وجد فريق بحثي من عدة جامعات أمريكية -بينها جامعتا "برنستون" و"فلوريدا"- أنه لدى المقارنة بأساليب الزراعة التقليدية في الحقول، تتطلب الزراعة العمودية مساحةً أقل من الأرض، وتستهلك كميات أقل من المياه ومبيدات الأعشاب والمبيدات الحشرية، وتؤدي إلى فقدان أقل للمغذيات في البيئة والتربة الزراعية.
وتشير النتائج إلى أن الزراعة العمودية الداخلية قد تُسهم في تعويض النقص في إنتاج الغذاء، مشيرةً إلى أن "منطقة الشرق الأوسط تُعد من أكثر مناطق العالم استفادةً من هذا النمط من الزراعة، خاصةً أنها ذات تاريخ قديم في زراعة القمح بسلالات مختلفة، إضافةً إلى اعتماد كثير من دول المنطقة حاليًّا على استيراد القمح. لذلك فإن منطقة الشرق الأوسط تُعَد المنطقة المُثلى لمثل هذا النوع من الزراعات".
نفذ الفريق البحثي نموذجَي محاكاة لنمو القمح على مساحة هكتار من الأرض في منشأة عمودية داخلية تتكون من 10 طبقات تحت مستويات الإضاءة الصناعية ودرجة الحرارة ومستويات ثاني أكسيد الكربون المُثلى.
ووفقًا لنتائج التجارب العملية، يمكن للزراعة العمودية أن تنتج ما لا يقل عن 700 طن من الحبوب سنويًّا للهكتار الواحد (يمكن أن تزيد أو تقل بمقدار 40 طنًّا)، ويمكن أن يصل الإنتاج إلى 1940 طنًّا من الحبوب سنويًّا للهكتار الواحد (يمكن أن تزيد أو تقل بمقدار 230 طنًّا)، وهو ما يعادل 220 إلى 600 ضِعف المتوسط العالمي الحالي لمحصول القمح السنوي الذي يقدر بـ3.2 أطنان للهكتار الواحد.
يقول بول جوثيير -أستاذ علم النبات المشارك في جامعة برينستون، والباحث الرئيسي في الدراسة- في تصريحات لـ"للعلم": في الحقل، كان الرقم القياسي العالمي الأحدث المسجل في موسوعة "جينيس" هو 17.398 طن/هكتار في نيوزيلندا. ومن خلال دراستنا، أثبتنا أنه في ظل بيئة متحكَّم بها، قد يكون من الممكن بالفعل تحقيق إنتاج أكبر من هذا الرقم المسجل بـ100 مرة. كما أثبتنا أن نموذجنا قابلٌ للتطبيق، وأن سعر الدقيق سيكون أقل مما يُعتقد بكثير.
ويضيف "جوثيير" أنه وفريقه البحثي استخدموا نموذجًا حديثًا للقمح، وطبقوه على تصميم مبنى المزرعة العمودي المصمم من قِبَل الفريق، بحيث يحتوي كل طابق واحد على 10 طبقات من القمح بعضها فوق بعض، بحيث تُبذر البذور من أحد جانبي المبنى، ويتم الحصاد من الجانب الآخر.
ويتابع: وكغيرها من أنماط الزراعة الجديدة، تواجه الزراعة العمودية بعض التحديات، لكن التحدي الرئيسي فيما يتعلق بتنفيذ مثل هذا النظام الزراعي العمودي هو الطاقة المطلوبة لتوفير الظروف المناسبة لنمو القمح، والتي تعتمد الدراسة لتوفيرها على أنظمة LED الموفرة للطاقة، و أعتقد أن الشيء المثير حقًّا بشأن هذه النتائج هو أنها تثبت أن الزراعة العمودية يمكن أن تكون مساهمًا رئيسيًّا في تلبية الطلب العالمي على الغذاء في المستقبل في ظل تغيُّر المناخ وانعدام الأمن الغذائي.
زراعة القمح عموديًّا تساعد في تلبية الطلب العالمي على الغذاء
تستهلك كميات أقل من المياه والمبيدات الحشرية.. ومنطقة الشرق الأوسط هي المُثلى لتطبيقها
www.scientificamerican.com