الاستراتيجية النووية و التسلح النووي

إنضم
24 يناير 2009
المشاركات
3
التفاعل
0 0 0


:b497a6cc4e39f49eddf
الاستراتيجية النووية و التسلح النووي


الكتاب من تأليفي


المقدمــة:


إن الاستراتيجية في مفهوميها القريب و البعيد هي رسم سياسة المستقبل ، و إذا كان عالم اليوم ينقسم حضاريا الى ثلاثة عوالم : الأول :الماضي وهي مجتمعات تتخبط في مشاكل الهوية و الحضـارة .الثاني: مجتمعات الحاضر : و هي التي تبحث عن حلول لمشاكلها الحاضرة و خاصة التنموية ، .الثــالث : و هي مجتمعات تبحث عن حلول للمستقبل وهذا ما يحدث لمجتمعات الغرب المتطور فمثلا الو.م.أ لوحدها خصصت لمشاريع استراتيجية و عسكرية و تنموية علمية ملايير الدولارات ومنها مشاريع غزو الفضاء و المورثات الجينية و الالتحام النووي.
ان رسم معالم و سياسة المستقبل أصبح علما مدروسا يعتمد على ميكانيزمات من مدخلات و تحليـل و مخرجات للوصول الى الحل الأمثل و هذا ما يحدث لمجموع البلدان المتقدمة العليا و الدنيا ، فاليونـان لوحدها و التي عدد سكانها لا يتجاوز 11 مليون نسمة و هو عدد من يتحدث اليونانية في العالم تترجم الى اليونانية و تصرف على البحث العلمي 6 أضعاف الدول العربية مجتمعة بمئات ملايينها من السكان و بمئات ملاييرها من الدولارات.
ان الاستراتيجية الكونية السياسية والاقتصادية و خاصة الأمريكية جاءت نتيجة تراكم فكري و حضاري اضافة الى التصميم و الارادة و التنفيذ . ولذلك فإن ارتباطها بالمؤسسات الأكاديمة و الجامعية يعتبــر جوهريا لإتمام عملية صنع القـرار و القرار الاستراتيجي خاصة ، اضافة الى توفر الامكانيات و الارادة .



