" الحملة الفارسية " في الحرب العالمية الأولي

[أبوالبراء]

بسم الله الرحمن الرحيم
........................

مقدمة:

حملة فارس عبارة عن سلسلة من المعارك بين عامي 1914 و 1916 ، وقعت أحداثها في مناطق شمال وغرب فارس ، وقد كانت تمثل للروس جزء من جبهــة القوقاز ، وبالنسبة للأتراك والبريطانيين كانت جزء من مســرح عمليـات الشرق الأوســط .


كانت فارس بمنأي بعيد عن الحرب ، لكن ظروف التنافس بين دول الحلفاء والوسط أدت إلي إنتقال الصراع إليها ، نظرا لما كانت تتمتع من ثروات نفطيـة هائلة بالإضافـة إلي موقعها الإستراتيجي بين أفغانستان والدول المتحاربة .

وقد كان لدي الدولة العثمانية هدف إستراتيجي من خلال حملتها علي فارس تمثل في قطع إمدادات الطاقة عن الروس التي يتحصلون عليها من بحر قزوين ، اما البريطانيين فقد كانت متعاقدة مع شركة النفط الأنجلو/ فارسية ، التي تتمتع بإمتيازات تشغيل حقول النفط بفارس ، علي إمداد أسطولها البحري الطاقة .


سعي مكتب المخابرات الشرقية بإسطنبول الذي أنشئ عشية إندلاع الحرب العالمية الأولي إلي إثارة النزاعات والقلاقل في المستعمرات التابعة لبريطانيا مثل الهنــد ومصر وفارس ، وكان للمكتب دور هام في إعلان السلطان العثماني للجهاد المقدس ضد الحلفاء ، وكانت عمليات المكتب في فارس يقودها كل من الكونت Kaunitz وWilhelm Wassmuss الدبلوماسي الألماني الذي يجيد العيش في بيئة الصحراء ونجح في إقناع قادته بإمكانيته علي إثارة القبائل الفارسية للقيام بثورة علي البريطانيين ، وكان هدف المكتب علي المدي القريب في تحرير فارس من قبضة البريطانيين والروس وهدف بعيد في إمكانية إحتلال الهند بالقوات المحلية للقبائل الثائرة ..!


العمليات الحربية ، 1914:


في ديسمبر 1914 ومع إندلاع الحرب العالمية الأولي ، أبقي الروس علي قواتهم المتواجدة شمال فارس ولم يزجوا بها في صراعهم الدائر مع العثمانيين ، ولكن مع وصول القتال إلي ذروته أثناء معركة سيراكماس أمر الجنرال الروسي Myshlaevsky بالإنسحاب للإنضمام لتشكيلات الجيش الروسي لتعزيزه في المواجهات الدائرة بالقوقاز ، وأبقي فقط علي لواء من القوات الروسية يقوده الجنرال الأرمني Nazarbekoff بالإضافة إلي كتيبة من المتطوعين الأرمن ، وتم توزيع تلك القوات علي مدن Urmia و Salmast ..

وحدثت بعض المناوشات بمنطقة شمال فارس حيث قامت مجموعات من الأكراد بنهب وقتل السكان المسيحيين "الأرمن والأشوريين" بالمنطقة الأمر الذي إستدعي تدخل وحدات من سلاح الفرسان الروسي لإيقاف تلك الهجمات ..

وأدي ذلك التطور إلي قيام الاتراك بتشكيل قوة جديدة"الجيش الثاني"بقيادة خليل "بك" قوامها فرقة واحدة تم تكوينها من المجندين بإسطنبول بالإضافة إلي 10 ألاف كردي إنتظموا في صفوف القوات العثمانية ، وإستطاع خليل"بك" بقواته المتفوقة من السيطرة علي مدينة Urmia خلال بضع ساعات والزحف نحو Salmast والسيطرة عليها وتمكن من اسر 1000 جندي روسي بنهاية تلك المعارك ..


العمليات الحربية ، 1915:

تمكنت القوات العثمانية المعززة بمجموعات من الأكراد يوم 14 يناير 1915 من الدخول إلي تبريز وإعتبرت بمثابة مفاجئة كاملة للروس الذين أخذوا علي حين غرة ، وعلي الفور أرسل الروس قوات قوية بقيادة الجنرال Chernozubov الذي نجح في إستراد المدينة ودخلها يوم 30 يناير 1915 ..

