دروس من هجرة الحبشة/د. خالد أحمد الشنتوت

Nabil

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
19 أبريل 2008
المشاركات
22,475
التفاعل
17,600 43 0
دروس من هجرة الحبشة

د. خالد أحمد الشنتوت


1 . لم تكن هجرة المسلمين إلى الحبشة تهدف إلى نشر الدعوة فيها، ولا إقامة حكم إسلامي، وإنما تهدف إلى المحافظة على المسلمين، وتوفير الجو المساعد على ممارسة العبادة دون اضطهاد .
يقول الأستاذ محمود شاكر (2/100): يجب أن تتجمع جهود المسلمين (المهاجرين) في منطقة واحدة للانتفاع منها، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يسمح للمسلمين أن ينتشروا في أرض الله الواسعة ويتفرقوا كيف يشاءون، يحاول كل منهم أن يجد المأوى يتخلص فيه من أذى قريش واضطهادها، وإنما سمح لهم أن يهاجروا إلى أرض واحدة يعيشون فيها حياة واحدة مجتمعين، فيها من معنى الإسلام مما تلقوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة، يساعد كل أخاه على حياة الغربة والتمسك بمبادئ الإسلام والعمل به . وكان عثمان بن مظعون ( وقيل بن عفان ) رضي الله عنهما أميراً عليهم، فالركب يجب أن لايسير دون أمير . ثم لما وصل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه مهاجراً إلى الحبشة كان هو أمير المهاجرين في الحبشة .

2 . وقال الشيخ سعيد حوى ([1]):
أ هناك ناس يعتبرون مجرد التفكير في أمن الدعوة ورجالها ونسائها علامة ضعف، ويعتبرون البحث عن الأمن والأمان جريمة، وهؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هاجروا إلى الحبشة بحثاً عن الأمن والأمان، والعبرة لإذن القيادة الراشدة وحسن تقديرها .
ب هاجر الصحابة رضي الله عنهم إلى قطر كافر فيه عدالة وحرية، يستطيعون من خلالها أن يقيموا شعائر الإسلام، وهذا يفتح أمامنا آفاقاً واسعة في العمل والحركة . بل قال فقهاء الشافعية : لو أن مسلماً استطاع أن يظهر شعائر الإسلام في دار كفر فالأولى له البقاء لأنه بذلك تصبح داره دار إسلام في أرض كفر . والمسألة تخضع في النهاية للموازنات بين المصالح والأضرار .
ج يلاحظ أن مهاجري الحبشة لم يكلفوا بأية مهام دعوية على أرض الحبشة، وهذا يفتح أمامنا باباً واسعاً في آداب المسلم المهاجر، فإنه في هذه الحالة يسعه أن يلاحظ قوانين البلد (المضيف ) وألا يتدخل في شؤونه الداخلية ؛ إلا بالقدر الذي يسمح به البلد المضيف نفسه .

3 . ومن دروس الهجرة إلى الحبشة كما يقول الشيخ منيرالغضبان([2]) :
البحث عن قاعدة صلبة ومكان آمن آخر للدعوة غير مكة، حيث لاتستطيع قريش مهما بلغت من عتوها أن تنهي الوجود الإسلامي في الأرض، وهذا مايحسن أن تنتبه إليه الحركة الإسلامية في تخطيطها حيث لاتضع كل طاقاتها البشرية والمادية في أرض واحدة، تكون معرضة فيها للإبادة، بل تعدد أماكن تجمعها وتواجدها بحيث تستطيع لو فقدت موقعاً معيناً أن تنتقل إلى موقع ثان تنطلق منه وتواجه الجاهلية من خلاله .

4 . كما أشار سيد قطب رحمه الله ([3]) : إلى أن القول بأن الصحابة هاجروا لمجرد النجاة بأنفسهم لايستند إلى قرائن قوية، فلو كان الأمر كذلك لهاجر أقل الناس جاهاً وقوة ومنعة من المسلمين، غير أن الأمر على الضد من هذا، فالموالي المستضعفون الذين كان ينصب عليهم معظم الاضطهاد والتعذيب والفتنة لم يهاجروا، إنما هاجر رجال ذوو عصبيات ؛ لهم من عصبياتهم في بيئة قبلية ما يعصمهم من الأذى، ويحميهم من الفتنة، وكان عدد القرشيين يؤلف غالبية المهاجرين، منهم جعفر بن أبي طالب، وكان أبوه أبو طالب وفتيان من بني هاشم معه يحمون النبي r، ومنهم الزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو سلمة المخزومي، وعثمان بن عفان الأموي، ..وهاجرت نساء كذلك من أشرف بيوتات مكة ماكان الأذى لينالهن أبداً، وربما كان وراء هذه الهجرة أسباب أخرى كإثارة هزة في أوساط البيوت الكبيرة في قريش، وأبناؤها الكرام المكرمون يهاجرون بعقيدتهم، فراراً من الجاهلية، تاركين وراءهم كل وشائج القربى، في بيئة قبلية تهزها هذه الهجرة هزاً عنيفاً، وخاصة حين يكون من بين المهاجرين مثل أم حبيبة بنت أبي سفيان، زعيم الجاهلية يومذاك، وأكبر المتصدين لحرب العقيدة الجديدة وصاحبها، يقول الغضبان :
( والملاحظ في هذه الطليعة الأولى من المهاجرين أنها من أكرم البيوتات المكية وأعرقها، ولعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يرتاد المكان هناك، ويعرف إمكانية الإقامة لجنده في الحبشة، ومن أجل هذا كان بينهم خيرة أصحابه، فثلاثة من المبشرين بالجنة كانوا بين هؤلاء العشرة، وهم عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم ، وليس فيهم من الموالي أو العبيد أو المغمورين أحد ) ([4]) .