وعليه فإن التعرف على الاستراتيجية و دراستها يتيح مجال التعرف على أبعادهاوأهميتــها .
فلا تزال الدول العظمى بعد الحرب العالمية الثانية تحاول أن تنتقل الى نوع جديد من الاستراتيجيات يعتمد بالدرجة الأولى على بناء قوة اقتصادية و عسكرية ضخمة و الأهم هو الحفاظ على هذه القوة التي يمكن أن تهددها قوة أخرى بمثل ضخامة اقتصادهـــــا او ترسانتها و ربما أقل بذلك ، و من هنا أصبح الأمر يستوجب عليها أولا بناء خطوط دفاعية و استراتيجية بعيدة المدى تتجاوز نطاق الأسلحة التقليدية الى ترسانة نووية تضمن الردع و الرد ، و بما أن الأسلحة النووية تعتبر أحسن مثال و نموذج لهذا النوع من الدفاع فقد رسمت الدول الكبرى استراتيجية نووية تجمع بين الاستراتيجية السياسية من جهـــة و الاستراتيجية العسكرية من جهة ثانية مع ضرورة الموازنة بينهما ، حسب المراحـــل و عتبات الصراع بين هذه القوى ، فلا يزال استخدام الأسلحة النووية مستبعدا و لكنه ليس مستحيلا و هذا ما حدث مع اليابان و قد يحدث مع أي دولة أخـرى و خاصة مع الانتشار الضخم لهذه الأسلحة و التخوف من استخدامه من قبل قوى ذات توجهات متطرفة ..
لا تقتصر الاستخدامات النووية على التسلح النــووي فهناك أغراض سلمية لهـــا ، و التي أصبحت تحل مشاكل الطاقة في الكثير من الـدول و منها الولايات المتحدة ،
و فرنسـا و اليابان ، و نظرا للاستهلاك المفرط و الحاجة العالية للوقود من البترول المستورد توجهت بعض الدول للاعتماد على الطاقة النووية كبديل حيوي ، فاليابان تعتمد على انتاج الكهرباء بحوالي 75 بالمائة من الطاقة النووية و قد لا يختلف الحال بالنسبة لبقية الدول الصناعية و رغم أن الكثير يتخوف من النفايات النووية بعد عمليات استخدام المواد النووية الا أن هذه الدول حاولت ايجاد حلول لذلك ، و لكن الخطر لا يتمثل في هذا الجانب فالخطر الداهم يكمن في تطوير الطاقة النووية و استخدامها لأغراض عسكرية ، واذا اطلعنا على الاحصائيات المصرح بها تذهَل العقول من الكم التدميري الذي ينتج عنها ، فهي بحق دمار شامل لكل الكائنات الحية ، بحيث يتحول العالم الى عدم في ثوان ، و بالرغم من الاتفاقيات المبرمة للحد من الأسلحة النووية أي أسلحة الدمار الشامل فإن تطبيقها يتم وفق مستويات محددة ، فعمليا لا تزال الدول الكبرى تطور هذه الأنواع من الأسلحـة و تتفنن في انتاجها مما يجعل الرعب النووي قائما و ممكنا و ليس مجرد افتراضات .
و بفعل التكتلات و انتقال العالم الى أحادية القطبية و ظهور قوى عالمية و اقليمية جديدة ، فإن معادلة الصراع لم تنته و جدلية الحرب لا تزال قائمة غير مستبعدة ، و رغم المعاهدات و الاتفاقيات و الزخم الهائل من الوسائط الدبلوماسية ، الا أن استخدام القوة فرضية لا تزال قائمة في الكثير من بؤر التوتر و خاصة في منطقة الشرق الأوسط بوجود اسرائيل كقوة نووية و تطلّعِ ايران الى ان تكون قوة نووية ، و طبيعة الصراع لا يمكن تجاهلها في هذا الحيز المكاني من العالم .
ان آثار التسلح النووي مميتة دون شك ، و لكن سعي الانسان في القرن الواحد و العشرين الى القوة جعله يتجاهل كل المخاطر فأبسط الصراعات المسلحة تلجأ فيها الدول الى استخدام أحدث آليــاتها التكنولوجية للقصف و التدمير ' و منها (الحرب على العراق ) و الحرب اللبنانية – الاسرائيلية ، ونماذج عديدة أخـرى و في كثير من الأحيان لا تفرق بين المدني و العسكري .
فما الحال اذا ما وقعت حرب نووية ؟..
التساؤل قد لا يحتاج الى جواب .. بل لا يحتاج الى جواب .
في هذا الكتـاب حاولت ان ابرز أهمية الطـاقة النووية و التـسلح النـووي و ضرورته و الاستراتيجيات الكبرى لهذه الدول في هذا المجال ، كما يظهر الكتاب خطورة الأسلحة النووية التي قد تجعل العالم رمادا في ظرف ثوان أو أجزاء من الثوانــي و في لمح البصر ، و بالمقابل فإن استخدامها للمجالات السلمية لا يخلو من مخاطر تتمثل في الاشعاع النووي .." فهل هي شر لا بد منه ؟" و كيف سعت الدول الكبرى لجعلها استراتيجيات و غايات في حد ذاتها أكثر منها وسيلة عند بعض الدول ؟.
و لماذا توجد ازدواجية في المعايير لامتلاك هذا السلاح من قبل القوى الكبرى ، و ذلك باستعراض بعض النماذج من الأزمات و منها الأزمة العراقية و أزمة كـوريا الشمالـية و الايرانية ؟.
قد لا تنتهي التساؤلات و قد تفتح مجالات للتخمين و وضع فرضيات و اشكاليات لا يمكن وضع حلول لها و لكن قراءاتنا لهذه الاستراتيجيات و المبادئ والأهداف التي وضعت لها و كيفية تطبيقها قد تتيح لنا الاجابة على بعضها أو التعرف على البعض الآخر ، فقد يفرض المنظور الموضوعي نفسه ، و لكن المنهج التحليلي يحتم علينا التمعن في المعطيات المحيطة بالموضوع محل الدراسة و بمنطلقات واقعية .
قد يكون هذا الموضوع من مواضيع الساعة في القرن الواحد و العشرين كما كان في القرن العشرين ، لأنه يتعلق بأمننا و بحياتنا و بمصيرنا على هذا العالم ، و مما يزيد من آنيته هو السعي العلني و السري لبعض القوى الناشئة لامتلاك السلاح النووي و امكانية استخدامه و رغم ضعفها الاقتصادي تحت مبرر الدفاع عن النفس و قد أجرت فعلا كوريا الشمالية مؤخرا في التاسع من شهر أكتوبر 2006 تجربة نووية باطنية معلنة بذلك أنها التحقت بالنادي النووي ، و انطلاقا من البعدين العقائدي و الايديولوجي لهذه الأنظمة التي تصنف على أنها متشددة فإن احتمالات استخدامه (قد) لا تكون مستبعدة ( وقد – تفيد هنا بعد الفعل المضارع التقليل ) ، و هذا ما يجعلنا نتفاعل مع معطياته .. و نتساءل أكثر من مرة ، هل العالم في خطر حقا ..؟. أم أنها مجرد أوهام ؟.
يتبـــــع .....



الكتاب من 270 صفحة و اليكم بعض المحاور فقط .
 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى