خلفية الحرب الكورية
في 15 أغسطس 1945، حققت شبه الجزيرة الكورية حلمها أخيرًا، وحصلت على استقلالها.
لكن سعادتها بانتهاء أيام الاستعمار الياباني الغاشم الذي استمر 35 عامًا لم تستمر طويلًا، حتى قام الاتحاد السوفياتي باحتلال الجزء الشمالي من شبه الجزيرة الكورية مؤسسة هنالك نظاما شيوعيا، في حين ردت الولايات المتحدة الامريكية بالسيطرة على الجزء الجنوبي حيث قام نظام ديمقراطي. و اتفقت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي على تقسيم البلاد لأغراض إدارية عند خط عرض 38 درجة شمالا. الى غاية سنة 1948 انسحبت القوات السوفياتية من الشمال مخلفة نظام شيوعي قوي التسليح و الامريكية من الجنوب, حيث اشتدت الحرب الباردة بين العالم الحر بقيادة الولايات المتحدة، والمعسكر الشيوعي بقيادة الاتحاد السوفييتي، وعلى إثر ذلك، تزايدت حدة الخلافات حول شبه الجزيرة الكورية.
وفي النهاية، انقسمت شبه الجزيرة الكورية عند خط 38 شمالًا ومنذ ذلك الحين، سار كل من الشمال والجنوب في طريق مختلف، وكثرت الصدامات والمناوشات بين جيشي كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية حول خط 38 شمالًا، وبدأت بذور الحرب تلوح في الأفق.
اندلاع الحرب الكورية
كان فجر يوم الأحد الموافق 25 يونيو 1950 سالمًا يبشر بيومٍ هادئ.
كان هناك تغييرٌ في القيادة، وكان الكثير من جنود الجيش الكوري الجنوبي في إجازة نظرًا لحلول الموسم الزراعي. أدركت كوريا الشمالية مزايا ذلك الموقف بالنسبة إليها، وشنت هجومًا شاملًا جنوب خط 38، واستطاعت خلال ثلاثة أيام فقط من بدء الحرب، في 28 يونيو، أن تسيطر على العاصمة الجنوبية سيول، وانطلقت القوات الشمالية نحو الجنوب.
وبعد مرور شهرين على اندلاع الحرب الكورية، استطاعت القوات الشمالية السيطرة على شبه الجزيرة الكورية فيما عدا المناطق جنوب نهر "ناكدونغ".
مشاركة قوات الأمم المتحدة في الحرب
في 26 يونيو، عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، وتم إصدار قرار يطالب كوريا الشمالية بسحب قواتها إلى شمال الخط 38، ووقف القتال.
لكن كوريا الشمالية واصلت احتلال مناطق من الجنوب رغم ذلك، فقررت الأمم المتحدة في 28 من يونيو اتخاذ إجراءات عسكرية لإعادة السلام إلى شبه الجزيرة الكورية. وفي 7 من يوليو، تم تأسيس مقر للقيادة، وعُيِّن الجنرال "ماك آرثر" قائدًا لقوات الأمم المتحدة. بلغ عدد الدول التي شاركت في قوات الأمم المتحدة خلال الحرب الكورية من أجل مساعدة كوريا الجنوبية، 21 دولة. من بينها 16 دولة أرسلت قوات محاربة، وهي: الولايات المتحدة، وإنجلترا، وكندا، وأستراليا، وتركيا، والفلبين، وتايلاند، وهولندا، وكولومبيا، واليونان، ونيوزيلندة، وأثيوبيا، وبلجيكا، وفرنسا ( المغرب شارك في الحرب مع القوات الفرنسية ) ، وجمهورية جنوب أفريقيا، ولكسمبورغ، بينما شاركت بقية الدول بتقديم المعونات الطبية، مثل السويد، والهند، والدنمارك، والنرويج، وإيطاليا، وألمانيا الغربية. هذا بالإضافة إلى العديد من الدول الأخرى التي لم تشارك في الحرب بشكل مباشر، لكنها قدمت العون المادي والمالي بسخاء وكرم.
