ديس أبابا تكشف وجهها الحقيقي وشكل المواجهة بين الأطراف الثلاثة غير واضح
سدّ النهضة إفراز تنافسي بقضية المياه المختلف حولها بين دول المنبع التي تقودها أثيوبيا ودولتي المصب مصر والسودان (رويترز)
ما إن أعلن وزير الخارجية الإثيوبي جيدو أندارغاتشيو في وقت سابق أن سد النهضة غيّر التاريخ والجغرافية السياسية في المنطقة، وما سبقه من خطوات أحادية لملء السد، وتعنت إثيوبي في المفاوضات الجارية بين أديس أبابا ودولتي المصبّ (مصر والسودان)، أثيرت تساؤلات عدة حول أبعاد وطبيعة هذا المشروع العملاق وتكاليفه الضخمة التي تعدت الأربعة مليارات دولار، وهي هل قيام هذا السدّ هدفه الحقيقي اقتصادي يتمثل في إنتاج الطاقة الكهربائية، وإيجاد تعاون مع دول المصب لإقامة مشاريع استثمارية مشتركة أم هو مشروع سياسي في المقام الأول يهدف لإعادة توازنات القوى إقليمياً وقارياً، وذلك بتعظيم دور إثيوبيا في المنطقة لا سيما القرن الإفريقي؟
حنكة دبلوماسية
وفي هذا الشأن، علق الخبير السوداني في القانون الدولي للمياه وممثل السودان السابق في مفاوضات سد النهضة أحمد المفتي، في حديثه لـ"إندبندنت عربية"، على أبعاد الموقف الإثيوبي وأهدافه من هذه القضية بالقول "معروف أن المياه الدولية المشتركة لها أبعاد سياسية واقتصادية وأمنية واجتماعية وقانونية وبيئية، وانطلقت استراتيجية إثيوبيا في هذا الخصوص لتحقيق كل تلك المجالات لصالحها، وبنت خطة مفاوضاتها مع الدول المعنية مصر والسودان منذ بدء التفاوض في 2011 على هذه الاستراتيجية الواضحة المعالم، كما أدارت هذا الملف بحنكة سياسية ودبلوماسية متقدمتين على مصر والسودان اللتين كانتا تجاريان خطوات الجانب الإثيوبي المفاوض من دون إلمام بأهدافه المحددة حتى تبين لهما الأمر الآن، وتفتحت مداركهما لأبعاد إثيوبيا في المفاوضات"، لافتاً إلى أن التصدي للموقف الإثيوبي بدأ فعلياً من قبل الجانبين المصري والسوداني يوم الرابع من أغسطس (آب) عندما أرسلت إثيوبيا خطوطاً إرشادية لملء السد، وبالتالي تكشفت نوايا الجانب الإثيوبي بصورة واضحة جداً.
وفي ذات السياق، يرجع المفتي قوة الموقف الإثيوبي إلى ضعف المفاوضين السوداني والمصري على حد سواء، لأنهما وافقا على عملية التفاوض منذ بدايتها قبل تسع سنوات وفق شروط مجحفة جداً وقبلا بها، وهي أن تكون لجان التفاوض فنية، وأن مخرجات المفاوضات غير ملزمة، وأن تستمر أعمال التشييد للسد مع سريان المفاوضات، مشيراً إلى أنه بإمكان مصر والسودان اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي لحسم هذا الخلاف، لا سيما وأن الاتحاد الإفريقي لم يستطع فعل شيء، كما أن الجانبين المصري والسوداني استنفدا كل الطرق السلمية في التعاطي مع هذا الملف، ولم تتغول الدولتان (مصر والسودان) على حق إثيوبيا في هذه القضية، بينما موقف الجانب الإثيوبي فيه تهديد لأمن وشعبي مصر والسودان، وبالتالي سينتقل الصراع من الجانب الثلاثي الذي كان قائماً طيلة الفترة الماضية بين مصر والسودان وإثيوبيا، إلى صراع بين إثيوبيا والمجتمع الدولي، لكن في النهاية فإن مصر والسودان لن تصمتا، وأن شكل الواجهة غير معروف.
وينوّه المفتي إلى خطورة الموقف الحادث الآن بشأن مستقبل المفاوضات بعد أن أظهرت أديس أبابا الوجه الحقيقي الذي ترسم له، وهو ما عبّر عنه خطاب وزير الري الإثيوبي الذي يعد بمثابة مسودة إرشادية وقواعد للملء غير ملزمة، منتقداً قصور مصر والسودان لتباطؤهما في اتخاذ الخطوات المناسبة بعد خطابهما الأخير، والذي رهن فيه السودان الاستمرار في المفاوضات بشروط، بينما علّقت مصر المفاوضات إلى حين إجراء مشاورات داخلية.
