شارك الجيش العراقي البطل في كل الحروب العربية ضد إسرائيل بداية من حرب 48 الى حرب اكتوبر 1973 وكان دائما فى مقدمة الجيوش العربية حاملا لواء الدفاع عن مقدرات هذه الامة بكل بسالة وتضحية.
نقش هذا الجيش اسمه بحروف من ذهب فى اخر الحروب العربية الاسرائيلية حرب اكتوبر والتى شارك فيها العراق بالقوات التالية:
الجبهة السورية:
ثلاثة أسراب ميج 21
سرب ميج 17
فرقة مدرعة
فرقة مشاة
وتجاوز عدد افراد هذه القوات الستون الف مقاتل
الجبهة المصرية:
شارك العراق بسرب هوكر هنتر
على طريق الحرب
ما أن اتخذ العراق قراره بالمشاركة في الحرب حتى اتصل الرئيس احمد حسن
البكر بالرئيسين أنور السادات وحافظ الأسد هاتفيا واعلمهما أن العراق قرر
إشراك جزء من طيرانه في المعركة إلى جانب سورية وان القوات الجوية العراقية
مستعدة لتلبية كل طلبات جـــــــناح ال( هوكر هنتر ) الموجود في مصر منذ
السادس من نيسان 1973 ، فأعرب الرئيسان المصري والسوري عن ارتياحهما
وشكرهما (20) وصدرت الأوامر إلى قيادة القوة الجوية والدفاع الجوي العراقية
بالعمل الفوري على تنفيذ أوامر القيــادة العراقية وبدأت آلة القوة الجـوية
بالدوران ..
في ليلة 6-7 /10/ 1973 وضعت القوات البرية العراقية بالإنذار وصدر الأمر
إلى آمر اللواء الآلي الثامن أمرا بالحركة نحو الحدود السورية في صباح
7/10 كتدبير استباقي للدخول فورا إلى ساحة المعركة بعد حصول موافقة الحكومة
السورية ..وفي اجتماع يوم 7/ 10 اتخذت القيادة العراقية أربعة قرارات
مهمة هي :
1. تأميم حصة أمريكا في شركة نفط البصرة واعتبار ذلك شرارة المعركة
السياسية النفطية ضد الولايات المتحدة كونها شريك فعلي في الحرب ضد الأقطار
العربية وداعم رئيس لإسرائيل بالأسلحة ، ويأتي هذا الأجراء تطبيقا لشعار
استخدام النفط كسلاح في المعركة القومية ..
2. إرسال مزيد من القوات الجوية على وجه السرعة إلى الجبهة الشمالية لدعم
القوات السورية وإسنادها ..
3. إرسال اكبر ما يمكن من القوات البرية ، وخاصة المدرعة منها ، إلى سوريا
على وجه السرعة ..
4. إعادة العلاقات الدبلوماسية مع إيران ، ودعوتها إلى حل المشاكل بين
العراق وبينها بالطرق السلمية ، وعن طريق المفاوضات ، لتامين الجبهة الشرقية
للعراق(21) وفي السياق نفسه ذكر تقرير عن حرب تشرين (22) أن العراق سارع
إلى الاتصال بالاتحاد السوفيتي طالبا منه الضغط على إيران لكي لا تستغل سحب
قطعات من القوات العراقية وإرسالها إلى سوريا ، وبالفعل وجه الاتحاد
السوفيتي تحذيرا إلى إيران من مغبة استغلال الظروف والاعتداء على العراق وحرك
السوفيت بعض قطعاتهم العسكرية نحو الحدود الإيرانية .. ويضيف التقرير :
وهكذا تسنى للعراق إرسال المزيد من القوات العراقية إلى سوريا ولعبت دورا
مشهودا في إيقاف زحف المدرعات الإسرائيلية نحو دمشق (23) ..
