مقال نشر في بي بي سي العربية
أصبحت الأشرطة التي تصور الضربات الجوية التي تنفذها الطائرات المسيرة (طائرات درون) الآذرية على أهداف أرمينية في ناغورنو كاراباخ ترمز إلى تصاعد حدة القتال بشكل مفاجئ في هذا النزاع المتواصل بشكل أو بآخر منذ أكثر من ثلاثة عقود.
كما أثارت هذه الصور المخاوف من أن أذربيجان قد حصلت على طائرات "بايراكتار" المسيرة التركية، وهي خطوة أثارت انتقادات على الصعيد الدولي.
وتقوم وزارة الدفاع الآذرية بتوزيع صور التقطها طائرات استطلاع مسيرة، تبين طبيعة المناطق المستهدفة، وكذلك أشرطة التقطها طائرات مسيرة "انتحارية"، وهي طائرات محملة بالمتفجرات ترتطم بأهدافها وتنفجر.
يذكر أن البلدين منشغلان مؤخرا بتسليح نفسيهما، وخصوصا أذربيجان وعلى وجه التحديد في ما يتعلق بأنظمة الطائرات المسيرة.
وأكثر الطائرات المسيرة جذبا للانتباه في الصراع الحالي هي طائرات بايراكتار TB2 التركية.
ويقول خبراء إن غالبية الأشرطة التي يوزعها وينشرها الجيش الآذري لعمليات القصف في ناغورنو كاراباخ تم تصويرها بواسطة هذا النوع من الطائرات.
يذكر أن شركة بايكار التركية قامت بتطوير هذه الطائرات المسيرة قبل بضعة سنوات، وبإمكان الطائرة المسيرة العمل بشكل ذاتي ويمكن استخدامها لأغراض الاستطلاع وتحديد الأهداف.
وتعد طائرة TB2 المسيرة نجمة لامعة في سماء سوق هذا الصنف من الطائرات، واستخدمتها تركيا في عملية "درع الربيع" التي نفذتها قواتها في سوريا في شباط / فبراير 2020، وقبل ذلك في ليبيا ضد قوات زعيم الحرب خليفة حفتر.
وقد باعت تركيا هذه الطائرة المسيرة إلى أوكرانيا، وأوردت وكالة الأناضول التركية للأنباء في السادس من الشهر الحالي أن صربيا عبرت عن رغبتها في شراء نماذج منها أيضا.
وبينما يجزم الخبراء على أن هذه طائرات TB2 هي التي التقطت صور تدمير الدروع الأرمينية، لم يصدر أي تأكيد رسمي بأنها تشكل جزءا من الترسانة العسكرية الآذرية.
وكان الرئيس الآذري إلهام علييف قد أعلن في الخامس من تشرين الأول/ أكتوبر الحالي أن بلادة تمتلك عددا من هذه الطائرات المسيرة، ولكن السلطات الآذرية لم تنشر أي وثائق تثبت شراءها واستلامها.
وفي حزيران/ يونيو الماضي، أوردت تقارير إعلامية تقارير تحدثت عن أن وزارة الدفاع الآذرية تأمل في استلامها في المستقبل.
ويعتقد أندريه فرولوف، رئيس تحرير نشرة "صادرات الأسلحة" الروسية أن أذربيجان كانت تخزّن هذه الطائرات سرا، أو أنها بدأت في استلامها قبل إندلاع القتال الحالي بوقت قصير.
لغط
قد يكون غياب أي معلومات رسمية حول تصدير واستخدام الطائرات المسيرة التركية مرتبطا بالحقيقة القائلة إنها تستخدم تقنيات طورت في بلدان أخرى. وكانت كندا قد أعلنت يوم الإثنين الماضي أنها تعتزم وقف تصدير التقنيات المستخدمة في انتاج الطائرات المسيرة إلى تركيا بسبب الشكوك من استخدامها في الحرب الدائرة في ناغورنو كاراباخ.
ويقول مشروع (Ploughshares) الكندي غير الحكومي إن الصور التي تظهر عمليات القصف التي تقوم بها الطائرات المسيرة في ناغورنو كاراباخ تبين بأن الطائرات التي التقطتها تستخدم معدات من انتاج الفرع الكندي لشركة L3Harris للتقنيات - وهي شركة متعددة الجنسيات متخصصة بالشؤون التقنية والدفاعية.
وردت تركيا على ذلك باتهام كندا، حليفتها في حلف شمال الأطلسي، بازدواجية المعايير والتصرف بالضد من روح الحلف.
لعبة المسيّرات: من الاستطلاع إلى الهجوم
يستخدم الجيش الآذري أنواعا أخرى من الطائرات المسيرة أيضا. ويقول مركز كلية بارد الأمريكي لدراسة الطائرات المسيرة إن الجبش الآذري يمتلك طائرتين مسيرتين إسرائيليتين من طراز "هيرون TP" و10 أخرى من طراز "هيرميس 4507" و100 من طراز "سكاي سترايكر" و50 من طراز "هاروب".
وطورت شركة أنظمة آزاد الآذرية الإسرائيلية المشتركة طائرة "إيروستار" المسيرة وطائرتي Orbiter 1K وOrbiter 3K الانتحاريتين المسيرتين. كما زوّد حرس السواحل الآذري بطائرتين مسيرتين بعيدتي المدى من طراز هيرميس 900.
وقال روب لي، وهو باحث في الشؤون العسكرية يعمل في جامعة كينغز كوليج في العاصمة البريطانية لندن، لبي بي سي الروسية إن الفرق الرئيسي بين التصعيد الذي نراه حاليا في حدة القتال في ناغورنو كاراباخ وبين الصدامات التي وقعت في الماضي يكمن في استخدام الطائرات المسيرة الهجومية التي بإمكانها إلقاء القنابل. وكان أذربيجان في الماضي تستخدم مسيّرات انتحارية فقط.
ويظهر شريط نشرته أرمينيا اللحظة التي يرتطم فيها صاروخ مضاد للطائرات بطائرة تشبه إلى حد بعيد طائرة أنتونوف-2 ثنائية الأجنحة والتي يعود تاريخها إلى الحقبة السوفيتية. وأشارت تقارير إعلامية إلى احتمال أن تكون هذه الطائرة هي الأخرى تحلق بدون طيار وأن الغرض منها خداع أنظمة الدفاع الجوي بحيث تكشف عن مواقعها.
أرمينيا لا تشتري الطائرات المسيرة
يقول الخبير الروسي أندريه فرولوف إن أرمينيا لم تشتر أي طائرات مسيرة في الفترة الأخيرة، وإن السبب في ذلك يعود إلى أن يرفان ربما أخطأت في تقدير مدى التهديد الذي تشكله الطائرات المسيرة الآذرية.
وقال فرولوف لبي بي سي الروسية "لم يعلنوا عن أي خطط لشراء طائرات مسيرة. وبما أن هذه الطائرات غير متوفرة لدى روسيا، كان عليهم التوجه إلى الصين أو إيران لشرائها. ولكن الأمر مرتبط بالتمويل، فبينما يمكن للأرمينيين شراء المعدات من روسيا بموجب قروض تفضيلية، ليس الشراء من الصين بهذه السهولة. أما بالنسبة للطائرات المسيرة المنتجة محليا في أرمينيا التي يتحدثون عنها، فلا أثر لها على الإطلاق".
يذكر أن أرمينيا تنتج طائرات مسيرة استطلاعية خفيفة تدعى "كرونك" (أي الرافعة)، ولكن عدد هذه الطائرات المشارك في حرب ناغورنو كاراباخ غير معروف.
ويقول فرولوف إن أرمينيا اشترت أنظمة تور الصاروخية المضادة للطائرات من روسيا، وهي أنظمة تتمكن من اسقاط الطائرات المسيرة، ولكن لم ترد أي تقارير تتحدث عن نشرها في جبهات القتال.
ويستخدم الأرمينيون عددا من قاذفات صواريخ أرض-جو السوفيتية من طراز أوسا وستريلا في ناغورنو كاراباخ، وقد تمكنت هذه الصواريخ من اسقاط عدة طائرات آذرية مسيرة بالفعل.
هل ساعدت الطائرات المسيرة أذربيجان؟
نشرت أذربيجان عشرات الأشرطة المصورة التي تظهر الغارات التي نفذتها طائراتها المسيرة على المواقع الأرمينية.
وشملت الأهداف الدروع بشكل أساسي، وبدرجة أقل مستودعات الأسلحة والجنود. كما أغارت الطائرات الآذرية المسيرة أيضا على مواقع منظومات أوسا وستريلا المضادة للجو.