بعد شعبي
من جهته، يشير الكاتب المتخصص في شؤون القرن الإفريقي والمقيم في إثيوبيا هاشم علي حامد لـ"إندبندنت عربية"، إلى أن سدّ النهضة يعتبر إفرازاً تنافسياً في قضية المياه المختلف حولها بين دول المنبع التي تقودها إثيوبيا ودولتي المصب مصر والسودان، إذ أعلنت عنه إثيوبيا كمشروع لتوليد الطاقة الكهربائية ضمن سعيها في إقناع دول المصب السودان ومصر، وجاءت اتفاقية الخرطوم للمبادئ الموقعة في مارس (آذار) 2014 كتوافق بين الدول الثلاث واعتراف بحقوق إثيوبيا في الاستفادة من مياه النيل التي تجري من أرضها.
أضاف "بدأت أديس أبابا مشروع السد بإعطائه بعداً شعبياً عبر سندات مالية طرحتها للمواطنين الإثيوبيين كبداية لتمويل السد ولأجل إكسابه بعداً قومياً تواجه به ردود الفعل الإقليمية التي تقودها مصر، وحسب الخطط المعلنة من الجانب الإثيوبي، فإن أديس أبابا تهدف من بناء سد النهضة واكتمال جميع مراحله في عام 2023 في المقام الأول ليساهم في النواحي الاقتصادية لا سيما المتعلقة بالتنمية عبر المشاريع المختلفة التي تتمدد ما بين الاستثمارات في الداخل سواء في الزراعة أو الصناعة، إلى الحصول على دخل يشابه دخل الدول البترولية، وذلك من خلال بيعها للكهرباء الفائضة إلى دول الجوار كالسودان وجيبوتي وكينيا واليمن وغيرها والتي بدأت بالفعل بالتعاون مع بعضها في هذا الجانب"، لافتاً إلى أن إثيوبيا تصبو من سد النهضة الذي يعتبر أكبر سدّ في إفريقيا والعاشر عالمياً، إلى أن يحقق لها التحول إلى دولة متوسطة عالمياً.
توازن إقليمي
وفي ذات السياق، يبيّن حامد أن من ضمن الأهداف التي تشارك أديس أبابا فيها القوى الدولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية تحولها إلى قوى إقليمية في المنطقة عبر المكاسب الاقتصادية والتنموية الكبرى التي يحققها السد، فضلاً عن توظيف ذلك في حفظ مصالح أميركا، وكذلك المصالح الغربية في منطقة شرق إفريقيا عامة، والقرن الإفريقي على وجه الخصوص، منوهاً إلى أن من ضمن الأهداف التي تسعى إليها دول في مقدمتها إسرائيل وأميركا على المدى البعيد إحداث توازن في منطقة الشرق الأوسط عبر منطقة القرن الإفريقي والتي يمثل فيها سد النهضة تحولاً إقليمياً في ميزان القوى بين مصر وإثيوبيا.
وتوقع أن تصل الأطراف الثلاثة المعنية بقضية السد إلى اتفاق شامل بعد معالجة الخلافات، ووضع الضمانات التي تحفظ لدولتي المصب حقوقهما التاريخية في مياه النيل، وتؤمن مخاوفهما مستقبلاً، وذلك عبر اتفاق قانوني وهو ما تحرص عليه مصر والسودان، موضحاً أن قضية مياه النيل هي قضية قديمة متجددة، كما أن فكرة السد الإثيوبي ظلت تجمع بين الإرادة المحلية الإثيوبية والإرادة الدولية، ولذلك وجد سدّ النهضة دعماً سواء مباشراً أو غير مباشر ما حقق إنجازه.
وتابع حامد "السودان ومصر ظلتا على قناعة تامة في الحقوق المائية لإثيوبيا بدليل توقيعهما على إعلان مبادئ السد والذي أعطى المشروع شرعية إقليمية، لذلك من المفترض أن تتجه الدول الثلاث إلى غايات التعاون في ما بينها، خصوصاً وأنه يتوقع أن يوفر سدّ النهضة الكثير من الامتيازات لتلك الدول في إنتاجية الكهرباء، مما يجعل التوجه نحو تبني مشاريع تعاونية استثمارية أمراً مهماً تستفيد منه الدول الثلاث من خلال إحداث نهضة زراعية لتوفير الغذاء للعالم بأثره باستغلال الأراضي السودانية الخصبة، وكذلك إنتاج الطاقة الكهربائية التي يوفرها السد، فضلاً عن الأيدي العاملة الإثيوبية، والخبرات المصرية المتنوعة سواء في الزراعة والصناعة".