الهجوم المضاد الذي شنته قوات الأمم المتحدة والتقدم نحو الشمالفي 15 من سبتمبر 1950، أجرى الجيش الكوري الجنوبي وقوات الأمم المتحدة عملية إنزال جويّ مفاجئة في "إنتشون"، في نفس الوقت الذي أجروا فيه هجوما مضادا في منطقة نهر "ناكدونغ". وانقلبت الأوضاع، وبدأت القوات الكورية الشمالية في التراجع بعد يوم 23 سبتمبر. وبالتالي استطاعت كوريا الجنوبية استعادة السيطرة على عاصمتها سيول يوم 28 سبتمبر، والسيطرة على أرضها بالكامل حتى خط 38 في الأول من أكتوبر. ولم تكتفِ القوات الكورية الجنوبية وقوات الأمم المتحدة بذلك، بل واصلوا التقدم نحو الشمال حتى سيطروا على العاصمة الشمالية "بيونغ يانغ" يوم 19 أكتوبر، وبدا أن توحيد الكوريتين صار وشيكا.
مشاركة الجيش الصيني الشيوعي والهجوم على قوات الأمم المتحدة
في 25 أكتوبر، شنت قوات الجيش الصيني هجومًا مفاجئًا. كانت استراتيجية الجيش الصيني الحربية البارعة لا يستهان بها، ولذلك انسحب الجيش الكوري وقوات الأمم المتحدة على عجل، دون حتى أن تتاح لهم الفرصة كي يدافعوا عن أنفسهم. في 4 يناير 1951، تم التنازل عن العاصمة "سيول" من جديد، وتراجعت القوات الكورية الجنوبية تراجعًا استراتيجيًا. و سيطر الجيش الصيني عليها .
"عملية كيلر"
قام الجيش الأميركي الثامن يوم 21 يناير/ كانون الثاني 1951 بمؤازرة القوات الأممية بهجوم كاسح على الجيش الصيني في كوريا الجنوبية خلال عملية عرفت باسم "عملية كيلر". وتمت استعادة سول يوم 14 مارس/ آذار من العام نفسه بعد الانسحاب الصيني منها. وظل الجيش الأميركي يزحف شمالا حتى وصل إلى خط العرض 38 وتجاوزه قليلا في 22 أبريل/ نيسان 1951. وكان الجنرال ماك آرثر حريصا على متابعة الهجوم العسكري فتم عزله وتعيين الجنرال ماثيو ريدغواي الذي كان أكثر اعتدالا من سلفه، وهي إشارة أميركية إلى تغيير في الإستراتيجية. وفي 10 يوليو 1951، دخلت الحرب الكورية مرحلة جديدة مع بدء أول محادثات للهدنة.
عقد اتفاقية الهدنة
استمرت المحادثات التي بدأت في 10 يوليو 1951 لعقد الهدنة مدة عامين كاملين، فلم تنتهي إلى في 27 يوليو عام 1953، وأطلق عليها "محادثات الهدنة الأطول في العالم". منذ بداية المحادثات، جرت مطالب المعسكرين، معسكر قوات الأمم المتحدة والمعسكر الشيوعي، على خطين متوازيين لا يلتقيان.- 1 كان الخلاف الأكثر حدة هو الخلاف حول تحديد خط ترسيم الحدود العسكرية.
فقد طالبت القوات الشيوعية بتحديد خط ترسيم الحدود العسكرية عند خط 38 الذي اعتُمد قبل الحرب، بينما طالبت قوات الأمم المتحدة بترسيم خط جديد شمال خط 38. ولذلك، تكرر توقف المحادثات واستئنافها عدة مرات، إلى أن توصل الطرفان إلى اتفاق في 27 من نوفمبر 1951 بأن يُنشآ خطًا بطول 237 كيلومترًا كحدود عسكرية بين الطرفين.
- 2 كانت العقبة الثانية هي أزمة إعادة أسرى الحرب.
