طالب عدد من الصحراويين المتواجدين بالجنوب الجزائري بمنحهم حكماً ذاتياً مستقلاً، يمكنهم من استغلال ثروات المنطقة التي ينتمون إليها، الغنية بالآبار البترولية و الغازية، و التي تحرمهم السلطة الجزائرية من استغلال خيراتها الوفيرة، في تحد سافر لحقوق المواطنة التي يخولها الدستور و القانون لكل مواطن يعيش داخل تراب دولته، أن يتمتع بحقوق المواطنة كاملة، و يحظى بمبدأ تساوي الفرص أمام كل المواطنين على السواء، وفي ظل هذا الحيف و الظلم الذي باتت تعاني منه قبائل الجنوب الجزائري، الشيء الذي كان بمثابة حافز رئيسي حدا بهم إلى تأسيس خلايا مسلحة من أبناء "الطوارق"، حملت على عاتقها قيادة حركة التمرد و العصيان بالجنوب الجزائري إلى أن يُستجاب لحقوقهم المشروعة و المهضومة من طرف النظام الجزائري. و يعد مطلب الحكم الذاتي بالمنطقة الجنوبية التي ينتمي إليها مل يسمى "بالطوارق" إلى تأسيس خلايا مسلحة كُـللت مجهوداتها، بتأسيس "المجلس الجهوي المؤقت للتنسيق و المتابعة"، و الذي يُتوخى من وراء تأسيسه لفت انتباه المنتظم الدولي و كذا السلطات الجزائرية إلى قضيتهم، و مدى الخصاص الذي يُعانون منه في ظل استغلال المؤسسة العسكرية الجزائرية لثروات المنطقة و خاصة منها البترولية و الغازية. و جاءت فكرة إنشاء فكرة المجلس الجهوي المؤقت للتنسيق و المتابعة لـ "طوارق" الجنوب الجزائري، بعدما استلهمتهم فكرة المملكة المغربية التي قدمت أمام المنتظم الدولي مقترحًا عادلا و شاملا، تمنح المملكة المغربية الشريفة بموجبه حكمــاً ذاتياً موسعـاً لرعاياها الصحراويين، مع امتياز الاستفادة من ثروات المنطقة و خيراتها، تحت السيادة المغربية، في إطار ديمقراطي حداثي يخول لهم تسيير أنفسهم بأنفسهم كحل بديل، و متفاوض بشأنه و نهائي للصراع المفتعل بالصحراء المغربية. و عليه فقد رأى "الطوارق" القابعون في الجنوب الجزائري، في الحل المقترح من طرف المغاربة مع رعاياهم الصحراويين، حلاً سلميًا و ايجابيًا و فعّالا في نفس الوقت، وقد تمت صياغته بأسلوب حضاري ِصرف، مع مراعاة جميع الخصوصيات و الحيثيات المتعلقة بالمنطقة و سكانها الصحراويين الذين سيتمتعون بحقوق المواطنة كاملة، الشيء الذي سيمكنهم من تحسين أوضاعهم الاجتماعية و الاقتصادية، مع الحفاظ طبعاً على هويتهم و انتمائهم لوطنهم الأم المغرب و عليه فقد ظل عدد من سكان الجنوب الجزائري الملقبون "بالطوارق" ، و الذين يفوق عددهم أكثر من مليون نسمة، ينتظرون بشغف، إلى ما سيؤول إليه مصير صحراويي المغرب، و بعد تيقنهم من نجاعة و جدية المقترح المغربي الذي سيتمتع بموجبه جميع صحراويو المغرب بالتقسيم العادل للثروات و كذا الحقوق و الواجبات، و ستعطى لهم فرصة غير مسبوقة من أجل تحسين أوضاعهم و تسييرها، معتمدين على طاقاتهم الشابة و الطموحة من أبناء و اطر المنطقة، لما فيه مصلحتهم الشخصية و مصلحة وطنهم الأصلي المغرب، الشيء الذي ولّد لدى "طوارق الجزائر" روح و نزعة استرجاع الحقوق المهضومة من طرف الدولة الجزائرية، التي عملت على استغلال خيرات و ثروات المنطقة الصحراوية الجنوبية المتواجدة داخل رقعتها. و بات من الضروري على الجنرالات الجزائريين منذ الآن أن يحصدوا ما زرعوه منذ عقود مضت، و قد آن الأوان من أجل إرجاع الحقوق إلى أصحابها، و وضع حدّ لانتهاكات حقوق الصحراويين الجزائريين الذين يعيشون في عزلة تامة و تهميش ممنهج من طرف القيادات المتعاقبة على حكم الشأن الجزائري، وفي نظري يُعد تأسيس "المجلس الجهوي المؤقت للتنسيق و المتابعة"، كبداية و هي في حد ذاتها خطوة موفقة من أجل إخراج حقوق " الطوارق" عامة من القبضة الحديدية للنظام الجزائري المتعسف. و تجدر الإشارة هنا إلى أن الدولة الجزائرية فقهت متأخرة إلى يقظة صحراوييها، الذين انتهكت حقوقهم و استغلت ثرواتهم الطبيعية، بعد أن حاولت استمالتهم و بالتالي إلحاق عدد منهم إلى قوات الجيش الجزائري، بعد أن كررت دعوات انضمامهم على جيشها النظامي، بدعوى حماية المنطقة بقوات نظامية ينتمي أعضاؤها إلى سكان الطوارق، الذين فطنوا بدورهم على اللعـبة الجزائري، و رفضوا الانضمام إليهم، بعـــدما تمكنوا من تكوين ميليشيات مسلحة يقدر عددها بنحو أربع مائة مسلح، أخذوا على عاتقهم قيادة التمرد بالجنوب الجزائري، إلى حين التجاوب مع مطالبهم المشروعة في استغلال منطقتهم و ثرواتها المتعددة، التي تزخر بها المنطقة في إطار حكم ذاتي و لما لا التفكير في دولة منفصلة الحدود و المعالم، تكون لها كل المقومات التاريخية الأساسية التي تسمح بإقامتها بالجنوب الجزائري. و منذ الآن بات من الضروري على الدولة الجزائرية أن تسير وفق السياسة المغربية الحكيمة و أخذ العبرة و الحكمة منها، في مسألة تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص و تقسيم ثروات البلاد على كل رعاياها دون حيف أو استثناء...، و بالتالي تجسيد مبدأ العدالة الاجتماعية داخل ترابها، و عليها أن تمنح شعب "الطوارق" المتواجد جنوب الصحراء الجزائرية حكماً ذاتياً موسعاً، كي يخرجوا من عنق الزجاجة التي تحكم السلطة الجزائرية العسكرية قبضتها عليها، بعد أن أعلنت فشلها في استقطاب مقاتلي الطوارق إلى صفوف جيشها النظامي، الشيء الذي لا يدع مجالا للشك في ارتفاع أصوات و مطالب "طوارق الجنوب الجزائري"، السياسية و الاقتصادية على الرغم من غياب حليف استراتيجي قادر على التحرك و تبني قضيتهم و مطالبهم المشروعة، كما هو الشأن بالنسبة لجبهة البوليساريو في علاقتها المباشرة و الدعم المادي و المعنوي التي تتلقاه من النظام الجزائري...، و صدق من قال : "كيف تدين تُدان...".
__________________
__________________