برنامج صواريخ كروز الصينية
أثناء عمليتي درع الصحراء وعاصفة الصحراء، أطلقت البحرية الأمريكية (288) صاروخاً من صواريخ توماهوك الهجومية أصابت أهدافها بنسبة 80%، ويعرف عن هذا النوع من الصواريخ أنه دقيق الإصابة، فبعد أن يقطع مسافة 1600 كلم ينفجر رأسه الحربي - الذي يزن 454 كيلوجراماً - ضمن 3 أمتار من الهدف. وقد لاحظت جمهورية الصين الشعبية الأداء الرائع لهذه الصواريخ فركزت جهودها للحصول عليها.
كما أدركت الصين - أثناء حرب الخليج عام 1991م - أن القوة التي تتمتع بها الولايات المتحدة لا يمكن تحديها بالطرق العسكرية المباشرة، وإنما يمكن للصين التأثير على القرارات الأمريكية بامتلاك صواريخ كروز دون الدخول معها في نزاع رئيس. ويمكن لصواريخ كروز أن تمنح الصين مقدرة على توجيه ضربات دقيقة بتكلفة أقل بكثير من تطوير وتدريب قوة جوية حديثة. فالصواريخ تحتاج إلى صيانة أقل من صيانة أسطول من الطائرات النفاثة الحديثة، كما أنها مناسبة لضرب الأهداف الأرضية والبحرية، وهي أرخص نسبياً، والأجزاء المعرضة للإصابة فيها قليلة.
وتعد جهود الصين الرامية للحصول على صواريخ كروز تطوراً مثيراً لقلق الولايات المتحدة الأمريكية.
الحصول على الصواريخ
عمل الصين للحصول على هذه الأنظمة عن طريق الشراء المباشر والتطوير المحلي، وهو ما سوف نفصّله فيما يلي:
الشراء المباشر: إن أفضل طريقة للحصول على الصواريخ هي شراء نظام الصاروخ كله مباشرة من بلد آخر. وتشير تقديرات مركز الاستخبارات الجوية القومي إلى أنه بنهاية العقد الحالي سوف تتمكن تسع دول -على الأقل - من إنتاج صواريخ كروز الهجومية الأرضية. وستعرض عديد من مثل هذه الدول صواريخها للتصدير للمحافظة على صناعتها العسكرية لأن ميزانيتها الدفاعية تتضاءل. وهذه الزيادة السريعة في عدد منتجي صواريخ كروز تعني أن الصين سوف تجد نفسها تبحث عن صواريخ كروز في السوق. وسوف تمنح مثل هذه الصواريخ الصين قدرة على توجيه ضربات دقيقة وفرصة لاستخدام نظام فعال.
ومنذ حادثة ميدان تيانانيم عام 1989م، وما تبعها من إجراءات تحد من المبيعات العسكرية الأمريكية الأجنبية للصين، فقد اتجهت الصين إلى روسيا للحصول على معظم أنظمة أسلحتها الحالية، وأبقت على تطويرها العسكري طي الكتمان. وقد دعم الجيش الصيني استراتيجية إخفاء المقدرات لمضاعفة الخيارات في المستقبل. ولذا فمن الصعب تقدير الحجم الكلي للبرنامج الصيني الخاص بالحصول على صواريخ كروز، إلا أن الشواهد تدل على أن الصين قد اشترت صواريخ كروز الروسية المضادة للسفن ASCM من طراز Kh-41.
ويبلغ مدى صواريخ KH-41 250 كيلومتراً، وبإمكانها مهاجمة السفن بسرعة ، وتحمل عبوة تزن 200 كلغم، ويمكن لهذه الصواريخ التغلب على أنظمة دفاع سفن البحرية الأمريكية Aegis ومدمراتها. وتتوقع الولايات المتحدة واليابان أن تلعب سفن البحرية Aegis دوراً بارزاً في أي نظام دفاعي صاروخي ياباني أو أمريكي. وتمنح المقاتلات Su-27 وطائرات الاعتراض بعيدة المدى Su-30 المزودة بالصواريخ Kh-41 الصين مقدرة على إغراق حاملات الطائرات الأمريكية (فللبحرية الأمريكية مقدرة دفاعية محدودة ضدها).
وتخطط الصين للحصول على صواريخ كروز ss-N-26 المضادة للسفن لتضعها على مدمراتها من نوع Sovermenny. ويبلغ مدى هذا النوع من الصواريخ 300 كلم، وهي تطير على ارتفاع 5 أمتار فقط فوق سطح البحر، مما يمكنها من التغلب على دفاعات السفن. كما يمكن أيضاً لطائرات الاعتراض Su-30 حمل الصاروخ وتعزيز السيطرة الجوية الصينية على (تايوان والمناطق الأخرى المتنافس عليها في بحر الصين الجنوبي).
كما تسعى الصين أيضاً للحصول على الصواريخ الروسية 3M54 CIub المضادة للسفن، والتي يمكن إطلاقها من قاذفات رأسية في سفن سطحية أو توربيدات غواصات، ويبلغ مدى هذا النوع من الصواريخ 300 كلم، وتطير بسرعة أكبر من سرعة الصوت لمهاجمة أهدافها. وإذا ما استمرت الصين في مساعيها الرامية للحصول على صواريخ ذات مقدرات أكبر، فإنها سرعان ما ستشكل تهديداً لأهداف سياسية وعسكرية واقتصادية في تايوان واليابان، بل وأبعد من ذلك.
التطوير المحلي: تحاول الصين تصنيع صواريخ كروز خاصة بها تحمل رؤوساً تقليدية وغير تقليدية؛ وهذا مسعى يستغرق وقتاً ويشكل تحديات فنية، فضلاً عن كونه باهظ التكلفة، ولكنه يمنح الصين فرصة لتعزيز مقدراتها التصنيعية والفنية؛ ويمكن أن تكون مثل هذه الصواريخ مدعاة للفخر الوطني.
ولكن افتقار الخبرة في مجال هندسة النظام يحد من مقدرة الصين على تحقيق نتائج يمكن تكرارها عند العمل على أنظمة معقدة. ورغم أن الولايات المتحدة معروفة بأنها هي أكبر دول العالم فيما يتعلق بالمقدرة على دمج الأنظمة المعقدة، فليس من الصعب عليها استخدام البراعة في أنظمة أخرى؛ فمثلاً يمكن للصين الاستفادة من الأوضاع الاقتصادية الروسية المتردية في شراء الخبرة الفنية مقابل العملة الصعبة.
ومنذ بداية التسعينيات ظل حوالي 1500 عالم وفني روسي يعملون في المؤسسة العسكرية الصينية. كما تقوم الولايات المتحدة بتعليم أكثر من 63000 طالب صيني سنوياً، يدرس معظمهم العلوم أو الهندسة. وتتوفر بالصين حالياً متطلبات الإنتاج المحلي لصواريخ كروز. وتشير التقديرات إلى أن الصين ستكون قادرة على إنتاج عدة أنواع من صواريخ كروز أثناء هذا العقد من الزمان.
وقد طورت الصين بالفعل بعض صواريخ كروز بمساعدات روسية وإسرائيلية، ففي عام 1995م اشترت الصين تقنية تصنيع صواريخ كروز روسية، وتعاقدت مع فريق تصميم روسي للعمل في شنغهاي، وتمكنت من الحصول على رادار روسي وأنظمة معالجة بالأشعة تحت الحمراء.
كما تمكنت الصين - بالتعاون مع شركة TAAS الإسرائيلية - من تطوير صواريخ كروز المقذوفة من الجو من طراز Delilah المضادة للإشعاعات، والتي يبلغ مداها 400كلم، وتحمل عبوة وزنها 54 كلغ، بدقة إصابة أقل من 91 متراً، ويمكن لهذه الصواريخ إصابة المواقع الدفاعية للصواريخ التايوانية ورادارات الإنذار المبكر، مما يفتح الباب أمام ضربات جوية وصاروخية مدمرة.
كما تعمل الصين على تطوير صاروخيّ كروز بعيديّ المدى، أولهما شبيه بصاروخ كروز الروسي KH-65SE، يطلق من الجو، ويعمل بمحرك توربيني، ويبلغ وزنه 600كلم، ويحمل رأساً وزنه 410 كيلوجرامات. وبتعديل هذا الصاروخ ليحمل وقوداً إضافياً يمكن أن يصل مداه إلى 3000كلم.
وتشير تقارير أخرى إلى أن الصين تعمل على تطوير صاروخ كروز آخر يتراوح مداه بين 1500 - 2000 كلم، بمساعدة من فنيين روسيين. وهذا الصاروخ مزود بالنظام العالمي لتحديد المواقع ونظام ملاحة لتوجيهه نحو الهدف.
وتعمل الصين للحصول على التقنية المهمة لتصنيع الصواريخ أينما وجدت إلى ذلك سبيلاً، فقد أوردت صحيفة تايبيه Taipeiالتايوانية خبراً مفاده أن الصين قد دفعت عدة ملايين من الدولارات لتنظيم القاعدة مقابل الحصول على صاروخي كروز من طراز توماهوك لم ينفجرا أثناء الغارة الأمريكية عام 1998م على معسكرات التدريب التي أقامها أسامة بن لادن في أفغانستان. وإذا صحت تلك التقارير، فمعنى ذلك أن المهندسين الصينيين قد تمكنوا من معرفة جانب من أحدث تقنية لصواريخ كروز بعيدة المدى. ونظراً لأن الصين معروفة بتقليد المنتجات، فمن المتوقع أن تتمكن من تصنيع صاروخ كروز شبيه بصاروخ توماهوك.
ويُذكر أن الصين قد طورت مؤخراً نوعاً آخر من صواريخ كروز بعيدة المدى طراز YJ-53 المضادة للسفن، وهي نوع معدل من الصواريخ الصينية C-802 ASCM، ويبلغ مداها 250كلم، ويمكن لها تلقي بيانات الهدف أثناء طيرانها؛ وتفوق سرعتها سرعة الصوت، مما يجعل من الصعب على السفن الدفاع ضدها. وتعد هذه الصواريخ من المقدرات الجديدة التي يتوقع استخدامها في هجمات مستقبلية ضد بحرية الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها. ويرى الخبراء العسكريون الصينيون أن صواريخ YJ-83 تعد مؤشراً على أن الصين على وشك امتلاك الصواريخ بعيدة المدى. ويعتقد مسؤولو وزارة الدفاع الأمريكية أن صواريخ YJ-83 هي جزء من عمل تقوم به الصين لتطوير مقدراتها في مجال الصواريخ بعيدة المدى ضد قوات البحرية الأمريكية، وخصوصاً حاملات الطائرات. ونظراً لأن مدى هذه الصواريخ يبلغ 250كلم، فإنها تعد سلاحاً جديداً بيد الجيش الصيني يمكن أن يستخدمه دون أن تصل إليه أنظمة دفاع البحرية الأمريكية.
وهذه الصواريخ ذات الاستعمالات المتعددة يمكن إطلاقها من الجو أو من السفن أو من توربيدات الغواصات، ونظراً لأنها عادة ما تكون مزودة برؤوس حربية تقليدية شديدة الانفجار، تنفجر بعد اختراقها لهيكل السفينة، فإنها تعد من أقوى أسلحة البحرية، مما يجعل من البحرية الصينية قوة لا يستهان بها، رغم أنها تعتمد على سفن قديمة.
ومما يثير قلق الولايات المتحدة أيضاً، قيام الجيش الصيني بعرض حاملات صواريخ كروز من نوع 22H-6 في معرض زهوهاي الجوي عام 2002م. ويمكن لهذه الحاملات - التي تزود كل واحدة منها بأربعة صواريخ YJ-83 - أن تقوم بعمليات استطلاع بحري، وفرض حصار بحري حول تايوان، وشن هجمات بصواريخ كروز ضد قواعد الولايات المتحدة في جزيرة أكناوا، دون أن يكون من السهل على الولايات المتحدة الدفاع عن قواعدها الأمامية ضد هذا التهديد الناشئ. وقد أكدت رئاسة القوات الجوية في الجيش الصيني في الثالث من مارس 2003م، أنه بموجب الاستراتيجية العسكرية الصينية، فإن أفضل طريقة للدفاع هي الهجوم. وقد عدلت الصين قاذفاتها لتحمل صواريخ كروز للقيام بعمليات تعرضية فيما لو أعلنت تايوان استقلالها
Military Review, Jan-Feb,2004
أثناء عمليتي درع الصحراء وعاصفة الصحراء، أطلقت البحرية الأمريكية (288) صاروخاً من صواريخ توماهوك الهجومية أصابت أهدافها بنسبة 80%، ويعرف عن هذا النوع من الصواريخ أنه دقيق الإصابة، فبعد أن يقطع مسافة 1600 كلم ينفجر رأسه الحربي - الذي يزن 454 كيلوجراماً - ضمن 3 أمتار من الهدف. وقد لاحظت جمهورية الصين الشعبية الأداء الرائع لهذه الصواريخ فركزت جهودها للحصول عليها.
