طائرات دون طيار كمسار دفاعي اقتصادي

إنضم
6 فبراير 2022
المشاركات
8,754
التفاعل
8,857 47 1
الدولة
Saudi Arabia
  • طائرات دون طيار كمسار دفاعي اقتصادي
Author

طائرات دون طيار كمسار دفاعي اقتصادي​

أ.د. محمد العسيري
| الاثنين 11 أبريل 2022
*أستاذ وباحث في الهندسة الإلكترونية والأنظمة الدفاعية


اكتسبت الطائرت دون طيار كنوع من أنواع الابتكارات النوعية أهمية كبيرة سواء على المستوى الدفاعي أو المدني، وأصبحت هناك منافسات كبيرة بين كثير من الشركات والدول في العالم حول تصنيع هذه الطائرات، ويبلغ عدد الدول التي تستخدم هذه الطائرات وتعمل على تطويرها أكثر من 40 دولة، وذلك نظرا لما يحدثه استخدامها من أثر دفاعي واستراتيجي معا، إضافة الى استخدماتها الأخرى كالمدنية، في التوصيل والتصوير والبحث والإنقاذ، وحماية الحياة البرية والبيئة البحرية ومكافحة الحريق ومراقبة الكوارث وخطوط الأنابيب والدراسات والأبحاث وغيرها، واستخدماتها الأمنية أيضا، في مناسبات الحج والتجمعات العامة والمناسبات الرياضية وغيرها، ومن المتوقع اقتصاديا أن تسجل سوقها على مستوى العالم تزايدا ضخما خلال الفترة المقبلة، ويقدر حجم الإنفاق العالمي المتوقع ما يفوق الـ 100 مليار دولار، ولأهمية هذا الموضوع سيكون حديثي عن بعض أهم الدول والشركات على مستوى العالم التي تمتلك هذه التقنية المتطورة وتسيطر على إنتاجها وبيعها، وكيفية تحقيق مسار نوعي وفعال لتنافسية وريادة مستدامة على المستويين الدفاعي والاقتصادي.
تحتل الولايات المتحدة الأمريكية المقدمة بين دول العالم في تصميم وتطوير هذه التقنية وتنفق على برامجها الميزانيات الضخمة، قد تصل إلى مليارات الدولارت، ولذا نشاهد السوق الأمريكية هي المسيطرة في هذا المجال، وساعد على ذلك التقدم التكنولوجي والبحثي الذي تقوده عالميا، فعلى الصعيد الدفاعي هناك عديد من أنواع الطائرات دون طيار تعمل في القوات الأمريكية، مثل طائرات Predators، وPuma، وPioneer، وGlobal Hawk، وBlackJack وSentinel، وBoeing Insitu ScanEagle وغيرها، وتعمل وزارة الدفاع الأمريكية على تطوير معظمها من خلال مراكز البحوث والجامعات ومن خلال أبرز الشركات المصنعة، مثل لوكهيد مارتن، وبوينج، ونورثروب جرومان، وجنرال أتوميكس، وايروفيرونمينت وغيرها، ويمكن التنافس فيما بينها تارة والتعاون تارة أخرى من خلال عملية التصنيع والتطوير لحمولتها لتلائم المهمات المنوطة بها. أما من الناحية المدنية، ففي مدينة تكساس مثلا يتم استخدام الطائرات دون طيار للتوصيل حيث تم تطويرها لمدة عامين ونصف العام عن طريق شركة Wing التابعة لشركة Alphabet، وقد تجازوت عمليات التوصيل لأكثر من مئتي ألف عملية، والطلب في تزايد على هذا النوع من التطبيقات، كل ذلك يشير إلى نمو اقتصادي عالمي لهذه التقنية خصوصا مع تكاملها مع ابتكارات أخرى مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء.
وتأتي الصين في المرحلة التالية بعد الولايات المتحدة الأمريكية كونها تعد أهم الدول المصنعه للطائرات دون طيار، وتشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 80 في المائة منها المدنية في العالم تصنعها الشركات الصينية، وتعد شركة دي جيه آي تكنولوجي، أكبر شركة منتجه لها، كما يوجد عديد من الشركات الصينية العاملة في مجال البحث والتطوير لهذه الطائرات، وتصنيعها سواء المدني أو الدفاعي، ومن أفضل الشركات الصينية، إضافة إلى شركة DJI، شركة High Great، وShenzhen Damoda، وشركة صناعة الطيران الصينية، وشركة China Rainbow Drone وغيرها، وتدعم الحكومة الصينية هذا القطاع وحققت من خلاله نموا اقتصاديا مستداما في ظل الطلب المتزايد والحاجة المستمرة إلى هذا النوع من التقنيات، وفي ظل التطوير المستمر لها.
