تصنيع كائنات حية قابلة للبرمجة حلم يراود العلماء على مر الزمان، ولكن مؤخرًا بزغ فجر الحياة الاصطناعية بعد أن تقدم الدكتور "كريغ فينتر" بطلب للحصول على براءة اختراع أول كائن حي صنع من العدم على حد قوله، وبعد أن أعلن في الأسبوع الماضي أن فريقه استطاع تخليق أول خلية بكتيرية اصطناعية.
ويؤكد عدد من المراقبين أنه بالفعل بدأ ببناء أول لبنة في إمبراطورية "ميكروبيسوفت" العملاقة والتي ستبرمج الكائنات الحية وتسخرها للعمل في الزراعة والصناعة والطب والحروب وشتى ميادين الحياة، وهو يسعى بذلك ليكون "بيل جيتس" الحياة الاصطناعية.
فبعد سلسلة من الأبحاث تقدم فينتر وزملاء له في معهد "فينتر" الذي أسسه؛ بطلب براءة اختراع لأول كائن حي مخلق مخبريًّا من العدم في أكتوبر 2006.
ويعتبر "كريغ فينتر" من أشهر رؤساء المؤسسات العلمية الذين استطاعوا تحقيق إنجاز تسلسل الجينوم البشري، ويُعَدّ رائدًا في مجال الجينوم، وحقق من هذا المشروع المجد والثروة والشهرة، وتعلم كيف يمزج العلم مع التجارة في الوقت المناسب.
ثورة علمية
بدأت الزوبعة العلمية عام 1999، عندما اشترك "هاملتون سميث" الحائز على جائزة نوبل مع "فينتر" في تجارب للكشف عن أقل عدد من الجينات يكفى لصنع حياة، من خلال التلاعب بجينات بكتيريا بسيطة تسمى "ميكوبلازما غينيتاليوم".
ومن وقتها بدأت مساعيهما لتجميع "الحد الأدنى من الجينوم" اللازم للخلية لتكون حية، والتخلص من الجينات الأخرى واستبدال جينات إضافية بها تستطيع القيام بعمليات صناعية أو طبية أو زراعية هامة، مثل إنتاج الهيدروجين أو التهام ثاني أكسيد الكربون.
ونجح الفريق ووفقًا لما نشرته مجلة ساينس العلمية في نقل جينوم من خلية بكتيريا إلى خلية أخرى، بهدف إعداد خليط صبغيات أولية يتطور تلقائيًّا.
وفور تقدم الفريق للحصول على براءة اختراع قامت مجموعة من العلماء، وأنصار البيئة وناشطون آخرون من منظمات المجتمع المدني بدعوة مكتب براءات الاختراع لرفض الطلب؛ وذلك لأسباب عديدة مثل نقص إجراءات السلامة والأمان.
كما أثارت المجموعة مخاوف من هروب الكائنات المحورة إلى البيئة لتعيث فيها فسادًا، وأن الكائنات الأخرى المقدمة بموجب البراءة قد تكون أكثر خطورة، وقد يستغل الإرهابيون هذه التكنولوجيا في تصميم مسببات الأمراض الفتاكة.
الحياة الاصطناعية
يحاول العلماء إعادة برمجة الكائنات الحية والتحكم فيها بتصميم برامج حاسوبية تتلاعب بالمورثات "الجينات" بطرق رياضية معقدة، بهدف تخليق مكتبات من الحامض النووي الديوكسي ريبوزي "دي إن إيه" قابلة للتباديل والتوافيق، ويقومون بتفريقها وتجميعها داخل الخلايا الحية بطريقة منتظمة لتخليق آلات حيّة قابلة للبرمجة.
كما يحاول علماء "الحياة المُخَلَّقة" أو "الحياة الاصطناعية" استخدام علوم الوراثة كطريق للوصول إلى إجابات عن أسئلة أساسية محيرة، مثل: كيف بدأت الحياة على الأرض؟ وكيفية تشكلها في أي مكان آخر في الكون؟.. ويتوقع العلماء أنه إذا أمكن محاكاة الطريقة البنائية للجزيئات التي تتألف منها الخلايا الحية، فسوف يكون في وسعهم بناء أشكال جديدة من الأحياء لا عهد للإنسان بها على الإطلاق!.