كما أدركت الصين - أثناء حرب الخليج عام 1991م - أن القوة التي تتمتع بها الولايات المتحدة لا يمكن تحديها بالطرق العسكرية المباشرة، وإنما يمكن للصين التأثير على القرارات الأمريكية بامتلاك صواريخ كروز دون الدخول معها في نزاع رئيس. ويمكن لصواريخ كروز أن تمنح الصين مقدرة على توجيه ضربات دقيقة بتكلفة أقل بكثير من تطوير وتدريب قوة جوية حديثة. فالصواريخ تحتاج إلى صيانة أقل من صيانة أسطول من الطائرات النفاثة الحديثة، كما أنها مناسبة لضرب الأهداف الأرضية والبحرية، وهي أرخص نسبياً، والأجزاء المعرضة للإصابة فيها قليلة.
وتعد جهود الصين الرامية للحصول على صواريخ كروز تطوراً مثيراً لقلق الولايات المتحدة الأمريكية.
الحصول على الصواريخ
عمل الصين للحصول على هذه الأنظمة عن طريق الشراء المباشر والتطوير المحلي، وهو ما سوف نفصّله فيما يلي:
الشراء المباشر: إن أفضل طريقة للحصول على الصواريخ هي شراء نظام الصاروخ كله مباشرة من بلد آخر. وتشير تقديرات مركز الاستخبارات الجوية القومي إلى أنه بنهاية العقد الحالي سوف تتمكن تسع دول -على الأقل - من إنتاج صواريخ كروز الهجومية الأرضية. وستعرض عديد من مثل هذه الدول صواريخها للتصدير للمحافظة على صناعتها العسكرية لأن ميزانيتها الدفاعية تتضاءل. وهذه الزيادة السريعة في عدد منتجي صواريخ كروز تعني أن الصين سوف تجد نفسها تبحث عن صواريخ كروز في السوق. وسوف تمنح مثل هذه الصواريخ الصين قدرة على توجيه ضربات دقيقة وفرصة لاستخدام نظام فعال.
ومنذ حادثة ميدان تيانانيم عام 1989م، وما تبعها من إجراءات تحد من المبيعات العسكرية الأمريكية الأجنبية للصين، فقد اتجهت الصين إلى روسيا للحصول على معظم أنظمة أسلحتها الحالية، وأبقت على تطويرها العسكري طي الكتمان. وقد دعم الجيش الصيني استراتيجية إخفاء المقدرات لمضاعفة الخيارات في المستقبل. ولذا فمن الصعب تقدير الحجم الكلي للبرنامج الصيني الخاص بالحصول على صواريخ كروز، إلا أن الشواهد تدل على أن الصين قد اشترت صواريخ كروز الروسية المضادة للسفن ASCM من طراز Kh-41.
ويبلغ مدى صواريخ KH-41 250 كيلومتراً، وبإمكانها مهاجمة السفن بسرعة ، وتحمل عبوة تزن 200 كلغم، ويمكن لهذه الصواريخ التغلب على أنظمة دفاع سفن البحرية الأمريكية Aegis ومدمراتها. وتتوقع الولايات المتحدة واليابان أن تلعب سفن البحرية Aegis دوراً بارزاً في أي نظام دفاعي صاروخي ياباني أو أمريكي. وتمنح المقاتلات Su-27 وطائرات الاعتراض بعيدة المدى Su-30 المزودة بالصواريخ Kh-41 الصين مقدرة على إغراق حاملات الطائرات الأمريكية (فللبحرية الأمريكية مقدرة دفاعية محدودة ضدها).
