من أرشيف الوثائق السرية الأميركية: واشنطن تتعهد للعراق بمنع انتصار إيران
حوار بين مسؤولين أميركيين وعراقيين يكشف تغاضي أميركا عن استخدام بغداد للأسلحة الكيماوية رغم التنديد العلني
واشنطن: عماد مكي
تعرض «الشرق الأوسط» وثيقة جديدة من ضمن تسع وثائق من ارشيف الوثائق السرية الأميركية التي رفع عنها حظر النشر اخيراً واطلعت عليها «الشرق الأوسط». وتوضح هذه الوثيقة بجلاء كيف ان الولايات المتحدة اتخذت سياسة حيادية في العلن من الحرب العراقية ـ الايرانية، في حين تغاضت عن استخدام الاسلحة الكيماوية ضد ايران في السر، وقدمت بعض الاسلحة لنظام صدام حسين.
وهذه الوثيقة برقية من سجلات الخارجية الأميركية في 18 مارس (آذار) 1984 الى سفارات الولايات المتحدة في عمان وفي بعض الدول. وتسرد حواراً لم يعلن عنه في وقتها بين مسؤولين عراقيين ومسؤولين رفيعي المستوى في ادارة الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان من بينهم جورج شولتز وزير الخارجية الأميركي، الذي عمل من قبل مع شركة بكتل الاميركية للمقاولات والتي كانت قد كسبت عقودا كبيرة في العراق ابان حكم صدام حسين. وحضر اللقاء نائب وزير الخارجية لورانس ايغلبرغر مع عصمت كتاني مندوب العراق في الأمم المتحدة. واللقاء جاء بعد ايام من انتقاد واشنطن علنا لاستخدام العراق للأسلحة الكيماوية ضد ايران.
* نص الوثيقة:
ملخص:
1 ـ سري ـ كل الوثيقة 2 ـ مطلوب تصرف في الفقرة 7.
3 ـ دخل الوزير «شولتز» مع نائب الوزير «ايغلبرغر» في مقابلة على انفراد مع عصمت كتاني في 15 مارس لتأكيد الرسالة الرئيسية من الولايات المتحدة وهي: ان تنديدنا باستخدام العراق للأسلحة الكيماوية جاء كمجرد جزء من التزام الولايات المتحدة بسياسة طويلة المدى، وليس كموقف مدافع عن ايران او مضاد للعراق. فرغباتنا وتصرفاتنا من اجل منع انتصار ايراني ومن اجل استمرار التقدم في العلاقات الثنائية تبقى غير مهزوزة. وتوسع ايغلبرغر في هذه النقاط في مناقشة اكبر شملت وزير الثقافة والمعلومات السابق عبد الرزاق الهاشمي ونزار حمدون والسفير فيربانكس..وناقش فيربانكس المجهودات من اجل السعي للحد من تدفق الأسلحة الى ايران. وأكد ايغلبرغر دعم الولايات المتحدة لمشروع خط أنابيب العراق ـ الأردن ووعد بأفضل المجهودات لضمان المساعدة من بنك اكسم «مصرف التصدير والاستيراد الأميركي» حينما يطلب قرار من اكسم. وقال الهاشمي ملاحظاً ان الخليج قد «ينفجر في وجوهنا» في أي وقت. وأورد كتاني تفاصيل مباحثاته في الكونغرس ذاكرا قضية الارهاب وضرورة ايقاف نقل سفارتنا الى القدس. وحث كتاني الولايات المتحدة على الاهتمام بتصريحات الملك حسين المتعلقة بعدم الرضى عن سياسة الولايات المتحدة وعن تفادي اعطاء الانطباع بأن سورية قد احرزت انتصارا من نوع ما على الولايات المتحدة في لبنان. وطلب من كتاني ان يوصل رسالة من نائب الرئيس لدعوة نائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز لزيارة نائب الرئيس في وقت يكون مناسباً للطرفين. 4 ـ الأسلحة الكيماوية: بدأ ايغلبرغر المحادثة بأن اخذ كتاني جانبا ليؤكد له ان الرسالة الأساسية التي اراد ان يرجع بها الى بغداد هي: سياستنا الثابتة في معارضة الاستخدام الممنوع للأسلحة الكيماوية اينما استخدمت هي التي تطلبت بياننا المؤرخ في 5 مارس والمندد باستخدام العراق للأسلحة الكيماوية. ولم يكن البيان يستهدف تقديم أي وقود لحرب الخميني الدعائية ولا حتى التلويح بتغير في السياسة الاميركية تجاه العراق وايران. وان الولايات المتحدة سوف تستمر في محاولاتها للمساعدة في منع انتصار ايراني وترغب بصدق في استمرار التقدم في علاقاتها مع العراق. ثم دخل بعد ذلك وزير الخارجية «جورج شولتز» واعاد التأكيد على تلك النقاط. وادلى كتاني بملاحظة ان بيان 5 مارس قد خدم وللأسف حرب الخميني الإعلامية ثم اعرب عن تقديره للوزير ونائب الوزير لتوضيحهما موقف الولايات المتحدة.