وليس معلوماً عدد منظومات الدفاع الجوي التي نشرتها أرمينيا في ناغورنو كاراباخ، أو مدى الضرر الذي أصيبت به جراء الغارات الآذرية.
ولا تلعب منظومات صواريخ أوسا وستريلا دورا حاسما في التصدي للطائرات المسيرة الهجومية.
ويقول الخبير روب لي "لقد شاهدنا العديد من الأشرطة التي تصور الطائرات المسيرة وهي تقصف مواقع منظومات أوسا وستريلا وهي منظومات دفاعية عفا عليها الزمن. ولا بد أن مشغلي هذه المنظومات كانوا يحاولون جاهدين رصد طائرات TB2 الآذرية المسيرة على شاشات أجهزة الرادار، ولكن هذه المنظومات مصممة للتصدي للطائرات المروحية والطائرات المقاتلة، ولذا فمن الصعوبة بمكان عليها أن تستشعر بوجود طائرات مسيرة صغيرة الحجم في الجو. وفي حقيقة الأمر، ربما يكون الغرض الرئيسي لاستخدام الطائرات المسيرة أصلا هو تحييد منظومات الدفاع الجوي في ناغورنو كاراباخ".
وكما يقول الخبير العسكري الروسي فيكتور موراخوفسكي، فإن منظومات الدفاع الجوي الموجودة في ناغورنو كاراباخ أضغف بكثير من تلك المنشورة في أرمينيا ذاتها، إذ لا تشمل إلا منظومات قديمة وتفتقر إلى مجال راداري كاف، ولذا تتمكن الطائرات المسيرة من العمل دون عائق.
ويمضي للقول "ولكن، لم يتم تدمير كل منظومات الدفاع الجوي في ناغورنو كاراباخ، كما يعلم الجانب الآخر (الجانب الأذربيجاني) جيدا، ونحن لا نرى أي وجود حقيقي لطائرات مقاتلة تقليدية في سماء المعارك، فأذربيجان لم تستخدم بعد مقاتلاتها أو مروحياتها الحربية".
وكان للأشرطة المصورة للغارات التي تنفذها الطائرات المسيرة على مواقع في ناغورنو كاراباخ أثرا على جمهور الانترنت الذي يتابعها بشغف ويناقشها بحرارة ويتبادلها من خلال منابر التواصل الاجتماعي.
ولكن موراخوفسكي يقول إنه يجب علينا ألا نحكم على فاعلية الطائرات المسيرة من خلال تلك الأشرطة، مضيفا "أنهم لا ينشرون صور الاخفاقات أو صورا لاستهداف هذه الطائرات".
هل بوسعك الدفاع عن نفسك ضد الطائرات المسيرة؟
يقول الخبير روب لي إن الغارات التي نفذتها الطائرات المسيرة ربما أوقعت خسائر جسيمة في صفوف الجانب الأرميني (رغم غياب التفاصيل الدقيقة لتلك الخسائر)، "ولكن ذلك لا يعني أن بإمكان أذربيجان تحويل نجاحاتها التكتيكية التي حققتها بفضل طائرات TB2 إلى نجاحات استراتيجية أو إلى الاستحواذ على الأرض".
ويقول الخبير الروسي موراخوفسكي بدوره إنه رغم أن الطائرات المسيرة تعد أسلحة حديثة العهد نسبيا في ساحات الحرب، إلا أنها تستخدم منذ فترة وبكثرة ولذا هناك طرق وأساليب للتصدي لها. فقد اضطرت الجماعات السورية المسلحة إلى تطوير تكتيكات لمقاومتها.
ويضيف أن "استخدم هؤلاء مخابئ تحت الأرض وملاجئ لعرباتهم المدرعة ومعداتهم كما يقومون بتفريق أسلحتهم ولا يكدسونها في مكان واحد، كما يستخدمون الخنادق المحصنة. وبإمكان ناغورنو كاراباخ، بما أنها تفتقر إلى الأموال اللازمة لشراء منظومات عصرية للدفاع الجوي، استخدام هذه الأساليب والتكتيكات لمجابهة الطائرات المسيرة".
وفي هذا الموقف، قد تنفع المواقع الزائفة، ففي واحد من الأشرطة المصورة التي وزعتها وزارة الدفاع الآذرية تظهر طائرة مسيرة وهي تغير بوضوح على نموذج مزيف لقاعدة اطلاق صواريخ أرض - جو.
