دفعت حرب القوقاز الأخيرة باتجاه جملة من التحولات في خيارات روسيا السياسية والأمنية، كان من بينها التوجّه نحو إعادة تشكيل القوات المسلحة الروسية على أسس جديدة، تراعي سرعة الانتشار وخفة الحركة، وتكامل اختصاصات الوحدة العسكرية، وصغر حجم التشكيلات. هذا فضلاً عن العمل على خفض تعداد الجيش الروسي إلى نحو مليون شخص، من أصل مليون ومائتي ألف في الوقت الراهن، وتسريح نحو ثلث جنرالاته، وإعادة تكوين مناهج التعليم العسكرية الروسية لتلائم المتطلبات المستجدة. وبالطبع، فهذا يعكس طموحاً عالياً، لكنه يختزن الكثير من التحديات.
ويصف بعض الخبراء الروس الجيش الروسي اليوم بأنه آلة ضخمة، سوفييتية الطراز، عفا عليها الزمن.
لقد أقر الرئيس الروسي، دميتري ميدفيديف، في السادس والعشرين من سبتمبر/ أيلول الماضي، المعايير الأساسية لبناء القوات المسلحة الروسية، حتى العام 2020. وقال ميدفيديف إنه من أجل تنفيذ المهام القتالية بفعالية ينبغي تحقيق خمسة مبادئ هي: أولاً، تحويل جميع التشكيلات القتالية إلى فئة قوات التأهب القتالي الدائم. وثانياً، رفع فعالية نظام قيادة القوات المسلحة. وثالثاً، استكمال نظام إعداد الكوادر والتعليم العسكري والعلوم العسكرية. ورابعاً، تجهيز الجيش بأحدث الأسلحة وأدقها بصورة متكاملة. وخامساً، تحسين الأوضاع الاجتماعية للعسكريين.
وقد كان وزراء الدفاع الروس، ابتداءً من بافيل غراتشوف وحتى سيرغي إيفانوف، قد تطرقوا إلى قضية إصلاح المؤسسة العسكرية، إلا أن الأمر اقتصر عادة على إجراءات محدودة، كعملية الدمج بين القوات الجوية والدفاع الجوي، وإخضاع طيران الجيش للقوات البرية، وتحويل الوحدات المرابطة في شبه جزيرة كامتشاتكا إلى القوات البحرية.
ومن جهته، سعى رئيس هيئة الأركان العامة الأسبق، يوري بالويفسكي، لتنفيذ إصلاحات قضت بإنشاء ثلاث قيادات استراتيجية، هي: القيادة الجنوبية والقيادة الشرقية والقيادة الغربية، وذلك بهدف استبدال المناطق العسكرية والقيادات الكثيرة التي اختارت موسكو مقراً لها. بيد أن بالويفسكي لم ينجح في هذه المهمة، بسبب إقالته.
وفي 14 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، اقترح وزير الدفاع الحالي، أناتولي سيرديوكوف، تخفيض عدد ضباط الجيش إلى 150000 ضابط بحلول العام ،2012 مقابل 355000 ضابط في الوقت الراهن، وبحيث يبلغ تعداد الجيش الروسي أيضاً، بحلول ذلك العام، مليون شخص.
كذلك، سيتم خفض تعداد الهيئات المركزية لوزارة الدفاع، وأجهزة القيادة العسكرية، من 21813 فرداً إلى 8500 فرد بحلول العام 2012. وكما سبقت الإشارة، تضم القوات المسلحة الروسية في الوقت الراهن 1،2 مليون شخص، وذلك مقابل 5.4 مليون شخص في عهد الاتحاد السوفييتي. وعلى الرغم من ذلك، فإن عدد العاملين في الإدارة المركزية في موسكو قد ظل منذ ذلك الحين دون تغيير.
وسوف تشمل عملية الإصلاح، من جهة أخرى، تقليص عدد المعاهد الخاصة بإعداد الضباط والكوادر العسكرية. كما ستتم إعادة هيكلية المؤسسات التعليمية العسكرية على أساس التموضع الجغرافي لمختلف التشكيلات العسكرية، بدلاً من الهيكلية القائمة حسب صنوف السلاح، التي يُدرب كلٌ منها ضباطه في الكليات الخاصة به. وقد توصلت وزارة الدفاع إلى قناعة مفادها أن المؤسسات التعليمية للجيش يجب أن تكون جامعة، أي قادرة على تخريج ضباط في اختصاصات تلبي كافة صنوف الأسلحة والقوات.
