التفسير الميسر : يعمل الجن لسليمان ما يشاء من مساجد للعبادة، وصور من نحاس وزجاج، وقِصَاع كبيرة كالأحواض التي يجتمع فيها الماء، وقدور ثابتات لا تتحرك من أماكنها لعظمهن، وقلنا يا آل داود: اعملوا شكرًا لله على ما أعطاكم، وذلك بطاعته وامتثال أمره، وقليل من عبادي من يشكر الله كثيرًا، وكان داود وآله من القليل.
التفسير الميسر: فلما قضينا على سليمان بالموت ما دلَّ الجن على موته إلا الأرَضَةُ تأكل عصاه التي كان متكئًا عليها، فوقع سليمان على الأرض، عند ذلك علمت الجن أنهم لو كانوا يعلمون الغيب ما أقاموا في العذاب المذلِّ والعمل الشاق لسليمان؛ ظنا منهم أنه من الأحياء. وفي الآية إبطال لاعتقاد بعض الناس أن الجن يعلمون الغيب؛ إذ لو كانوا يعلمون الغيب لعلموا وفاة سليمان عليه السلام، ولما أقاموا في العذاب المهين.
التفسير الميسر: لقد كان لقبيلة سبأ بـ "اليمن" في مسكنهم دلالة على قدرتنا: بستانان عن يمين وشمال، كلوا من رزق ربكم، واشكروا له نعمه عليكم؛ فإن بلدتكم كريمة التربة حسنة الهواء، وربكم غفور لكم. فأعرضوا عن أمر الله وشكره وكذبوا الرسل، فأرسلنا عليهم السيل الجارف الشديد الذي خرَّب السد وأغرق البساتين.
التفسير الميسر: قل -أيها الرسول- للمشركين: ادعوا الذين زعمتموهم شركاء لله فعبدتموهم من دونه من الأصنام والملائكة والبشر، واقصدوهم في حوائجكم، فإنهم لن يجيبوكم، فهم لا يملكون وزن نملة صغيرة في السموات ولا في الأرض، وليس لهم شِرْكة فيهما، وليس لله من هؤلاء المشركين معين على خلق شيء، بل الله -سبحانه وتعالى- هو المتفرد بالإيجاد، فهو الذي يُعْبَدُ وحده، ولا يستحق العبادة أحد سواه.
التفسير الميسر: وإذا تتلى على كفار "مكة" آيات الله واضحات قالوا: ما محمد إلا رجل يرغب أن يمنعكم عن عبادة الآلهة التي كان يعبدها آباؤكم، وقالوا: ما هذا القرآن الذي تتلوه علينا -يا محمد- إلا كذب مختلق، جئتَ به من عند نفسك، وليس مِن عند الله، وقال الكفار عن القرآن لما جاءهم: ما هذا إلا سحر واضح.
قال الله تعالى: { وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّىٰ لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ (52)}
التفسير الميسر: وقال الكفار -عندما رأوا العذاب في الآخرة-: آمنا بالله وكتبه ورسله، وكيف لهم تناول الإيمان في الآخرة ووصولهم له من مكان بعيد؟ قد حيل بينهم وبينه، فمكانه الدنيا، وقد كفروا فيها.
الوسيط لطنطاوي: وجه - سبحانه - نداء ثانيا إلى الناس . بين لهم فيه أن البعث حق ، وأن من الواجب عليهم أن يستعدوا لاستقبال هذا اليوم بالإِيمان والعمل الصالح فقال تعالى:
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ . . . } أي : إنما وعدكم الله - تعالى - به من البعث والحساب والثواب والعقاب ، حق لا ريب فيه ، وما دام الأمر كذلك ،
{ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا } أي : فلا تخدعنكم بمتعها ، وشهواتها ، ولذائذها ، فإنها إلى زوال وفناء ، ولا تشغلنكم هذه الحياة الدنيا من أداء ما كلفكم - سبحانه - بأدائه من فرائض وتكاليف.
{ وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ } أي : ولا يخدعنكم عن طاعة ربكم ، ومالك أمركم
{ الْغَرُورُ } أي : الشيطان المبالغ في خداعكم ، وفى صرفكم عن كل ما هو خير وبر. فالمراد بالغرور هنا : الشيطان الذى أقسم بالأيمان المغلظة ، بأنه لن يكف عن إغواء بنى آدم ، وعن تزيين الشرور والآثام لهم .
التفسير الميسر: واللهُ خلق أباكم آدم من تراب، ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين، ثم جعلكم رجالا ونساءً. وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه، وما يعمَّر من مُعَمَّر، فيطول عمره، ولا يُنْقَص من عمره إلا في كتاب عنده، وهو اللوح المحفوظ، قبل أن تحمل به أمُّه وقبل أن تضعه. قد أحصى الله ذلك كله، وعلمه قبل أن يخلقه، لا يُزاد فيما كتب له ولا يُنْقَص. إن خَلْقكم وعِلْم أحوالكم وكتابتها في اللوح المحفوظ سهل يسير على الله.
التفسير الميسر : وما يستوي البحران: هذا عذب شديد العذوبة، سَهْلٌ مروره في الحلق يزيل العطش، وهذا ملح شديد الملوحة، ومن كل من البحرين تأكلون سمكًا طريًّا شهيَّ الطَّعم، وتستخرجون زينة هي اللؤلؤ والمَرْجان تَلْبَسونها، وترى السفن فيه شاقات المياه؛ لتبتغوا من فضله من التجارة وغيرها. وفي هذا دلالة على قدرة الله ووحدانيته؛ ولعلكم تشكرون لله على هذه النعم التي أنعم بها عليكم.
التفسير الميسر: واللهُ يدخل من ساعات الليل في النهار، فيزيد النهار بقَدْر ما نقص من الليل، ويُدخل من ساعات النهار في الليل، فيزيد الليل بقَدْر ما نقص من النهار، وذلل الشمس والقمر، يجريان لوقت معلوم، ذلكم الذي فعل هذا هو الله ربكم له الملك كله، والذين تعبدون من دون الله ما يملكون مِن قطمير، وهي القشرة الرقيقة البيضاء تكون على النَّواة.
التفسير الميسر: ولا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى، وإن تَسْأل نفسٌ مثقَلَة بالخطايا مَن يحمل عنها من ذنوبها لم تجد من يَحمل عنها شيئًا، ولو كان الذي سألتْه ذا قرابة منها من أب أو أخ ونحوهما. إنما تحذِّر -أيها الرسول- الذين يخافون عذاب ربهم بالغيب، وأدَّوا الصلاة حق أدائها. ومن تطهر من الشرك وغيره من المعاصي فإنما يتطهر لنفسه. وإلى الله سبحانه مآل الخلائق ومصيرهم، فيجازي كلا بما يستحق.
الوسيط لطنطاوي: أنزلنا من السماء ماء أخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها ، وجعلنا بقدرتنا من الجبال قطعاً ذات ألوان مختلفة ، فمنها الأبيض ، ومنها الأحمر ، ومنها ما هو شديد السواد ، ومنها ما ليس كذلك ، مما يدل على عظيم قدرتنا . وبديع صنعنا .
التفسير الميسر: جنات إقامة دائمة للذين أورثهم الله كتابه يُحلَّون فيها الأساور من الذهب واللؤلؤ، ولباسهم المعتاد في الجنة حرير أي: ثياب رقيقة. وقالوا حين دخلوا الجنة: الحمد لله الذي أذهب عنا كل حَزَن، إن ربنا لغفور؛ حيث غفر لنا الزلات، شكور؛ حيث قبل منا الحسنات وضاعفها. وهو الذي أنزلَنا دار الجنة من فضله، لا يمسنا فيها تعب ولا إعياء.
التفسير الميسر: وهؤلاء الكفار يَصْرُخون من شدة العذاب في نار جهنم مستغيثين: ربنا أخرجنا من نار جهنم، وردَّنا إلى الدنيا نعمل صالحًا غير الذي كنا نعمله في حياتنا الدنيا، فنؤمن بدل الكفر، فيقول لهم: أولم نُمْهلكم في الحياة قَدْرًا وافيًا من العُمُر، يتعظ فيه من اتعظ، وجاءكم النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك لم تتذكروا ولم تتعظوا؟ فذوقوا عذاب جهنم، فليس للكافرين من ناصر ينصرهم من عذاب الله.
التفسير الميسر: الله هو الذي جعلكم -أيها الناس- يَخْلُف بعضكم بعضًا في الأرض، فمن جحد وحدانية الله منكم فعلى نفسه ضرره وكفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا بغضًا وغضبًا، ولا يزيدهم كفرهم بالله إلا ضلالا وهلاكًا.
التفسير الميسر: قل -أيها الرسول- للمشركين: أخبروني أيَّ شيء خَلَق شركاؤكم من الأرض، أم أن لشركائكم الذين تعبدونهم من دون الله شركًا مع الله في خلق السماوات، أم أعطيناهم كتابًا فهم على حجة منه؟ بل ما يَعِدُ الكافرون بعضهم بعضًا إلا غرورًا وخداعًا.
التفسير الميسر : ليس إقسامهم لقَصْد حسن وطلبًا للحق، وإنما هو استكبار في الأرض على الخلق، يريدون به المكر السيِّئ والخداع والباطل، ولا يحيق المكر السيِّئ إلا بأهله، فهل ينتظر المستكبرون الماكرون إلا العذاب الذي نزل بأمثالهم الذين سبقوهم، فلن تجد لطريقة الله تبديلا ولا تحويلا فلا يستطيع أحد أن يُبَدِّل، ولا أن يُحَوِّل العذاب عن نفسه أو غيره.
قال الله تعالى: { إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ (8)} [سورة يس]
التفسير الميسر: إنا جعلنا هؤلاء الكفار الذين عُرض عليهم الحق فردُّوه، وأصرُّوا على الكفر وعدم الإيمان، كمن جُعِل في أعناقهم أغلال، فجمعت أيديهم مع أعناقهم تحت أذقانهم، فاضطروا إلى رفع رؤوسهم إلى السماء، فهم مغلولون عن كل خير، لا يبصرون الحق ولا يهتدون إليه.
قال الله تعالى: { وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (9)}
التفسير الميسر: وجعلنا من أمام الكافرين سدًّا ومن ورائهم سدًّا، فهم بمنزلة من سُدَّ طريقه من بين يديه ومن خلفه، فأعمينا أبصارهم؛ بسبب كفرهم واستكبارهم، فهم لا يبصرون رشدًا، ولا يهتدون. وكل من قابل دعوة الإسلام بالإعراض والعناد، فهو حقيق بهذا العقاب.
التفسير الميسر : واضرب -أيها الرسول- لمشركي قومك الرادِّين لدعوتك مثلا يعتبرون به، وهو قصة أهل القرية، حين ذهب إليهم المرسلون، إذ أرسلنا إليهم رسولين لدعوتهم إلى الإيمان بالله وترك عبادة غيره، فكذَّب أهل القرية الرسولين، فعزَّزناهما وقويناهما برسول ثالث، فقال الثلاثة لأهل القرية: إنا إليكم -أيها القوم- مرسلون. قال أهل القرية للمرسلين: ما أنتم إلا أناس مثلنا، وما أنزل الرحمن شيئًا من الوحي، وما أنتم -أيها الرسل- إلا تكذبون. قال المرسلون مؤكدين: ربُّنا الذي أرسلنا يعلم إنا إليكم لمرسلون، وما علينا إلا تبليغ الرسالة بوضوح، ولا نملك هدايتكم، فالهداية بيد الله وحده. قال أهل القرية: إنا تَشَاءَمْنا بكم، لئن لم تكُفُّوا عن دعوتكم لنا لنقتلنكم رميًا بالحجارة، وليصيبنكم منَّا عذاب أليم موجع.