رابط المقال
هنا
أصبحت الأشرطة التي تصور الضربات الجوية التي تنفذها الطائرات المسيرة (طائرات درون) الآذرية على أهداف أرمينية في ناغورنو كاراباخ ترمز إلى تصاعد حدة القتال بشكل مفاجئ في هذا النزاع المتواصل بشكل أو بآخر منذ أكثر من ثلاثة عقود.
كما أثارت هذه الصور المخاوف من أن أذربيجان قد حصلت على طائرات "بايراكتار" المسيرة التركية، وهي خطوة أثارت انتقادات على الصعيد الدولي.
وتقوم وزارة الدفاع الآذرية بتوزيع صور التقطها طائرات استطلاع مسيرة، تبين طبيعة المناطق المستهدفة، وكذلك أشرطة التقطها طائرات مسيرة "انتحارية"، وهي طائرات محملة بالمتفجرات ترتطم بأهدافها وتنفجر.
يذكر أن البلدين منشغلان مؤخرا بتسليح نفسيهما، وخصوصا أذربيجان وعلى وجه التحديد في ما يتعلق بأنظمة الطائرات المسيرة.
وأكثر الطائرات المسيرة جذبا للانتباه في الصراع الحالي هي طائرات بايراكتار TB2 التركية.
ويقول خبراء إن غالبية الأشرطة التي يوزعها وينشرها الجيش الآذري لعمليات القصف في ناغورنو كاراباخ تم تصويرها بواسطة هذا النوع من الطائرات.
يذكر أن شركة بايكار التركية قامت بتطوير هذه الطائرات المسيرة قبل بضعة سنوات، وبإمكان الطائرة المسيرة العمل بشكل ذاتي ويمكن استخدامها لأغراض الاستطلاع وتحديد الأهداف.
وتعد طائرة TB2 المسيرة نجمة لامعة في سماء سوق هذا الصنف من الطائرات، واستخدمتها تركيا في عملية "درع الربيع" التي نفذتها قواتها في سوريا في شباط / فبراير 2020، وقبل ذلك في ليبيا ضد قوات زعيم الحرب خليفة حفتر.
وقد باعت تركيا هذه الطائرة المسيرة إلى أوكرانيا، وأوردت وكالة الأناضول التركية للأنباء في السادس من الشهر الحالي أن صربيا عبرت عن رغبتها في شراء نماذج منها أيضا.
وبينما يجزم الخبراء على أن هذه طائرات TB2 هي التي التقطت صور تدمير الدروع الأرمينية، لم يصدر أي تأكيد رسمي بأنها تشكل جزءا من الترسانة العسكرية الآذرية.
وكان الرئيس الآذري إلهام علييف قد أعلن في الخامس من تشرين الأول/ أكتوبر الحالي أن بلادة تمتلك عددا من هذه الطائرات المسيرة، ولكن السلطات الآذرية لم تنشر أي وثائق تثبت شراءها واستلامها.
وفي حزيران/ يونيو الماضي، أوردت تقارير إعلامية تقارير تحدثت عن أن وزارة الدفاع الآذرية تأمل في استلامها في المستقبل.
ويعتقد أندريه فرولوف، رئيس تحرير نشرة "صادرات الأسلحة" الروسية أن أذربيجان كانت تخزّن هذه الطائرات سرا، أو أنها بدأت في استلامها قبل إندلاع القتال الحالي بوقت قصير.
لغط
قد يكون غياب أي معلومات رسمية حول تصدير واستخدام الطائرات المسيرة التركية مرتبطا بالحقيقة القائلة إنها تستخدم تقنيات طورت في بلدان أخرى. وكانت كندا قد أعلنت يوم الإثنين الماضي أنها تعتزم وقف تصدير التقنيات المستخدمة في انتاج الطائرات المسيرة إلى تركيا بسبب الشكوك من استخدامها في الحرب الدائرة في ناغورنو كاراباخ.
ويقول مشروع (Ploughshares) الكندي غير الحكومي إن الصور التي تظهر عمليات القصف التي تقوم بها الطائرات المسيرة في ناغورنو كاراباخ تبين بأن الطائرات التي التقطتها تستخدم معدات من انتاج الفرع الكندي لشركة L3Harris للتقنيات - وهي شركة متعددة الجنسيات متخصصة بالشؤون التقنية والدفاعية.