وتخطط الصين للحصول على صواريخ كروز ss-N-26 المضادة للسفن لتضعها على مدمراتها من نوع Sovermenny. ويبلغ مدى هذا النوع من الصواريخ 300 كلم، وهي تطير على ارتفاع 5 أمتار فقط فوق سطح البحر، مما يمكنها من التغلب على دفاعات السفن. كما يمكن أيضاً لطائرات الاعتراض Su-30 حمل الصاروخ وتعزيز السيطرة الجوية الصينية على (تايوان والمناطق الأخرى المتنافس عليها في بحر الصين الجنوبي).
كما تسعى الصين أيضاً للحصول على الصواريخ الروسية 3M54 CIub المضادة للسفن، والتي يمكن إطلاقها من قاذفات رأسية في سفن سطحية أو توربيدات غواصات، ويبلغ مدى هذا النوع من الصواريخ 300 كلم، وتطير بسرعة أكبر من سرعة الصوت لمهاجمة أهدافها. وإذا ما استمرت الصين في مساعيها الرامية للحصول على صواريخ ذات مقدرات أكبر، فإنها سرعان ما ستشكل تهديداً لأهداف سياسية وعسكرية واقتصادية في تايوان واليابان، بل وأبعد من ذلك.
التطوير المحلي: تحاول الصين تصنيع صواريخ كروز خاصة بها تحمل رؤوساً تقليدية وغير تقليدية؛ وهذا مسعى يستغرق وقتاً ويشكل تحديات فنية، فضلاً عن كونه باهظ التكلفة، ولكنه يمنح الصين فرصة لتعزيز مقدراتها التصنيعية والفنية؛ ويمكن أن تكون مثل هذه الصواريخ مدعاة للفخر الوطني.
ولكن افتقار الخبرة في مجال هندسة النظام يحد من مقدرة الصين على تحقيق نتائج يمكن تكرارها عند العمل على أنظمة معقدة. ورغم أن الولايات المتحدة معروفة بأنها هي أكبر دول العالم فيما يتعلق بالمقدرة على دمج الأنظمة المعقدة، فليس من الصعب عليها استخدام البراعة في أنظمة أخرى؛ فمثلاً يمكن للصين الاستفادة من الأوضاع الاقتصادية الروسية المتردية في شراء الخبرة الفنية مقابل العملة الصعبة.
ومنذ بداية التسعينيات ظل حوالي 1500 عالم وفني روسي يعملون في المؤسسة العسكرية الصينية. كما تقوم الولايات المتحدة بتعليم أكثر من 63000 طالب صيني سنوياً، يدرس معظمهم العلوم أو الهندسة. وتتوفر بالصين حالياً متطلبات الإنتاج المحلي لصواريخ كروز. وتشير التقديرات إلى أن الصين ستكون قادرة على إنتاج عدة أنواع من صواريخ كروز أثناء هذا العقد من الزمان.
وقد طورت الصين بالفعل بعض صواريخ كروز بمساعدات روسية وإسرائيلية، ففي عام 1995م اشترت الصين تقنية تصنيع صواريخ كروز روسية، وتعاقدت مع فريق تصميم روسي للعمل في شنغهاي، وتمكنت من الحصول على رادار روسي وأنظمة معالجة بالأشعة تحت الحمراء.
كما تمكنت الصين - بالتعاون مع شركة TAAS الإسرائيلية - من تطوير صواريخ كروز المقذوفة من الجو من طراز Delilah المضادة للإشعاعات، والتي يبلغ مداها 400كلم، وتحمل عبوة وزنها 54 كلغ، بدقة إصابة أقل من 91 متراً، ويمكن لهذه الصواريخ إصابة المواقع الدفاعية للصواريخ التايوانية ورادارات الإنذار المبكر، مما يفتح الباب أمام ضربات جوية وصاروخية مدمرة.
كما تعمل الصين على تطوير صاروخيّ كروز بعيديّ المدى، أولهما شبيه بصاروخ كروز الروسي KH-65SE، يطلق من الجو، ويعمل بمحرك توربيني، ويبلغ وزنه 600كلم، ويحمل رأساً وزنه 410 كيلوجرامات. وبتعديل هذا الصاروخ ليحمل وقوداً إضافياً يمكن أن يصل مداه إلى 3000كلم.