وتمتدّ جذور علم "البَيُولوجيا المُخَلَّقة" إلى 15 عامًا عندما قاد كل من "ستيفن بنير" و"بيتر شولز" فريقًا من العلماء في زيوريخ للقيام بعمل رائد لأول مرة في عام 1989م. وتلخص هذا الاختراق العلمي في تصنيع أول مخلوق حي يحتوي على "حرفين" وراثيين اصطناعيين جديدين (قاعدتان وراثيتان جديدتان)، بالإضافة إلى القواعد الوراثية الأربعة الطبيعية الموجودة في جميع الأحياء، وقاموا مع آخرين منذ ذلك الحين باختراع العديد من تنويعات الـ"دي إن إيه" المعدل صناعيًّا.
ويمكن استخدام هذه العناصر القاعدية للحامض النووي والتي لا تتحطم عندما تتعرض لدرجة حرارة مرتفعة لإنتاج أشكال أكثر نشاطًا وقوة من النوع الطبيعي، وقد يفيد هذا الحامض النووي الاصطناعي في استخدامات واسعة النطاق في الطب والتكنولوجيا.
ومن المثير كذلك أن علم "البَيُولوجيا المُخَلَّقة" نشأ كوسيلة لتصميم وبناء آلات وراثية تعمل داخل الخلايا، ونجح العلماء بالفعل في تصميم آلتين وراثيتين تعملان داخل الخلايا في عام 2000م، وألهمت تلك التصميمات معظم العاملين في هذا المجال.
آفاق واعدة أم خطر قادم!
ويتنبأ العلماء بتصاعد البحث في هذا المجال العلمي الجديد حتى إنه صار من الممكن تركيب الجينوم البشري بأكمله في غضون عقد من الزمن، وهو الأمر الذي يقلق قطاعًا كبيرًا من العلماء حول العالم، فالبعض يتخوف من أن تسهم هذه التقنية في إنتاج نوع جديد من الأسلحة البيولوجية، أو أن يخرج من الخليط الجيني مسخًا غير تقليدي على طريقة "فرانكشتاين".
ويعتقد الكثير من المراقبين أن الحصول على براءة اختراع في مجال البيولوجية التخليقية؛ هي إشارة البدء لسباق تجاري محموم لتأليف وخصخصة واحتكار تقنية عالية المخاطر ستنتج العديد من أشكال الحياة الاصطناعية، وأن حصول الشركة على هذه البراءة يؤهلها لتصبح "ميكروبيسوفت" البيولوجيا التخليقية.
فيما يدافع فينتر وزملاؤه بأن هذا السيناريو غير محتمل؛ لأن هذه البكتريا لا يمكن أن توجد إلا في بيئة محددة خاصة جدًّا، كما أنه قد تم تسجيل براءة اختراع لمثل هذه الكائنات المحورة من قبل شركات التكنولوجيا الحيوية لسنوات، بعد قرار المحكمة العليا الأمريكية التاريخي في عام 1980.
وأعرب "فينتر" عن أمله في أن يساعد البحث على اكتشاف تقنية لإنتاج نماذج ميكروبات، يمكن أن تستخدم للحصول على الوقود، أو للتخلص من النفايات السامة.
والآن وبعد أن بزغ فجر الحياة الاصطناعية فلن يستطيع أحد إيقافه، ولكن قبل المضي قدمًا في الموافقة على تفعيل مثل هذه التقنيات يجب على المجتمع العلمي العالمي أن ينظر في آثارها الاجتماعية والأخلاقية والبيئية بعيدة المدى.
