الاطماع الصينية في سيبيريا الروسية
اطماع الصين هي الشرق الأقصى الروسي الذي تبلغ مساحته الإجمالية 6.2 مليون كيلومتر مربع، بما يعادل مساحة أوروبا كاملة بدون روسيا والتي يقطنها 5 ملايين إنسان فقط أي أقل من شخص واحد في كل كيلومتر مربع، وهي إحدى أغنى مناطق العالم بالثروات الطبيعية، والتي توفّر للصين ما تحتاجه من أراضي تستوعب فائض سكانها بعد تراجع رقعتها الزراعية لصالح التوسع العمراني، كما أنها تعطي الصين بوابة كبيرة على القطب الشمالي، وتمهد الطريق أمامها لتصبح القوة الأولى عالميا، وهذه المنطقة جزء من آسيا وكانت في فترات معينة تابعة للصين حتى وضعت روسيا يدها عليها باعتبارها مناطق خالية من السكان أي أن هناك أساس تاريخي وقانوني لشعور الصين بأنها صاحبة حق في السيطرة عليها.
ولذلك من الطبيعي أن تتحين الصين الفرصة المناسبة لتحقيق هذا الحلم وأن تنتظر أي علامة ضعف أو فوضى في الدولة الروسية لتحويل الحلم إلى واقع، وقد لا تكون الحرب هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق ذلك فهناك الشراء من حكومة روسية مفلسة عجزت عن سداد ديونها، فالولايات المتحدة مثلا اشترت 54 في المائة من مساحتها الحالية من الفرنسيين والإسبان والروس والمكسيكيين والسكان الأصليين، وكذلك هناك التغلغل الصيني عبر البوابة الاقتصادية وتوطين أعداد متزايدة من الصينيين في تلك المناطق بحيث تتغير التركيبة الديموغرافية تدريجيا لمصلحة الصين.
أي أن مجال التوسع الحقيقي للصين هو على حساب روسيا الاتحادية ومن الصعب أن يفوت الخبراء الاستراتيجيين الصينيين والروس هذا الواقع، لذلك تبدو سياسة الرئيس بوتين في التحالف مع الصين تحت ذريعة مواجهة الولايات المتحدة التي ليس لها أي أطماع في الأراضي الروسية سياسة مصطنعة لأنها لا تتماشى مع حقائق التاريخ والجغرافيا وقد يكون الهدف منها استرضاء الصين وسد الذرائع أمام أي خلاف معها، خصوصا مع وجود حقيقة تدركها الصين وهي أن النخبة الثقافية والاقتصادية الروسية ترى نفسها أوروبية ومسيحية أي لا يوجد ما يجمعها مع الصين.
وفي العام الماضي 2020، أصبح لدى الصين سبعة آلاف دبابة متجاوزة الولايات المتحدة وروسيا في عدد الدبابات دون وجود مجال حقيقي لاستعمال هذا العدد الكبير سوى في الحدود الشمالية، بما يدل على جهوزية الصين للاستفادة من الفرصة المناسبة وتحقيق حلمها الحقيقي المرتبط بالتحولات التي ستطرأ على الوضع الداخلي الروسي في مرحلة ما بعد بوتين، وبما يدل على أن ما يقوله الإعلام عن خلافات وتحالفات على المدى القصير قد لا يتطابق تماما مع الواقع والحسابات الاستراتيجية.