5 ـ الأسلحة لإيران: استأذن الوزير من كتاني وعاد ايغلبرغر الى المجموعة الاكبر واستمر في مناقشة مجهودات الولايات المتحدة من اجل منع انتصار ايراني. وقال ايغلبرغر ان الوزير قد عين السفير فيربانكس من اجل تنسيق المجهودات لاعطاب تدفق الأسلحة لايران. ولكن سنقول للصحافة اذا سئلنا في هذا الامر انه لا توجد «وحدة خاصة» جديدة داخل الوزارة مخصصة لهذا الهدف. وأكد فييربانكس على انه لا أمل في ايقاف الأسلحة الغربية من الوصول الى ايران وذلك لأن المصادر متنوعة ومختلفة وغالباً ما تكون خارج قدرة الحكومات المتعاونة وخصوصا في حالة الأسلحة والمعدات الأساسية. ومع هذا فإننا قد حققنا بعض النجاح ونحن نركز على المواد الرئيسية من المعدات فائقة التطور، التي هي اسهل في التعقب وذات اهمية للمجهود الحربي الايراني. وكحد أدنى فاننا على ثقة بأننا قد نجحنا في تقييد تحويل الأسلحة الأميركية» غير ان «داس بلاك» «مسؤول أميركي» اضاف ملاحظاً ان هناك مشكلة اخرى هي التحكم في المعدات والصادرات ذات الاستخدام المزدوج مثل الآلاف من المحركات التي اشترتها ايران وتستخدمها الآن في هجومها الحالي. ويصف بلاك ثلاث تصنيفات من الردود من الحكومات الأخرى التي فاتحناها في الموضوع وهي: 1ـ تأكيدات رسمية تتعلق بإيقاف المبيعات مدعومة بأدلة ان تلك الحكومة تلاقي نجاحا في تنفيذ تلك التأكيدات. 2 ـ تطمينات حكومية مع أدلة توضح تسرب مبيعات الأسلحة الخاصة.
3 ـ تطمينات رسمية مع الأدلة بأن الحكومة لا تحترم تطميناتها.
6 ـ كوريا الجنوبية تايوان اليونان واسبانيا: قال هاشمي ان العراق تعتقد ان كوريا الجنوبية هي مصدر هام للأسلحة لايران. وذكر كتاني تايوان كمصدر آخر للأسلحة. وقال ايغلبرغر ان كوريا الشمالية تبقى المورد الرئيسي لأسلحة ايران فان عناصر من جمهورية كوريا لا تنصاع على ما يبدو للقرارات السياسية بمنع المبيعات العسكرية لايران. وقد اثار هو هذا الأمر مع وزير الخارجية ليي بمب سوك قبل اغتياله بفترة وجيزة وجدد تدخله الشخصي مع خليفته ليي وان كيونغ. وقال فيربانكس اننا وجدنا ان حكومات اخرى عندها مشكلة التنسيق بين وزارة الخارجية والدفاع ووكالات التصدير، واعترف كتاني ان تلك قد تكون الحالة في اسبانيا واليونان على سبيل المثال وكلاهما له علاقات جيدة مع العراق وقد تسلموا تذكيرات عراقية في هذا الصدد.