والسؤال هو: هل سيهتم "فينتر" الذي أسمته مجلة تايم "فتى العلم السيئ" بهذه الدعوة إلى الحذر؟ أم أنه سيكون حريصًا فقط على جمع الأموال وتضخيم ثروته لتتخطى ثروة "بل جيتس" أغنى رجل في العالم؟.. هذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة.
ويؤكد عدد من المراقبين أنه بالفعل بدأ ببناء أول لبنة في إمبراطورية "ميكروبيسوفت" العملاقة والتي ستبرمج الكائنات الحية وتسخرها للعمل في الزراعة والصناعة والطب والحروب وشتى ميادين الحياة، وهو يسعى بذلك ليكون "بيل جيتس" الحياة الاصطناعية.
فبعد سلسلة من الأبحاث تقدم فينتر وزملاء له في معهد "فينتر" الذي أسسه؛ بطلب براءة اختراع لأول كائن حي مخلق مخبريًّا من العدم في أكتوبر 2006.
ويعتبر "كريغ فينتر" من أشهر رؤساء المؤسسات العلمية الذين استطاعوا تحقيق إنجاز تسلسل الجينوم البشري، ويُعَدّ رائدًا في مجال الجينوم، وحقق من هذا المشروع المجد والثروة والشهرة، وتعلم كيف يمزج العلم مع التجارة في الوقت المناسب.
ثورة علمية
بدأت الزوبعة العلمية عام 1999، عندما اشترك "هاملتون سميث" الحائز على جائزة نوبل مع "فينتر" في تجارب للكشف عن أقل عدد من الجينات يكفى لصنع حياة، من خلال التلاعب بجينات بكتيريا بسيطة تسمى "ميكوبلازما غينيتاليوم".
ومن وقتها بدأت مساعيهما لتجميع "الحد الأدنى من الجينوم" اللازم للخلية لتكون حية، والتخلص من الجينات الأخرى واستبدال جينات إضافية بها تستطيع القيام بعمليات صناعية أو طبية أو زراعية هامة، مثل إنتاج الهيدروجين أو التهام ثاني أكسيد الكربون.
ونجح الفريق ووفقًا لما نشرته مجلة ساينس العلمية في نقل جينوم من خلية بكتيريا إلى خلية أخرى، بهدف إعداد خليط صبغيات أولية يتطور تلقائيًّا.
وفور تقدم الفريق للحصول على براءة اختراع قامت مجموعة من العلماء، وأنصار البيئة وناشطون آخرون من منظمات المجتمع المدني بدعوة مكتب براءات الاختراع لرفض الطلب؛ وذلك لأسباب عديدة مثل نقص إجراءات السلامة والأمان.
كما أثارت المجموعة مخاوف من هروب الكائنات المحورة إلى البيئة لتعيث فيها فسادًا، وأن الكائنات الأخرى المقدمة بموجب البراءة قد تكون أكثر خطورة، وقد يستغل الإرهابيون هذه التكنولوجيا في تصميم مسببات الأمراض الفتاكة.
الحياة الاصطناعية
يحاول العلماء إعادة برمجة الكائنات الحية والتحكم فيها بتصميم برامج حاسوبية تتلاعب بالمورثات "الجينات" بطرق رياضية معقدة، بهدف تخليق مكتبات من الحامض النووي الديوكسي ريبوزي "دي إن إيه" قابلة للتباديل والتوافيق، ويقومون بتفريقها وتجميعها داخل الخلايا الحية بطريقة منتظمة لتخليق آلات حيّة قابلة للبرمجة.
كما يحاول علماء "الحياة المُخَلَّقة" أو "الحياة الاصطناعية" استخدام علوم الوراثة كطريق للوصول إلى إجابات عن أسئلة أساسية محيرة، مثل: كيف بدأت الحياة على الأرض؟ وكيفية تشكلها في أي مكان آخر في الكون؟.. ويتوقع العلماء أنه إذا أمكن محاكاة الطريقة البنائية للجزيئات التي تتألف منها الخلايا الحية، فسوف يكون في وسعهم بناء أشكال جديدة من الأحياء لا عهد للإنسان بها على الإطلاق!.