وفي إبريل 1915 تحرك الأتراك بقيادة Halil Pasha وزحفوا نحو تبريز ، وعُدت تلك المعركة من اعنف المعارك التي دارت بين العثمانيين والأرمن ، حيث إستطاعت كتيبة المتطوعين الأرمن الأولي من الصمود في وجه هجمات خليل "بك" إلي حين وصول قوات الجنرال Chernozubov وتكبد العثمانيين خسائر قدرت بـ3600 جندي ، وتمكن قائد الكتيبة الأرمنية من دفع Halil Pasha وقواته إلي مدينة Baskale بالأناضول عقب معركة Diliman الأمر الذي مكنهم من السيطرة علي الموقف حينها ..

........................
يتبع​

 

[أبوالبراء]

رد: " الحملة الفارسية " في الحرب العالمية الأولي

في 8 مايو 1915 ، تمكن أحد الرسل الإثني عشر الذين قدموا من المقاومة الأرمنية بمدينة فان من المرور عبر فارس وإنضم إلي وحدة متطوعين للأرمن قوامها 1200 رجل بقيادة Andranik"حاكم شرق أرمينيا" التي تعاونت مع فرقة Chernoroyal بإرســال قسم من تلك القوات إلي مدينة Bashkaleh وسيطروا عليها في 7 مايو ..

قوات أرمنية تحت قيادة Andranik

ووصلت تلك القوات إلي مدينة فان يوم 18مايو ، وفوجئوا بأن المدينة باتت بحوزة الأرمن بعد ان كانت محاصرة من قبل الاتراك ، وتم إعلام الجنرال Yudenich بذلك ، وعليه قام بإرســال لواء من قوات Baikal Cossacks "الرجال الأحرار" بقيادة الجنرال Trukhin الذي أمن الموقف بمدينة فان ، ثم إنتقل القتال للغرب بقية فصل الصيف ..


وفي شهر يوليو ، حدث إنسحاب للقوات الروسية علي جبهة القوقاز ، وإتجهت بعض القوات المتراجعة نحو الحدود الفارسيـة ، وقرر الجنرال Yudenich الهجوم بهجوم ضد العثمانيين لدفعهم نحو مدينتي Moush و Manzikert ورأي الجنرال Yudenich أن هجومه يكتنفه بعض الصعاب بسبب تنظيم الأتراك الجيد ، ففكر في تطويق القوات التركية عبر هجوم يقوم به من Beyazit و أذربيجان الفارسية والزحف تجاه مدينة فان الأرمنية ،ولم يستغرق الإعداد لذلك الهجوم طويلاً ، إلا أن ذلك الهجوم لم ينجح بسبب هجوم قائد الفرقة 11 التركية علي مراكز التقدم الروسية وكبدها خسائر فادحة وخلال بضعة أيام خاضوا معركتين ، الأولي بمدينة Malazgirt يوم 16 يوليو والأخري بمدينة Kara Killisse ، مما أجبر الجيش الروسي علي التراجــع .


وفي أغسطس 1915 ، قام البريطانيين بالإستيلاء علي مدينة بوشهر والمناطق التي حولها ، وفي نوفمبر 1915 قام الرائد محمد تقي الدين بيسيان قائد جندرمة همدان "تنظيم عسكري يتكون من رجال البوليس" بشن هجوم ضد لواء Cossack الروسي / الفارسي وخاضوا معركة في الموصل ، وإستطاع جذب بعض العناصر الفارسية التي كانت باللواء وبعد إنتصاره في تلك المعركة ، قام الروس بالزحف نحو الجندرمة الفارسية بمنطقة Robat-i-Karim التي يقودها محمد حسين جهانباني ، بالإضافة الجندرمة الفارسية بمنطقة طريق همدان - كرامنشاه التي يقودها الرائد محمد تقي الدين بيسيان و عزيز الله ضرغامي ولم يكن بمقدرهم الوقوف في وجه القوات الروسية المتفوقة عليهم ، وهزمت أيضا الجندرمة الفارسية في مدينة "سلطان أباد " التي يقودها مسعود كيهان وإنسحبو نحو كرامنشاه ..