5 . يقول الشيخ الغضبان (ص67) : فلم نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث في طلب مهاجرة الحبشة حتى مضت هجرة يثرب وغزوة بدر وأحد والخندق والحديبية حيث عقد المسلمون صلحاً مع أهل مكة . فقد بقيت يثرب معرضة لاجتياح كاسح من قريش خمس سنوات، وكان آخر هذا الهجوم والاجتياح في الخندق حيث قدم عشرة آلاف مقاتل لاستئصال شأفة المسلمين هناك، وبعد رد الكافرين بغيظهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ الآن نغزوهم ولا يغزونا نحن نسير إليهم ] البخاري ج2ص 590 وحين اطمأن الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن المدينة أصبحت قاعدة أمينة للمسلمين، وانتهى خطر اجتياحها من المشركين، عندئذ بعث في طلب المهاجرين من الحبشة، ولم يعد ثمة ضرورة لهذه القاعدة الاحتياطية التي كان من الممكن أن يلجأ إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم لو سقطت يثرب في يد العدو . وفعلاً وصل المهاجرون من الحبشة إلى المدينة فوجدوا رسول الله r في خيبر فمضوا إليه هناك والتقوا به ووصلوا بعد فتح خيبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ما أدري بأيهما أسر، بفتح خيبر أم بقدوم جعفر ) .

الهجرة إلى المدينة :
بعد بيعة العقبة الثانية (بدأ المسلمون ينتقلون حسب أوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يثرب لحاقاً بإخوانهم المسلمين (الأنصار )، وفراراً بدينهم، وكان أول من هاجر من مكة إلى يثرب أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد هاجر قبل بيعة العقبة الثانية بعام، إذ اشتد أذى قريش عليه بعد أن رجع من الحبشة، وعلم بانتشار الإسلام في يثرب فانتقل إليها، وكانت معه زوجته أم سلمة، وولده سلمة، ولكن أهلها غلبوه عليها ومنعوها من الهجرة معه، ثم لحقت به بعد عام([5]). فقد هاجر أبو سلمة مخلفاً زوجته وابنه حفاظاً على دينه .
ولما أراد صهيب الهجرة، قال له كفار قريش : أتيتنا صعلوكاً حقيراً فكثر مالك عندنا، وبلغت الذي بلغت، ثم تريد أن تخرج بمالك ونفسك، والله لايكون ذلك، فقال لهم صهيب : أرأيتم إن جعلت لكم مالي أتخلون سبيلي !؟ قالوا : نعم، قال : فإني جعلت لكم مالي . فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ربح صهيب ربح صهيب .

