أعلنت وزارة الثقافة السعودية عن تسمية عام 2020م “عام الخط العربي"، نظراً لما يمثله الخط العربي من أهمية واتصال وثيق باللغة العربية، وما يمتلكه من تاريخ وجماليات في هندسته وتفاصيله وأشكاله، والتي تبرز مخزونا ثقافياً إبداعياً يعكس ثراء الثقافة العربية.
الجانب الثقافي:
تميزت الخطوط العربية القديمة بجمالها وتنوعها لكن الخطين المكي والمدني برزا في الاستخدام أكثر من غيرهما من الخطوط على مر التاريخ خاصة الخط المدني الذي كُتب به القرآن الكريم، والسنة النبوية، والمراسلات النبوية مع الملوك والرؤساء على مر العصور، ناهيك عن النقوش التي عثر عليها على الصخور وسفوح الجبال.
الجانب الاقتصادي:
تلعب حقوق الملكية الفكرية دورا بارزا في حماية الخطوط الرقمية من استخدامها بشكل غير قانوني! واليوم أصبحت الخطوط الرقمية مستخدمة بشكل لافت في مواقع الانترنت العربية والصحف والمجلات والكتب والإعلانات والمراسلات والخطابات الرسمية وكذلك الكتيبات الصادرة من الجهات الحكومية أو الخاصة وجميعها لا بد لها من الحصول على ترخيص للخطوط ذات الملكية الفكرية أو الاعتماد على خطوط رقمية متاحة مجانيا حتى ولو كانت لا تلبي ذائقة المتلقي أو تطوير خطوط رقمية خاصة.
وهذه المبادرة التي أطلقت تهدف إلى دعم توحيد جهود الوزارة مع القطاعات والأفراد، وذلك عن طريق توفير الدعم المادي أو اللوجستي أو الإعلامي للمشاركات المميزة والمرشحة للدعم.
وهذا الدعم يمكن توظيفه في الخطوط الرقمية حيث أنها تحتاج إلى دعم مالي. ومع أفتقار المعايير والقواعد الصلبة في مجال الخطوط الرقمية بسبب غياب الدعم والاعتماد على معايير اللغة اللاتينية من حيث الأوزان والمقاسات أو استنادها على خط النسخ كمعيار لتصميم جميع الحروف الرقمية. هذا الأمر بلاشك يفسد جمالية الخط العربي، فلكل خط قواعده!
خطوط الارتكاز في الخط الاتیني و العربي
ففي جلسة حوارية أجرتها مجلة القافلة مع الخطاط مأمون أحمد ذكر ما يلي:
[TD valign="top"]أن هناك مشكلة ثالثة؛ وهي الجدوى المالية من العمل في الحروف الطباعية العربية. وعلى الرغم من الجهد الهائل المطلوب لتطوير حرف أو بنط ما، لا توجد مؤسسات كبيرة تموله وتصرف عليه بالمقارنة بالصرف على فن الخط الذي يلقى اهتماماً ممتازاً. فمجال تصميم وتطوير حروف وخطوط طباعية متروك للاجتهادات الفردية وللمؤسسات الصغيرة، وهذا يمثِّل مشكلة أيضاً لتطوير هذه الصناعة.[/TD]
ومع الثورة التقنية وظهور برامج متخصصة في مجال تصميم الخطوط مثل Fontlab
وأحد الأمثلة على المبادرات الفردية هي
[TD valign="top"]أتاحت الثورة الرقمية إمكانية صناعة الخطوط الطباعية وخطوط الحواسيب خارج إمبراطوريات الشركات الكبيرة التي كانت تحتكر الصناعة لفترة طويلة. وكانت مبادرة المصري خالد حسني في سنة 2010 لاسترجاع جمال هذا الخط هو ترقيم الخط الأميري والذي جعله متاح للجميع عبر المشاع العمومي. وتبعاً لذلك أصبح هذا الخط شائع الإستخدام على الكثير من المواقع العربية على الإنترنت كما أن عمل الدكتور خالد حسني قد تم تضمينه في خطوط جوجل.[/TD]
وشركة ديوان حيث أطلقت خط منى
ومع شيوع استخدام الحاسوب الشخصي آبل ماكنتوش وطابعة الليزر رايتر إزدهرت برامجيات النشر المكتبي. وكانت البرامج التي استهدفت السوق العربية تتضمن خطوط جديدة منها خط منى الذي نافس خط ياقوت الذي أصبح قديماً يومها لكثرة إستخدامه. وخط منى الذي كان مضمناً في برنامج الناشر المكتبي من شركة ديوان هو من نفس فئة خط ياقوت من حيث إعتماده على مبدأ إختصار أشكال الحروف. وقد شاع إستخدام هذا الخط في المطبوعات الخليجية التي أخذت بالإزدهار بعد أفول الصناعة في بيروت وبتأثير التطورات السياسية على الساحة
[TD valign="top"]ويرينا هذا الشكل مقارنة بين الخطوط الطباعية التقليدية والخطوط الطباعية الأحدث نسبياً والتي اعتمدت مبدأ إختصار أشكال المحارف. والمقارنة هنا تحديداً بين خط منى على اليمين و الخط الأميري على اليسار. ونرى أن الخط الحديث يتميز باستقرار أكبر على السطر ودرجة أكبر من الوضوح نابعة من إتساع حدقات الحروف. وهذه الخاصة الأخيرة وليدة الحاجة الى جعل الحروف أكثر وضوحاً في الأحجام الصغيرة للخط وخاصة في حالة الكتابة على الشاشة.[/TD]
وفيما يتعلق بالشركات الغربية فلديها خيارين إما اللجوء إلى مصمميين أجانب لتطوير خطوط عربية رقمية! حتى ولو أثر بشكل عكسي على فن الخط العربي ذاته!
[TD valign="top"]وهنا نجد أن العديد من الشركات تحديداً الغربية تسعى دائما في طلب ما یمكن أن نطلق علیة ترجمة بصریة لتصمیم الخطوط اللاتینیة لاستخدامات تجاریاً في منطقة الشرق الاوسط حیث اصبحت التصمیمات ثنائیة اللغة هي الأكثر انتشارا الان.[/TD]
والشيء المزعج أن في منطقتنا العربیة عدد مصممین الخطوط قلیل جداً وأن الكثیر من اقسام التواصل البصري والتصمیم الجرافیكي في جامعاتنا وخاصة الرسمیة لا تعطي اهتمام كبیراً بالتیبوغرفیا، وتصمیم محارف الخطوط مما أنعكس على لجوء الشركات إلى المصممین الاوربیین لوضع حلول تصمیمة ومعالجات تیبوغرافیة للخطوط العربیة الحدیثة مما یؤثر على هویة الخط العربي الحدیث.
كما ذكر ذلك عمران محمد أحمد حسن – في داسته "تصميم الخطوط الطباعية اللاتينية وأثرها على تصميم الخط الطباعي العربي الحديث"
وأحد الأمثلة على ذلك هو خط شركة ما يكروسوفت :
[TD valign="top"]قامت شركة مايكروسوفت بتسويق خط عربي بإسم Arabic Transparent مع نظام التشغيل ويندوز 2000. وصار هذا الخط ضمن خط Arial فيما بعد. وبالرغم من فائدته في تحرير النصوص العربية لأغراض الإستخدام المكتبي إلا أن الخط له عيوب تصميمية لا تجعله يصلح للوظائف التي تتطلب مستوى طباعي عالي وكذلك ضعفه في الدعاية على الشاشة. ومع ذلك وجد هذا الخط طريقه الى هذه الوظائف لمجرد أنه الخط العربي المتوفر على الحواسيب التي كانت تدير الشاشات الإعلانية والإنظمة الطباعية الملحقة. ويصعب معرفة أصل هذا الخط لأن صانعيه يريدون أن لا يقولوا أنه سرق من مصدر آخر.[/TD]
أو التعاقد مع مصمميين عرب في هذا المجال بالرغم من قلتهم!
ونرى هذا يتجلى في تطوير خط دبي الذي قامت به حكومة دبي مع شركة مونوتايب (Monotype Imaging)
ولا بأس من الإشارة إلى إسهامات بعض الخطاطين العرب في تصميم خطوط رقمية لشركات عالمية:
ونعود إلى نقطة أهمية دعم الأفراد لتأسيس شركات لصناعة الخطوط الرقمية العربية للإبتعاد عن مجال الاحتكار الذي بدأ يتجلى في السنوات الأخيرة عبر شركة مونوتايب حيث أصبحت شركة مهيمنة على سوق الخطوط الرقمية بإستحواذها على شركات كبرى في هذا المجال!
وقد بلغت عائدات الشركة في عام 2018 ما يقارب 247 مليون دولار بزيادة سنوية تقدر بنسبة 5%! هذا إذا علمنا أن هناك شركات خاصة أخرى في السوق لا تعلن عن حجم عائداتها في هذا المجال! ليس هذا فحسب بل إن هذا المبلغ الضخم للعائدات في ظل وجود خطوط رقمية مجانية!
إلا أن شركة مونوتايب أصبحت المالك الحصري لأشهر الخطوط، على سبيل المثال Arial و Times New Roman و Courier New و Verdana و Tahoma! وهذا بالطبع له إنعكاسات عندما تتدخل السياسة في هذا المجال!
ففي عام 2014 عندما قامت روسيا بضم شبه جزيرة القرم إلى أحضانها وتم فرض العقوبات على روسيا! رفضت شركة مونوتايب في إعطاء ترخيص للشركات الروسية بل أصبحت تبالغ بشكل جنوني في مبالغ الترخيص فقد كانت تطلب من الشركة الروسية RusBITech ما يقارب 690 دولار لكل محطة عمل لنظام التشغيل الروسي Astra Linux بينما تقوم شركة مونوتايب بطلب سعر 3 – 4 دولار من الشركات الأخرى!
وبالرغم من أن معظم الوثائق التنظيمية الصادرة عن الوكالات الحكومية الروسية والشركات الحكومية تطلب استخدام خط Times New Roman والذي أصبح الخط القياسي للوثائق الرسمية في روسيا! ولهذا قامت الشركة الروسية RusBITech بالتعاون مع شركة الخطوط الروسية العريقة Paratype في تطوير خط مكافئ يدعى PT Astra للاستغناء عن الشركات الغربية في هذا المجال!
تنويه: جميع المعلومات في هذا الموضوع المنقولة أو المترجمة تعود ملكيتها إلى أصحابها
من أهم المصادر مدونة Arabictype المتخصصة في الخط العربي والتي تم نقل جزء كبير من محتواها في هذا الموضوع!
Makeyev