وقد يكون معنى الخطة الجديدة للإصلاح العسكري أن الإصلاحات التي خضعت لها القوات المسلحة الروسية من قبل لم تف بالغرض، بمعنى أنها لم تجعل الجيش الروسي قادراً على مواءمة متطلبات العصر الحالي.
ويبقى الجانب الأبرز في عملية الإصلاح المرتقبة متمثلاً في إلغاء التراتبية الموروثة عن النظام السوفييتي، التي تقوم على المنطقة العسكرية، والجيش والفرقة والفوج، حيث ستحل محلها تراتبية جديدة، قوامُها المنطقة العسكرية، تليها القيادة العملياتية، ثم اللواء.
ويعتقد أن نتائج الحرب الأخيرة في القوقاز، كانت دافعاً أساسياً في تسريع الانتقال إلى نظام الألوية. ويرجح أن الانتصار في مسرح عمليات عسكرية محدودة في القوقاز، أقنع موسكو، بأن امتلاك تشكيلات متوسطة الحجم وسريعة الحركة، كفيل بتحقيق النجاح في المعركة.
وتستعين غالبية جيوش العالم الرئيسية حالياً بنظام الألوية. وسيقود انتقال روسيا إلى هذا النظام إلى زيادة عدد الضباط برتبة ملازم وملازم أول، بحلول العام ،2012 حتى 60 ألف ضابط، وفي المقابل تقليص كبار الضباط.
وفي إطار خطط الإصلاح ذاتها، سيتم تشكيل لواء للإنزال الجوي في كل منطقة عسكرية، وستكون هناك ستة ألوية من هذا الصنف. ولدى القوات البرية حالياً لواءان للإنزال الجوي، إضافة إلى فوج الإنزال المستقل، الذي لا يخضع لقيادة قوات الإنزال الجوي. ويبلغ تعداد هذه القوات في الوقت الراهن 34 ألف فرد، أربع فرق ولواء وأفواجاً خاصة، ومركزاً تدريبياً، وسرباً مستقلاً للمروحيات.
وتعتزم روسيا، في السياق ذاته، إنشاء قوة انتشار سريع، من المقرر أن تضم وحدات من جنود المظلات، والمشاة البحرية، وقوات العمليات الخاصة، ونحو 300 طائرة ومروحية.
وقد ظهرت مثل هذه القوات لدى الولايات المتحدة في مطلع الثمانينات من القرن العشرين. ويضم الجيش الأمريكي حالياً أكثر من 50 ألفاً من قوات العمليات الخاصة أو “ذوي القبعات الخضراء”.
وبالعودة إلى حجم الجيش الروسي، يبدو من المفارقة أن الترهل العددي في هذا الجيش تقابله تحديات كبيرة على صعيد تأمين العدد الكافي من الشبان المجندين للخدمة الإلزامية. وحسب الخطط الروسية، من المقرر استدعاء 219 ألف شاب للخدمة هذا الخريف، أي قرابة ضعف عدد الذين استدعوا في الربيع الماضي. وحسب المعطيات المتداولة في موسكو، ستجد وزارة الدفاع نفسها أمام مشكلة كبيرة بعد ثلاث سنوات، إذ سيتضاءل كثيراً عدد الشباب ممن هم في سن الخدمة الإلزامية. فعدد المواليد الذكور في روسيا تناقص بشكل حاد بدءاً من العام ،1988 وانخفض من مليونين و80 ألفاً عام 1987إلى مليون و200 ألف عام 1995.
وقد وضعت وزارة الدفاع الروسية خطة تقضي بأن يتعاقد الجيش مع ضباط وجنود الاحتياط ليكونوا مستعدين للالتحاق بوحدات محددة، حالما توجه لهم الدعوة بذلك، على أن يتم منحهم مقابلاً مالياً قدره سبعة آلاف روبل شهرياً، بالإضافة إلى رفع قيمة المكافآت التي تصرف للعسكريين. ويُفترض أن تستكمل المرحلة الأولى من تنفيذ هذه الخطة قبل العام 2010.
