الحكومة الجزائرية تتّجه لاستثمار أكبر حقول الحديد والزنك في البلاد - الطاقة
في خطوة ينتظرها الجزائريون طويلًا، يُتوقّع أن تبدأ الحكومة استثمار منجمي غار جبيلات للحديد في ولاية تندوف وواد أميزور للزنك في ولاية بجاية، بعد أن أبدت
attaqa.net
- تطوير المناجم قد يتكلف استثمارات تصل إلى 20 مليار دولار
- الجزائر بدأت خطة لتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للإيرادات
- تمتلك البلاد مناجم عدة توقفت عن العمل في السابق وتعتزم الحكومة الحالية إعادة تشغيلها
ي خطوة ينتظرها الجزائريون طويلًا، يُتوقّع أن تبدأ الحكومة استثمار منجمي غار جبيلات للحديد في ولاية تندوف وواد أميزور للزنك في ولاية بجاية، بعد أن أبدت السلطات أخيرًا رغبتها في تثمين الثروات الطبيعية والمعدنية غير المستثمَرة.
وفي إطار خطّة وطنية، أعلن عنها الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، مؤخّرًا، تقوم على تنويع مصادر الدخل، لعدم الاعتماد على إيرادات النفط بصفة مصدر رئيس، وتنويع الاقتصاد وتكييفه مع التغيّرات الراهنة التي يشهدها العالم، والرامية إلى تحقيق رؤية الجزائر لاقتصاد جديد.
إعادة الاعتبار لقطاع المناجم في الجزائر
تعمل الجهات العليا في الجزائر على تنويع مصادرها الاقتصادية، حيث تولي البلاد أهمّية كبيرة لقطاع المناجم، من خلال إطلاق مشاريع ضخمة، وتهيئة البُنى التحتيّة لها بإعداد خطط للدخول إلى هذا المضمار، وظهر هذا جليًّا من خلال استحداث وزارة مستقلّة تُعنى بتسيير الثروات المنجمية، أقرّها التعديل الحكومي الجديد، نهاية شهر يونيو/حزيران الماضي، بعد فصل المناجم عن وزارة الصناعة، ويترأّسها وزير الطاقة الأسبق، محمد عرقاب.
غار جبيلات.. المشروع الضخم وحصن الاقتصاد الجزائري
منجم غار جبيلات
يعدّ غار جبيلات أحد أكبر مناجم الحديد في العالم، ويقع على بعد 130 كلم، جنوب شرق ولاية تندوف أقصى جنوب غرب الجزائر، وهو المنجم الذي اكتُشِف سنة 1952، باحتياطي يُقدّر بـ3.5 مليار طنّ، منها 1.7 مليار طنّ يمكن استثمارها بنسبة حديد تُقدَّر بـ57%، سيحوّل الجزائر -بعد الشروع في استثماره- إلى قطب اقتصادي إفريقي بامتياز، يفي باحتياجات أكبر مصانع القارّة السمراء بالحديد، وبمجرد استثماره، فإنّه من المتوقّع استخراج 20 مليون طنّ سنويًا من الحديد، من أجل إنتاج 10 ملايين طنّ، سيُوجَّه نصفها للسوق المحلّية، كما سيغني الجزائر عن استيراد هذه المادّة، التي تُنتج منها 5 ملايين طنّ سنويًا، فيما تبلغ احتياجات الجزائر الإجمالية من هذه المادة 10 ملايين طنّ سنويًا.
إيقاظ العملاق النائم
نهاية السنة الماضية، وصلت الدراسة المتعلّقة باستثمار حقل غار جبيلات إلى مرحلتها النهائية، وهي الدراسة التي كانت تهدف إلى استثمار هذا المنجم، من أجل إنشاء “مصنع نموذجي”، بعد أن جرى إيجاد حلول لعديد من العوائق التي كانت تقف حاجزًا ضدّ إمكان استثمار ثروات هذه المناجم، أبرزها مشكلة نزع الفسفور من الحديد، و التي أُخضِعت لاختبارات صناعية، من أجل التأكّد من صلاحيّتها للاستثمار، بعدما أعطت الدراسات نتائج إيجابية بشأنها، في حين كان قد صرّح وزير الصناعة الجزائري، فرحات آيت، في شهر فبراير/شباط الماضي، بأن الأمر يتعلّق باستثمار كبير جدًّا، خاصّةً بالنظر إلى الوضع الجغرافي للحقل، إذ يعدّه مشروعًا ثقيلًا، وتزامن إعادة استثماره بالوضعيّة الماليّة الحاليّة للبلاد.