وفي صباح يوم 7/10 ، وعندما كانت كتائب اللواء الآلي الثامن في طريقها إلى
سوريا ، أرسلت الحكومة العراقية إلى الحكومة السورية برقية تعلمها فيها
عن قرار العراق بوضع كل ثقله العسكري البري والجوي في خدمة المعركة ،
وقابل السفير العراقي نائب رئيس الحكومة السورية في صبيحة نفس اليوم وابلغه
مضمون البرقية .. وكان جواب الحكومة السورية في اليوم نفـــــــسه : ( أنها
تلقت النبأ بشكر واعتزاز وأنها ترجو معرفة موعد التحرك وحجم القوات
ونوعيتها ) (24) ..وفي مساء نفس اليوم قابل السفير العراقي الرئيس الراحل حافظ
أسد الذي ( أبدى شكره واعتزازه بقرار الرئيس والقيادة في العراق بشان
القرار القومي التاريخي بمشاركة العراق بكل ثقله في المعركة .. وأعرب عن أمله
في وصول القوات العراقية بأسرع وقت ممكن وبأكبر حجم ممكن .. ورجا معرفة
موعد تحركها وتعدادها ونوعيتها .. وأشار بان سوريا بحاجة لدبابات تي 54 وتي
55 إضافية )(25) .. وبينما كان السفير العراقي يقابل المسئولين السوريين
ويتلقى تحيات الشكر ، كان جنود الجيش العراقي يحزمون أمتعتهم ويملئون
خزانات الدبابات والعربات المدرعة بالوقود ويحملون صناديق القنابل في الشاحنات
وينظفون أسلـــــــــــحتهم ويتهياون للحركة عند صدور الأمر بذلك ..ومرة
أخرى قابل السفير العراقي في اليوم نفسه وزير الخارجية السوري بناء على
طلبه وأكد له الوزير : ( على أهمية وصول القطعات العسكرية العراقية بأسرع وقت
ممكن وبأكبر حجم ممكن ورجا أن لا تقل عن فرقتين بكامل دروعهما ) (26) ..
تحشد القوات العراقية
عندما اتخذت القيادة العراقية قرار المشاركة الفعلية في حرب تشرين والتحول
من دولة مشاركة إلى دولة مواجهة ، وجدت القيادة العسكرية نفسها أمام
معضلة استراتيجية تتمثل في نقل قواتها من العمق السوقي ( ألاستراتيجيي ) إلى
العمق ألعملياتي والتعبوي وتامين الحشد المطلوب في ساحة المعركة تحت ضغط
عامل الزمن .. وكانت هذه القيادة تعرف أن الحروب العربية الإسرائيلية تدور
ضمن مهلة زمنية محدودة تفرضها طبيعة الصراع وحساسية المنطقة التي تدور
فيها المعارك وتأثير القتال على الأمن والاقتصاد العالميين وتعي جيدا أن
المشاركة العسكرية في القتال لن تكون فعالة إلا إذا تمت بحجم مناســب وفي
الوقت المناسب ..
وكان تحشيد القطعات العراقية من مقراتها ومعسكراتها الموزعة في عموم
العراق ومن ثم انتقالها الاســتراتيجي السريع يشكل معضلة متعددة الوجه
أبرزها :
1. انتشار القطعات البرية : من المعروف أن هذه القطعات لم تكن محتشدة أو
قريبة من الحدود السورية العراقية قبيل اندلاع الحرب ، بل كانت منتشرة في
مقرات ومعسكرات بعيدة وموزعة في معظمها قرب الحدود الشرقية للعراق بسبب
الوضع المتوتر مع إيران وعدم حسم المسالة الكردية ، لذلك اتخذت القيادة
العسكرية سلسلة من الإجراءات الفورية حول إعادة انتشار هذه القطعات وتنقل
البعض منها من العمق السوقي إلى مناطق تجمع في وسط وغرب العراق ..
2. طول مسافة الحركة : لقد فرض انتشار القوات وبعد العراق عن جبهة القتال
مع العدو الإسرائيلي عاملا مهما هو طول مسافة الحركة مما اضطر القيادة
العسكرية العراقية إلى نقل بعض القطعات بالطائرات من معسكراتها البعيدة إلى
قاعدة الوليد الجوية غرب العراق ونقل باقي القطعات على مراحل وتجميعها في
أماكن قريبة من الطريق الدولي ( بغداد – الرمادي – الرطبة – أبو
الشــامات – دمشق ) الذي يبـلغ طوله حوالي (1000) كم ، في حين تم تحريك ألوية
المشــاة المتمركزة في شمــــال العراق إلى التنقل عبر محور ( الموصل – حلب
– دمشق ) ..
3. ضخامة القوة المتحركة : حرك العراق إلى سوريا منذ يوم 7/10/ 1973 وحتى
يوم 24/10 قوات عسكرية ضخمة ، ولقد عبر اللواء الركن (إسماعيل تايه
ألنعيمي ) معاون رئيس أركان الجيش العراقي لشؤون العمليات آنذاك ، والذي كان
قد وصل إلى دمشق جوا في 8/ 10 لاستقبال القوات العراقية ، عن ضخامة القوة
المتحركة من العراق إلى سورية بان قال لوزير الدفاع الســــــــوري اللواء
( مصطفى طلاس ) : ( لقد جاءك جيش بدايته في الشام ونهايته في دمشق )
(27)..والحقيقة التي تم معايشتها شخصيا في تلك الفترة هي أن الارتال العسكرية
العراقية التي بدأت بالتنقل إلى سوريا ، قسم منها محمول وقسم منها على
السرفات ، كانت ذيولها الإدارية تمتد من بغداد إلى معسكراتها في الرمادي
والموصل والعمارة وشرق العراق وغيرها من ألاماكن على شكل أصابع الكف ..