والجدير بالذكر أن مثل هذه المشاريع الخاصة بهذه الطائرات ليست حكرا على دول أو شركات معينة، فهناك الشركات التي تنافس بقوة في هذا المجال مثل شركة ليوناردو الإيطالية، وتتميز بأنواع معينة مثل طائرات FLACO، وسعيها لتطوير أكبر طائرة دون طيار على مستوى العالم بالشراكة مع شركة Skydweller، وتتميز بكونها أول طائرة دون طيار تعمل بالكهرباء بالكامل، ومن الشركات أيضا شركة تاليس الفرنسية وتتميز بنوع الطائرة Fulmar ويصل ارتفاعها إلى 3000 متر وسرعتها 150 كيلومترا في الساعة وقدرتها على التحليق لمدة ثماني ساعات، وكذلك شركة VTOL Technologies البريطانية، وشركة Parrot الفرنسية، وشركة EMT Penzberg الألمانية وغيرها.
وفي ظل مملكة الحزم والعزم، نجد أن مثل هذه البرامج كصناعة الطائرات دون طيار قد أخذت حيزا كبيرا من التنفيذ للمساهمة في تحقيق رؤية مملكتنا الغالية 2030، فعلى سبيل المثال طورت وأنتجت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية من خلال مراكزها البحثية الوطنية وشراكاتها عددا من الطائرات دون طيار ابتدءا من صقر 1 إلى صقر 4 ولكل منها مميزاتها الخاصة فبعضها يحلق إلى 22 ألف قدم والأخرى في حمولتها للأجهزة والمستشعرات الحساسة، وطائرة النورس الخاصة بالحرب الإلكترونية، إضافة إلى ما طوره مركز الأمير سلطان للدراسات والبحوث الدفاعية لطائرة بمسمى حارس الأجواء وما تتميز به من قدرتها على الارتفاع إلى ستة كيلومترات والطيران لمدة ثماني ساعات، إضافة إلى ما طورته شركة علم السعودية من طائرات دون طيار بمسمى عقاب وما تتميز به من قدرة على الطيران لمسافات بعيدة ونقل حمولة تصل إلى ألف كيلوجرام، وغيرها من المبادرات والاتفاقيات في هذا الجانب مثل التي أبرمت أخيرا بين شركة أنظمة الاتصالات والإلكترونيات المتقدمة مع مجموعة تكنولوجيا الإلكترونيات الصينية، وستسهم في بناء فريق لتصنيع أنواع مختلفة من أنظمة الطائرات دون طيار، ومن ذلك أيضا ما سيتم مستقبلا من تطوير منظومة طائرات دون طيار بمسمى عاصف بين الهيئة العامة للصناعات العسكرية وشركة إنترا للتقنيات الدفاعية، لتحقيق مميزات تنافسية. لذلك أرى أن وجود هيئة مختصة حيث تشرف وتتابع وتنسق جميع المبادرات سواء البحثية أو التطويرية أو التصنيعية أو التسويقية أو الشراكات الدولية لمثل هذه الابتكارات النوعية كالهيئة العامة للتطوير الدفاعي قد يساعد بشكل كبير على رسم خارطة طريق للتميز في صناعة مثل هذه التقنيات وتحديد المسار النوعي والفعال لها وتطورها بشكل سريع، ما يسهم في إيجاد اكتفاء ذاتي وخبرات ووظائف جديدة، وبالتالي يتيح تحالفات وشراكات مع شركات عالمية ودول متطورة في هذا المجال، بدءا من البحث والتهيئة والتصميم والتطوير والتصنيع والإنتاج والتسويق، حيث لايقتصر التركيز محليا فقط وإنما يكون الهدف للتصدير والمنافسة عالميا، كون هذا النوع يعد من الاستثمارات الواعدة التي سنحقق من خلالها التنافسية والريادة المستدامة على المستويين الدفاعي والاقتصادي معا.

 
عودة
أعلى