7 ـ خط انابيب العقبة: كرر ايغلبرغر اننا لن نحاول إخفاء عن العراق انه في داخل «اكسم» توجد وجهه نظر متشائمة، مبنية فقط على الاهتمامات الاقتصادية، حول مدى حكمة تقديم قروض للعراق. وقال ايغلبرغر انه تحدث مع رئيس مجلس ادارة «اكسم» ويليم دريبر، الذي تفهم المصلحة القومية الأميركية بتقديم «اكسم» اموالا لمشروعات قدر الامكان في العراق. وأكد ايغلبرغر للعراقيين انه على الرغم من الموقف السلبي من مجلس ادارة «اكسم»، فإن وزارة الخارجية والادارة يمكنهما ممارسة بعض الضغوط على بعض الحالات. ووعد ان تقوم الخارجية والادارة بفعل ما في وسعهما لضمان التمويل من «اكسم» لخط أنابيب العقبة (اذا ما تقدمت الشركات الأميركية المشتركة في المشروع لمثل هذا التمويل، وقال اننا متفائلون بأنه بامكاننا جعل «اكسم» تشترك في العراق بشكل ابداعي. وشرح ايغلبرغر قائلاً انه بسبب مشاركة شركة بكتل في خط أنابيب العقبة فإن وزير الخارجية بعيد تماماً عن الموضوع. ويجب ان يتفهم العراق ان ذلك لا يعني نقصا من اهتمام الحكومة الأميركية على مستوى عال.
وذكر كتاني تفهم العراق لهذه النقطة وعبر عن تقديره لدعم الحكومة الأميركية مشروع خط الأنابيب. «ومطلوب من السفارة الأميركية في عمان ان تأخذ مما ذكر لتوضح دعم الادارة لهذا المشروع».
8 ـ حرب الخليج: قال هاشمي ان الخليج «سوف ينفجر في وجوهنا» في أي وقت. ثم سارع كتاني بقوله ان العراق يأمل الا ينفجر الخليج «لا في وجه الولايات المتحدة ولكن في وجه الخميني». وشكر ايغلبرغر على تفهمه الذي ابداه للموقف العراقي في مقابلتهم الاخيرة في سبتمبر (أيلول). وأعاد ايغلبرغر تكرار تفهم الولايات المتحدة من ان العراق في حالة حرب وانه من الطبيعي ان تضع مصالحها أولا ولكنه حث العراق ان تقوم بحسابات دقيقة لنتائج محتملة لأفعالها في المنطقة. وقال هاشمي ان للعراق الحق في قطع صادراته اذا لم تسمح هي للعراق باستخدام هذا الحق. وقال ايغلبرغر انه من الممكن ان يكون الشخص «على حق» لكنه ما زال يفعل شيئا ضد مصلحة الجميع. على سبيل المثال كان هناك العديد في فينا سنة 1914 ممن كانوا مقتنعين بالحق في الثأر لمقتل الأرشيدوق فرديناند. وكما حدث في أوروبا سنة 1914 فإن الخليج هو محل تقاطع مصالح حيوية لكثير من الاطراف.
9 ـ الكونغرس والسياسة الخارجية: أورد كتاني تقريراً على مقابلاته في اليوم السابق مع أعضاء مجلس الشيوخ ربيكر وبوشدووفيتس معا لمدة ساعة ونصف، ثم عضو الكونغرس هاملتون. ولاحظ كتاني ان المشاعر في الكونغرس قوية حول مسألة الأسلحة الكيماوية وعبر عن تقديره لاعتذار بوشدووفيتس عن محاولة آخرين في الكونغرس من اجل اعادة فرض قيود على الصادرات للعراق ووعد ان يفعل ما في وسعه لتخفيف وتغيير القرار.