تعليق المفاوضات
في المقابل، كانت مصر والسودان علقتا الثلاثاء الماضي المفاوضات الجارية مع إثيوبيا بشأن السدّ لإجراء مشاورات داخلية في ضوء ما أعلنه الجانب الإثيوبي الذي يخالف ما تم الاتفاق عليه خلال القمة الإفريقية المنعقدة في 21 يونيو (حزيران) 2020، ويأتي هذا القرار على إثر اجتماع بين اللجان الفنية والقانونية للدول الثلاث، والمعنية ببناء سد النهضة.
وبحسب البيان الصادر عن وزارة الري المصرية، فإن وزير المياه الإثيوبي قام قبل موعد عقد الاجتماع مباشرة، بتوجيه خطاب لنظرائه في كل من مصر والسودان مرفقة به مسودة خطوط إرشادية وقواعد ملء سد النهضة لا تتضمن أي قواعد للتشغيل ولا أي عناصر تعكس الإلزامية القانونية للاتفاق، فضلاً عن عدم وجود آلية قانونية لفض النزاعات.
في ذات الصدد، أكد بيان صادر عن وزير الري والموارد المائية السودانية ياسر عباس أن "الرسالة التي تلقاها من نظيره الإثيوبي بتاريخ الرابع من أغسطس 2020 تُثير مخاوف جدية"، واصفاً موقف أديس أبابا الأخير بأنه "تطور كبير وتغيير في الموقف الإثيوبي يهدد استمرارية مسيرة المفاوضات التي يقودها الاتحاد الإفريقي"، كما وصف البيان مخاطر السدّ الإثيوبي على السودان وشعبه بأنها جدية، بما في ذلك المخاطر البيئية والاجتماعية بالنسبة إلى الملايين من السكان المقيمين على ضفاف النيل الأزرق.
يذكر أن إثيوبيا تبني السدّ على النيل الأزرق الذي ينضم إلى النيل الأبيض في السودان لتشكيل نهر النيل الذي يعبر مصر، وترى أنه ضروري لتحقيق التنمية الاقتصادية، في حين تعتبره مصر تهديداً حيوياً لها، إذ تحصل على 90 في المئة من مياه الري والشرب من نهر النيل.
سدّ النهضة إفراز تنافسي بقضية المياه المختلف حولها بين دول المنبع التي تقودها أثيوبيا ودولتي المصب مصر والسودان (رويترز)
ما إن أعلن وزير الخارجية الإثيوبي جيدو أندارغاتشيو في وقت سابق أن سد النهضة غيّر التاريخ والجغرافية السياسية في المنطقة، وما سبقه من خطوات أحادية لملء السد، وتعنت إثيوبي في المفاوضات الجارية بين أديس أبابا ودولتي المصبّ (مصر والسودان)، أثيرت تساؤلات عدة حول أبعاد وطبيعة هذا المشروع العملاق وتكاليفه الضخمة التي تعدت الأربعة مليارات دولار، وهي هل قيام هذا السدّ هدفه الحقيقي اقتصادي يتمثل في إنتاج الطاقة الكهربائية، وإيجاد تعاون مع دول المصب لإقامة مشاريع استثمارية مشتركة أم هو مشروع سياسي في المقام الأول يهدف لإعادة توازنات القوى إقليمياً وقارياً، وذلك بتعظيم دور إثيوبيا في المنطقة لا سيما القرن الإفريقي؟
حنكة دبلوماسية
وفي هذا الشأن، علق الخبير السوداني في القانون الدولي للمياه وممثل السودان السابق في مفاوضات سد النهضة أحمد المفتي، في حديثه لـ"إندبندنت عربية"، على أبعاد الموقف الإثيوبي وأهدافه من هذه القضية بالقول "معروف أن المياه الدولية المشتركة لها أبعاد سياسية واقتصادية وأمنية واجتماعية وقانونية وبيئية، وانطلقت استراتيجية إثيوبيا في هذا الخصوص لتحقيق كل تلك المجالات لصالحها، وبنت خطة مفاوضاتها مع الدول المعنية مصر والسودان منذ بدء التفاوض في 2011 على هذه الاستراتيجية الواضحة المعالم، كما أدارت هذا الملف بحنكة سياسية ودبلوماسية متقدمتين على مصر والسودان اللتين كانتا تجاريان خطوات الجانب الإثيوبي المفاوض من دون إلمام بأهدافه المحددة حتى تبين لهما الأمر الآن، وتفتحت مداركهما لأبعاد إثيوبيا في المفاوضات"، لافتاً إلى أن التصدي للموقف الإثيوبي بدأ فعلياً من قبل الجانبين المصري والسوداني يوم الرابع من أغسطس (آب) عندما أرسلت إثيوبيا خطوطاً إرشادية لملء السد، وبالتالي تكشفت نوايا الجانب الإثيوبي بصورة واضحة جداً.