وتمتدّ جذور علم "البَيُولوجيا المُخَلَّقة" إلى 15 عامًا عندما قاد كل من "ستيفن بنير" و"بيتر شولز" فريقًا من العلماء في زيوريخ للقيام بعمل رائد لأول مرة في عام 1989م. وتلخص هذا الاختراق العلمي في تصنيع أول مخلوق حي يحتوي على "حرفين" وراثيين اصطناعيين جديدين (قاعدتان وراثيتان جديدتان)، بالإضافة إلى القواعد الوراثية الأربعة الطبيعية الموجودة في جميع الأحياء، وقاموا مع آخرين منذ ذلك الحين باختراع العديد من تنويعات الـ"دي إن إيه" المعدل صناعيًّا.
ويمكن استخدام هذه العناصر القاعدية للحامض النووي والتي لا تتحطم عندما تتعرض لدرجة حرارة مرتفعة لإنتاج أشكال أكثر نشاطًا وقوة من النوع الطبيعي، وقد يفيد هذا الحامض النووي الاصطناعي في استخدامات واسعة النطاق في الطب والتكنولوجيا.
ومن المثير كذلك أن علم "البَيُولوجيا المُخَلَّقة" نشأ كوسيلة لتصميم وبناء آلات وراثية تعمل داخل الخلايا، ونجح العلماء بالفعل في تصميم آلتين وراثيتين تعملان داخل الخلايا في عام 2000م، وألهمت تلك التصميمات معظم العاملين في هذا المجال.
آفاق واعدة أم خطر قادم!
ويتنبأ العلماء بتصاعد البحث في هذا المجال العلمي الجديد حتى إنه صار من الممكن تركيب الجينوم البشري بأكمله في غضون عقد من الزمن، وهو الأمر الذي يقلق قطاعًا كبيرًا من العلماء حول العالم، فالبعض يتخوف من أن تسهم هذه التقنية في إنتاج نوع جديد من الأسلحة البيولوجية، أو أن يخرج من الخليط الجيني مسخًا غير تقليدي على طريقة "فرانكشتاين".
ويعتقد الكثير من المراقبين أن الحصول على براءة اختراع في مجال البيولوجية التخليقية؛ هي إشارة البدء لسباق تجاري محموم لتأليف وخصخصة واحتكار تقنية عالية المخاطر ستنتج العديد من أشكال الحياة الاصطناعية، وأن حصول الشركة على هذه البراءة يؤهلها لتصبح "ميكروبيسوفت" البيولوجيا التخليقية.
فيما يدافع فينتر وزملاؤه بأن هذا السيناريو غير محتمل؛ لأن هذه البكتريا لا يمكن أن توجد إلا في بيئة محددة خاصة جدًّا، كما أنه قد تم تسجيل براءة اختراع لمثل هذه الكائنات المحورة من قبل شركات التكنولوجيا الحيوية لسنوات، بعد قرار المحكمة العليا الأمريكية التاريخي في عام 1980.
وأعرب "فينتر" عن أمله في أن يساعد البحث على اكتشاف تقنية لإنتاج نماذج ميكروبات، يمكن أن تستخدم للحصول على الوقود، أو للتخلص من النفايات السامة.
والآن وبعد أن بزغ فجر الحياة الاصطناعية فلن يستطيع أحد إيقافه، ولكن قبل المضي قدمًا في الموافقة على تفعيل مثل هذه التقنيات يجب على المجتمع العلمي العالمي أن ينظر في آثارها الاجتماعية والأخلاقية والبيئية بعيدة المدى.
والسؤال هو: هل سيهتم "فينتر" الذي أسمته مجلة تايم "فتى العلم السيئ" بهذه الدعوة إلى الحذر؟ أم أنه سيكون حريصًا فقط على جمع الأموال وتضخيم ثروته لتتخطى ثروة "بل جيتس" أغنى رجل في العالم؟.. هذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة.