ما هي الوجوه التعبيرية (ايموجي) من أين أتت وكيف هيمنت على الإنترنت بشكل كامل؟
ايموجي - الايموجي - الوجوه التعبيرية
في الحضارات القديمة وقبل بضعة آلاف من السنوات، ظهرت الطرق الأولى للكتابة وبالتالي تتريخ ما يحصل وتركه للمستقبل. بالطبع فالطرق الأولى للكتابة لم تكن كما اليوم من حيث الاعتماد على أبجدية صوتية وربط الأصوات بأشكال مرسومة هي الأحرف. بل كان الأمر حينها يتضمن الرسم كجزء أساسي من الكتابة. واليوم بعد أن تجاوزنا وقت الكتابات الهيروغليفية بقرون عديدة يبدو أننا عدنا للاعتماد على الرسومات مجدداً لكنها اليوم على شكل ايموجي.
بالطبع فالجميع يعرف ما هو الايموجي (أو الوجوه التعبيرية). حيث أن هذه الأشكال الصغيرة والتي يمكن إضافتها مع الكلام باتت أساسية في تواصل الجميع. وسواء كنت تستخدم فيسبوك أو تويتر أو أي موقع آخر تقريباً، فالأرجح أن الوجوه التعبيرية (ايموجي) تحيط بك في كل مكان. فهي تأتي مثبتة مسبقاً على جميع الهواتف الذكية، كما أن الأشكال الجديدة لها تظهر طوال الوقت لتساعد أكثر على التعبير عن مشاعر الأشخاص وردود أفعالهم.
بالطبع فما نعرفه الآن بكونه ايموجي لم يكن دائماً بشكله الحالي. حيث أن هذه الوجوه التعبيرية أتت بأشكال عديدة ومختلفة في مراحل زمنية متتالية. وعلى الأرجح أن المستخدمين القديمين للإنترنت لا زالوا يتذكرون ما كان يعرف باسم “سمايلات” والتي كانت تتطلب الكتابة بطرق مختلفة. هنا سنتحدث عن الرموز التعبيرية عموماً وكيف تحولت من ميزة قليلة الشهرة في اليابان إلى ظاهرة عالمية كبيرة جداً وأسلوب تواصل أساسي حتى.
المحتويات
كيف تعمل الوجوه التعبيرية (ايموجي) حالياً؟
ايموجي - الايموجي
حالياً جميع الوجوه التعبيرية (ايموجي) الموحدة والمستخدمة على مختلف المنصات تعامل كما الحروف وتمتلك مكانها في المعيار العالمي لترميز الحروف
في الوقت الحالي باتت الرموز التعبيرية تعامل تماماً كما لو أنها أحرف في الواقع. حيث أن الوجوه التعبيرية تمتلك مكانها الخاص ضمن تشفير Unicode المسؤول عن إعطاء قيم من النظام الثنائي للأحرف. يمكنك معرفة المزيد عن طريقة تشفير الأحرف والرموز المختلفة من مقالنا السابق عن سبب اختلاف الحد الأقصى للأحرف في الرسائل العربية والإنجليزية. لكن ما يهم هنا هو أن الوجوه التعبيرية لم تعد تعامل كصور في الواقع، بل أنها تمتلك كل صفات الأحرف.
وبالطبع كما أن الأحرف يمكن أن تظهر بخطوط وأشكال مختلفة حسب الخط المستخدم لكتابتها، فوجوه ايموجي التعبيرية تعاني من هذه التغييرات بدورها. حيث أن رموز ايموجي الخاصة بموقع فيسبوك مختلفة عن تلك التي تظهر في تطبيق واتس اب، وبدورها تختلف عن تلك التي تظهر في واجهة النظام لهواتف سامسونج أو ايفون أو غيرها. هذه الاختلافات غالباً ما تكون صغيرة للغاية، لكنها تبقى موجودة وتسبب ضجة في كل مرة يقرر موقع ما تغيير شكل ايموجي الذي يستخدمه.
من أين أتت وجوه ايموجي التعبيرية في الأصل؟
ايموجي - الايموجي - الوجوه التعبيرية
الكثير من الأشخاص لا زالوا يتذكرون خدمات المراسلة القديمة عندما كان يتم التعبير عن الوجوه بكتابة بعض الأحرف بدلاً من استخدام الايموجي بشكل مباشر
قبل أن نصل إلى الأشكال المعتمدة لـ ايموجي اليوم، كان هناك وسيلة شهيرة للغاية لتحويل النصوص إلى وجوه. حيث كانت الأحرف اللاتينية واليابانية تستخدم برفقة علامات الترقيم لتبدو وكأنها تعبر عن نوع من المشاعر. حيث أن :O مثلاً تعبر عن الدهشة، وB) ترمز لوجه يرتدي نظارات شمسية. وبالطبع هناك النقطتان الرأسيتان المتبوعتان بقوس، والتي عادة ما يتم تحويلها تلقائياً لوجه مبتسم ضمن المواقع وبعض البرامج كذلك. ومع أن هذه الأشكال كانت موجودة بطريقة ما منذ القرن الثامن عشر، فقد انتشرت حقاً بداية من عام 1982 على المنتديات التي سبقت ظهور الويب حتى.
في نفس الوقت الذي كان يشهد بداية انتشار استخدام الأحرف سوية لصنع ما يشبه وجوهاً على الإنترنت، كان هناك شيء مشابه لكن متقدم أكثر يجري في اليابان. حيث كانت شركة اتصالات باسم NTT DoCoMo تطور النسخة الأولى من ايموجي في عام 1999. هذه النسخة كانت مخصصة لمنصة انترنت بدائية باسم i-mode. وبالطبع كانت اشكال ايموجي حينها مستوحاة من الية عمل اللافتات الطرقية والرموز الخاصة بأخبار الطقس.
الجيل الأول من ايموجي - الايموجي - الوجوه التعبيرية
الجيل الأول من رموز الايموجي كان قليل الدقة للغاية، لكنه أثبت نجاحه في اليابان
لاحقاً بدأت مختلف شركات الاتصالات اليابانية بتبني أشكال مشابهة للغاية للايموجي. لكنها لم تكن موحدة، فبعضها كان بسيطاً للغاية وصغير الحجم بقياس 12×12 بكسل فقط، بينما بعضها الآخر كان أعلى دقة ويتضمن ألواناً وحتى قابلية للحركة. وخلال مطلع الألفية استمر استخدام هذه الأشكال الأولية لـ ايموجي في اليابان بشكل شبه حصري. حيث أن العالم الخراجي كان لا زال يعتمد الوجوه المصنوع من الأحرف حتى وقتها أو ما يسمى عادة باسم “سمايلي”.
عام 2010 حمل التغيير الأهم ربما في عالم ايموجي. حيث تم إضافة بعض هذه الوجوه التعبيرية بشكل رسمي إلى معيار Unicode العالمي. أي أنها تحولت لأحرف بشكل حقيقي حينها، ومن هناك بدأت الشركات برسم الأشكال الخاصة بها لكل من هذه الوجوه. ومع كون هذه الوجوه التعبيرية أداة ممتازة للتواصل بين اليافعين بالأخص، سرعان ما تسابقت الشركات على تضمين المزيد والمزيد منها في خدماتها، واليوم بات هناك أكثر من 1250 ايموجي مختلف متاح للاستخدام.
الاختلافات في المنصات المختلفة عند رسم ايموجي
ايموجي - الايموجي - الوجوه التعبيرية
الكثير من رموز ايموجي تظهر بأشكال مختلفة على المنصات المختلفة، حيث لا يوجد شكل موحد حتى الآن.
منذ بدأت الوجوه التعبيرية بالانتشار العالمي على نطاق واسع، كان هناك الكثير من الدعوات لتوحيدها بشكل أكبر حتى. فبينما هي اليوم موحدة من حيث المعنى الأصلي وطريقة الكتابة، فهي تختلف بشكل طفيف أو شديد من منصة إلى أخرى حسب النظام والبرنامج الذي يتعامل معها. حيث أن الايموجي التي تستخدمها شركة Apple مختلفة عن تلك الخاصة بـ Microsoft أو Samsung أو غيرها، كما أن بعض خدمات الإنترنت الكبرى مثل Facebook وWhatsApp تمتلك إصداراتها الخاصة كذلك.
في معظم الأحيان تكون الوجوه التعبيرية المختلفة مجرد رسومات تتمحور حول نفس المعنى عموماً. لكن وعلى الرغم من أن الهدف الأساسي لوجود الايموجي هو جعل الكلام يصبح أوضح وأسهل للفهم، فالعديد منها يساء فهمه طوال الوقت بسبب الاختلافات بين المنصات المختلفة. فبالإضافة لكون بعض الايموجي يساء فهمها أصلاً مقارنة بالمعنى المفترض لها، فبعضها بظهر بشكل مختلف بين المنصات بحيث يبدو وكأنه يعبر عن إحساس مخلف تماماً أو معاكس حتى للإحساس المطلوب.