وفي ذات السياق، يرجع المفتي قوة الموقف الإثيوبي إلى ضعف المفاوضين السوداني والمصري على حد سواء، لأنهما وافقا على عملية التفاوض منذ بدايتها قبل تسع سنوات وفق شروط مجحفة جداً وقبلا بها، وهي أن تكون لجان التفاوض فنية، وأن مخرجات المفاوضات غير ملزمة، وأن تستمر أعمال التشييد للسد مع سريان المفاوضات، مشيراً إلى أنه بإمكان مصر والسودان اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي لحسم هذا الخلاف، لا سيما وأن الاتحاد الإفريقي لم يستطع فعل شيء، كما أن الجانبين المصري والسوداني استنفدا كل الطرق السلمية في التعاطي مع هذا الملف، ولم تتغول الدولتان (مصر والسودان) على حق إثيوبيا في هذه القضية، بينما موقف الجانب الإثيوبي فيه تهديد لأمن وشعبي مصر والسودان، وبالتالي سينتقل الصراع من الجانب الثلاثي الذي كان قائماً طيلة الفترة الماضية بين مصر والسودان وإثيوبيا، إلى صراع بين إثيوبيا والمجتمع الدولي، لكن في النهاية فإن مصر والسودان لن تصمتا، وأن شكل الواجهة غير معروف.
وينوّه المفتي إلى خطورة الموقف الحادث الآن بشأن مستقبل المفاوضات بعد أن أظهرت أديس أبابا الوجه الحقيقي الذي ترسم له، وهو ما عبّر عنه خطاب وزير الري الإثيوبي الذي يعد بمثابة مسودة إرشادية وقواعد للملء غير ملزمة، منتقداً قصور مصر والسودان لتباطؤهما في اتخاذ الخطوات المناسبة بعد خطابهما الأخير، والذي رهن فيه السودان الاستمرار في المفاوضات بشروط، بينما علّقت مصر المفاوضات إلى حين إجراء مشاورات داخلية.
بعد شعبي
من جهته، يشير الكاتب المتخصص في شؤون القرن الإفريقي والمقيم في إثيوبيا هاشم علي حامد لـ"إندبندنت عربية"، إلى أن سدّ النهضة يعتبر إفرازاً تنافسياً في قضية المياه المختلف حولها بين دول المنبع التي تقودها إثيوبيا ودولتي المصب مصر والسودان، إذ أعلنت عنه إثيوبيا كمشروع لتوليد الطاقة الكهربائية ضمن سعيها في إقناع دول المصب السودان ومصر، وجاءت اتفاقية الخرطوم للمبادئ الموقعة في مارس (آذار) 2014 كتوافق بين الدول الثلاث واعتراف بحقوق إثيوبيا في الاستفادة من مياه النيل التي تجري من أرضها.
أضاف "بدأت أديس أبابا مشروع السد بإعطائه بعداً شعبياً عبر سندات مالية طرحتها للمواطنين الإثيوبيين كبداية لتمويل السد ولأجل إكسابه بعداً قومياً تواجه به ردود الفعل الإقليمية التي تقودها مصر، وحسب الخطط المعلنة من الجانب الإثيوبي، فإن أديس أبابا تهدف من بناء سد النهضة واكتمال جميع مراحله في عام 2023 في المقام الأول ليساهم في النواحي الاقتصادية لا سيما المتعلقة بالتنمية عبر المشاريع المختلفة التي تتمدد ما بين الاستثمارات في الداخل سواء في الزراعة أو الصناعة، إلى الحصول على دخل يشابه دخل الدول البترولية، وذلك من خلال بيعها للكهرباء الفائضة إلى دول الجوار كالسودان وجيبوتي وكينيا واليمن وغيرها والتي بدأت بالفعل بالتعاون مع بعضها في هذا الجانب"، لافتاً إلى أن إثيوبيا تصبو من سد النهضة الذي يعتبر أكبر سدّ في إفريقيا والعاشر عالمياً، إلى أن يحقق لها التحول إلى دولة متوسطة عالمياً.
توازن إقليمي
وفي ذات السياق، يبيّن حامد أن من ضمن الأهداف التي تشارك أديس أبابا فيها القوى الدولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية تحولها إلى قوى إقليمية في المنطقة عبر المكاسب الاقتصادية والتنموية الكبرى التي يحققها السد، فضلاً عن توظيف ذلك في حفظ مصالح أميركا، وكذلك المصالح الغربية في منطقة شرق إفريقيا عامة، والقرن الإفريقي على وجه الخصوص، منوهاً إلى أن من ضمن الأهداف التي تسعى إليها دول في مقدمتها إسرائيل وأميركا على المدى البعيد إحداث توازن في منطقة الشرق الأوسط عبر منطقة القرن الإفريقي والتي يمثل فيها سد النهضة تحولاً إقليمياً في ميزان القوى بين مصر وإثيوبيا.
وتوقع أن تصل الأطراف الثلاثة المعنية بقضية السد إلى اتفاق شامل بعد معالجة الخلافات، ووضع الضمانات التي تحفظ لدولتي المصب حقوقهما التاريخية في مياه النيل، وتؤمن مخاوفهما مستقبلاً، وذلك عبر اتفاق قانوني وهو ما تحرص عليه مصر والسودان، موضحاً أن قضية مياه النيل هي قضية قديمة متجددة، كما أن فكرة السد الإثيوبي ظلت تجمع بين الإرادة المحلية الإثيوبية والإرادة الدولية، ولذلك وجد سدّ النهضة دعماً سواء مباشراً أو غير مباشر ما حقق إنجازه.
وتابع حامد "السودان ومصر ظلتا على قناعة تامة في الحقوق المائية لإثيوبيا بدليل توقيعهما على إعلان مبادئ السد والذي أعطى المشروع شرعية إقليمية، لذلك من المفترض أن تتجه الدول الثلاث إلى غايات التعاون في ما بينها، خصوصاً وأنه يتوقع أن يوفر سدّ النهضة الكثير من الامتيازات لتلك الدول في إنتاجية الكهرباء، مما يجعل التوجه نحو تبني مشاريع تعاونية استثمارية أمراً مهماً تستفيد منه الدول الثلاث من خلال إحداث نهضة زراعية لتوفير الغذاء للعالم بأثره باستغلال الأراضي السودانية الخصبة، وكذلك إنتاج الطاقة الكهربائية التي يوفرها السد، فضلاً عن الأيدي العاملة الإثيوبية، والخبرات المصرية المتنوعة سواء في الزراعة والصناعة".
تعليق المفاوضات
في المقابل، كانت مصر والسودان علقتا الثلاثاء الماضي المفاوضات الجارية مع إثيوبيا بشأن السدّ لإجراء مشاورات داخلية في ضوء ما أعلنه الجانب الإثيوبي الذي يخالف ما تم الاتفاق عليه خلال القمة الإفريقية المنعقدة في 21 يونيو (حزيران) 2020، ويأتي هذا القرار على إثر اجتماع بين اللجان الفنية والقانونية للدول الثلاث، والمعنية ببناء سد النهضة.
وبحسب البيان الصادر عن وزارة الري المصرية، فإن وزير المياه الإثيوبي قام قبل موعد عقد الاجتماع مباشرة، بتوجيه خطاب لنظرائه في كل من مصر والسودان مرفقة به مسودة خطوط إرشادية وقواعد ملء سد النهضة لا تتضمن أي قواعد للتشغيل ولا أي عناصر تعكس الإلزامية القانونية للاتفاق، فضلاً عن عدم وجود آلية قانونية لفض النزاعات.
في ذات الصدد، أكد بيان صادر عن وزير الري والموارد المائية السودانية ياسر عباس أن "الرسالة التي تلقاها من نظيره الإثيوبي بتاريخ الرابع من أغسطس 2020 تُثير مخاوف جدية"، واصفاً موقف أديس أبابا الأخير بأنه "تطور كبير وتغيير في الموقف الإثيوبي يهدد استمرارية مسيرة المفاوضات التي يقودها الاتحاد الإفريقي"، كما وصف البيان مخاطر السدّ الإثيوبي على السودان وشعبه بأنها جدية، بما في ذلك المخاطر البيئية والاجتماعية بالنسبة إلى الملايين من السكان المقيمين على ضفاف النيل الأزرق.
يذكر أن إثيوبيا تبني السدّ على النيل الأزرق الذي ينضم إلى النيل الأبيض في السودان لتشكيل نهر النيل الذي يعبر مصر، وترى أنه ضروري لتحقيق التنمية الاقتصادية، في حين تعتبره مصر تهديداً حيوياً لها، إذ تحصل على 90 في المئة من مياه الري والشرب من نهر النيل.