أظهر استطلاع رأي أن نسبة الروس النادمين على تفكك الاتحاد السوفييتي عام 1991، ارتفعت إلى 66 في المائة، لأول مرة منذ عشر سنوات، بعد أن كانت العام الماضي 61 في المائة فقط.
وبحسب نتائج الاستطلاع الذي أجراه مركز "ليفادا"، ونشرته وسائل إعلام محلية اليوم الأربعاء، فإن 60 في المائة من المستطلعة آراؤهم يعتبرون أنه كان يمكن تجنب تفكك الاتحاد، كما أن الحنين إلى السوفييتية لم يعد حكرا على المواطنين فوق الـ55، بل بات متناميا بين الشباب والمراهقين.
أما الأسباب الرئيسية لحنين الروس إلى الاتحاد السوفييتي، فأبرزها تدمير المنظومة الاقتصادية الموحدة (52 في المائة)، وفقدان الشعور بالانتماء إلى قوة عظمى (36 في المائة)، وزيادة فقدان الثقة وتنامي مشاعر العداوة (31 في المائة).
وأوضحت باحثة علم الاجتماع بمركز "ليفادا"، كارينا بيبيا، أن قرار رفع سن التقاعد هذا العام كان من بين الأسباب، وقالت: "يفسر السكان حنينهم إلى الاتحاد السوفييتي دائما بالتصورات غير المنطقية حول قوة الاقتصاد والرفاهية في تلك الفترة، مع تجاهل النقص في المواد وبطاقات التموين، ولا سيما بعد تنامي المخاوف من مشكلات الرخاء في الوقت الحالي".
وأضافت أن "زيادة الندم على التفكك وإضفاء الرومانسية على كل ما هو سوفييتي، ولا سيما بين الشباب الذين ليس لديهم علم جيد بالتاريخ، قد يؤدي إلى إعادة التقييم أو رد الاعتبار لقضايا كان هناك إجماع على رفضها في روسيا ما بعد السوفييتية، مثل تبرير القمع الستاليني، وإعادة كتابة التاريخ، والإنكار الكامل للتحولات الديمقراطية في التسعينيات".
ولا تزال نسبة الحنين الحالية أقل بشكل ملحوظ مما كانت عليه في أعقاب الأوقات العصيبة التي عاشتها روسيا بعد تفكك الاتحاد في تسعينيات القرن الماضي، إذ بلغت نسبة من عبروا عن الحنين إلى السوفييتية 75 في المائة في عام 2000.
وفي حديث سابق مع "العربي الجديد"، أرجع الباحث في معهد علم الاجتماع التابع لأكاديمية العلوم الروسية، أندريه أندرييف، الأسباب إلى العديد من القفزات التكنولوجية والاقتصادية والضمانات الاجتماعية التي تحققت في الحقبة السوفييتية، رغم كل سلبياتها.
ودخلت عملية تفكك الاتحاد السوفييتي مرحلتها الختامية قبل 27 عاماً بعد توقيع كل من قادة روسيا، بوريس يلتسين، وأوكرانيا، ليونيد كرافتشوك، وبيلاروسيا، ستانيسلاف شوشكيفيتش، في 8 ديسمبر/كانون الأول في عام 1991 على اتفاقية "بيلوفيجسكايا بوشا" التي أقرت بانتهاء وجود الاتحاد وإقامة رابطة الدول المستقلة.
وفي 25 ديسمبر/كانون الأول 1991، ألقى آخر زعماء الاتحاد السوفييتي، ميخائيل غورباتشوف، كلمة وداع تنحّى فيها عن الحكم لتمسّكه بـ"وحدة الدولة".
وفي اليوم التالي، صدر إعلان الاعتراف باستقلال 15 جمهورية سوفييتية سابقة، لتدخل جميعها مرحلة جديدة من تاريخها، عاشت خلالها أحداثاً دراماتيكية بين أزمات وثورات وحروب.
غورباتشوف: لو حافظنا على الاتحاد السوفيتي لكان العالم أكثر أمنا وعدالة
كما يبدو أن حالة "صحوة الضمير" لمن عاث خاربا، أو أولئك الذين ارتكبوا جرائم، التي تحل عليهم، وهم في نهاية طريق حياتهم، قد وصلت الى من كان رئيسا للاتحاد السوفييتي، ميخائيل غورباتشوف، الذي تحت شعارات الانفتاح، والتجدد، عمل على انهيار المنظومة الاشتراكية، دون أن يتعمق بتعبات نهجه، الذي لاقى من يسانده فيها، وهذا ما عزز الشعور بأن من جرى في الاتحاد السوفييتي كان مؤامرة مبيته، خاصة بعد أن ظهرت نتائج انهيار الاشتراكية، على مستوى دول الاتحاد السوفييتي والعالم كلها.
فقد أعرب غورباتشوف، وهو الذي يشارف على التسعين من عمره، في مقابلة مع صحيفة "تايمز" البريطانية، ونشرت أمس الأربعاء، عن ثقته بأن العالم كان أكثر استقرارا وأمنا وعدالة لو تم الحفاظ على الدولة السوفيتية.
إلا أنه حاول تبرئة نفسه من النتيجة الكارثية، بقوله، إن "انهيار الاتحاد السوفيتي لم يكن نتيجة نهائية"، لما أسماها سياسة الإصلاحات التي كان يجريها منذ أواخر ثمانينات القرن الماضي.
وقال إنه ارتكب أخطاء، مثل التأخر في إصلاح الحزب الحاكم وإصلاح الاقتصاد، وزعم أن هذا النهج أثمر نتائج ملموسة عدة من بينها الاتفاقيات حول تحديد الأسلحة النووية، وإنهاء الحرب الباردة وظهور الحريات المدنية والسياسية والدينية، وتعددية الأحزاب والانتخابات التنافسية.
وأضاف غورباتشوف أن الأهم من كل ذلك أنه وفريقه نجحوا في إيصال الإصلاحات إلى حد لم يعد ممكنا بعد التراجع عنها، وهذا ما ضمن إفشال محاولة الانقلاب في آب 1991، "أما بعده فأجهز الراديكاليون والانفصاليون على الاتحاد دون أن يفكروا في تبعات ذلك".
ويشار إلى أنه في الوقت الذي كان فيه يخوض غورباتشوف، ما أسماها إصلاحات، فإن هناك من كان يسن السكاكين، ويستعد للانقضاض على الغنيمة، من وراء الكواليس، فما أن تفكك الاتحاد السوفييتي، ووصلت عصابة يلتسين الى الحكم، حتى شهدنا جرائم خصخصة الاقتصاد الروسي، وأشخاص، راكموا ثروات خيالية، في غضون أشهر وسنوات قليلة، وأسماء بارزة منهم بعد أن استولت على حصص كبيرة من الاقتصاد، لم تبقى في روسيا كوطن أساس ثابت لهان بل بدأت تحصل على جنسيات غربية، ومن بينها جنسيات إسرائيلية. وقد خلّف كل هذا فقر وجوع في الجمهوريات السوفييتية