الايموجي المثيرة للجدل
ايموجي - الايموجي - الوجوه التعبيرية
معظم الشركات تخلت عن ايموجي المسدس مقابل شكل مسدس ماء غير مهدد أبداً.
على الرغم من أن الايموجي بات طريقة شبه ضرورية للتواصل على الإنترنت اليوم، حيث أن بعض الايموجي (ايموجي الوجه الضاحك مع دموع) وصلت إلى حد أن تكون “كلمة العام” الخاصة بمعجم Oxford لعام 2015، فهي لا تزال محطاً للجدل حالياً. حيث أن استخدامها بالدرجة الأولى من قبل اليافعين والشباب جعلها تحتل مكاناً غريباً بين أن تكون أشبه بمزاح فقط، أو أن يتم التعامل معها بشكل جدي، وبالأخص الايموجي التي تمثل أشكال أسلحة مثل المسدس والسكين والقنبلة.
في الواقع وبعد التعامل مع عدة حالات تضمنت رسائل تتضمن ايموجي المسدس واعتبارها بمثابة تهديد بإطلاق النار، أصبح هذا الايموجي الشهير محط جدل كبير أدى إلى قيام شركة Apple باستبدال الشكل التقليدي له بمسدس ماء عام 2016. وبالوصول إلى الوقت الحالي فقد قامت جميع الشركات الأخرى تقريباً بنفس الخطوة. ومع أن هذا الانتقال لا يزال محط جدل بين البعض، فهو يبدو نهائياً دون أية نوايا بعكسه.
ايموجي - الايموجي - الوجوه التعبيرية
منذ عام 2015، أصبحت رموز ايموجي متاحة بمختلف تدرجات لون البشرة.
بالإضافة للجدل الخاص بـ ايموجي المسدس، فقد كان هناك الكثير من الجدل حول كون الايموجي التي تمثل أشكال وجوه حقيقية تأتي ببشرة بيضاء حصراً. لذا وبداية من عام 2015 بدأ الانتقال نحو أشكال أكثر شمولية لمختلف الأشخاص. وبدلاً من البشرة البيضاء باتت الابموجي التي تمثل الوجوه تأتي بلون أصفر أصلي، ويمكن اختيار تدرجات لون بشرة أخرى لها تتراوح من الأبيض الباهت حتى الأسمر الداكن جداً. وبغض النظر عن لون بشرة الشخص، فإضافة كهذه جيدة عموماً من حيث كونها تقدم تعبيراً أفضل لمختلف الأعراق.
تأثير ايموجي على الثقافة العامة
فيلم ايموجي
حتى اليوم لا يزال استخدام الايموجي محصوراً إلى حد بعيد في الواقع من حيث المجالات. فعلى الرغم من انه المهيمن تماماً في عالم الإنترنت وبالأخص في المحادثات، فهو لا زال لا يؤخذ بجدية من قبل معظم الأشخاص. حيث أن الاستخدام المعتاد حالياً للايموجي لا يزال هو كونه هزلياً بالدرجة الأولى، وعندما يصبح الحديث جدياً سرعان ما يتم الاستغناء عن الوجوه التعبيرية بشكل شبه كامل حيث معظم الأشخاص لا يستطيعون الثقة أو التعامل بشكل جدي مع أي نص يتضمن وجوه ايموجي التعبيرية.
كما تحدثنا أعلاه، فقد أثبت وود الايموجي تأثيره على الثقافة العامة مع اعتماده ككلمة العام من قبل معجم Oxford في عام 2015، وحتى أن شركة Sony Pictures Animation لم تجد مانعاً من إنتاج فيلم كامل عن الايموجي بميزانية تخطت 50 مليون دولار أمريكي (الفيلم فشل بشكل ذريع وبات يعد واحداً من الأسوأ تماماً من حيث رد فعل الجمهور). لكن على العموم يبدو أن قوة الايموجي الثقافية مستمرة في النمو، ولا يمكن إنكار كونه واحداً من العلامات البارزة في الثقافة العالمية خلال العقد الأخير.
..................
@Tornado.sa
واخيرا لاتنسو ارتداء الكمامه