وتشير تقارير أخرى إلى أن الصين تعمل على تطوير صاروخ كروز آخر يتراوح مداه بين 1500 - 2000 كلم، بمساعدة من فنيين روسيين. وهذا الصاروخ مزود بالنظام العالمي لتحديد المواقع ونظام ملاحة لتوجيهه نحو الهدف.
وتعمل الصين للحصول على التقنية المهمة لتصنيع الصواريخ أينما وجدت إلى ذلك سبيلاً، فقد أوردت صحيفة تايبيه Taipeiالتايوانية خبراً مفاده أن الصين قد دفعت عدة ملايين من الدولارات لتنظيم القاعدة مقابل الحصول على صاروخي كروز من طراز توماهوك لم ينفجرا أثناء الغارة الأمريكية عام 1998م على معسكرات التدريب التي أقامها أسامة بن لادن في أفغانستان. وإذا صحت تلك التقارير، فمعنى ذلك أن المهندسين الصينيين قد تمكنوا من معرفة جانب من أحدث تقنية لصواريخ كروز بعيدة المدى. ونظراً لأن الصين معروفة بتقليد المنتجات، فمن المتوقع أن تتمكن من تصنيع صاروخ كروز شبيه بصاروخ توماهوك.
ويُذكر أن الصين قد طورت مؤخراً نوعاً آخر من صواريخ كروز بعيدة المدى طراز YJ-53 المضادة للسفن، وهي نوع معدل من الصواريخ الصينية C-802 ASCM، ويبلغ مداها 250كلم، ويمكن لها تلقي بيانات الهدف أثناء طيرانها؛ وتفوق سرعتها سرعة الصوت، مما يجعل من الصعب على السفن الدفاع ضدها. وتعد هذه الصواريخ من المقدرات الجديدة التي يتوقع استخدامها في هجمات مستقبلية ضد بحرية الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها. ويرى الخبراء العسكريون الصينيون أن صواريخ YJ-83 تعد مؤشراً على أن الصين على وشك امتلاك الصواريخ بعيدة المدى. ويعتقد مسؤولو وزارة الدفاع الأمريكية أن صواريخ YJ-83 هي جزء من عمل تقوم به الصين لتطوير مقدراتها في مجال الصواريخ بعيدة المدى ضد قوات البحرية الأمريكية، وخصوصاً حاملات الطائرات. ونظراً لأن مدى هذه الصواريخ يبلغ 250كلم، فإنها تعد سلاحاً جديداً بيد الجيش الصيني يمكن أن يستخدمه دون أن تصل إليه أنظمة دفاع البحرية الأمريكية.
وهذه الصواريخ ذات الاستعمالات المتعددة يمكن إطلاقها من الجو أو من السفن أو من توربيدات الغواصات، ونظراً لأنها عادة ما تكون مزودة برؤوس حربية تقليدية شديدة الانفجار، تنفجر بعد اختراقها لهيكل السفينة، فإنها تعد من أقوى أسلحة البحرية، مما يجعل من البحرية الصينية قوة لا يستهان بها، رغم أنها تعتمد على سفن قديمة.
ومما يثير قلق الولايات المتحدة أيضاً، قيام الجيش الصيني بعرض حاملات صواريخ كروز من نوع 22H-6 في معرض زهوهاي الجوي عام 2002م. ويمكن لهذه الحاملات - التي تزود كل واحدة منها بأربعة صواريخ YJ-83 - أن تقوم بعمليات استطلاع بحري، وفرض حصار بحري حول تايوان، وشن هجمات بصواريخ كروز ضد قواعد الولايات المتحدة في جزيرة أكناوا، دون أن يكون من السهل على الولايات المتحدة الدفاع عن قواعدها الأمامية ضد هذا التهديد الناشئ. وقد أكدت رئاسة القوات الجوية في الجيش الصيني في الثالث من مارس 2003م، أنه بموجب الاستراتيجية العسكرية الصينية، فإن أفضل طريقة للدفاع هي الهجوم. وقد عدلت الصين قاذفاتها لتحمل صواريخ كروز للقيام بعمليات تعرضية فيما لو أعلنت تايوان استقلالها
Military Review, Jan-Feb,2004