وردت تركيا على ذلك باتهام كندا، حليفتها في حلف شمال الأطلسي، بازدواجية المعايير والتصرف بالضد من روح الحلف.
لعبة المسيّرات: من الاستطلاع إلى الهجوم
يستخدم الجيش الآذري أنواعا أخرى من الطائرات المسيرة أيضا. ويقول مركز كلية بارد الأمريكي لدراسة الطائرات المسيرة إن الجبش الآذري يمتلك طائرتين مسيرتين إسرائيليتين من طراز "هيرون TP" و10 أخرى من طراز "هيرميس 4507" و100 من طراز "سكاي سترايكر" و50 من طراز "هاروب".
وطورت شركة أنظمة آزاد الآذرية الإسرائيلية المشتركة طائرة "إيروستار" المسيرة وطائرتي Orbiter 1K وOrbiter 3K الانتحاريتين المسيرتين. كما زوّد حرس السواحل الآذري بطائرتين مسيرتين بعيدتي المدى من طراز هيرميس 900.
وقال روب لي، وهو باحث في الشؤون العسكرية يعمل في جامعة كينغز كوليج في العاصمة البريطانية لندن، لبي بي سي الروسية إن الفرق الرئيسي بين التصعيد الذي نراه حاليا في حدة القتال في ناغورنو كاراباخ وبين الصدامات التي وقعت في الماضي يكمن في استخدام الطائرات المسيرة الهجومية التي بإمكانها إلقاء القنابل. وكان أذربيجان في الماضي تستخدم مسيّرات انتحارية فقط.
ويظهر شريط نشرته أرمينيا اللحظة التي يرتطم فيها صاروخ مضاد للطائرات بطائرة تشبه إلى حد بعيد طائرة أنتونوف-2 ثنائية الأجنحة والتي يعود تاريخها إلى الحقبة السوفيتية. وأشارت تقارير إعلامية إلى احتمال أن تكون هذه الطائرة هي الأخرى تحلق بدون طيار وأن الغرض منها خداع أنظمة الدفاع الجوي بحيث تكشف عن مواقعها.
أرمينيا لا تشتري الطائرات المسيرة
يقول الخبير الروسي أندريه فرولوف إن أرمينيا لم تشتر أي طائرات مسيرة في الفترة الأخيرة، وإن السبب في ذلك يعود إلى أن يرفان ربما أخطأت في تقدير مدى التهديد الذي تشكله الطائرات المسيرة الآذرية.
وقال فرولوف لبي بي سي الروسية "لم يعلنوا عن أي خطط لشراء طائرات مسيرة. وبما أن هذه الطائرات غير متوفرة لدى روسيا، كان عليهم التوجه إلى الصين أو إيران لشرائها. ولكن الأمر مرتبط بالتمويل، فبينما يمكن للأرمينيين شراء المعدات من روسيا بموجب قروض تفضيلية، ليس الشراء من الصين بهذه السهولة. أما بالنسبة للطائرات المسيرة المنتجة محليا في أرمينيا التي يتحدثون عنها، فلا أثر لها على الإطلاق".
يذكر أن أرمينيا تنتج طائرات مسيرة استطلاعية خفيفة تدعى "كرونك" (أي الرافعة)، ولكن عدد هذه الطائرات المشارك في حرب ناغورنو كاراباخ غير معروف.
ويقول فرولوف إن أرمينيا اشترت أنظمة تور الصاروخية المضادة للطائرات من روسيا، وهي أنظمة تتمكن من اسقاط الطائرات المسيرة، ولكن لم ترد أي تقارير تتحدث عن نشرها في جبهات القتال.
ويستخدم الأرمينيون عددا من قاذفات صواريخ أرض-جو السوفيتية من طراز أوسا وستريلا في ناغورنو كاراباخ، وقد تمكنت هذه الصواريخ من اسقاط عدة طائرات آذرية مسيرة بالفعل.
هل ساعدت الطائرات المسيرة أذربيجان؟
نشرت أذربيجان عشرات الأشرطة المصورة التي تظهر الغارات التي نفذتها طائراتها المسيرة على المواقع الأرمينية.
وشملت الأهداف الدروع بشكل أساسي، وبدرجة أقل مستودعات الأسلحة والجنود. كما أغارت الطائرات الآذرية المسيرة أيضا على مواقع منظومات أوسا وستريلا المضادة للجو.
وليس معلوماً عدد منظومات الدفاع الجوي التي نشرتها أرمينيا في ناغورنو كاراباخ، أو مدى الضرر الذي أصيبت به جراء الغارات الآذرية.
ولا تلعب منظومات صواريخ أوسا وستريلا دورا حاسما في التصدي للطائرات المسيرة الهجومية.
ويقول الخبير روب لي "لقد شاهدنا العديد من الأشرطة التي تصور الطائرات المسيرة وهي تقصف مواقع منظومات أوسا وستريلا وهي منظومات دفاعية عفا عليها الزمن. ولا بد أن مشغلي هذه المنظومات كانوا يحاولون جاهدين رصد طائرات TB2 الآذرية المسيرة على شاشات أجهزة الرادار، ولكن هذه المنظومات مصممة للتصدي للطائرات المروحية والطائرات المقاتلة، ولذا فمن الصعوبة بمكان عليها أن تستشعر بوجود طائرات مسيرة صغيرة الحجم في الجو. وفي حقيقة الأمر، ربما يكون الغرض الرئيسي لاستخدام الطائرات المسيرة أصلا هو تحييد منظومات الدفاع الجوي في ناغورنو كاراباخ".
وكما يقول الخبير العسكري الروسي فيكتور موراخوفسكي، فإن منظومات الدفاع الجوي الموجودة في ناغورنو كاراباخ أضغف بكثير من تلك المنشورة في أرمينيا ذاتها، إذ لا تشمل إلا منظومات قديمة وتفتقر إلى مجال راداري كاف، ولذا تتمكن الطائرات المسيرة من العمل دون عائق.
ويمضي للقول "ولكن، لم يتم تدمير كل منظومات الدفاع الجوي في ناغورنو كاراباخ، كما يعلم الجانب الآخر (الجانب الأذربيجاني) جيدا، ونحن لا نرى أي وجود حقيقي لطائرات مقاتلة تقليدية في سماء المعارك، فأذربيجان لم تستخدم بعد مقاتلاتها أو مروحياتها الحربية".
وكان للأشرطة المصورة للغارات التي تنفذها الطائرات المسيرة على مواقع في ناغورنو كاراباخ أثرا على جمهور الانترنت الذي يتابعها بشغف ويناقشها بحرارة ويتبادلها من خلال منابر التواصل الاجتماعي.
ولكن موراخوفسكي يقول إنه يجب علينا ألا نحكم على فاعلية الطائرات المسيرة من خلال تلك الأشرطة، مضيفا "أنهم لا ينشرون صور الاخفاقات أو صورا لاستهداف هذه الطائرات".
هل بوسعك الدفاع عن نفسك ضد الطائرات المسيرة؟
يقول الخبير روب لي إن الغارات التي نفذتها الطائرات المسيرة ربما أوقعت خسائر جسيمة في صفوف الجانب الأرميني (رغم غياب التفاصيل الدقيقة لتلك الخسائر)، "ولكن ذلك لا يعني أن بإمكان أذربيجان تحويل نجاحاتها التكتيكية التي حققتها بفضل طائرات TB2 إلى نجاحات استراتيجية أو إلى الاستحواذ على الأرض".
ويقول الخبير الروسي موراخوفسكي بدوره إنه رغم أن الطائرات المسيرة تعد أسلحة حديثة العهد نسبيا في ساحات الحرب، إلا أنها تستخدم منذ فترة وبكثرة ولذا هناك طرق وأساليب للتصدي لها. فقد اضطرت الجماعات السورية المسلحة إلى تطوير تكتيكات لمقاومتها.
ويضيف أن "استخدم هؤلاء مخابئ تحت الأرض وملاجئ لعرباتهم المدرعة ومعداتهم كما يقومون بتفريق أسلحتهم ولا يكدسونها في مكان واحد، كما يستخدمون الخنادق المحصنة. وبإمكان ناغورنو كاراباخ، بما أنها تفتقر إلى الأموال اللازمة لشراء منظومات عصرية للدفاع الجوي، استخدام هذه الأساليب والتكتيكات لمجابهة الطائرات المسيرة".
وفي هذا الموقف، قد تنفع المواقع الزائفة، ففي واحد من الأشرطة المصورة التي وزعتها وزارة الدفاع الآذرية تظهر طائرة مسيرة وهي تغير بوضوح على نموذج مزيف لقاعدة اطلاق صواريخ أرض - جو.
رابط المقال
هنا