ويُنقل حالياً كل من أدى الخدمة الإلزامية في صفوف الجيش إلى الاحتياط. ويرى البعض أن هذا يعني، في واقع الأمر، ابتعاد هؤلاء نهائياً عن الخدمة، لأن استدعاء جنود وضباط الاحتياط، حتى بهدف التدريب، يعد أمراً صعباً، خاصة في الوقت الراهن، عندما يغادر كثيرون مناطقهم في سبيل البحث عن فرص العمل.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن العديد من دول العالم قد بدأت الانتقال إلى مبدأ سد الشواغر بالمتطوعين المؤهلين، والتخلي عن الخدمة الإجبارية.
ويصف بعض الخبراء الروس الجيش الروسي اليوم بأنه آلة ضخمة، سوفييتية الطراز، عفا عليها الزمن.
لقد أقر الرئيس الروسي، دميتري ميدفيديف، في السادس والعشرين من سبتمبر/ أيلول الماضي، المعايير الأساسية لبناء القوات المسلحة الروسية، حتى العام 2020. وقال ميدفيديف إنه من أجل تنفيذ المهام القتالية بفعالية ينبغي تحقيق خمسة مبادئ هي: أولاً، تحويل جميع التشكيلات القتالية إلى فئة قوات التأهب القتالي الدائم. وثانياً، رفع فعالية نظام قيادة القوات المسلحة. وثالثاً، استكمال نظام إعداد الكوادر والتعليم العسكري والعلوم العسكرية. ورابعاً، تجهيز الجيش بأحدث الأسلحة وأدقها بصورة متكاملة. وخامساً، تحسين الأوضاع الاجتماعية للعسكريين.
وقد كان وزراء الدفاع الروس، ابتداءً من بافيل غراتشوف وحتى سيرغي إيفانوف، قد تطرقوا إلى قضية إصلاح المؤسسة العسكرية، إلا أن الأمر اقتصر عادة على إجراءات محدودة، كعملية الدمج بين القوات الجوية والدفاع الجوي، وإخضاع طيران الجيش للقوات البرية، وتحويل الوحدات المرابطة في شبه جزيرة كامتشاتكا إلى القوات البحرية.
ومن جهته، سعى رئيس هيئة الأركان العامة الأسبق، يوري بالويفسكي، لتنفيذ إصلاحات قضت بإنشاء ثلاث قيادات استراتيجية، هي: القيادة الجنوبية والقيادة الشرقية والقيادة الغربية، وذلك بهدف استبدال المناطق العسكرية والقيادات الكثيرة التي اختارت موسكو مقراً لها. بيد أن بالويفسكي لم ينجح في هذه المهمة، بسبب إقالته.
وفي 14 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، اقترح وزير الدفاع الحالي، أناتولي سيرديوكوف، تخفيض عدد ضباط الجيش إلى 150000 ضابط بحلول العام ،2012 مقابل 355000 ضابط في الوقت الراهن، وبحيث يبلغ تعداد الجيش الروسي أيضاً، بحلول ذلك العام، مليون شخص.
كذلك، سيتم خفض تعداد الهيئات المركزية لوزارة الدفاع، وأجهزة القيادة العسكرية، من 21813 فرداً إلى 8500 فرد بحلول العام 2012. وكما سبقت الإشارة، تضم القوات المسلحة الروسية في الوقت الراهن 1،2 مليون شخص، وذلك مقابل 5.4 مليون شخص في عهد الاتحاد السوفييتي. وعلى الرغم من ذلك، فإن عدد العاملين في الإدارة المركزية في موسكو قد ظل منذ ذلك الحين دون تغيير.
وسوف تشمل عملية الإصلاح، من جهة أخرى، تقليص عدد المعاهد الخاصة بإعداد الضباط والكوادر العسكرية. كما ستتم إعادة هيكلية المؤسسات التعليمية العسكرية على أساس التموضع الجغرافي لمختلف التشكيلات العسكرية، بدلاً من الهيكلية القائمة حسب صنوف السلاح، التي يُدرب كلٌ منها ضباطه في الكليات الخاصة به. وقد توصلت وزارة الدفاع إلى قناعة مفادها أن المؤسسات التعليمية للجيش يجب أن تكون جامعة، أي قادرة على تخريج ضباط في اختصاصات تلبي كافة صنوف الأسلحة والقوات.
وقد يكون معنى الخطة الجديدة للإصلاح العسكري أن الإصلاحات التي خضعت لها القوات المسلحة الروسية من قبل لم تف بالغرض، بمعنى أنها لم تجعل الجيش الروسي قادراً على مواءمة متطلبات العصر الحالي.