يقول محمود شاكر (2/151 ) : ( ونلاحظ أنه بهجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة التي غدت دارًا للإسلام وجب على كل مسلم أن يهاجر إلى دار الإسلام، إذ تجب الهجرة إلى البلاد التي يستطيع المسلم أن يؤدي فيها شعائر دينه إذا كان في موطنه لايستطيع ذلك، كما تجب الهجرة إذا اقتضت الظروف لتجميع المسلمين والإفادة من طاقاتهم وإمكاناتهم المادية والمعنوية والعسكرية، أما إذا كان يستطيع المسلم تأدية شعائر دينه والدعوة إلى عقيدته فمن الأفضل أن يبقى حيث هو ليقوم بدوره في تبليغ الإسلام والعمل في سبيل الله .
ودار الحرب يقتضي وجودها وجود دار للإسلام، فقبل هجرة رسول لله صلى الله عليه وسلم لم تكن هناك دار إسلام وبمقتضى الحال لاتوجد دار للحرب، فلم تكن مكة داراً للحرب، وعندما بدأ الإسلام يطبق في المدينة أصبحت مكة دار حرب، وكانت الهجرة واجبة على المسلمين منها، حتى إذا فتحت مكة أصبحت داراً للإسلام، ولم تعد الهجرة واجبة منها، لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ لاهجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية ] متفق عليه عن عائشة رضي الله عنعا وعن أبيها .
ودار الإسلام هي الدار التي يطبق فيها شرع الله عزوجل، ولو لم يكن أكثر أهلها من المسلمين، ودار الحرب هي البلاد التي لايطبق فيها شرع الله ولو كان سكانها جميعهم من المسلمين . وعلى هذا فإن الزمن الذي لاتوجد فيه دار للإسلام يطبق فيه شرع الله لاتوجد فيه دار للحرب، وعلى كل مسلم أن يعمل للإسلام ويدعو له ويجاهد في سبيل الله، وفي أية بقعة لايتمكن مسلموها من إقامة شعائر دينهم فعليهم أن يهاجروا كما هاجر الصحابة إلى الحبشة ) .قال تعالى يصف المهاجرين :
] للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله، أولئك هم الصادقون [ الحشر 8
وفي عصرنا الحاضر اضطر بعض المسلمين في بعض البلدان إلى الهجرة منها بعد أن خافوا على دينهم ودمائهم وأعراضهم، وتركوا عقاراتهم وأموالهم غير المنقولة هناك، ثم أصدرت الحكومة أمراً يمنع التعامل بالوكالات الخارجية ليمنعوهم من بيعها أو التصرف فيها، مبالغة في إيذائهم والتنكيل بهم، ولاذنب لهم إلا أن قالوا ربنا الله ولارب لنا سواه،ولن نرضى بغير الإسلام ديناً، ولن نخضع لغير شريعة الله عزوجل . نسأل الله عزوجل أن يجعلهم من المهاجرين في سبيله، وأن يثبتهم على هجرتهم، وأن يتقبلها منهم ويجعلهم من الصادقين الذين نصروا الله ورسوله، وأن يمكنهم من طاعة الله ورسوله في بلدهم فيعودوا آمنين مطمئنين على دينهم ودمائهم وأعراضهم وأموالهم، والله على كل شيء قدير .
أحكام الهجرة :
يقول الشيخ سعيد حوى في الأساس في السنة (1/ 330) : ( ليست الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام واجبة على كل حال، وإن اشتهر من مذهب الحنفية ذلك كما اشتهر في مذهبهم وجوب الهجرة من دار البدعة إلى دار السنة، فالأمر فيه تفصيل :
1 . فإذا كنت في دار كفر لكنك حر آمن تستطيع أن تعبد الله وتدعو إليه ولاتخشى على نفسك وأهلك وذريتك الفتنة، ولم يطلب منك أمير المؤمنين الشرعي الهجرة إلى دار الإسلام، فمقامك حيث أنت أجود وأطيب وأكثر أجراً، بل اعتبر الشافعية أنه يندب لك البقاء لأنه ببقائك يصبح جزء من دار الكفر دار إسلام .
2 .أما حيث يخاف المسلم الفتنة على نفسه وأهله أو ذريته فعندئذ تجب عليه الهجرة إن كان قادراً عليها، ووجدت الجهة التي تستقبله ولايخشى فيها الفتنة على نفسه وأهله وذريته، وفي عصرنا تجد الأمر في غاية التعقيد، فليس الخروج من بلد إلى بلد سهلاً، واحتمال الفتنة قائم في كثير من البلدان، ولذلك فإنني أرى أن حكم الهجرة الآن منوط بالفتوى البصيرة من أهلها، ولاينبغي أن يكون هناك تسرع فيه . قال ابن حجر في الفتح بمناسبة تعليل عائشة رضي الله عنها وعن أبيها للهجرة بقولها الذي ورد في صحيح البخاري : [كان المؤمنون يفر أحدهم بدينه ... إلخ] أشارت عائشة إلى بيان مشروعية الهجرة وأن سببها خوف الفتنة، والحكم يدور مع علته، ومن ثم قال الماوردي : إذا قدر على إظهار الدين في بلد من بلاد الكفر فقد صارت البلد به دار إسلام، فالإقامة فيها أفضل من الرحلة منها لما يترجى من دخول غيره في الإسلام . وقال الخطابي : كانت الهجرة أي إلى النبي r صلى الله عليه وسلم في أول الإسلام مطلوبة، ثم افترضت لما هاجر إلى المدينة للقتال معه وتعلم شرائع الدين، وقد أكد الله ذلك في عدة آيات حتى قطع الموالاة بين من هاجر ومن لم يهاجر فقال تعالى:
] والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا[ الأنفال 72
فلما فتحت مكة ودخل الناس في الإسلام من جميع القبائل سقطت الهجرة الواجبة وبقي الاستحباب . وقد أفصح ابن عمر بالمراد فيما أخرجه الإسماعيلي بلفظ [انقطعت الهجرة بعد الفتح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولاتنقطع الهجرة ما قوتل الكفار ] أي مادام في الدنيا دار كفر فالهجرة واجبة على من أسلم وخشي أن يفتن عن دينه .
ولنقرأ قول الله تعالى :
] إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض، قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها، فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً ، إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لايستطيعون حيلة ولايهتدون سبيلاً [ النساء : 97، 98
وفي التفسير ) التوفي قبض الروح، والمراد بالملائكة ملك الموت وأعوانه، وظلمهم أنفسهم بمخالطة الكافرين، وتركهم الهجرة المفروضة، ] قالوا فيم كنتم [ أي قال الملائكة للمتوفين : في أي شيء كنتم في أمر دينكم، ومعناه التوبيخ لأنهم لم يكونوا في شيء من الدين لتركهم الهجرة، ومخالطتهم الكافرين، وما يقتضيه ذلك من طاعة ورضوخ ومجاملة وترك عمل، ] قالوا كنا مستضعفين في الأرض [ أي كنا عاجزين عن الهجرة، ومجبرين على المكث في الأرض التي نحن فيها، ] قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها [ أي قال الملائكة لهؤلاء موبخين لهم : إنكم كنتم قادرين على الهجرة أي : على الخروج إلى بلد ما لاتمنعون فيها من إظهار دينكم، فالإنسان لايعدم حيلة إن صمم على شيء . ] فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً [ أي مقرهم فيها وساءت مايصيرون إليه قال النسفي : والآية تدل على أن من لم يتمكن من إقامة دينه في بلد كما يجب، وعلم أنه يتمكن من إقامته في غيره حقت عليه المهاجرة . وقد ذكر ابن كثير الإجماع على ذلك . أما إذا تمكن من إقامة دينه، فهل تجب عليه الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام ؟ قال الحنفية : يجب، وقال الشافعية : يندب له البقاء إن تمكن من إقامة دينه وقد استثنى غير القادرين ] وكان الله عفواً غفوراً [ أكدت نهاية الآية عفوه، وأثبتت أن عدم الهجرة ذنب ([6])