وأكد كتاني ان نقل السفارة الأميركية الى القدس سوف يسبب مشاكل حادة لأصدقاء الولايات المتحدة في المنطقة. وذكر انه شخصيا مدرك تمام للتعقيدات الداخلية للسياسة الخارجية الأميركية ذاكراً انه احياناً «يتوه فيها». وهناك من يعتقد ان افضل وسيلة للتأثير في السياسة الخارجية الأميركية هي اخذ رهائن اميركيين او قتل رجال المارينز. فعلى سبيل المثال بمجرد ان تم الافراج عن الرهائن الأميركيين في ايران، تناست الولايات المتحدة الخطر الذي يمثله الخميني على المصالح الأميركية. وقال كتاني ان عدم قدرة الولايات المتحدة على اتباع طريق ثابت للسياسة الخارجية من غير ان تهاب احتمال تلقيها الخسائر، يؤثر على موقف الولايات المتحدة في الخليج. واعترف ايغلبرغر بأن عدم تقبلنا للخسائر هي مشكلة أمام حماية مصالح السياسة الخارجية الأميركية.
10 ـ الأردن: حث كتاني الولايات المتحدة على الاستماع بحرص الى بيانات الملك حسين عن التوجسات من السياسات الأميركية، وقال ان الملك حكيم جدا وعاقل وواحد من افضل واقدم اصدقائنا الذين يحاولون بشكل كبير جدا الحفاظ على صداقتنا، وقال كتاني انه كان يأمل في ان المقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز» في 15 مارس لم تعمل على تراجع العلاقات الأردنية ـ الأميركية. ثم رد ايغلبرغر قائلا اننا نقدر علاقاتنا مع الأردن ونهتم بنصيحة الملك واننا نعمل بنفس القدر الكبير من اجل الحفاظ على صداقتنا ولكن في بعض الاحيان يخطئ الملك وقد قلنا له ذلك. ونحن نفضل مناقشة مشاكلنا في السر لا على صفحات الـ«نيويورك تايمز». ان تصريحات الملك الاخيرة صعبت من مهمة عسيرة بالفعل في الكونغرس، ومع هذا فإن هذا الجو المشحون سوف يمر بسرعة ولن يكون له تأثير على صداقتنا الثابتة للأردن والتزامنا بسيادته وأمنه.
11 ـ سورية: قال كتاني ان الاعلام الأميركي مسؤول بشكل اساسي عن دعم التصور بأن سورية قد حققت نوعا من الانتصار في لبنان وحث على ألا تدعم حكومة الولايات المتحدة مثل ذلك الاعتقاد الذي هو من دون أساس. ان وجهة نظر العراق هي ان سورية سوف تستمر في مشاكلها الشديدة الاقتصادية والسياسية في الداخل وفي لبنان. حيث لا يمكن لها ان تحقق أي شيء بناء. وكما هو الامر في علاقات عربية اخرى ومنها تلك القضية ذات الاهمية الكبرى للعراق وهي ان سورية لن يكون لها دور كبير الا كمفسد للحفلة. واجتماع وزراء خارجية الجامعة العربية الاخير في بغداد لهو دليل آخر على انعزال سورية، فالتنديد القوي وغير المتوقع من العرب بإيران كان في طياته تنديد بسورية ايضاً. ووافق ايغلبرغر على ان الأسد عنده مشاكله الخاصة في لبنان وفي بلده واننا في المجمل نشترك مع التقييم العراقي للأمور.
12 ـ العلاقات الثنائية ودعوة نائب الرئيس: انهى ايغلبرغر الاجتماع بتكرار رغبة الولايات المتحدة في رؤية استمرار العلاقات في الحسن بالسرعة التي يراها العراق مناسبة. وبعد المقابلة طلب ايغلبرغر من كتاني ان يوصل الى نائب رئيس الوزراء طارق عزيز دعوة نائب الرئيس الأميركي الى زيارة واشنطن في وقت مناسب للطرفين في وقت لاحق هذا العام. وذكر ايغلبرغر عبء السفر الكبير لنائب الرئيس في الاسابيع الاخيرة من الحملة الانتخابية كأحد العوامل في تحديد موعد مناسب للطرفين.
نهاية الوثيقة ـ نسخة الى السفارة في عمان فوراً ـ نسخة الى قسم رعاية المصالح في بغداد فوراً ـ المعلومات في السفارة الأميركية في دمشق في الحال ـ السفارة الأميركية في مدريد ـ السفارة الأميركية في اثينا ـ السفارة الأميركية في سيول ـ «ايه اي تي» في تايباي
حوار بين مسؤولين أميركيين وعراقيين يكشف تغاضي أميركا عن استخدام بغداد للأسلحة الكيماوية رغم التنديد العلني
واشنطن: عماد مكي
تعرض «الشرق الأوسط» وثيقة جديدة من ضمن تسع وثائق من ارشيف الوثائق السرية الأميركية التي رفع عنها حظر النشر اخيراً واطلعت عليها «الشرق الأوسط». وتوضح هذه الوثيقة بجلاء كيف ان الولايات المتحدة اتخذت سياسة حيادية في العلن من الحرب العراقية ـ الايرانية، في حين تغاضت عن استخدام الاسلحة الكيماوية ضد ايران في السر، وقدمت بعض الاسلحة لنظام صدام حسين.
وهذه الوثيقة برقية من سجلات الخارجية الأميركية في 18 مارس (آذار) 1984 الى سفارات الولايات المتحدة في عمان وفي بعض الدول. وتسرد حواراً لم يعلن عنه في وقتها بين مسؤولين عراقيين ومسؤولين رفيعي المستوى في ادارة الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان من بينهم جورج شولتز وزير الخارجية الأميركي، الذي عمل من قبل مع شركة بكتل الاميركية للمقاولات والتي كانت قد كسبت عقودا كبيرة في العراق ابان حكم صدام حسين. وحضر اللقاء نائب وزير الخارجية لورانس ايغلبرغر مع عصمت كتاني مندوب العراق في الأمم المتحدة. واللقاء جاء بعد ايام من انتقاد واشنطن علنا لاستخدام العراق للأسلحة الكيماوية ضد ايران.
* نص الوثيقة:
ملخص:
1 ـ سري ـ كل الوثيقة 2 ـ مطلوب تصرف في الفقرة 7.
3 ـ دخل الوزير «شولتز» مع نائب الوزير «ايغلبرغر» في مقابلة على انفراد مع عصمت كتاني في 15 مارس لتأكيد الرسالة الرئيسية من الولايات المتحدة وهي: ان تنديدنا باستخدام العراق للأسلحة الكيماوية جاء كمجرد جزء من التزام الولايات المتحدة بسياسة طويلة المدى، وليس كموقف مدافع عن ايران او مضاد للعراق. فرغباتنا وتصرفاتنا من اجل منع انتصار ايراني ومن اجل استمرار التقدم في العلاقات الثنائية تبقى غير مهزوزة. وتوسع ايغلبرغر في هذه النقاط في مناقشة اكبر شملت وزير الثقافة والمعلومات السابق عبد الرزاق الهاشمي ونزار حمدون والسفير فيربانكس..وناقش فيربانكس المجهودات من اجل السعي للحد من تدفق الأسلحة الى ايران. وأكد ايغلبرغر دعم الولايات المتحدة لمشروع خط أنابيب العراق ـ الأردن ووعد بأفضل المجهودات لضمان المساعدة من بنك اكسم «مصرف التصدير والاستيراد الأميركي» حينما يطلب قرار من اكسم. وقال الهاشمي ملاحظاً ان الخليج قد «ينفجر في وجوهنا» في أي وقت. وأورد كتاني تفاصيل مباحثاته في الكونغرس ذاكرا قضية الارهاب وضرورة ايقاف نقل سفارتنا الى القدس. وحث كتاني الولايات المتحدة على الاهتمام بتصريحات الملك حسين المتعلقة بعدم الرضى عن سياسة الولايات المتحدة وعن تفادي اعطاء الانطباع بأن سورية قد احرزت انتصارا من نوع ما على الولايات المتحدة في لبنان. وطلب من كتاني ان يوصل رسالة من نائب الرئيس لدعوة نائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز لزيارة نائب الرئيس في وقت يكون مناسباً للطرفين. 4 ـ الأسلحة الكيماوية: بدأ ايغلبرغر المحادثة بأن اخذ كتاني جانبا ليؤكد له ان الرسالة الأساسية التي اراد ان يرجع بها الى بغداد هي: سياستنا الثابتة في معارضة الاستخدام الممنوع للأسلحة الكيماوية اينما استخدمت هي التي تطلبت بياننا المؤرخ في 5 مارس والمندد باستخدام العراق للأسلحة الكيماوية. ولم يكن البيان يستهدف تقديم أي وقود لحرب الخميني الدعائية ولا حتى التلويح بتغير في السياسة الاميركية تجاه العراق وايران. وان الولايات المتحدة سوف تستمر في محاولاتها للمساعدة في منع انتصار ايراني وترغب بصدق في استمرار التقدم في علاقاتها مع العراق. ثم دخل بعد ذلك وزير الخارجية «جورج شولتز» واعاد التأكيد على تلك النقاط. وادلى كتاني بملاحظة ان بيان 5 مارس قد خدم وللأسف حرب الخميني الإعلامية ثم اعرب عن تقديره للوزير ونائب الوزير لتوضيحهما موقف الولايات المتحدة.
5 ـ الأسلحة لإيران: استأذن الوزير من كتاني وعاد ايغلبرغر الى المجموعة الاكبر واستمر في مناقشة مجهودات الولايات المتحدة من اجل منع انتصار ايراني. وقال ايغلبرغر ان الوزير قد عين السفير فيربانكس من اجل تنسيق المجهودات لاعطاب تدفق الأسلحة لايران. ولكن سنقول للصحافة اذا سئلنا في هذا الامر انه لا توجد «وحدة خاصة» جديدة داخل الوزارة مخصصة لهذا الهدف. وأكد فييربانكس على انه لا أمل في ايقاف الأسلحة الغربية من الوصول الى ايران وذلك لأن المصادر متنوعة ومختلفة وغالباً ما تكون خارج قدرة الحكومات المتعاونة وخصوصا في حالة الأسلحة والمعدات الأساسية. ومع هذا فإننا قد حققنا بعض النجاح ونحن نركز على المواد الرئيسية من المعدات فائقة التطور، التي هي اسهل في التعقب وذات اهمية للمجهود الحربي الايراني. وكحد أدنى فاننا على ثقة بأننا قد نجحنا في تقييد تحويل الأسلحة الأميركية» غير ان «داس بلاك» «مسؤول أميركي» اضاف ملاحظاً ان هناك مشكلة اخرى هي التحكم في المعدات والصادرات ذات الاستخدام المزدوج مثل الآلاف من المحركات التي اشترتها ايران وتستخدمها الآن في هجومها الحالي. ويصف بلاك ثلاث تصنيفات من الردود من الحكومات الأخرى التي فاتحناها في الموضوع وهي: 1ـ تأكيدات رسمية تتعلق بإيقاف المبيعات مدعومة بأدلة ان تلك الحكومة تلاقي نجاحا في تنفيذ تلك التأكيدات. 2 ـ تطمينات حكومية مع أدلة توضح تسرب مبيعات الأسلحة الخاصة.
3 ـ تطمينات رسمية مع الأدلة بأن الحكومة لا تحترم تطميناتها.
6 ـ كوريا الجنوبية تايوان اليونان واسبانيا: قال هاشمي ان العراق تعتقد ان كوريا الجنوبية هي مصدر هام للأسلحة لايران. وذكر كتاني تايوان كمصدر آخر للأسلحة. وقال ايغلبرغر ان كوريا الشمالية تبقى المورد الرئيسي لأسلحة ايران فان عناصر من جمهورية كوريا لا تنصاع على ما يبدو للقرارات السياسية بمنع المبيعات العسكرية لايران. وقد اثار هو هذا الأمر مع وزير الخارجية ليي بمب سوك قبل اغتياله بفترة وجيزة وجدد تدخله الشخصي مع خليفته ليي وان كيونغ. وقال فيربانكس اننا وجدنا ان حكومات اخرى عندها مشكلة التنسيق بين وزارة الخارجية والدفاع ووكالات التصدير، واعترف كتاني ان تلك قد تكون الحالة في اسبانيا واليونان على سبيل المثال وكلاهما له علاقات جيدة مع العراق وقد تسلموا تذكيرات عراقية في هذا الصدد.