4 . نقص وسائط الحركة : في ضوء توجه العراق بالتحول من دولة مشاركة إلى
دولة مواجهة فقد عملت القيادة العراقية على إعطاء اهتمام اكبر لمسألة رفع
مستوى حركية القوات المسلحة ، وهذا ما دفعها بالفعل إلى البدء بمكننة
القوات البرية وتوسيع الاهتمام بالنقل الجوي وتعزيز شبكة المواصلات الداخلية ،
ومع هذه الإجراءات إلا أن عدم وجود خط استراتيجي لسكة الحديد بين دمشق
وبغداد ومحدودية استيعاب طرق الاتصال البري الجيدة المتوفرة بين العراق
وسوريا حددت من عملية تنقل القطعات على هذه الطرق ، الأمر الذي أدى إلى
تزاحم الارتال خاصة على الطريق الرئيس ( بغداد – أبو الشامات – دمشق ) وكان من
الممكن أن يؤدي هذا إلى وقوع خسائر كبيرة لو أن الطيران الإسرائيلي كان
محتفظا بفاعليته الأساسية وانهماكه بالقتال على الجبهتين السورية والمصرية
بالإضافة إلى عامل آخر يعتقد الباحث بصحته وهو أن معلومات العدو
الاستخبارية عن سرعة التحشد العسكري العراقي كانت قليلة أو غير دقيقة ..
5. حماية الارتال من الضربات الجوية : كان محور تقدم القطعات العراقية
أرضا مكشوفة وكان القسم الواقع منه داخل الأراضي السورية يقع ضمن مدى عمل
القوة الجوية الإسرائيلية ، كما لم يكن الجيش العراقي قد حصل بعد على صواريخ
ارض - جو سام 6 المتحركة أو علــــــــى صواريخ الكتف ارض – جو / سام 7 (
ستريلا ) وكانت الحماية تعتمد على الرشاشات والمدافع المضادة للطائرات ،
ومع ذلك فان الباحث ( كونه شاهد عيان ومشارك في الحرب ) لم تؤشر لديه
معلومات بتعرض هذه القوات إلى هجمات جوية إسرائيلية مؤثرة ولا يستبعد أن تكون
الطائرات الإسرائيلية قد قامت باستطلاع حركة القوات العراقية بعد وصولها
إلى سوريا ..
6. الحماية من كمائن القوات المحمولة جوا : كانت لدى القوات الإسرائيلية
إمكانية عسكرية للقيام بعمليات محمولة جوا أو بإجراء عمليات إنزال خلف خطوط
القوات العربية من خلال لوائين محمولين جوا باستخدام طائــــرات ســـمتية
نوع ( سوبر فرلون ) الفرنســـــــــــــــــية و( سيكوريسكي ) الأمريكية
، لذلك تحسبت القيادة العسكرية العراقية لهذا الاحتمال وزادت من اجراءات
الحيطة والحذر ضد هذه العمليات ..
ورغم هذه المعضلات والعقبات التي اعترضت أو كان من المتوقع أن تعترض
القوات العراقية خلال تنقلها فقد نفذت عملية التنقل الاستراتيجية بكفاءة وسرعة
جيدتين واستطاعت التغلب على جميع المعضلات بسبب عوامل عديدة أبرزها وقوف
القيادة السياسية وراء عملية التحشد ودعمها لها ماديا ومعنويا والتزام
المقاتلين العراقيين بالتعليمات الصادرة بهذا الخصوص وتفانيهم في أداء واجبا
تهم وحالة الاستعداد الجيدة التي اتسمت بها القوات العراقية والإعداد
الإداري الجيد للمعركة وارتفاع مستوى التدريب للضباط والمراتب والكوادر
الفنية وفهمهم الكامل لمشكلات التنقل وكيفية التغلب عليها وارتفاع مستوى
الصيانة الفنية للآليات مما انقص الأعطال إلى الحد الأدنى ومنع تساقط الآليات أو
تخلفها خلال الحركة الطويلة التي زادت عن ألف كيلو متر في ظروف بالغة
الدقة والتعقيد (28)..
التعديل الأخير: