هكـــذا تفنـــى الدبابـــات الروسيـــة ويبـــاد أطقمـــها
يقول الفيلسوف والشاعر الأسباني جورج سانتايانا George Santayana "أولئك الذين لا يتعلمون من أخطاء التاريخ، محكوم عليهم أن يكرروها"..
واحدة من أهم فوائد جلب الدبابات وإقحامها في مسرح العمليات يتمثل في قدرتها على مشاغلة وتدمير الأهداف المعادية في المديات الممتدة extended ranges. ففي البيئات المنبسطة والمفتوحة، دبابات المعركة الحديثة قادرة على اكتساب أهدافها والاشتباك معها عند مدى فعال يتراوح ما بين 3000 و4000 م. مع ذلك ولسوء الحظ، عند العمل في بيئة العمليات الحضرية، القدرة على مشاغلة الأهداف في المديات الممتدة تخفض وتقلل في أغلب الأحيان. إذ تعمل المباني والتراكيب الصناعية الأخرى man-made structures والتي تميز البيئة الحضرية على تقييد قدرة الدبابات على اكتساب ومشاغلة الأهداف في المسافات البعيدة. لذا، خط البصر الممتد extended line-of-sight والمتاح كثيرا في التضاريس المفتوحة لا يتوافر بسهولة في البيئة الحضرية. يقول الفيلسوف والشاعر الأسباني جورج سانتايانا George Santayana "أولئك الذين لا يتعلمون من أخطاء التاريخ، محكوم عليهم أن يكرروها"..
الخبرات المتراكمة في هذا النوع من الصراعات أظهرت أن خط البصر (خط الرؤية المباشر المرسوم من قبل عين الراصد إلى نقطة محددة في المشهد الأمامي) يمكن أن يتفاوت ما بين عشرات الأمتار إلى بضع مئات الأمتار. أسلحة الدبابات الرئيسة لا تزال فعالة ومؤثرة ضمن هذه المديات المحدودة، لكن مشاغلة الأهداف من هذه المديات القصيرة short engagement-ranges تعرض للأطقم في أغلب الأحيان زمن محدود جداً لكشف واكتساب أهدافهم قبل أن يتعرضوا هم أنفسهم للاستهداف.
في الحقيقة وأثناء تفاصيل المعركة الحضرية، تحارب أطقم الدبابات وعربات القتال الأخرى من داخل مركباتهم مع ضغط نفسي وإجهاد لا محدود وقابليات رؤية متدنية نسبياً. السائق يمكن أن يرى فقط المقدمة ويجب أن يوجه من قبل قائد الدبابة لأي حركة سريعة لتغيير الاتجاه أو الاستدارة. فقط قائد الدبابة tank commander لديه في الظروف المثالية حدود رؤية لنحو 360 درجة من موقعه خارج كوته السقفية.
الدبابات وفي ظل المزيد من ضوضاء ساحة المعركة الحضرية، تحتاج للاعتماد على الآخرين لتوفير الحماية القريبة لها ومن أجل الدعم والتوجيه. هي في نسخها الأكثر حداثة، باتت تجهز بمجسات كشف التهديد، آلات تصوير فيديو، وأنظمة الإحاطة والوعي موقعي لساحة المعركة battlefield awareness، وبعض الإضافات الأخرى التي حسنت من قابلية بقائهم الحضرية وجعلتهم أكثر فاعلية في الأداء.
السمة المتغيرة متعددة الأبعاد multidirectional aspect للبيئة الحضرية، غالباً ما توفر للمدافعين قابليات وفرص مهمة لمشاغلة أهدافهم المدرعة في المديات القصيرة. إذ لا تزال الدبابات وعربات القتال الأخرى عرضة إلى حد كبير للهجمات الجانبية ومن المؤخرة أو القمة، وبشكل استثنائي للهجمات السفلية. في الواقع، عمليات البيئة الحضرية تعرض للمدافع ما يمكن تسميته "الأفضلية الواضحة" marked advantage وذلك في إشارة إلى فائدة استخدام تقنيات الأسلحة البسيطة المحمولة والفتاكة في ذات الوقت، كما هو الحال مع القواذف الكتفية المضادة للدبابات من نوع RPG التي لها مدى فعال أقصى حتى 500 م.
لذلك، هذا النوع من الأسلحة وغيرها من الأنظمة المضادة للدبابات المطلقة من الكتف shoulder-fired والتي لها فاعلية محدودة نسبياً ضد الأهداف المدرعة في البيئات المفتوحة، تصبح أسلحة مؤثرة جداً تجاه العربات التي تناور ضمن شوارع وممرات المدينة الضيقة (مع ذلك، مديات المشاغلة القصيرة يمكن أن تؤثر على بعض أسلحة المدافعين، مثل أنظمة الصواريخ المضادة للدروع المتقادمة والموجهة سلكيا التي تتطلب مدى تسليح أدنى minimum arming-range).
مشاهد مرعبة لعملية تدمير دبابة روسية من نوع T-72B3 مجهزة بقراميد الدرع التفاعلي المتفجر (يمكن تسميته بالكمين المحكم حيث جاءت الضربات من أكثر من وجهة) !! الهجوم الذي تعرضت له الدبابة حدث في مدينة Mariupol التي لا تزال تشهد حرب شوارع وقتال عنيف بين القوات الأوكرانية المدافعة عن المدينة والروسية المهاجمة لها !!! بداية الهجوم كان مع تقدم الدبابة بشكل مفرد في أحد شوارع المدينة الرئيسة ليباغتها الهجوم الأول من الخلف، لكن يبدو أن الهجوم لم يكن ذو فاعلية كافية بحيث أستمرت الدبابة في تقدمها !!!
هجوم آخر جانبي أكثر قوة أصطدم بقراميد الدرع التفاعلي المتفجر والتي أدت دورها بشكل لائق وإستطاعت أمتصاص طاقة الإختراق للرأس الحربي ذو الشحنة المشكلة !!! مع ذلك، طاقم الدبابة إستشعر التهديد وحاول التراجع والتقهقر للخلف بقصد النجاة.
خلال ذلك الوقت، هجوم ثالث جانبي ضرب أعلى سقف البرج من الجهة اليمين وكان الإختراق نافذ بحيث تأكد ثقب دروع البرج السقفية وأخذ الدخان الأبيض في التصاعد من كوة الدبابة السقفية وفوهة المدفع الرئيس. مصدر الدخان يكون عادة نتيجة الضرر الملحق بالتجهيزات الداخلية واشتغال نظام الإطفاء الآلي !!! مع ذلك. هجوم رابع وأخير ضرب الدبابة مرة أخرى من المؤخرة وتسبب بإشعال النار فيها وظهور غيمة دخان كبيرة !! السائق بادر بالخروج والهروب بعيدا عن دبابته المعطوبة، في حين تأخر باقي الطاقم في إخلاء الهدف ليقذفهم الإنفجار بعيدا وهم في حالة يرثى لها !!!