الشعب يقاد ولا يقود، مشكلة النخبة السياسية التونسية ما بعد الثورة أنها انطلاقا من عقدة "الرئيس الديكتاتور" اختاروا النظام البرلماني الذي يجعل من الرئيس شخصية مكبلة، وهذا النظام معروف بمشاكله حتى في أعرق الديموقراطيات. والناس سيبدؤون بالكفر بالديموقراطية انطلاقا من هذه التجربة الفاشلة، رغم أن نفس المشاكل والأزمات السياسية التي يطرحها النظام البرلماني في تونس تتكرر في أنظمة مماثلة في دول أوروبية متقدمة، إلا أن الفرق أن الدول البرلمانية في أوروبا هناك منظومة اقتصادية إقليمية قوية مشتركة ورفاه يغطي على هذه المشاكل السياسية .. ويكبحها من التدحرج..
تونس تحتاج تعديل دستوري والتنصيص على النظام الرئاسي الذي يمنح الرئيس صلاحيات واسعة لتطبيق برنامجه الذي اقترحه على الشعب وبه وصل إلى السلطة (مثل النظام الفرنسي والأمريكي)
من وجهة نضري أن بلاء تونس الأكبر هو أن تياري الإسلام السياسي، واليسار منضمين بشكل كبير ويسيطران على تشكيل الوعي السياسي التونسي، لدرجة أن حتى معارضي هذين التيارين قد تجدهم يتبنون أفكارهما، وكلاهما تيارين شعبويين غارقين في الطوباوية.. وقد يضحيان بمصالح المواطنين والدولة من أجل إديولوجيتهما ومبادئهما، حيث ولاء هاتين الإديولوجيتين للوطن ضعيف جدا. وأعقد أنهما يعرفان منذ البداية مشاكل النظام البرلماني ومع ذلك اختاروه للحفاظ على مصالحهما.