7 ـ خط انابيب العقبة: كرر ايغلبرغر اننا لن نحاول إخفاء عن العراق انه في داخل «اكسم» توجد وجهه نظر متشائمة، مبنية فقط على الاهتمامات الاقتصادية، حول مدى حكمة تقديم قروض للعراق. وقال ايغلبرغر انه تحدث مع رئيس مجلس ادارة «اكسم» ويليم دريبر، الذي تفهم المصلحة القومية الأميركية بتقديم «اكسم» اموالا لمشروعات قدر الامكان في العراق. وأكد ايغلبرغر للعراقيين انه على الرغم من الموقف السلبي من مجلس ادارة «اكسم»، فإن وزارة الخارجية والادارة يمكنهما ممارسة بعض الضغوط على بعض الحالات. ووعد ان تقوم الخارجية والادارة بفعل ما في وسعهما لضمان التمويل من «اكسم» لخط أنابيب العقبة (اذا ما تقدمت الشركات الأميركية المشتركة في المشروع لمثل هذا التمويل، وقال اننا متفائلون بأنه بامكاننا جعل «اكسم» تشترك في العراق بشكل ابداعي. وشرح ايغلبرغر قائلاً انه بسبب مشاركة شركة بكتل في خط أنابيب العقبة فإن وزير الخارجية بعيد تماماً عن الموضوع. ويجب ان يتفهم العراق ان ذلك لا يعني نقصا من اهتمام الحكومة الأميركية على مستوى عال.
وذكر كتاني تفهم العراق لهذه النقطة وعبر عن تقديره لدعم الحكومة الأميركية مشروع خط الأنابيب. «ومطلوب من السفارة الأميركية في عمان ان تأخذ مما ذكر لتوضح دعم الادارة لهذا المشروع».
8 ـ حرب الخليج: قال هاشمي ان الخليج «سوف ينفجر في وجوهنا» في أي وقت. ثم سارع كتاني بقوله ان العراق يأمل الا ينفجر الخليج «لا في وجه الولايات المتحدة ولكن في وجه الخميني». وشكر ايغلبرغر على تفهمه الذي ابداه للموقف العراقي في مقابلتهم الاخيرة في سبتمبر (أيلول). وأعاد ايغلبرغر تكرار تفهم الولايات المتحدة من ان العراق في حالة حرب وانه من الطبيعي ان تضع مصالحها أولا ولكنه حث العراق ان تقوم بحسابات دقيقة لنتائج محتملة لأفعالها في المنطقة. وقال هاشمي ان للعراق الحق في قطع صادراته اذا لم تسمح هي للعراق باستخدام هذا الحق. وقال ايغلبرغر انه من الممكن ان يكون الشخص «على حق» لكنه ما زال يفعل شيئا ضد مصلحة الجميع. على سبيل المثال كان هناك العديد في فينا سنة 1914 ممن كانوا مقتنعين بالحق في الثأر لمقتل الأرشيدوق فرديناند. وكما حدث في أوروبا سنة 1914 فإن الخليج هو محل تقاطع مصالح حيوية لكثير من الاطراف.
9 ـ الكونغرس والسياسة الخارجية: أورد كتاني تقريراً على مقابلاته في اليوم السابق مع أعضاء مجلس الشيوخ ربيكر وبوشدووفيتس معا لمدة ساعة ونصف، ثم عضو الكونغرس هاملتون. ولاحظ كتاني ان المشاعر في الكونغرس قوية حول مسألة الأسلحة الكيماوية وعبر عن تقديره لاعتذار بوشدووفيتس عن محاولة آخرين في الكونغرس من اجل اعادة فرض قيود على الصادرات للعراق ووعد ان يفعل ما في وسعه لتخفيف وتغيير القرار.