كانت قوات الأمم المتحدة تنوي إعادة أسرى الحرب المحتجزين لديها إلى الشمال، عملًا ببنود "اتفاقية جنيف"، لكن عددًا كبيرًا من الأسرى رفضوا العودة إلى كوريا الشمالية. مرت الأيام والشهور دون التوصل إلى اتفاق. في النهاية، تدخلت وسائل الإعلام الغربية وهيئة الصليب الأحمر الدولي لإثارة الرأي العام، ووافق الجيش الشيوعي أخيرًا على حل الأزمة، فتوصل الطرفان إلى اتفاق لحل أزمة أسرى الحرب في يونيو 1953، وقد كانت أكبر عائق في طريق التوصل لاتفاق الهدنة وإيقاف الحرب.
- 3 مع اقتراب التوصل إلى اتفاق فعليّ لعقد الهدنة، بدأت الحكومة الكورية الجنوبية تعرب عن قلقها إزاء وضع انقسام شبه الجزيرة الكورية.
وفي شهر أبريل من عام 1953، مرر البرلمان الكوري الجنوبي قرارًا يعارض عقد الهدنة بالإجماع، وأعلن أن جيش كوريا الجنوبية سيواصل الحرب وحده دون معاونة إذا لزم الأمر. بعد مفاوضات مرهقة، قام كلٌّ من كبار مندوبي قيادة الأمم المتحدة، ومندوبو الجيش الشيوعي بتوقيع اتفاقية الهدنة في العاشرة من صباح 27 يوليو 1953، وأصبحت سارية بدءًا من الساعة العاشرة من مساء اليوم نفسه، وبذلك، وضع حدٌ للحرب التي استمرت ثلاث سنوات وشهر ويومين.
الجيوش والأسلحة والخسائر
كانت أعداد الجيوش المحاربة في الأزمة الكورية كالتالي:
- الولايات المتحدة: 260 ألف جندي.
- الأمم المتحدة: 35 ألف جندي.
- كوريا الجنوبية: 340 ألف جندي.
- كوريا الشمالية والصين مجتمعة: 865 ألف جندي.
كما برزت قوة الصين في مجال الهجوم الجوي فكان لديها 1400 طائرة عسكرية نصفها من نوع ميغ/15 السوفياتية التي كانت يومها أفضل طائرة عسكرية في العالم. ولم يتم التغلب على قوة الطيران الصيني إلا بعد أن طورت أميركا تلك السنة طائرة إف/86 وبها استطاعت مكافأة الميغ/15.
وقد ركزت أميركا على قطع طرق إمدادات الجيش الصيني، وعلى تدمير مطارات كوريا الشمالية والسكك الحديدية والجسور والمعامل الكهربائية والمراكز الصناعية. كما قصفت القواعد الكورية الشمالية الواقعة على الشواطئ.
وعرفت الحرب الكورية معاملات وحشية من كلا الطرفين، فقد اتهمت كل من كوريا الشمالية والصين الولايات المتحدة باستعمال أسلحة بيولوجية ضد جنودهما، كما تعرض الأسرى من الجنود الأميركيين وحلفائهم إلى أبشع أنواع التعذيب على أيدي الشيوعيين.
وقد بلغ عدد الخسائر البشرية ما بين قتيل ومفقود وجريح نحو أربعة ملايين شخص، وكان ضحايا المدنيين ضعف ضحايا العسكريين. ويتوزع الضحايا كالتالي:
- كوريا:
147 ألف جندي كوري جنوبي قتيل و210 آلاف جريح.
300 ألف جندي كوري شمالي قتيل و220 ألف جريح.
كما تجاوز عدد ضحايا المدنيين الكوريين مليوني قتيل. - الولايات المتحدة:
157530 ضحية مات منهم 23300 في ساحة المعارك. - حلفاء الولايات المتحدة (الجيش الأممي)
16532 ضحية منهم 3094 قتيلا. - الصين:
900 ألف ضحية منها 200 ألف قتيل.
- مراجع
*- http://world.kbs.co.kr/special/northkorea/contents/625/war_panorama_a.html?lang=a#warResultModal
*-https://learningenglish.voanews.com/a/american-history-korea-presidencies-truman-eisenhower-129419203/116186.html
*- https://www.aljazeera.net/2014/12/09/الحرب-الكورية
المرفقات
التعديل الأخير: