المسيرات الضاربة نجم المرحلة الثانية من الحرب الروسية الأوكرانية
مع دخول الحرب الروسية الأوكرانية في مرحلتها الثانية وفق إعلان الروس، تراءى لنا أننا مخطئون في تصورنا وتقديرنا بأن هذه المرحلة سوف يكون الحسم فيها بتطبيق مناورة فسوتك "الشرق" 2018 وتطوراتها بمناورة زباد "الغرب" 2021، ذلك لأن الظاهر أن أوكرانيا بالفعل فقدت أكثر قدراتها الاستراتيجية للقوة العسكرية، وصار اعتمادها ونقطة ارتكازها على حرب المدن وحرب الكمائن أو العصابات وهذين التكتيكين لا يحتاجان إلى عمليات عسكرية كبيرة مثل التي في مناورة فستوك وزباد.
إنما في ظل السيطرة الجوية الروسية شبه المطلقة بات التركيز على استقلال كافة أرضي الجمهوريات الانفصالية والسيطرة على كافة الشواطئ والموانئ الأوكرانية، بعد التأكد من إضعاف الجيش الأوكراني عموما بشكل كبير.
ووفق المخطط الروسي فإنه كما تم إضعاف المقاومة الأوكرانية ضد جبهات الانفصاليين وتشتيت قوى الدفاع الأوكراني بجعلها تركز تلك الدفاعات في المدن الأوكرانية الكبرى، فإنه في هذه المرحلة ستكون العملية عكسية تماماً وذلك بتقوية الهجمات الانفصالية بمشاركة روسية جلية بفك الحصار عن المدن بشكل كبير يزداد حتى يصل إلى أوجه بسقوط مدينة مريوبول الساحلية لاستكمال خط التدفق للقوات الروسية المتواجدة في شبه جزيرة القرم وبحر أوزوف والبحر الأسود.
ومن ثم الهجوم الرئيسي من شمال أوكرانية نحو كييف بعد معاودة القوات الروسية المتدفقة من القرم والبحر؛ الذي سوف تنفذه وأعني من تجاه الشمال نحو كييف بشكل أساسي قوات الدببة السيبيرية من خلال إنزالات مظلية هائلة وإعادة ظهور القافلة المدرعة والميكانيكية التي بلغ طولها 65 كم، على الطرق الرئيسية المعبدة لسوء إمكانية الاعتماد على البيئة الترابية ولكن هذه المرة بحماية ثورية بالدفاعات الأرضية والمسيرات الضاربة، لتشكل هذه القوة المدرعة والميكانيكية قوة الحسم في كييف بعد أن يتقدمها قوات راجلة مظلية في ظل اسناد مدفعي ميداني ضخم من مدافع ذاتية الحركة من نوع كواليتسيا عيار 152 ملم ومالكا عيار 203 ملم الرهيبة، إضافة إلى راجمات تورنادو عيار 122 ملم، وارغون عيار 220 ملم وعيار 300 ملم، ومن العمق التكتيكي بصواريخ إسكندر كي المجنح مدى 500 كم، وصواريخ توشكا حتى مدى 120 كم، إضافة إلى الاسناد الجوي، تنفيذاً لمناورة الجيش السيبيري في بلاروسيا بمشاركة بلاروسيا؟!، والتي عرفت بمناورة عاصفة الشمال 2022.
ولكن قبل هذه العملية الحاسمة هناك عملية جراحية سوف يشتد زخمها في الأيام القادمة وهو زيادة الاعتماد على المسيرات الضاربة الروسية وخاصة نوعية أوريون بنوعيها إي وتو.
فمن المؤكد أن إنتاج المسيرات من هذا النوع في أوجه اليوم في المصانع الروسية وبدعم تقني صيني بالمعالجات والشرائح النانونية.
وقد يسأل سائل لماذا درونات "أوريون"؟.
درونات أوريون تستطيع التحليق بسرعة 200 كم بالساعة لمسافة تقارب 500 كم، وتستطيع البقاء بالجو يوم كامل وهي تحمل 200 كغ من الذخائر على أربع نقاط تعليق وهي إما قنابل موجهة ذكية من فئة كاب أو عمياء بإسقاط رقمي يزيد دقتها من فئة فاب أو صواريخ موجهة بالليزر العكسي من فئة " كورنيت أم" المتعدد الأغراض بالصدمة المدمرة ضد الأهداف الأرضية التي تشمل المدرعات والتحصينات وتجمعات الجنود الصغيرة، إضافة لإمكانية استهداف المسيرات المعادية أثناء تحليقها حتى مدى 10 كم، واوريون تستطيع التحليق على ارتفاع 40 ألف قدم تقريباً، مما يجعلها في منأى عن الأخطار الأرضية من رؤيا بصرية أو كهروبصرية، أو رادارية أو حرارية أو حتى بصمة صوتية، وهو ما يمكنها من تنفيذ عنصر المفاجئة ويمكنها من التحليق الطويل الآمن الذي يمكنها من تمييز الأهداف الحقيقة من المزيفة الخداعية ومن ضرب القوات الراجلة المدافعة وهي في مأمنها.
أما النموذج الثاني منها فهو أكثر تطور وإمكانيات ومما يميزها من الناحية التسليحية أنه سوف تزود بصواريخ "فياخر أم" الأحدث من كورنيت بالمدى والسرعة وحتى الدقة.