الهوامش :

[1] سعيد حوى،الأساس في السنة (1/255)، ط1، 1409ه /1989م، مكتبة دار السلام بالقاهرة .
([2]) منير محمد الغضبان، المنهج الحركي للسيرة النبوية، (1،2،3) ط6 مكتبة المنار، عمان، عام( 1411، 1990 م ) ص64 .
[3] سيد قطب، في ظلال القرآن، دار الشروق، 29 .
[4] منير الغضبان، القيادية ( 1/ 326 ) .
([5]) تقول أم سلمة t : خرج بي (أبو سلمة ) يقود بي بعيره، فلما رأته رجال بني المغيرة بن مخزوم، قاموا إليه فقالوا : هذه نفسك غلبتنا عليها، أرأيت صاحبتك هذه ؟ علام نتركك تسير بها في البلاد ؟ قالت : فنزعوا خطام البعير من يده، فأخذوني منه، قالت : وغضب عند ذلك بنو عبد الأسد، رهط أبي سلمة، فقالوا : لاوالله لانترك ابننا عندها إذ نزعتموها من صاحبنا، قالت : فتجاذبوا بنيّ ( ابنها )سلمة بينهم، حتى خلعوا يده، وانطلق به بنو عبد الأسد، وحبسني بنو المغيرة عندهم، وانطلق زوجي أبو سلمة إلى المدينة . قالت : ففرق بيني وبين زوجي وبين ابني، قالت : فكنت أخرج كل غداة فأجلس بالأبطح، فما أزال أبكي حتى أمسي، سنة أو قربياً منها، حتى مرّ بي رجل من بني عمي، فرأى ما بي فرحمني، فقال لبني المغيرة : ألا تخرجون هذه المسكينة، فرقتم بينها وبين زوجها وبين ولدها ! قالت : فقالوا لي : الحقي بزوجك إن شئت . قالت : وردّ بنو عبد الأسد إليّ عند ذلك ابني، قالت : فارتحلت بعيري، ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة ...

[6] سعيد حوى، الأساس في التفسير، 2 / 1159 . ومما يجدر ذكره أن كثيراً من المسلمين في كثير من الأقطار العربية يضطر لدخول أحزاب الدولة، كي يتمكن من الحصول على لقمة العيش، ويبقى مستقراً في بلده ولايهاجر منها، وفي هذا نظر كبير وخطير.

عن موقع رابطة أدباء الشام
 
عودة
أعلى