وفي 10 نوفمبر 1915 ، قامت الجندرمة الفارسية الموالية لدول الوسط التي يقودها علي خان بيسيان بهزيمة العشائر الفارسية الموالية للبريطانيين التي يقودها "إبراهيم خان قوام الملك" والإستيلاء علي شيراز ، وألقي القبض علي كافة الرعايا البريطانيين بشيراز ، ثم زحفوا نحو مدينتي يزد وكرمــان ، وخلال عام 1915 قام Wilhelm Wassmuss الدبلوماسي الألماني بالتشاور مع الزعماء المحليين المواليين لبريطانيا وإقناعهم بالعدول عن ذلك وخلال قيامه بمساعيه تلك ألقي القبض عليه من قبل أحد هؤلاء الزعماء الذين كان يتفاوض معهم ولكنه نجح في الهروب من أيديهم ، وكانت خطته تقوم بالتعاون مع الأتراك وترتكز علي قيام العناصر الموالية للوسط بالحكومة الفارسية بالثورة ، مما سيمكن الأتراك من إحتلال همدان وكرامنشاه ..


العمليات الحربية ، 1916:


في ربيع عام 1916 ، قامت قوات "إبراهيم خان قوام الملك" بالتعاون مع عشائر Khamseh بهزيمة الجندرمة التي يقودها علي خان بيسيان وغلام رضا بيسيان الذين لقياً مصرعهما بعد إنتهاء المعركة ، أما الجندرمة الأخري التي يقودها السفير الألماني Roever والنقيب السويدي إنجمان تشتت امرهم وأصبحوا ما بين أسير وجريح..

وفي فبراير 1916 تمكنت قوات إبراهيم خان من السيطرة علي كرامنشاه ، وفي 26 فبراير زحف الروس بقواتهم وهزموا الجندرمة التي واجهتهم الذين قاموا بالإنسحاب إلي قصر شيرين ، وإستطاعت بقايا تلك الجندرمة الصمود في وجه الروس حتي مايو 1916 ثم مالبثوا أن إستولي الروس علي مدينة قصر شيرين ، وهرب من تبقي من تلك الجندرمة للعيش منفياً في الموصل وبغداد وإسطنبول ..

وخلال عام 1916 قام الجنرال Chernozubov بإرسال بعثة عسكرية إلي مدينة هكاريا Hakkyari التركية وبحلول 1 مارس 1916 كانت العملية قد أكُملت ، وفي أغسطس 1916 عادت قوات الجندرمة إلي كرامنشاه ، وتم سحق إنقلاب في إيران قام به أحد الموالين للحلفاء وهو أحمد شاه قاجار الذي لجأ إلي السفارة الروسية ، وقام الروس بإرسال قوة عسكرية كبيرة إلي طهران بقيادة Baratov بعد قيامهم بالإستيلاء علي بندر بهلوي في نوفمبر ، وهربت العناصر الألمانية الولاء إلي كرامنشاه ثم إلي قم دون أي مقاومة ..!!


وفي ديسمبر 1916 ، زحف الجنرال Baratov نحو همدان وقم لتصفيتهما من القوات التركية وأتم الإستيلاء علي المدينتين خلال الشهر نفسه ، فيما لم يعثر عن أي أثر للكونت Kaunitz وإختلفت فيه الأقوال فمن قال بانه قتل نفسه او قام أحد ما بإغتياله ..

العمليات الحربية ، 1917:

وفي مارس 1917 دٌعي شخص يدعي بنامين إلي السفارة الروسية بمدينة Urmia للمفاوضات مع فاسيلي نيكتين ، وقام نيكتين بطمأنة الأشوريين بحفظ حقوقهم في روسيا خلال إجتماع عقد معهم بقيادة أغا بطرس وقام الأشوريين بإحضار فرق مسلحة معهم الأمر الذي أثار قلق الفرس من إحتمال عودتهم مرة أخري .

عقب قيام الثورة البلشفية بروسيا وضعت حداً لإستمرار العمليات العسكرية الروسية علي كافة الجبهات ، وقامت الحكومة الجديدة بسلسلة من الإقالات لقادة عسكريين بسبب الشك في ولائهم للثورة فعزلوا الدوق الأكبر Grand Duke من قيادته ونقلوا الجنرال Yudenich إلي موقع نائي بأسيا الوسطي ، وتفتتت القوة العسكرية الروسية ببطئ حتي إنعدمت فعاليتها.
............................
تم بحمد الله​