وأكد كتاني ان نقل السفارة الأميركية الى القدس سوف يسبب مشاكل حادة لأصدقاء الولايات المتحدة في المنطقة. وذكر انه شخصيا مدرك تمام للتعقيدات الداخلية للسياسة الخارجية الأميركية ذاكراً انه احياناً «يتوه فيها». وهناك من يعتقد ان افضل وسيلة للتأثير في السياسة الخارجية الأميركية هي اخذ رهائن اميركيين او قتل رجال المارينز. فعلى سبيل المثال بمجرد ان تم الافراج عن الرهائن الأميركيين في ايران، تناست الولايات المتحدة الخطر الذي يمثله الخميني على المصالح الأميركية. وقال كتاني ان عدم قدرة الولايات المتحدة على اتباع طريق ثابت للسياسة الخارجية من غير ان تهاب احتمال تلقيها الخسائر، يؤثر على موقف الولايات المتحدة في الخليج. واعترف ايغلبرغر بأن عدم تقبلنا للخسائر هي مشكلة أمام حماية مصالح السياسة الخارجية الأميركية.
10 ـ الأردن: حث كتاني الولايات المتحدة على الاستماع بحرص الى بيانات الملك حسين عن التوجسات من السياسات الأميركية، وقال ان الملك حكيم جدا وعاقل وواحد من افضل واقدم اصدقائنا الذين يحاولون بشكل كبير جدا الحفاظ على صداقتنا، وقال كتاني انه كان يأمل في ان المقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز» في 15 مارس لم تعمل على تراجع العلاقات الأردنية ـ الأميركية. ثم رد ايغلبرغر قائلا اننا نقدر علاقاتنا مع الأردن ونهتم بنصيحة الملك واننا نعمل بنفس القدر الكبير من اجل الحفاظ على صداقتنا ولكن في بعض الاحيان يخطئ الملك وقد قلنا له ذلك. ونحن نفضل مناقشة مشاكلنا في السر لا على صفحات الـ«نيويورك تايمز». ان تصريحات الملك الاخيرة صعبت من مهمة عسيرة بالفعل في الكونغرس، ومع هذا فإن هذا الجو المشحون سوف يمر بسرعة ولن يكون له تأثير على صداقتنا الثابتة للأردن والتزامنا بسيادته وأمنه.
11 ـ سورية: قال كتاني ان الاعلام الأميركي مسؤول بشكل اساسي عن دعم التصور بأن سورية قد حققت نوعا من الانتصار في لبنان وحث على ألا تدعم حكومة الولايات المتحدة مثل ذلك الاعتقاد الذي هو من دون أساس. ان وجهة نظر العراق هي ان سورية سوف تستمر في مشاكلها الشديدة الاقتصادية والسياسية في الداخل وفي لبنان. حيث لا يمكن لها ان تحقق أي شيء بناء. وكما هو الامر في علاقات عربية اخرى ومنها تلك القضية ذات الاهمية الكبرى للعراق وهي ان سورية لن يكون لها دور كبير الا كمفسد للحفلة. واجتماع وزراء خارجية الجامعة العربية الاخير في بغداد لهو دليل آخر على انعزال سورية، فالتنديد القوي وغير المتوقع من العرب بإيران كان في طياته تنديد بسورية ايضاً. ووافق ايغلبرغر على ان الأسد عنده مشاكله الخاصة في لبنان وفي بلده واننا في المجمل نشترك مع التقييم العراقي للأمور.
12 ـ العلاقات الثنائية ودعوة نائب الرئيس: انهى ايغلبرغر الاجتماع بتكرار رغبة الولايات المتحدة في رؤية استمرار العلاقات في الحسن بالسرعة التي يراها العراق مناسبة. وبعد المقابلة طلب ايغلبرغر من كتاني ان يوصل الى نائب رئيس الوزراء طارق عزيز دعوة نائب الرئيس الأميركي الى زيارة واشنطن في وقت مناسب للطرفين في وقت لاحق هذا العام. وذكر ايغلبرغر عبء السفر الكبير لنائب الرئيس في الاسابيع الاخيرة من الحملة الانتخابية كأحد العوامل في تحديد موعد مناسب للطرفين.
نهاية الوثيقة ـ نسخة الى السفارة في عمان فوراً ـ نسخة الى قسم رعاية المصالح في بغداد فوراً ـ المعلومات في السفارة الأميركية في دمشق في الحال ـ السفارة الأميركية في مدريد ـ السفارة الأميركية في اثينا ـ السفارة الأميركية في سيول ـ «ايه اي تي» في تايباي