ويبقى الجانب الأبرز في عملية الإصلاح المرتقبة متمثلاً في إلغاء التراتبية الموروثة عن النظام السوفييتي، التي تقوم على المنطقة العسكرية، والجيش والفرقة والفوج، حيث ستحل محلها تراتبية جديدة، قوامُها المنطقة العسكرية، تليها القيادة العملياتية، ثم اللواء.
ويعتقد أن نتائج الحرب الأخيرة في القوقاز، كانت دافعاً أساسياً في تسريع الانتقال إلى نظام الألوية. ويرجح أن الانتصار في مسرح عمليات عسكرية محدودة في القوقاز، أقنع موسكو، بأن امتلاك تشكيلات متوسطة الحجم وسريعة الحركة، كفيل بتحقيق النجاح في المعركة.
وتستعين غالبية جيوش العالم الرئيسية حالياً بنظام الألوية. وسيقود انتقال روسيا إلى هذا النظام إلى زيادة عدد الضباط برتبة ملازم وملازم أول، بحلول العام ،2012 حتى 60 ألف ضابط، وفي المقابل تقليص كبار الضباط.
وفي إطار خطط الإصلاح ذاتها، سيتم تشكيل لواء للإنزال الجوي في كل منطقة عسكرية، وستكون هناك ستة ألوية من هذا الصنف. ولدى القوات البرية حالياً لواءان للإنزال الجوي، إضافة إلى فوج الإنزال المستقل، الذي لا يخضع لقيادة قوات الإنزال الجوي. ويبلغ تعداد هذه القوات في الوقت الراهن 34 ألف فرد، أربع فرق ولواء وأفواجاً خاصة، ومركزاً تدريبياً، وسرباً مستقلاً للمروحيات.
وتعتزم روسيا، في السياق ذاته، إنشاء قوة انتشار سريع، من المقرر أن تضم وحدات من جنود المظلات، والمشاة البحرية، وقوات العمليات الخاصة، ونحو 300 طائرة ومروحية.
وقد ظهرت مثل هذه القوات لدى الولايات المتحدة في مطلع الثمانينات من القرن العشرين. ويضم الجيش الأمريكي حالياً أكثر من 50 ألفاً من قوات العمليات الخاصة أو “ذوي القبعات الخضراء”.
وبالعودة إلى حجم الجيش الروسي، يبدو من المفارقة أن الترهل العددي في هذا الجيش تقابله تحديات كبيرة على صعيد تأمين العدد الكافي من الشبان المجندين للخدمة الإلزامية. وحسب الخطط الروسية، من المقرر استدعاء 219 ألف شاب للخدمة هذا الخريف، أي قرابة ضعف عدد الذين استدعوا في الربيع الماضي. وحسب المعطيات المتداولة في موسكو، ستجد وزارة الدفاع نفسها أمام مشكلة كبيرة بعد ثلاث سنوات، إذ سيتضاءل كثيراً عدد الشباب ممن هم في سن الخدمة الإلزامية. فعدد المواليد الذكور في روسيا تناقص بشكل حاد بدءاً من العام ،1988 وانخفض من مليونين و80 ألفاً عام 1987إلى مليون و200 ألف عام 1995.
وقد وضعت وزارة الدفاع الروسية خطة تقضي بأن يتعاقد الجيش مع ضباط وجنود الاحتياط ليكونوا مستعدين للالتحاق بوحدات محددة، حالما توجه لهم الدعوة بذلك، على أن يتم منحهم مقابلاً مالياً قدره سبعة آلاف روبل شهرياً، بالإضافة إلى رفع قيمة المكافآت التي تصرف للعسكريين. ويُفترض أن تستكمل المرحلة الأولى من تنفيذ هذه الخطة قبل العام 2010.
ويُنقل حالياً كل من أدى الخدمة الإلزامية في صفوف الجيش إلى الاحتياط. ويرى البعض أن هذا يعني، في واقع الأمر، ابتعاد هؤلاء نهائياً عن الخدمة، لأن استدعاء جنود وضباط الاحتياط، حتى بهدف التدريب، يعد أمراً صعباً، خاصة في الوقت الراهن، عندما يغادر كثيرون مناطقهم في سبيل البحث عن فرص العمل.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن العديد من دول العالم قد بدأت الانتقال إلى مبدأ سد الشواغر بالمتطوعين المؤهلين، والتخلي عن الخدمة الإجبارية.