قصة الجزيرة
دييجو جارسيا هي جزيرة تابعة لإقليم المحيط الهندي البريطاني ، وهي منطقة ما وراء البحار تابعة للمملكة المتحدة. إنها جزيرة مرجانية معسكرة في وسط المحيط الهندي ، وأكبر 60 جزيرة صغيرة تضم أرخبيل شاغوس . تم اكتشافه لأول مرة من قبل الأوروبيين وسماه البرتغاليون ، واستقره الفرنسيون في تسعينيات القرن التاسع عشر ونقله إلى الحكم البريطاني بعد الحروب النابليونية . كانت واحدة من "التبعيات" لمستعمرة موريشيوس البريطانية حتى تم فصل جزر شاغوس لإدراجها في إقليم المحيط الهندي البريطاني المنشأ حديثًا (BIOT) في عام 1965.وسط المحيط الهندي، تقع مجموعة من الجزر الصغيرة، تعرف إحداها باسم "دييغو غارسيا"، والتي يصفها عسكريون بأنها حاملة طائرات ثابتة ومقاومة للطوربيدات بفضل طبيعتها الصخرية.
ظلت دييغو غارسيا لسنوات طويلة جزءاً مما كان يُعرف بأراضي المحيط البريطاني، حيث ضمتها لندن إليها كمستعمرة في ستينيات القرن الماضي.
بحلول عام 1966، وقعت بريطانيا والولايات المتحدة اتفاقا يمنح واشنطن الحق في بناء قاعدة عسكرية على الجزيرة حتى تنتهي حاجتها للمرافق العسكرية، وهي صياغة ربما تكون غامضة عن عمد.
وفي مقابل ذلك، منحت موريشيوس 3 ملايين جنيه إسترليني للموافقة على الصفقة، وتمت تسويتها بتخلي أمريكا عن 14 مليون دولار تتعلق بصفقة صواريخ غواصات إلى بريطانيا.
بقيت المشكلة الرئيسية في الجزيرة الصخرية وجود 3 آلاف من السكان الأصليين، وكان أغلبهم من صيادي الأسماك وعائلاتهم، ليتم نقلهم على عجل إلى أماكن أخرى في كل من موريشيوس وسيشيل.
وتقع دييغو غارسيا على بعد أكثر من ألفي ميل قبالة الساحل الشرقي لأفريقيا، وتدور قضية بشأنها حالياً داخل أروقة محكمة العدل الدولية بشأن ملكيتها لموريشيوس رغم احتجاجات بريطانيا.
قدرات عسكرية
أما السر وراء التمسك الأمريكي بالجزيرة فيعود إلى قرار استراتيجي استخباراتي وعسكري؛ إذ يتمثل الأول في تحولها إلى مركز للتنصت والثاني فيرتبط بوجود قاذفات القنابل الأمريكية العملاقة طراز "بي-52".
بدأ النشاط الاستخباراتي الأمريكي على جزيرة دييغو غارسيا عبر نصب مجموعة غريبة الطرز من الهوائيات وأطباق التقاط إشارات الأقمار الصناعية بغرض التنصت على الاتصالات والمواقع العسكرية الخاصة بالاتحاد السوفيتي السابق.
كما استخدمت الجزيرة من قبل البحرية الأمريكية والقوات الجوية ووكالة ناسا، وظل مدرجها الهائل موقعا مخصصا للهبوط في حالات الطوارئ لمكوك الفضاء.
وبمرور السنوات، وتحديداً بعد انتهاء الحرب الباردة، تراجعت أهمية التنصت على الاتصالات الروسية، لتتحول الجزيرة إلى قاعدة عسكرية مهمة للطائرات الحربية الأمريكية الموجودة في الشرق الأوسط وجنوب آسيا.
وبالفعل نجح الجيش الأمريكي في توسيع وتمديد مدرجات الطائرات القائمة لهبوط وإقلاع قاذفات القنابل بي-52 التي تقوم بدك مواقع طالبان في أفغانستان بتأثير مدمر للغاية.
وتعد القاعدة العسكرية على تلك الجزيرة موطنا لأكثر من ألف جندي وموظف أمريكي، ومنها تم غزو العراق، وكانا بمثابة نقطة إنزال حيوية للقاذفات التي تسافر عبر آسيا، بما في ذلك على بحر الصين الجنوبي.
وتحتل القاعدة موقعا هاما لقربها من الشرق الأوسط، وخليجي البصرة وعدن، ولكونها تقع فوق مسارات الهيدروكربون في المحيط الهندي.
ومن جانب آخر، تم الربط بين دييغو غارسيا وحادثة اختفاء طائرة للخطوط الماليزية بتاريخ 8 مارس عام 2014، وعلى متنها 227 راكبا، خلال مرورها بالمحيط الهندي، بينما كانت في رحلة بين كوالا لمبور وبكين.
وانتشرت وقتها عدة إدعاءات أبرزها أن الطائرة هبطت في القاعدة، أو أن القوات الأمريكية أسقطتها بالقرب من القاعدة خشية من هجوم إرهابي.
تضم اسطول كبير من القادفات الاستراتجية الامريكية B-52 . B2
وألّف عالم الأنثروبولوجيا الأمريكي دافيد فاين، كتابا حول القاعدة، حمل عنوان "جزيرة العار"، تطرق فيها إلى تهجير أهالي الجزيرة من منازلهم بين عامي 1967 و1973، على يد القوات الأمريكية والبريطانية.
واعترفت المحكمة البريطانية العليا عام 2000 و2006، ومحكمة الاستئناف في لندن عام 2007 بحق أهالي تشاغوس المهجرين بالعودة إلى منازلهم.
كما نقلت موريشيوس ملف المهجرين إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي أقرت بدورها بنقل ملف استقلال تشاغوس إلى محكمة العدل الدولية.
وحكمت محكمة العدل الدولية بتاريخ 25 فبراير الماضي، بأن بريطانيا سلبت جزر تشاغوس من موريشيوس لدى منحها الاستقلال، لافتة إلى أن طريقة تعاملها مع إنهاء الاستعمار كان "غير قانوني"، داعية إياها لإعادة الجزر إلى موريشيوس، إلا أن قرارها هذا لا يحمل صبغة ملزمة، وهو مجرد توصية.