استثمارات تقارب 20 مليار دولار
بالرغم من الفوائد الاقتصادية الكبيرة التي سيدرّها مشروع غار جبيلات على الاقتصاد الجزائري، إلّا إنّه لا يمكن غضّ البصر عن الصعوبات التي تعترض طريق المشروع، بدايةً من المسافة بين المنجم ومصانع التحويل، والتي تصل إلى 1200 كلم في حال اختيار نقل الحديد إلى مركب الحجار للحديد والصلب بولاية عنابة، أو مصنع بلارة في ولاية جيجل، الواقعين شمال شرق البلاد، ناهيك عن حجم الاستثمار المالي الضخم، الذي يصل إلى 20 مليار دولار وفق خبراء جزائريّين، في وقت لا يختلف عليه اثنان، أن الجزائر تعيش ضائقة ماليّة، جعلتها عاجزة عن تمويل المشاريع الضخمة، بسبب انكماش عائدات النفط، ووصولًا إلى مشكلة نقص الموارد المائيّة في منطقة تندوف المطلوبة بقوّة في النشاطات المنجمية.
توجّهات جزائرية للحدّ من استيراد الزنك
يحتوي منجم الزنك والرصاص ببلدية واد أميزور التابعة لولاية بجاية الواقعة شرق الجزائر، على مخزون يُقدَّر بقرابة 68 مليون طنّ، بينما يتوقّع الخبراء في الجزائر أن يبلغ الإنتاج السنوي لهذا المنجم مليوني طنّ من المعادن، من ضمنها 210 ألف طنّ من مركز الزنك، فضلًا عن بلوغ إنتاج مادّة الرصاص ما يقارب 40 ألف طنّ، فيما يُرتقب أن يصل حجم الإنتاج -حسب التقديرات الأوّلية- إلى 4 ملايين طنّ في السنة، نظرًا للقدرات التي يحتويها هذا الموقع، كما سيمكّن هذا الحقل الجزائر من اقتصاد الكثير في مجال استيراد الزنك، الذي تستورد منه الجزائر ما يعادل 100 مليون دولار سنويًا تقريبًا، في وقت تستحوذ فيه الجزائر على أكثر من 200 منجم للزنك غير مستَثمَر.
وبإصدار رئيس الجمهورية الجزائرية، عبد المجيد تبون، أوامره من أجل الشروع في استثمار منجم واد أميزور، يكون هذا الحقل المعدني قد وصل إلى المرحلة الأخيرة، التي تستبق الانطلاق الفعلي في إنتاج الزنك بهذا المنجم، وتمهّد لدخول مقاطعة بجاية في الجزائر مرحلة الانتعاش الاقتصادي، الذي تستند إليه الحكومة الجزائرية، لتنويع الموارد الاقتصادية، لتكون بديلًا أمثل للخروج من الأزمة الحاليّة.
هل ستستعيد “مناجم الجزائر” بريقها؟
في الوقت الذي توجّه فيه السلطات العليا في الجزائر أنظارها صوب الثروات المعدنية، بصفتها خيارًا إستراتيجيًّا، تعتمد عليه الجزائر، انطلاقًا من استثمار منجمي غار جبيلات وواد أميزور، تنتظر مناجم وحقول معدنية أخرى لفت الأنظار إليها، وإعادة نشاطها من جديد، بعد التوقّف عن استثمارها في وقت سابق، على غرار العديد من المناجم التي تتوزّع على مدن غرب الجزائر، كمنجم بني صاف للحديد في ولاية عين تموشنت، المكتشَف سنة 1870، والذي كان يزوّد أوروبّا بهذه المادّة، ومنجم العابد للزنك والرصاص في ولاية تلمسان، والذي يعدّ من أقدم وأكبر المناجم على مستوى إفريقيا، وهي منابع معدنية يمكن أن تتوجّه بها الجزائر -بصفة أساسية- للتصدير، من خلال خطّة يحصل بموجبها تطوير قطاع المناجم، الذي يعدّ من القطاعات الإستراتيجية للدولة الجزائرية، كونه يوفّر عائدات ماليّة كبيرة من العملة الصعبة، خصوصًا وأن انتعاش القطاع يأتي بعد صعوبات شهدها طيلة السنوات الماضية.